logo
سلام في القوقاز: اتفاق أرميني أذربيجاني برعاية أميركية ومشاركة قطرية

سلام في القوقاز: اتفاق أرميني أذربيجاني برعاية أميركية ومشاركة قطرية

العربي الجديدمنذ 6 ساعات
بعد أكثر من ستة أشهر في البيت الأبيض، أصبح للرئيس الأميركي دونالد ترامب طريقٌ دولية باسمه، تحمل اسم "طريق ترامب للسلام والازدهار الدوليين"، بعدما وقّع الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف، ورئيس الحكومة الأرميني نيكول باشينيان، أمس الجمعة، في واشنطن،
إطار عمل لتحقيق السلام
بين البلدين، ويتضمن حقوق تطوير حصرية للولايات المتحدة لممر زنغزور الاستراتيجي، الذي يمر من جنوب القوقاز. ويعدّ التوقيع، الذي لعبت قطر أيضاً دوراً فيه، "ضربة معلم" لترامب، وثمرة أشهر طويلة من التفاوض الذي أحيط بكتمان شديد، لولا بعض الكتابات التي ظلّت تشير منذ مدة للإطلالة السياسية والاقتصادية الواسعة التي بدأت تميّز تحركات أذربيجان في ملفات عدة بالمنطقة، بالإضافة إلى الحديث المتنامي عن محاولة عزل أميركية، لإيران وروسيا، في منطقة جنوب القوقاز. وقد يعدّ توقيع "سلام" أذربيجان وأرمينيا هامشياً، أمام حجم الاختراق الأميركي في القوقاز عن طريق ممر زنغزور. روسيا أبدت في السابق
عدم معارضتها
لإنشاء الممر الذي سيربط أذربيجان بمنطقة تابعة لها محاذية لتركيا عبر أرمينيا، وهو مطلب قديم لباكو، إلا أن التوقيع في البيت الأبيض يخطف من موسكو حصرية الهيمنة على الملف، والخاص باثنتين من الجمهوريات السوفييتية السابقة، فيما تعدّ إيران الخاسرة الكبرى، ضمن واحدة من الخسارات العديدة التي منيت بها أخيراً، لا سيما بعد الضربة الأميركية لبرنامجها النووي.
وقال ترامب، في البيت الأبيض مساء الجمعة، إن يريفيان وباكو تعهّدتا إرساء سلام دائم بينهما. وأضاف ترامب "تلتزم أرمينيا وأذربيجان وقفا نهائيا للقتال"، وكذلك التعاون التجاري وفتح مجال السفر وإقامة "علاقات دبلوماسية والاحترام المبتادل لسيادة وسلامة أراضيهما". كما أعلن رفع القيود المفروضة على التعاون العسكري للولايات المتحدة مع أذربيجان، بحسب ما نقلت "فرانس برس".
وبعد توقيع الاتفاق بين البلدين، اقترح الرئيس الأذري إلهام علييف ترشيحا مشترك مع أرمينيا لترامب لجائزة نوبل للسلام. وقال علييف في قمة البيت الأبيض "ربما اتّفق مع رئيس الوزراء (نيكول) باشينيان على توجيه نداء مشترك إلى لجنة نوبل لمنح الرئيس ترامب جائزة نوبل للسلام". بدوره قال باشينيان "أعتقد أن الرئيس ترامب يستحق جائزة نوبل للسلام وسندافع عن ذلك، وسنروج له".
واقع جديد في القوقاز
وتجري أمور كثيرة في جنوب القوقاز تؤشر إلى واقع جيوسياسي جديد، تؤسس له الولايات المتحدة، ويحظى كما يبدو بمباركة قوية من دول في المنطقة، وبغضّ طرف روسي، في ظلّ انهماك موسكو في الحرب الأوكرانية منذ عام 2022. ومن بين ذلك، ما جرى أمس في البيت الأبيض الذي استضاف الرئيس الأذربيجاني ورئيس الوزراء الأرميني، في قمة وصفها ترامب بـ"التاريخية"، حيث تمّ التوقيع على اتفاق سلام بين البلدين، واتفاقات منفصلة للتعاون الاقتصادي بين الولايات المتحدة وكلا البلدين.
