
نموذج ذكاء اصطناعي يتجاوز اختبار تورينغ... هل بات أكثر إنسانية من البشر؟
حقق نموذج GPT-4.5 من شركة "أوبن إيه آي" إنجازاً لافتاً في مجال الذكاء الاصطناعي، بعد أن تمكّن من تجاوز نسخة رقمية محدثة من اختبار تورينغ، أحد أقدم المعايير المستخدمة لقياس قدرة الآلة على محاكاة التفكير البشري في سياق محادثة.
اختبار تورينغ، الذي طرحه العالم آلان تورينغ عام 1950، يقوم على محادثة نصية بين إنسان وآلة من دون معرفة المُحاور بهوية الطرفين. وإذا لم يستطع المحاور التمييز بين الإنسان والآلة بدقة، يُعدّ ذلك مؤشراً على قدرة الآلة على "التفكير" أو التفاعل بأسلوب بشريّ.
في دراسة حديثة نُشرت ضمن ورقة بحثية أوليّة، خضع المشاركون لمحادثات مزدوجة مع إنسان ونموذج ذكاء اصطناعي، وطُلب إليهم تحديد أيّ الطرفين هو الإنسان. وعندما تم توجيه نموذج GPT-4.5 لتقمّص شخصية محددة، مثل شاب ضليع في الثقافة الرقمية، اعتبره المشاركون "الإنسان" في 73% من الحالات، وهي نسبة تتجاوز بكثير مستوى التخمين العشوائي البالغ 50%.
نموذجان آخران، GPT-4o من شركة "أوبن إيه آي"، وLLaMa 3.1 من شركة "ميتا"، خضعا للتجربة أيضاً إلى جانب النموذج الكلاسيكي ELIZA، الذي طُوّر في ستينيات القرن الماضي، فكانت نتائجهما أقلّ إقناعاً، خصوصاً عند استخدام تعليمات عامة من دون تقمّص شخصية محدّدة، إذ لم تتجاوز نسبة نجاح GPT-4o حاجز الـ 21%، بينما حقّق ELIZA نتيجة مفاجئة بلغت 23%.
ويُعزى هذا الأداء غير المتوقع لـ ELIZA إلى أسلوبه القائم على الردود العامة والمفتوحة، والتي بدت للبعض كأنها "حيادية بشرية"، مما أدّى إلى خلط لدى المشاركين، رغم بدائية النموذج.
تؤكد هذه النتائج أن قدرة النماذج اللغوية على تقليد السلوك البشري تتأثر بشكل كبير بنمط التوجيه والتعليمات المسبقة المُعطاة لها، مما يعكس مدى أهمية "التقمص السياقي" في اختبارات المحاكاة. لكنها في الوقت ذاته تُعيد طرح السؤال حول مدى صلاحية اختبار تورينغ كمقياس فعلي لـ"الذكاء"، خاصة في ظل التطور المتسارع للنماذج اللغوية التي أصبحت أكثر براعة في المحاكاة والإقناع من دون أن تمتلك بالضرورة فهماً أو وعياً ذاتياً.
ورغم أن اجتياز الاختبار لا يُثبت امتلاك الآلة لوعي حقيقي أو نية مستقلّة، فإن تحقيق هذه النسبة العالية من التمويه يشير إلى اقتراب الذكاء الاصطناعي من أداء أدوار بشرية في مواقف تفاعلية متعددة، وهو ما قد تترتب عليه تأثيرات عميقة على مجالات العمل، والتواصل، والأمن السيبراني، والمجتمع عموماً.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


النهار
منذ ساعة واحدة
- النهار
"غوغل" تعيد تعريف البحث: من الروابط إلى المحادثات الذكية
تعيش محركات البحث مرحلة تحوّل جذري في ظل سباق تقني محموم تقوده شركات التكنولوجيا الكبرى، وعلى رأسها "غوغل"، حيث لم يعد البحث عبر الإنترنت مجرد إدخال كلمات مفتاحية وانتظار قائمة من الروابط، بل بات يشهد ولادة جيل جديد من التفاعل الذكي القائم على الذكاء الاصطناعي التوليدي والمحادثات الطبيعية. في هذا السياق، أعلنت "غوغل" تفعيل ما أسمته "وضع الذكاء الاصطناعي" في محركها ومتصفح "كروم"، ما يسمح للمستخدمين بالحصول على إجابات مباشرة شبيهة بتجربة التفاعل مع روبوتات الدردشة مثل "تشات جي بي تي" من "أوبن إيه آي"، الخطوة تُعد جزءاً من استراتيجية أوسع لإعادة ابتكار البحث عبر الإنترنت ليصبح أكثر تفاعلية، وأكثر قدرة على فهم السياق والنوايا، وليس فقط تحليل الكلمات. هذا التحول يأتي في ظل تحديات حقيقية تواجهها "غوغل"، خاصة مع صعود منافسين مثل "أوبن إيه آي" و "أنثروبيك" ، الذين أصبحوا يهددون هيمنة الشركة على مجال البحث. وقد اضطرت "غوغل" إلى تسريع تطوير نموذجها اللغوي "جيمناي"، الذي تقول إنه تفوق على منافسيه في اختبارات البرمجة والأداء. لكن إدخال الذكاء الاصطناعي بهذه الطريقة يعيد طرح أسئلة حول نموذج الإعلانات