logo
المصريون في المهجر... حين يتحول عبء الداخل إلى ثروة بالخارج

المصريون في المهجر... حين يتحول عبء الداخل إلى ثروة بالخارج

Independent عربيةمنذ 2 أيام
ضجّ الخطاب الرسمي في مصر من الشكوى حيال قضية الزيادة السكانية المطردة، بوصفها أحد أخطر التحديات الاقتصادية والاجتماعية، إذ تُتهم الكتلة السكانية بتقليص نصيب الفرد من الموارد، والضغط على البنية التحتية، وتفاقم أزمة البطالة.
على رغم هذا التذمر الدائم، تزهو السلطات في الوقت ذاته بما يقدمه المصريون في الخارج من تحويلات مالية بالعملة الصعبة، في مفارقة منقطعة النظير، إذ أثبتت الجاليات المصرية في المهجر حضورها كقوة اقتصادية صامتة، تُضخّ سنوياً مليارات الدولارات في شرايين الاقتصاد الوطني، حتى صارت رافعة مالية حيوية في البلد المتأزم والمثخن بحمى الاقتراض.
كم حجم ثروات المصريين في الخارج؟
ليس هذا فحسب، فثمة من يقدر ثروات 14 مليون مصري بالخارج بما يقارب 400 مليار دولار من الأصول العقارية والودائع البنكية والاستثمارات والحسابات الشخصية، منادياً بضرورة استغلال تلك الثروة الهائلة والعمل على جذبها عبر مزايا وتحفيزات مالية، ما يفسر التحول اللافت في اهتمام الدولة حيال تلك الفئة في الأعوام الأخيرة، واستحداث وزارة خاصة باسم وزارة الهجرة.
في العقود الأخيرة، غادرت ملايين الأيدي العاملة إلى الخارج، بحثاً عن حياة أفضل، ثم أنبتت الثروة السكانية في الخارج وحولت أوجاع البطالة إلى نعمة الدولار، وكان اللافت أن من غادروا لنجاة فردية، عادوا عبر تحويلاتهم بفرص جماعية، فارتفعت التحويلات المالية من العملة الصعبة إلى مستويات تاريخية غير مسبوقة، لتقلب المعادلة: من أزمة بطالة داخلية إلى قوة مالية عابرة للحدود.
هل يمكن أن يتحوّل فائض السكان إلى فائض نقدي؟
وعلى رغم أن الهجرة لم تكن يوماً سياسة معلنة، فإنها تحوّلت بمرور الوقت إلى ترياق اقتصادي صامت، أعاد رسم الخريطة المالية للدولة، وطرح سؤالاً سياسياً واقتصادياً مهماً: هل يمكن أن يتحوّل فائض السكان إلى فائض نقدي؟ وهل آن الأوان لإعادة النظر في رواية "العبء السكاني"؟
أصاب الضعف روافد النقد الأجنبي التقليدية في مصر، من صادراتٍ تعاني من تقلّبات السوق، وسياحةٍ ترزح تحت وطأة الاضطرابات الجيوسياسية، وإيرادات قناة السويس التي تأثرت بتغيرات خطوط الملاحة العالمية، قبل أن تبرز التحويلات المالية من الخارج كطوق نجاة يمدّ الاقتصاد بشريان نقديّ بالغ الأهمية.
طفرة في تحويلات العاملين المالية
سجّلت تحويلات المصريين العاملين بالخارج قفزة تاريخية خلال الفترة من يوليو (تموز) 2024 إلى مايو (أيار) من العام المالي 2024-2025، إذ ارتفعت التحويلات بنسبة 69.6 في المئة لتصل إلى نحو 32.8 مليار دولار، مقارنةً بنحو 19.4 مليار دولار خلال نفس الفترة من العام السابق، بحسب بيانات البنك المركزي المصري.