كسبت واشنطن حقوق تطوير حصرية للممر جنوبي القوقاز
ويتضمن الاتفاق إنهاء الحرب والتوصل إلى "سلام" نهائي بين البلدين اللذين خاضا آخر مرة حرباً في عام 2023، حين شنّت باكو هجوماً و
استعادت إقليم ناغورنو كاراباخ
من الانفصاليين الأرمينيين. هذا النجاح بدعم تركي أحرج باشينيان في الداخل، حيث طالبت باكو من يريفان خطوات أخرى، بينها دستورية، لإتمام السلام. وجرى كل ذلك بالتوازي مع تراجع الدور الروسي كوسيط بين البلدين. وتعدّ علاقة موسكو بباكو ويريفان، اليوم، متوترة، لا سيما أن أذربيجان تتجه غرباً بعد شعورها بفائض القوة والاهتمام الأوروبي المتزايد بنفطها وغازها، فيما تشعر أرمينيا بمرارة الحرب وموقف موسكو منها، وهي تسارع الخطى في محاولة الانضمام للاتحاد الأوروبي.
إلى ذلك، يتضمن الاتفاق الذي وقّع أمس حقوق تطوير حصرية للولايات المتحدة لممر زنغزور الاستراتيجي الذي يمر من جنوب القوقاز.
وكانت أذربيجان قد طلبت إنشاء ممر نقل يعبر من أرمينيا ويربط الجزء الأكبر من أراضيها بنخجوان، وهو جيب أذربيجاني يقع على الحدود مع تركيا. وسيوفر الممر رابطاً جديداً بين أنقرة وباكو، وهو يمر عبر منطقة سونيك جنوب أرمينيا، ويعبر أراضي ولاية زنغزور الأرمينية التي تفصل بين البرّ الرئيس لأذربيجان وجمهورية نخجوان. وأوضح مسؤولون أميركيون، أول من أمس، لوكالة رويترز، أن أرمينيا تخطط بموجب قسم في الاتفاق تمّ التفاوض عليه بعناية في الوثائق الموقعة، لمنح الولايات المتحدة حقوق تطوير خاصة حصرية لفترة طويلة على الممر الذي يبلغ طوله 43.5 كيلومتراً، وأطلق عليه اسم "طريق ترامب للسلام والازدهار الدوليين". ويسمح الطريق للبضائع والسلع والأشخاص، بالتنقل بين تركيا وأذربيجان ومنهما إلى وسط آسيا، من دون الحاجة للمرور عبر إيران أو روسيا، ويفترض أن تدرّ التجارة عبره مليارات الدولارات سنوياً للولايات المتحدة. وبحسب موقع أكسيوس، أول من أمس، فإن إدارة ترامب بدأت العمل على المشروع منذ مارس الماضي، عندما زار المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف باكو، بعد رحلة له إلى موسكو، وذلك بتشجيع من دولة قطر. وبحسب مسؤول أميركي، فإن ويتكوف طلب من آرييه لايتستون، وهو مساعد سابق للسفير الأميركي السابق في إسرائيل ديفيد فريدمان، ومقرب من صهر ترامب جاريد كوشنر، إدارة المفاوضات. وبحسب المصدر، فإن الطريق ستحد من نفوذ إيران وروسيا في المنطقة، ووصف المشروع بـ"الترامبي للغاية". ويرتبط المشروع كذلك، في بعده غير الاقتصادي، بمحاصرة إيران، في إطار مشروع إعادة رسم خرائط المنطقة، علماً أن وكالة رويترز كانت قد نقلت قبل أيام عن خمسة مصادر، أنّ إدارة ترامب تجري مباحثات نشطة مع أذربيجان، لضمّها هي ودول أخرى حليفة في آسيا الوسطى إلى اتفاقيات أبراهام للتطبيع مع إسرائيل.
خنق إيران
