
الـمـعـايطـة : التحديـث السـيـاسـي يستند إلى رؤية شاملة يقودها الملك
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


جو 24
منذ 28 دقائق
- جو 24
الذكرى السنوية الاولى لوفاة القاضي هاني عبدالرحيم الحياري
جو 24 : المرحوم القاضي هاني عبدالرحيم الحياري 1936-2024 ** تمهيد مما لا شك فيه ان القضاء العادل هو الأساس الذي يستند عليه كل مجتمع لإيجاد نظام آمن ومستقر لأن الناس في ظل وجود القضاء النزيه، يطمئنون على حقوقهم وأموالهم ودمائهم وأعراضهم ويتحررون من الخوف، ومن هنا أقرأ صفة العدل التي تمثل جوهر رسالة ديننا الإسلامي الحنيف، والعدل لا يكون إلا بوجود قضاء نزيه لأنه هو الطريق الى الأمن والاستقرار، وهذان المفهومان هما الطريق نحو البناء والتعمير والإصلاح والتنمية التي تنشدها كل دولة. في المملكة الأردنية الهاشمية، كان القضاء على الدوام، وما يزال، على رأس أولويات القيادة الهاشمية وفي صلب اهتمامات جلالة الملك عبدالله الثاني منذ تولى سلطاته الدستورية، على قاعدة أنه الركيزة الأساسية في إحقاق الحق وإقامة العدل وحماية الحقوق وصون الحريات. وأن القضاء هو إحدى السلطات الثلاث التي تقوم عليها الدولة الأردنية، والتي ترسخ مبدأ سيادة القانون وتحقق مبادئ العدالة والمساواة والنزاهة وتعزز الثقة بمؤسسات الدولة، وفي ذلك يقول جلالته (إن قياس تقدم الدول ورفعتها يعتمد بشكل رئيس على استقلال وكفاءة الجهاز القضائي العامل فيها، وقدرته على العمل ضمن منظومة متكاملة مع باقي سلطات الدولة وأجهزتها المعنية بترسيخ سيادة القانون؛ فالجميع تحت القانون يعملون في ظله وإطاره، ويتساوون أمامه، ويحتكمون لأحكامه، ويُطبق القانون عليهم جميعاً دون تمييز أو محاباة، الأمر الذي يجذر قيم العدالة والنزاهة والمواطنة الفاعلة). سيرة قاضي نزيه ويعد القاضي هاني عبدالرحيم الحياري أحد قامات الأردن القضائية السامقة ممن لازمتهم صفة التميز، إذ كان صاحب مواصفات أجمعت عليها غالبية فئات المجتمع الأردني وخاصة زملاؤه القُضاة والمحامون، وأحسب أن من نال حظًّا وتعرف إليه لا بد وان تبادرت الى ذهنه مقولة المفكر العالمي "أريل تايتنجال" ومفادها انه" سيتم قياس نجاحك وتميزك دائمًا ...بواسطة مقدار وكفاءة الخدمات التي تقدمها للغير"، فعلى طوال مسيرته في درب القضاء وإحقاق الحق لأصحابه حرص أبو علاء على التحلي بصفات القاضي الذي تمثّل فيه معاني حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم "قاض عرف الحق فقضى به فهو فى الجنة"، وكذلك قول عمر بن عبد العزيز: (إذا كان في القاضي خمسُ خصالٍ، فقد كَمُل وهي: علمٌ بما كان قَبله، ونَزَاهةٌ عن الطَّمع، وحِلْمٌ عن الخَصْم، واقتداءٌ بالأئمة، ومُشَاورة أهلِ العلمِ والرأي"، وأيضاً قول الماوردي: (والنَّفسُ الشَّريفة تطلبُ الصِّيانة، وتُـرَاعي النَّزاهَة، وتحتمل من الضُّرِّ ما احتملت، ومن الشِّدَّة ما طاقتْ، فيبقى تحمُّلُها ويدوم تصوُّنها". الحياري وخلال عقود عديدة من العمل والتفاني والحكم بين الناس، نال محبة العامة والخاصة على حد سواء، والذين رأوا فيه ميزاناً لم يحده عن الحق قيد أنملة، لذا لم يكن مستغرباً أن يكون صاحب ألقاب ثلاثة، فهو صاحب القلب الذهبي، وهو ضمير العدالة، وهو رجل من القطع النادر، لما عرف عنه من حيادية تامة ونزاهة مطلقة ومصداقية أكيدة، فالرجل وخلال عقود من العمل في خدمة القضاء، جاب فيها مختلف محافظات المملكة وتسلم خلالها العديد من المناصب القضائية، كان نِعم القاضي الذي يأنس إليه الفرقاء واثقين من عدالة قضيتهم طالما آلت الى اليد الأمينة التي يمثلها هاني الحياري رحمه الله الذي لا شك أنه أسهم كذلك في إيجاد جيل من القضاة المؤمنين بسمو رسالة مهنتهم، فلا غرابة أن وجد فيه الكثيرون المثل والأنموذج والقدوة في منهجية العمل التي ساروا عليها واختطوها لأنفسهم منذ بواكير حياتهم العملية، حتى إذا تسلم أحدهم منصبًا أرجع الفضل فيه لأبي علاء لما آل إليه. ومن خلال جملة الأحكام التي أصدرها طيلة مدة خدمته، فقد جسد القاضي هاني الحياري معنى استقلال القرار القضائي، حيث كان مؤمنًا بأن هذا المبدأ هو من المبادئ الراسخة التي تقوم عليها دولة القانون في سبيل تحقيق العدالة للجميع على أرضها، ومن قراءة متأنية في مفاصل شخصية الراحل هاني الحياري يتبين للباحث بأنه كان يرى بأن تكريس هذا المبدأ إنما ينطوي على الكثير من الأهمية في تحقيق الأمن والطمأنينة والعدالة، الأمر الذي جعله أحد أهم المبادئ التي حظيت باهتمام الدساتير العالمية قاطبة، كما كان أبو علاء يؤمن ويرى بأن من واجبات مؤسسات الدولة قاطبة العمل الدؤوب لتكريس مبدأ استقلال القضاء من الناحيتين التشريعية والتطبيقية، لأن استقلال القضاء كمبدأ هو الضامن الوحيد لتكريس حقوق الإنسان التي تضمن خضوع الفرد لمحاكمات عادلة بعيدة عن الشُبهات، فضلًا عن أنه مبدأ يقضي بالحقوق المتنازع عليها أمام جهة قضائية مستقلة تحقق العدل والإنصاف، وإن بعكس ذلك فسوف تُهدر الحقوق ويصبح أصحابها ضحية غياب العدالة فيأكل القويُ الضعيفَ ويسود في المجتمع منطق القوة، وهذا ما كان يرفضه جملة وتفصيلا. مما سبق يتضحُ للباحث بأن إيمان القاضي هاني الحياري بمضمون إن سيادة القانون تعتبر أهم ركن من أركان الدولة وهو الضمانة الحقيقية للمسيرة الديمقراطية وأمن المواطن واستقرار الوطن، كان نابعًا من قناعاته بأنها هذه السيادة هي الأساس لبناء الدولة الديمقراطية، وأن ذلك يجب أن يتجذر في سلوكنا السياسي والاجتماعي والممارسات الأخرى وأهمها احترام الرأي والرأي الآخر، وأهمية مشاركة المواطنين في بحث القضايا ذات الأولوية وعدم التطاول على مؤسسات الدولة. فوق كل ذلك ومن خلال أمثلة حيّة ساقها سعادة الأستاذ علاء نجل القاضي هاني الحياري، فقد شكل الحرص على الإصلاح بين المتخاصمين أحد المبادئ الراسخة في منظومة تفكير القاضي هاني رحمه الله، وفي ذلك فإنه لم يدخر وسعًا في تغليب نظرة الإصلاح مكان إيقاع العقوبة طالما كان هناك متسعًا للصفح بين طرفي القضية التي ينظرها، أو حينما كان يرى ذلك تقديرًا، ليأتي قراره وفق قناعاته حتى وإن لم يقبل بها زملاءه من الهيئة القضائية، ولطالما كان قادرًا على إقناع الآخرين بوجهة نظره التي نتج عنها توافقات ورضا بين متخاصمين على قضايا ذات أهمية، وفي ذلك يمكننا القول أنه كان يرى بأن الإنسانية والقضاء يلتقيان عند خط الرحمة ويفترقان عند خطوط