
"وول ستريت" تواجه معضلة التحوط مع تضخم التقييمات
قال ثوفت، الذي يشغل منصب كبير مسؤولي الاستثمار في حلول الأصول المتعددة في الشركة التي تتخذ من بوسطن مقراً لها: "أصبحت الأسواق مُفرطة في الرضا عن الذات". على مدار الأشهر التسعة الماضية، قلّل فريقه بشكل مطرد من تعرضه للائتمان ذي العائد المرتفع، وتحول نحو الأسهم غير الأمريكية، وأعاد توزيع رأس المال في استثمارات أكثر أماناً.
"لقد شهدنا انتعاشاً هائلاً منذ أدنى مستوياته في أبريل بسبب الرسوم الجمركية، مع تراجعات محدودة. التقييمات مُفرطة في العديد من الأسواق. لقد انخفضت مؤشرات المخاطر إلى أدنى مستوياتها لهذا العام"، بحسب ثوفت.
الفجوة بين التفاؤل والحذر
إنه حساب يواجهه العديد من المستثمرين المحترفين: ما هو مقدار التحوط أمام ارتفاع الأسهم والائتمان الذي تحدى لسنوات توقعات التباطؤ. حافظت حماسة الذكاء الاصطناعي، والأرباح القوية للشركات، والاقتصاد الذي استوعب أعلى أسعار فائدة في عقدين، على حيوية هذا الانتعاش. لكن ضغوط التضخم لم تنحسر تماماً، ولم يُعلن الاحتياطي الفيدرالي انتصاره بعد.
في ظل هذه الفجوة بين التفاؤل والحذر، ظهرت مجموعة من الإشارات الدفاعية في الأسابيع الأخيرة - ميل نحو مزيد من الحماية من الانخفاض في خيارات الأسهم، وتدفقات جديدة إلى النقد ومنتجات الذهب، وتراجع في صناديق المؤشرات المتداولة طويلة الأجل ذات الرافعة المالية. يزداد عدد المتشائمين وسط المستثمرين في قطاع التجزئة وفقاً لأحدث استطلاع أجرته الجمعية الأمريكية للمستثمرين الأفراد، بينما قال 91% من المشاركين في استطلاع "بنك أوف أمريكا" إن الأسهم الأمريكية مبالغ في قيمتها.
بشكل عام، يشير كل ذلك إلى تفاؤل متحوط: مستثمرون مستعدون للسعي وراء العوائد لكنهم غير مستعدين للتخلي عن الحماية. حتى في ظل هذا الهدوء غير المتوقع، تشك "وول ستريت" في أن أسس الانتعاش قد تكون عرضةً للاختبار.
الرهان على خفض أسعار الفائدة
مرة أخرى، كافأ هذا الأسبوع المتفائلين. ظلت الرهانات على خفض أسعار الفائدة في سبتمبر مرتفعةً، وواصل مؤشر "إس آند بي 500" ارتفاعه الصيفي، وظلت عمليات جمع الأموال من الشركات نشطة. وارتفعت عملة بيتكوين إلى مستويات قياسية. وجذبت صناديق الأسهم العالمية 26 مليار دولار، بقيادة الشركات الأمريكية الكبرى، بينما أضافت صناديق السندات 26 مليار دولار. وانخفض مؤشر "MOVE" لتقلبات السندات إلى أدنى مستوى له منذ عام 2022، وحوم مؤشر "VIX" بالقرب من أدنى مستوياته منذ بداية العام.
يقوم غاريت ميلسون، استراتيجي المحافظ الاستثمارية في "نانيكسيس إنفستمنت مناجرز سولوشنز" (Natixis Investment Managers Solutions)، بتعديل المخصصات بمعدل ضعفي المعتاد تقريباً - وفي بعض الأسابيع، كل بضعة أيام - لضبط التعرضات بدقة مع ارتفاع الأسواق. ولا تعكس هذه الوتيرة السريعة تقلبات السياسات من إدارة دونالد ترمب فحسب، بل تعكس أيضاً سرعة التقلبات في سرديات السوق.
