
هوامش على غزو صدام للكويت.. ما هو معيار نجاح الدول وفشلها؟!
كانت مغامرة عسكرية وحشية قام بها نظام صدام حسين، قسم بها العرب قسمة لم تلتحم بعدها، وظلت تداعياتها وآثارها عوائق لتصالحهم وتقاربهم، وما زالت، فضلا عما أصاب العراق من انفجار كان يضغطه بالقهر والقسر والتمييز الطائفي والعرقي والوحشي بحق الأكراد في حلبجة وغيرها، وبحق الشيعة بقتل أئمتهم وغلق مزاراتهم، فخسرنا الوطن والمواطن معا.
ذكرنا في موضع سابق، أن تعبير الاقتدار والانقلاب على التاريخ، كان تعبيرا مفضلا لدى صدام حسين، وسائر منظري البعث، ولكن التاريخ قلبهم وانقلب عليهم، وفقدت العراق، التي استقلت مبكرا سنة 1932، استقلالها، وتأزمت أحوالها مع تجارب الحكم الثوري والبعثي لعبدالكريم قاسم ثم عبدالسلام عارف، اللذين قادا بتوحش مذبحة قصر الرحاب التي قُضي فيها على كامل الأسرة العلوية في العراق، عن بكرة أبيها، في توحش تنفر منه الذاكرة والخيال.
طرحت أسئلة فكرية كثيرة بعد حادث الغزو العراقي للكويت حتى سقوط بغداد سنة 2003 وبعده، من قبيل العلاقة بين العلمانية والشمولية الثورية، وهل الأصولية البعثية تقل خطرا عن الأصوليات الدينية المتطرفة، ولكن لا شك أن من أهم الأسئلة التي يمكن أن نناقشها حول تجربة حكم صدام حسين، هو ما معيار نجاح أو فشل نظامه ودولته؟ وهل يمكن اعتبار مثل هذا الرجل وتجربته الممتدة بين عامي 1978 حتى 2003، ناجحة بأي معيار؟ وهو من قتل تجربة ووعد دولته، وطنا ومواطنا، لا تزال معه وبعده بعقدين يلملم العراق جروحه ويوقف نزفه، وهل يمكن اعتبار صدام بطلا ناجحا، وقائدا نبيلا، كما كان يصفه أمثال ميشيل عفلق، وما معايير نجاح الدولة ومعايير فشلها؟، الذي نراه يتقدم الآن على سؤال قيام الأمم وصعودها، فالسؤال صار عن دول وطنية وليس عن هويات ثقافية وحضارية في المقام الأول.
السلطة غير الدولة يا سادة، فهي في الوعي العربي القديم لم تكن أكثر من مفهوم السلطة، أي القدرة والحكم في فترة ما في منطقة ما، وهكذا يمكن أن نفهم تعبيرات من قبيل دولة بني أمية، ودولة بني العباس، ودولة بني بويه ودولة السلاجقة وغيرها، فكل دولة، في الفهم القديم، أي سلطة حاكمة في حيز مكاني وزماني ليس أكثر.
أما دلالتها الحديثة التي ترجمت عن المفردة الإنجليزية State فتشير لحالة الاستقرار والنظم، وتجربة الدولة القومية والوطنية بعد صلح وستفاليا، وقيام المؤسسات وتفعيلها وتعبيرا عن حقوق مختلف مكونات المجتمع وطوائفه وقواه، في إطار مؤسسي تنظم كل مؤسسة فيه مجالا عاما خاصا بها، وتنفصل السلطات والمؤسسات عن بعضها البعض، وتنظم الدولة في مرجعيتها الدستورية والقانونية العلاقة بين مختلف هؤلاء، وتنظم رقابة بعضها على بعض، وتقييم أداء دور كل منها وضبطه وتطويره.
الدولة الكل والرأس المؤسسي الأعلى لإدارة مختلف قطاعات الشأن العام، الداخلي والخارجي، الذي يحفظ الوطن والمواطنة والمساواة وحكم القانون ومنجز التنمية وغيرها، في الإطار الوطني الداخلي وكذلك في علاقاته الخارجية، التي تقوم على السلام والتعاون الدولي والإقليمي، وتتحمل مسؤولية الحضور في العالم، دون مغامرة أو مقامرة لا تدرك مآلاتها، كما فعل صدام حسين بالعراق أو هتلر بألمانيا، أو خوارزم بغزنة أو القذافي بليبيا أو صدقيا بأورشليم أو غيرهم من الشعبويين، وهذا الفهم يحدد معايير نجاحها وفشلها، ولعله ما انتهت اليه الأمم المتحدة في تناولها لمفهوم الحكم الرشيد أو الحوكمة.
