
واشنطن تتبنى سياسة الحذر والتدرج تجاه دمشق
منذ اندلاع الأزمة السورية، لم تستطع الولايات المتحدة بلورة سياسة واضحة وفعّالة تجاه ما يحدث هناك. والسبب ليس في غياب الرؤية، بل في كثرة الأولويات المتضاربة التي واجهتها الإدارات المتعاقبة، بدءًا من أوباما وصولًا إلى إدارة ترمب الحالية، الذي اختار نهجًا أكثر واقعية يركّز على حماية مصالح واشنطن لا حل مشاكل سوريا.
فوضى الأولويات
وأظهرت التجربة أن محاولات إدارة أوباما لقيادة عملية انتقال سياسي أو إسقاط النظام لم تنجح، بسبب ازدحام الطاولة بقضايا إنسانية وعسكرية ودبلوماسية. وكما يقول المثل: «حين تكون كل القضايا أولوية، لا تكون أي منها أولوية فعلًا».
وفي المقابل، اختارت إدارة ترمب الأولى سياسة مركزة: تدمير خلافة داعش وتقليص النفوذ الإيراني. لم تُحل الأزمة السورية، لكنها منحت واشنطن موقعًا أفضل لحماية مصالحها.
مشهد جديد
فالإطاحة المفاجئة ببشار الأسد في ديسمبر، وظهور أحمد الشرع في موقع القيادة، غيّرا ملامح الساحة.
ورغم تبني ترمب لنهج «أمريكا أولًا»، إلا أن إدارته لم تتخذ خطوات جدية لوقف التدخلات الإسرائيلية المتكررة داخل الأراضي السورية، والتي أسهمت في زيادة التوتر الإقليمي، وأعطت ذريعة جديدة لتدخلات أطراف أخرى كإيران ووكلائها. ومع كل غارة إسرائيلية، كانت دائرة الصراع تتسع، فيما اكتفى البيت الأبيض بالصمت، أو التبرير تحت شعار «ردع إيران».
وهذا الغياب للضوابط الأمريكية جعل من إسرائيل لاعبًا عسكريًا غير قابل للمساءلة،
ما أضعف جهود التهدئة، وأفقد واشنطن القدرة على ضبط المشهد أو
قيادة تحالف متماسك.
وبحسب مدير مركز الأمن الأمريكي، في معهد أمريكا أولا، الكاتب جاكوب أوليدورت، يرى أنه بدلا من التورط في معركة سياسية جديدة داخل دمشق، تقترح رؤية «أمريكا أولًا» تركيز الجهود على الأطراف وهي دعم الجهود في الجنوب لردع إيران والجماعات المتطرفة، وتحويل الوجود العسكري الأمريكي في الشرق من مكافحة داعش فقط إلى احتواء النفوذ الإيراني بالتعاون مع الحلفاء.
وما تحتاجه سوريا فعلًا ليس تصعيدًا جديدًا ولا تدخلًا غربيًا إضافيًا، بل دعمًا لاستقرار المناطق المنكوبة ومنع انفجار المزيد من الصراعات. أي مقاربة واقعية يجب أن تضع مصلحة الشعب السوري أولًا، من خلال وقف تغذية التوترات واحتواء التدخلات الإقليمية المتضاربة، تمهيدًا لمرحلة انتقالية آمنة وشاملة.
وتؤكد الرؤية التي يتبناها أوليدورت أن على الولايات المتحدة الاعتراف بأن الأزمة السورية لا يمكن حلّها حاليًا، وأن التركيز يجب أن يكون على منع المخاطر التي قد تضر بمصالح واشنطن وشركائها. فحسب تعبير ترمب بعد سقوط الأسد: «هذه ليست معركتنا».
