
روبوت الذكاء الاصطناعي المصنوع في الإمارات يقطف الفراولة الناضجة بكفاءة تفوق البشر
تمكن خبراء في إحدى الجامعات في أبوظبي من تطوير روبوت يعمل بالذكاء الاصطناعي قادر على تحديد الفراولة الناضجة بدقة، وقطفها دون إلحاق أي ضرر بها. يتميز هذا الروبوت بالقدرة على العمل المستمر في بيئات مختلفة، سواء في الحقول المشمسة أو في البيوت المحمية.
يُعرف هذا الابتكار باسم "روبوت قاطف الفراولة"، وهو مشروع تقوده مجموعة من الأساتذة المتخصصين في قسم الروبوتات في جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي (MBZUAI) بالتعاون مع أقسام أخرى، مثل التعلم الآلي ورؤية الحاسوب. يهدف هذا الحل التقني إلى دعم القطاع الزراعي من خلال خفض تكاليف العمالة والحفاظ على مستويات عالية من الإنتاجية وجودة المحاصيل.
كيف يعمل الروبوت؟
يعتمد الروبوت على تقنيات متقدمة في الذكاء الاصطناعي، ورؤية الحاسوب، والتعلم الآلي، والروبوتات، والزراعة الدقيقة. حيث تم تزويده بكاميرات عالية الدقة ومستشعرات متطورة لتحليل النباتات في الوقت الفعلي، وتحديد الفراولة الناضجة بناءً على معايير مثل اللون والحجم والشكل. تضمن خوارزميات التعلم الآلي دقة التمييز بين الفاكهة الناضجة وغير الناضجة أو التالفة.
عند اكتشاف ثمرة فراولة ناضجة، يستخدم الروبوت ذراعًا آلية مزودة بمقبض حساس لقطف الفاكهة بلطف دون إلحاق أي ضرر بها. كما أنه يتمتع بقدرة على الإدراك النشط، ما يسمح له بضبط موقعه وقوة قبضته وفقًا لعوامل بيئية مثل الضوء أو العوائق أو حركة النباتات بسبب الرياح. كما يمتلك الروبوت نظام تنقل ذاتي يتيح له التحرك بكفاءة بين صفوف النباتات، مع تجنب العقبات باستخدام خوارزميات مسار تعتمد على الذكاء الاصطناعي.
٥ مزايا رئيسية
يقدم الروبوت الذكي العديد من المزايا مقارنة بأساليب الزراعة التقليدية، حيث يعالج التحديات المتعلقة بالتكاليف واليد العاملة:
الدقة المحسنة: يحدد الروبوت الفراولة الناضجة بدقة، ما يقلل من الفاقد ويحد من الأضرار التي تلحق بالنباتات، وبالتالي يعزز الإنتاجية ويحسن جودة المحصول وقيمته في السوق.
العمل المتواصل: على عكس العمال البشريين، يمكن للروبوت العمل على مدار الساعة، ما يوفر أداءً ثابتًا ويزيد من الإنتاجية دون الحاجة إلى العمل الإضافي أو التكاليف الموسمية.
الكفاءة في التكاليف: تؤدي أتمتة المهام المتكررة إلى خفض تكاليف العمالة بشكل كبير، حيث لا يحتاج المزارعون إلى تدريب عمال جدد كل موسم، بل يمكنهم الاعتماد على نظام آلي يتطلب الحد الأدنى من الإشراف.
حل مشكلة نقص العمالة: مع تراجع أعداد العمالة اليدوية في القطاع الزراعي، خاصة في المهام الشاقة مثل قطف الفاكهة، يوفر هذا الروبوت بديلًا عمليًا وموثوقاً.
القابلية للتوسع: بفضل تصميمه المعياري، يمكن تكييف الروبوت مع أنواع مختلفة من المحاصيل والبيئات الزراعية، ما يوسع نطاق استخدامه إلى ما هو أبعد من الفراولة. تساعد الأتمتة على زيادة الإنتاج دون زيادة متناسبة في تكاليف العمالة، ما يجعل من السهل تلبية الطلب المتزايد.
