
الحدود النهائية
ترجمة وتحرير: م. فاطمة رضا عطية/ كلية العلوم السياسية بجامعة بغداد
إن المقدمة أعلاه للمسلسل التلفزيوني الشهير 'ستار تريك' بصوت الكابتنجيمس كيرك (الذي يلعب دوره الممثل ويليام شاتنر) وهي تلتقط جوهرالمغامرة والغموض المرتبط برحلات سفينة الفضاء إنتربرايز. ما بدا وكأنهخيال علمي لعشاق الفضاء آنذاك، أصبح حقيقة واقعة في عصر الفضاءهذا، مدفوعًا بالتقدم المذهل في علوم الفضاء. إن مسيرة تكنولوجيا الفضاءمذهلة للغاية لدرجة أن الخيال العلمي في النقل الآني قد يصبح حقيقة واقعةقريبًا. ان التطور المتزايد في تقنية سلاسل الكتل والذكاء الاصطناعي وعلومالمواد وتكنولوجيا النانو يقدم مجموعة محيرة من الاحتمالات للعلماءوالمطورين الحضريين. هنا يبرز الفضاء كواحد من أهم المجالات حيثتتفاعل العديد من الدول وتتنافس على نفوذ أكبر على الموارد الطبيعيةوالبشرية. إن التقاطع بين قدرة التحمل البشرية وعلوم الفضاء والابتكاريفتح المجال أمام إمكانيات غير مسبوقة للبشرية. فقد حفز علم الفضاءتطوير التقنيات المتطورة في طليعة التقدم العلمي، مثل تكنولوجيا النانو،وسلاسل الكتل، والتكنولوجيا الحيوية، وعلوم المواد، والطباعة ثلاثية الأبعاد،والدفع الشمسي. وتعمل هذه التطورات على خفض التكاليف وتقليص حجمالأقمار الصناعية التي تطلق من الفضاء، مما يمكن حتى البلدان النامية منالاستفادة من هذه الاختراقات التكنولوجية لبرامجها الفضائية الخاصة.
وفقًا لدراسة بحثية أجراها لاندري سيجن وهانا دوللي في معهد بروكينگز،فإن علم الفضاء يدفع البشرية إلى الثورة الصناعية الرابعة من خلال تمكينإنشاء منتجات هندسية سهلة التصنيع، وكابلات الألياف الضوئية، وموادمركبة قوية مثل أنابيب الكربون النانوية ذاتية الإصلاح. وتعمل هذهالابتكارات على إعادة تشكيل الصناعات التي تتجاوز بكثير نطاقاستكشاف الفضاء.
إن تقريراً صادراً عن المكتبة الوطنية للطب، من تأليف لويزا كورادو وزملائها،يسلط الضوء على الفوائد الاقتصادية للاستثمار العام في برامج الفضاء. على سبيل المثال، أدى الإنفاق الكبير من جانب القطاع العام في الولاياتالمتحدة على استكشاف الفضاء خلال الستينيات والسبعينيات إلى تعزيزالناتج المحلي الإجمالي للبلاد بنسبة 2.9%. وعلى النقيض من ذلك، فإنانخفاض الاستثمار في الثمانينيات يتوافق مع انخفاض نمو الناتج المحليالإجمالي بنسبة 0.9%. واليوم، أصبحت الولايات المتحدة والصين ــ أكبردولتين من حيث الإنفاق على استكشاف الفضاء ــ أكبر اقتصادين فيالعالم أيضاً. ومن المتوقع أن يساهم إحياء مستويات الإنفاق المرتفعة فيالقطاع العام في الستينيات بنحو 3 مليارات دولار في الطلب الإضافي علىالاقتصاد الأميركي.
لقد قدمت المنتجات الفرعية لتكنولوجيا الفضاء فوائد لا تُحصى للبشرية، بمافي ذلك نظام تحديد المواقع العالمي، وأجهزة الكمبيوتر المحمولة، والطب عنبعد، والثلاجات التي تعمل بالطاقة الشمسية، وأجهزة مراقبة القلب القابلةللزرع، وعلاجات السرطان، وأنظمة تنقية المياه، وتقنيات الحوسبة المتقدمة،وأنظمة البحث والإنقاذ العالمية، وتشخيصات التصوير الطبي.