ولا تقتصر الطفرة على المستوى السنوي فقط، بل تظهر كذلك في الأداء الشهري والربع سنوي، فخلال الفترة ما بين يناير (كانون الثاني) ومايو الماضيين، زادت التحويلات بنسبة 59 في المئة على أساس سنوي، لتبلغ 15.8 مليار دولار مقارنة بـ9.9 مليار دولار فقط في الفترة نفسها من 2024.
أما في مايو الماضي وحده، فوصلت التحويلات إلى 3.4 مليار دولار، محققة زيادة نسبتها 24.2 في المئة عن مايو من العام السابق، ومُسجلة بذلك أعلى تدفق شهري على الإطلاق لشهر مايو في تاريخ التحويلات المصرية.
كيف أسهم المصريون بالخارج في دعم الاقتصاد؟
تشير الأرقام إلى أن التحويلات باتت تمثل أحد أقوى مصادر النقد الأجنبي، متفوقة في بعض الشهور على قطاعات تقليدية كالسياحة وقناة السويس، ويعزز هذا الاتجاه الحاجة إلى استراتيجيات طويلة الأجل لتحفيز التحويلات، وتيسير إجراءاتها، وربطها بمشروعات إنتاجية وتنموية داخل مصر.
في حديث لـ"اندبندنت عربية"، يرى اقتصاديون ومتخصصون في دراسات السكان والهجرة، أن إسهام المصريين بالخارج في دعم الاقتصاد يتجاوز بكثير حدود التحويلات النقدية الأجنبية، إذ يمتد ليشمل التعليم والصحة والإسكان وسوق العمل والاستثمار الأجنبي المباشر.
ويشدد الاقتصاديون على ضرورة أن تعمل الدولة المصرية على توسيع الآفاق بعيداً من الأسواق التقليدية في الخليج، عبر فتح مسارات جديدة للعمل في آسيا وأفريقيا، وهو ما من شأنه أن يشكل متنفساً وفرصة جديدة للعمالة المصرية.
تدفقات نقدية مرشحة للزيادة في 2025
في مشهد اقتصادي يزداد تعقيداً، تظل تحويلات المصريين في الخارج بمثابة أوتار ذهبية تعزف على نغمة الاستقرار المالي، كما يراها المتخصص في قضايا السكان والهجرة، الدكتور أيمن زهري، الذي أكد أن هذه التحويلات ليست مجرد تدفقات نقدية، بل هي استثمار مباشر في رأس المال البشري والاجتماعي.
زهري أوضح أن تحويلات المصريين بالخارج مرشحة لبلوغ 35 مليار دولار خلال عام 2025، وهو رقم ضخم يعكس عمق ارتباط المصريين بوطنهم، ويشكّل أحد أهم روافد العملة الأجنبية، التي تدعم ميزان المدفوعات وتخفف من حدة الضغوط على سوق الصرف.
لكن الأثر لا يتوقف عند حدود الاقتصاد الكلي، فـ"هذه الأموال تموّل التعليم والصحة، وهما عماد أي استثمار حقيقي في الإنسان"، بحسب ما يضيف زهري، مشيراً إلى أن دعم الأسر من خلال هذه التحويلات يسهم في بناء قاعدة بشرية أكثر استقراراً وإنتاجية.
الهجرة تخفف ضغوط سوق العمل في مصر
ومن منظور سوق العمل، يرى زهري أن الهجرة الدولية للمصريين تخفف من الضغط على سوق العمل المحلية وتُسهم في خفض البطالة، فيما تسهم استثماراتهم العقارية في تحقيق الاستدامة لقطاع العقارات، الذي يُعد من القطاعات الحيوية في الاقتصاد المصري.
وعبر المتحدث عن تقديره لانعقاد المؤتمر السادس للمصريين في الخارج يومي الثالث والرابع من أغسطس (آب)، مؤكداً أن "أجمل ما في المؤتمر أنه لم يبدأ من الصفر، بل جاء استكمالاً لمسار مستمر، حتى بعد إلغاء وزارة الهجرة"، وهو ما عدّه دليلاً واضحاً على استمرارية اهتمام الدولة بهذه الفئة المهمة.
