
بين واشنطن وطهران... مفاوضات نووية أم معركة جيوسياسية اقتصادية على النفوذ والهيبة؟
رغم جولات المحادثات الخمس التي عقدت بين واشنطن وطهران للتوصل إلى اتفاق نووي جديد، لا يزال التصعيد الكلامي متواصل بين الجانبين مع إصرار إيران على حقها في التخصيب.
موقف حاسم يُجدّد الرئيس الأميركي دونالد ترامب إطلاقه ومفاده: "لن نسمح لإيران بأيّ تخصيب لليورانيوم". كما قال: "لن يخصبوا. إذا خصبوا اليورانيوم فسنضطر إلى اللجوء لطريقة أخرى"، في تلميح إلى ضربة عسكرية ضد المواقع النووية الإيرانية في حال فشل الاتفاق.
يأتي ذلك، رغم تقارير تفيد بأن الاتفاق الذي اقترحته واشنطن سيسمح لطهران بالتخصيب بمستويات منخفضة ولفترة مؤقتة. إذ كشفت مصادر أميركية مطلعة أن مقترح الاتفاق النووي الذي قدمته الولايات المتحدة لإيران، سيسمح لطهران بقدرة محدودة على تخصيب اليورانيوم على مستوى منخفض لفترة من الزمن، وفق ما ذكر موقع "أكسيوس".
في المقابل تتمسّك طهران بموقفها القائل: "لن نتنازل عن حقوقنا المشروعة في تخصيب اليورانيوم"، بالتالي تكثر التكهّنات عن مصير وجدوى المحادثات في ظل التراشق الكلامي الحاصل.
وفي قراءته لهذه المواقف التصعيدية وتأثيرها على سير المفاوضات، يقول الباحث في الشؤون الإيرانية الدكتور خالد الحاج لـ"النهار": " يُعَدّ التصعيد الكلامي القائم حاليا بين الولايات المتحدة الأميركية وإيران مؤشِّراً واضحاً على دخول مرحلة جديدة من التفاوض النووي، تختلف جذرياً عن اتفاق عام 2015. فموازين القوى تغيَّرت، واللاعبون الإقليميون والدوليون باتوا أكثر تورطًاً وتشابكاً".
يضيف: "ومع ذلك، يميل ميزان التفاوض اليوم بوضوح لصالح إيران، التي تستفيد من جملة تطورات دولية، على رأسها تعقيدات الملف الروسي–الأوكراني، والصدمات الاقتصادية التي أحدثها الرئيس الأميركي دونالد ترامب عبر سياساته الجمركية، إضافةً إلى إخفاقه في تحقيق نتائج ملموسة بشأن إنهاء الحرب في أوكرانيا أو وقف العدوان على غزة، فضلًا عن تراجعه عن بعض أولوياته الاقتصادية السابقة".
أمام هذا الواقع، يعتبر الحاج أن "إيران فهمت موقعها الجديد وبدأت تتدلّل سياسياً، وهو ما ظهر جلياً عبر انسحاب واشنطن من التنسيق العسكري مع إسرائيل بشأن توجيه ضربة مباشرة لإيران، ووقف الإعداد لمجموعة جديدة من العقوبات الاقتصادية. بعبارة أخرى، رأت طهران التحوُّل الاستراتيجي الأميركي بذكاء، وأدركت أن ترامب، المحاصر داخلياً بجملة من الإخفاقات، بات في حاجة إلى "نصر خارجي" يعيد له جزءاً من الهيبة السياسية التي فقدها في أكثر من ميدان".
ويتابع: "لقد شكَّل هذا التوازن المتقاطع بين ضغوط واشنطن المتصاعدة وحاجة ترامب الماسة إلى إنجاز خارجي أرضيةً لإيران لكي تزيد من سقف مطالبها في المفاوضات. فبينما ترفع طهران مستوى تخصيب اليورانيوم بصورة تدريجية، تبدي في الوقت ذاته نوعاً من المرونة الاقتصادية اللافتة، فتلوّح بتقديم تسهيلات واسعة النطاق للشركات الأميركية الكبرى في حال توصُّل الأطراف إلى اتفاق. وتُشير بعض المعلومات إلى إمكانية إبرام صفقة اقتصادية ضخمة قد تتجاوز قيمتها التريليون دولار (بل أكثر) تعيد السوق الإيرانية إلى قلب شبكة التصدير والاستيراد العالمية وتمنح دفعة قوية للاقتصاد الأميركي".
