
فشل مشروع الممانعة والفرص الضائعة
مايحدث فى الشرق الأوسط يصيب المرء بالحيرة، وأحيانا بالعجز عن إمكانية توقع الأفضل عندما يرى شلالات الدم الذى يراق هنا وهناك، دون أن يطمع فى أن يحمل قادم الأيام أمارات الأمل والتفاؤل بإمكانية وقف هذا الموت الرهيب، بل على العكس فى ظل تزايد الإبادة التى تتوالى فصولا فى غزة والضفة الغربية، وعمليات القصف والاصطياد الممنهج فى سوريا ولبنان للأفراد والمواقع المدنية والعسكرية، على يد حكومة النازيين الجدد فى تل أبيب، وأشخاص قرروا إحراق الإقليم من أصحاب القلوب السوداء المتعطشة للدماء أمثال نيتانياهو وبن غفير وسموتريتش، وعلى الجانب الآخر عمليات القتل اليومى من القوات الأمريكية على محافظات اليمن التعيس الذى أوقعه حظه فى قبضة جماعة الحوثى، الذين خطفوا البلاد والعباد فى صنعاء والحديدة وغيرهما منذ 2014، وعادوا باليمن إلى سنوات الانقسام والتخريب وخطف القرار، فبات أمل الإصلاح والعودة إلى أصل الأشياء فى الإقليم العربى من رابع المستحيلات، وبات المشهد يحزن القلب ويوجع العقل جراء تزايد مفاجآت المجهول، مما ينذر باستحالة الإصلاح فى ظل وجود أشخاص مثل نيتانياهو رجل المكر والخداع والمراوغة والمناورة للحصول على كل شىء فى وقت واحد، عبر مشروعه التخريبى لتفكيك الدول وتغيير الثوابت السياسية والعسكرية فى الإقليم، بعد نجاحه فى تصفية مشروع المقاومة والممانعة، بغطاء ودعم سياسى ولوجستى أمريكى وأوروبى منافق ومنحاز ومغالط للحق ومنطق الأمور والثوابت العادلة، وكذلك أيضا استمرار ممارسات إيران لتصدير القلاقل والتوترات، تحت مسمى محور الممانعة لأكثر من 45 عاما، وكانت المحصلة صفرا مركبا، فلا هى نجحت فى هزيمة إسرائيل ولا إنهاء المشروع الصهيونى، أو محو إسرائيل من الإقليم منذ وصف الإمام الخومينى أيام ثورة الملالى عام 1979 إسرائيل بأنها غدة سرطانية فى الإقليم لن نتوانى عن استئصالها.
لامبالغة فى القول إن مشروع إيران فى الإقليم قد فشل، فكل أذرع طهران، ابتداء من حزب الله وبعد أكثر من أربعة عقود من التكوين والبناء تراجع وفى طريقه إلى التصفية، إن عاجلا أو آجلا بعد ان أنفقت إيران عشرات المليارات من الدولارات، على تسليح الحزب وقد يخسر مواقعه فى شمال وجنوب الليطانى ووجوده العسكرى بالجنوب اللبنانى، فى ضوء الحوار القائم حاليا بين قيادة الحزب والحكومة والرئيس اللبنانى جوزيف عون، والحال هكذا مع الفصائل الفلسطينية حماس والجهاد، حيث تراجعت وتآكلت القوة العسكرية لهما بعد طوفان الأقصى وحرب الإبادة الإسرائيلية التى يقودها مجرم الحرب نيتانياهو، ناهيك عن استشهاد قيادات الجناح العسكرى لحماس من المستوى الأول والثانى وربما الثالث، وبات الحديث الآن عن اى تسوية فى غزة تتمحور حول تسليم سلاح حماس وخروج البقية من قيادتها الفاعلة الى خارج غزة وما ينطبق على حماس ينطبق بالتبعية على حركة الجهاد، وهذا لو تعلمون خسارة كبيرة بسبب حسابات خاطئة لمجموعة مغامرة فى قيادة حماس الداخل والنتيجة، خسارة الأرض والبشر وقوة سلاح المقاومة، والحال كذلك بانهيار نظام بشار الأسد فى سوريا الذى ساندته إيران لأكثر من ثلاثة عقود منذ عهد حافظ الأسد، حيث استثمرت طهران فى مشروع سوريا المفيدة كما كان يردد بشار لأجل جعل الأراضى السورية ساحة المقاومة الكبرى فى الإقليم، ويقدر ما انفق بنحو 55 مليار دولار لكن فشل وسقط النظام وخسرت إيران اكبر ساحاتها فى المنطقة، ونفس الأمر حصدته روسيا التى سارعت لإنقاذ سوريا ونظام الأسد بتوصية إيرانية منذ 2015 بعد اتساع حرب الربيع السورى، وتغيير المعادلة بالحل العسكرى وليس السياسى لإنهاء فصول التوتر هناك الذى استمر لأكثر من 13 عاما بسقوط بشار وخروج روسيا بعد ان أنفقت 30 مليار دولار للإبقاء على الأسد وتوفير العتاد العسكرى وقاعدتى حميميم وطرطوس، ويتبقى الذراع الأخيرة لطهران وهو الحوثى وهذا مايتكفل به الجانب الأمريكى، وبقرار من ترامب لإنهاء سطوة إيران وأذرعها فى الإقليم.