وأضاف أن المعاملات التفضيلية للمصريين بالخارج- ومنها مساواة تحويلاتهم بالاستثمار الأجنبي المباشر وفقاً للقانون- تعكس رغبة حقيقية في دمجهم ضمن منظومة الاستثمار الوطني، داعياً إلى توسيع الآفاق بعيداً من الأسواق التقليدية في الخليج، عبر فتح مسارات جديدة للعمل في آسيا وأفريقيا، إذ تنمو أسواق العمل بوتيرة متسارعة، ما قد يشكل متنفساً وفرصة جديدة للعمالة المصرية.
أين تتركز الجالية المصرية؟
يتركز القسم الأكبر من الجاليات المصرية في الدول العربية، وتحديداً في السعودية والإمارات والأردن، إذ أسهمت عوامل القرب الجغرافي، والطلب على العمالة المصرية، والعلاقات السياسية المستقرة، في تعزيز هذا الوجود.
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وينتشر ملايين المصريين في أوروبا وأميركا الشمالية، بخاصة في الولايات المتحدة وكندا ودول مثل إيطاليا وألمانيا، إذ يشكلون مجتمعات نشطة لها دور اقتصادي واجتماعي متزايد في دعم الاقتصاد الوطني عبر التحويلات المالية والخبرات المكتسبة.
مع بروز العاملين بالخارج كأحد أهم محاور الدعم والاستقرار المالي، يصف مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية، عبد المنعم السيد، تلك الفئة بـ"الذراع الذهبية" التي لا تزال تضخ الثقة والدولار في شرايين الاقتصاد الوطني.
توحيد سوق الصرف بعد تحرير الجنيه
يقول السيد إن نحو 9 ملايين مصري من أصل 14 مليوناً في الخارج هم القوة المحركة الرئيسة لتحويلات المصريين، مؤكداً أن السياسات النقدية الأخيرة، وعلى رأسها ضبط وتوحيد سوق الصرف بعد تحرير الجنيه، كانت بمثابة صمّام أمان أعاد الثقة إلى قنوات التحويل الرسمية بعد أعوام من التردد والتراجع.
ولم تكن هذه التحولات وليدة الصدفة، بل نتيجة ما وصفه المتحدث بـ"حزمة من المبادرات الجادة" التي أطلقتها الدولة لاستعادة ثقة المصريين في الخارج، بدءاً من تسهيلات الاستيراد والإعفاءات الجمركية، وصولاً إلى برامج الإسكان والاستثمار.
وأطلقت الحكومة المصرية عديداً من المبادرات المحفزة لأموال المواطنين في الخارج، مثل مبادرة "زيرو جمارك" التي تمنح المصريين بالخارج إمكانية شحن سيارة إلى مصر من دون رسوم جمركية، إلى جانب مبادرة "بيتك في مصر" السكنية، و"مزرعتك في مصر" المعنية بالاستثمار الزراعي، و"مدرستك في مصر" للتعليم الرقمي، إلى جانب مبادرات مصرفية مثل "افتح حسابك في مصر" و"تأمينك في مصر" التي رفعت قيمة تعويض الحوادث التأمينية.
تخمة سكانية وفرص داخلية محدودة
كل ما سبق لا ينكر على مصر تسجيل زيادات سكانية سنوية ملموسة، إذ أعلن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء أن عدد سكان البلاد بلغ 107.2 مليون نسمة بنهاية ديسمبر (كانون الأول) 2024، مقارنة بـ105.9 مليون نسمة في ديسمبر 2023، بزيادة قدرها 1.3 مليون نسمة خلال عام واحد فقط.
وتُظهر بيانات سابقة للجهاز أن عدد السكان في يناير 2023 كان 104.4 مليون نسمة، ما يعني أن البلاد شهدت نمواً بنحو 2.8 مليون نسمة خلال عامين، بمعدل نمو سكاني سنوي متوسط بلغ نحو 1.34 في المئة، وهو انخفاض طفيف مقارنة بمعدلات 1.4 في المئة في 2024 و1.6 في المئة في 2023.
