
أخبار العالم : اتفاق أمني بين العراق وإيران يثير قلق واشنطن
نافذة على العالم - صدر الصورة، Reuters
Article Information Author, حيدر أحمد Role, بي بي سي عربي
قبل 2 ساعة
شدّ وجذب جديد بين العراق والولايات المتحدة، والسبب إيران.
الاتفاقية الأمنية التي وقعها العراق وإيران في الحادي عشر من أغسطس/ آب في إطار "تعزيز العمل الأمني المشترك على الحدود العراقية-الإيرانية" التي تمتد لأكثر من 1400 كيلومتر، أثارت حفيظة الولايات المتحدة، التي تعمل على تحييد نفوذ إيران في المنطقة من خلال استهداف حلفاءها ومصالحها، بينما تسعى إيران للحفاظ عليها.
الاتفاقية، التي أُعلن عن توقيعها في العراق بين مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي، والأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي لاريجاني، وبرعاية رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، لقيت رداً من المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية، تامي بروس.
ففي معرض ردها على سؤال من شبكة رووداو الإعلامية الكردية العراقية، عمّا إذا كان لدى الولايات المتحدة الأمريكية مخاوف من الاتّفاق لا سيما وأن واشنطن عبّرت عن قلقها بشأن قانون الحشد الشعبي الذي يعمل على شرعنة التنظيم الإداري له، قالت بروس إنّ بلادها تعارض "أي تشريع يتعارض مع أهداف شراكتنا ومساعدتنا الأمنية الثنائية، ويتناقض مع جهود تعزيز المؤسسات الأمنية العراقية القائمة".
وأكدت بروس أن واشنطن تدعم "السيادة العراقية الحقيقية، وليس التشريعات التي من شأنها أن تحوّل العراق إلى دولة تابعة لإيران"، مضيفة أن "مستقبل الأوطان يجب أن يكون بأيدي شعوبها، وبالتأكيد، فإن هذا التوجّه، كما أوضحنا، يتعارض مع التزامنا العام تجاه الأمن".
لكن أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد، الدكتور علاء مصطفى، أوضح أنَّ "العلاقة العراقية-الإيرانية بعد زيارة لاريجاني إلى بغداد لا تنحصر في معالجة الحدود المشتركة بين البلدين، وإنما تشمل أموراً استراتيجية، لا سيما أنَّ إيران تعاني من مخاطر اختراقات حدودية، وقد سجلت ملاحظات كثيرة خلال حرب الأيام الـ12 مع إسرائيل".
ويقول إن "القضية الآن تتعلق بأمن مشترك، وحتى تصريحات لاريجاني في بيروت حول الاتفاقية مع العراق أوحت بأنها تتعلق بأمن البلدين، وبالتالي فإن هذه العلاقة ترتقي إلى علاقة استراتيجية، وهي جزء من استعداد إيران للمواجهة المقبلة".
ويؤكد أن "هذه الاستعدادات هي ما يثير حفيظة الولايات المتحدة الأقرب إلى إسرائيل، لا سيما أن الإيرانيين يقولون إن حربهم لم تنتهِ بعد".
ويعتقد مصطفى أن "الولايات المتحدة استشعرت وجود دعم، وإن لم يكن مطلقاً، من طهران لرئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، مبيناً أن هذا الدعم أوحى بأن رئيس الوزراء قريب جداً من إيران".
لماذا لم تعترض واشنطن على اتفاق مارس/آذار 2023
وعن أسباب عدم اعتراض الولايات المتحدة أو الدول الغربية بشأن اتفاقية العراق وإيران الأمنية في 19 مارس/آذار 2023، كما حصل الآن أوضح مصطفى، بأن الاتفاقية التي تم توقيعها حينها "كانت واضحة وصريحة وتتعلق بمجاميع معارضة، وهذا يُعدّ من الشؤون الداخلية للدول، ولذلك لم يُسجَّل أي اعتراض".