هناك اتجاه متزايد نحو استثمارات القطاع الخاص وتسويق الفضاء. فيالولايات المتحدة، يتمثل الاتجاه الرائد لتطوير الفضاء في شراكات البحثوالتطوير بين القطاعين العام والخاص (PPRDP) التي تستفيد من رأسالمال الفكري والمالي للقطاع العام لصالح القطاع الخاص الذي يتولى زمامالمبادرة في مشاريع الفضاء. ومن الأمثلة الأخرى غير Space X التابعةلإيلون ماسك Blue Origin وVirgin اللتين تقودان السياحة الفضائيةوالاتصالات. وقد زادت استثمارات القطاع الخاص في الفضاء من 110 مليار دولار إلى 357 مليار دولار بين عامي 2005 و2020 والتي تشمل الآنلاعبين جدد مثل Satellogic (الأرجنتين) وICEYE (فنلندا).
هناك تقدم مذهل في الفضاء يعود بفوائد اجتماعية واقتصادية للبشرية منتعدين الكوبالت والبلوتونيوم في الفضاء، وزراعة المحاصيل في الفضاء،وإنشاء 'مصانع الطاقة الشمسية' إما على كواكب مثل المريخ أو على مركبةفضائية مدارية لنقل الطاقة الشمسية إلى الأرض. من شأن ما سبق أن يحلأزمة الطاقة والكهرباء في البلدان النامية المحرومة من الوقود الأحفوري. وتشمل المنتجات الثانوية الأخرى لتكنولوجيا الفضاء في مجال الصحةالبشرية تجارب الجاذبية الصغرى لإنتاج أبحاث قيمة في مجال الرعايةالصحية عن بعد (الطب عن بعد، وعلم الأوبئة عن بعد)، ومراقبة الأمراض(رسم خرائط فيروس إيبولا وكوفيد 19)، والتشخيص الطبي.
إن تكنولوجيا الفضاء قد تكون الترياق المناسب لشبح مالتوس المتمثل فيندرة الغذاء والمياه الناجمة عن تغير المناخ. إن الرصد الفوري لذوبان الجليد،وسلوك المحيطات، ومراقبة الغابات، والتلوث البيئي، وتنمية الموارد المائية،والإغاثة من الكوارث هي العوائد الاجتماعية والاقتصادية المترتبة على قدراتالفضاء. وبالنسبة لدولة مثل باكستان، فإن برنامج الفضاء يعد بفوائد فيمجالات مثل الاتصال عريض النطاق، والسيطرة على الفيضانات، والتخفيفمن آثار المناخ والتكيف معه، واستكشاف النفط والمعادن، والزراعة. وأفضلنتيجة ثانوية لباكستان هي التحسن في علوم العلوم والتكنولوجيا والهندسةوالرياضيات وتوافر قوة عاملة كفؤة تكنولوجياً وقادرة على المنافسة دولياً.
إن دولة مثل باكستان بحاجة إلى المزيد من الاستثمار في علوم الفضاءوبرنامجها الفضائي. وهي بحاجة إلى الدخول في الدوري الكبير للإنفاقالفضائي البالغ 100 مليون دولار سنوياً في العالم، وبدون ذلك فإن هدفإرسال رائد فضاء إلى القمر وإطلاق مركبة فضائية خاصة به بحلول عام2035، كما عبر عنه وزير التخطيط والتنمية والمبادرات الخاصة أحسانإقبال، قد يظل حلماً بعيد المنال. لقد اتخذت باكستان بعض الخطواتالجيدة جاءت في شكل إطلاق الأقمار الصناعية مثل iCube Qamar(2024)، وCommunication Satellite MM1 (2024)، وEO 1 (2025). إن الانتقال من توطين التصميم إلى توطين المكونات سوف يستغرقبعض الوقت، ولكن المستقبل واعد، بشرط أن تستمر الحكومة في دعم برنامجالفضاء.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


شبكة الإعلام العراقي
منذ 10 ساعات
- شبكة الإعلام العراقي
بغداد تكتب مستقبل العرب بلغة الذكاء الاصطناعي
