
أربيل وأنقرة وواشنطن.. ترقب ثلاثي الأبعاد لـ"حدث تاريخي" بطله أوجلان
شفق نيوز/ سلط "معهد واشنطن" الأمريكي، الضوء على المسارات والتداعيات المحتملة لـ"الإعلان التاريخي" المتوقع من جانب زعيم حزب العمال الكوردستاني عبدالله أوجلان، على المشهد الإقليمي بما في ذلك إقليم كوردستان وسوريا والعلاقات التركية-الامريكية.
وبحسب تقرير للمعهد الأمريكي، ترجمته وكالة شفق نيوز، فعلى الرغم من انهيار جهود السلام السابقة، إلا أن الوضع على الأرض في العراق وسوريا وتركيا تغير بشكل كبير بما يكفي لتبرير التفاؤل بشأن محادثات أنقرة الحالية.
وأوضح التقرير، أن تركيا على اعتاب إعلان تاريخي من قبل اوجلان، حيث تشير مصادر الى انه قد يطلب قريبا من أعضاء الحزب حل أنفسهم وإنهاء قتالهم الطويل ضد الحكومة التركية.
عقود من الصراع
وأضاف أن تسوية صراع الدولة التركية المتواصل منذ 5 عقود مع "العماليين"، ستكون لها تداعيات خطيرة على مجموعة واسعة من القضايا، من السياسة التركية في الداخل وصولاً إلى العلاقات الثنائية في الخارج.
ورأى التقرير، أن تسوية الصراع بامكانها ازالة شوكة حزب العمال الكوردستاني من العلاقات الامريكية - التركية ويمهد الطريق لإعادة ضبط العلاقات المتوقعة في ظل إدارة ترامب الثانية.
وتابع التقرير الأمريكي، أن ذلك قد يؤثر ايضا على التطورات في سوريا، حيث لدى واشنطن شراكة مع "وحدات حماية الشعب"، التي توصف بأنها الفرع السوري لحزب العمال الكوردستاني، منذ العام 2014 لمحاربة تنظيم داعش، وهي شراكة لطالما أثارت غضب تركيا.
وبين التقرير، أن التفاصيل المتعلقة بخلفية إعلان أوجلان المتوقع، يلفها الغموض المقصود، وهو ما يرجع بشكل جزئي الى ان الحوارين السابقين اللذين خاضتهما انقرة مع حزب العمال (2009-2011 و2013-2015) فشلا بشكل ذريع، مما تسبب في وقوع عنف اكبر وتآكل شعبية الرئيس رجب طيب اردوغان.
لكن تقرير معهد واشنطن، رأى أن أردوغان أصبح دقيقا اكثر فيما يتعلق بنشر التطورات حول دبلوماسية حزب العمال الكوردستاني، وفرض حظرا على نشر المعلومات في كل مرحلة من مراحل الحوار الى ان يصبح على ثقة بان خطوات محددة لا رجعة فيها.
كما أن التقرير الأمريكي، رأى أن عناصر وتداعيات الصفقة المحتملة تبدو واضحة، ومن بينها ان اوجلان نفسه المسجون منذ العام 1999، في حين أن اردوغان تعهد من خلال وسطاء في "حزب المساواة وديمقراطية الشعوب" المؤيد للكورد، بإخراج اوجلان المريض البالغ من العمر 75 عاما، ووضعه في الإقامة الجبرية في حال اعلن حل حزب العمال الكوردستاني، وضمن امتثال اعضاء الحزب بذلك تحت اشراف حزب المساواة وديمقراطية الشعوب.
قيادة قنديل
وحول ما يسمى "قيادة قنديل"، ومن بينهم مراد كارايلان، وجميل بايك، ودوران كالكان، وشخصيات أخرى، فقد وصفهم التقرير بأنهم يتشاركون مع أوجلان في أنهم من الكورد المولودين في تركيا والذين تركوا الجامعات المرموقة في السبعينيات لتأسيس حزب العمال الكوردستاني كجماعة ثورية ماركسية لينينية، وامضوا حياتهم من اجل ثورة التحرير الوطني"، واستخدموا العنف من اجل مساعدة الفلاحين الكورد في تركيا.
ولكن التقرير قال ان ايديولوجية الحزبب اصبحت موضع نقاش منذ نهاية الحرب الباردة، مضيفا انه من غير الواضح ما اذا كانت "قيادة قنديل" ستمنحهم تركيا تنازلات في اطار صفقة الاقامة الجبرية المعروضة على أوجلان.