ووقع العراق وإيران في 19 مارس/ آذار 2023 ببغداد اتفاقاً أمنياً يهدف إلى تعزيز التنسيق في حماية الحدود المشتركة، إلى جانب توسيع مجالات التعاون الأمني بين البلدين.
وبحسب وزارة الخارجية الإيرانية، تضمن الاتفاق في أبرز بنوده نزع سلاح المجموعات الانفصالية المسلحة التي تصفها طهران بـ "الإرهابية" والمتواجدة في إقليم كردستان، وإخلاء الثكنات العسكرية التابعة لها، على أن تُنقل عناصرها إلى مخيمات تخصصها الحكومة العراقية لهذا الغرض.
كما شددت اللجنة العليا لتنفيذ الاتفاق الأمني المشترك بين بغداد وطهران آنذاك على ضرورة إخلاء مقار الجماعات والأحزاب الكردية الإيرانية المعارضة لإيران والمنتشرة في أراضي إقليم كردستان، بشكل نهائي، تمهيداً لمنح أفرادها صفة لاجئين.
رد بغداد: العراق دولة ذات سيادة كاملة
السفارة العراقية في واشنطن ردت على تصريحات بروس مؤكدة أن "العراق ليس تابعاً لسياسة أي دولة".
وقالت في بيان، "إن العراق دولة ذات سيادة كاملة، وله الحق في إبرام الاتفاقيات ومذكرات التفاهم وفقاً لأحكام دستوره وقوانينه الوطنية، وبما ينسجم مع مصالحه العليا، وأن قراراته تنطلق من إرادته الوطنية المستقلة"، موضحاً أن الاتفاقية "تأتي في إطار التعاون الثنائي لحفظ الأمن وضبط الحدود المشتركة، وبما يحقق استقرار البلدين وأمنهما، ويخدم أمن المنطقة ككل".
هذا الرد يعتبره مصطفى أنه "لم يأت من فراغ وهي المرة الأولى" على حد قوله. ويتابع "الرد أتى بعد زيارة لاريجاني إلى بغداد، ويعتقد أن "لاريجاني أعطى جرعة من الدعم، الذي انعكس على السياسية الخارجية العراقية".
من جانبها، أدانت السفارة الإيرانية في العاصمة العراقية بغداد ما وصفته بـ"الموقف التدخلي" للولايات المتحدة الأمريكية تجاه العلاقات الثنائية بين طهران وبغداد.
وقالت السفارة في بيان، إن إيران والعراق يمتلكان "إرادة مشتركة" لتعزيز العلاقات بين الشعبين على أساس حسن الجوار والاحترام المتبادل، معتبرة ذلك "ضماناً للسلام والاستقرار والأمن" على حدودهما وفي المنطقة.
وأضافت أن تصريحات المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية، الرافضة لتوقيع مذكرة تفاهم للتعاون بين البلدين في مجال تعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب، تمثل "تدخلاً غير مقبول" في شؤون دولتين مستقلتين، و"دليلاً على النهج المزعزع للاستقرار" الذي تتبعه واشنطن في المنطقة، وفق البيان.
ورأت السفارة أن هذه المواقف تمثل "انتهاكاً لمبادئ ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي القائم على التعاون بين الدول".