وكان الممر قد أثار حفيظة إيران من روسيا العام الماضي، عندما زار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، باكو، في أغسطس/ آب 2024، وخرج وزير خارجيته سيرغي لافروف بتصريحات مؤيدة لإنشاء الممر، والذي كان بالفعل نقطة رئيسة في اتفاق وقف النار في إقليم ناغورنو كاراباخ توصلت إليه موسكو بين باكو ويريفان في 10 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020.
إحسان موحديان: الممر سيجعل الحفاظ على أمن إيران أقل أهمية
ورأى الخبير الإيراني صلاح الدين خدیو، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن إيران من الخاسرين في الاتفاق، نظراً لتداعياته الجيوسياسية والجيواقتصادية، موضحاً أن الممر ينزع من إيران "ميّزة جيوسياسية مهمة ويجعل الاتصال البرّي بأوروبا والمسارات التجارية نحو الشمال أكثر صعوبة"، ولفت إلى أن إيران عبّرت في السنوات الأخيرة مراراً عن رفضها لهذا المشروع من خلال مناورات عسكرية وتهديدات، إلّا أنّها، وكما هو حال روسيا، "غارقة حالياً في أزماتها، ما أفقدها إلى حد كبير فرصة الحضور الفاعل في القوقاز". ورأى أيضاً أن دخول الولايات المتحدة للمنطقة، في ظل العلاقات الوثيقة بين أذربيجان وإسرائيل، سيؤدي أيضاً إلى تعزيز حضور الكيان الإسرائيلي. لكن "الحديث عن حصار جيوسياسي لإيران أو إقصائها الكامل من القوقاز هو طرح مبالغ فيه"، وفق رأيه، مشيراً إلى أن مدى قدرة الولايات المتحدة، من خلال وجودها الفني والاقتصادي، على سدّ الفراغ الناجم عن تراجع الدور الروسي في المنطقة، "ما زال غير واضح، وسيتبين في المستقبل".
من جهته، قال الخبير الإيراني إحسان موحديان، لـ"العربي الجديد"، إن إنشاء الممر في جوهره "أداة لإخراج إيران من مسارات نقل البضائع والطاقة، وفرض خناق جيوسياسي عليها، ومحاصرتها بقوى معادية، سواء تمثلت في الكيان الإسرائيلي أو القوات التكفيرية أو قوات حلف شمال الأطلسي (ناتو) أو الحركات الانفصالية". وأشار إلى أن الممر، إلى جانب خسائره الاقتصادية، "سيجعل الحفاظ على أمن إيران واستقرارها أمراً أقل أهمية بالنسبة للدول الأخرى، كونها ستصبح خارج المسار الرئيسي لنقل البضائع والطاقة عالمياً". واعتبر أن تحول الولايات المتحدة إلى جارة مباشرة لإيران على حدودها الشمالية الغربية سيشكل "تحدياً خطيراً" مضيفاً في الوقت ذاته أن "يد إيران ليست خالية، فقد سبق لها أن خاضت تجربة الجوار مع الأميركيين عندما غزوا العراق واحتلوه، وقد اتخذت حينها سلسلة من الإجراءات للدفاع عن مصالحها، نجحت في بعضها وأخفقت في أخرى". وشدّد على أن "إيران ما زالت تملك فرصاً للقيام بدور في القوقاز، وإن كانت تقلّصت، إلّا أنّ عليها أن تسرّع وتيرة تحركاتها، موضحاً أنّ هذا الممر يمكن ربطه بشبكات ممرات أخرى في المنطقة صُمّمت لتجاوز إيران، مثل ممر داود الذي يُخطط لربط الكيان الإسرائيلي بسورية وشمالي العراق في إقليم كردستان، وكذلك ممر آخر من الهند ودول الخليج وصولاً إلى الكيان الإسرائيلي وأوروبا".
تقارير دولية
التحديثات الحية
أذربيجان تزاحم أرمينيا على شراكة روسيا في جنوب القوقاز
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

