
ماذا بعد الحرب الأوكرانية الروسية؟
هل ستكون دول البلطيق شرارة لحرب جديدة في أوروبا؟
محمد الزلاوي، باحث في العلوم السياسية
في ظل التصريحات الأخيرة للأطراف الرئيسية في الحرب الروسية الأوكرانية، والتي ركزت على ضرورة تحقيق السلام والإشارات الإيجابية في هذا الاتجاه، قد يعتقد البعض أن خطر نشوب حرب عالمية ثالثة قد تلاشى مع انخفاض حدة التوتر في أوكرانيا. لكن الوضع العالمي لا يزال بعيدًا عن الاستقرار، وقد تتغير المواقع لتستمر الحرب على جبهة أخرى.
من يتابع الشأن الروسي وأوروبا الشرقية بشكل عام يتذكر جيدًا التوتر الشديد في سنة 2016، عندما أطلق حلف شمال الأطلسي مناورات عسكرية واسعة النطاق تحت اسم 'أناكوندا' في دول البلطيق وبولندا. دول البلطيق (إستونيا، لاتفيا، ليتوانيا) هي مرشحة لأن تشهد تكرارًا للسيناريو الأوكراني والجورجي. في السنوات الأخيرة، ظهرت مجموعات متطرفة في دول البلطيق تدعو إلى تعزيز العلاقات مع الغرب ومواجهة النفوذ الروسي. وهذا يذكرنا بميليشيات مثل كتيبة 'أزوف' الأوكرانية، وهي وحدة يمينية متطرفة متهمة بارتكاب انتهاكات ضد سكان دونباس، وكان الهدف الأساسي للتدخل الروسي حماية المواطنين الناطقين بالروسية في شرق أوكرانيا.
من ناحية أخرى، هناك أيضًا مجموعات موالية لروسيا، خاصة بين الأقلية الناطقة بالروسية، التي تطالب بمزيد من الحقوق الثقافية أو حتى الانضمام إلى روسيا في المستقبل. هذه الانقسامات الداخلية قد تؤدي إلى سيناريو مشابه لما حدث في أوكرانيا، مع فارق أن دول البلطيق هم أعضاء كاملو العضوية في الحلف الأطلسي منذ سنة 2004، ومع وجود أقلية مهمة ناطقة بالروسية في هذه الدول، هذه التركيبة الديموغرافية قد تكون بمثابة وقود لصراع مستقبلي.
ما منع تحول الحرب الأوكرانية إلى حرب عالمية هو أن أوكرانيا ليست عضوًا في حلف الناتو، لكن الوضع مختلف مع دول البلطيق. باعتبارها جزءًا من الحلف، فإن أي توتر أو اشتباك محتمل سيُجبر بقية دول الحلف على التدخل. وفقًا للمادة الخامسة من ميثاق الحلف الأطلسي، أي هجوم على دولة عضو يعتبر هجومًا على الحلف بأكمله.
منذ بداية الأزمة الأوكرانية في عام 2022، أغلقت القنصليات بين روسيا ودول البلطيق أبوابها، وفرضت ليتوانيا قيودًا على حركة النقل بالسكك الحديدية نحو منطقة لينينغراد الروسية المعزولة. في إطار التصعيد الناجم عن الحرب الروسية الأوكرانية، أعلنت ليتوانيا منع مرور البضائع الخاضعة لعقوبات الاتحاد الأوروبي عبر أراضيها إلى منطقة كالينينغراد الروسية المعزولة عبر ممر سواكي. وشملت هذه العقوبات موادًا مثل الفحم والمعادن ومواد البناء والتكنولوجيا المتقدمة.
اعتبرت روسيا قرار تقييد الوصول إلى كالينينغراد إجراءً غير قانوني ووصفته بأنه يشكل حصارًا للمنطقة، وحذرت ليتوانيا من عواقب وخيمة قد تنتج عن هذا القرار، وتعهدت بالرد عليه.