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


نافذة على العالم
منذ 11 ساعات
- نافذة على العالم
أخبار العالم : لماذا تعتبر معركة كردفان حاسمة في الحرب السودانية؟
السبت 16 أغسطس 2025 12:00 مساءً نافذة على العالم - صدر الصورة، Getty Images التعليق على الصورة، يشهد إقليم كردفان حالياً قتالاً ضارياً بين الجيش والدعم السريع الذي يُكّثف هجماته في الإقليم. Article Information Author, أحمد الخطيب Role, بي بي سي قبل 15 دقيقة لا يزال المشهد السوداني معقداً في ظل فشل أيّ من طرفي الصراع في حسْمه لصالحه وفرض سيطرته على ثالث أكبر بلد أفريقي. وتتجه الأنظار حالياً إلى الغرب السوداني، وإقليم دارفور، الذي تسيطر قوات الدعم السريع عليه كله باستثناء عاصمة ولايته الشمالية، الفاشر، لتكون بذلك آخر مدينة رئيسية في الإقليم تحت سيطرة قوات الجيش النظامي. ومنذ أبريل/نيسان 2024، تفرض قوات الدعم السريع حصاراً خانقاً على الفاشر، فشلت في كسره القوات النظامية حتى الآن. وإلى الشرق من الفاشر والغرب من الخرطوم، يقع إقليم كردفان، الذي يشهد حالياً قتالاً ضارياً بين الجيش والدعم السريع الذي يُكّثف هجماته في الإقليم. وإذا كان الجيش النظامي قد تمكّن في عدة مناطق بينها الخرطوم والنيل الأبيض من طرد قوات الدعم السريع، فإن الأخيرة تسيطر الآن على أجزاء في شمال وغرب كردفان وعلى جيوب في جنوب كردفان والنيل الأزرق، فضلاً عن أربعٍ من ولايات إقليم دارفور الخمس. وكانت قوات الدعم السريع أعلنت في يونيو/حزيران الماضي السيطرة على منطقة المُثّلث الاستراتيجية في أقصى الشمال الغربي للبلاد والتي تشكل نقطة التقاء محورية بين السودان وليبيا ومصر- في محاولة لفتْح مسار إمداد آمِن لإحكام السيطرة الكاملة على إقليم كردفان، فضلاً عن تعزيز السيطرة على إقليم دارفور. ويرى مراقبون أنه لو تمّ لهذه القوات السيطرة على كردفان، فإن ذلك كفيل بأن ينتهي إلى تقسيمٍ جديد للسودان- بين الدعم السريع في الغرب والجيش النظامي في الشرق. صدر الصورة، Social Media التعليق على الصورة، خريطة توضح موقع إقليم كردفان. "ساحة صراع حاسمة ورمز للقوة والنفوذ السياسي" وفي حديث لبي بي سي، رأى الخبير العسكري والاستراتيجي السوداني، العميد جمال الشهيد، أن إقليم كردفان يعدّ "ساحة صراع حاسمة في هذه الحرب المستعرة منذ أكثر من عامين". وحول أهمية كردفان الاستراتيجية، قال الشهيد، إن "الإقليم بحُكم موقعه الجغرافي يُشكّل حزاماً دفاعياً استراتيجياً بين وسط السودان وغربه، وإن السيطرة عليه تمثّل مفتاحاً للتحكم في خطوط الإمداد العسكري بين الخرطوم ودارفور والميناء الرئيسي ببورسودان". وأشار الشهيد إلى أن "إقليم كردفان يحتوي على مطارات يمكن استخدامها في النقل العسكري والدعم اللوجستي لأي من طرفَي الصراع، كما أن الإقليم قريب من مناطق النفط والذهب ما يجعله هدفاً رئيسياً لأيّ طرف يريد السيطرة على موارد لتمويل الحرب". وعلى الجانب الآخر، يؤكد عمران عبد الله، مستشار قائد قوات الدعم السريع، أهمية إقليم كردفان الاستراتيجية، كـ "محور