وبحسب الحاج، "هذه المعادلة الدقيقة - تشدّد نووي مقابل انفتاح اقتصادي - هي ما يمنح طهران اليد الأشدّ فاعلية في طاولة التفاوض. فعلى الرغم من أن المحادثات غير المباشرة التي تجرى في عمّان أو روما لم تُسفر عن نتائج ملموسة ظاهريّاً، فإن المؤشرات تؤكّد أن الطرفين قد قطعا أشواطًا مهمة في عدد من الملفات الفنية والإجرائية".
ويوضح "ليست المسألة تقنية فحسب، بل هي ميدان جيوسياسي واسع. فطهران تراهن اليوم على علاقاتها المتينة مع موسكو وبكين، وتمدّ يَدَها اقتصاديّاً إلى أوروبا عبر بوابة الصين الكبرى. وتُدرك واشنطن جيداً أن أي إعادة اندماج إيراني في منظومة التصدير العالمية سيكون بمثابة ضربة مزدوجة: تخفيف لعزلة طهران الاقتصادية من جهة، وفتح فُرَصٍ تنافسية هائلة للشركات الأميركية على حساب حلفاء واشنطن التقليديين في أوروبا، واللعب في ساحة بكين وموسكو".
في المقابل، يذكّر الحاج بأن "ترامب يعاني من ضغوط داخلية متجددة، في ظل تراجع شعبيته على خلفية إخفاقه في تحقيق الوعود الكبيرة التي أطلقها. وتلعب إيران على هذه الحقيقة، فتدرك جيداً أن أي اتفاق نووي يتيح لها رفع العقوبات سيمثل انتصاراً سياسياً مؤثراً لإدارة البيت الأبيض أمام الناخبين، رغم الهشاشة الواضحة في أوراق ترامب الخارجية والداخلية".
من الجدير بالذكر أن طهران خسرت في الفترة الماضية عددا من الأوراق الاستراتيجية على الأرض، سواء عسكرياً في سوريا ولبنان وغزة واليمن، أو دبلوماسياً أمام بعض الدول الإقليمية التي بدأت تتحوّل ببطء نحو مواقف أكثر تحفظًا إزاء الدور الإيراني كالعراق، بحسب الحاج. غير أن "هذه الخسائر الميدانية يدفعها الى تعوِّيضها اليوم بقطع شوط في مفاوضات قد تعيد إليها جزءاً من توازنها الاقليمي والاقتصادي. وقد بدا ذلك واضحاً من خلال رفع سقف المطالب النووية واشتراط منح تحفيزات اقتصادية ضخمة قبل اتخاذ أي خطوات استسلامية"، وفقاً للحاج.
ويمضي قائلاً: " لكن المثير في الأمر أن إيران لا تسعى إلاّ إلى ضمانات قابلة للقياس - إما عبر رفع سريع للعقوبات عن قطاعات النفط والغاز والتكنولوجيا، أو عبر توقيع اتفاقيات استثمار تضمن لها انعاشاً اقتصاديّاً سريعاً. وهذا الضغط الذي تمارسه طهران، إن وُفِّقت في استغلاله، قد يعيدها إلى واجهة الشرعنة الاقتصادية العالمية". وبرأي الحاج، "لن تقتصر انعكاسات الاتفاق على ملفات الطاقة والاستثمار فقط، بل ستطال خريطة التوازنات الأمنية. فمع رفع العقوبات تدريجيّاً عن طهران، ستستعيد الحرس الثوري الإيراني- بشبكته الاقتصادية والمالية المعقدة - قدرته على إعادة نشاطه".