قال ميلسون إن "الاتجاه السائد هو أن تستمر الأمور في التهدئة، وفي النهاية يصبح الإجماع متفائلًا بعض الشيء". خفّض فريقه مخاطر الائتمان، وعزز استثماراته في سندات الخزانة، وأبقى على زيادة طفيفة في استثمارات التكنولوجيا، التي يرى أنها لا تزال تستفيد من طفرة الذكاء الاصطناعي. ويرى مجالًا لتراجع يتراوح بين 5% و6% مع ازدياد حماس المستثمرين، لكنه يشكك في احتمال حدوث تباطؤ اقتصادي كبير وشيك. وقال إن سندات الخزانة تظل وسيلة تحوّط أكثر موثوقية من الذهب أو السلع الأساسية، والتي قد تتلاشى في حالة تباطؤ اقتصادي طويل الأمد.
ضعف ثقة المستهلك الأمريكي
تم اختبار هذا التوازن بين السعي وراء المكاسب والحذر من الانعكاسات مراراً وتكراراً خلال الأسبوع الماضي. احتفل المتفائلون يوم الأربعاء بعد أن أظهر تقريرٌ تضخماً استهلاكياً معتدلًا، لكنهم قلّصوا رهاناتهم على تخفيضات وشيكة لأسعار الفائدة من قِبل الاحتياطي الفيدرالي عندما قفزت أسعار الجملة في اليوم التالي. ارتفعت العوائد وانخفضت الأسهم مجدداً يوم الجمعة، حيث طمست البيانات التي أظهرت ضعف ثقة المستهلك قفزةً كبيرة في مبيعات المتاجر.
أبقت هذه التقلبات على تيار خفي من الحذر قائماً، وغذّت النقاش حول مقدار الحماية التي يجب الحفاظ عليها. ارتفع مقياس التكلفة النسبية للحماية من الانهيار، وهو مقياس في مؤشر "إس أند بي 500"، بشكل ملحوظ. في الوقت نفسه، شهدت صناديق الاستثمار المتداولة ذات الرافعة المالية والتوجهات الصعودية - وهي أداةٌ مفضلةٌ للمضاربين - تدفقات خارجية بلغت نحو 9 مليارات دولار خلال الشهر الماضي، وفقاً لبيانات جمعتها بلومبرغ.
أدى ارتفاع أسعار الأسهم خلال الصيف إلى ارتفاع تقييمات مؤشر "إس آند بي" إلى ما يزيد عن 22 ضعفاً للأرباح المتوقعة، وهو ما يفوق بكثير متوسط 10 سنوات البالغ حوالي 18 ضعفاً. ومع ذلك، فإن أي دافع للتحوط يجب أن يُعزى إلى سهولة تعامل الأسواق مع الصدمات في السنوات الأخيرة. حتى الآن، استوعب المستثمرون سنوات من ارتفاع أسعار الفائدة، والخلافات التجارية، والسياسات المتقلبة بسهولة مدهشة. بالنسبة لمخصصي الأسهم مثل ثوفت وميلسون، يكمن التحدي في تحديد مقدار احترام هذه المرونة، ومقدار التأمين ضد لحظة انهيارها.
لا يستجيب الجميع بمزيد من الصفقات أو المزيد من التحوطات. لم تُجر جولي بيل، مديرة المحفظة وكبيرة استراتيجيي الاستثمار في "كاين أندرسون رودنيك"، أي تغيير على محفظتها الاستثمارية المكونة من 28 سهماً هذا الربع. فهي تتجنب المشتقات وتعتمد بدلاً من ذلك على ما تسميه "الفائزين ذوي الدماء الزرقاء" لتجاوز نوبات التقلب.
قالت بيل إن المستثمرين لا يطيقون أي شيء أقل يقينا، مما يجعل السوق عرضةً لتراجعات حادة عند تغير المعنويات. وأضافت، واصفةً سوقاً تهيمن عليه تجارة الذكاء الاصطناعي، حيث يزدحم المستثمرون في سوق رابحةٍ بلا شك: "الخوف من تفويت الفرص ليس كالنشوة. هذا يعني أنه عند مواجهة فترة حرجة، يهرع الجميع إلى المخارج بسرعة".