وتابع التقرير ان قيادات قنديل تخشى من ان يتم اغتيال اعضائها على يد الاستخبارات الوطنية التركية، حتى في حال حصلوا على وعود بالعفو في المنفى، في حين ان القادة المسنون في الحزب قد يعارضون حل الحزب كليا او فوريا من دون تحقيق اي من اهدافه الأصلية، لانهم بذلك سيكونون قد ضحوا بحياتهم بلا جدوى.
ووفق تقرير المعهد الأمريكي، فقد ادت الهجمات التركية الى تقليص وجود حزب العمال داحل تركيا نفسها، وادت الغارات الجوية التركية إلى القضاء بشكل متزايد على كوادر الحزب في العراق وكوادر وحدات حماية الشعب في سوريا.
ورأى التقرير، أن "أردوغان ربما يحاول الاستفادة من مخاوف عناصر وقيادات الحزب من خلال جعل اوجلان يطرح عليهمفترة راحة مغرية من خلال فكرة القاء السلاح والبقاء احياء،
كما لفت تقرير "معهد واشنطن" الأمريكي، إلى أن اردوغان ظل يحاول حل حزب العمال الكوردستاني، على الرغم من النجاحات الأخيرة في مكافحة الإرهاب.
وقال التقرير ان محاولات تركيا السابقة لنزع سلاح حزب العمال الكوردستاني عبر اوجلان، فشلت جزئيا لانها لم تحقق استفادة كاملة للمصالح الكوردية العراقية، بما في ذلك مصالح الحزب الديمقراطي الكوردستاني المسيطر في اربيل.
واضاف التقرير ان انقرة تبدو هذه المرة انها تتعامل مع الحزب الديمقراطي الكوردستاني بحكمة أكبر، حيث اقترحت عليه أن يضغط على حزب العمال الكوردستاني لتلبية دعوة أوجلان في مقابل الاضطلاع بدور مستقبلي بين كورد سوريا.
خلال فترة عامي 2014-2015، كانت وحدات حماية الشعب في مرحلة تنامي قوتها، وكانت تعارض محادثات السلام التي خاضها حزب العمال الكوردستاني مع تركيا.
إلا أن حظوظ وحدات حماية الشعب وقوات "قسد"، بدأت بالتراجع، بعد سقوط نظام الأسد، حيث اعلنت السلطات السورية الجديدة المدعومة من تركيا بأنها تريد وضع الاراضي السورية كافة تحت سيطرتها، بما في ذلك المناطق التي يسيطر عليها الكورد.
ورأى التقرير الأمريكي، ان الدافع وراء محادثات الكورد في سوريا مع القيادة الجديدة، "ولو بشكل جزئي على الاقل"، هو استمرار وجود الطائرات المسيرة التركية في سماء سوريا، بالاضافة إلى إشارت من الرئيس الامريكي دونالد ترامب بانه سيرفع الغطاء الامني الرئيسي من خلال سحب القوات الامريكية من سوريا.
ولهذا، رجح التقرير، ان تستمع وحدات حماية الشعب إلى اوجلان، في حال طلب منها التعامل بايجابية مع تركيا، حتى لو ان بعض القادة في قنديل نصحوا وحدات حماية الشعب بالقيام بخلاف ذلك.
أمريكا والكورد
ونبه تقرير "معهد واشنطن"، إلى أن الولايات المتحدة شجعت دائما الحوار التركي-الكوردي وإنهاء الصراع مع حزب العمال الكوردستاني، وذلك على الرغم من ان واشنطن لا تتمتع بتأثير يذكر او لا تأثير لها نهائيا، على الأطراف السياسية التركية، إلا إنها بإمكانها الاعتماد على وحدات حماية الشعب، وقوات "قسد".
وخلص التقرير الأمريكي، إلى القول إن لدى تركيا الاسباب الكافية للقيام بذلك، وبإزاحة حزب العمال الكوردستاني من المشهد السياسي السوري، سيمهد الطريق امام تركيا للتعاون مع واشنطن والكورد السوريين في العديد من القضايا المفيدة لمصالح الولايات المتحدة، مثل احتواء تنظيم داعش، وإعادة بناء البلد، وإقامة علاقات تركية مستقرة مع القوى السورية المختلفة.