قطف الطماطم والتفاح أيضاً
صُمّم "روبوت قاطف الفراولة" للعمل في بيئات متنوعة تشمل مناخات مختلفة وظروف تضاريس متعددة. تتيح المستشعرات المتقدمة للروبوت التكيف مع ظروف الإضاءة المختلفة، سواء أكانت أشعة الشمس الساطعة في الحقول أم الإضاءة المنخفضة داخل البيوت المحمية. كما أن تصميمه الميكانيكي مقاوم لتحديات البيئة مثل تغير درجات الحرارة والرطوبة والغبار، بينما يمكن ضبط نماذج الذكاء الاصطناعي لتناسب بيئات محددة، ما يضمن أداءً مثاليًا في الحقول المفتوحة أو المزارع العمودية الداخلية أو البيوت الزجاجية.
يمكن توظيف الروبوت لحصاد محاصيل أخرى مثل الطماطم والتفاح والفلفل الحلو. التقنية المستخدمة في هذا الروبوت قابلة للتوسع بفضل اعتمادها على التعلم الآلي والأجهزة القابلة للتكيف. يمكن تدريب الخوارزميات ذاتها للتعرف على أنواع مختلفة من الفواكه أو الخضروات، حيث تتطلب عملية التدريب جمع مجموعة بيانات من الصور والمعايير الخاصة بالمحصول الجديد. تضمن هذه القابلية للتوسع أن تكون هذه التقنية بمثابة حل متعدد الوظائف للزراعة الدقيقة، ما يعزز الإنتاجية في العديد من الأنشطة الزراعية.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


النهار
منذ 7 أيام
- النهار
ترامب في الإمارات: تلتقي السياسة بالتكنولوجيا فيتشكل مستقبل الذكاء الاصطناعي
في قلب منطقة الخليج، تتخذ الإمارات موقعاً استراتيجياً يعزز من تطور علاقاتها مع الولايات المتحدة، حيث تتلاقى السياسة مع الابتكار التكنولوجي في خطوة نحو مستقبل مشترك. وصول الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى أبوظبي لم يكن مجرد زيارة عابرة، بل كان بمثابة لحظة فارقة تعكس تحولاً عميقاً في ملامح الشراكة بين البلدين. هذه الزيارة تأتي في وقتٍ تشهد فيه الإمارات تسارعاً غير مسبوق في اعتمادها على الذكاء الاصطناعي، والتكنولوجيا المتقدمة، لتحقق قفزات نوعية في مسارها نحو المستقبل. من مستهلك إلى منتج للذكاء الاصطناعي لطالما كانت الإمارات في صدارة الدول التي تبنت الابتكار الرقمي، لكنها اليوم تسير بخطى واثقة لتكون أكثر من مجرد مستهلك للتكنولوجيا العالمية. مع تغير قواعد اللعبة التكنولوجية على الصعيد العالمي، أصبحت الإمارات بيئة خصبة لاحتضان الابتكار الرقمي. إن قرارات إدارة ترامب الأخيرة بإلغاء القيود على تصدير الشرائح الإلكترونية المتقدمة قدّمت للإمارات فرصة جديدة لتعزيز قدراتها التكنولوجية، إذ ستتمكن من استيراد نصف مليون شريحة متطورة سنوياً من شركة "إنفيديا" حتى عام 2027. هذا التحول في علاقة واشنطن وأبوظبي يعكس استعداد الإمارات لتكون لاعباً رئيسياً في سباق الذكاء الاصطناعي. ومع محطات هامة مثل تأسيس أول وزارة للذكاء الاصطناعي، وإطلاق جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي، تبني الإمارات بنية قوية تدعم دورها المتنامي في إنتاج التكنولوجيا المتطورة، لا استهلاكها فقط. الزيارة التي يقوم بها ترامب تتجاوز الجوانب السياسية المعتادة، لتفتح أبواب التعاون في مجالات التكنولوجيا المتقدمة. في هذا السياق، شهدت الإمارات في شباط /فبراير 2024 إعلاناً بارزاً بين مجموعة "جي 42" و"مايكروسوفت" عن إطلاق "مؤسسة الذكاء الاصطناعي المسؤول"، وهو المركز الأول من نوعه في الشرق الأوسط الذي يهدف إلى تعزيز معايير الذكاء الاصطناعي المسؤول وترسيخ أفضل الممارسات في منطقة الشرق الأوسط والجنوب العالمي. G 42 كما شهد شهر آذار /مارس 2024 الإعلان عن شراكات مهمة في هذا المجال. فقد أعلنت "بلاك روك" و Global Infrastructure Partners ، التابعة لبلاك روك، و"مايكروسوفت"، عن انضمام "إنفيديا" و"إكس إيه آي" إلى "الشراكة العالمية للاستثمار في البنية التحتية للذكاء الاصطناعي"، والتي أُعيدت تسميتها لتصبح "الشراكة في البنية التحتية للذكاء الاصطناعي". تهدف هذه الشراكة إلى تأمين 30 مليار دولار من رأس المال عبر المستثمرين والشركات، ما يعزز دور الإمارات كمركز إقليمي للتكنولوجيا المتقدمة. نحو شراكة استراتيجية مستدامة في الذكاء الاصطناعي في الوقت الذي يركز فيه ترامب على تعزيز الشراكات التجارية والسياسية مع دول المنطقة، تبدو الإمارات في قلب هذه التحولات الكبرى. إنها ليست مجرد مركز تجاري، بل أصبحت لاعباً تكنولوجياً متقدماً، يتطلع إلى تحقيق نمو اقتصادي مستدام باستخدام الذكاء الاصطناعي في مجالات عدة مثل التعليم والصحة والطاقة. علاوة على ذلك، أعلنت القابضة الإماراتية و Energy Capital Partners، أكبر شركة خاصة تعمل في قطاع توليد الطاقة والطاقة المتجددة في الولايات المتحدة، عن إبرام شراكة لاستثمار 25 مليار دولار في مشاريع جديدة لتوليد الطاقة. هذا التعاون يعكس التناغم بين طموحات الإمارات في مجال الطاقة النظيفة والابتكار التكنولوجي. الفضاء: تعاون إماراتي-أميركي نحو آفاق جديدة لا تقتصر الشراكة بين الإمارات والولايات المتحدة على الذكاء الاصطناعي فقط. ففي مجال الفضاء، عزز إطلاق دولة الإمارات لمسبار الأمل في عام 2021 التعاون العلمي بين البلدين في استكشاف الفضاء. كما تعمل الإمارات في مشروع NASA's Lunar Gateway، حيث ستطور وحدة لإقفال الهواء الخاصة بالطاقم والعلماء، بالإضافة إلى إرسال أول رائد فضاء إماراتي إلى مدار القمر بحلول عام 2030. هذا التعاون العلمي يعكس التزام الإمارات بالابتكار الفضائي، ويؤكد مكانتها كلاعب رئيسي في هذا القطاع الاستراتيجي. نحو مستقبل مشترك من الابتكار الزيارة التي يقوم بها ترامب إلى الإمارات هي أكثر من مجرد خطوة دبلوماسية؛ إنها بداية حقبة جديدة من التعاون بين الدولتين، في سبيل تحقيق تقدم مشترك في مجالات الذكاء الاصطناعي، الفضاء، والطاقة. والواقع أن هذه العلاقة المتنامية لا تمثل فقط توسيعاً للشراكات الاقتصادية، بل هي أيضًا تكريسٌ لأهداف الإمارات في الابتكار الرقمي. على المدى الطويل، يتوقع أن تصبح هذه الشراكة محوراً رئيسياً في مواجهة التحديات العالمية الكبرى، مثل التغير المناخي، وتحقيق التنمية المستدامة. الإمارات، بما تمتلكه من بنية تحتية قوية، ورؤية استشرافية للمستقبل، تسير بخطى واثقة نحو التأكيد على مكانتها في الطليعة العالمية للابتكار الرقمي. وها هي اليوم، في ظل هذه الشراكات المميزة، تثبت أنها ليست فقط مستهلكاً للتكنولوجيا، بل لاعب أساسي في صناعة مستقبل الذكاء الاصطناعي.