من جانبها، دافعت ليتوانيا عن قرارها بالإشارة إلى التزامها بتنفيذ العقوبات الأوروبية. كما أنها انسحبت رسميًا من اتفاقية حظر الذخائر العنقودية وتفكر في الانسحاب من اتفاقية حظر الألغام المضادة للأفراد، وقد يتم هذا الانسحاب بشكل جماعي مع دول أخرى في حلف الناتو، خاصة تلك التي تجاور روسيا وبيلاروسيا. هذه الخطوة قد تزيد التوتر وتؤدي إلى سباق تسلح في منطقة تعاني أصلاً من عدم استقرار.
في إستونيا، تم مؤخرًا منع ازدواجية الجنسية، مما سيؤثر على العديد من المواطنين الذين يحملون الجنسية الروسية والإستونية. كما تتجه إستونيا نحو إلغاء الروسية كلغة تعليم، مع خطط للتوقف التام عن استخدامها في التدريس بحلول عام 2030. في المستقبل القريب، سيتم تعليم جميع الطلاب باللغة الإستونية فقط، حتى في المناطق ذات الأغلبية الروسية في الشمال الشرقي.
الأخطر هو الوضع في لاتفيا، حيث توجد نسبة كبيرة من الناطقين بالروسية. هذه الدولة، التي تقع في وسط دول البلطيق، تعاني من توترات داخلية واسعة، تشبه إلى حد كبير الوضع في أوكرانيا قبل اندلاع الأزمة.
تتعمق الانقسامات وتتسع هوّة بين مكونات المجتمع المختلفة، ويتجلى ذلك من خلال تنامي نفوذ الجماعات المتطرفة التي تزيد من حدة التوترات مع الناطقين بالروسية. السياسات الأمنية المتبعة تفاقم هذا الوضع، حيث تم اعتقال عدد من المحتجين الذين عارضوا مسيرة 'وافن إس إس' التي تمجد الجنود النازيين السابقين. بالإضافة إلى ذلك، قامت السلطات بتدمير تماثيل تعود إلى الحقبة السوفيتية، والتي كانت تمجد الأبطال الروس الذين حرروا البلاد من الاحتلال النازي، مما يعزز الشعور بالعداء تجاه المكون الروسي. كما تمت مصادرة 'البيت الروسي' في ريغا، عاصمة لاتفيا، وإعادة تسمية الشوارع التي تحمل أسماء أدباء روس.
هذه السياسات المتعمدة في مواجهة التأثير الروسي قد تؤدي إلى اندلاع صراع مدمر، كما حدث في أوكرانيا قبل انفجار الأزمة وسعي المواطنين الناطقين بالروسية للاستقلال أو الانضمام إلى روسيا. ومن الجدير بالذكر أن السلطات اللاتفية اتخذت موقفًا معاديًا للعملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، وقدمت دعمًا عسكريًا لأوكرانيا، بل ووقعت اتفاقًا أمنيًا ثنائيًا معها.
في هذا السياق، نتابع التصريحات الأخيرة لوزير الدفاع البيلاروسي، فيكتور خرينين، الذي قال: 'يتم الحفاظ على مستوى عالٍ من تواجد وحدات القوات المسلحة البولندية ودول البلطيق في المناطق الحدودية المجاورة لبلدنا. من الواضح أن الغرب، وبشكل رئيسي الولايات المتحدة، يحاول دفع بولندا ودول البلطيق لاتخاذ إجراءات أكثر حسماً. ولهذا الغرض، يتم تهيئة الظروف لاستخدام هذه الدول في حرب بالوكالة ضد بيلاروسيا وروسيا.'