وبالتالى هذا الزلزال السياسى الذى ضرب الشرق الأوسط، تصدعت فيه دول وسقطت أنظمة وقد تتغير حدود، ومازالت الخرائط مفتوحة على المجهول، ولذا ربما تسلم إيران بالكامل، وتتخلى عن مشاريعها وأذرعها قى قادم الأيام، جراء الضغط الذى يمارس عليها فى المفاوضات الجارية الآن مع الولايات المتحدة فى مسقط وروما، خاصة مع تزايد تهديدات ترامب بسياسة العصا والجزرة، حيث لامناص إلا التسليم بلائحة الشروط الأمريكية الثلاثة وهى إنهاء وتفكيك البرنامج النووى الإيرانى، وإلغاء البرنامج الصاروخى الباليستى، ومشروع الطائرات المسيرة.
ورغم هذه التطورات التى قد تنبئ بنهاية مشروع إيران الثورى فى المنطقة فهذا ليس كافيا لاستعادة الأمن والاستقرار الإقليمى، بل لابد ان تسقط حكومة التطرّف اليمينى الإسرائيلية، وينتهى حكم نيتانياهو فى إسرائيل ويصير من الماضى، وهذه يجب ان تكون مهمة ترامب وإدارته، إذا كان بالفعل يسعى لتحقيق السلام فى الشرق الأوسط، كما تعهد فى انتخابات ولايته الثانية. يقينا كل يوم تثبت الأحداث، ان الرئيس السادات كان هو القائد الحكيم فى الإقليم عندما اختار طريق السلام لوطنه - مصر - وبشروطه، فى مقابل حفنة من المقامرين الذين أضاعوا دولهم وشعوبهم، وأضاعوا الفرص حتى بعدما اختاروا طريق السلام بمؤتمر مدريد عام 1991، سواء ياسر عرفات أو حافظ الأسد وقادة لبنان الذين اخترعوا مع الأسد تلازم المسارين، ورفضوا توقيع معاهدات سلام فى اللحظات الأخيرة، فكانت النتائج كارثية ضاعت الفرص والآمال وطارت الحلول التى كانت فى متناول اليد، حتى بات الجميع يعتصرهم الندم على سنوات الفرص التى ضاعت وولت دون عودة، ودون أمل فى الحصول على نصف ما كان متاحا بالأمس القريب.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


بلدنا اليوم
منذ ساعة واحدة
- بلدنا اليوم
محلل سياسي: أمريكا لن تفرض عقوبات على روسيا.. تفاصيل
قال الدكتور نبيل رشوان خبير الشئون الروسية، إن عملية وقف إطلاق النار صعب جدا ومعقدة للغاية ومن المفترض أن يكون وقف إطلاق النار أن يتم قبل المفاوضات ولكن روسيا رفضت هذا المبدأ حيث أنهم قدموا العديد من المقترحات بعضهم لبعض بحيث تشمل آلية ضمانات وقف إطلاق النار ومراقبة القرار، لافتا إلى أن روسيا رافضة هذا القرار وغير قابلة لمسألة وقف إطلاق النار وتسترشد بالحرب بين أمريكا وفيتنام وبين كوريا الشمالية وفنلندا والاتحاد السوفيتي. وأضاف رشوان في تصريحات له اليوم السبت، أن كل هذه الحرب تلقى بضحاياها وخسائرها وتبادل القتلي بين الجانبين، مشيرًا إلى أن روسيا تطالب من خلال الوثيقة المقدمة من خلال الخارجية الروسية التي تتضمن بعض الشروط لوقف إطلاق النار باستقالة الرئيس الاوكراني بالإضافة إلى خفض الجيش الاوكراني واقتصاره على عدد معين، وعدم انضمام أوكرانيا إلى النيتو وهذه شروط غاية في الصعوبة تمس سيادة واستقرار أوكرانيا ولكنها عملية غاية في الصعوبة. وأوضح الخبير السياسي، أن إلى فترة قريبة كان بعض الدول الاوربية تستورد محروقات من روسيا بما يعادل 23 مليار دولار وهذا حتى امس وان عملية فرض العقوبات لم تأتي بفائدة على الجانب الأوروبي أو الاوكراني وكما أن الولايات المتحدة تستورد محركات صواريخ حتى الآن من روسيا ، مشيرًا إلى أن ترامب قال إنه لن يفرض عقوبات على روسيا حيث أن التقارب الروسي الأمريكي يصب في اتجاه واحد بالنسبة للولايات المتحدة وهي محاولة لإبعاد روسيا عن الصين حيث أن أمريكا تحاول إبعاد الصين عن المنافسة وتعطيل الصين اقتصاديا.