الحقوق. الحياري كان قاضيًا ورجلًا مُهابًا ومدركًا لخصوصية عمله كقاضٍ تُحتّمُ عليه وظيفته ذلك لأنها المهنة الوحيدة التي لا يمكن أن تسمح للقاضي أن يعيش كما يريد، فهو مُراقب في ملبسه وفي علاقاته وفي مشاعره، كما في توجهاته السياسية والاجتماعية، ويتم رصد تحركاته وتصرفاته وكلماته، وكل ذلك كان واضحًا بحسابات أبي علاء الذي كان متعمقًا في مضامين الحديث الشريف الذي رواه عمر بن شبة، في كتاب " قضاة البصرة " بإسناده عن أم سلمة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال { من بلي بالقضاء بين المسلمين، فليعدل بينهم في لفظه، وإشارته، ومقعده، ولا يرفع صوته على أحد الخصمين ما لا يرفعه على الآخر. وفي رواية: فليسوا بينهم في النظر، والمجلس، والإشارة. معالي الدكتور بسام الساكت ويقول معالي الدكتور بسام الساكت في مقابلة أجريت معه بتاريخ 19 تشرين ثاني 2024" لم تكن السنوات الخمسة عشر التي كان القاضي هاني الحياري يكبرني بها لتحول بين صداقة متينة وعلاقة وطيدة جمعتني به منذ خمسينيات القرن الماضي، فضلًا عن القاسم المشترك الآخر الذي رسّخ محبتنا ومعرفتنا ببعضنا البعض، كيف لا وقد كان امتدادًا لمسيرة وسمعة والده المعروف وأحد قامات السلط الأبية المرحوم عبدالرحيم الحياري الذي كان وجيهًا مُقدَّرًا بين أهله وناسه ومتميزًا بمنظومة علاقاته الراقية والواسعة مع مختلف ألوان الطيف الأردني، وزد على ذلك أنه كان تاجرًا يعرفه الجميع بصدقه وأمانته وهو يجوب مدن الأردن وفلسطين لتسويق تجارته التي كانت رائجة في المواد الغذائية على وجه التخصيص. في أرض الرشيد في عراق المجد والعروبة كانت وجهة هاني لدراسة الحقوق في جامعة بغداد التي كان يسبقنا فيها بأربعة صفوف، ورغم التحاقه بتلك الجامعة في فترة متأخرة نسبيًا من عمره جرّاء الظروف التي ألّمت به حيث كان أحد الضباط الأحرار إبّان العدوان الثلاثي على مصر سنة 1956، وعلى الرغم من ذلك فإنه استطاع أن يحقق تفوّقًا ملحوظًا في دراسته فصار مُبدعًا ويُشار إلى تميزه بالبنان، كما شكّل وجوده في العراق مكوّنًا آخر من مكوّنات شخصيته الرائعة إذ كان قد عايش العهد الملكي هناك وقُدِّرَ له أن يعايش كذلك فترة الانقلابات الحزبية وكل ذلك ترك أثرًا واضحًا في شخصية هاني رحمه الله. كنت في تلك الفترة قد تعرفت إلى شقيقه محمد وتوطدت العلاقات بيننا بصورة كبيرة، وبدأنا نلتقي ونجتمع باستمرار، فعرفت في هاني صفات جعلتني أتقرب منه أكثر، فهو ابن للوطن الذي يعرف معاني الولاء والوطنية الحقّة والعشائرية الراقية والتي من أهم خصائصها النخوة والجود والشهامة، ومما لا يمكن أن أغفل عن ذكره في هذا الصدد تلك الصور الحيّة في ذاكرتي حين كنا نلتقي سوية في منزله وخاصة أيام الجمعة، إذ كانت والدته معه في العراق وكانت تُقيم في حي الأعظمية بالقرب من مسجد النعمان "مركز التوجه السُنّي في العراق" وبجانبه مركز الإمام الكاظم، وما زلت أذكر كيف كان يجمعنا وكيف كنا نجلس على الأرض ونحن سعداء بذلك إذ كنا ما زلنا في مقتبل العمر، فكان أبو علاء يوجّهنا ويرشدنا ويتكلم معنا بلغة الرجل والأب الواعي وصاحب الخبرة الواسعة، وحيث أنه كان يتمتع بعلاقات واسعة مع أصدقاء له من العراق، فقد كان يجمعنا مع شباب من مختلف العشائر العراقية من الشمال والجنوب فضلًا عن علاقاته القوية مع الأكراد، بالإضافة إلى ما تحلى به من علاقات إيجابية متينة مع أقطاب حزب البعث العربي مثل وائل كسّار وغيره، ومما يجب أن أشير إليه في هذا الصدد أنه ورغم تلك العلاقات مع الساسة من الأحزاب وخاصة حزب البعث، غير أنه لم ينتمي إلى أي حزب يُذكر فكان حريصًا على إدامة التواصل مع الجميع بلا استثناء مما مكّنه من كسب ود وتقدير واحترام جميع الأطراف، وهذا بطبيعة الحال كانت له فوائد جمّة علينا نحن كطلبة كنا ندرس في العراق، لأن هاني الحياري كان قد تجاوز حدود وجوده في العراق كطالب وشعر أن مسؤولياته أوسع من ذلك فكان بمثابة سفير للأردن في ذلك البلد العربي الكبير، كما يمكنني القول بأنه كان يعمل بأسلوب متميز حتى إنني لأستطيع القول بأنه كان سفيرًا دبلوماسيًا وثقافيًا واجتماعيًا وعشائريًا وكان خير من يمثل وطنه الأردن ويعطي أفضل الصور والانطباعات عنه لدى الأشقاء العراقيين، لأن قلبه كان نابضًا بحب الأردن. شخصية هاني الحياري كانت فريدة في صفاتها، فالرجل كان بشوشًا ومحبًا للغير، ومغامرًا بدليل أنه كان يأتي إلى العراق من الأردن باستخدام سيارته الخاصة "فوكس فاجن"، واستمر على تلك الحال بعد تخرجه وكان يتحمل المشاق ووعثاء السفر ليأتي إلى العراق، وظلّ حريصًا على زيارتنا في بيتنا في القسم الداخلي في الأعظمية الذي تم تخصيصه للطلبة الأردنيين وكان اسمه "راغبه خاتون"، وكنا حوالي أربعين شخصًا منهم نحو عشرين أردنيًا، كان قد بذل جهودًا كبيرة في سبيل تأمين بعثات دراسية لهم خاصة ممن كانوا غير قادرين على تكاليف الدراسة، وكان رحمه الله يتمكن من ذلك ويُوفّقُ في مسعاه حيث كان ذا قيمة واسعة وشأن كبير والعراقيون كان يحترمونه ويستجيبون لطلباته، ومن هنا كنت أنظر إليه أنه كان من جيل الكبار وحافظ على سمعة الأردنيين في العراق وهو ما أسّس له رجالات الدولة السابقين أمثال أحمد اللوزي وأحمد عبيدات وعبداللطيف عربيات وغيرهم. إن القاضي هاني الحياري تمكن من تأسيس جيل كبير من أبناء الوطن الذين تسلموا مواقع بارزة في القضاء والبنوك ومختلف مؤسسات الدولة، وأثبتوا جدارتهم وتميزهم في القدرة على إحداث التغيير وتحقيق الانجازات، فهو نموذج أردني راقي غادر الدنيا في عفة النّاسك الزاهد لفتات الدنيا، ورقة العاشق الحالم للثرى والعرش والهوية، فلاقى وجه ربه نظيف اليدّ، ونقي السيرة والسريرة، وأجزم أنه ما كان ليكون كذلك لولا تربيته الوطنية وتلك القيم الوطنية الراسخة التي تحلّى بها طيلة حياته رحمه الله والتي نراها اليوم في أبنائه وعائلته وهم يُكملون مسيرته بكل ما عرفته فيهم من نخوة وسخاء وأياد ممدودة بالخير لكل من يقصد باب منزل هاني الإنسان الموقّر والقاضي النزيه". معالي الدكتور ممدوح العبادي وتحدث معالي الدكتور ممدوح العبادي مستذكرًا رفيق دربه وصديقه المرحوم هاني الحياري بقوله: تعود بي هواجس الحنين والذكريات إلى أواخر العام 1966 وكنت حينها قد تخرجت من الجامعة للتو، وعُيّنتُ في مأدبا وذهبت إلى استلام وظيفتي هناك، وفي المكان المخصص لوسائل النقل العام لنقل المواطنين القاصدين إلى محافظة مأدبا والذي كان موقعه في منطقة الوحدات، ركبت التاكسي وإذا بشخص يجلس إلى جانبي، طويل القامة وتبدو عليه علامات الوقار والمهابة، فسألني مباشرة من أنت؟