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


عكاظ
منذ 6 ساعات
- عكاظ
لماذا قلّصت شركات النفط الصخري الأمريكي مستويات الإنتاج؟
أعلنت شركات النفط الصخري الأمريكية عن تقليص كبير في الإنفاق والتوقف عن تشغيل المزيد من الحفّارات. وبحسب تقرير حديث صادر عن إدارة معلومات الطاقة الأمريكية، فإن من المتوقع انخفاض إنتاج الولايات المتحدة من النفط العام القادم، وسط انخفاض أسعار الخام إلى ما دون مستوى التعادل لمعظم منتجي النفط الصخري. وتراجعت أسعار النفط بنحو 13% منذ بداية أبريل، ليصل سعر خام غرب تكساس إلى نحو 62 دولاراً للبرميل، وهو أقل من سعر 65 دولاراً الذي تحتاجه الشركات الأمريكية لتحقيق الأرباح. وأكدت شركات نفط أمريكية كبرى أنها تسعى لتحقيق أقصى كفاءة تشغيلية بدلاً من توسيع الإنتاج، في حين تم سحب أكثر من 10% من منصات الحفر النشطة مقارنةً بالعام الماضي. يأتي ذلك في ظل زيادة المخاوف من أن ثورة النفط الصخري في الولايات المتحدة، التي استمرت نحو عقدين، قد بلغت ذروتها خصوصاً مع انخفاض أسعار النفط في الأشهر القليلة الماضية إلى أدنى مستوياتها في سنوات عدة. وقال المحلل في أسواق النفط أجاي بارمار: «بعد لقاء الرئيسين الأمريكي والروسي في ألاسكا أخيراً، فإن هذا يعني أن النفط الروسي سيستمر في التدفق دون أي عائق، ومن المتوقع أن يكون لهذا تأثير سلبي على أسعار النفط». وأضاف: «تجدر الإشارة إلى أننا نعتقد أن تأثير هذا سيكون ضئيلاً، ومن المرجح أن تشهد الأسعار انخفاضاً طفيفاً فقط على المدى القريب نتيجةً لهذا الخبر». وأوضح المحلل في بنك يو بي إس جيوفاني ستونوفو أن المشاركين في السوق: «سيتابعون تصريحات القادة الأوروبيين، لكن في الوقت الحالي، ستظل مخاطر انقطاع الإمدادات الروسية محصورة». أخبار ذات صلة


عكاظ
منذ 6 ساعات
- عكاظ
في لحظة حاسمة.. هل يكشف باول سياسة «الفيدرالي» الخميس القادم؟
تنطلق ندوة السياسة الاقتصادية السنوية للاحتياطي الفيدرالي في كانساس سيتي في جاكسون هول، وايومنغ، مساء الخميس القادم، ومن المتوقع أن يكشف رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، في كلمة يلقيها عن إطار السياسة الجديد للاحتياطي الفيدرالي، وهو الإستراتيجية التي سيتبعها لتحقيق أهدافه المتعلقة بالتضخم والتوظيف. وقد يدلي باول أيضاً ببعض التلميحات حول توجهات الاحتياطي الفيدرالي قبل اجتماعه للسياسة في سبتمبر القادم. وقد أبقى المسؤولون أسعار الفائدة دون تغيير حتى الآن هذا العام، في انتظار معرفة تأثير الرسوم الجمركية التي فرضتها إدارة ترمب على الاقتصاد، بحسب ما ذكرته «بلومبيرغ»، واطلعت عليه «العربية Business». ومع استمرار التضخم فوق هدف الاحتياطي الفيدرالي البالغ 2%، وظهور مؤشرات على تباطؤ سوق العمل، انقسم صانعو السياسات حول موعد استئناف تخفيضات أسعار الفائدة. وقد يقدم خطاب باول لمراقبي الاحتياطي الفيدرالي تحديثاً