ولهذا، اختتم التقرير، بالإشارة إلى أن واشنطن لكي تحقق هذه الاهداف، يتحتم عليها الاستمرار في تشجيع وحدات حماية الشعب و"قسد" بشكل خاص، على الاستجابة لدعوة أوجلان ما أن ينشر إعلان السلام.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


ساحة التحرير
منذ يوم واحد
- ساحة التحرير
نخب عراقية تستبعد انتهاء الوجود التركي في البلاد بعد حلّ حزب العمال!عادل الجبوري
نخب عراقية تستبعد انتهاء الوجود التركي في البلاد بعد حلّ حزب العمال! عادل الجبوري بعد نحو شهرين ونصف من دعوة زعيم حزب العمال الكردستاني التركي المعارض (PKK) عبد الله أوجلان إلى حلّ الحزب وإلقاء السلاح، أصدر الحزب، في الثالث عشر من أيار/مايو الجاري، قرارًا وصف بالتاريخي، قضى بإنهاء العمل المسلح بأشكاله ومظاهره كافة، والشروع بمرحلة جديدة تهدف إلى إرساء السلم وترسيخ التعايش مع الدولة التركية. أثارت هذه التطورات المتسارعة ردود فعل واسعة، من مختلف الأطراف الإقليمية والدولية، وكان العراق من بين أكثر الأطراف المعنية بتداعيات وانعكاسات القرار، نظرًا إلى أن الحزب يتخذ، منذ حوالي أربعين عامًا، من الأراضي العراقية منطلقًا لنشاطه العسكري المسلح والسياسي لاحقًا. وهذا ما شكّل ذريعة دائمة لانتهاك تركيا السيادة العراقية، من خلال إنشاء عشرات القواعد والمقرات العسكرية والاستخباراتية داخل الأراضي العراقية. وتشير تقارير متعددة إلى وجود آلاف العسكريين الأتراك في معسكرات دائمة وغير دائمة، في محافظات دهوك وأربيل والموصل. والتساؤل الذي يطرح نفسه في خضم هذه المتغيرات: هل ستنسحب تركيا فعليًا من العراق بعد حلّ حزب العمال؟ وما الذي ينبغي على الحكومة العراقية فعله حيال هذا الملف؟ على الحكومة العراقية التحرك لإخراج القوات التركية في هذا الصدد، يشير عضو الرابطة الدولية للكتاب والمحللين السياسيين قاسم سلمان العبودي إلى أنَّ: 'حجة الوجود التركي، في شمال العراق، لطالما كانت مرتبطة بوجود حزب العمال الكردستاني المصنّف تنظيمًا إرهابيًا بحسب القانون التركي، والآن وبعد حلّ الحزب نفسه، ينبغي على الحكومة العراقية أن تتحرك لإخراج القوات التركية استنادًا إلى القانون الدولي، وإلا سيكون وجود تلك القوات قوات احتلال، ما لم يُثبت أنه يستند إلى اتفاقيات رسمية مبرمة بين العراق وتركيا'. يضيف العبودي، في تصريح خاص لموقع 'العهد' الإخباري، أن: 'المعطيات الإقليمية والدولية تشير إلى أن القوات التركية لن تنسحب من شمال العراق، في انسجام مع المخطط الغربي الذي تقوده الولايات المتحدة وحلفاؤها في المنطقة، وعلى رأسهم الكيان الصهيوني وبعض الدول العربية'، موضحًا أنَّ: 'تركيا لا تُخفي أطماعها، في شمال العراق وشمال سوريا، وتسعى إلى أخذ حصتها من الاستراتيجية الأميركية الجديدة المعنونة بــــ'الشرق الأوسط الجديد'، ولذلك من الصعب عليها التفريط بالمناطق التي احتلتها في شمال العراق'. يتابع العبودي بالقول: 'نعتقد أن على الدبلوماسية العراقية أن تنشط في هذا الملف، وإلا فإن الفصائل المسلحة العراقية