نأمل أن تمتد ديناميكية السلام في أوكرانيا إلى دول البلطيق لتجنب الحرب التي تلوح في الأفق.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


المغرب اليوم
منذ 7 أيام
- المغرب اليوم
اتفاقيات أميركية قطرية بقيمة 1.2 تريليون دولار وصفقة تاريخية لشراء 160 طائرة من بوينغ
وقعت الولايات المتحدة وقطر عدداً من الاتفاقيات، قال البيت الأبيض إنها ستحقق "تبادلاً اقتصادياً بـ 1.2 تريليون دولار على الأقل"، وذلك في المحطة الثانية للرئيس الأمريكي دونالد ترامب من جولته في الشرق الأوسط. وقال ترامب خلال إحاطة إعلامية رفقة أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، في الدوحة، إن الخطوط الجوية القطرية قدمت طلباً "قياسياً" لشراء 160 طائرة من شركة بوينغ بقيمة تزيد عن 200 مليار دولار. لكن البيت الأبيض قال إن الخطوط القطرية ستشتري ما يصل إلى 210 طائرات بوينغ من طرازي 787 دريملاينر و777 إكس، مزودة بمحركات جنرال إلكتريك. وأضاف في بيان: "هذا أكبر طلب على الإطلاق لطائرات ذات بدن واسع، وأكبر طلب لطائرات من طراز 787". وتتضمن الاتفاقيات أيضاً بيان نوايا ربما يؤدي إلى استثمارات بقيمة 38 مليار دولار في قاعدة العديد الجوية القطرية وقدرات أخرى للدفاع الجوي والأمن البحري بينها شراء قطر لمسيّرات أمريكية من طراز MQ-9B. وزيارة قطر هي المحطة الثانية ضمن جولة ترامب الخليجية التي بدأها من الرياض، حيث أصدر إعلاناً مفاجئاً برفع العقوبات عن سوريا، وعقد اجتماعاً تاريخياً مع رئيس المرحلة الانتقالية في سوريا أحمد الشرع. وحث ترامب الشرع خلال لقائهما بحضور ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان ، والرئيس التركي، رجب طيب أردوغان (المنضم عبر الإنترنت)، على تطبيع العلاقات مع إسرائيل. وقال ترامب لصحافيين على متن الطائرة الرئاسية أثناء توجهه من العاصمة السعودية إلى الدوحة، إن الشرع أبدى تجاوباً حيال مسألة التطبيع مع إسرائيل، عقب لقاء بينهما في الرياض هو الأول من نوعه بين البلدين منذ 25 عاماً. وأردف ترامب: "قلت له (الشرع): آمل أن تنضموا إلى الاتفاقات الإبراهيمية بمجرد أن تستقر الأمور، فقال نعم. لكن أمامهم الكثير من العمل"، بحسب وكالة فرانس برس. ولم تذكر البيانات الصادرة عن السلطات السورية أي شيء عن مسألة التطبيع. وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، إن ترامب أخبر الشرع أن "لديه فرصة هائلة لفعل شيء تاريخي في بلاده"، كما حث سوريا على التوقيع على الاتفاقيات الإبراهيمية، وهي مبادرة تقودها الولايات المتحدة لدول الشرق الأوسط لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، و"إبلاغ جميع الإرهابيين الأجانب بمغادرة سوريا". ووصف ترامب، الشرع بـ "الرجل الجذاب والقوي"، علماً بأن الأخير كان يتزعم جماعة تصفها واشنطن بأنها منظمة إرهابية لدى وصوله إلى السلطة، كما رصدت مكافأة قدرها 10 ملايين دولار للقبض عليه. في حين أشاد بن سلمان وأردوغان باعتزام ترامب رفع العقوبات عن سوريا، بحسب ليفيت، التي أضافت أن الاجتماع ناقش كذلك الحرب بين روسيا وأوكرانيا والحرب في غزة. ولاقى قرار ترامب رفع العقوبات التي استمرت نحو 50 عاماً على سوريا، ترحيباً عربياً واسعاً. ومن المقرر