رئيسي في الصراع الدائر في السودان، لكَونه يربط بين شرق وغرب وشمال وجنوب البلاد". وفي حديث لبي بي سي، لخّص عمران الأهمية العسكرية لإقليم كردفان بأنه "ممرّ مُهمّ للقوات العسكرية والإمدادات، حيث يربط بين دارفور ومركز البلاد، بما في ذلك الخرطوم". وأشار عمران إلى مدينة بابنوسة في ولاية غرب كردفان، والتي تحتوي على محطة قطار رئيسية تربط غرب السودان بشرقه وشماله بجنوبه. وعن الأهمية السياسية لكردفان، قال مستشار قائد الدعم السريع إن "الإقليم يُعدّ رمزاً للقوة والنفوذ السياسي في السودان، وإن السيطرة عليه يمكن أن تعزز من موقف قواتنا في الصراع". وعن الميزات الاقتصادية، يحتوي إقليم كردفان على موارد هامة كالزراعة لا سيما مشروع الجزيرة، فضلاً عن الثروة الحيوانية، وفقاً لعمران عبد الله. "الذين يراهنون على تقسيم السودان هم كمَن يراهن على السراب" صدر الصورة، Getty Images التعليق على الصورة، رئيس مجلس السيادة السوداني وقائد الجيش الفريق عبد الفتاح البرهان (يميناً) ومحمد حمدان دقلو الشهير بحميدتي قائد قوات الدعم السريع (يساراً). وبسؤاله عن التقسيم، نفى عمران في حديثه لبي بي سي، وجود أيّ نيّة لدى قوات الدعم السريع في تقسيم السودان، مؤكداً أن هذه "ادعاءات وأكاذيب من قِبل 'الحركة الإسلامية' التي أشعلتْ الحرب وتحاول تشويه صورة الدعم السريع وتشتيت الأنظار عن الفشل في حسم المعركة عسكرياً"، على حد تعبيره. من جانبه، رأى العميد جمال الشهيد أن فكرة التقسيم قد طُرحتْ أكثر من مرة وباءت بالفشل، قائلاً إن "الذين يراهنون على تقسيم السودان هم كمَن يراهن على السراب". وأوضح الشهيد في حديثه لبي بي سي: " بُحكم تعقيداته الإثنية والديموغرافية، من الصعوبة بمكان أن يتمّ تقسيم السودان؛ خاصة وأن الدعم السريع لا يُعبّر عن كل مكونات أهل دارفور القبَلية التي تقف ضد مشروع التقسيم بالأساس". "علاوة على أن تاريخ إقليم دارفور حافل بالاحتراب بين قبائل عربية وأفريقية، مما يُصعّب من عملية التقسيم ويجعلها شديدة التعقيد؛ وحتى لو قامت دولة فستشهد احتراباً داخلياً ما سيُلقي بظلاله على دول الجوار والإقليم بشكلٍ أوسع"، وفقاً للشهيد. ويتفق ياسر زيدان، الباحث في شؤون القرن الأفريقي بجامعة واشنطن، مع هذا الرأي الأخير، قائلاً إن "إقليمَي كردفان ودارفور لن يدِينا للدعم السريع، لاشتمالهما على مكوّنات محلية غير عربية قائمة ولا تزال تدافع وتقاتل في كردفان والفاشر". "كما أن المجازر التي ارتكبها وما زال يرتكبها الدعم السريع بحقّ هذه المجتمعات المحلية والأصلية ستجعل من الصعب أن تستقر هذه السلطة التي يسعى إليها الدعم السريع في تلك المناطق"، وفقاً لزيدان. وفي حديث لبي بي سي، أشار الباحث بجامعة واشنطن إلى "فشل الدعم السريع في تجارب سابقة في تقديم نموذج حُكم في مناطق سيطرته مثل الجزيرة وسنار والخرطوم قبل تحريرها من قِبل الجيش السوداني". ونوّه الباحث زيدان إلى أن "الدعم السريع لا يطمح في دولة صغيرة قِوامها دارفور وكردفان؛ وإنما مشروعه لكلّ السودان، وفق ما كان يردّد". "تهديد وحدة الأراضي