كوريا الجنوبية في مأزق الاستقطاب الصيني الأميركي
كوريا الجنوبية في مأزق الاستقطاب الصيني الأميركي

العربي الجديد

timeمنذ 2 ساعات

  • العربي الجديد

كوريا الجنوبية في مأزق الاستقطاب الصيني الأميركي

تصارع كوريا الجنوبية الضغوط المتزايدة من حليفتها الولايات المتحدة لاتخاذ مواقف أكثر وضوحاً في التنافس المتفاقم بين واشنطن وبكين، غير أن المصالح الاستراتيجية لكوريا الجنوبية لا تتوافق دائماً مع نهج الاحتواء الكامل تجاه الصين في ظل التقارب الأخير بين البلدين، وسعي سيول للاستفادة من علاقة بكين بنظام الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون، من أجل دفع بيونغ يانغ لوقف الاستفزازات المستمرة من جانبها. وكانت تقارير أميركية قد أفادت بأن وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) تضغط على حلفائها في المنطقة لتوضيح الدور الذي سوف تلعبه في حال نشوب صراع بين الولايات المتحدة والصين بشأن جزيرة تايوان. كما بدت واشنطن خلال الأشهر الأخيرة أكثر وضوحاً في مطالبها لحلفائها بتحمل المزيد من المسؤوليات الدفاعية في عهد الرئيس الأميركي دونالد ترامب. التحالف بين كوريا الجنوبية وأميركا من جهتها، قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية تامي بروس، في إفادة صحافية سابقة، في تعليقها على العلاقات الثنائية بين واشنطن وسيول، إن التحالف مع كوريا الجنوبية يُنظر إليه على أنه محور السلام والأمن والازدهار في شمال شرق آسيا والمنطقة، لكنها أكدت أنه يجب على سيول أن تستمر في التكيّف مع بيئة أمنية إقليمية متغيرة، وسلطت الضوء على المناقشات الجارية بشأن تحمل سيول المزيد من العبء الدفاعي. فيكتور وانغ: على سيول أن تحافظ على علاقة وثيقة مع بكين هذه التصريحات والمواقف، لا تترك لسيول سوى مساحة محدودة لتحديد موقفها في بيئة أمنية سريعة التطور، خصوصاً أن ذلك يتزامن ذلك مع تلويح الجارة الشمالية بقدراتها العسكرية وتكثيف أنشطتها الاستفزازية، الأمر الذي يحتم على كوريا الجنوبية السير على حبل التوازنات الدقيق بمرونة كبيرة لتجنب الانجرار إلى مواجهة غير محسوبة مع القوى الكبرى في المنطقة. ومع ذلك، فإن هامش المناورة آخذ في التقلص، باعتبار أن البلاد تمر بأزمات سياسية داخلية، فضلاً عن التطورات المتعلقة باندلاع صراع محتمل في مضيق تايوان. أخبار التحديثات الحية كوريا الجنوبية وأميركا تتفقان على تعاون جديد لردع كوريا الشمالية ويرى الباحث في الشأن الكوري في جامعة تايبيه الوطنية فيكتور وانغ، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن كوريا الجنوبية في موقف لا تحسد عليه، وتبدو خياراتها محدودة، فهي تدرك أنه في حال اندلاع صراع في شبه الجزيرة الكورية سوف تشكل الصين تهديداً بالتدخل لصالح حليفتها بيونغ يانغ، كما فعلت في الحرب الكورية في خمسينيات القرن الماضي لحماية أمنها ومصالحها الاستراتيجية. ويضيف: مع ذلك، على سيول أن تحافظ على علاقة وثيقة مع بكين، لأنها القوة الوحيدة القادرة على وضع حد لاستفزازات نظام كيم جونغ أون، ومنع