logo
"إدارة العلاقة" أم الحسم بلا إبطاء؟

"إدارة العلاقة" أم الحسم بلا إبطاء؟

الغد٠٧-٠٥-٢٠٢٥

لا أظن أن الأردنيين كانوا سعداء وهم يتابعون حالة الغضب التي تفجّرت تحت قبة البرلمان قبل يومين. غاب الحوار الفاعل والمنتج، وتم استبداله بالغضب والصراخ والاتهامات. لكن، ما الذي أوصل الأمور إلى هذا الحد المتفجّر؟
اضافة اعلان
منذ أن تم الكشف عن المخطط الإجرامي، وعن خلية الـ16 وأعمالها الجرمية من اتصالات خارجية وتدريبات وتهريب أسلحة ومحاولات تصنيعها، يعيش الأردنيون حالة من الصدمة الكبيرة، فهم يعرفون تماما أن ما شاهدوه في بلدان احترقت بالبغض والعنف، وتم فيها الإطاحة بالسلم المجتمعي، وتمزقت فيها الهوية الواحدة إلى هويات متناحرة ومتقاتلة، بدأت بأعمال مثل التي خططت لها الخلية الجرمية، قبل أن تنفتح أبواب الجحيم على الجميع.
قبل جلسة الاثنين النيابية، يبدو أن جماعة الإخوان المسلمين وجبهة العمل الإسلامي، لم تكونا قد أجرتا تقييما لرد الشارع بشكل سليم، لذلك استمرتا بالتقليل من أهمية الحدث، وفي كل مرّة أدلى أحد المنتمين للجهتين بتصريح أو بيان كان واضحا محاولته أن يسخّف من حجم الحدث، وأن يلعب على وتر "دعم المقاومة"، ليستهين في الوقت نفسه باستباحة الأردن وإدخاله للفوضى ومن ثم تدميره، ما دام هناك دعم للمقاومة في الناحية الثانية.
الثقة الكبيرة التي تحدث فيها أعضاء الجهتين وأهالي المتهمين، لم تكن تنبع من مساندة شعبية، أو عدالة قضية، بل اتكأت وبشكل واضح إلى ثقل خارجي؛ تنظيمات ودول، اعتادت التدخل في شؤون البلدان الداخلية، وإصدار الفتاوى النفعية حسب حاجة وتوجهات الممولين، لتلعب تلك الفتاوى دور الناعق الذي يهدم البلدان ويقتل أهلها.
الحدث الأخير لم يخرج عن هذا السياق، فرأينا كيف أن عرّابي الإرهاب بدأوا بمؤازرة "إخوانهم" في الأردن من خلال بيانات وتصريحات موجهة في الأساس إلى الشارع الأردني، محاولين فتح صدع بين الدولة والشعب لتسهيل تنفيذ مخططاتهم، وأيضا لعمل ضغط على الدولة من أجل التساهل في إجراءات محاكمة مجرمي الخلية المضبوطة، وربما من أجل أن يحظى "الإخوان" بصفقة جديدة مع الدولة تريح كاهلهم من الضغط الذي يتعرضون إليه.
هذا الأمر منح قوة كاذبة لهؤلاء، وظنوا أن الأمر سوف يستتب لهم من خلال الضغوطات الداخلية والخارجية التي ستمارس على الدولة الأردنية، ومن خلال النفاق السياسي الذي اعتادت الجماعة والجبهة ممارسته في الداخل، ومحاولة إشاعة انتمائها الأصيل للأردن وطنا من دون ولاءات خارجية تتعارض مع هذا الانتماء.
غير أن ذلك لم ينجح، فالغضب الشعبي وصل حدودا لا يمكن معها التواطؤ مع نفاق أحد، ولا مع سرديته الفاسدة. لذلك رأينا تغيرا في لهجة بعض أقطاب التيار الإسلامي، وكيف أنهم بدأوا بتغيير خطابهم، ولو قليلا، رغم أنهم ما يزالون متمسكين بتبرير فعل الخلية الإجرامية بدعوى إسناد المقاومة.
كما قلت في البداية، لا نتمنى أن نرى نواب الشعب بالطريقة التي رأيناهم فيها قبل يومين، فنحن كنا نريد جلسة يتم تخصيصها للمخطط الإجرامي وتداعياته الخطيرة، ولكننا أردناها جلسة نقاشية يتم فيها وضع النقاط على الحروف، وتعرية المتورطين وداعميهم، لا أن تكون مليئة بالغضب والصراخ والشعارات.
نعلم أن النواب انطلقوا من غضب متفجر بسبب حجم المخطط الإجرامي، وبسبب عدم أبالية الإخوان والجماعة تجاه هذا المخطط. لكن الأردن يمر اليوم بمرحلة حرجة، فهناك كثير من الجهات التي تستهدفه، وتريد خلق الفوضى داخله، وينبغي على الجميع أن يرتقي إلى حجم هذا التحدي.
أولى ملامح هذا الارتقاء مطلوب من الدولة نفسها، فخلال عقود طويلة اختارت أن تلجأ إلى مبدأ "إدارة العلاقة" مع جماعة الإخوان وأذرعها، وقد ثبت بما لا يدع مجالا للشك أن هذا المبدأ محفوف بمخاطر عديدة، أوضحها الانتهازية الكبيرة لهذه الجماعة، وتغير خطابها تبعا للأزمات والضغوط التي تمر بها الدولة. لذلك، ينبغي على الدولة استبدال هذا المبدأ بآخر هو "حسم" العلاقة وبشكل جذري، وبلا إبطاء لكي لا ندفع أثمانا باهظة للتأخير. أما كيف يتم ذلك، فإن الدولة لن يعييها الأمر ما دامت تعمل للصالح العام.
للمزيد من مقالات الكاتب