في الخلاصة، يؤكّد الحاج "نحن أمام مفاوضات غير تقليدية لا تقتصر على تفاصيل فنية حول نسب التخصيب ومواقع الرقابة، بل هي معركة جيوسياسية اقتصادية كبرى على النفوذ والهيبة. وبينما تراهن إيران على سياسة النفس الطويل ورفع السقف النووي، فإنها في الوقت ذاته تحافظ على خيط تفاوضي يعطيها هامشاً تشتري به وقتاً وتجمع أوراقاً. بالمقابل، ستجد واشنطن نفسها مضطرة إلى إعطاء طهران بعض من النفوذ مقابل عقود استثمارية".
ويختم الحاج بالقول: "بالتالي، ستخرج منطقتنا، بعد توقيع أي اتفاق شامل، بحقيقة جديدة: تمهيد لحقبة من الصراعات الاقتصادية المباشرة، وولادة جبهة لا تقل تعقيداً عمّا شهدته العقود السابقة. إيران، التي خسرت أوراقاً كثيرة على الأرض في الفترة الماضية، يبدو أنها تتجه لتعوِّضها اليوم عبر طاولة المفاوضات".
وبين طموحات رفع السقف النووي وضغوط الحصار الاقتصادي تتقاطع مصالح متعددة في ميدان المحادثات النووية. فهل تكون هذه المفاوضات مفتاحاً لحقبة جديدة من الاستقرار والتوازن أم مجرد مقدّمة لجولة جديدة من الصراعات التي تلوح في أفق المنطقة؟

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


بيروت نيوز
منذ 20 دقائق
- بيروت نيوز
لوس أنجلوس تشتعل… اشتباكات في معركة 'ترحيل المهاجرين' وترامب يهدد بالتدخل الفيدرالي
تصاعدت التوترات في لوس أنجلوس بعد اندلاع اشتباكات عنيفة بين قوات الأمن الفيدرالية ومحتجين على حملة مداهمات تستهدف المهاجرين غير الشرعيين، في مواجهة متفاقمة بين المدينة ذات القيادة الديمقراطية والبيت الأبيض بقيادة دونالد ترامب. الاحتجاجات التي اندلعت في منطقة باراماونت جنوب شرق المدينة مساء الجمعة، جاءت ردًا على عمليات نفذتها وكالة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك (ICE)، واعتقلت خلالها 44 شخصًا على الأقل. لكن الأحداث تصاعدت سريعًا إلى مواجهات ميدانية، حيث أُطلقت قنابل صوتية وغازات مسيلة للدموع، وتحوّلت الشوارع إلى متاريس بعربات مقلوبة وكتل إسمنتية. فيما وصف مسؤول في البيت الأبيض ما يجري بأنه 'تمرد على السيادة الأميركية'، لوّح الرئيس ترامب بـ'تدخل فوري من الحكومة الفيدرالية' في حال استمرت الاضطرابات، بينما طالب مسؤول أمني بارز باستدعاء الحرس الوطني، قائلاً: 'نحن نجعل لوس أنجلوس أكثر أمانًا… يجب على رئيسة البلدية أن تشكرنا'. بالتوازي، أرسل الرئيس دونالد ترامب، السبت، ألفي عنصر من الحرس الوطني لقمع 'الفوضى' في منطقة لوس أنجلوس، بعد يوم ثانٍ من الاضطرابات التي اندلعت بسبب حملة قمع للمهاجرين غير الشرعيين. ووصف حاكم كاليفورنيا، جافين نيوسوم، هذه الخطوة بأنها 'تحريضية متعمدة'، وحذّر من أنها 'ستؤدي فقط إلى تصعيد التوترات'. الإدارة الجمهورية تضع قضية الهجرة في