هي العقل الكلي والمسؤول عن إدارة الوطن وحمايته ورعاية حقوق المواطن، ومعيار نجاحها الأساسى هو قدرتها على تحقيق هذين الهدفين، وتخلصها من بدائية ووحشية مفهوم ودلالة السلطة لعقلية ضابطة وروحية وتشريعية عادلة ومواطنية ترفع من مستوى عيش وحياة المواطنين، وتجنبهم المخاطر والأخطار داخليا وخارجيا.. هذا هو النجاح وغير هذا هو الفشل.. مهما كانت دعاية الحروب والانتصارات أو بكائيات الهزائم.. أو دعايات الموالاة أو المعارضة.. الحفاظ على الوطن ورعاية حقوق المواطن وتنمية مستوى عيشه وحياته.. ومن هنا أرى أن صدام كان نظاما فاشلا بامتياز، ولا تصح شعاراته ولا بما بدا من تدينه عند محاكمته عذرا له.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العربية
منذ ساعة واحدة
- العربية
شهران حاسمان.. الجيش الإسرائيلي قد يدخل مدينة غزة بأكتوبر
بينما تستعد الحكومة الإسرائيلية للتصديق على تجنيد آلاف جنود الاحتياط كشفت مصادر عسكرية إسرائيلية رفيعة أن دخول القوات الإسرائيلية مركز مدينة غزة سيبدأ في أكتوبر المقبل. واعتبرت مصادر أمنية إسرائيلية أن الشهرين المقبلين سيكونان حاسمين لعقد صفقة وتجهيز الجيش لاجتياح غزة، وفق ما نقل موقع واللا. كما أوضحت أنه جرى بحث إمكانية أن يُستخدم إقرار خطة السيطرة على القطاع الفلسطيني كـ"ورقة" تؤدي إلى صفقة تبادل أسرى. إبرام صفقة وأشارت إلى أنه من المتوقع أن تتم عملية دفع الغزيين جنوباً في أكتوبر المقبل – ما يمنح وقتاً لصياغة صفقة – لكنه يتيح أيضاً رفع الجاهزية في صفوف الجيش تمهيداً لقتال عنيف. إلى ذلك، رأت أن هذا الاحتمال، المتمثل في استخدام خطة السيطرة كورقة لمساومة من أجل صفقة تبادل أسرى، يتماشى مع قرار المجلس الوزاري الأمني–السياسي الذي نص على أن تبدأ عملية نقل السكان الغزيين في تاريخ السابع من أكتوبر. وأضافت المصادر أنه "عندما وجّه المجلس سابقاً إلى احتلال مدينة رفح، بدأ إخلاء السكان الفلسطينيين خلال أسابيع قليلة فقط – ولذلك هناك تقدير بأن تحديد موعد بعيد لإخلاء مدينة غزة جاء بهدف إتاحة فرصة أخيرة لإبرام صفقة تبادل قبل بدء العمليات العسكرية العنيفة. لكن، لهذا التأخير "مزايا إضافية أيضاً"، إذ أوضحت المصادر الأمنية أن "شهرين تقريباً من التحضير سيسمحان للجيش الإسرائيلي بالمضي في عملية تخطيط دقيقة، وإنعاش قواته، ورفع مستوى جاهزية المعدات الثقيلة مثل الدبابات، وناقلات الجند المدرعة، والمعدات الهندسية الثقيلة". وكانت الخطة، التي صدق عليها المجلس الأمني الإسرائيلي، الجمعة، أثارت غضبا غربياً وعربياً واسعاً. ووصفها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بأنها "تصعيد خطير" في الحرب المستمرة منذ 22 شهرا في قطاع غزة. كما دعت الدول الأوروبية في مجلس الأمن الدولي - الدنمارك وفرنسا واليونان والمملكة المتحدة وسلوفانيا- لعقد جلسة عاجلة في نيويورك. وقد أيدت جميع الدول الأعضاء في المجلس المقترح ما عدا الولايات المتحدة. كذلك تظاهر آلاف الإسرائيليين في تل أبيب أمس السبت، رفضا لخطط توسيع الحرب، مطالبين بوقف النار وإتاحة المجال للتفاوض، بهدف تبادل الأسرى بين الجانب الإسرائيلي وحركة حماس.