السودانية" التعليق على الصورة، خريطة توضح موقع إقليم دارفور. وفي يوم الأربعاء الماضي، رفض مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة خُططاً تقدّمتْ بها قوات الدعم السريع ترمي إلى تدشين حكومة منافِسة في المناطق التي تسيطر عليها. وحذّر مجلس الأمن، في بيان شديد اللهجة، من مثل هذه الخطوة الكفيلة بـ "تهديد وحدة الأراضي السودانية"، فضلاً عن تأجيج الصراع الدائر على الأرض. يُذكر أن السودان وجنوب السودان كانتا دولة واحدة حتى عام 2011، حين أعلنت الأخيرة الاستقلال بعد عقود من الصراع مع الشمال، وقبل هذا الانفصال، كان السودان أكبر دولة أفريقية من حيث المساحة. وشهد إقليم دارفور، غربي السودان، عملية "إبادة جماعية" في 2003 راح ضحيّتها وفقاً لتقديرات الأمم المتحدة نحو 300 ألف نسمة غالبيتهم من أصل أفريقي ينتمون لقبائل الزغاوة والمساليت والفور، وذلك بأيدي قوات نظامية سودانية وميليشيات عربية موالية لها تُسمى الجنجويد "الدعم السريع حاليا". صدر الصورة، Reuters التعليق على الصورة، بحسب تقديرات الأمم المتحدة، فإن حوالي 637 ألف سوداني يعيشون الآن في مجاعة. وبالعودة إلى كردفان، يواجه سُكان الإقليم الذي يشتهر بمزارع القمح والذُرة الرفيعة، الموت جوعاً، بعد أن دمّر العنف بين الطرفين المتقاتلين المحاصيل الرئيسية، بحسب تصريحات العديد من المسؤولين في الإقليم. وتتهم الأمم المتحدة طرفَي الصراع في السودان باستخدام الجوع كسلاح، وبحسب تقديرات الأمم المتحدة، فإن حوالي 637 ألف سوداني يعيشون الآن في مجاعة، وإن حوالي ثمانية ملايين إنسان في حاجة إلى مساعدات غذائية عاجلة.


أخبار اليوم المصرية
منذ 12 ساعات
- أخبار اليوم المصرية
«قمة الصقيع» ترامب وبوتين يفشلان في الإتفاق.. وأوكرانيا تواجه المجهول
قمة ألاسكا تحت عنوان «لا وقف لإطلاق النار.. ولا اتفاق».. x بعد محادثات ماراثونية انتهت إلى لا شيء، غادر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين ولاية ألاسكا ، البيان المشترك كان قصيراً وغابت عنه الأسئلة، تاركاً العالم يحلل تداعيات قمة فشلت في تحقيق هدفها الرئيسي ألا وهو وقف إطلاق النار في أوكرانيا وتوفيق الأوضاع بين البلدين. نشرت شبكة «بي بي سي» تحليلاً قدمه ثلاثة من مراسليهم يقدمون قراءتهم لما حدث في القمة، والنتائج المترتبة على فشل واشنطن وموسكو وكييف في إيجاد نقطة تلاقي بينهم. «صانع الصفقات» يعود بلا صفقة.. كيف حطمت «ألاسكا» هيبة ترامب؟ «لا يوجد اتفاق حتى يتم التوصل إلى اتفاق» بهذه الكلمات حاول دونالد ترامب تبرير الفشل هنا في أنكوريج وكانت طريقة ملتوية للاعتراف بأن الساعات الطويلة من المحادثات لم تسفر عن أي نتيجة ملموسة «لا وقف لإطلاق النار.. ولا أي شيء يمكن للعالم أن يتمسك به». ورغم حديث الرئيس عن تقدم كبير ، فإن غياب أي تفاصيل جعل هذه العبارة جوفاء "لم نصل إلى هناك" كانت هذه هي الجملة التي أنهى بها المشهد، قبل أن ينسحب من القاعة رافضاً الرد على أسئلة مئات الصحفيين. لقد قطع ترامب كل هذه المسافة ليخرج بهذه النتيجة الباهتة وقد يكون حلفاؤه