صلب خطابها، وتستهدف ترحيل 3000 مهاجر يوميًا، لكن الحملة طالت أيضًا مقيمين شرعيين وأصحاب إقامة دائمة، ما أثار طعونًا قانونية وانتقادات حقوقية واسعة. المشاهد من الشوارع تعكس تصاعد الغضب الشعبي، خصوصًا أن 82% من سكان باراماونت ينحدرون من أصول لاتينية – ما يجعل المدينة خط تماس حساس في معركة الهجرة. بينما ترفض شرطة لوس أنجلوس المشاركة في عمليات الترحيل، اضطرت للتدخل لاحتواء الفوضى بعد أن غطت الشعارات المناهضة للـ ICE جدران مبانٍ اتحادية، فيما حاصر المحتجون أحد السجون الفيدرالية. الاحتجاجات وضعت الديمقراطيين المحليين في صدام سياسي وأمني مع إدارة ترامب، وسط اتهامات بمحاولة فرض 'سياسات فيدرالية قسرية' على مدن تعتبر نفسها 'ملاذات آمنة للمهاجرين'. (العين)


بيروت نيوز
منذ 2 ساعات
- بيروت نيوز
من الآن لا أقنعة في الاحتجاجات
أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، اليوم الأحد، ان الحرس الوطني قام بعمل رتئع في لوس أنجلوس بعد يومين من العنف والاضطرابات، مشدداً بالقول إنه 'اعتبارا من الآن لن يسمح بارتداء الأقنعة في الاحتجاجات'. وكتب الرئيس الأميركي على منصة 'تروث سوشيال' التي يمتلكها: 'عملٌ رائعٌ قام به الحرس الوطني في لوس أنجلوس بعد يومين من العنف والاشتباكات والاضطرابات. لدينا حاكمٌ غير كفؤ وعمدةٌ غير كفؤ، وكالعادة (انظروا فقط إلى كيفية تعاملهما مع الحرائق، والآن إلى كارثة بطء إصدار التصاريح الفيدرالية!) عجزا عن القيام بالمهمة'. وأضاف ترامب: 'لن يتم التسامح مع هذه الاحتجاجات اليسارية الراديكالية، التي يقودها محرضون ومثيرو شغب مدفوعو الأجر في كثير من الأحيان. كما أنه من الآن فصاعدًا، لن يُسمح بارتداء الأقنعة في الاحتجاجات. ما الذي يخفيه هؤلاء الناس، ولماذا؟ شكرًا جزيلًا للحرس الوطني على عملهم الرائع!' وفي وقت سابق اليوم الأحد، أعلنت المتحدثة باسم البيت الأبيض أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمر بنشر ألفي عنصر من الحرس الوطني في لوس أنجلوس مع تواصل المواجهات لليلة الثانية بين رجال أمن فيدراليين ومتظاهرين، احتجاجا على مداهمات وكالة الهجرة والجمارك ضد المهاجرين. وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولاين ليفيت، إن 'الرئيس ترامب وقع مذكرة رئاسية بنشر ألفي عنصر من الحرس الوطني للتصدي للفوضى التي سمح لها بالتفاقم'، محمّلة المسؤولية لقادة كاليفورنيا الديمقراطيين 'الضعفاء'. ووصف حاكم ولاية كاليفورنيا، غافين نيوسوم، الخطوة بأنها 'تحريضية واستعراضية'، مشيراً على 'إكس' إلى أن 'نشر 2000 عنصر من الحرس الوطني سيؤدي لتصعيد التوترات'.(العربية)


النشرة
منذ 2 ساعات
- النشرة
مؤتمر الأُمم المُتحدة 3 للمُحيطات: تمويل بلا إرادة سياسية؟!