سيدر نيوز
٢٥-٠٢-٢٠٢٥
- سيدر نيوز
ما الذي تسعى الإمارات إلى تحقيقه في مجال الذكاء الاصطناعي؟
تسعى الإمارات العربية المتحدة إلى أن تصبح واحدة من الدول الرائدة في مجال الذكاء الاصطناعي على مستوى العالم، إذ خصصت مليارات الدولارات لتمويل أبحاثه وإنشاء بنية تحتية متطورة تمكن الدولة الخليجية من استخدام هذه التكنولوجيا في شتى المجالات. ومن أحدث الخطوات التي اتخذتها الإمارات في هذا الشأن الإعلان قبل أيام عن استثمار ما بين 30 إلى 50 مليار يورو لإنشاء أضخم مركز بيانات ذكاء اصطناعي في أوروبا، والذي سيكون مقره في فرنسا. بدأ اهتمام الإمارات بتلك التقنيات قبل تفجر ما يوصف بـ'ثورة' الذكاء الاصطناعي خلال الأعوام القليلة الماضية، إذ أطلقت استراتيجيتها الوطنية للذكاء الاصطناعي في عام 2017، معلنة أن هدفها هو أن تصبح في مصاف دول العالم الرائدة في هذه التكنولوجيا بحلول عام 2031، واجتذبت منذ ذلك التاريخ العديد من الاستثمارات والمواهب الأجنبية وأبرمت شراكات واتفاقات مع كبرى شركات التكنولوجيا مثل مايكروسوفت. فما الذي تسعى الإمارات إلى تحقيقه في هذا المجال؟ وهل الدافع من وراء خططها للذكاء الاصطناعي اقتصادي صرف، أم أن طموح البلاد يتخطى العائد المادي إلى أبعد من ذلك؟ وما التحديات التي قد تواجهها؟ 'أهداف اقتصادية طموحة' لطالما سعت الإمارات إلى تنويع اقتصادها وتقليل الاعتماد على النفط والغاز من خلال تطوير صناعات أخرى، وقد أصبح الذكاء الصناعي أحد الأدوات المهمة في تلك العملية. وتهدف استثمارات البلاد في هذه التكنولوجيا إلى تعزيز الكفاءة والإنتاجية في قطاعات تشكل أولوية وفق استراتيجيتها للذكاء الاصطناعي 2031 في المرحلة الحالية، ألا وهي الموارد والطاقة، والخدمات اللوجستية والنقل، والسياحة والضيافة، والأمن الإلكتروني، والرعاية الصحية. وفي عام 2018، أسست الإمارات شركة 'جي 42' التي يترأسها الشيخ طحنون بن زايد، نائب حاكم إمارة دبي ومستشار الأمن الوطني للبلاد. تختص الشركة في تطوير بنية تحتية للذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات الضخمة والحوسبة السحابية، وتقدم خدمات في تلك المجالات للقطاعين العام والخاص. وتمتلك شركة 'مبادلة' للاستثمار السيادي حصة في G42. وأسست إمارة أبو ظبي جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي عام 2019، ثم معهد الابتكار التكنولوجي عام 2020، الذي أطلق نموذج المعالجة الطبيعية للغة العربية 'نور' في عام 2022، والنموذج اللغوي الكبير 'فالكون' عام 2023. يشار إلى أن 'النموذج اللغوي الكبير' هو نوع متقدم من تقنية الذكاء الاصطناعي مصمم لفهم وتوليد نصوص تشبه النصوص البشرية، كمثل الذي يستخدمه روبوت الدردشة الشهير 'تشات جي بي تي'. وفي عام 2022، أعلنت الإمارات إطلاق استراتيجيتها الوطنية للاقتصاد الرقمي التي تهدف إلى مضاعفة إسهام الاقتصاد الرقمي في إجمالي الناتج المحلي غير النفطي ليصل إلى 20 في المئة بحلول عام 2031. وأنشأت البلاد مجلسا للذكاء الاصطناعي والتعاملات الرقمية يترأسه عمر بن سلطان العلماء الذي يشغل أيضا منصب وزير الدولة للذكاء الاصطناعي منذ عام 2017. وقبل نحو عام، أعلن 'مجلس الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المتقدمة' الإماراتي