الوضع من الخروج عن نطاق السيطرة. ويشير في المقابل إلى أن هناك دعوات أميركية صريحة لسيول من أجل تحديد موقفها بشأن احتمال الصدام الأميركي الصيني في مضيق تايوان، وهذا يضع العلاقة بين كوريا الجنوبية والصين على المحك، لافتاً إلى أن هذه الدعوات تأتي في إطار مطالبة الرئيس الأميركي دونالد ترامب صراحة بتقاسم الأدوار والمسؤوليات والأعباء الدفاعية مع الحلفاء والدول الصديقة، خاصة كوريا الجنوبية واليابان وأستراليا. ويضيف أن الولايات المتحدة كانت واضحة في هذا الشأن، عندما قالت إن السعي إلى التعاون الاقتصادي مع الصين والتعاون الدفاعي في نفس الوقت مع الولايات المتحدة، أصبح أمراً غير قابل للاستمرار. وكان وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث، قد صرح خلال حوار شانغريلا الذي عقد في سنغافورة في مايو/ أيار الماضي، بأنه من غير المنطقي أن تُنفق الدول الآسيوية المعرضة لتهديدات كوريا الشمالية والصين على الدفاع أقل من نظيراتها في حلف شمال الأطلسي (ناتو). كما حذر من أن الاعتماد الاقتصادي على الصين يُعمّق نفوذ الحزب الشيوعي، ويُعقّد مجال اتخاذ القرارات الدفاعية لدى الحلفاء في أوقات التوتر. وأضاف أن لا أحد يعلم ما ستفعله بكين في النهاية، لكنها تُجهّز نفسها، لذلك يجب أن نكون مستعدين أيضاً. كوريا الجنوبية تدفع ثمن استراتيجية ترامب من جهته، يقول أستاذ الدراسات السياسية في معهد قوانغ دونغ، لين تشين، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن كوريا الجنوبية تدفع ثمن التحوّل الذي شهدته الاستراتيجية الأميركية في عهد دونالد ترامب، حيث عمل الرئيس الأميركي أخيراً على ربط الأمن بالاقتصاد، وبالتالي وجدت الدول الحليفة نفسها عند مفترق طرق، فهي من جهة تعتمد على المظلة الأمنية الأميركية، ومن ناحية أخرى ترتبط بعلاقات اقتصادية وثيقة مع الصين، وهذا أمر بات مرفوضاً بالنسبة للإدارة الأميركية. لين تشين: كوريا الجنوبية تدفع ثمن التحوّل الذي شهدته الاستراتيجية الأميركية في عهد ترامب ويلفت إلى أن المظلة الأمنية الأميركية شهدت أيضاً توسعاً في المنطقة، فبعد أن كان التركيز منصباً على ردع التهديدات الكورية الشمالية، امتد ليشمل تغطية منطقة المحيطين الهندي والهادئ، مع زيادة الأنشطة العسكرية في محيط تايوان، لذلك وجد الحلفاء أنفسهم مطالبين بتقديم إيضاحات بشأن مواقفهم من أي صراع محتمل بين بكين وواشنطن، في حال أقدم الجيش الصيني على استعادة تايوان بالقوة العسكرية. يشار إلى أن الرئيس الكوري الجنوبي المنتخب حديثاً لي جاي ميونغ، والذي يعرّف نفسه بأنه براغماتي، كان قد أكد خلال مناظرة تلفزيونية قبل توليه منصبه في يونيو/ حزيران الماضي، على الحاجة إلى التوازن. وقال: لا ينبغي لنا استبعاد الصين وروسيا أو استفزازهما، ويجب أن تُعطي الدبلوماسية الأولوية دائماً للمصلحة الوطنية، وأن تُعامل بواقعية، كما يجب تجنب الانجرار إلى أي صراع، في إشارة إلى تايوان. تقارير دولية التحديثات الحية أميركا تجسّ نبض حلفائها حول تايوان: تجنّب مواجهة مباشرة مع الصين