وعلى رغم ما تحقق من انخفاض ملحوظ في معدلات الإنجاب خلال السنوات الأخيرة، فإن عدد المواليد في مصر لا يزال يتجاوز 2 مليون مولود سنوياً، وبحسب المسح الصحي للأسرة المصرية، تراجع معدل الإنجاب من 3.5 طفل لكل سيدة عام 2014، إلى 2.85 عام 2021.
وتشير البيانات الرسمية الأحدث إلى استمرار هذا التراجع ليصل إلى 2.76 طفل عام 2022، ثم إلى 2.54 عام 2023، وفقاً لمركز معلومات وزارة الصحة والسكان.
رحلوا ليعيشوا فساعدونا على البقاء
في هذا السياق، برزت الهجرة كأداة غير مباشرة للتخفيف من الضغوط الديموغرافية، إذ باتت فئات واسعة من الشباب ترى في الخروج إلى الخارج سبيلاً لتحسين أوضاعهم الاقتصادية وتوسيع آفاقهم المهنية، ومن هنا، لا يمكن فهم الطفرة في التحويلات المالية إلا في سياق هذا التحول السكاني- الاقتصادي المعقّد.
لطالما نُظر إلى الزيادة السكانية في مصر بوصفها معضلة تثقل كاهل الدولة وتبتلع مواردها المحدودة، وتُقدَّم غالباً باعتبارها السبب الأول في إعاقة التنمية. غير أن هذه النظرة، على رغم شيوعها، تغفل جانباً مهماً: أن الإنسان ليس عبئاً في ذاته، بل قد يكون أعظم مورد إن أُحسن استثماره.
في بلد يتجاوز سكانه 107 ملايين نسمة، لا يكمن التحدي الحقيقي في الأرقام، بل في مدى قدرة الدولة على تحويل هذا "الزخم البشري" إلى طاقة إنتاجية. فكل طفل يُولد يمكن أن يكون طبيباً، مهندساً، عاملاً، مبتكراً، أو رائد أعمال، إذا ما توافرت له بيئة تعليمية وصحية واقتصادية سليمة. وعلى النقيض، فإن أي تراجع في الاستثمار بالبشر يُحوّل هذا المورد إلى عبء فعلي.
الفائض السكاني يتحول إلى رافعة مالية
وتُشير التجارب العالمية إلى أن الكتلة السكانية الكبيرة كانت في كثير من الأحيان رافعة للنمو الاقتصادي. الصين، على سبيل المثال، حوّلت فائضها السكاني إلى قوة عاملة ضخمة، حفّزت بها التصنيع والتصدير. والهند راهنت على رأس مالها البشري كأداة للقفز في الاقتصاد الرقمي والتقني.
علاوة على ذلك، تُغفل تلك النظرة بُعداً محورياً في الواقع المصري، ففي اقتصاد قائم بنسبة كبيرة على الاستهلاك المحلي، تحرك هذه الكتلة السكانية نفسها عجلة النمو الاقتصادي من خلال الطلب على السلع والخدمات.
وما بين ضغط النمو الديموغرافي واحتياج الاقتصاد لأسواق داخلية واسعة، يبقى الحل الوسيط هو توسيع دوائر التوظيف والفرص خارج الحدود، وهو ما تحقق جزئياً من خلال الهجرة الواسعة ومضاعفة تحويلات العاملين بالخارج، التي باتت شرياناً مالياً بالغ الأهمية لدعم الاقتصاد وتوفير العملة الصعبة.
إن استدامة التنمية في مصر تتطلب الانتقال من سياسة "التحذير من السكان" إلى سياسة "الاستثمار في السكان"، وعلى رغم وجود تحديات حقيقية في التعليم والصحة والتوظيف، لكن الحل لا يكمن في تقليص عدد السكان فقط، بل في جعل كل فرد منهم منتجاً، ومندمجاً في منظومة الاقتصاد الرسمي.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