أن يلتقي وزراء خارجية تركيا والولايات المتحدة وسوريا، في تركيا، الخميس، عقب اجتماع غير رسمي لوزراء خارجية حلف شمال الأطلسي (الناتو)، لمناقشة تفاصيل تعهد ترامب برفع العقوبات عن سوريا، بحسب وزير الخارجية التركي هاكان فيدان. ورحّب الشرع بقرار "تاريخي شجاع" اتخذه ترامب. وقال الشرع في كلمة متلفزة إن "قرار رفع العقوبات (كان) قراراً تاريخياً شجاعاً أزال به معاناة الشعب وساعد على نهضته وأرسى أسس الاستقرار في المنطقة". وشدد الشرع على أن "سوريا بعد اليوم لن تكون ساحة لصراع النفوذ ولا منصة للأطماع الخارجية ولن نسمح بتقسيم سوريا ولن نفسح المجال لإحياء سرديات النظام السابق لتفتيت شعبنا"، مؤكداً أن "سوريا لكل السوريين". وأضاف: "سوريا تعاهدكم أن تكون أرض السلام والعمل المشترك وأن تكون وفية لكل يد امتدت اليها بخير". "الطريق لا يزال أمامنا طويلاً، فاليوم قد بدأ العمل الجاد وبدأت معه نهضة سوريا الحديثة لنبني سوريا معا نحو التقدم والازدهار والعلم والعمل"، وفق الشرع. صدر الصورة، Getty Images وقبل زيارته إلى الدوحة، حضر ترامب قمة مع قادة دول الخليج في الرياض. وحضّ ترامب على تطبيق العقوبات على إيران بحزم، معرباً عن أمله في التوصل إلى اتفاق بشأن برنامج طهران النووي. وقال ترامب خلال القمة: "أريد إبرام اتفاق مع إيران. أريد أن أفعل شيئاً، إن أمكن". ولتحقيق ذلك، أوضح ترامب أنه يتعين على طهران أن "تتوقف عن دعم الإرهاب، وتنهي الحروب الدموية التي تخوضها بالوكالة، وتوقف سعيها للحصول على أسلحة نووية". وقال الرئيس الأميركي: "أحضّ كل الدول على الانضمام إلينا في تطبيق العقوبات التي فرضتها للتو على إيران بشكل كامل وشامل". ولم يتضح ما يقصده ترامب بالضبط بقوله "فرضت للتو"، لكن إدارته فرضت في الأسابيع الأخيرة سلسلة عقوبات تستهدف النفط الإيراني وبرنامج طهران النووي. وبالنسبة للحرب في غزة، قال ترامب إنه يأمل في مستقبل "ينعم فيه الفلسطينيون بالأمان والكرامة"، لكن هذا لا يمكن أن يتحقق في ظل استمرار قادة غزة في العنف، على حد تعبيره. وأضاف أنه يُقدّر "الدور البناء الذي أدّاه القادة في هذه القاعة في محاولة إنهاء هذا الصراع". كما شكر القادة على مساعدتهم في تأمين إطلاق سراح الرهينة الأمريكي الإسرائيلي عيدان ألكسندر. والثلاثاء، وقّعت الولايات المتحدة والسعودية، صفقة أسلحة ضخمة وصفها البيت الأبيض بأنها "الأكبر في التاريخ". وقال البيت الأبيض في بيان: "وقّعت الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية أكبر صفقة مبيعات دفاعية في التاريخ، بقيمة تقارب 142 مليار دولار"، لتزويد المملكة "بمعدات قتالية متطورة". ووقع ترامب وبن سلمان اتفاقية "شراكة اقتصادية استراتيجية" في احتفالية فخمة في قصر اليمامة الملكي في الرياض، حيث استهلّ ترامب جولته الخليجية. ووقّع وزراء ومسؤولون سعوديون وأمريكيون مذكرات تفاهم أخرى في مجالات الدفاع والطاقة. وتعهد الأمير محمد بن سلمان، في يناير/كانون الثاني الماضي بضخ 600 مليار دولار في التجارة والاستثمارات الأمريكية. قد يهمك أيضــــــــــــــــًا : ترامب يزور جامع الشيخ زايد الكبير في أبو ظبي


الألباب
١١-٠٥-٢٠٢٥
- الألباب
إسرائيل وحلم الناتو العربي 'ميسا'..