جديداً حول مدى الدعم المتاح لخفض أسعار الفائدة في سبتمبر، في وقتٍ تكثّف إدارة ترمب الضغوط لبدء تخفيف السياسة النقدية. ومن المرجح أن بيانات الأسبوع الماضي لم تحدث تغييراً يذكر في الآراء بشأن التضخم والاقتصاد. فقد ارتفع مؤشر أسعار المستهلك الأساسي، الذي يستثني الغذاء والوقود، في يوليو بأعلى مستوى له منذ بداية العام. ومع ذلك، لم ترتفع تكلفة السلع الخاضعة للرسوم الجمركية بالقدر الذي كان يخشى. ومع ذلك، أشار تقرير منفصل عن تضخم أسعار الجملة إلى تزايد ضغوط الأسعار على الشركات. وأظهرت قراءة جديدة لمبيعات التجزئة أن المستهلكين الأمريكيين أظهروا قوة أكبر خلال الشهرين الماضيين، على الرغم من أن تراجع المعنويات يشير إلى القلق بشأن التضخم وسوق العمل. ويرى محللو «بلومبيرغ إيكونوميكس»، أن لدى رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول فرصة لتهدئة التكهنات بخطابه في ندوة جاكسون هول السنوية. وفي العام الماضي، استغل باول تجمع محافظي البنوك المركزية للإبلاغ عن استعداد الاحتياطي الفيدرالي لخفض أسعار الفائدة، لكن الظروف مختلفة، ولا يُعتقد أنه سيكون صريحاً بالقدر نفسه هذا العام. ويتيح الطابع العالمي لمؤتمر جاكسون هول أيضاً فرصة لنظراء باول للتعبير عن دعمهم وسط الانتقادات المستمرة من الرئيس دونالد ترمب. ومن المرجح أن يكون استقلال البنوك المركزية موضوعاً رئيسياً على هامش المؤتمر. وسيقدم عدد من الاقتصاديين أوراقاً بحثية جديدة خلال الاجتماع، وعادةً ما تعقد حلقة نقاشية تضم رؤساء بعض أكبر البنوك المركزية في العالم. أخبار ذات صلة


الاقتصادية
منذ 8 ساعات
- الاقتصادية
"الصناعة والثروة المعدنية" السعودية تبرم اتفاقية لتوفير حلول تمويلية للمنشآت الصناعية
أبرمت وزارة الصناعة والثروة المعدنية في السعودية اتفاقية مع شركة "دينار" للاستثمار بهدف تقديم حلول تمويلية مبتكرة للمنشآت الصناعية. تأتي الخطوة في سياق جهود الوزارة المتواصلة لتمكين الاستثمارات الصناعية ودعم النمو في القطاع الصناعي. وتتضمن الاتفاقية توفير منتجات تقنية مالية متنوعة، تشمل تمويل رأس المال العامل وتمويل التوسع، عبر منصة التمويل الجماعي لشركة "دينار"، مع ضمان الكفاءة العالية للخدمات المقدمة. تستهدف الاتفاقية تحقيق نمو واستدامة المصانع المحلية، بما يتماشى مع أهداف الإستراتيجية الوطنية للصناعة. ويتوقع أن تسهم الحلول المالية في تحسين وتطوير المنتجات المقدمة من شركة "دينار" لتناسب احتياجات المنشآت الصناعية المستهدفة. كما تسهّل الوزارة من خلال هذه الشراكة إجراءات التواصل بين شركة "دينار" والمنشآت المستفيدة، مما يعزز من قدرة تلك المنشآت على التوسع والنمو. يذكر أن الاتفاقية تأتي في إطار جهود وزارة الصناعة والثروة المعدنية لبناء قطاع صناعي مستدام ماليا، تتوفر للمنشآت الصناعية فيه جميع الحلول التمويلية التي تضمن نمو أعمال تلك المصانع وتطورها.