وبالتالي، فإن إعطاء الأولوية للتهديدات المباشرة، وبناء تحالف إقليمي فعّال، يمثل الطريق العملي الذي لا يحل الأزمة فقط، بل يمنع ولادة أزمات جديدة. ملخص سياسات ترمب الحالية تجاه سوريا:
1. تقليص المساعدات الإنسانية:
قامت واشنطن بإنهاء بعض عقود المساعدات الخارجية، مما أثر على تقديم المساعدات الغذائية في دول مثل سوريا واليمن.
2. فرض تعريفات جمركية مرتفعة:
فرضت الولايات المتحدة تعريفات جمركية بنسبة 41 % على الواردات السورية، مما قد يعيق جهود التعافي الاقتصادي في سوريا بعد الحرب.
3. انسحاب جزئي للقوات العسكرية:
أعلنت الإدارة عن سحب بعض القوات الأمريكية من شمال سوريا، مما أثار انتقادات من الذين اعتبروا القرار «كارثيًا» وقد يؤدي إلى عودة ظهور تنظيم داعش.
4. حماية حقول النفط:
رغم الانسحاب الجزئي، تم الإبقاء على وجود عسكري أمريكي لحماية حقول النفط في سوريا من الوقوع في أيدي داعش.
5. إنهاء الحماية:
حيث ترى واشنطن أن الأزمة السورية لا يمكن حلّها حاليًا، وأن التركيز يجب أن يكون على منع المخاطر التي قد تضر بمصالح واشنطن.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

سعورس
منذ 9 ساعات
- سعورس
إدارة ترمب تبطل حق جامعة هارفرد في تسجيل الطلاب الأجانب
أعلنت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الخميس أنها أبطلت حق جامعة هارفرد في تسجيل الطلاب الأجانب في خضم نزاع متفاقم بين سيّد البيت الأبيض والصرح التعليمي المرموق.


الوئام
منذ 11 ساعات
- الوئام
تأكيد رسمي على مشاركة ترمب في قمة السبع بكندا
أعلنت المتحدثة باسم البيت الابيض كارولاين ليفيت، اليوم الخميس، أن الرئيس الأمريكي دونالد ترمب سيحضر قمة مجموعة السبع المقررة في كندا بين 15 و17 يونيو. وتستضيف كندا هذه السنة القمة السنوية لنادي أكبر اقتصادات العالم والتي يشارك فيها إضافة الى الولايات المتحدة كل من اليابان والمانيا وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا والاتحاد الاوروبي. وتوترت العلاقات بين واشنطن وأوتاوا بسبب تصريحات متكررة لترمب حض فيها كندا على الانضمام إلى الولايات المتحدة، وفرضه رسومًا جمركية باهظة عليها. لكن العلاقات تحسنت بعد زيارة رئيس الوزراء الكندي مارك كارني لترمب في البيت الأبيض في وقت سابق من مايو عقب فوزه في الانتخابات العامة في أبريل. وأكد كارني لترمب خلال اجتماع متوتر في المكتب البيضوي أن كندا 'ليست للبيع'، لكن الزعيمين أشادا بعدها بمحادثاتهما واعتبرا أنها أحرزت تقدمًا.