الألباب المغربية/ أحمد إبراهيم – مصر تعد الصراعات الدائرة في منطقة الشرق الأوسط والمنطقة العربية وما كان يسمي بثورات الربيع العربي التي كان سبب رئيسي في إنهاك وإضعاف معظم الدول العربية والقضاء علي قوتها العسكرية وتصريح جيوشها. مما جعل اعتماد أطماع إسرائيل وأمريكا في الشرق الأوسط العربي ممتد.. لاحتلال بعض الدول العربية وإبادة غزة .. هل تنجح فكرة مشروع 'ناتو شرق أوسطي' ..؟ أو حلم الناتو العربي، الذي تكلم عنه بعض القادة العرب منهم الملك الأردني عبد الله الثاني الذي كان من أكثر المتحمسين لذلك، عندما قال أن بلاده تدعم تشكيل تحالف عسكري في الشرق الأوسط مشابه لحلف شمال الأطلسي 'الناتو'. حيث أشار إلى أن ذلك من الممكن أن يتم مع الدول التي لها نفس الفكرة .. كما تحدث عن الجهود والعمل لتحقيق الازدهار لشعوب المنطقة، إضافة إلى دور الولايات المتحدة في الإقليم، وضرورة تكثيف مساعي تحقيق السلام كمطلب أساسي لتعزيز التعاون الإقليمي في المنطقة العربية .. وأضاف لقد واجهنا المزيد من المشاكل مع المليشيات الشيعية على حدودنا مثل تهريب المخدرات وتهريب الأسلحة، وظهور تنظيم 'داعش' الإرهابي من جديد علي الساحة .. إنشاء 'ناتو' عربي ..؟؟ بدأت فكرة إنشاء ناتو عربي من إدارة الرئيس الأمريكي ترامب أثناء فترة رئاسته الأولى للولايات المتحدة بالضغط على أصدقائها العرب السنة من أجل تأسيس تحالف إقليمي عسكري يعرف باسم 'تحالف الشرق الأوسط الاستيراتيجي' أو اختصارا بكلمة 'ميسا ' (MESA)، ويطلق عليه رمزياً 'الناتو العربي' .. علي أن يضم هذا التحالف ثماني دول عربية، هي دول مجلس التعاون الخليجي الست ومصر والأردن والعراق؛ إضافة إلى الولايات المتحدة، ليدعم قيام تشكيل ناتو شرق أوسطي على غرار حلف شمال الأطلسي مع احتمال انضمام ' تركيا وإسرائيل' .. كان الهدف أن يخدم التحالف الجديد المصالح الأميركية ودعم التحالف العربي لمواجهة ما تقوم به إيران في المنطقة .. وأن يخلق التحالف الجديد جبهة محلية قوية لمواجهة الجماعات المتطرفة، بما يخفف الضغوط والعبء العسكري على الولايات المتحدة في الحفاظ على استقرار المنطقة .. أما الهدف حسب وسائل إعلام أميركية وإسرائيلية.. هو حماية هذه الدول من التهديدات الإيرانية فالصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة الإيرانية تثير قلق دول المنطقة، ولا سيما تلك التي تعرضت لهجمات ايرانية علي حدودها .. كانت فكرة 'الناتو العربي'، التي يردها البعض إبان حكم الرئيس الأسبق باراك أوباما، الذي جمع للمرة الأولى قادة الدول الخليجية في كامب ديفيد، واتفق معهم على عقد هذه الاجتماعات، والعمل على خلق جبهة واحدة متحدة لمواجهة التحديات المشتركة، سواء كانت إيران أو التنظيمات الإرهابية .. وفي يوليوز 2017، لم يتردد ترامب من مطالبة الدول العربية والإسلامية بصورة مباشرة بضرورة مواجهة تنظيمي الدولة الإسلامية والقاعدة والتهديدات الإيرانية . ويربط بعض المحللين الاستراتيجيين بين فكرة الناتو العربي، وملف التطبيع الخليجي مع إسرائيل، استنادا لما كانت إدارة ترامب تؤمن أن من شأن آلية الناتو العربي أن تقرب بين إسرائيل والدول الخليجية لما يجمعها من هدف رئيسي يتمثل في مواجهة إيران .. ويؤكد عدد من السياسيين أن فكرة تدشين تحالفات عسكرية في المنطقة باءت كلها بالفشل، وفي إشارة إلى عدد من الأحلاف التي تشكلت على مدار العقود الماضية، بداية من 'حلف بغداد' الذي شكله الرئيس الراحل صدام حسين، في خمسينيات القرن الماضي.. هناك من يعتقد أن فكرة تشكيل تحالف عسكري شرق أوسطي بمشاركة إسرائيلية هي نتاج حاجة وخوف