كتب.. أشرف كريم في قاعةٍ تحتضن التاريخ وتطل على المستقبل، أعلنت قمة بغداد العربية الرابعة والثلاثون عام 2025 عن خطوة غير مسبوقة: ولادة أول كيان عربي مشترك للذكاء الاصطناعي. إنه 'المركز العربي للذكاء الاصطناعي'، والذي ستستضيفه العاصمة العراقية، إيذاناً بتحول استراتيجي في طريقة تفكير العرب بموقعهم من العالم الرقمي الجديد. ليس إنشاء المركز مجرّد توصية بيروقراطية، بل إعلان نية صريح: لن تبقى أمة المئة مليون شاب متفرجة على ثورات البيانات، بل ستكون شريكة في صناعتها. في عالم تتحكم فيه الخوارزميات بمصائر البشر، ويُقدَّر حجم سوق الذكاء الاصطناعي العالمي بأكثر من 190 مليار دولار في 2024، وتوقعات بوصوله إلى 1.5 تريليون دولار خلال خمس سنوات، فإن اقتصادات لا تزال تعتمد على الموارد الطبيعية فقط تبدو على شفير الخطر. هذا ما فهمته بغداد جيداً، وهي تحتضن الأشقاء العرب لتطرح رؤية لا تحمل فقط طموحاً سيادياً، بل وعقلاً جديداً لمرحلة جديدة ووفقاً لما صدر في بيان القمة الختامي، فإن أهداف 'المركز العربي للذكاء الاصطناعي' تتمثل في تعزيز العمل العربي المشترك في مجالات التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي ومواكبة التطورات التقنية العالمية، مع مراعاة الخصوصيات الثقافية العربية وتحقيق التنمية والرفاه الاجتماعي من خلال استخدامات الذكاء الاصطناعي. وربما هي المرة الأولى التي تخرج فيها قمة عربية بهذا الوضوح نحو المستقبل، متخلية -ولو جزئياً- عن ثقل الخطابات السياسية التقليدية. فقد اختار العراق، الذي يقود اليوم تحوّلاً عمرانياً وتنموياً واسعاً، أن يُضيف على دوره الإقليمي بعداً معرفياً لا يقل أهمية عن دوره الأمني أو الاقتصادي. الإعلان عن تأسيس 'المبادرة العربية للبحث العلمي في الذكاء الاصطناعي والتقنيات المتقدمة' ضمن القمة، يعكس فهماً عميقاً لحاجة المنطقة إلى الاستثمار في العقول. علماً أن المحتوى العربي لا يشكّل أكثر من 3% من إجمالي الإنترنت، وأن نسبة مساهمة الدول العربية في البحث العلمي العالمي ما زالت دون 1%، رغم أن المنطقة تزخر بأكثر من 70% من سكانها تحت سن الـ35. أن يكون هذا الإعلان من بغداد، فالأمر ليس صدفة. المدينة التي شهدت قبل أكثر من ألف عام مولد بيت الحكمة، تُعيد اليوم تشكيل صورتها كعاصمةٍ للمبادرات الكبرى. وفي زمن تتغير فيه موازين القوى بلمسة خوارزمية، قد يكون المركز الجديد هو أعقل قرار اتُّخذ على طاولةٍ عربية منذ سنوات طويلة. فهل يبدأ العرب أخيراً رحلة التحول من مستهلكين للذكاء الاصطناعي إلى صنّاع له؟ في بغداد، على الأقل، الجواب كان: نعم المصدر :وكالة الانباء العراقية


شفق نيوز
منذ 12 ساعات
- شفق نيوز
بكلفة 4 مليارات دولار.. "ناسا" تطور احدث تلسكوب فضائي
شفق نيوز/ يعمل متخصصون في وكالة "ناسا" بشكل مكثف على تطوير أحدث مرصد فضائي، وهو تلسكوب "نانسي غريس رومان" بتكلفة تقديرية تبلغ 4 مليارات دولار. وستتيح القدرات البصرية للتلسكوب رصد الكون بمجال رؤية أوسع 100 مرة من مجال تلسكوب "هابل" المشهور، ومن المرجح أن يدشن هذا المرصد عصرا جديدا في عمليات الرصد الفضائي ودراسة الأجرام السماوية، بما في ذلك الكواكب الشاردة، وهي أجسام كروية عائمة في الفضاء بحجم كوكب. وأكدت الاختبارات قدرة أجهزة التلسكوب على العمل بشكل مستقر في ظروف تقلبات درجات الحرارة القصوى التي يتميز بها للفضاء الخارجي. من المقرر حاليا إطلاق التلسكوب في أوائل عام 2027، لكن هذه المواعيد قد تتغير بسبب خطط البيت الأبيض لخفض ميزانية "ناسا" في عام 2026 بنسبة 24%. بينما يُعتبر هذا المشروع خطوة كبيرة على طريق استكشاف الفضاء، لكن التحديات المالية قد تؤثر على جدوله الزمني. مع ذلك فإن التقارير تشير إلى أن التخفيضات المالية المحتملة قد تؤدي إلى إغلاق مركز "جودارد" لرحلات الفضاء بالكامل، كما ستؤثر المشكلات المالية على مشاريع كبرى مثل، محطة الفضاء "شاتل" في مدار القمر، ومهمة إيصال عينات التربة من المريخ. وفي وثائق تقارير سابقة، ورد أن التمويل سيُخصص لتلسكوبي "هابل" الفضائي و"جيمس ويب" الفضائي فقط، بينما ستستثنى التلسكوبات الأخرى من هذا التمويل.