Independent عربية
منذ 15 ساعات
- Independent عربية
ألمانيا تؤسس أول وحدة عسكرية خارج أراضيها: روسيا تهديد لنا جميعا
حذر المستشار الألماني فريدريش ميرتس اليوم من أن روسيا تهدد أمن أوروبا، وذلك أثناء زيارة قام بها إلى ليتوانيا للاحتفال بتأسيس أول وحدة عسكرية دائمة ألمانية في الخارج منذ الحرب العالمية الثانية، بينما ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب أبلغ القادة الأوروبيين في "مكالمة خاصة" الإثنين الماضي، بأن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين غير مستعد لإنهاء الحرب في أوكرانيا. "تهديد لنا جميعاً" وقال فريدريش ميرتس أثناء مؤتمر صحافي في العاصمة الليتوانية فيلنيوس "هناك تهديد لنا جميعاً من روسيا... نحمي أنفسنا من هذا التهديد، لهذا السبب نحن هنا اليوم". وتهدف الكتيبة القتالية الألمانية الثقيلة التي تضم 5000 عنصر وستؤسس خلال الأعوام المقبلة، إلى تعزيز خاصرة حلف شمال الأطلسي (ناتو) الشرقية وردع أي عمل عدائي روسي محتمل. وجاء نشر الكتيبة رداً على الهجوم الروسي ضد أوكرانيا عام 2022، ويعد نشر وحدة عسكرية في الخارج بصورة دائمة أمراً غير مسبوق في تاريخ القوات المسلحة الألمانية ما بعد الحرب. وأكد ميرتس الذي تولى منصبه هذا الشهر أن الوضع الأمني داخل الدول التي تشكل الخاصرة الشرقية للـ"ناتو"، "ما زال متوتراً للغاية"، وأفاد بأن تعديل روسيا سياساتها لتصبح أكثر "عدوانية لا يهدد أمن أوكرانيا وسلامة أراضيها فحسب، بل يهدد أمننا المشترك في أوروبا" أيضاً. وأضاف "نحن عازمون معاً إلى جانب شركائنا على الدفاع عن أراضي الحلف في مواجهة أي عدوان. وأمن حلفائنا في البلطيق هو أمننا أيضاً". وتعد ألمانيا أكبر داعم عسكري لأوكرانيا بعد الولايات المتحدة. وشدد ميرتس على أن حلفاء كييف "لن يسمحوا لروسيا بدق إسفين بيننا"، وتابع "نقف بحزم إلى جانب أوكرانيا ولكننا أيضاً نقف معاً كأوروبيين، ومتى أمكن نعمل كفريق مع الولايات المتحدة". وذكر ميرتس أن برلين تأمل في أن تكون هناك "فرصة للتوصل إلى وقف لإطلاق النار ومن ثم الدخول في مفاوضات سلام"، لكنه لفت إلى أن هذه العملية قد تستغرق أسابيع إن لم يكن أشهراً. "مكالمة خاصة" في الموازاة أبلغ الرئيس الأميركي دونالد ترمب القادة الأوروبيين في "مكالمة خاصة" الإثنين الماضي، بأن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين غير مستعد لإنهاء الحرب في أوكرانيا، لأنه يعتقد أنه يحقق انتصارات، وذلك عقب مكالمته مع الرئيس الروسي، بحسب ما نقلت صحيفة "وول ستريت جورنال" عن ثلاثة أشخاص مطلعين على المناقشة. وذكرت الصحيفة الأميركية أن هذا الإقرار "شكل تأكيداً لما كان القادة الأوروبيون يعتقدونه منذ فترة طويلة في شأن بوتين"، لكنها كانت المرة الأولى التي يسمعونه فيها من ترمب، كما أنه يتناقض مع ما كان الرئيس الأميركي يقوله علناً بصورة متكررة، وهو اعتقاده أن "بوتين يريد السلام بصدق". ورفض البيت الأبيض التعليق على التقارير في شأن المحادثة، وأشار إلى منشور ترمب على مواقع التواصل الاجتماعي الإثنين الماضي حول محادثته مع بوتين، إذ قال إن "نبرة وروح المحادثة كانتا ممتازتين. لو لم تكونا كذلك لقلت ذلك الآن بدلاً من قوله لاحقاً". وقالت "وول ستريت جورنال" إنه على رغم أن ترمب بدأ يقتنع بأن بوتين غير مستعد للسلام، فإن