24 القاهرة
منذ ساعة واحدة
- 24 القاهرة
متحدث الحكومة: الجانب الإماراتي بدأ في تنفيذ بعض الإنشاءات برأس الحكمة
تحدث المستشار محمد الحمصاني المتحدث الرسمي باسم مجلس الوزراء، عن المشروعات في رأس الحكمة ، موضحًا أن المرحلة الأولى من الأرض تم بالفعل تسليم جزء كبير منها، ويجري استكمال باقي المساحة خلال الفترة الحالية. متحدث الحكومة: الجانب الإماراتي بدأ في تنفيذ بعض الإنشاءات برأس الحكمة وأضاف الحمصاني في تصريحات تليفزيونية، أن الجانب الإماراتي بدأ في تنفيذ بعض الإنشاءات منذ فترة، ومنها فندق يتم بناؤه حاليًا على الأرض المستلمة. واعتبر أن عملية تسليم الأراضي بدأت فعليًا منذ فترة، وتوجيهات رئيس الوزراء الأخيرة جاءت لمتابعة إجراءات الجزء المتبقي من المرحلة الأولى. وفي سياق متصل، أشار المتحدث الرسمي إلى أن الدولة تعمل حاليًا على تطوير شامل للساحل الشمالي، ليس فقط على المستوى العمراني، بل أيضًا من حيث تعزيز البنية التحتية السياحية والخدمية. رئيس الوزراء: الدولة تولي أهمية كبيرة لمشروع تطوير مدينة رأس الحكمة بفضل صفقة رأس الحكمة.. الاستثمارات العربية في مصر تتضاعف إلى 41.5 مليار دولار خلال 2024 وأوضح أن الجهات المعنية، وعلى رأسها وزارة الإسكان، تضع مخططات متكاملة لتحديد المناطق السياحية الجاذبة، سواء على البحر أو في الظهير الصحراوي، تمهيدًا لطرحها أمام المستثمرين، وذلك في إطار رؤية شاملة لتحويل الساحل الشمالي إلى وجهة سياحية متكاملة، على غرار ما تحقق في مدينة العلمين الجديدة ومنطقة رأس الحكمة.