، فأجبته وقلت: ممدوح وبيّنت له أنني طبيب، فأثار ذلك استغرابه ولربما تفاجأ بأن أكون طبيبًا، وتحدث لي عن طبيب آخر اسمه محمد شريم في مأدبا وهكذا دار الحديث بيننا، وكانت تلك المرة الأولى التي ألتقي فيها بهذا الإنسان صاحب الأخلاق الحميدة والسجايا الطيبة والكلام الموزون، هاني الحياري رحمه الله. كان مركز عملي في "الصحية" المركز الصحي في الوقت الحاضر، بينما كان أبو علاء يعمل كاتبًا في المحكمة في مأدبا، وبعد مرور نحو ساعتين فاجأني وإذا به يأتي لزيارتي في مكان عملي، وكان جوادًا كريمًا فدعاني إلى تناول طعام الغداء وشعرت أنني حظيت بمعرفة إنسان جدير بالاحترام والمحبة وإن ما بيننا سوف يتطور ويستمر وهكذا كان، لا سيما وأنه كان لم يزل شابًّا أعزبًا ويقيم في منزل مُستأجر هناك، فبدأنا نلتقي ونتبادل أطراف الحديث في موضوعات متنوعة، وكان رجلًا مملوء الهيبة وسريع البديهة، وفي بعض الأحيان يتخذ قراراته بشكل فوري وعاجل ومن دون إبطاء، ومما أذكره جيدًا أننا وفي أحد الأيام كنا نجلس معًا في غرفته، وإذا بجريدة فوقها "كاسات ماء" وفي الصفحة إعلان لوجود حفلة تحييها إحدى المطربات في الشام "طريق بلودان"، وعلى الفور سألني وقال ما رأيك أن نذهب إلى الشام، وكان الوقت مساء، فوافقته الرأي ولم نرى أنفسنا إلا داخل سيارته ومباشرة يمّمنا وجهتنا إلى دمشق، وفي مكان الحفل وجدنا شابين من أبناء عشيرة العبابيد فدخلنا مكان الحفل نحن الأربعة، وكانت أجواء جميلة وكنا مسرورين وكنت شخصيًا سعيدًا جدًا بأنني تعرفت إلى هذا الشاب السلطي الأردني الرائع. تذهب الأيام وتطوي الحياة صفحاتها وكل شيء يصبح ذكرى، ففي تلك الحفلة الراقية بدا لي كم كان هاني الحياري يتمتع بخفة الظل، وعلى سبيل المداعبة التي تبين خفة دمه وروحه العذبة، أنه قال لي: أنا أعرف هذه المغنية وإنني على استعداد للذهاب إليها لأخذ الوردة التي تُزيّنُ بها شعرها، وبالصدفة كان يجلس إلى جانبنا عدد من الإخوة السوريين الذين راحوا يستهزئون من إصرار هاني على طلب الوردة، ولكنهم ظلّوا على حالة الاستغراب تلك، عندما أخذ أبو علاء الوردة، وعاد ووضعها على الطاولة أمامهم، ونال فعله ذاك إعجاب أحد الأشخاص الذي كان يجلس خلفنا، فتعرفنا إليه وإذا به مدير مخابرات دمشق، والذي أعرب بدوره عن الإعجاب بما فعله هاني في ذلك الموقف الظريف. وبنفس الطريقة التي اتخذ فيها قراره بزيارة سوريا كان قراره كذلك عندما قرر قيامنا بزيارة الضفة الغربية، وكان لنا ذلك وقمنا بزيارة مدن نابلس وقلقيلية وجنين، كما قمنا بزيارة الدكتور حاتم شديد وتناولنا الغداء معًا، ثم تابعنا برنامج الزيارة فوصلنا إلى رام الله وتناولنا طعام العشاء عند الدكتور سليم بيدس، وعدنا إلى عمان، وأريد هنا أن أشير إلى أن قرار الزيارة كان قبيل سقوط الضفة الغربية بأيام معدودات، والشيء بالشيء يُذكر أنه في إحدى السنوات جاء لزيارتي في لندن وكان يقود سيارته الخاصة، واستغربت أنه عاد إلى السلط سائقًا وكيف قطع كل تلك المسافة الطويلة، فعرفت أنها العزيمة التي يمتلكها والقوة التي تكمن في شخصيته. كان القاضي هاني الحياري يمتلك طاقة جبّارة من الحماس، وسهمًا نافذًا من الإرادة، وحركة دائبة من العمل، يتحدى العوائق، ويخاصم الروتين، ويحارب القعود والتواكل، وكان لا يؤمن بالمستحيل، ومن صفاته أنه كان عفويًا وتلقائيًا ويبحث دائمًا عما يسرُّ به نفسه من غير تعقيد، وهو صديق صدوق ويتمتع بأقصى درجات الوفاء والإخلاص لأصدقائه ويديم حبل الود معهم، كما وجدت فيه شدة الإيمان واليقين بحرية الرأي، وكان يُصغي بأدب ويتفاعل بحماس، ولكنه دومًا كان له موقف وقرار ورؤيته، وأما في مجال عمله الذي أفنى من أجله سنوات طوال، فإنه كان نموذجًا للقاضي النزيه الذي يبحث عن العدالة والوفاق بين المتخاصمين، فعمل جاهدًا على إحقاق الحق وإعادته إلى نصابه، ورفع الحيف عن المظلومين، وباختصار، كان شجاعًا وقويًا في سعيه الدؤوب إلى إصلاح الإعوجاج، ولم يكن ليعبأ بمن يغضب أو يعتب ما دام مؤمنًا أنه إلى جانب الحق وهو له نصير. رحم الله القاضي والصديق هاني الحياري الذي ما زالت ذكراه تهيج كلما استحضرت صورة ومشهدًا من مشاهد علاقتنا القوية التي ظلت مترابطة رغم أننا ابتعدنا قليلًا عندما سكن في محافظة اربد، وكان يتنقّل من مكان إلى آخر بحكم طبيعة عمله، وإذا كان قد وصل لمراتب متقدمة في القضاء الأردني فإن ذلك كان بجهده وسمعته الطيبة وجرأته في اتخاذ القرار حيث لم يكن يعرف الخوف وكان يصل الليل بالنهار سعيًا وراء غاية نبيلة لا يرى سواها تحسم الأمر وتجمع الصف وترأب الصدع. سعادة الأستاذ محمد حسين بني هاني ويقول التربوي المعروف سعادة الأستاذ محمد حسين بني هاني في مقابلة أجريت معه بتاريخ 7 كانون الأول 2024 (عرفت المرحوم هاني الحياري ابن الوطن الأبي والسلط العتيدة، في نهاية الستينيات من القرن الماضي، كان حينئذ يعمل في محكمة اربد، وكان لافتًا مقدرته على تكوين علاقات واسعة مع عائلات محافظة اربد واعتبرته من ذلك الحين أنه أحد أبناء هذه المحافظة التي زاد ارتباطه بها في قادم السنوات بعد علاقة المصاهرة التي نشأت بينه وبين عائلة حجازي الكرام عندما تزوج المرحومة الفاضلة ندى حجازي، وكان هاني دمثًا في أخلاقه وصادقًا في كلامه، فنال بذلك محبة الجميع خاصة وأن علاقاته لم تكن منفعية أو لتحقيق مصلحة ما، بل إنها قامت على الاحترام المتبادل والثقة، وتلك المكانة كانت هي الشيء المشترك في كل مكان ذهب للعمل به سواء في عمان أو الرمثا أو لواء الكورة، وما عرفه أحد إلا وكان يُعجب بنزاهته وحياديته وسعيه للإصلاح بين الناس، ومما عرفته عنه جيدًا أنه وفي معظم القضايا التي كانت تُعرض عليه كان يحاول جهده أن يُقرّب بين الخصمين وأن يُصلح بينهما بالمودة بحيث تنتهي القضية بالمصالحة، وكثيرًا ما كان مسعاه موفقا وخرج المتخاصمون من عنده بمنتهى المحبة والمودة والرضا، ويقيني بأن ما فعله هاني الحياري كان وما زال يمثل ديدن القُضاة الُحكماء. وأما الصفة الثانية التي عرفتها بأبي علاء، فهي النخوة إذ لم يطرق بابه أحد إلا وخرج من عنده بأكثر مما كان يتوقع، وهذا أمر عظيم يجسد أسمى معاني التعاضد والتكافل بين أبناء الأسرة الأردنية الواحدة، فلم أعرف أنه ردّ سائًلا، وكيف