الأوروبيون والأوكرانيون قد تنفسوا الصعداء لأنه لم يقدم تنازلات كارثية، لكن بالنسبة للرجل الذي بنى علامته التجارية على كونه «صانع الصفقات»، فإن مغادرة ألاسكا بهذه الطريقة تمثل ضربة قاسية لهيبته المحلية والدولية. والأكثر إيلاماً لترامب، كان المشهد الذي اضطر فيه للوقوف صامتاً بينما استهل بوتين المؤتمر الصحفي بكلمة مطولة، في خرق واضح للبروتوكول المعتاد في البيت الأبيض حيث يكون الرئيس الأمريكي هو سيد الموقف ، لقد بدا بوتين وكأنه صاحب الأرض في «أمريكا الروسية» القديمة، وهو أمر سيظل بلا شك يؤرق ترامب في الأيام القادمة. السؤال الذي بقي معلقاً في الهواء.. هل سينفذ ترامب تهديداته بفرض «عواقب وخيمة» على روسيا؟.. إجابته المترددة في مقابلة لاحقة بأنه قد يفعل ذلك «خلال أسبوعين أو ثلاثة» لا توحي بالكثير من الحزم، بل تفتح الباب لمزيد من الشكوك. بوتين يفرض كلمته بحضور عالمي.. وتنازلات «صفر» كان من المفترض أن يكون مؤتمراً صحفياً، لكنه لم يكن كذلك حيث كانت الدهشة تعم القاعة عندما أدار الرئيسان ظهرهما للصحافة وغادرا المنصة دون كلمة إضافية فلقد كان انسحاباً سريعاً ومنسقاً، وكأنه رسالة بحد ذاته بأن الخلافات ما زالت مستمرة. لقد جاء دونالد ترامب إلى ألاسكا بهدف واضح وهو انتزاع موافقة مبدئية روسية على وقف إطلاق النار في أوكرانيا لكن فلاديمير بوتين لم يمنحه ما أراد. في المقابل، حصل بوتين على كل ما يريده.. لقد استقبله الرئيس الأمريكي بحفاوة بالغة وحصل على منصة عالمية ليعرض وجهة نظره، وشارك المسرح مع زعيم أقوى دولة في العالم، وغادر دون أن يقدم تنازلاً واحداً ولقد كان استعراضاً ناجحاً للقوة والنفوذ الجيوسياسي. الآن.. الكرة في ملعب ترامب فقد هدد وتوعد بفرض عقوبات جديدة ووجه إنذارات لموسكو ولكنه حتى الآن لم ينفذ أياً من تهديداته ، فهل سيغير هذا الفشل الصارخ من استراتيجيته؟.. أم أن بوتين سيقرأ هذا التردد كضوء أخضر للمضي قدماً في خططه؟ اقرأ أيضا | ترامب: لم نتفق على أهم نقطة في الحوار بشأن أوكرانيا في كييف.. استُقبلت أخبار فشل القمة بمزيج من الارتياح والقلق حيث أن الارتياح نابع من عدم الإعلان عن أى «صفقة» تُفرض على أوكرانيا وتكلفها المزيد من الأراضي أو السيادة، حيث أن الزمن قد علّم الأوكرانيين أن أي اتفاق مع روسيا هو حبر على ورق، لكنهم سعداء بتجنب الأسوأ أما القلق فمصدره خطاب بوتين حيث تحدث مجدداً عن «الأسباب الجذرية» للصراع وهي عبارة تعني في القاموس الدبلوماسي للكرملين أن هدفه النهائي لم يتغير «تفكيك أوكرانيا كدولة مستقلة» فشل ثلاث سنوات ونصف من الضغوط الغربية، بما فيها قمة ألاسكا في تغيير هذا الهدف ، وحالة الجمود التي خلفتها القمة هي أكثر ما يثير فزع الأوكرانيين. يبقى الآن السؤال المطروح عالميًا هو.. ماذا بعد؟.. هل ستتصاعد الهجمات الروسية؟ لقد رأوا خلال الأشهر الماضية كيف مرت مهلات الغرب دون عواقب تذكر، وكيف تبخرت التهديدات دون أثر، إنهم يخشون أن يُنظر إلى فشل قمة ألاسكا في موسكو على أنه دليل آخر على ضعف الغرب، ودعوة مفتوحة لبوتين لمواصلة حربه.