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الملك يستقبل كبير مستشاري وزارة الدفاع البريطانية للشرق الأوسط
الملك يستقبل كبير مستشاري وزارة الدفاع البريطانية للشرق الأوسط

الغد

timeمنذ ساعة واحدة

  • الغد

الملك يستقبل كبير مستشاري وزارة الدفاع البريطانية للشرق الأوسط

استقبل جلالة الملك عبدﷲ الثاني، اليوم الثلاثاء، نائب الأميرال إدوارد ألغرين، كبير مستشاري وزارة الدفاع البريطانية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. اضافة اعلان وجرى بحث الشراكة الاستراتيجية بين الأردن وبريطانيا وسبل تعزيز التعاون في مجالي الدفاع ومكافحة الإرهاب، فضلا عن أبرز المستجدات في المنطقة.

الفايز: الأردن يُشكل نموذجاً للعيش المشترك بفضل قيادته الهاشمية
الفايز: الأردن يُشكل نموذجاً للعيش المشترك بفضل قيادته الهاشمية

رؤيا نيوز

timeمنذ ساعة واحدة

  • رؤيا نيوز

الفايز: الأردن يُشكل نموذجاً للعيش المشترك بفضل قيادته الهاشمية

قال رئيس مجلس الأعيان فيصل الفايز، 'إننا في الأردن، وبفضل قيادتنا الهاشمية الحكيمة، كنا على الدوام مسلمين ومسيحيين، نشكل نموذجاً في العيش المشترك، فلم نكن يوما إلا أسرة واحدة، وثقافتنا وعاداتنا وأفراحنا واحدة، يجمعنا المصير الواحد والهدف الواحد'. جاء ذلك خلال لقائه في مكتبه بدار مجلس الأعيان اليوم الثلاثاء، وفد رؤساء وممثلي الكنائس في الأردن، الذي يضم مطران الروم الأرثوذكس سيادة المطران خريستوفوروس، والأمين العام لنيابة البطريركية اللاتينية مندوب المطران إياد الطوال، والوكيل البطريركي للكنيسة اللبنانية المارونية، ومندوب مطران الأقباط الأرثوذكس في الأردن انطونيوس صبحي عبدالملك. إلى جانب مندوب مطران السريان الأرثوذكس في الأردن الأب بنيامين شمعون، والقيم العام لكنيسة الروم الكاثوليك في الأردن الأب نبيل حداد، ونائب مطران الكنيسة الأسقفية في القدس والشرق الأوسط الارشديكن فائق حداد مندوب المطران حسام نعوم، ونائب بطريرك الأرمن الأرشمندريت في الأردن افيديس ايراجيان. وأعرب الفايز عن اعتزازه بالوحدة الوطنية والعيش المشترك بين مختلف مكونات نسيجنا الاجتماعي، مؤكدا حرص الجميع على الوطن ونهضته في مختلف المجالات، مستمدين العزم والإرادة من جلالة الملك عبدالله الثاني، الذي استطاع بشجاعته تمكن الأردن من تجاوز مختلف الصعوبات والتحديات، ويقود مسيرة الوطن نحو المستقبل بثقة وإصرار وعزم لا يلين. وأكد، بحضور رئيس لجنة فلسطين في مجلس الأعيان، العين مازن دروزه، ومقرر اللجنة العين هايل عبيدات، أن الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، حافظت عليها وعملت على حمايتها وإعمارها ومنع تهويدها، منوهًا إلى أن الأردن بقيادة جلالته لن يسمح بتغيير الوضع القانوني والتاريخي في القدس. وأشار الفايز إلى الإعمار المتواصل للمقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، الذي أولاه قادتنا الهاشميين جل الرعاية والاهتمام، ويحرص على مواصلته جلالة الملك عبدالله الثاني، كما أن جلالة الملك وبحكم الوصاية الهاشمية والشرعية الدينية والسياسية والتاريخية، لن يسمح بتغيير الوضع القانوني والتاريخي في القدس. وقال 'إن الوصاية الهاشمية على المقدسات المسيحية بالقدس حافظت على الوجود التاريخي والديني والقانوني للكنائس المسيحية بالقدس، وإن الوصاية الهاشمية تمثل استمراراً للعهدة العمرية وأساساً في المحافظة على الهوية والوجود المسيحي بالمنطقة'. ولفت الفايز إلى جلالة الملك عبدالله الثاني، يؤكد باستمرار على بناء ثقافة الوئام والاحترام بين أتباع الديانات، وهذا نابعا من إيمان جلالته والأردنيين، بضرورة