عن تأسيس شركة 'إم جي إكس' للاستثمار التكنولوجي، مضيفا أن 'مبادلة' و'جي 42″ شريكان مؤسسان لها، وأن الاستراتيجية الاستثمارية لـ 'إم جي إكس' ستركز على البنية التحتية للذكاء الاصطناعي، وأشباه الموصلات والتقنيات الأساسية للذكاء الاصطناعي، بما فيها نماذج الذكاء الاصطناعي والبرمجيات والبيانات وعلوم الحياة والروبوتات. وأعلنت شركة التكنولوجيا الأمريكية العملاقة مايكروسوفت في أبريل/نيسان 2024 عن 'استثمار استراتيجي' قدره 1.5 مليار دولار في شركة 'جي 42″، وهي خطوة يتوقع أن تعزز موقع الإمارات كمركز عالمي للذكاء الاصطناعي. كما أبرمت 'جي 42' شراكات مع شركات تكنولوجية كبرى أخرى مثل 'أوبن أيه آي' و'ديل' و'آي بي إم' وأوراكل، وشركة أسترازينيكا لتصنيع الدواء، وشركة 'إيلومينا' الرائدة في أبحاث الجينات . يقول سام وينتر-ليفي زميل برنامج التكنولوجيا والشؤون الدولية بمعهد كارنيغي للسلام الدولي إن 'التزام الإمارات بالذكاء الاصطناعي يمثل أولوية وطنية حقيقية تحظى بتأييد واسع من قبل القيادة ولها أهداف اقتصادية طموحة'. تطلعات تتجاوز الاقتصاد لا تخفي البلاد رغبتها في أن تصبح قوة إقليمية ذات ثقل سياسي وعسكري واقتصادي، رغم صغر عدد سكانها الذي يبلغ حوالي 9.5 مليون نسمة، غالبيتهم من الأجانب. وكان للطفرة التنموية والعمرانية وتركيزها على تنويع اقتصادها واستخدام التقنيات المتقدمة دور كبير في تعزيز مكانتها الإقليمية. يقول وينتر-ليفي إن الأهداف التي ترغب البلاد في تحقيقيها من خلال خطتها لأن تصبح لاعبا رئيسيا في مجال الذكاء الاصطناعي بالتأكيد تشمل البعد الاقتصادي، إذ إن الذكاء الاصطناعي أحد وسائل تنويع اقتصادها وإبعاده عن الاعتماد على الوقود الأحفوري. 'لكن الطموح يتخطى الاقتصاد. فالعديد من قادة الإمارات يؤمنون بقوة الذكاء العام الاصطناعي، وهو سيناريو يفترض أن الذكاء الاصطناعي سيعادل أو يفوق مستوى الذكاء البشري في كافة المجالات أو غالبيتها، ويرغبون في أن يكونوا لاعبا أساسيا في هذه الثورة…وهذا جزئيا لأسباب اقتصادية، لكنه أيضا مسألة هيبة وطنية. فهم يرغبون في أن ينظر إليهم على أنهم دولة متقدمة تلعب دورا رائدا في تطوير تكنولوجيا حديثة سيكون لها تبعات عالمية مهمة فيما يتعلق بالنمو الاقتصادي والأمن القومي'. وتستخدم الإمارات كذلك التطبيقات العسكرية للذكاء الاصطناعي. على سبيل المثال، افتتح مجلس توازن الإماراتي وشركة 'إل 3 هاريس' الأمريكية لأنظمة الدفاع مركز 'باز'( BAZ) المتخصص في بناء قدرات تعلم الآلة والذكاء الاصطناعي لصالح القوات المسلحة الإماراتية، في عام 2023. وذكر موقع 'توازن' إن المركز، الذي يعرف أيضا باسم 'مركز البيانات الذكية'، سيعمل على تعزيز 'القدرات الدفاعية في المجالات الإلكترونية بالمنطقة'، مضيفا أن المركز يبحث 'إنشاء قدرات مستقبلية في مجال الروبوتات'. يقول مدير برنامج الدراسات الاستراتيجية والدولية 'دراسات' في البحرين، أشرف كشك، إن اهتمام الإمارات بتوظيف الذكاء الاصطناعي في المجال العسكري يرتبط 'بتغير طبيعة التهديدات التي تواجهها، فهي كغيرها من دول الخليج العربية الأخرى تقع ضمن محيط إقليمي مضطرب'، وإن 'الثورة الهائلة في مجال التصنيع