
الأوروبيون يحضون إيران على مواصلة المباحثات النووية مع أميركا
حضت ألمانيا وفرنسا وبريطانيا اليوم الجمعة إيران على "مواصلة المباحثات مع الولايات المتحدة" في شأن برنامج طهران النووي، وذلك خلال اجتماع في جنيف مع وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي.
وقال وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو "نعتقد أنه لا يوجد حل نهائي بالوسائل العسكرية لقضية النووي الإيراني". ورأى نظيره الألماني يوهان فاديفول أن طهران تبدو "مستعدة من حيث المبدأ لمواصلة المناقشات".
قال وزراء خارجية أوروبيون اليوم الجمعة إنهم مستعدون لإجراء مزيد من المحادثات مع إيران بعد مناقشات لمحاولة استعادة المسار الدبلوماسي في شأن برنامجها النووي.
وبعد ثلاث ساعات من المحادثات، أدلى وزراء خارجية فرنسا وبريطانيا وألمانيا ومسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي بتعليقات مقتضبة لكنهم لم يشيروا إلى ما إن كان أي تقدم ملموس أحرز.
وقالت مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي كايا كالاس اليوم الجمعة إن المحادثات مع إيران يجب أن تبقى مفتوحة، وذلك عقب مناقشات بين وزير الخارجية الإيراني ونظرائه من ألمانيا وبريطانيا وفرنسا، إضافة إلى كالاس.
"خيانة" للجهود الدبلوماسية
ندّد وزير الخارجية الإيراني اليوم الجمعة بالهجمات الإسرائيلية على بلاده معتبراً أنها "خيانة" للجهود الدبلوماسية التي كانت تبذل مع الولايات المتحدة، ومؤكداً أن طهران وواشنطن كانتا ستتوصلان الى "اتفاق واعد" في شأن البرنامج النووي الإيراني.
وقال عباس عراقجي أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف قبل اجتماع بالغ الأهمية مع وزراء خارجية أوروبيين، "هوجمنا في وسط عملية دبلوماسية. كان مقرراً أن نلتقي الأميركيين في 15 يونيو (حزيران) لصوغ اتفاق واعد جداً".
ووصل وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي إلى مقر في جنيف حيث من المقرر أن يجري محادثات مع نظراء أوروبيين حول البرامج النووية والصاروخية لبلاده اليوم الجمعة.
الدبلوماسية الأوروبية تسعى إلى إنهاء الصراع
مع تصاعد الحرب بين إيران وإسرائيل وتبادل الضربات بين الطرفين، تسعى الدبلوماسية الأوروبية إلى إنهاء الصراع عبر المفاوضات، بينما قالت إيران اليوم الجمعة إنها لن تناقش مستقبل برنامجها النووي وهي تحت القصف الإسرائيلي، فيما أعلن البيت الأبيض أن الرئيس دونالد ترمب سيتخذ قراراً في شأن تدخل أميركي محتمل خلال أسبوعين.
وأعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن باريس وبرلين ولندن ستقدم "عرضاً تفاوضياً شاملا" للإيرانيين في جنيف الجمعة، يشمل القضايا النووية وأنشطة الصواريخ الباليستية وتمويل الفصائل المسلحة في المنطقة.
وأكد ماكرون على هامش معرض باريس الجوي أنه "يجب إعطاء الأولوية للعودة إلى المفاوضات الجوهرية".
ويلتقي وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي في جنيف في وقت لاحق الجمعة مع نظرائه البريطاني ديفيد لامي والفرنسي جان نويل بارو والألماني يوهان فادفول، إضافة إلى مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس.
تنسيق أوروبي
ينسق الأوروبيون جهودهم خلال غداء قبل الاجتماع المقرر عقده نحو الساعة الثالثة بعد الظهر بالتوقيت المحلي (13.00 بتوقيت غرينتش).
وقال ماكرون إن الملف النووي الإيراني "يشكل تهديداً ويجب ألا يكون هناك أي تراخ في هذا الأمر"، لكن "لا أحد يستطيع أن يعتقد بجدية أن هذا التهديد يمكن معالجته بالعمليات الحالية فقط".
وأضاف أن "هناك منشآت تتمتع بحماية شديدة" و"لا أحد يستطيع اليوم أن يحدد بشكل قاطع مكان وجود اليورانيوم المخصب بنسبة 60 في المئة (...). لذلك، يتعين استعادة السيطرة على هذا البرنامج، من خلال الخبرة الفنية والتفاوض أيضا".
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وبحسب مصدر دبلوماسي فإن هذا المقترح الشامل قد يتناول مثلاً "تحديد إطار للتحقق المتعمق من المنشآت النووية الإيرانية (...) ويمكننا أن ننص على دخول الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى كل مكان لإجراء عمليات التفتيش دون إعلام مسبق".
وأضاف المصدر أن "هذا سيكون نموذجاً للتفتيش يشبه ما تم تطبيقه في شأن النووي في العراق بعد عام 1991 وحرب الخليج التي شهدت هزيمة صدام حسين".
ودعا ماكرون إسرائيل أيضاً إلى وقف ضرباتها على "البنى التحتية المدنية" الإيرانية. وأكد أن "لا شيء يبرر استهداف البنى التحتية للطاقة والسكان المدنيين".
كما شدد على ضرورة عدم "نسيان الوضع في غزة، الذي يتطلب اليوم، لأسباب إنسانية وأمنية أيضاً، وقف إطلاق النار في أسرع وقت ممكن، واستئناف إدخال المساعدات الإنسانية واستئناف العمل السياسي".