العربية
منذ 4 ساعات
- العربية
إسرائيل تصدق على تجنيد الآلاف.. تفاصيل خطة احتلال غزة
يرتقب أن يصدر مجلس الوزراء الإسرائيلي بكامل هيئته موافقته، اليوم الأحد، على خطة "احتلال غزة" التي طرحها رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو وأقرها الكابينت المصغر قبل يومين. كما من المتوقع أن تصدق الحكومة أيضا على تجنيد عشرات الآلاف من جنود الاحتياط، وفق ما أفادت القناة الـ 13 الإسرائيلية، رغم تظاهر الآلاف من الإسرائيليين وعائلات الأسرى المحتجزين في غزة، مساء أمس رفضاً لتوسيع العمليات العسكرية في القطاع الفلسطيني المدمر. فما هي تفاصيل تلك الخطة؟ تتضمن تلك الخطة استخداما مكثفا واسعا للنيران وتنفيذ عمليات قضم لمناطق عدة في مدينة غزة. كما تقضي بـ "توزيع مساعدات إنسانية على المدنيين الفلسطينيين خارج مناطق القتال"، وفق ما أفاد سابقا مكتب نتنياهو، ما فسر بحسب مراقبين على أنه خطة لدفع المدنيين إلى خارج مدينة غزة و"تهجيرهم" نحو جنوب القطاع. وكشفت مصادر لهيئة البث الإسرائيلية أن الخطة ستقوم على تطويق مدينة غزة وإجلاء نحو مليون شخص إلى مناطق جديدة ستُنشأ داخل القطاع، مع إقامة 12 نقطة إضافية لتوزيع الطعام. إلى ذلك، يرتقب أن تنفذ القوات الإسرائيلية السيطرة الكاملة على القطاع (علماً أنها تسيطر على نحو 75% منه) بشكل تدريجي. وفي السياق، قال مسؤول إسرائيلي رفيع إن الخطة الهجومية لن تنفذ على الفور، مضيفا أنه لم يُحدَّد جدول زمني دقيق بعد لبدئها، حسب ما نقل موقع أكسيوس. ما الأهداف؟ أما الأهداف المعلنة من تلك الخطة، فلخصها مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي في 4 مبادئ، ألا وهي "نزع سلاح حماس، وإعادة جميع الأسرى - أحياء وأمواتا، فضلا عن السيطرة الأمنية الإسرائيلية الكاملة على غزة وإقامة إدارة مدنية بديلة لا تتبع لا لحماس ولا للسلطة الفلسطينية". وكان آلاف المتظاهرين خرجوا إلى شوارع تل أبيب مساء السبت احتجاجا على خطة نتنياهو لتصعيد حرب غزة المستمرة منذ قرابة عامين، مطالبين بإنهاء فوري للحملة وإطلاق سراح الرهائن. فيما حذر العديد من قادة الجيش الإسرائيلي من أن هذه الخطة قد تعرض الرهائن للخطر. بالتزامن أشارت استطلاعات الرأي إلى أن الأغلبية الساحقة من الإسرائيليين تؤيد إنهاء الحرب فورا لضمان إطلاق سراح الرهائن المتبقين في غزة، وفق ما نقلت رويترز. يذكر أن المسؤولين الإسرائيليين يعتقدون أن نحو 20 أسيرا ما زالوا على قيد الحياة. وتواجه الحكومة الإسرائيلية انتقادات حادة في الداخل والخارج، منها انتقادات من بعض أقرب حلفائها الأوروبيين، بسبب إعلان الجيش نيته توسيع نطاق الحرب.


الشرق الأوسط
منذ 6 ساعات
- الشرق الأوسط
الجيش العراقي يتهم قوة من «الحشد» بمهاجمة دائرة حكومية
اتّهمت الحكومة العراقية «كتائب حزب الله» بمهاجمة دائرة حكومية في بغداد أواخر يوليو (تموز) الماضي، في حين قررت إعفاء آمري لواءين في «الحشد الشعبي» من منصبيهما. وقال رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، السبت، إن بلاده لن تتهاون في حصر السلاح بيد الدولة وفرض سلطة القانون ومكافحة الفساد. وأعلن صباح النعمان، الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة، عن نتائج التحقيق في «حادثة الاعتداء على دائرة الزراعة جنوب بغداد». وقال في بيان صحافي إن «العناصر المسلحة الذين ارتكبوا الخرق يتبعون (كتائب حزب الله)، وهم منتسبون إلى اللواءين 45 و46 التابعين لـ(الحشد)»، مشيراً إلى أنهم «تحركوا دون أوامر أو موافقات، خلافاً للسياقات العسكرية المتبعة، واستخدموا السلاح ضد منتسبي الأجهزة الأمنية».وقررت الحكومة «إعفاء آمري اللواءين (45 و46) في (الحشد الشعبي) من منصبيهما»، و«تشكيل مجلس تحقيقي بحق قائد عمليات الجزيرة في (الحشد الشعبي)، وذلك لتقصيره في مهام القيادة والسيطرة».