العسكري بسبب الذكاء الاصطناعي كان لها تأثير على الرؤية الاستراتيجية، خاصة تهديدات الطائرات بدون طيار أو المسيّرات، ولا سيما بعدما استهدفت مسيّرة تابعة للحوثيين مطار أبو ظبي في عام 2022. ورغم أنها لم تؤثر على حركة الملاحة في المطار، فإنها كانت مؤشرا مهما على تأثير التكنولوجيا على مفهوم أمن الخليج'. ويضيف الدكتور كشك: 'بما أن التحدي يخلق الاستجابة، فقد أعلنت شركة إيدج (وهي الشركة الوطنية التي تضم تحت مظلتها مجموعات شركات التصنيع العسكري في الإمارات) في عام 2023 عن 14 منتجا دفاعيا جديدا من بينها 11 منتجا يعتمد على التكنولوجيا الذاتية مثل الطائرات المسيرة والأسلحة الذكية'. وفي يناير/كانون الثاني عام 2024، أعلنت مجموعة إيدج أن شركة ميلريم روبوتكس الأوروبية الرائدة في مجال الروبوتات والأنظمة المستقلة، والمنضوية تحت مظلة إيدج، أبرمت عقدا ستزود بموجبه وزارة الدفاع الإماراتية بـ 20 مركبة قتالية مجنزرة و 40 مركبة برية غير مأهولة، وقالت إن الاتفاقية تشكل أكبر برنامج روبوتات قتالية من نوعه في العالم. التحديات تعمد الإمارات إلى تنويع شراكاتها الاقتصادية والتجارية والعسكرية، والذكاء الاصطناعي ليس استثناء. فالبلاد أبرمت اتفاقات وصفقات مع دول أوروبية، مثل فرنسا، ومع إسرائيل، وأيضا مع الولايات المتحدة والصين. ولكن في ظل التنافس المحموم بين بكين وواشنطن من أجل تحقيق الريادة في مجال الذكاء الاصطناعي، تمارس الولايات المتحدة ضغوطا على الإمارات لقطع علاقتها بالصين في هذا المجال. يقول وينتر-ليفي إن الإمارات بذلت على ما يبدو 'مجهودات جادة لتهدئة مخاوف الولايات المتحدة بشأن إدارتها لتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي: فقد تعهدت بتأمين مراكز بياناتها وإزالة الأجهزة الصينية التي قد تحتوي على ثغرات أمنية خلفية، وفحص العملاء والموظفين ومراقبة كيفية استخدام المشترين للرقائق'. ويضيف أن جي 42 'تخلت عن الشركات الصينية وتخلصت من التقنيات التي كانت شركة هواوي الصينية قد زودتها بها، في إطار صفقتها مع مايكروسوفت التي تبلغ قيمتها 1.5 مليار دولار'. كانت الإمارات قد أعلنت العام الماضي أنها تسعى إلى 'الارتباط' (الكلمة الإنجليزية المستخدمة هي marriage، ومعناها الحرفي هو 'الزواج') بالولايات المتحدة في مجال الذكاء الاصطناعي. لكن وينتر-ليفي يشك في 'أن العلاقة ستكون أحادية، فلدى الإمارات محفزات قوية للتعامل مع الصين والولايات المتحدة في الوقت ذاته، وهو تفكير عقلاني، نظرا لعدم الاستقرار السياسي في أمريكا ورغبة واشنطن المستمرة، وإن كانت محبطة دائما، في تحويل بوصلتها صوب آسيا'، مشيرا إلى أن الصين هي أكبر شريك تجاري للإمارات في المجالات غير النفطية، و'لا تنتقد انتهاكاتها في مجال حقوق الإنسان أو أنشطتها الإقليمية'، على حد تعبيره. ولكن لكي تتمكن الإمارات من الحصول على تقنيات متقدمة مثل رقائق الذكاء الاصطناعي، يرى مراقبون أنه سيتعين عليها البقاء في المعسكر الأمريكي. فهذه التقنية تسيطر عليها الشركات الأمريكية، ولا سيما شركة نفيدا، والشركات الصينية متأخرة عنها بكثير، وتعتمد على البرمجيات الأمريكية التي تستخدم لتصميم تلك الرقائق – وإن كان إطلاق روبوت الدردشة الصيني 