له أن يردّ أحد وجد عنده الملاذ بعد الله، ثم إن ذلك كان نتاج تربية وتنشئة عظّمت في نفسه صفات الكرم ومد يد العون للناس، وتلقاها في مدرسة والده المعروف بنفسه الرضية وأياديه الممدودة بالعون والخير، وعلى ذلك كان نموذجًا للرجل الكريم الذي يُكرِّم ويُكرَّم، وأما التواضع فكان الصفة الثالثة التي عهدتها وعرفتها بالمرحوم هاني الحياري فقد كان محبًا للجميع ولم يكن فئويًا ولا طائفيًا وكان يكره التقوقع داخل مفاهيم الإقليمية وبذلك يمكن القول أنه كان لوطنه من شماله إلى جنوبه ولم يكن لفئة دون غيرها. وأضاف بني هاني: ينحدر هاني الحياري من أسرة أردنية عريقة ولها جذور ممتدة في أرض الوطن المباركة، وهي عشيرة الحيارات التي كان لرجالاتها دور مهم لا يُستهان به في بناء الدولة الأردنية، ويقودني ذلك للحديث عن والده المرحوم عبدالرحيم الحياري وإخوانه، وهذه العشيرة ورجالاتها مشهود لهم بالوطنية الصادقة والعلاقات الطيبة مع كافة أطياف المجتمع الأردني، وليس أدلّ على ذلك أنها عائلة كانت محل إعجاب وطلب العائلات الأردنية في أكثر من وجه خاصة المصاهرة، وأنا أعرف أنها ترتبط بعلاقات نسب مع عائلات كبيرة مثل المجالي والنسور وبني هاني وغيرها. توطدت علاقتي مع هاني الحياري، وأعادتني الذاكرة إلى سنوات خلت، وأحسب وأنا أعيد الشريط الذي يمر أمام عيني عندما أعيد عقارب ساعة الزمن إلى الوراء، بأن حديث الرسول عليه السلام (الأرواح جنود مجندة) قد قيل فيه وفي علاقتنا، إذ كانت علاقة مثّلت علامة فارقة في التوافق والانسجام والتلاقي في وجهات النظر في مواضيع وقضايا كنا دائمًا نتباحث في شؤونها، ومع متانة هذه العلاقة دارت الأيام وإذا بنا أنسباء فتوّجت علاقتنا وصارت واسعة المدى بعد أن منّ الله على ولديّ "فراس وفارس" بالزواج من كريمتي المرحوم هاني، وأضف إلى ذلك كدليل على احترام وتبجيل عائلتنا لعائلة الفقيد أبو علاء، عندما سبقنا المرحوم المهندس عطية بني هاني (أحد أوائل المهندسين الكرام والمعروفين في محافظة اربد والوطن) واختار إحدى كريمات القاضي هاني زوجة لابنه وابننا الأستاذ حاتم بني هاني، وتلك الصورة من صور العلاقات كانت تأكيدًا على الالتزام بالأوامر القرآنية العظيمة امتثالًا لقوله تعالى "يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبًا وقبائل لتعارفوا"، وهكذا استمرت معرفتنا ببعضنا البعض ولم تنفصم عُراها وتحققت الغاية النبيلة ألا وهي السكينة، فنتج عن علاقتنا مع هاني الحياري المودة والرحمة. لقد كان هاني الحياري رجلًا ولا كل الرجال، وقاضيًا نزيهًا ساهم في إسناد جهود تعزيز استقلالية القضاء الأردني، وهو من جيل الكبار الذين نالوا مصداقية كبيرة بسبب موضوعيتهم ونهجهم المستقيم في تحقيق العدالة، وهاني الحياري كان كريمًا ويقصد العيش الكريم والحلال ويبتعد عن الحرام إذ أجزم أنه لم يأكل السحت ولم يقرب المال الحرام لا من قريب ولا من بعيد، وهذا ما كان حريصًا على تعظيمه وغرسه في نفوس أبناءه وبناته الكرام الذين يتحلون بصفاته في الطيبة والكرم ومساعدة الناس، فهم خير خلف لخير سلف، ونحن مستمرون بعلاقتنا القوية مع هذه العائلة ورجالاتها الشرفاء، وإذ نفتقد هاني الحياري فإننا نؤكد على بقاءه في ذاكرة ووجدان كل من عرفه على امتداد مساحات الوطن الأشم. الدكتور هاني العمد وعلى لسان والده سعادة الدكتور هاني العمد تحدث الأستاذ طارق العمد بكلمات عكست عمق العلاقة التي جمعت والده بالقاضي الكبير هاني الحياري وقال: هاني الحياري قاض أردني ذائع الصيت والسمعة والمكانة، وهو من جيل معتّق من رجالات السلط والوطن من الذين ساهمت مجموعة عوامل في تكوين ملامح ومقومات شخصياتهم التي ميزتها عدة صفات مشتركة كانت بالمجمل نتاج عوامل مختلفة كالبيئة والمدرسة والتفكير، ولعلّ أول هذه الصفات هي (الرجولة) والتي قادت أبو علاء في مراحل لاحقة من حياته لتسلم مناصب رفيعة في سلك القضاء استطاع من خلالها المساهمة في تعظيم مكتسبات الدولة وانجازاتها، وأما الخاصية الثانية فهي التوازن في الشخصية والتنوع في المعارف وحسن تقديره للأشياء وتعاطيه معها بحكمة واناة وهما ميزتان نفتقدهما في اناس كثيرين لكنهما ميزتان اساسيتان في شخصية هاني الحياري، إذ كانت لديه القدرة على الاحتفاظ بشخصية الرجل المتوازن الذي لا يحتاج إلى جهد كبير كي يفوز بثقة من يتعاملون معه. ويؤكد السيد طارق الذي ينقل على لسان والده حديثه بقوله" يقودني ما سبق إلى القول إن هذا الرجل كان من أصحاب القرار وعدم التردد ولو اخترت كلمة باللغة العامية لقلت أنه (قد حاله) وفتوته كان يقوم بتوظيفها بأسلوب راقٍ جعله مستقل في تصرفاته ورأيه الذي لا شك أنه كان ازاء ذلك كله يرفض التغول على غيره ولم تلحق قرارته وشجاعته و(فتوته) اي أضرار أو أذى بأي كان، ولعمري إن هذا هو جوهر القيادة وسنام الزعامة. ويواصل العمد سرد ما جاء على لسان الدكتور هاني ويقول "ورغم أنه من جيل كبير في الخبرات والوعي وولوج معترك الحياة ورغم أنهما تواجدا وعاشا في فترات كانت تعج بالتوجهات السياسية والاستقطابات الحزبية التي انشطرت بين بعث ويمين ويسار وشيوعية ورغم استقلاليتهما الفكرية الا انهما بقيا متمسكان بمبادئهما الراسخة بصدق انتمائهما وولائهما المخلص للقيادة الهاشمية ولم يعرف عنهما انهما خرجا عن صف الوحدة الوطنية بأي شكل من الأشكال وهذا يحسب لهما اينما تواجدا". وبحسب رؤية وتحليل الدكتور هاني فإن الصفة الثالثة فيهما أنهما كانا (شقيان) ولكنها ايضا كانت شقاوة محببة ومغلفة بطابع يخص الشخص وحده، ولم ينجم عن شقاوتهما ما ألحق ضررًا بمؤسسة او بصديق او بزميل لهما، ومع مرور السنين واستحضار ذاكرة العمر الهارب فإن ذلك يصبح مبعثًا على الاعجاب بهما، ويقول الدكتور هاني (كنا طالبان في المدرسة وكانت في بعض الأحيان تأتينا لحظات واوقات لا نرغب فيها بحضور دوام المدرسة فكنا نقوم ببعض الحركات من أجل الهروب لأي سبب كان واللافت إن حركاتنا كانت تقود الى حراك ينتج عنه افراغ المدرسة بكاملها من الطلبة في ذلك اليوم ، ومع كل ذلك فقد بقينا محافظان على تعليمنا ودراستنا حتى إذا أخذت الحياة كل منا في طريق فإننا قد حققنا نجاحات يشار اليها بالبنان كل في مجاله. ويضيف السيد طارق العمد نقلًا عن والده (اعتقد ان الحديث عن رجل موقر له مكانته الاجتماعية والرسمية الواسعة يحتاج إلى مساحات واسعة فهو جزء من ذاكرة الوطن واعماله، وانجازاته تعيش معنا