توجه قادة العالم، الأحد 8 حزيران 2025، إلى نيس، في جنوب شرقي فرنسا، لحُضور " مؤتمر الأُمم المُتحدة الثالث للمُحيطات" الذي يعتزم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تحويله إلى قمة، لحشد الجُهود في حين قررت الولايات المُتحدة مُقاطعته. فما هي انعكاسات إحجام الولايات المُتحدة التي تملك أكبر مجال بحري في العالم، عن المُشاركة في هذه القمة؟. لقد اجتمع الأحد حوالي خمسين رئيس دولة وحُكومة، بينهُم الرئيس البرازيلي، لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، كما وأُقيم عرض بحري، كجزء من احتفالات "اليوم العالمي للمُحيطات"، عشية افتتاح القمة رسميا، الاثنين. وركزت المُناقشات التي تستمر حتى 13 حزيران، على التعدين في قاع البحار، والمُعاهدة الدولية في شأن التلوث البلاستيكي ، وتنظيم الصيد المُفرط . وقال ماكرون لصحيفة "أويست فرانس"، إن هذه القمة تهدف إلى "حشد الجهود، في وقت يتم التشكيك في قضايا المُناخ من جانب البعض"، مُعربا عن أسفه لعدم مُشاركة الولايات المُتحدة فيها. وأما الولايات المُتحدة التي تملك أكبر مجال بحري في العالم، فلن تُرسل وفدا على غرار ما فعلت في المُفاوضات المُناخية. الأهداف الفرنسية حددت فرنسا أهدافا طموحة لهذا المُؤتمر الأُممي الأول الذي يُعقد على أراضيها مُنذ مُؤتمر الأطراف حول المُناخ "كوب21" الذي استضافته باريس في العام 2015. وقال وزير الخارجية الفرنسية جان - نويل بارو، إن فرنسا "تسعى إلى أن يكون المؤتمر مُوازيا بالنسبة إلى المُحيطات، لما كان عليه اتفاق باريس، قبل عشر سنوات، بالنسبة إلى المُناخ". وأعرب الرئيس ماكرون قبل أشهر، عن رغبته في جمع 60 مُصادقة في نيس، للسماح بدُخول مُعاهدة حماية أعالي البحار حيز التنفيذ. ومن دون ذلك، سيكون المُؤتمر "فاشلا"، وَفق موقف أدلى به السفير الفرنسي لشؤون المُحيطات، أوليفييه بوافر دارفور، في آذار 2025. وتهدف المعاهدة التي اعتُمدت في العام 2023، ووقعتها 115 دولة، إلى حماية الأنظمة البيئية البحرية في المياه الدولية التي تُغطي نحو نصف مساحة سطح كوكب الأرض. وقد صادقت عليها إلى الآن رسميا 28 دولة والاتحاد الأوروبي. كما وتأمل فرنسا، في توسيع نطاق التحالُف المُؤلف من 33 دولة، والذي يُؤيد تجميد التعدين في قاع البحار. مُكافحة التلوث البلاستيكي ومن المُتوقع أن تتطرق النقاشات غير الرسمية بين الوفود أيضا، إلى المُفاوضات من أجل التوصُل إلى مُعاهدة لمُكافحة التلوث البلاستيكي، والتي ستُستأنف في آب المُقبل في جنيف، في حين تأمل باريس في الدفع قُدما نحو المُصادقة على الاتفاقات المُتصلة بمُكافحة الصيد غير القانوني والصيد المُفرط. موجات الحر تُغطي المُحيطات 70،8 في المئة من مساحة سطح الكرة الأرضية. وتشهد مُنذ عامين اثنين، موجات حر غير مسبوقة تُهدد كائناتها الحية. ولكن حمايتها هي الأقل تمويلا بين أهداف التنمية المُستدامة التي أقرتها الأمم المتحدة. وقد شدد قصر الإليزيه، على أن قمة نيس "ليست مؤتمرا لجمع التبرعات بالمعنى الدقيق للكلمة"، في حين قالت كوستاريكا، الدولة المُشاركة في استضافة المؤتمر، إنها تأمل في جمع 100 مليار دولار من التمويل الجديد للتنمية المُستدامة للمحيطات. غير أن بريان أودونيل، مُدير حملة "من أجل