المصري اليوم
منذ يوم واحد
- المصري اليوم
بين شخصية بوتين «الصارمة» وترامب «الساخرة».. تقرير يكشف من يسيطر على قمة ألاسكا
يترقب العالم قمة ألاسكا، التي تجمع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ونظيره الروسي، فلاديمير بوتين، اليوم الجمعة، وقد سبق أن ألتقى الزعيمان، ولكل منهما أسلوبه في الاجتماعات الخاصة. في السياق ذاته، قالت شبكة «بي بي سي»، إن أول لقاء بين ترامب وبوتين كان في يوليو عام 2017، خلال قمة مجموعة العشرين في ألمانيا، وجاء ذلك اللقاء بعد أشهر فقط من دخول ترامب للبيت الأبيض. وتبادل الزعيمان حينها، كلمات دافئة وودية ومصافحة رسمية أمام أنظار العالم. وأوضحت «بي بي سي» أن ترامب وبوتين التقيا وجهًا لوجه مرة أخرى في سنة 2017، في المنتدى الاقتصادي في فيتنام، وتم تصويرهما وهما يتحدثان بين القادة العالميين الآخرين. كما التقى الزعيمان في هلسنكي بفنلندا في يوليو 2018 لإجراء محادثات مغلقة، واختتمت هذه المحادثات بإهداء بوتين ترامب كرة قدم من كأس العالم للرجال، التي استضافتها روسيا في ذلك العام. وجمعت قمة العشرين في الأرجنتين في نوفمبر 2018، الزعيمين مرة أخرى، وكانت قمة العشرين في اليابان يونيو 2019، آخر لقاء بين ترامب وبوتين. ووفقًا لمسؤولين سابقين تعاملوا مع أحد الزعيمين أو كليهما- بحسب بي بي سي- فإن الرجلين يتبعان أسلوبًا مختلفًا في الاجتماعات الخاصة. ويدرك ترامب قدرة بوتين على السيطرة على المحادثات بخطابات طويلة وسريعة النطق تمنح المتحدث معه فرصًا قليلة للرد، بحسب دبلوماسيين وصفوا أسلوب الزعيم الروسي لشبكة «بي بي سي». من جهته قال لوري بريستو، السفير البريطاني في روسيا من 2016 إلى 2020: «كل شيء في جميع اللقاءات مع بوتين يتعلق بالسلطة، من يتحكم في التوقيت، والمحتوى، والأجندة، والنبرة، النقطة هي أنك لا تعرف أبدا ما الذي ستحصل عليه». وأشار السفير السابق في روسيا إلى أن المترجمين يجدون صعوبة في مواكبة حديثه، لذلك حرص ترامب على اصطحاب مترجم خاص به. وقالت المساعدة السابقة لترامب فيونا هيل، في مقابلة مع صحيفة «تليجراف» البريطانية، إن «بوتين يسخر من ترامب باستخدام اللغة الروسية بطريقة يمكن أن تكون ساخرة وتهكمية للغاية، وهذا يضيع تمامًا في الترجمة». من جهته، أوضح السفير البريطاني السابق في روسيا، توني برينتون، أن بوتين لم يكن أبدا شخصية عفوية، مضيفًا: «كرة القدم، الابتسامات، النكات، هذا النوع من الأشياء، ليس بطبيعته شخصًا ودودًا، لكنه يعمل على ذلك عندما يعتقد أنه مهم للعلاقة». إلى ذلك، قال مستشار الأمن القومي السابق لترامب، جون بولتون، أن هذا الأخير يتبع أسلوب المؤتمرات الصحفية العامة في الاجتماعات الخاصة. وأوضح: «لا يستعد لها حقا، إنه لا يعتقد أنه بحاجة إلى ذلك، لا يعتقد أنه بحاجة إلى المعلومات الأساسية، أنا متأكد من أنهم يعدون مواد إحاطة كما فعلنا دائما، وهو لن يقرأها». وأشار بولتون إلى أن بوتين، الذي تلقى تدريبًا في جهاز المخابرات السوفيتي، سيستخدم مهاراته لمحاولة التلاعب بترامب، وقال: «لقد فعل ذلك من قبل وسيفعله مرة أخرى».