سيكون لها موقف آخر، وهو موقف لن يُرضي الجانب التركي بالتأكيد'. لتركيا ثوابت جيوسياسية في العراق وسوريا من جهته، يرى الباحث في الشأن السياسي عدنان آل ردام، في حديثه لموقع 'العهد' الإخباري، أن: 'الوجود العسكري التركي في العراق ليس مرتبطًا أساسًا بأنشطة حزب العمال، وإن استُخدمت هذه الأنشطة ذريعةً لذلك، لأن لتركيا ثوابت جيوسياسية في العراق وسوريا منذ توقيع معاهدة سايكس بيكو'. كما يوضح آل ردام أن: 'تركيا، ومنذ مئة عام، تدرج في موازنتها السنوية ليرة تركية واحدة في إيرادات افتراضية من نفط كركوك، في إشارة رمزية تؤكد تمسكها بأن كركوك والموصل جزء من الكيان الجيوسياسي التركي. ومنذ عهد مؤسس الجمهورية مصطفى كمال أتاتورك وحتى عهد الرئيس رجب طيب أردوغان، تؤكد أنقرة سعيها إلى استعادة ما تعده أراضيها التي اقتطعتها المعاهدة المذكورة، وترى في المتغيرات الحالية فرصة لتحقيق ذلك، خصوصًا في ظل تصاعد نفوذ 'الإخوان المسلمين' في سوريا'. إلى ذلك؛ يشير آل ردام إلى أن: 'حلّ حزب العمال سيضع تركيا في موقع متقدم لترسيخ نفوذها السياسي، في العراق وسوريا، من خلال ما يتيحه لها وجودها العسكري من فرص جديدة'. حلّ حزب العمال قد يخلق مشكلات داخل المجتمع الكردي في تركيا أما رئيس تحرير موقع 'ألواح طينية' الإلكتروني قاسم العجرش، فقد نظر إلى القضية من زاوية مختلفة، وقال لموقع 'العهد' إن: 'مشهد نزول آلاف المقاتلين والمقاتلات من حزب العمال الكردستاني من جبال قنديل العراقية يثير الاستغراب والتساؤلات، خصوصًا بشأن مكاسب الحزب بعد أربعة عقود من الكفاح المسلح، وما إذا كان سيتخلى نهائيًا عن هذا النهج، وماذا سيفعل عناصره لاحقًا؟'. ويعرب العجرش عن خشيته من انضمام مقاتلي الحزب السابقين إلى جيوش المشكلات الاجتماعية والاقتصادية التي يعانيها المجتمع التركي، لافتًا إلى: 'السلطة الحزبية الكبيرة التي يتمتع بها زعيم الحزب عبد الله أوجلان'، متسائلًا عن: 'آفاق توظيف هذه الشخصية في المستقبل السياسي التركي'. يختم العجرش بالقول: 'إن حلّ حزب العمال قد يخلق مشكلات جديدة داخل المجتمع الكردي في تركيا، وستمتد تأثيراتها إلى العراق أيضًا، خصوصًا في المناطق التي يتواجد فيها الحزب بشكل كبير'. 2025-05-22 The post نخب عراقية تستبعد انتهاء الوجود التركي في البلاد بعد حلّ حزب العمال!عادل الجبوري first appeared on ساحة التحرير.


شفق نيوز
منذ 3 أيام
- شفق نيوز
بعد اتفاق السلام.. العمال الكوردستاني يدعو أنقرة لتخفيف "قيود حبس" زعيمه أوجلان
شفق نيوز/ ذكرت قناة "فرانس 24" الفرنسية، يوم الثلاثاء، أن حزب العمال الكوردستاني "PKK" ناشد السلطات التركية تخفيف إجراءات الاعتقال المفروضة على زعيمه عبد الله أوجلان، باعتبار أنه من سيتولى مهمة تنفيذ قرار حلّ الحزب وإلقاء السلاح، والتفاوض حول ذلك مع المسؤولين الأتراك. ونقل التقرير الفرنسي الذي ترجمته وكالة شفق نيوز، عن المتحدث باسم الجناح السياسي للحزب زاغروس هيوا، وصفه لأوجلان بأنه "المفاوض الرئيسي"، مشيراً إلى أن "تركيا