مصرس
منذ 2 ساعات
- مصرس
لبنان بين الاقتراع والإعمار.. جدل السلاح يعيد رسم المشهد الانتخابي.. الانتخابات البلدية تمثل لحزب الله محطة مفصلية أكثر من أي وقت مضى
انطلقت في لبنان، اليوم السبت، الانتخابات البلدية في الجنوب، حيث تعاني العديد من المناطق من دمار واسع خلفته الحرب الأخيرة بين حزب الله وإسرائيل، والتي قال الحزب إنها جاءت "دفاعًا عن غزة ومؤازرة لحماس،" بحسب ما ذكرت قناة "العربية". فيما انتشرت في عدد من البلدات ملصقات دعائية تحث الناخبين على التصويت لصالح الحزب، في محاولة لإبراز استمرارية نفوذه السياسي رغم الخسائر الكبيرة التي مني بها خلال الحرب الأخيرة مع إسرائيل، بحسب ما نقلت "رويترز".لا سيما أن هذه الانتخابات البلدية تمثل لحزب الله محطة مفصلية أكثر من أي وقت مضى، إذ تأتي في ظل تصاعد الدعوات المحلية والدولية لنزع سلاحه، واستمرار الغارات الجوية الإسرائيلية، بينما لا يزال جزء كبير من قاعدته الشعبية يرزح تحت وطأة الأزمات التي خلفها الصراع الأخير.الانتخابات البلدية في جنوب لبنان: صناديق الاقتراع وسط الركام وسلاح الحزبفي حين يجسد مشهد الأنقاض في جنوب لبنان الآثار الكارثية للحرب التي اشتعلت إثر قصف حزب الله لإسرائيل دعما لحماس في أكتوبر 2023، قبل أن تتصاعد المواجهات وتبلغ ذروتها بهجوم إسرائيلي شامل في سبتمبر 2024، خلف دمارا واسعا في البنى التحتية والمناطق السكنية، ما أدى إلى تراجع قوة حزب الله مقارنة بالماضي، بعد خسارته لأبرز قيادييه وآلاف من مقاتليه، إلى جانب تراجع نفوذه في مؤسسات الدولة اللبنانية، في ظل تصاعد تأثير خصومه السياسيين، وتنامي الدعوات الداخلية والخارجية لنزع سلاحه وإعادة رسم دور المجموعات المسلحة خارج إطار الدولة.تحول جذري في المشهد اللبناني: حزب الله تحت ضغط الداخل والخارجهذا المؤشر يعكس تحولا جوهريا في المشهد اللبناني، حيث أعلنت الحكومة الجديدة بوضوح أن هدفها هو حصر السلاح بيد الدولة فقط، مما يعني بالضرورة نزع سلاح حزب الله، وفق ما نص عليه اتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل الذي توسطت فيه الولايات المتحدة. ويعتبر سلاح حزب الله أحد أبرز أسباب الانقسامات العميقة في لبنان، إذ أشعل فتيل اقتتال داخلي قصير عام 2008، كما يؤكد خصوم الحزب أنه السبب الرئيسي في جر لبنان إلى عدة حروب مع إسرائيل.وقال وزير الخارجية يوسف راجي، المعارض لحزب الله، إن الجهات المانحة الأجنبية أبلغت الدولة بوضوح أنه لن يتم تقديم أي مساعدات لإعادة الإعمار إلا إذا تم حصر السلاح بيد الدولة وحدها، مما يضع ضغطا إضافيا على لبنان لنزع سلاح حزب الله.وقال مصدر دبلوماسي فرنسي إن إعادة الإعمار لن تتم إذا استمر القصف الإسرائيلي، وإذا لم تبادر الحكومة اللبنانية بسرعة كافية إلى نزع سلاح حزب الله.وأضاف المصدر الدبلوماسي الفرنسي أن المانحين يشترطون أيضًا أن تجري لبنان إصلاحات اقتصادية شاملة إلى جانب خطوات نزع السلاح لتحقيق إعادة الإعمار.إعادة الإعمار رهينة إصلاحات اقتصادية ونزع سلاح حزب الله في لبنانوقال حزب الله إن مسئولية إعادة الإعمار تقع بالكامل على عاتق الحكومة، متهما إياها بالتقصير في اتخاذ الإجراءات اللازمة رغم وعودها المتكررة.وقال حسن فضل الله، النائب البرلماني عن حزب الله، إن مسؤولية تأمين تمويل إعادة الإعمار تقع على عاتق الحكومة، متهمًا إياها بالتقصير في اتخاذ أي خطوات فعالة في هذا الصدد.وحذر فضل الله من أن استمرار تجاهل ملف إعادة الإعمار قد يؤدي إلى تفاقم الانقسامات داخل البلاد، متسائلًا: "هل يمكن أن يستقر جزء من الوطن بينما يعاني الجزء الآخر؟ هذا أمر غير مقبول"، في إشارة إلى مناطق الجنوب والضاحية الجنوبية لبيروت، التي يهيمن عليها حزب الله والتي تعرضت لأضرار جسيمة جراء القصف الإسرائيلي.شروط نجاح نزع سلاح حزب الله وإعادة بناء لبنانويري مهند الحاج علي من مركز كارنيجي للشرق الأوسط، أن ربط مساعدات إعادة الإعمار بنزع سلاح حزب الله يهدف إلى تسريع العملية، لكنه يشكك في قبول الحزب بهذا الشرط.وأشار هاشم حيدر، رئيس مجلس الجنوب، إلى أن الدولة تفتقر للأموال اللازمة لإعادة الإعمار، لكنه أكد وجود تقدم ملموس في عملية رفع الأنقاض.يذكر أن البنك الدولي قدر حاجات لبنان لإعادة الإعمار والتعافي بنحو 11 مليار دولار.