وبيننا، فهو رمز من رموز حياتنا ونموذج من النماذج النادرة لشخصية مكافحة في امواج حياة أراد أن يكون لحضوره تأثير واثر وبصمات في سجل الخالدين بحجم عطائه وتفانيه في خدمة الوطن والإنسان، رحم الله القاضي هاني الحياري رحمة واسعة). المولد والنشأة والامتداد العائلي تعتبر عشيرة الحياري التي ينتمي إليها القاضي هاني الحياري واحدة من أشهر عشائر السلط في الأردن، وهو امتداد لنسل طيب مبارك، فوالده هو المرحوم عبدالرحيم الحياري والمتوفي سنة 1961، والذي كان وجيهًا في قومه ورجلًا معروفًا على مستوى الأردن وخارجه، وكان تاجرًا كبيرًا تنقّل في تجارته بين فلسطين والأردن والعراق وغيرها وكان معروفًا بتجارة الأقمشة والحبوب والبقوليات، وتزوج في حياته من زوجته المرحومة رحيمة الترك "شركسية الأصل" ووالدها المرحوم اسماعيل الترك الذي كان مع الفرسان وعمل في القدس الشريف، وأنجب عبدالرحيم ثلّة من الأبناء وهم "المرحوم توفيق باشا"، "المرحوم الأستاذ رجب"، و"المرحوم الحاج عدنان" وأستاذ القانون المعروف "الدكتور عادل الحياري" والذي يقيم في الولايات المتحدة الأمريكية، و"المرحوم الدكتور محمد" الذي توفي في مقتبل العمر في الولايات المتحدة. في آذار من العام 1936 ولد المرحوم هاني عبدالرحيم الحياري، ونشأ في كنف والديه ورعايتهما المُثلى، وتشرّب منهما جملة القيم والفضائل التي شكلت أبرز مكونات شخصيته والتي بقيت ملازمة له حتى وفاته، وحيث كان والده مؤمنًا بالعلم طريقًا يضمن المستقبل اللائق لأبنائه، فما أن بلغ هاني السنّ القانونية حتى بدأ تعليمه للمرحلة الأولى لدى شيخ الكتّاب "الشيخ حاكم"، قبل أن ينتقل إلى مصنع الرجال في مدرسة السلط الثانوية، بحسب نجله السيد أحمد هاني الحياري فإنه ونظرًا للحالة الميسورة لعائلته فقد كان هاني نجمًا في المدرسة يمثل مظهرًا وجوهرًا متميزًا بهندامه ولباقة حديثه، وكانت والدته ترسل معه زوّادة طعامه وشرابه وبعض مستلزمات المدرسة التي كان يحتاجها الطلبة آنذاك، وبالتالي فإنه طفولته كانت مريحة ومحفّزة على العمل والتعلم والتفوق وهذا الذي كان. ويذكر السيد أحمد الحياري إن والده قد حصل على الثانوية العامة ليلج بعدها مرحلة جديدة، فكانت القوات المسلحة وجهته التي قرر الانضمام إليها في سبيل خدمة وطنه وقيادته، والتحق بالكلية العسكرية وتخرج منها سنة 1951 بعد قضاء نحو عامين في التدريب والتأهيل النظري والعملي في مختلف موضوعات العلوم العسكرية على أيدي مدربين مهرة من أبناء الأردن، وكان يجسد نموذجًا راقيًا في الانضباطية والالتزام بقواعد التعليمات وشرف الجندية العسكرية. بدأت الحياة العسكرية للمرحوم أبو علاء وتنقّل بين عدة وحدات من تشكيلات القوات المسلحة الأردنية وعلى الأخص سلاحي المدفعية والمُشاة، ويبدو أن رياحه جاءت على عكس ما اشتهت سفنه، إذ لم يدم الحُلم طويلًا وليشهد العام 1956 نهاية حقبته القصيرة في الجيش العربي الأردني، إذ ظهرت آنذاك حركة الضباط الأحرار من مجموعة من ضباط الجيش وكان أبو علاء أحدهم، وتم اعتقاله على أثر ذلك وأُودع في سجن العبدلي، وبحسب نجله الأستاذ المحامي علاء فإن والده كان يذكر لهم أنه وخلال إقامته في الزنزانة كان يُعامل معاملة الضباط وبكل مودة واحترام، كما كان قد حوكم بالإعدام إلا أنه كان من المشمولين في قرار العفو الذي أصدره الملك الحسين طيب الله ثراه سنة 1957. الحياري إلى العراق بعد خروجه من السجن وانتهاء خدمته العسكرية لم ينضب طموح هاني الحياري بل إن روافده أخذت تشق طريقها نحو مرحلة قادمة كانت هي الأفضل التي استحوذت على المساحة الواسعة في حياته، لأن الدور الذي يؤديه الإنسان في سني عمره هو وحده الذي يعطي لوجوده معنى وقيمة، وفي هذا المقام وحيث آمن أبو علاء بأن الجرأة في اتخاذ القرارات الصعب في اللحظات الحاسمة والحرجة هي قدرة وموهبة في وقت واحد لا يمتلكها إلا أولي العزم من الرجال، جاء قراره بالانصراف إلى العراق ليبدأ من عاصمة الرشيد حقبة جديدة في حياته ولينسج من خلالها قصة نجاحه وكتابة اسمه بأحرف من نور عندما يمّمَ وجهته شطرَ جامعة بغداد لدراسة الحقوق والتي كان قد سبقه إليها شقيقه الدكتور عادل قبل نحو سنة من ذلك الحين، وشقيقه الأستاذ محمد الذي كان هو الآخر يدرس هناك. ويؤكد نجله السيد أحمد الحياري إن ذلك كان في نهاية الخمسينيات، وحيث لم يكن أمامه ترف إضاعة الوقت، فقد التحق وفور وصوله إلى العراق بإحدى المدارس وتابع دراسته للصفوف التي تسبق الثانوية العامة هناك، ليكون بذلك مؤهّلًا للالتحاق بكلية الحقوق وهكذا كان وحصل على الثانوية العامة العراقية سنة 1958، ومما تجدر بالباحث الإشارة إليه أنه ورغم الخيارات المتعددة التي كانت متاحة أمامه إلا أنه كان ميّالًا للتوجه الأكاديمي ليبدأ مباشرة بدراسة الحقوق وينهي السنوات الأربعة المقررة ويجتاز جميع المقررات مع ملاحظة إن التخرج من الجامعات العراقية هو حظوة لا ينالها إلا المجتهد والجاد في سعيه لتحقيق ما هو ذاهب إلى هناك من أجله، وعلى تلك الحال واصل تفوقه حتى حصل على درجة البكالوريوس في الحقوق سنة 1962. في العراق عرف القاضي هاني الحياري كيف يستثمر الوقت والحياة في بلد يعجُّ بالحراك السياسي والثقافي والاجتماعي، ولمّا كانت خلفيته المعروفة والمشبعة بالفكر القومي والانتصار للقضايا العربية، فقد قام بتوظيف ذلك كله وتعرّف إلى مجموعات كبيرة من أبناء العراق الشقيق وحافظ على تواصله معهم بعد تخرجه وإلى حين وفاته، ولعلّ الناظر إلى أرجاء منزله العامر يدرك ذلك جيدًا كلما وقع بصره على مجموعة الصور واللوحات التي تمثل مناطق غالية على قلبه لا سيما من منطقة الأعظمية التي سكن فيها وكانت تعني له الكثير مما لا يمكن نسيانه، ولذلك ظلت روحه معلقة في العراق ولم يتمكن من تجاوز الحزن والأسى الكبيرين على سقوط بغداد سنة 2003 إذ اعتبر ذلك هزيمة لأمة العرب كافة باعتبار ان العراق هو الرئة التي تتنفس منها الأمة العربية جمعاء، وبحسب ما ذكر نجله المحامي علاء فإن دموع والده قد انهمرت بغزارة عندما تم إعدام الرئيس العراقي السابق صدام حسين في نهايات العام 2006، وكرجل صاحب نزعة عروبية ملؤها الشهامة فإنه لم يتخلى عن واجبه في هذا الصدد عندما قام باستضافة العديد من العراقيين ممن قصدوا عرين الهواشم في عمان وغيرها فقام باستقبالهم وأكرم وفادتهم ومنهم طارق كسّاب وفائق العاني وسواهما. حفلت ذاكرته بالكثير من المشاهد والصور الحية