الطبيعة"، وهي مُنظمة غير حكومية تعمل على حماية المحيطات قال: "أنشأنا أسطورة تقول إن الحكومات لا تملك الأموال اللازمة لحماية المُحيطات". وأضاف: "ثمة أموال، ولكن لا إرادة سياسية". وفي نيس ستُعرض على ماكرون "توصيات المؤتمر العلمي" الذي سبق القمة، فضلا عن مقياس "ستارفيش" الجديد الذي يُحدد حال المُحيط الذي يُعاني استغلالا مُفرطا وارتفاعا في درجة حرارته. الصيد بشباك الجر وتحت ضغط مُنظمات غير حكومية، أعلن ماكرون، السبت، "فرض قُيود على صيد الأسماك بشباك الجر في بعض المناطق البحرية المحمية، من أجل توفير حماية أفضل للأنظمة البيئية". قيمة اقتصادية في المُقابل، يرى الخُبراء أن "الحياة تحت الماء ضرورية للحياة على الأرض". فالمحيط يُنتج نصف الأُوكسجين الذي نتنفسه، ويُوفر الغذاء لملايين حول العالم، ويُؤدي "دورا أساسيا في التخفيف من تغير المُناخ باعتباره مصدرا رئيسيا للحرارة والكربون". وهُم يسعَون إلى الدفع بحلول مُبتكرة قائمة على العِلم، يتم تصميمها في شكل خطة عمل عالمية للمُحيطات. وتُقدر قيمة "اقتصاد المُحيطات" في كُل أنحاء العالم، بحوالي 1،5 تريليون دولار سنويا، حيث يُمثل الاستزراع المائي القطاعَ الغذائي الأسرع نُموا. كما ويوفر الاقتصاد المُرتبط بمصايد الأسماك المحيطية 350 مليون وظيفة في كُل أنحاء العالم. ومع ذلك، فإن الاستِخدام غير المُستدام، وسوء استخدام موارد المُحيط، و تغيُر المُناخ ، والتلوث... كُلها تُهدد قدرة مُحيطاتنا على أن تُقدم الوِفرة لنا. وثمة حاجة إلى تسريع الوصول إلى أهـداف التنمية المُستدامة التي من المُقرر تحقيقها وثلثُها مُرتبط بصحة بيئة الأرض. وأما التلوث، فهو يعوق قُدرة المُحيط على توفير الرخاء للناس. وينبغي أيضا ألا نغفل "الإعلان الوزاري" الصادر عن جمعية البيئة التابعة للأمم المتحدة العام الماضي (الداعي إلى خفض المُنتجات البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد، بحُلول عام 2030) باعتباره مثالا لما يُحققه الالتزام متعدد الأفرقاء في صياغة عالم أفضل. وعلى رغم أن الشعاب المرجانية تُمثل موطنا لرُبع مُجمل الحياة البحرية، فقد فقدت المُحيطات نصف هذه الشعاب، وهو ما يؤثر سلبا في الأمن الغذائي العالمي. كما ويزيد الصيد غير القانوني، وغير المُنظم، من العبء على النُظم الإيكولوجية. وعلاوة على ذلك، يُشكل ارتفاع مُستوى سطح البحر، الناجم عن تغيُر المُناخ تهديدا وجوديا، حيث تقع الدُول الجُزرية الصغيرة النامية، في خط المواجهة لهذا الارتفاع الخطر. وحدد المبعوث الخاص للمُحيط، بيتر تومسون، المشاكل الرئيسية التي تُواجه المُحيطات. وهي: -التلوث: من البلاستيك إلى مُخرجات المجاري لقطاعات الزراعة والصناعة. -إستدامة مصائد الأسماك في مُواجهة المُمارسات الضارة. (المُشكلتان قابلتان للمُعالجة في شكل كبير، في حُلول العام 2030). -ولكن العصية على المُعالجة هي المُشكلات المرتبطة بالتحمُض وبإزالة الأُوكسيجين، وباحترار المُحيطات. وهذه كُلها مُرتبطة بانبعاثات الغازات الدفيئة. غير أن الأخطَر أن هذه "التحديات" ستستمر لمئات السنين حتى ولو قامت الدول مُجتمعة بالمطلوب مع انتهاء "مؤتمر الأُمم المُتحدة - 3 للمُحيطات". فهل يكون العالَم هذه المرة "على أعتاب ثورة إيجابية عظيمة"؟.