شركة استشارات أميركية أعدت مشروعاً لنقل سكان غزة إلى الصومال
شركة استشارات أميركية أعدت مشروعاً لنقل سكان غزة إلى الصومال

Independent عربية

timeمنذ ساعة واحدة

  • Independent عربية

شركة استشارات أميركية أعدت مشروعاً لنقل سكان غزة إلى الصومال

تزامناً مع إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو احتلال كامل قطاع غزة، كشفت تقارير صحافية عن نموذج أعده مستشارون من مجموعة بوسطن الاستشارية الأميركية، لترحيل الفلسطينيين إلى الصومال وأرض الصومال في إطار مشروع تناول مرحلة ما بعد حرب غزة. ووفقاً لتفاصيل المشروع التي نشرتها صحيفة "فايننشيال تايمز" البريطانية اليوم السبت، فإن وجهات محتملة عدة أدرجت في جدول بيانات معقد أُعد لصالح رجال أعمال إسرائيليين كانوا يرسمون خططاً لإعادة تطوير غزة بعد الحرب وأسهموا في تصميم "مؤسسة غزة الإنسانية". ونشأ النموذج انطلاقاً من عمل المجموعة الاستشارية على إنشاء "مؤسسة غزة الإنسانية"المسؤولة عن خطة توزيع المساعدات الغذائية في غزة بدعم إسرائيلي - أميركي لتحل بدلاً من النظام التقليدي الذي تقوده الأمم المتحدة، غير أن النظام الجديد فشل في تأمين الغذاء لسكان القطاع المنكوب وأسفر عن سقوط قتلي خلال عمليات توزيع الطعام. وتضمنت بعض الافتراضات التي بُني عليها النموذج، دولاً يمكن نقل مئات الآلاف من سكان غزة الراغبين في الترحيل إليها، إذ كان الصومال وإقليم أرض الصومال الانفصالي ضمن القائمة، إلى جانب الإمارات ومصر والأردن. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) ووفق التصور، فإن 25 في المئة من سكان غزة سيقررون الانتقال خارج القطاع، وأن غالبية هؤلاء لن يعودوا. وتوقعت مجموعة بوسطن الاستشارية أن تحقق الدول التي تستقبل الفلسطينيين فوائد اقتصادية قدرها 4.7 مليار دولار خلال الأعوام الأربعة الأولى، كذلك فإن الافتراضات حول برنامج الترحيل شكّلت الأساس لتقديرات أخرى في شأن كلف توفير مساكن موقتة ثم دائمة جديدة للغزيين، إلى جانب مجموعة متنوعة من خطط إعادة التطوير الأخرى. وتتطابق هذه الافتراضات مع تقارير إعلامية ظهرت في وقت إعداد النموذج في مارس (آذار) الماضي، أفادت بأن الحكومتين الأميركية والإسرائيلية قد تواصلتا مع دول في شرق أفريقيا في شأن استقبال لاجئين فلسطينيين، على رغم الصراعات الأهلية ومستويات الفقر المرتفعة في هذه المنطقة. وذكرت الصحيفة أن مسؤولين أميركيين أجروا أيضاً محادثات أولية مع إقليم أرض الصومال الانفصالي حول اتفاق أوسع يشمل أيضاً إقامة قاعدة عسكرية أميركية في الإقليم مقابل الاعتراف بدولته. وكان الرئيس الأميركي دونالد ترمب طلب في فبراير (شباط) الماضي من مصر والأردن استقبال فلسطينيي غزة، بعدما طرح فكرة إخلاء غزة بالكامل من سكانها البالغ عددهم نحو مليوني نسمة وإعادة تطويرها لتصبح "ريفييرا الشرق الأوسط". وقوبل الطلب الأميركي برفض عربي واسع للخطط التي تنطوي على تهجير سكان غزة والتي تمثل عملية تطهير للقطاع من سكانه وتعني "تصفية القضية الفلسطينية"، وفق وصف الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي. ولم يتحقق أي تقدم في خطط الترحيل هذه، التي شبهها مسؤولو الأمم المتحدة بالتطهير العرقي، وأدانها حلفاء إسرائيل الأوروبيون. وكانت صحيفة "فايننشيال تايمز" قد كشفت الشهر الماضي عن مشاركة مجموعة بوسطن للاستشارات في مشروع النمذجة لمرحلة ما بعد الحرب، مما دفع شركة الاستشارات إلى التنصل من العمل، وأخبرت الشركة لجنة برلمانية بريطانية الشهر الماضي أن الشريك المسؤول قد أُبلغ "بعدم الانخراط في أي عمل متعلق بإعادة الإعمار لا يشمل مشاركة السكان المتأثرين"، لكنه نفذ المشروع سراً.

'رؤية 2030' تعزز قدرة السعودية على إعادة تقييم الإنفاق
'رؤية 2030' تعزز قدرة السعودية على إعادة تقييم الإنفاق