التي لازمته طيلة حياته وكان يذكرها أمام أبنائه عن سنوات العراق، ومنها ما ورد على لسان نجله الأستاذ أحمد الحياري أنه وعندما كان والده يُرسل إليه مخصصاته المالية "المصروف" كان يذهب إلى صديق والده والذي كان يعمل مديرًا لأحد البنوك فيقوم بإعطائه المغلف الذي يحتوي على المال المُرسل إليه حتى لا يقوم بإنفاقه دفعة واحدة، واللافت في هذا الصدد أنه وعندما أنهى دراسة البكالوريوس وقبيل عودته إلى الأردن ذهب من أجل السلام على مدير البنك ووداعه، فكانت المفاجأة بوجود مبلغ من المال له ليتبين أن جميع المغلفات على حالها وكما هي وأنه كان يعطيه من حسابه الخاص، بيد أن والده عبدالرحيم رفض استعادة المغلفات، وفي ذلك نقرأ إشارة عميقة في دلالاتها تؤكد قوة علاقة المرحوم عبدالرحيم الحياري مع العراقيين وهو ما حدا بأبنائه "عادل ومحمد وهاني" باختيار العراق مكانًا لتميزهم العلمي ودراستهم. العودة إلى الأردن وسنوات الجد والعطاء 1962-1993 كان تخرج هاني الحياري من جامعة بغداد محطة مفصلية هامة في حياته امتدت لنحو ثلاثة عقود من الزمن وزيادة، شكلت بمجملها قصة رجل كان العدل هاجسه في حلّه وترحاله، وكان فيها كالغيث "حيثما حل نفع"، فكان أحد أبرز القُضاة المعروفين بعلمهم وسعة صدرهم ودقة نظرتهم للأمور، فذاد عن قضايا الوطن والشعب، ووفّق في إعادة الحق الى ناصيته وأصحابه في الكثير من الملفات والقضايا التي عُرضت أمامه في مناطق مختلفة من أرجاء المملكة عبر رحلة عمل وعطاء وإخلاص في هذا القطاع قاربت بحسابات الزمن ما أشرنا إليه آنفًا، بذل خلالها كل جهد في خدمة الحق والعدالة، لترتبط مسيرته بمسيرة القضاء الأردني الذي حرص على ترسيخ استقلاله حفاظًا على نزاهة وعدالة أحكام المحاكم، وبذلك يكون قد حمل رسالة القضاء في عقله ووجدانه وضميره ، فأصبحت مسيرته أنموذجًا يشرف الحياة؛ فكان في سلوكه أنيفًا أبيًا وبالحق عزيزًا قويًا، وشريفًا وفيًا في تعامله مع الناس على اختلاف مسمياتهم ومرتباتهم وفئاتهم. ويذكر السيد أحمد الحياري إن مسيرة والده المظفّرة بدأت سنة 1962 عندما عاد من العراق وانتسب إلى نقابة المحامين الأردنيين كمتدرب، وكان معه في تلك الفترة المحامي هشام التل الذي كان يتدرب لدى المحامي هشام الهواري، وبعد انتهاء فترة التدريب بدأ حياته المهنية في وزارة العدل في العام 1963 وكانت محكمة مأدبا في محافظة مأدبا هي أول مكان عمل به، ثم لم يلبث بعد مرور فترة وجيزة إلا وانتقل إلى شمال المملكة في محافظة اربد لتشهد هذه المحافظة نقلة نوعية وسنوات ظافرة في الانجاز على الصعيدين العملي والعائلي وصار في إربد قاضيًا وأمضى فترة زمنية طويلة تنقّل خلالها بين محكمة صلح اربد "1966" ثم عمل في لواء الكورة ولواء الرمثا، وفي تلك الأثناء وحيث كان يتمتع بشخصية لافتة وجاذبة ومقبولة لدى من يصادفه، فقد تعرّف إلى المرحوم صالح حجازي الذي أصبح صهره في قادم الأيام، إذ لم يستغرق وقتًا طويلًا حتى حمل نفسه وتقدم لخطبة ابنته ندى "أم علاء". مصاهرة الحياري لعائلة حجازي جعلته يقرر الإقامة والسكن في محافظة اربد، وكلّفه ذلك بعض العناء عندما كان يتغير مكان عمله، خاصة عندما يكون في عمان، وفي اربد أقام في أكثر من مكان، فعندما كان أعزبًا أقام في منزل يعود لعائلة مسيحية من بيت حنوش، ولمّا تزوج أقام في وسط مدينة اربد في شارع الحصن مقابل مبنى الملكية الأردنية، وعلى تلك الحال استمر يعمل قاضيًا في اربد ولواء الشمال عمومًا حتى العام 1984 حيث كان قاضيًا للصلح في محكمة اربد. وكما شهدت اربد محطات غنية في مسيرة عمل القاضي هاني الحياري، فقد كان له في عمان نجاحات تضاف إلى سجله الناصع، وامتدت منذ بدأ العمل قاضيًا في العاصمة سنة 1984 وإلى حين تقاعده سنة 1993 بناء على طلبه، وخلال تلك السنوات تنقّل بين أكثر من موقع كان فيها قاضي صلح جزاء عمان وقاضي في محكمة الجنايات الكبرى ورئيسًا لمحكمة استئناف ضريبة الدخل وبنفس الوقت رئيسًا لمحكمة استئناف الجمارك، فضلًا عن خدمته كقاضي تسوية. بعد تقاعده سنة 1993 قام بالتسجيل في نقابة المحامين وافتتح مكتبًا خاصًا في الشميساني في شارع عبدالحميد شرف، ومارس المهنة وكان معه في المكتب عدد من المحامين لمتابعة القضايا لدى المحاكم الأردنية، ثم قام بإغلاقه بعد مرور عامين، ولكنه ظل منتسبًا للنقابة حتى تقاعد سنة 2017. صور ومواقف كان القاضي هاني الحياري إنسانًا يُعظّم المبادئ والأخلاق الإنسانية في عمله تبعًا للمواقف التي كان يجد نفسه فيها مصلحًا اجتماعيًا وشخصًا توافقيًا بين المتخاصمين، وتاليًا بعض المواقف التي نوردها كما جاءت على لسان نجله المحامي الأستاذ علاء. الموقف الأول عندما كان رحمه الله رئيس هيئة قضائية في محكمة الجنايات، عُرض عليه ملف لقضية شروع بالقتل على امرأة عراقية متزوجة من رجل شيعي وتقيم معه في الأردن، وكانت هذه المرأة "سرية" واستغنت عن كل ما لديها من أهل ومال لكي تحظى بالزواج من ذلك الإنسان وأقامت معه في الأردن، وفي أحد الأيام عادت إلى منزلها وإذا بها ترى زوجها مع امرأة أخرى في وضع غير مقبول وغير متوقع من الزوج، فما كان منها إلا أن أمسكت بالمسدس الذي شاءت الصدف أن يكون أمامها، فقامت بإطلاق سبع رصاصات عليه في بطنه ثم شاءت إرادة الله أنه لم يتوفى. على إثر ذلك تم توقيف السيدة بتهمة الشروع بالقتل، وكان القاضي هاني الحياري رئيس الهيئة، فنظر بالملف من كافة جوانبه واستدعى المحامي الذي كان يُرافع عنها وطلب إليه تقديم كفالة علمًا أنه كان قد تقدم بها أكثر من مرة، وتقدم ثانية فوافق اثنان على تكفيلها وعارض القاضي الثالث فتم تكفيلها، ثم قام المحامي بتقديم استدعاء بناء على طلب أبو علاء، على أن يطلب فيه بأن هذه المرأة تريد أن تعمل لكي تُعيل نفسها وأن لا أحد يريد أن يساعدها في إيجاد فرصة عمل إلا بعد تقديم اثبات شخصية "جواز السفر"، وذلك لكي تسترد جوازها بالفعل، وحصل كذلك أن وافق عضوين ورفض الثالث، وتم إعادة جواز السفر لها، ولم يكتفي بذلك فقام بتقديم مساعدة مالية لها حيث أخرج عشرون دينارًا من جيبه الخاص وطلب من زميله العضو الآخر مساعدتها فكان معه خمسة دنانير وبذلك حصلت على خمسة وعشرين دينارًا، وطلبا منها المغادرة مباشرة إلى العراق. بعد الحادثة بعدة أيام تم استدعاء القاضي هاني الحياري من قبل وزير العدل الذي استفسر بدوره عن مجريات القضية، وقال الوزير لأبي علاء "سمعت أن القضاة يقومون بتهريب المساجين"، فقال