لم تقدم حتى الآن أي ضمانات لعملية سلام". وذكرّ التقرير باتخاذ الحزب "قرارات تاريخية" من وقف إطلاق النار إلى حلّ نفسه رسمياً في 12 أيار/ مايو الجاري، وإنهاء التمرد المسلح المستمر منذ عقود، موضحاً أن "هذه الخطوات جاءت استجابة لنداء من أوجلان، أطلقه عبر رسالة من سجنه في جزيرة آمرالي قرب إسطنبول، حيث يحتجز في عزلة منذ العام 1999". ونقل التقرير عن هيوا قوله إنه "باعتبارنا منظمة خاضت كفاحاً مسلحاً لمدة 41 عاماً، قررنا أن نحلّ أنفسنا وننهي الكفاح المسلح"، مضيفاً أن الحزب "يمنح بذلك السلام فرصة حقيقية". وأعرب عن أمله بأن "تجري الدولة التركية الآن تعديلات تتعلق بظروف العزلة المفروضة على القائد أوجلان، وأن تؤمن له ظروف عمل حرة وآمنة لكي يتمكن من قيادة العملية"، مضيفاً أن "القائد آبو هو مفاوضنا الرئيسي في أي محادثات مع تركيا، وأنه هو وحده بإمكانه قيادة التنفيذ العملي للقرار الذي اتخذه مؤتمر الحزب بحلّ نفسه، بما يمهد لتسوية سياسية". ولفت التقرير إلى أنه "ليس واضحاً حتى الآن الآلية المتعلقة بالحلّ، إلا أن الحكومة التركية سبق لها وأن صرحت بأنها ستراقب العملية عن كثب لضمان التنفيذ الكامل". إلا أن التقرير نقل عن هيوا قوله إن "تنفيذ القرار سيتم التفاوض عليه بين أوجلان والمسؤولين الأتراك". وبحسب التقرير، فإن "المراقبين يتوقعون أن تظهر الحكومة انفتاحاً جديداً تجاه الكورد، الذين يشكلون نحو 20% من سكان تركيا". وبرغم أن هيوا أكد أن "الحزب أظهر حسن نية وجدية وصدق فيما يتعلق بالسلام"، إلا أنه اتهم الدولة التركية بأنها "لم تقدم حتى الآن أي ضمانات ولم تتخذ أي خطوات لتسهيل العملية، وأنما واصلت القصف المدفعي والجوي ضد مواقع الحزب". ولفتت القناة الفرنسية إلى أن "تقارير إعلامية تركية تتحدث عن أن المسلحين الذين لم يرتكبوا جرائم على الأراضي التركية قد يعودون دون ملاحقة قانونية ضدهم، بينما قد يُجبر قادة الحزب على البقاء في المنفى أو في العراق". وأشار هيوا إلى أن "السلام الحقيقي يتطلب الاندماج، لا النفي، وفي حال كانت الدولة التركية صادقة وجادة فيما يتعلق بالسلام، فعليها إجراء التعديلات القانونية اللازمة حتى يتم دمج أعضاء الحزب في مجتمع ديمقراطي". ونوه إلى أن "الكورد يعتبرون أقلية عرقية لها ثقافتها ولغتها الخاصة، ويعيشون في منطقة جبلية ممتدة عبر تركيا وسوريا والعراق وإيران، وقد كافحوا لفتررة طويلة من أجل الحصول على وطن خاص بهم وأنهم تعرضوا لهزائم متكررة". ولفت إلى أن "ملايين الكورد يعيشيون حالياً بأمان نسبي في إقليم كوردستان وأيضاً تحت الإدارة الكوردية شبه المستقلة في شمال شرق سوريا حيث أن أنقرة تعتبر قوات سوريا الديمقراطية فرعاً من حزب العمال الكوردستاني". وأوضح هيوا بالقول: "نحن لا نتدخل في شؤون قوات سوريا الديمقراطية، والعملية الحالية هي بين حزب العمال الكوردستاني وتركيا فقط، ولا طرف آخر معني بها"، معتبراً أن "هذه العملية ستكون لها آثار إيجابية بالتأكيد على تسوية القضية الكوردية في بقية أجزاء كوردستان".