الوئام

timeمنذ 2 ساعات

  • الوئام

'رؤية 2030' تعزز قدرة السعودية على إعادة تقييم الإنفاق

أكدت وزارة المالية السعودية أن المملكة باتت أكثر قدرة على إعادة تقييم أولويات الإنفاق في أوقات عدم اليقين الاقتصادي، بفضل الإصلاحات التي تبنتها ضمن رؤية 2030، ما منحها مرونة مالية أكبر في مواجهة الصدمات العالمية. وأوضحت الوزارة، في تصريحات لصحيفة الشرق الأوسط عقب صدور تقرير المراجعة الدورية الرابعة للمادة الرابعة من صندوق النقد الدولي، أن الاقتصاد السعودي أظهر قدرة عالية على امتصاص الصدمات الخارجية، وهو ما أثنى عليه الصندوق في تقييمه الأخير. وأشار التقرير إلى نجاح السعودية في تنويع اقتصادها، وتنفيذ خطط مالية متوازنة، والحفاظ على استقرار السياسات النقدية، مؤكدًا أن المملكة لا تحتاج إلى خفض الإنفاق حتى في حال انخفاض أسعار النفط. وأضافت الوزارة أن عقود الخبرة الطويلة في أسواق الطاقة، إلى جانب تسارع التعلم المؤسسي في إطار رؤية 2030، مكّنت المملكة من تحديد التوقيت الأمثل لإعادة تقييم الإنفاق بما يتناسب مع تقلبات الإيرادات النفطية والتوترات الجيوسياسية. كما شددت على أن السياسات المالية الحالية تركز على تحقيق التوازن المالي ودعم النمو الاقتصادي طويل الأمد، بعيدًا عن النهج الدوري المرتبط بتقلبات الإيرادات النفطية، مع مراجعة مستمرة للمشروعات التنموية الكبرى بما يضمن استمرار النمو والحفاظ على الانضباط المالي. إشادة دولية وتوسع غير نفطي أبرزت الوزارة أن تقارير اقتصادية دولية متكررة أشادت بالإصلاحات المالية التي تنفذها المملكة، وحافظت من خلالها على استقرار نقدي، وعززت نمو القطاعات غير النفطية. وأشار تقرير صندوق النقد إلى أن الإصلاحات الهيكلية والحوكمة المالية الرشيدة ساعدت في ترسيخ الاستدامة الاقتصادية، رغم المخاطر المرتبطة بتقلبات أسعار النفط. كما لفت التقرير إلى أن السعودية تمثل نصف اقتصاد مجلس التعاون الخليجي، وتملك أصولًا أجنبية تصل إلى 1.5 تريليون دولار، مع صافي وضع استثماري دولي يعادل 59% من الناتج المحلي الإجمالي. توقعات نمو مستدامة توقع الصندوق أن يتعافى إنتاج النفط تدريجيًا ليصل إلى 11 مليون برميل يوميًا بحلول 2030، مع نمو غير نفطي عند 3.5% على المدى المتوسط، مدعومًا باستثمارات قوية من القطاع الخاص وضخ سنوي لا يقل عن 40 مليار دولار من صندوق الاستثمارات العامة في الاقتصاد المحلي. كما أشار إلى أن النمو غير النفطي سيستفيد من استثمارات البنية التحتية واستعداد المملكة لاستضافة فعاليات رياضية واقتصادية كبرى، من بينها كأس آسيا 2027، والألعاب الآسيوية الشتوية 2029، وإكسبو 2030، وكأس العالم 2034. إصلاحات تشريعية وتحول رقمي نوّه التقرير بالإصلاحات القانونية الأخيرة، بما في ذلك تحديث قوانين الاستثمار والعمل والسجل التجاري، والتي عززت ثقة المستثمرين ورفعت الإنتاجية، إضافةً إلى دفع التحول الرقمي ودمج تقنيات الذكاء الاصطناعي في الخدمات الحكومية، ما يدعم التنويع الاقتصادي. واختتمت وزارة المالية بالتأكيد أن المرونة المالية والسياسات الحصيفة التي تتبناها المملكة ستضمن قدرتها على مواجهة تقلبات أسواق الطاقة والاضطرابات العالمية، مع إمكانية تحقيق نمو غير نفطي يفوق تقديرات صندوق النقد، ليصل إلى ما بين 4% و5% في المدى المتوسط.

أوراق واشنطن الجمركية بين 'الهند وباكستان'..'ترمب ومودي'.. عداوة الشركاء
أوراق واشنطن الجمركية بين 'الهند وباكستان'..'ترمب ومودي'.. عداوة الشركاء