له أبو علاء "نعم، ثم أردف الوزير قائلًا "وكمان بيعطوهم فلوس"، وعندئذ قام بشرح كافة ملابسات القضية للوزير وأكد له طالما أن زوج المتهمة لم يمت وبقي على قيد الحياة فإن بقاءها في السجن والحكم عليها سيكون فيه نوع من الظلم الذي لا يقبله ضمير ولا عقل، وبذلك كان محط إعجاب وتقدير وثناء الوزير الذي قال بما مضمونه "ليت القُضاة جميعهم يتعاملون بروح القانون وليس بنصوصه الحرفية". الموقف الثاني من المعروف أن احترام هيئة القضاء مسألة يجب مراعاتها توقيرًا للمحكمة خاصة ممن يقف أمام القاضي كشاهد، ففي أحد المرات كان شخصًا ما يقوم بالإدلاء بشهادته في محكمة الجنايات الكبرى ويده في جيبه، فلم يطلب منه القاضي هاني الحياري إخراج يده، وكان نجل القاضي هاني "الأستاذ علاء" حاضرًا مع والده في المحكمة، فسأل كاتب المحكمة القاضي هاني وقال له: هل تعرف ذلك الشخص الذي أدلى بشهادته ويده في جيبه، فقال له: ولكنني لم أشعر أنه قام بإهانة هيئة المحكمة وأنه ليس له خبرة بأدبيات المحاكم، ولاحظت أنه قدم شهادته بمنتهى الصدق والبراءة، فحاولت عدم إزعاجه وإحراجه، فقال له الكاتب: إن هذا الشخص يقوم بإخفاء يده لأنها يد ليست حقيقية بل هي يد بلاستيكية، فيشعر إذا أخرجها بنوع من الحياء والخجل. الموقف الثالث عندما كان قاضيًا في محكمة الكورة في محافظة اربد، حدث وأن نظر في قضية بين اثنين من أبناء العمومة، أحدهما قام "بفرط" شجرة زيتون زيادة على عدد أشجار ابن عمه، باعتبار وجود بعض الأراضي المتداخلة، وبسرعة فائقة استطاع فض النزاع بينهما بأسلوبه الودي القائم على الإصلاح قبل إصدار الأحكام، ومما يجب ذكره أنه كان يحمل بيده عُكّازًا رغم أنه لم يكن يشكو من تعب ما، وكان يقوم في بعض الأحيان بالمزاح بينهما بواسطة عُكّازه بأسلوب أبوي بمنتهى الرأفة والرقة، وبذلك طوى صفحة الخلاف بين اثنين تجمعهما رابطة الدم كأبناء عمومة. خلاصة القول واحد وثلاثون عامًا عمل فيها القاضي هاني الحياري في خدمة ميزان العدالة، وكان مؤمنًا بسمو رسالة القضاء وعراقة تقاليدها ونبل أهدافها ليصبح القضاء مؤسسة تتسم بتحقيق العدل والاستقامة والنزاهة، كما أيقن أبو علاء مبكرا أن نزاهة وعدالة أحكام المحاكم هي التي تكرس سيادة القانون وترسي المساواة بين المواطنين في الحقوق والمسؤوليات، وأن الأمة التي لها كرامة في نفسها ينبغي أن تعنى بقضائها العناية الفائقة وتحافظ على استقلاله، وكان كذلك مدركًا أن الالتزام الذي رتبه القانون على تولي القضاء هو وجوب خدمة العدالة بكل أمانة ونزاهة وبذل كل جهد وتضحية في سبل تحقيق هذه الغاية، وأنه من الضروري أن يكون القاضي نموذجاً كاملاً يشرف الحياة بكل نواحيها، ولقد سعى رحمه الله إلى تحقيق رسالة القضاء خدمة الحق والعدالة، ما جعل منه مضرب المثل في كيفية قيام الرجل بخدمة مهنته وكيف يخلص في الوفاء لدولته ومجتمعه. الحياري أبًا وزوجًا أولى القاضي هاني الحياري عائلته جُل رعايته واهتمامه وعمل ومعه زوجته الفاضلة المرحومة ندى صالح حجازي على تكوين أسرة عريقة الأخلاق والقيم والفضائل السامية وأهمها خدمة الناس ما استطاع الأبناء والبنات إلى ذلك سبيلا، والمرحومة أم علاء سيدة فاضلة من عائلة أصيلة وهي عائلة حجازي التي تعتبر من العائلات المعروفة والمشهود لها في محافظة اربد وكانت قد أنجبت للوطن رجالات أشدّاء على الحق، قابضين على جمر مبادئهم، وخدموا الدولة في مراحل مختلفة بكل ما عُرف عنهم من صدق وإخلاص وعلم وثقافة ومعرفة، وبعيدًا عن القضاء فقد كان أبو علاء شخصًا مرحًا يحب الحياة ويحسن في استثمار وقته بما هو أفضل، ولطالما كان يتجه إلى ممارسة العديد من الهوايات التي عُرف بها بين الناس كالصيد والرماية ولعبة كرة السلة التي كان يمارسها منذ كان طالبًا في المدرسة. أنجب القاضي هاني الحياري وزوجته ندى حجازي من البنين والبنات كل من - الفاضلة آلاء: ولدت سنة 1971 وحصلت على درجة البكالوريوس في التربية الرياضية من جامعة اليرموك، وتزوجت من السيد حاتم بني هاني ولهما من الأبناء كل من "عبدالله، هاشم، حلا، دانا، ليلى". - الفاضلة ضحوك: ولدت سنة 1972، وحصلت على درجة البكالوريوس في اللغة الانجليزية من جامعة اليرموك، وتزوجت من السيد فراس بني هاني، ولهما من الأبناء كل من "حسين، نورا، محمد، ياسمينا، يوسف". - الفاضلة دانـا: ولدت سنة 1973 وحصلت على درجة البكالوريوس في إدارة الأعمال من جامعة عمان الأهلية، وتزوجت من السيد عمار عوني حجازي، ولهما من الأبناء كل من "راما وتيما"، ولعل من الجدير بهذا المقام إلى أن المرحوم عوني كان مهندسًا عريقًا ذائع الصيت ومن قدامى وأوائل المهندسين والصناعيين على مستوى اربد خاصة والوطن عامة. - الفاضلة نانسي: ولدت سنة 1976، وحصلت على درجتي البكالوريوس والماجستير في التربية من جامعة اليرموك، وتزوجت من السيد فارس بني هاني ولهما من الأبناء كل من "جنى، جود، محمد، آية". - الأستاذ المحامي علاء: ولد سنة 1979 وحصل على درجة البكالوريوس في الحقوق من جامعة عمان الأهلية، والماجستير من اربد الأهلية، وتزوج من الفاضلة نيفين ابنة المرحوم حسن الطعاني، ولهما من الأبناء كل من "ندى، سلمى، جعفر، كرمة". - الأستاذ أحمد: ولد سنة 1982 وحصل على درجة الدبلوم في صياغة الذهب من الجامعة الأردنية. وفـــاة هاني الحياري انتقل القاضي هاني عبدالرحيم الحياري إلى رحمة الله تعالى في السابع من آب لعام 2024، وعن عمر ناهز الثامنة والثمانين عامًا، إثر نوبة قلبية وتم دفن جثمانه الطاهر في مقبرة العيزرية في السلط، وقد غادر الحياة وهو في سن الشيخوخة ولكنه في عز العطاء ونضج التجربة، ورجاحة الرأي، بعدما كانت آراءه طيلة عمره تستحق الاحترام وتثير الجدل وتجلب في الوقت نفسه المتعة الفكرية، فكان عقلًا فذًّا له قناعاته ووجهات نظره وأفكاره التي وإن اختلف معها نفر من الناس إلا أنه كان يدافع عنها ببسالة ولم يكن ليتردد في إعلانها، وفي الختام نقول: إذا كان الموت حقًا فإن البقاء من خلال الأعمال الجليلة، هو نصيب الكبار الذين يتركون بصماتهم على الواقع ويسجلون مآثرهم في سجل الذكر المجيد. ** من كتاب أعلام في ذاكرة الوطن تابعو الأردن 24 على

السوسنة
منذ 3 ساعات
- السوسنة
بدء تنفيذ الرسوم الجمركية الأمريكية .. تدفق مليارات الدولارات إلى البلاد