بعض الأنظمة العربية .. من تنامي القدرات الإيرانية وعودة حركات الإسلام السياسي، والخشية من تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية بعودة موجة ثانية من الانتفاضات الشعبية .. إضافة إلى أن كل 'مبادرات التحالفات الأمنية والدفاعية، في الشرق الأوسط انتهت جميعها بالفشل ودون وجود إسرائيل، من ضمن الأعضاء… فكيف بإضافة إسرائيل، فالأمور تزداد تعقيداً .. توقع نتيجتان رئيسيتان من إنشاء الناتو العربي : الأولى، تكريس المشروع الإسرائيلي بإضعاف أهمية القضية الفلسطينية ومركزيتها، والثانية، تعزيز حالة الاستقطاب والانقسام في المنطقة، على أسس طائفية 'الشيعة العرب تقع تحت النفوذ الإيراني' على حدود مواجهة خطيرة مع الناتو المفترض .. حيث أن تقريب العرب من إسرائيل ودمجها بالمنطقة يظل هدفاً أمريكياً معلناً، لذا يتوجب على الدول العربية.. أن تطلب من الولايات المتحدة أن تضغط على إسرائيل؛ من أجل التوصل إلى حل عادل للقضية الفلسطينية .. تظهر تصريحات المسؤولين الإسرائيليين أن تل أبيب ستلعب دورًا متقدمًا في هذا التحالف . فقد أعلن وزير الدفاع قبل أيام بناء إسرائيل تحالفًا دفاعيًا جويا إقليميًا برعاية الولايات المتحدة، وكشفت وسائل إعلام أميركية، عن نشر إسرائيل منظومات رادار في الإمارات والبحرين .. التناقضات :فإذا كان هدف التحالف طمأنة السعودية ودول الخليج لحمايتها، من أي خطر خارجي فإن الكلام يدور على أكبر مصدرين محتملين للخطر وهم إيران وإسرائيل .. فهل من المنطق إدخال إسرائيل في تحالف عسكري مع الدول العربية وهي لا تزال محتلة أراضٍ فلسطينية …هل ستكون إسرائيل جزءا من هذا الحلف؟ فإن كان الأمر كذلك فهذه خطوة كبيرة إلى الوراء؛ خصوصاً أن إسرائيل لا زالت تحتل أراض عربية، وماضية في سياسات الضم والزحف والانتهاكات لحقوق الإنسان وحرمة المقدسات. إلا أن تناقضات الأعضاء العرب هو محل اهتمام الناتو العربي ..في ما بينهم على عدة نقاط هيكلية يجعل ولادة الناتو العربي، فكرة مستحيلة .. وأول هذه التناقضات يرتبط بتحديد مصادر التهديد. ثلاث دول تعتبر إيران الخطر الأساسي: السعودية والإمارات والبحرين، وعلى النقيض لا تؤمن بقية، دول التحالف المنتظر بأن إيران تمثل الخطر الأول عليهم .. التحدي الأول للناتو العربي :'انخفاض مستوى الثقة المتبادلة بين الدول الأعضاء'.. والثاني هو 'أن طبيعة تحديات الدول العربية العسكرية لا تنبع في الأساس من وجود تهديدات عسكرية مباشرة من دول ..بل التحدي الحقيقي ينبع من جماعات محلية خارجة عن سلطة الحكومات المركزية'، فكرة ناتو عربي لمواجهة إيران من شأنها أن تؤدي إلى زيادة عدم الاستقرار بالشرق الأوسط .. مباشرة للمجمع الصناعي العسكري الأميركي 'تضاعف مبيعات السلاح لدول الحلف'، وثانيتها لدول الأعضاء التي تريد أن تظهر بمظهر المساند للسياسات الأميركية في المنطقة، إلا أن فكرة الناتو ستؤدي إلى مزيد من الفوضى في المنطقة .. يٌعتقد أن تكون هناك خلافات وتباينات حول إنشاء هذا الحلف ولذلك يقول بعض الخبراء أن الحلف سيولد ميتاً … يرى البعض بأن الهدف الظاهري من إنشاء الناتو العربي هو لمحاربة إيران باعتبارها العدو الظاهري لبعض الدول العربية والخليجية، ولكن في باطن الأمر يعتقد أن الهدف البعيد، هو مساعدة الجيش الإيراني على احتلال الأردن والكويت وإثارة فتن ونزاعات في السعودية وتغلغل في تركيا يؤدي لاحقاً إلى نزاعات… وربما نزاعات عسكرية .. تاريخ التحالفات العربية الفاشلة : خلال السبعين سنة الماضية :بشكل عام… خلال السبعين سنة الماضية جرى إنشاء أكثر من 5 تحالفات عربية كان يرافقها أو ينتج عنها كما يرى بعض ..