الوئام

timeمنذ 3 ساعات

  • الوئام

أوراق واشنطن الجمركية بين 'الهند وباكستان'..'ترمب ومودي'.. عداوة الشركاء

كتب: فهيم حامد الحامد.. محلل استراتيجي أوقف الرئيس الأمريكي دونالد ترمب حروبه على جبهات القتال وتحديدا مع إيران، لكنه فتح جبهات جيو- اقتصادية مؤلمة أخرى لا تقل ضراوة، تمثلت في الحروب التجارية التي استخدم فيها ورقة الرسوم الجمركية كسلاح استراتيجي اقتصادي موجع لتقويض خصومه الاقتصاديين وحتى شركائه. وقد كان وقع هذه الحروب مؤلمًا عالميًا، إلا أن الهند – الشريك الاستراتيجي لواشنطن بالأمس – كانت من أكثر الدول تضررًا، لتتحول العلاقة من تحالف إلى توتر متصاعد. المصالح ثم المصالح فقد أصدر ترامب أمرًا تنفيذيًا بفرض رسوم جمركية بنسبة 25% على واردات من الهند، ليرتفع إجمالي الرسوم المفروضة على نيودلهي إلى 50%، وهو ما اعتبرته الأخيرة طعنة في ظهر الشراكة، وإشارة إلى تبدل قواعد اللعبة في العلاقات التجارية الدولية، حيث باتت المصالح الآنية تتغلب على التحالفات التاريخية العتيدة واضحت المصالح هي من تحكم العلاقات وليس التحالفات والشراكات. هذا التصعيد الأمريكي ضد الهند عكس بوضوح فلسفة ترامب 'أمريكا أولاً' التي لم تتردد في استخدام الضغط الاقتصادي حتى ضد الحلفاء التقليديين، مما خلق حالة من عدم اليقين في النظام التجاري العالمي، وأعاد تشكيل موازين القوى في آسيا والعالم. ويقول مسؤولون هنود إن نيودلهي تسعى لاحتواء الأزمة من خلال استئناف المحادثات التجارية الأوسع نطاقًا مع الولايات المتحدة في منتصف أغسطس عندما يزور وفد أمريكي الهند على أمل إبرام اتفاق تجاري ثنائي شامل بحلول أكتوبر. رسوم سياسية بثوب اقتصادي ومنذ أبريل الماضي أطلق الرئيس الأمريكي مشروع الرسوم الجمركية بنسبة 10% على جميع السلع تقريبًا، بالإضافة إلى العديد من الرسوم الجمركية الأخرى الأكثر صرامة التي تلتها، جمعت الحكومة ما مجموعه 100 مليار دولار من إيرادات الرسوم الجمركية، أي ثلاثة أضعاف المبلغ الذي جُمعت خلال الأشهر الأربعة نفسها من العام الماضي. إضعاف مودي داخليا ويؤكد الخبراء أن رسوم ترامب الموجعة ضد الهند ستعيد تشكيل طموحات الهند الاقتصادية واضعاف موقف حكومة مودي الشعبوية اليمينية المتطرفة داخليًا، هذه الحكومة التي استوردت حوالي 1.75 مليون برميل يوميًا من النفط الروسي بين يناير ويونيو بزيادة 1% عن العام الماضي. وما يجدر ذكره أن الرسوم المفروضة على الهند تفوق تلك المفروضة على دول آسيوية أخرى مثل فيتنام (20%)، إندونيسيا (19%)، واليابان (15%). وتزيد التوترات بين الولايات المتحدة والهند من الضغوط السياسية الداخلية على حكومة مودي، حيث يتهمه المعارضون بالفشل في الوقوف في وجه 'صديقه العزيز' ترامب… المقاربة مع الباكستان وفيما يتعمّق الخلاف المفاجئ بين الهند والولايات المتحدة منذ 31 يوليو تتجذر علاقات واشنطن بإسلام آباد التي كانت عدوة الأمس أصبحت صديقة حميمية اليوم. وحذر مراقبون من أن الصداقة المزدهرة بين الولايات المتحدة والهند معرّضة لخطر الانهيار، بسبب رسوم ترامب فضلا عن أن اقتصاد الهند بات في ورطة بعدما فرض ترامب رسومًا إضافية على نيودلهي التي تصدّر لأمريكا بضائع بأكثر من 86 مليار دولار سنويًا. وتدهورت العلاقات الأمريكية – الهندية بسبب التوتر التجاري وقضايا أخرى؛ فيما اقترب من منافسها الأكبر، باكستان الحليف القوي لترامب اليوم. الاقتصادي على حساب السياسة ومن الواضح أن ترامب يعيد ترتيب أولويات السياسة