العمل المتواصل من أجل تعزيز مناخات الوئام، واحترام الإنسان وخصوصيته وكرامته وحريته، لذلك جاءت رسالة عمان التي تدعو إلى قبول الآخر، وتؤكد على تعظيم قيم المحبة والتسامح والاعتدال، ونبذ العنف والتطرف. وفيما يتعلق بالقضية الفلسطينية بين الفايز، أن جلالة الملك عبدالله الثاني يسعى بكل جهد ممكن، من أجل وقف العدوان الإسرائيلي البشع على شعبنا الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة، ومن أجل حل القضية الفلسطينية وفق قرارات الشرعية الدولية، وعلى أساس حل الدولتين، بما يمكن من إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة القابلة للحياة على حدود الرابع من حزيران لعام 1967 وعاصمتها القدس. بدورهم، أكد رؤساء وممثلي الكنائس في المملكة، أهمية دور الأردن ومساعيه المتواصلة بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني، من أجل إحلال السلام والاستقرار في المنطقة، منوهين إلى أن الأردن هو القلب النابض للشرق والأمة العربية. وثمنوا حرص جلالة الملك عبدالله على تعزيز مبدأ العيش المشترك، وتكريس ثقافة الحوار بين مختلف الأديان السماوية، إلى جانب الدفاع المستمر عن حقوق الشعب الفلسطيني، وتمكينه من ثوابته الوطنية وحق الشعب الفلسطيني في الحرية والحياة. وأشاروا بذات الوقت إلى التحديات التي تواجه الوجود المسيحي في القدس وعموم فلسطين بسبب الممارسات الاستفزازية الإسرائيلية، مشددين على أن الجبهة الداخلية في الأردن 'عصية' على جميع الفتن والدسائس أيا كان مصدرها. وفي لقاء منفصل، التقى رئيس مجلس الأعيان في مكتبه اليوم الثلاثاء، النائب البطريركي للاتين في الأردن المطران اياد الطوال والوفد المرافق له، حيثُ أكد خلاله الفايز على روح المحبة والأخوة، التي تجمع الأردنيين بمختلف مكوناتهم الدينية والاجتماعية والعرقية. وقال إن الأخوة المسيحيين كانوا على الدوام جزءا أصيلًا من مكونات شعبنا الأردني، وساهموا في نهضة الوطن وعمرانه، وفي الدفاع عن مصالحه والثوابت الوطنية الأردنية. وعرض الفايز الجهود الكبيرة التي يقوم بها جلالة الملك عبدالله الثاني، في دفاعه عن المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، وقال: إن الوصاية الهاشمية عملت على الحفاظ عليها وحمايتها وإعمارها ومنع تهويدها. وبيّن أن ما يتعرض له الوجود المسيحي في فلسطين من تضييق، وما تواجهه المقدسات الإسلامية والمسيحية من محاولات تهويد، وما يتعرض له الشعب الفلسطيني من عدوان بشع ، يتطلب منا جميعًا الوقف خلف جلالة الملك، في مواجهة السياسات الإسرائيلية العدوانية، ومحاولاتها التهجير القسري للشعب الفلسطيني. من جانبه، أشاد المطران الطوال، بالرعاية والاهتمام الملكي الذي تلقاه طائفة اللاتين بالأردن أسوة بباقي الطوائف المسيحية، مؤكدًا أن الأردنيين بمختلف مكوناتهم، هم على الدوام أسرة واحدة، يجمعهم حب الوطن والانتماء إليه، والولاء لقيادتنا الهاشمية ممثلة بجلالة الملك عبدالله الثاني. وأشار إلى الدور الإنساني الذي تقوم به الكنيسة اللاتينية في الأردن، مؤكدًا أن خدماتها لا تقتصر على خدمة أبنائها فقط، بل تشمل خدماتها الإنسانية والاغاثية كافة مكونات النسيج الاجتماعي الأردني، كما أنها تتعاون مع الهيئة الخيرية الهاشمية في تقديم العون والمساعدة للأهل في قطاع غزة. وشدد المطران الطوال على أهمية الوصاية الهاشمية على المُقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، محذراً من خطر المساس بالوضع القائم في الأماكن المقدَّسة الإسلامية والمسيحية، فالمسجد الأقصى بالنسبة لهم كما كنيسة القيامة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store