دبلوماسية مداخل الخير ومخارج الشر
دبلوماسية مداخل الخير ومخارج الشر

العربي الجديد

timeمنذ 3 ساعات

  • العربي الجديد

دبلوماسية مداخل الخير ومخارج الشر

(1) لعلَّ عنوان المقال قد يريب بعضهم، فأنا لا أكتب موعظة عن الخير والشرّ، وإنّما أحدّث هنا عن الدبلوماسية، وعمّا لحق بها من تحوّل لا يخفى على الناظر، لما آلت إليه أحوال العالم من حولنا. لقد ارتأى العالم بعد الحرب العالمية الثانية أن يكون للمجتمع الدولي صوت للسلم يعلو على صوت الحرب، وأن تودّع البشرية الصراعات الدموية، فترفرف حمامات السلام في أنحاء العالم. توافق كبار العالم مع صغاره على أن تسود مبادئ التعايش والمشاركة، وتأسّست على المبادئ والقيم، كيانات ومؤسّسات وهياكل لتحفظ السلم والأمن الدوليين. رأس الحربة الفاعلة لذلك كلّه هي أساليب الدبلوماسية وآلياتها، التي تعتمد التفاوض والحوار سبيلين لتجنّب الصراعات والحروب في الساحة الدولية. (2) لكن الحروب التي تجري بتقنيات التواصل الرّقـمي بصورة غير مباشرة، تركت المُـدن والقـرى أشبه بما جاء من وصفٍ في الكتاب الكريم عن رمي الطير حجارةً من سجِّيل، لتترك البشر والحجر عَصفاً مأكولاً. أو ليس ذلك ما فعله أبالسة الكيان الإسرائيلي في غزّة، بمن حسبوهم أصحاب الفيل، أو هو ذلك الذي شهدناه من أبالسة السُّـودان وهم يدمّرون بلادهـم؟... صارت تلك الحروب (ومثيلاتها) تستعر في الأنحاء لتشكِّل تحدٍياً تقـف معه الأمم المتحدة عاجزةً كلَّ العجز عن ملاحقة آثارها والتصدّي لتبعاتها، ثمّ إحلال السلم والأمن الدوليَّين آخر الأمر. تعتمد الدبلوماسية وآلياتها على التفاوض والحوار سبيلين لتجنّب الصراعات والحروب في الساحة الدولية التطوّرات المُتسارعة في التسلّح الرقمي، والتي بدتْ جليةً في الحروب الناشبة هنا وهناك، تركتْ آليات حفظ السـلم والأمن الدوليَّين تسير بأبطأ من مشي السلاحف. ذلك ما أفضى إلى ما نرى من تراجع في فعّالية المنظّمة الأممية، واستغراقها في أساليب تجاوزتها ثورة التطوّر الرقمي في التواصل، وكان الأحرى أن تلتفت المنظمة لسدِّ ثغرات نقصان فعاليتها، وأن تعيد النظر ليس في أساليب عملها فقط، بل في مواثيقها واتفاقياتها ولوائحها. (3) لئنْ تجرّأت الإدارة الأميركية تحت قيادة الحزب الجمهوري، مثلما نشهد أداءها حالياً تحت قيادة دونالد ترامب، الذي انسحب من عديد من الاتفاقيات والهياكل الدولية، فإنَّ على الأمم المتحدة ألا تلومنّ إلا نفسها لو تجاوز الرئيس الأميركي صلاحياتها واستولى على أدوارها. بات واضحاً أنَّ الرجل يستخفَّ استخفافاً بائناً بالمنظمة الأممية وبهياكلها وآلياتها، واتخذ لنفسه أسلوباً يتولى عبره حلحلة المشكلات الدولية، بما في ذلك تسوية الصراعات والحروب الناشبة في أنحاء العالم، عبر مبادراته الشخصية. طبيعة شخصية رجلِ مثل دونالد ترامب يجيد الصفقات التجارية الناجحة، يجد في خبراته الشخصية ما يعينه بتلك الذهنية على تحقيق صفقات سـياسـية على المستوى الدولي فيعقد المصالحات ويوقف الحروب، غير أن أساليب الدبلوماسية الناعمة التي لا تتوافق مع "ذهنية الصفقات" تلك، تحيله على الاعتماد على رسله ومبعوثيه الشخصيّين، من دون أن يعبأ كثيراً بتقارير وزارة خارجيته ودبلوماسيّيها التقليديين، أو حتى الاهتمام بما يخرج من دراسات من مراكز العصف الذهني السياسية الأميركية. تراجعت إلى ذلك اهتمامات الإدارة الأميركية الحالية بالدبلوماسية الناعمة. لعلَّ من أقدار مبتكر سياسة الدبلوماسية الناعمة، جوزيف ناي، أن يودّع الحياة هذا العام (2025) في عهد رئيس أميركي يُعدُّ المعارض الأول للدبلوماسية الناعمة. فإنّ مداخل الخير قد تتمثّل في الدبلوماسية الناعمة، وتبقى مخارج الشرّ النتيجة الحتمية للدبلوماسية الخشنة (4) أوردت مواقع إعلامية عديدة كيفَ تزامن رحيل منظّر الدبلوماسية الناعمة البروفسور جوزيف ناي، مع علوّ أسهم الرئيس الأميركي الذي يؤمن بالقدرة على إجراء التسويات واستعمال القوة الخشنة المؤثّرة. أمّا الدبلوماسية الناعمة التي روّجها ذلك المنظر الأميركي، الذي توفي في مايو/ أيار الماضي، فهي إهدار محض للجهد والوقت. تقلّد جوزيف ناي (ولد في 1933) عدة مواقع نافذة ومؤثّرة خلال حِقب حكم الديمقراطيين للإدارات الأميركية المتعاقبة. ولقد اعتمدت الخارجية الأميركية خلال العقود الماضية الدبلوماسية العامّة سبيلاً فعّالاً في مجال علاقاتها الدولية، بديلاً مرادفاً للدبلوماسية الخشنة. ظلّت الدبلوماسية العامّة من أهم الدوائر في وزارة الخارجية الأميركية، لارتباط الديمقراطيين على ما يبدو بذلك النوع من الدبلوماسية، فمن طبيعة الرئيس الأميركي الحالي الغلو في معارضة تلك الدبلوماسية. (5) اتبعت دولٌ كثيرةً شيئاً من هذه الدبلوماسية، ولم تكن ممارسة أميركية محضة. لعلَّ من أساليب تلك السياسة المتبعة في بريطانيا على سبيل المثال، تلك الأدوار التي يقوم بها المجلس البريطاني في توطيد أواصر التواصل الثقافي لتحسين العلاقات في مجال السياسة الدولية. كما أن أوضح مثل لفاعلية الدبلوماسية الناعمة نجاحها في إزالة جدار برلين في ألمانيا، من دون اللجوء إلى استعمال أيّ قوة خشنة. اندلاع الحروب لا يفسّره جزئياً إلا الغلوّ في استعمال القوة الخشنة، في مقابل تجاهل القوة الناعمة. وحتى ينتصح من يتحرّى النصيحة، فإنّ مداخل الخير قد تتمثّل في الدبلوماسية الناعمة، وتبقى مخارج الشرّ النتيجة الحتمية للدبلوماسية الخشنة.