ذلك لم يدفعه إلى القيام بما كان الأوروبيون والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يطالبون به وهو "تكثيف الضغط على روسيا". وأجرى ترمب مكالمة هاتفية سابقة مع القادة الأوروبيين الأحد الماضي، أي قبل يوم من محادثته التي استمرت ساعتين مع بوتين، مشيراً حينها إلى أنه قد يفرض عقوبات إذا رفض بوتين وقف إطلاق النار، وفقاً لأشخاص مطلعين على المحادثة. لكن بحلول الإثنين الماضي، تغير موقفه مرة أخرى. فقد عبر عن عدم استعداده لفرض العقوبات على موسكو. وبدلاً من ذلك، قال ترمب إنه يريد المضي قدماً بسرعة في محادثات على مستوى أدنى بين روسيا وأوكرانيا تعقد في الفاتيكان. فرض رسوم على الأسمدة الروسية في سياق متصل، اعتبر الكرملين اليوم الخميس أن الاتحاد الأوروبي من خلال فرضه رسوماً إضافية على الأسمدة الروسية يلحق الأذى بمصالحه الخاصة. وقال الناطق باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف خلال إحاطته اليومية "في نهاية المطاف، سيجد الاتحاد الأوروبي نفسه أمام سماد أعلى سعراً وأقل جودة"، مشيراً إلى أن "الأسواق في مجالات أخرى ستعوض هذه الرسوم الجمركية، لكن الأوروبيين سيستمرون على عادتهم" في إلحاق الأذى بمصالحهم. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) تبادل أسرى حرب في سياق آخر، قال الكرملين اليوم رداً على سؤال حول صفقة مزمعة لتبادل أسرى حرب مع أوكرانيا تتضمن إطلاق كل من البلدين سراح ألف أسير، إن العمل جار وإن الجانبين يريدان استئناف عملية التبادل في أسرع وقت ممكن. واتُّفق على عملية التبادل خلال مفاوضات عقدت بين الجانبين داخل إسطنبول الأسبوع الماضي، ضمن أول محادثات مباشرة بين روسيا وأوكرانيا منذ عام 2022. وذكرت وكالة "إنترفاكس" الروسية للأنباء نقلاً عن الكرملين اليوم أن روسيا سلمت أوكرانيا قائمة تضم ألف أسير حرب تريد استعادتهم في الصفقة، وقال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف إن الكرملين ينتظر أن تسلم أوكرانيا قائمة الأسرى الخاصة بها. استمرار الهجمات وميدانياً قالت روسيا اليوم إن دفاعاتها الجوية أسقطت 105 طائرات مسيرة أوكرانية فوق مناطق روسية، بين منتصف ليل أمس وصباح اليوم، 35 منها فوق منطقة موسكو. وذكر رئيس بلدية موسكو سيرغي سوبيانين أنه أُسقط عدد من الطائرات المسيرة التي كانت متجهة نحو المدينة. وخلال وقت لاحق قال إن الدفاعات الجوية أسقطت طائرتين مسيرتين أخريين كانتا في الطريق إلى العاصمة، وعلق الرحلات الجوية في مطاري دوموديدوفو وجوكوفسكي داخل موسكو لفترة وجيزة. وفي سياق منفصل، قالت روسيا اليوم إنها أطلقت صاروخاً من طراز "إسكندر إم" على جزء من مدينة بوكروف في منطقة دنيبروبتروفسك الأوكرانية، مما أدى إلى تدمير منظومتين صاروخيتين من طراز باتريوت ورادار. وذكرت القوات الجوية الأوكرانية أن أضراراً وقعت داخل منطقة دنيبروبتروفسك بعد هجوم، لكنها لم تحدد نوع السلاح المستخدم. وقالت وزارة الدفاع إن القوات الروسية تتقدم في نقاط رئيسة على الجبهة، وأفاد مدونون للحرب موالون لروسيا بأن القوات اخترقت الخطوط الأوكرانية بين بوكروفسك وكوستيانتينيفكا في منطقة دونيتسك شرق أوكرانيا. وقال الرئيس الأوكراني في خطابه الليلي المصور إن أعنف المعارك على الخطوط الأمامية تدور حول بوكروفسك، ولم يشر إلى أي تقدم روسي.