الاقتصادية الخارجية الأمريكية، مستخدمًا الاقتصاد أداة ضغط لتحقيق أهداف سياسية واستراتيجية. من هذا المنطلق، شكّلت الرسوم الجمركية المفروضة على الهند — أحد أكبر شركاء الولايات المتحدة التجاريين في آسيا — علامة فارقة في مسار العلاقة الثنائية، وأثارت تساؤلات حول طبيعة التوازن في أوراق ترامب. مهادنة مع الباكستان والهند، التي راهنت على تعزيز العلاقات مع واشنطن لمواجهة التحديات الإقليمية، وجدت نفسها تحت وطأة إجراءات تجارية متشدّدة طالت صادراتها الحيوية. في المقابل، ظهرت باكستان — التي طالما وُصفت في الخطاب الأمريكي بـ'الدولة غير المتعاونة' — كطرف يحظى بمرونة لافتة، حيث تراجعت واشنطن عن ضغوط سياسية سابقة، وبدأت في إرسال إشارات دعم ضمنية، خاصة مع انخراط باكستان في تسهيلات ترتبط بالوضع في أفغانستان. ترمب ومعادلة الربح والخسارة هذا التحوّل يُبرز مقاربة ترامب التي اختزلت العلاقات الاستراتيجية إلى معادلة 'ربح وخسارة'، مستخدمًا الرسوم الجمركية كسلاح تفاوضي، لا يفرّق بين حليف وشريك. وهنا، يصبح السؤال: هل كانت الرسوم ضد الهند أداة اقتصادية فقط، أم عقابًا سياسيًا موجّهًا في ظل التقارب المتنامي بين نيودلهي وبكين وروسيا ؟ وهل استثمر ترامب باكستان كورقة ضغط على الهند، ضمن لعبة التوازن الجيوسياسي في جنوب آسيا؟ الموازنة بين السياسة والاقتصاد وفي سياق إعادة تشكيل أولويات السياسة الخارجية الأمريكية خلال عهد الرئيس ترامب، برز نمط غير تقليدي في التعامل مع دول جنوب آسيا، تمثّل في فرض رسوم جمركية على الواردات الهندية، مقابل توجيه رسائل مهادنة ودعم سياسي اقتصادي إلى باكستان. هذا التباين في التعامل يثير تساؤلات حول منطق المصالح الأمريكية، وحدود الموازنة بين الاقتصاد والسياسة في منطقة شديدة الحساسية جيوسياسيًا. وكانت الولايات المتحدة وباكستان قد أعلنتا مؤخرًا عن توصلهما إلى اتفاق سيفضي إلى خفض الرسوم الجمركية على باكستان في مؤشر واضح لتقارب باكستاني أمريكي، بالإضافة إلى إبرام اتفاقية تساعد واشنطن بموجبها إسلام آباد في تطوير احتياطياتها النفطية، ووفق الاتفاقية فإن البلدين سيعملان على تطوير احتياطيات باكستان النفطية الضخمة. الليونة مع إسلام آباد وتواجه باكستان رسومًا جمركية محتملة بنسبة 29% على صادراتها إلى الولايات المتحدة بموجب الرسوم الجمركية التي أعلنتها واشنطن في أبريل، قبل أن يتم تعليقها لمدة 90 يومًا لإتاحة المجال للتفاوض مع الهند، التي تُعد حليفًا استراتيجيًا للولايات المتحدة في مواجهة صعود الصين، حيث وجدت نفسها في مرمى الإجراءات الاقتصادية العقابية، بذريعة حماية الصناعات الأمريكية. بينما حظيت باكستان، رغم تاريخ التوترات، بنبرة أكثر ليونة، مدفوعة برغبة واشنطن في استمالتها لدعم عملية السلام في أفغانستان ومكافحة الإرهاب. وحال الرئيس الأمريكي دون وقوع 'حرب نووية وخيمة' بين الهند وباكستان مؤخرًا، بعدما وافق الطرفان على وقف لإطلاق النار بعد أيام من المواجهات. التوازن الصعب الرسائل المختلطة التي وجّهتها واشنطن إلى نيودلهي وإسلام آباد خلال تلك المرحلة، تعكس ملامح 'التوازن الصعب' في سياسة ترامب، القائمة على استخدام أدوات الضغط الاقتصادي لتحقيق مكاسب سياسية، حتى على حساب حلفاء تقليديين، ما يطرح تساؤلات حول استدامة هذا النهج وأثره على استقرار التحالفات الأمريكية في آسيا. إنها تحالفات ترامب.. وفق عقارب الساعة!

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store