الأنباء العراقية
منذ 15 ساعات
- الأنباء العراقية
بغداد تكتب مستقبل العرب بلغة الذكاء الاصطناعي
ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التليكرام كتب.. أشرف كريم في قاعةٍ تحتضن التاريخ وتطل على المستقبل، أعلنت قمة بغداد العربية الرابعة والثلاثون عام 2025 عن خطوة غير مسبوقة: ولادة أول كيان عربي مشترك للذكاء الاصطناعي. إنه 'المركز العربي للذكاء الاصطناعي'، والذي ستستضيفه العاصمة العراقية، إيذاناً بتحول استراتيجي في طريقة تفكير العرب بموقعهم من العالم الرقمي الجديد. ليس إنشاء المركز مجرّد توصية بيروقراطية، بل إعلان نية صريح: لن تبقى أمة المئة مليون شاب متفرجة على ثورات البيانات، بل ستكون شريكة في صناعتها. في عالم تتحكم فيه الخوارزميات بمصائر البشر، ويُقدَّر حجم سوق الذكاء الاصطناعي العالمي بأكثر من 190 مليار دولار في 2024، وتوقعات بوصوله إلى 1.5 تريليون دولار خلال خمس سنوات، فإن اقتصادات لا تزال تعتمد على الموارد الطبيعية فقط تبدو على شفير الخطر. هذا ما فهمته بغداد جيداً، وهي تحتضن الأشقاء العرب لتطرح رؤية لا تحمل فقط طموحاً سيادياً، بل وعقلاً جديداً لمرحلة جديدة ووفقاً لما صدر في بيان القمة الختامي، فإن أهداف 'المركز العربي للذكاء الاصطناعي' تتمثل في تعزيز العمل العربي المشترك في مجالات التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي ومواكبة التطورات التقنية العالمية، مع مراعاة الخصوصيات الثقافية العربية وتحقيق التنمية والرفاه الاجتماعي من خلال استخدامات الذكاء الاصطناعي. وربما هي المرة الأولى التي تخرج فيها قمة عربية بهذا الوضوح نحو المستقبل، متخلية -ولو جزئياً- عن ثقل الخطابات السياسية التقليدية. فقد اختار العراق، الذي يقود اليوم تحوّلاً عمرانياً وتنموياً واسعاً، أن يُضيف على دوره الإقليمي بعداً معرفياً لا يقل أهمية عن دوره الأمني أو الاقتصادي. الإعلان عن تأسيس 'المبادرة العربية للبحث العلمي في الذكاء الاصطناعي والتقنيات المتقدمة' ضمن القمة، يعكس فهماً عميقاً لحاجة المنطقة إلى الاستثمار في العقول. علماً أن المحتوى العربي لا يشكّل أكثر من 3% من إجمالي الإنترنت، وأن نسبة مساهمة الدول العربية في البحث العلمي العالمي ما زالت دون 1%، رغم أن المنطقة تزخر بأكثر من 70% من سكانها تحت سن الـ35. أن يكون هذا الإعلان من بغداد، فالأمر ليس صدفة. المدينة التي شهدت قبل أكثر من ألف عام مولد بيت الحكمة، تُعيد اليوم تشكيل صورتها كعاصمةٍ للمبادرات الكبرى. وفي زمن تتغير فيه موازين القوى بلمسة خوارزمية، قد يكون المركز الجديد هو أعقل قرار اتُّخذ على طاولةٍ عربية منذ سنوات طويلة. فهل يبدأ العرب أخيراً رحلة التحول من مستهلكين للذكاء الاصطناعي إلى صنّاع له؟ في بغداد، على الأقل، الجواب كان: نعم