التقليدي، الذي يشكل أكثر من نصف دخل غوغل. فالإجابات المباشرة قد تقلل من الحاجة للنقر على الروابط، ما يدفع الشركة للتفكير في كيفية دمج الإعلانات ضمن تجربة المحادثة دون أن تكون مزعجة للمستخدم. وتشير التقديرات إلى أن حوالي 1.5 مليار مستخدم باتوا يتفاعلون مع "نظرة عامة على الذكاء الاصطناعي"، وهي ملخصات تظهر أعلى نتائج البحث وتقدم محتوى مباشراً من مصادر متعددة، ما يعكس تغيّراً فعلياً في طريقة استخدام محركات البحث. تشات جي بي تي في المقابل، تتبنى شركات مثل "أوبن إيه آي" نماذج أعمال قائمة على الاشتراكات، ما يمنحها مرونة أكبر في التوسع دون الاعتماد على الإعلانات. أما "غوغل"، فهي تواجه معضلة: كيف تحافظ على مكانتها السوقية ومواردها المالية في عالم لم يعد يبحث، بل يُحادث؟ بهذا المشهد المتغير، يتضح أن مستقبل البحث لم يعد يدور فقط حول من يملك أكبر قاعدة بيانات، بل من ينجح في فهم الإنسان بلغته وسياقه، وتقديم إجابات تشبه الحديث لا الاستعلام.


النشرة
منذ 19 ساعات
- النشرة
تحالف عالمي يطلق مشروع "ستارغيت الإمارات" يضم إنفيديا وأوبن إيه آي وأوراكل
أعلنت شركة "جي 42"، المسؤولة عن عملية بناء مجمع الذكاء الاصطناعي الجديد في الإمارات، الدخول في شراكة استراتيجية مع شركات أوبن إيه آي OpenAI، وأوراكل Oracle، وإنفيديا Nvidia، وسوفت بنك غروب SoftBank، وسيسكو Cisco لإطلاق مشروع "ستارغيت الإمارات". ويعد "ستارغيت الإمارات" مشروعاً متقدماً للبنية التحتية في مجال الذكاء الاصطناعي، سيتم تدشينه ضمن مجمّع الذكاء الاصطناعي الإماراتي الأميركي الجديد، الذي تبلغ سعته خمس غيغاواط ويقع في العاصمة الإماراتية أبوظبي، بحسب بيان من شركة جي 42 يوم الخميس 22 أيار. وذكر البيان أنه سيتم بناء "ستارغيت الإمارات"، وهو مجمع حوسبة ضخم بقدرة 1 غيغاواط، عبر "جي 42" وسيتم تشغيله من قبل "OpenAI" و"Oracle". كما سيتضمن التحالف دعماً من كل من "SoftBank Group"، و"Cisco"، التي ستقدم تقنياتها للربط الشبكي الآمن والقائم على إطار حماية أمني متقدّم ومتطور، بالإضافة إلى شركة "Nvidia" التي ستزوّد المشروع بأحدث أنظمة المسرعات من فئة "جي بي 300 "، وفقاً للبيان. وأشار البيان إلى أن هذا المجمع سيوفر "بنية تحتية فائقة الأداء، وقدرات حوسبة على المستوى الوطني، واستجابة سريعة تتيح للذكاء الاصطناعي مواكبة تطلعات عالم أكثر ذكاءً". ومن المتوقع أن يدخل أول مجمع حوسبة بقدرة 200 ميغاواط حيز التشغيل في عام 2026، بحسب البيان. وكانت زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، يومي الخميس والجمعة 15 و16 أيار، شهدت الإعلان عن تدشين مجمّع الذكاء الاصطناعي الإماراتي الأميركي، الذي سيضم مشروع "ستارغيت الإمارات". ويأتي هذا المشروع في إطار التعاون الجديد الذي يربط بين الحكومتين الإماراتية والأميركية، تحت مظلة "شراكة تسريع التكنولوجيا بين الإمارات والولايات المتحدة"، الهادفة إلى تعزيز التعاون في مجالات الذكاء الاصطناعي والتقنيات المتقدمة. وأشار البيان إلى أنه في إطار هذه الشراكة، ستوسّع الجهات الإماراتية أيضاً استثماراتها في البنية التحتية الرقمية داخل الولايات المتحدة، في مشاريع مثل "ستارغيت أميركا" انسجاماً مع سياسة "الاستثمار في أميركا أولاً" التي أُعلن عنها مؤخراً. ومن المخطط أن يمتد مجمّع البنية التحتية للذكاء الاصطناعي الإماراتي الأميركي على مساحة تقارب 20 كيلومتر مربع في أبوظبي، ليُصبح بذلك أكبر مشروع من نوعه خارج الولايات المتحدة. ومن المقرر أن يوفّر قدرة حوسبية تصل إلى خمس غيغاواط، وموارد إقليمية للحوسبة تخدم دول الجنوب العالمي. وبحسب البيان، سيعتمد تشغيل المجمّع على مزيج من مصادر الطاقة النووية، والطاقة الشمسية، والغاز الطبيعي لتقليل الانبعاثات الكربونية، كما سيضم مركزاً علمياً لتعزيز الابتكار، وتطوير الكفاءات، ودعم استدامة البنية التحتية الرقمية.