شفق نيوز
منذ 4 أيام
- شفق نيوز
الكورد في قلب مرحلة الحل
في استجابة مباشرة لدعوة زعيمه المعتقل عبد الله أوجلان، أعلن حزب العمال الكوردستاني عقد مؤتمر خاص لحل نفسه ونزع سلاحه، بحضور نخبة من كوادره وفي ظروف خاصة. ويُعد هذا الإعلان خطوة مفصلية ضمن مسار طويل من الصراع، ومحاولة جادة لتعزيز عملية السلام. الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وفي أول تعليق رسمي على الخطوة، تجنّب ذكر الحزب باسمه، مكتفياً بوصفه بـ"المنظمة"، وترك المسار للمؤسسات الأمنية والاستخبارية لمتابعته. لكنه أشار إلى نقطتين لافتتين: دعوته أنصار الحزب حول العالم لدعم الجمهورية التركية بدلاً من معارضتها، وتقديره أن الصراع مع الحزب كلّف تركيا خسائر مادية تتجاوز تريليوني دولار خلال 42 عاماً من الحرب. لكن إذا كانت خسائر الدولة التركية بهذا الحجم، فكم بلغت خسائر حزب العمال الكوردستاني؟ وكم خسر الشعب الكوردي من طاقات ومقدرات؟ الأهم، ما حجم الأضرار الإنسانية والاجتماعية والنفسية التي لحقت بالمجتمعين الكوردي والتركي، والتي لا يمكن تعويضها أو حتى تقديرها زمنياً؟ في العام 1999، وبعد اعتقال أوجلان، أعلن الحزب وقفاً لإطلاق النار، لكنه جاء في توقيت مرتبك وغير محسوب سياسياً وعسكرياً. بدلاً من استثماره، تعاملت الدولة التركية مع الخطوة من موقع المنتصر، وزادت من غطرستها، وأهدرت فرصة نادرة لوقف النزيف البشري والاقتصادي. الفرصة الثانية تمثلت في عملية "الحل والانفتاح" بين عامي 2013 و2015. هذه المرحلة، التي بدأت عبر صناديق الاقتراع بعد عقود من الإنكار القومي واللغوي، بلغت ذروتها حين طلب حزب العدالة والتنمية من حزب الشعوب الديمقراطي الكوردي الانضمام للحكومة. لكن جبهة قنديل المتطرفة داخل الحزب أجهضت اللحظة بإعلان حرب الخنادق، لتفشل بذلك فرصة تاريخية جديدة على الحركة المدنية الكوردية في شمال كوردستان. صحيح أن المناخ السياسي آنذاك لم يكن ناضجاً تماماً لاحتضان مسار سلمي شامل، لكن قرار الحزب حينها، رغم عدم حسمه قانونياً، أخّر عملية السلام لعقد كامل. وإذا كانت الجبال والسلاح استراتيجية لمرحلة ما، فإن نزع السلاح وحل التنظيم قد يكون استراتيجية فعالة في عالم متغيّر، يُقدّم فرصاً مختلفة للنضال المدني والسياسي. التجربة تؤكد أن الكورد حققوا من المكاسب السياسية والمدنية في المدن أكثر مما حصدوه من النضال المسلح. ففي 2009، كان لهم 59 رئيس بلدية، وارتفع العدد إلى 102 بحلول 2019. وفي البرلمان التركي، ارتفعت مقاعد حزب الشعوب الديمقراطي من 29 مقعداً في 2015 إلى 67 في 2023. المقارنة بين نمطي النضال تتضح بالأرقام: بين عامي 2015 و2023، قُتل أكثر من 6200 شخص في مواجهات مسلحة، مقابل نحو 200 فقط في احتجاجات شعبية. بالتوازي، شهدت تلك السنوات ازدهاراً ثقافياً ملحوظاً، من افتتاح دور نشر كوردية إلى تدريس اللغة الكوردية في المدارس والجامعات، وانتعاش الإعلام والفنون بلغتهم. اليوم، وبعد أربعة عقود من الكفاح، تدخل القضية الكوردية في تركيا مرحلة جديدة. لم تعد المعادلة بسيطة: فحتى إن تمّ كبح الخسائر، لا يعني ذلك بالضرورة تحقيق مكاسب. فإن التلوث السياسي في "نهر المسألة الكوردية" قد طال حتى الأسماك الصالحة للسلام. من جهة، يروّج البعض داخل الدولة العميقة لفكرة أن الحزب انهار تحت الضغط العسكري وحده. ومن جهة أخرى، يرى بعض المحللين الكورد أن الدولة اضطرت للتهدئة بفعل الضغوط الإقليمية والدولية. كلا الخطابين يتغاضى عن تعقيدات المشهد وحجم الضرر المتراكم. الشرق الأوسط بأكمله، بما فيها الأجزاء الأربعة التي يعيش فيها الكورد، يخضع لتحولات هيكلية في الفكر والسياسة والاقتصاد، بما يتماشى مع معايير العصر الجديد: عصر الذكاء الاصطناعي، والتكنولوجيا الحيوية، وإعادة تشكيل الدولة الحديثة. الكورد ليسوا وحدهم في هذا المسار، لكنهم اليوم، بوضوح، في قلب مرحلة الحل.