العالم يعود القهقرى إلى الخمسينيّات
العالم يعود القهقرى إلى الخمسينيّات

العربي الجديد

timeمنذ 3 ساعات

  • العربي الجديد

العالم يعود القهقرى إلى الخمسينيّات

تتصاعد اعتراضات شرائح اجتماعية واسعة في أوروبا على استمرار الدعم التسليحي والمالي لتل أبيب، لكن مسؤولاً رفيعاً، هو المستشار الألماني فريدريش ميرز، لخّص موقف حكومة بلاده بالقول "إن الأصدقاء قد يوجّهون انتقادات لبعضهم، غير أنهم يرفضون توقيع عقوبات ضدّ بعضهم بعضاً". وقد قادتْ ألمانيا حملةً داخل مؤسّسات الاتحاد الأوروبي لمنع توقيع أيّ عقوباتٍ على دولة الاحتلال، بالتزامن مع شنّ حملة دبلوماسية تدعو حكومة بنيامين نتنياهو إلى وقف إطلاق النار وإنهاء الحرب على غزّة. (في وقت متأخّر أمس الجمعة، أعلن المستشار ميرز وقف بلاده تصدير اسلحة عسكرية إلى تل أبيب يمكن استخدامها في غزّة، وهي خطوة جيدة تستحق استكمالها والبناء عليها، من أجل الضغط الفعلي على حكومة نتنياهو). دولة أخرى على جانب من الأهمية هي بريطانيا، صعّدت حملتها الدبلوماسية على حكومة نتنياهو، ووصفت على لسانَي رئيس وزرائها، كير ستارمر، ووزير الخارجية ديفيد لامي، السلوك الإسرائيلي في غزّة بأنه "مقزّز". غير أن حكومة حزب العمّال لا تتطرّق إلى العقوبات، ولا إلى وقف تصدير الأسلحة والمعدّات العسكرية، ولا إلى وقف التعاون الاستخباراتي مع العمليات الإرهابية التي ترتكبها حكومة نتنياهو ضدّ جموع المدنيين في القطاع. وقبل أيام كشفت صحيفة التايمز عن تعاون بريطاني في مجال تتبّع البحث عن الأسرى الإسرائيليين، بالتوازي مع الضغط الذي يمارس على هيئات ناشطة ضدّ حرب الإبادة، وبالذات هيئة "بالستاين آكشن". ولا يختلف الوضع كثيراً في ألمانيا، فالتنديد بحرب الإبادة هناك يُعتبر (من وجهة نظر السلطات) أقرب ما يكون إلى نشاطٍ معادٍ للسامية. ومن أجل البرهنة على عدم العداء للسامية ينبغي غضّ النظر عن الحرب الوحشية التي تخوضها حكومة نتنياهو ضدّ سكّان غزّة، فيما أوجُه التعاون مع الأصدقاء في تل أبيب على حالها، إذ إن الولوغ الإسرائيلي في هذه الحرب القذرة، لا يمسّ نيّات الصداقة مع مجرمي الحرب، وهو ما حمل الممثّل الأعلى للاتحاد الأوروبي السابق، جوزيب بوريل، على القول في مقال كتبه في "الغارديان" إن من لا يتحرّك لوقف هذه الإبادة الجماعية، وهذه الانتهاكات (مع امتلاكه القدرة على ذلك)، يُعدُّ متواطئاً فيها. من المشين أن يكون الدعم الفعلي لحرب الإبادة هو المدخل إلى حلّ الدولتَين، أو البرهان على سلامة السياسات أمّا واشنطن، مع الولاية الثانية لدونالد ترامب، فإنها لا تكتُم تطابق مواقفها مع حكومة المتطرّفين في تل أبيب، فالسعي إلى الاستيلاء على الضفة الغربية وضمّها للدولة العبرية تنظر إليه هذه الإدارة إنجازاً وخطوةً قابلةً للنجاح، بينما يوكل مصير غزّة إلى إسرائيل لتقرّر فيها ما تشاء حسب الرخصة المفتوحة الممنوحة من سيّد البيت الأبيض، فيما تتفاقم الحملة المكارثية في بلاد العم سام ضدّ كلّ من يقف مع حقوق الفلسطينيين، بمن في ذلك مسؤولو الأمم المتحدة ووكالاتها وهيئاتها. لم يخطر ببال الأجيال الجديدة أن عواصم زاهرة في الغرب يمكن أن تتخلّى عن ادّعاءاتها بنصرة حقوق الإنسان إلى هذه الدرجة، ومعها