السوسنة - بدأت الولايات المتحدة عند منتصف ليل الأربعاء الخميس تنفيذ حزمة جديدة من التعريفات الجمركية على السلع الواردة من عشرات الدول، وذلك تنفيذًا لأمر تنفيذي وقّعه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأسبوع الماضي. وأعلن ترامب عبر حسابه على منصة "تروث سوشيال" أن "مليارات الدولارات من الرسوم الجمركية تتدفق الآن إلى الولايات المتحدة الأمريكية"، مؤكدًا أن لحظة بدء التطبيق تمثل نقطة تحول في السياسة التجارية الأمريكية.ووفق البيت الأبيض، فإن البضائع المستوردة من أكثر من 60 دولة، بما فيها دول الاتحاد الأوروبي، ستخضع لتعريفات جمركية تتراوح بين 10% إلى 41%. وتشمل الإجراءات فرض ضريبة بنسبة 15% على المنتجات القادمة من الاتحاد الأوروبي واليابان وكوريا الجنوبية، و20% على الواردات من تايوان وفيتنام وبنغلاديش.ويرى ترامب أن هذه الإجراءات ستجذب مئات المليارات من الدولارات كاستثمارات أجنبية في الولايات المتحدة، وتعيد التوازن الاقتصادي من خلال تحفيز الإنتاج المحلي وزيادة فرص التوظيف، مؤكدًا أن "النمو سيكون غير مسبوق"، رغم اعترافه بعدم امتلاك رقم دقيق للإيرادات المتوقعة.ورغم هذه الآمال، أظهرت بيانات اقتصادية أن التعريفات أثرت سلبًا على الاقتصاد الأمريكي منذ الإعلان عنها لأول مرة في أبريل/ نيسان، حيث بدأ التوظيف في التباطؤ وظهرت بوادر تضخم، إلى جانب انخفاض قيم العقارات في الأسواق الكبرى. ويعزو محللون هذه التأثيرات إلى الضرائب المفروضة حديثًا والتي تستعد الشركات والمستهلكون لتداعياتها.في سياق متصل، دخلت واشنطن في مسار تصعيدي مع عدة دول، أبرزها الهند، حيث ضاعف ترامب الرسوم الجمركية على السلع الهندية إلى 50%، وذلك بسبب مواصلة نيودلهي شراء النفط من روسيا رغم العقوبات الغربية. وأوضح ترامب أن ضريبة إضافية بنسبة 25% على الواردات الهندية ستدخل حيز التنفيذ خلال ثلاثة أسابيع. ولوّح بفرض إجراءات مماثلة على دول أخرى تواصل استيراد النفط الروسي، باستثناء بعض السلع كالأدوية والهواتف الذكية.كما استهدفت واشنطن البرازيل على خلفية محاكمة الرئيس السابق جايير بولسونارو، حليف ترامب، حيث ارتفعت الرسوم على السلع البرازيلية إلى 50%، مع بعض الإعفاءات المتعلقة بقطاعات محددة مثل عصير البرتقال والطيران المدني، لكن الرسوم الجديدة طالت منتجات أساسية كالقهوة واللحوم والسكر.وفي إعلان منفصل، كشف ترامب عن فرض تعريفات جمركية بنسبة 100% على رقائق الكمبيوتر، وهو ما يهدد برفع أسعار الإلكترونيات، والسيارات، والأجهزة المنزلية التي تعتمد على هذه الشرائح. لكنه أكد إعفاء الشركات الأمريكية المصنّعة محليًا من هذه الضرائب، مشيرًا إلى أن الهدف هو تحفيز الصناعة الوطنية. وأضاف أن الشركات التي تنتج داخل الولايات المتحدة لن تتأثر، في خطوة تُعد خروجًا عن سياسة الدعم والتحفيز التي انتهجتها إدارة بايدن السابقة عبر قانون "الرقائق والعلوم"، والذي خصص أكثر من 50 مليار دولار لتوسيع صناعة أشباه الموصلات.ويواجه هذا التصعيد الجمركي من إدارة ترامب تحديات قانونية محتملة، بسبب استخدامه سلطات اقتصادية طارئة، وقد تنتهي بعض القضايا المتعلقة به أمام المحكمة العليا الأمريكية.


Amman Xchange
منذ 7 ساعات
- Amman Xchange
500 مليون يورو قرض من الاتحاد الأوروبي
الغد-عبد الرحمن الخوالدة كشفت المفوضية الأوروبية، أمس، عن قرب موعد توقيع مذكرة تفاهم سيتلقى الأردن بموجبها قروض ميسرة طويلة الأجل بقيمة 500 مليون يورو من الاتحاد الأوروبي خلال الأعوام 2025-2027. وقالت المفوضية "وصلنا إلى المرحلة الأخيرة، لوضع اللمسات النهائية للبرنامج مع الحكومة الأردنية". وأوضح تقرير أصدرته المفوضية، أمس، أن هذه القروض الميسرة (المساعدات)، تندرج تحت برنامج المساعدة المالية المتعددة الأطراف الرابعة للأردن. وبحسب التقرير، سيتم تقديم المساعدة كقروض طويلة الأجل بشروط ميسرة، إذ من المقرر أن تتم عملية المساعدة المالية المتعددة الأطراف الجديدة على ثلاث دفعات، يرتبط كل منها بتنفيذ التزامات السياسة المتفق عليها. وكان البرلمان والمجلس الأوروبي أقرا في شهر نيسان (أبريل) الماضي، برنامج المساعدة المالية المتعددة الأطراف الرابع للأردن بقيمة 500 مليون يورو على شكل قروض ميسرة طويلة الأجل، ستصرف على مدى الفترة 2025-2027. ويشار إلى أن الأردن تسلم 500 مليون يورو ضمن البرنامج نفسه في نسخته الثالثة للأعوام 2022-2024، فيما تسلم 500 مليون يورو أخرى ضمن النسختين الأولى والثانية خلال الأعوام 2014 - 2019. وبذلك، سيصل إجمالي قيمة القروض الميسرة التي (تلقاها وسيتلقاها) الأردن من الاتحاد الأوروبي، ضمن هذا البرنامج وحده إلى 1.5 مليار يورو منذ العام 2014 حتى 2027. ويأتي تقديم هذه المساعدات في إطار الالتزامات المنصوص عليها في الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين الطرفين، التي أقرت في وقت سابق من العام الحالي. وأكدت المفوضية في التقرير الذي ترجمته "الغد"، أن التمويل الجديد يستهدف دعم احتياجات الأردن من التمويل الخارجي، مما يساهم في استمرار ضبط أوضاع المالية العامة، ويدعم تنفيذ الإصلاحات الهيكلية. ومن خلال ذلك، يسعى الاتحاد الأوروبي إلى مساعدة الأردن على المضي قدما في أجندته الإصلاحية، وتعزيز فرص العمل والنمو الاقتصادي والاستثمار. ويقدم هذا الدعم بما يتماشى مع أولويات الشراكة بين الاتحاد الأوروبي والأردن، التي أعيد تأكيدها في الاجتماع الخامس عشر لمجلس الشراكة بين الاتحاد الأوروبي والأردن في 15 تموز (يوليو) من العام الماضي، التي عززت بشكل أكبر من خلال الشراكة الاستراتيجية والشاملة بين الاتحاد الأوروبي والأردن، التي أقرت في كانون الثاني (يناير) 2025. كما ستتوافق هذه الالتزامات مع أولويات الإصلاح المنصوص عليها في مذكرة التفاهم الخاصة بالمساعدة المالية المتعددة الأطراف الرابعة، التي من المتوقع توقيعها قريبا، وسيتم صرف برنامجي المساعدة المالية المتعددة الأطراف (الثالث والرابع) بالتوازي. وأشار التقرير إلى أن عملية صرف المساعدات ستتطلب أيضا، تقييمات إيجابية في إطار البرنامج الذي يدعمه صندوق النقد الدولي للأردن، إضافة إلى الالتزام المستمر بالآليات الديمقراطية الفعالة وسيادة القانون واحترام حقوق الإنسان. ومن المتوقع أن تركز شروط السياسة على مجالات مثل، إدارة المالية العامة وإدارة الضرائب وسوق العمل والسياسات الاجتماعية، ومكافحة الفساد وإصلاحات الحوكمة الأوسع نطاقا، إضافة إلى التدابير المتعلقة بالطاقة وبيئة الأعمال.