'ديب سيك' مؤخرا قد أثار شكوكا حول دقة هذا الكلام. المعروف أن الإطار الأمريكي لنشر وتوزيع الذكاء الاصطناعي لا يستثني سوى 18 دولة حليفة للولايات المتحدة (منها ألمانيا وفرنسا واليابان والمملكة المتحدة) من القيود المفروضة على تصدير رقائق الذكاء الاصطناعي، والإمارات ليست واحدة من تلك الدول. يقول وينتر-ليفي ' بشكل عام، أظن أن الإمارات سوف تحاول أن تبعث بإشارة إلى الولايات المتحدة مفادها أنها في المعسكر الأمريكي لكي تتمكن من الحصول على قدرات الحوسبة الأمريكية المتقدمة، ووحدات معالجة الغرافيكس، إلخ. كما أنها ستتخذ بعض الخطوات صوب منظومة التكنولوجيا الأمريكية وتنأى بنفسها إلى حد ما عن هواوي. لكن لا أظن أنها ستحرق جسورها مع الصين، بل ستبقي على علاقات سياسية واقتصادية طيبة معها، كما ستواصل موازنة رهاناتها إلى حد ما، بينما تراقب كيف ستتطور هذه المنافسة التكنولوجية بين القوى العظمى خلال السنوات القليلة القادمة'. من التحديات الأخرى التي تواجه الإمارات، كما يقول الدكتور كشك 'الكوادر البشرية النوعية، ليس لتشغيل التكنولوجيا فقط، بل أيضا لصيانتها'. يوافقه وينتر-ليفي الرأي، الذي يرى أنه نظراً لصغر عدد سكان الإمارات، ورغم الجهود التي تبذلها البلاد لتدريب المواهب المحلية واجتذاب العمالة الأجنبية، فإن ذلك لا يزال يشكل تحديا كبيرا لها. بالتأكيد لا أحد يستطيع أن يتنبأ على وجه الدقة بما إذا كانت الإمارات ستتمكن من تنفيذ خطتها الطموحة في مجال الذكاء الاصطناعي، ولكن كثيرا من خبراء الاقتصاد والتكنولوجيا يرون أن لديها العديد من المؤهلات التي تمكنها من السير في الاتجاه الصحيح. فالبلاد، كما يقول وينتر-ليفي، تمتلك 'القدرة على إنشاء مصادر طاقة على نطاق واسع و بسرعة (وهو متطلب حيوي لمراكز معلومات الذكاء الاصطناعي)، وبفضل قاعدة الهندسة والعمليات القوية لصناعتها النفطية، لدى الإمارات قوة عاملة نشطة تتميز بخبرة تقنية عالية. سواء حققوا أهدافهم بالضبط أم لا، فإنهم لا يخدعون أنفسهم إذ يرون أن أمامهم الفرصة للعب دور كبير نسبيا في ثورة الذكاء الاصطناعي المقبلة'. ** مسؤلية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.


النهار
١٨-٠٢-٢٠٢٥
- النهار
روبوت الذكاء الاصطناعي المصنوع في الإمارات يقطف الفراولة الناضجة بكفاءة تفوق البشر
تمكن خبراء في إحدى الجامعات في أبوظبي من تطوير روبوت يعمل بالذكاء الاصطناعي قادر على تحديد الفراولة الناضجة بدقة، وقطفها دون إلحاق أي ضرر بها. يتميز هذا الروبوت بالقدرة على العمل المستمر في بيئات مختلفة، سواء في الحقول المشمسة أو في البيوت المحمية. يُعرف هذا الابتكار باسم "روبوت قاطف الفراولة"، وهو مشروع تقوده مجموعة من الأساتذة المتخصصين في قسم الروبوتات في جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي (MBZUAI) بالتعاون مع أقسام أخرى، مثل التعلم الآلي ورؤية الحاسوب. يهدف هذا الحل التقني إلى دعم القطاع الزراعي من خلال خفض تكاليف العمالة والحفاظ على مستويات عالية من الإنتاجية وجودة المحاصيل. كيف يعمل الروبوت؟ يعتمد الروبوت على تقنيات متقدمة في الذكاء الاصطناعي، ورؤية الحاسوب، والتعلم الآلي، والروبوتات، والزراعة الدقيقة. حيث تم تزويده بكاميرات عالية الدقة ومستشعرات متطورة لتحليل النباتات في الوقت الفعلي، وتحديد الفراولة الناضجة بناءً على معايير مثل اللون والحجم والشكل. تضمن خوارزميات التعلم الآلي دقة التمييز بين الفاكهة الناضجة وغير الناضجة أو التالفة. عند اكتشاف ثمرة فراولة ناضجة، يستخدم الروبوت ذراعًا آلية مزودة بمقبض حساس لقطف الفاكهة بلطف دون إلحاق أي ضرر بها. كما أنه يتمتع بقدرة على الإدراك النشط، ما يسمح له بضبط موقعه وقوة قبضته وفقًا لعوامل بيئية مثل الضوء أو العوائق أو حركة النباتات بسبب الرياح. كما يمتلك الروبوت نظام تنقل ذاتي يتيح له التحرك بكفاءة بين صفوف النباتات، مع تجنب العقبات باستخدام خوارزميات مسار تعتمد على الذكاء الاصطناعي. ٥ مزايا رئيسية يقدم الروبوت الذكي العديد من المزايا مقارنة بأساليب الزراعة التقليدية، حيث يعالج التحديات المتعلقة بالتكاليف واليد العاملة: الدقة المحسنة: يحدد الروبوت الفراولة الناضجة بدقة، ما يقلل من الفاقد ويحد من الأضرار التي تلحق بالنباتات، وبالتالي يعزز الإنتاجية ويحسن جودة المحصول وقيمته في السوق. العمل المتواصل: على عكس العمال البشريين، يمكن للروبوت العمل على مدار الساعة، ما يوفر أداءً ثابتًا ويزيد من الإنتاجية دون الحاجة إلى العمل الإضافي أو التكاليف الموسمية. الكفاءة في التكاليف: تؤدي أتمتة المهام المتكررة إلى خفض تكاليف العمالة بشكل كبير، حيث لا يحتاج المزارعون إلى تدريب عمال جدد كل موسم، بل يمكنهم الاعتماد على نظام آلي يتطلب الحد الأدنى من الإشراف. حل مشكلة نقص العمالة: مع تراجع أعداد العمالة اليدوية في القطاع الزراعي، خاصة في المهام الشاقة مثل قطف الفاكهة، يوفر هذا الروبوت بديلًا عمليًا وموثوقاً. القابلية للتوسع: بفضل تصميمه المعياري، يمكن تكييف الروبوت مع أنواع مختلفة من المحاصيل والبيئات الزراعية، ما يوسع نطاق استخدامه إلى ما هو أبعد من الفراولة. تساعد الأتمتة على زيادة الإنتاج دون زيادة متناسبة في تكاليف العمالة، ما يجعل من السهل تلبية الطلب المتزايد. قطف الطماطم والتفاح أيضاً صُمّم "روبوت قاطف الفراولة" للعمل في بيئات متنوعة تشمل مناخات مختلفة وظروف تضاريس متعددة. تتيح المستشعرات المتقدمة للروبوت التكيف مع ظروف الإضاءة المختلفة، سواء أكانت أشعة الشمس الساطعة في الحقول أم الإضاءة المنخفضة داخل البيوت المحمية. كما أن تصميمه الميكانيكي مقاوم لتحديات البيئة مثل تغير درجات الحرارة والرطوبة والغبار، بينما يمكن ضبط نماذج الذكاء الاصطناعي لتناسب بيئات محددة، ما يضمن أداءً مثاليًا في الحقول المفتوحة أو المزارع العمودية الداخلية أو البيوت الزجاجية. يمكن توظيف الروبوت لحصاد محاصيل أخرى مثل الطماطم والتفاح والفلفل الحلو. التقنية المستخدمة في هذا الروبوت قابلة للتوسع بفضل اعتمادها على التعلم الآلي والأجهزة القابلة للتكيف. يمكن تدريب الخوارزميات ذاتها للتعرف على أنواع مختلفة من الفواكه أو الخضروات، حيث تتطلب عملية التدريب جمع مجموعة بيانات من الصور والمعايير الخاصة بالمحصول الجديد. تضمن هذه القابلية للتوسع أن تكون هذه التقنية بمثابة حل متعدد الوظائف للزراعة الدقيقة، ما يعزز الإنتاجية في العديد من الأنشطة الزراعية.