كتاب الأدب السياسي تشريد جزء من شعب عربي كما حدث للشعب الفلسطيني بعد إقامة تحالف عربي لتحرير فلسطين (بزعامة بريطانيا) وكانت النتيجة تسليم الجزء الأكبر من فلسطين لإسرائيل وخيانة معظم الحكام العرب …تبعه تحالف سوري مصري كان أيضاً من نتيجته خسارة سيناء والضفة وغزة والجولان .. بعد احتلال العراق للكويت؛ نشأ أيضاً تحالف دولي لتحرير الكويت نتج عنه احتلال العراق ثم تسليمها لإيران على طبق من ذهب، حيث يقول بعض خبراء السياسة ..أن الهدف البعيد من ذلك التحالف الدولي كان قيام إيران باحتلال العراق. وحتى الآن فالعراق تعتبر بنظر الكثيرين دويلة شيعية تحت النفوذ الإيراني .. إنشاء تحالف عربي لتحرير اليمن… كانت نتيجة حتى الآن عدم توحيد اليمن وإقامة دويلة الحوثيين التابعة للنفوذ الإيراني وتشريد الشعب اليمني حيث كان التدخل الأمريكي في اليمن مع التدخل العربي كان السبب في دمار اليمن ودعم الحوثيين .. بعد الحرب السورية: أيضاً نشأ التحالف الدولي لمحاربة 'داعش'، ما أعطى للناس انطباعاً أن 'داعش' وكأنها دولة عظمى وستحتل نصف الكرة الأرضية لكن الحقيقية معروفة بأن فيلم 'داعش' يحمل كل ألوان قوس قزح للدول المتصارعة في سورية . ويعتقد بعض المحللين السياسيين أن الهدف الرئيسي من التحالف الدولي لمحاربة 'داعش' هو مساعدة إيران للسيطرة على سوريا وبسط نفوذها عليها بشكل كامل . ولهذا ترى بعض الأطراف المتشائمة، بأن الناتو العربي القادم مبرمج لتدمير الأردن والسعودية، ويشيرون من خلال التاريخ السياسي أن سايكس بيكو 'الفرنسي البريطاني' كان يهدف لإنشاء دويلات سنية .. والمستفيد الأكبر من ذلك على المدى البعيد هو أمريكا وإسرائيل وإيران .. فالحقيقة السياسية تختلف عما يظهر في الإعلام، ومنذ أكثر من أربعين عاماً ؛ أمريكا تدعي أنها ستحارب إيران، وكذلك إيران ستحارب إسرائيل…. لكن الحقيقة المرة عكس ذلك، فأمريكا تبارك وتقود تحالفات أقليات شيعية متشددة، تضمن في النهاية أمن إسرائيل المطلق؛ والدليل القاطع هو اغتيال إسماعيل هنيه وحسن نصر الله بمباركة إيرانية وإنهاء حكم حزب الله في لبنان وإبادة غزة .. من يقرأ تاريخ التحالفات العربية مثل مجلس الدفاع المشترك (جامعة الدول العربية ومجلس التعاون الخليجي ومجلس التعاون الإسلامي .. الشق العسكري :يرى البعض أن كل هذه التحالفات كانت ومازالت هياكل هرمة، لم تقدم أي فائدة للعالم العربي من قبل، لذلك يرى بعض الخبراء السياسيين بأن هناك ضرورة للبحث عن هيكل جديد؛ للناتو العربي المنتظر مع بعض التساؤلات هل تشارك به تركيا وإسرائيل … ويرى كثيرون بأن الظروف السياسية لمثل هذا الناتو العربي غير مناسبة، وخاصة أن هناك دول عربية منهكة مثل العراق، سوريا، اليمن، لبنان، ليبيا.. ويمكن أن نستنتج، ببساطة على ضوء النزاعات والصراعات الداخلية للشعوب العربية.. وحالة الشعوب التي تعاني الفقر والجوع، أن أمريكا تحاول إجراء ترتيب إقليمي حسب مصالحها لمواجهة الصين وروسيا بهدوء وبرود وتخفيف الصراعات معها وحماية الكيان الصهيوني الإسرائيلي .. أي أن الهدف الأول والأخير هو ترتيب الضغوط التي تتخذها أمريكا لحماية أمن إسرائيل وهذه التحالفات لن تخدم الشعوب العربية من النواحي الاقتصادية والتنموية. وفي ظل أن الشارع العربي المتفكك.. لا يستشار أبداً في أي قرار، وإنما يستخدم لشرعنة تلك القرارات التي تشرع استمرار الحكم أو سلطة الحكام .. لننتظر ونرى، ما ستحمله لنا الأيام من مفاجأت وتتصالح الدول العربية مع الذات.. لعزم قوتها الإقليمية وهل سيتحقق حلم 'الناتو' العربي لردع إسرائيل والحد من تدخل أمريكا..!!