حقوق الأطفال والنساء والمسنّين، وقيم الحرية والمساواة وبقية قيم التنوير، من أجل تركيز الحرب على كلّ ما في قطاع ساحلي بمساحة 360 كيلومتراً مربّعاً. غير أن هذا التوحّش (دعك من التعاطف اللفظي الذي يدحضه الدعم السخي لحكومة مجرمي الحرب). ودعك حتى من تأييد حلّ الدولتَين، فمن المشين أن يكون الدعم الفعلي لحرب الإبادة المدخل إلى حلّ الدولتين، أو البرهان على سلامة السياسات. ويغدو الأمر أكثر إثارة للتأمّل مع استذكار أن غزّة قد نالها من قبل نصيب من حرب غربية عليها، ففي أكتوبر/ تشرين الأول من العام 1956 تعرّضت غزّة، إلى جانب بورسعيد المصرية، لحرب إسرائيلية مدعومة من بريطانيا في ما عرف بالعدوان الثلاثي. وقد شاركت آنذاك بريطانيا وفرنسا في هذه الحرب التي ارتُكبت فيها مجازر في القطاع، وبالذات في خانيونس، إلى جانب ما لحق بمدن بورسعيد والسويس من تدمير. وقد ضغطت الولايات المتحدة آنذاك مع الاتحاد السوفييتي لوقف الحرب وانسحاب القوات الإسرائيلية الغازية من قطاع غزّة، وعادت الإدارة المصرية إليه. "الجدال لم يعد حول حقوق الإنسان، بل حول من يُستثنى من هذه الحقوق حين تتعارض مع المصالح الغربية ومنذ خريف العام 2023 شاركت واشنطن مع عواصم غربية في دعم الحرب الشاملة على غزّة. وبدّلت هذه العواصم شعاراتها في حربها الجديدة الى الدفاع عن النفس ومكافحة الإرهاب، لكنّها حافظت على نهجها الاستعماري المشحون بأيديولوجية التفوق و"الصراع الحضاري" والاستهانة بحياة البشر الآخرين، وفي واقع الحال إن التفوّق التسليحي وشبكات الدعم وفّرا غطاءً كافياً لشنّ حرب وحشية شاملة، أصابت شرائح اجتماعية واسعة في الغرب بصدمة شديدة، وخاصّة في صفوف من كانوا مؤيّدين للصهيونية والدولة العبرية من الأجيال الجديدة، الذين استيقظوا على حقيقة أن الدولة الإسرائيلية نشأت في أرض فلسطين في العام 1948، وارتُكبت مجازر ضدّ أبناء البلاد، لتمكين الدولة الجديدة من الولادة في أجواء من احتفالات دموية، وأن هذ الدولة تنمو وتتوسّع بالدعم الغربي، وبارتكاب المزيد من المجازر، مع المواظبة على محاولة استئصال الشعب الفلسطيني، وهو ما يحدث منذ 22 شهراً بصورة علنية واستعراضية في غزّة، فيما يزعم أوروبيون، وعرب كثر، أنه ليس في أيديهم ما يمكنهم فعله لوقف هذه الفظائع، لكنّ في وسعهم العمل حينما يتعلّق الأمر بأطراف أخرى في عالمنا غير دولة الاحتلال. صدمة الوعي هذه لدى الأجيال الجديدة في الغرب تجد ما يناظرها لدى شرائح واسعة في المجتمعات العربية في نظرتها إلى الغرب، إذ هناك في تلك الدول المتقدّمة من يتمسّك بحقوق الإنسان وينبذ العنصرية، ويقف مع العدالة في كلّ مكان، وهناك لدى المؤسّسات الكبيرة الأكاديمية والإعلامية والحزبية ومجمّعات رجال الأعمال في الغرب من لا يمانع في تجديد النظرة الاستعمارية إلى الشرق، وهذا الشرق بات يضمّ الصين، وبدرجة أقلّ روسيا مع العرب والدول الإسلامية، وكأنّ العالم يعود القهقرى إلى أواسط القرن الماضي، مع رياح لافحة من أجواء الحرب الباردة، وطبعاً بمواصفات جديدة، ومع تغيّر في تموضع بعض المصطفّين، ومع دخول العوامل الاقتصادية والتكنولوجية في معادلات موازين القوى.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store