النهار
منذ يوم واحد
- النهار
الذكاء الاصطناعي يتفوق على الإنسان في فن الإقناع خلال المناظرات
أصبح واضحاً أن الذكاء الاصطناعي لم يعد يقتصر على أداء المهام التقنية فقط، بل بدأ يتفوق على البشر في مجال التأثير على الآراء، حيث أظهرت دراسة جديدة قدرة الروبوتات الذكية على التلاعب والإقناع بشكل يفوق الإنسان. فقد كشف بحث نُشر في دورية "طبيعة السلوك البشري" العلمية أن روبوتات الدردشة، التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي، استطاعت أن تكون أكثر إقناعًا من المتحدثين البشر في المناظرات على الإنترنت بنسبة بلغت 64%. قاد هذه الدراسة الباحث ريكاردو غالوتي وفريقه، الذين أجروا تجربة شارك فيها 900 شخص من الولايات المتحدة. حيث تم توزيع المشاركين على مجموعتين، إحداهما تناقش مع أشخاص بشريين، والأخرى مع نموذج الذكاء الاصطناعي GPT-4، الذي طورته شركة "أوبن إيه آي" الأميركية. وخلال هذه المناظرات، ناقش المشاركون موضوعات اجتماعية وسياسية حساسة مثل عقوبة الإعدام، تغير المناخ، الإجهاض، واستخدام الوقود الأحفوري. أُتيحت للمشاركين أربع دقائق لعرض حججهم المؤيّدة أو المعارضة، ثم ثلاث دقائق للرد على الخصوم، تلتها ثلاث دقائق أخرى للختام. وبعد انتهاء المناقشات، قام الباحثون بقياس مدى تأثير كل طرف في تغيير وجهة نظر خصمه، فأظهرت النتائج تفوق الذكاء الاصطناعي بشكل واضح في إقناع المشاركين. في حديث مع صحيفة "واشنطن بوست"، أشار غالوتي إلى أن التكنولوجيا وصلت اليوم إلى مرحلة تتيح إنشاء شبكات من الحسابات الآلية التي تستخدم نماذج لغوية ضخمة، قادرة على توجيه الرأي العام بشكل استراتيجي. وأكد على خطورة الاستهداف الدقيق للأفراد باستخدام الكمّ الهائل من البيانات الشخصية المتاحة على الإنترنت، قائلاً: "الإقناع المستهدف عبر الذكاء الاصطناعي فعّال للغاية حتى باستخدام معلومات أساسية ومتاحة فقط". وفي ردّ فعلها على الدراسة، وصفت أستاذة التكنولوجيا والتنظيم في جامعة أكسفورد، ساندرا واتشر، النتائج بأنها "مقلقة للغاية". وعبّرت عن قلقها من إمكانية استغلال هذه الروبوتات في نشر الأكاذيب والمعلومات المضللة، خاصة أن هذه النماذج لا تميز بين الحقيقة والخيال، ولا تهدف بالضرورة إلى قول الحقيقة. وأضافت أن الاعتماد على هذه التكنولوجيا في قطاعات حساسة مثل التعليم، الصحة، الإعلام، القانون، والمالية يطرح تحديات كبيرة، لأن هذه المجالات تتطلب دقة وموثوقية في نقل المعلومات.