برلمان
١٠-٠٥-٢٠٢٥
- برلمان
الجيش الأمريكي يعلن عن تفاصيل مناورات "الأسد الإفريقي 2025"
الخط : A- A+ إستمع للمقال تعد مناورات 'الأسد الإفريقي' من أكبر التمارين العسكرية متعددة الجنسيات في القارة الإفريقية، ويُشكّل تنظيمها السنوي في المغرب دليلا على الأهمية الاستراتيجية المتزايدة للمملكة في الشراكات الأمنية الإقليمية والدولية. وفي هذا السياق، أفاد الجيش الأمريكي أن مناورات 'الأسد الإفريقي 2025' لهذه السنة، ستشهد مشاركة واسعة النطاق، حيث ستنضم أكثر من 20 دولة إلى فعاليات هذا التمرين العسكري السنوي. وحسب ذات المصدر، ستنطلق المحطة الأكبر من هذه المناورات في المغرب يوم 12 ماي الجاري، وهي واحدة من أربع محطات إفريقية أخرى تشمل تونس والسنغال وغانا، ومن المتوقع أن يشارك فيها ما مجموعه 10 آلاف جندي. وكشف الجيش الأمريكي عن تفاصيل المشاركة في محطة المغرب، حيث ستنضم إلى القوات المسلحة الملكية المغربية جيوش 13 دولة أخرى، من بينها الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة وفرنسا، بالإضافة إلى البرتغال وهنغاريا. كما ستشهد المحطة المغربية مشاركة قوات من دول إفريقية أخرى هي نيجيريا والكاميرون وغانا وغينيا بيساو والرأس الأخضر وكينيا وجيبوتي وغامبيا. وفيما يتعلق بالمحطات الأخرى، ستشهد تونس مشاركة جيوش مصر وغانا وكينيا وليبيا ونيجيريا وإسبانيا والولايات المتحدة إلى جانب الجيش التونسي. أما في غانا، فستشارك كل من البنين وكوت ديفوار وليبيريا والسنغال وتوغو والولايات المتحدة إلى جانب الجيش الغاني. وفي السنغال، سينضم إلى الجيش السنغالي قوات من كوت ديفوار وموريتانيا وهولندا والولايات المتحدة. وأوضح الجيش الأمريكي في أوروبا وإفريقيا أن 'الأسد الإفريقي 25' يُعد أكبر وأهم تمرين سنوي تنظمه القيادة الأمريكية في إفريقيا 'أفريكوم'، ويقام في كل من المغرب وغانا والسنغال وتونس. وأضاف المصدر ذاته أن هذا التمرين المشترك يغطي مختلف المجالات والمكونات العسكرية، ويشارك فيه أكثر من 10 آلاف عنصر يمثلون أكثر من عشرين دولة، بما في ذلك وحدات من حلف شمال الأطلسي 'الناتو'. ويهدف التمرين إلى تعزيز التوافق العملياتي بين القوات المشاركة، وبناء الجاهزية المشتركة للاستجابة للأزمات والظروف الطارئة في القارة الإفريقية ومختلف أنحاء العالم. وتتضمن المناورات مجموعة متنوعة من التدريبات، تشمل تمارين القيادة الميدانية، وتمارين بالذخيرة الحية، وعروضًا حية للرماية. بالإضافة إلى ذلك، تتضمن فعاليات في إطار برنامج المساعدة الإنسانية المدنية، والتي تشمل تقديم المساعدات الطبية وطب الأسنان والطب البيطري، وتبادل الخبرات في هذا المجال في كل من المغرب وغانا والسنغال.