ترتيب بريطاني إسرائيلي
قال وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي الجمعة إن بريطانيا تعمل مع السلطات الإسرائيلية لترتيب رحلات طيران عارض للمواطنين البريطانيين من تل أبيب عند معاودة فتح المجال الجوي.
وأضاف في بيان "في إطار جهودنا لدعم المواطنين البريطانيين في الشرق الأوسط، تعمل الحكومة مع السلطات الإسرائيلية لتوفير رحلات طيران عارض من مطار (بن جوريون في) تل أبيب عند معاودة فتح المجال الجوي".
وأغلق مطار بن جوريون الأسبوع الماضي بسبب الحرب الجوية المتصاعدة بين إسرائيل وإيران.
ونصحت لندن يوم الاثنين مواطنيها في إسرائيل بتسجيل وجودهم لدى السلطات البريطانية، مؤكدة أنها تراقب الوضع وتدرس خيارات للمساعدة.
وأضافت أنها زادت من دعمها اللوجيستي للمواطنين الذين لجأوا إلى مغادرة إسرائيل باستخدام الطرق البرية عبر الأردن ومصر.
جهود ألمانية تركية
قال متحدث باسم الحكومة الألمانية إن المستشار فريدريش ميرتس بحث في اتصال هاتفي مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان اليوم الجمعة الصراع بين إسرائيل وإيران.
وأضاف المتحدث أن الزعيمين تحدثا عن جهودهما الدبلوماسية الرامية لمنع مزيد من التصعيد في المنطقة ووعدا بالتنسيق الوثيق من الآن فصاعداً.
وقال البيت الأبيض أمس الخميس إن ترمب سيقرر ما إذا كان "سيمضي قدماً أم لا" في المشاركة الأميركية في الصراع خلال الأسبوعين المقبلين نظراً إلى احتمال عقد مفاوضات مع إيران قريباً.
وقال دبلوماسيان قبل الاجتماع الذي سيضم فرنسا وبريطانيا وألمانيا ومسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي إنه سيتم إبلاغ عراقجي بأن الولايات المتحدة لا تزال منفتحة على إجراء محادثات مباشرة.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


Independent عربية
منذ 44 دقائق
- Independent عربية
وزراء خارجية جامعة الدول العربية يبحثون النزاع بين إسرائيل وإيران
من المقرر أن يضم اجتماع منظمة التعاون الإسلامي الذي تنطلق أعماله السبت في إسطنبول برئاسة وزير الخارجية التركي ويستمر يومين، نحو 40 دبلوماسياً رفيعي المستوى ويخصص لمناقشة الأزمة الإيرانية الإسرائيلية، وفقاً للخارجية التركية. عقد وزراء خارجية جامعة الدول العربية اجتماعاً طارئاً في إسطنبول مساء الجمعة لمناقشة تداعيات الحرب بين إيران وإسرائيل، وفق ما ذكرت وكالة أنباء الأناضول التركية الرسمية نقلاً عن مصادر دبلوماسية. ويأتي لقاء الوزراء العرب في أكبر مدن تركيا عشية اجتماع وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي الذي من المقرر أن يناقش أيضاُ الحرب التي اندلعت قبل أسبوع. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) وبدأت إسرائيل هجومها على إيران في الساعات الأولى من صباح 13 يونيو (حزيران) بزعم أن إيران على وشك تطوير أسلحة نووية، ما أثار رداً عسكرياً فورياً من طهران لتندلع أسوأ مواجهة على الإطلاق بين الخصمين اللدودين. ومن المقرر أن يضم اجتماع منظمة التعاون الإسلامي الذي تنطلق أعماله السبت في إسطنبول برئاسة وزير الخارجية التركي ويستمر يومين، نحو 40 دبلوماسياً رفيعي المستوى ويخصص لمناقشة الأزمة الإيرانية الإسرائيلية، وفقاً للخارجية التركية. وأضافت الوزارة أن وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي الذي التقى الجمعة بوزراء خارجية فرنسا وبريطانيا وألمانيا والاتحاد الاوروبي في جنيف، سيحضر اجتماع المنظمة ويلقي كلمة. وأعلن عراقجي الجمعة بعد الاجتماع أن بلاده مستعدة "للنظر" في العودة إلى المسار الدبلوماسي "ما أن يتوقف العدوان" الإسرائيلي عليها. ومن المتوقع أن يصدر وزراء خارجية جامعة الدول العربية بياناً عقب اجتماعهم.


Independent عربية
منذ 2 ساعات
- Independent عربية
معادلة الحرب والتفاوض: القنبلة أو النظام
لعبة الأمم وصلت إلى المرحلة الأخيرة في ما تسميه إسرائيل "صراع وجود" مع إيران، وعملية "الأسد الصاعد" ضد إيران أكبر من مصالح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وسياسته الشخصية، وإطالة حرب غزة لإطالة عمر حكومته. إنها حرب إسرائيل التي تقول مع نتنياهو إنه إذا حصلت إيران على سلاح نووي "فلن يكون هناك وجود لإسرائيل"، فالاستراتيجية الدائمة في إسرائيل هي "حصرية السلاح النووي فيها"، ورفض حصول أية دولة في الشرق الأوسط على القنبلة. وإيران التي دفعت مليارات الدولارات وتحملت أقسى العقوبات من أجل بناء مشروع نووي على مدى عقود تعرف أن بوليصة ضمان النظام هي امتلاك القنبلة، بصرف النظر عن النفي وحديث فتوى تحريم السلاح النووي والكلام على سلمية المشروع. وما نراه حالياً هو قتال أمام "العتبة النووية" في طهران، صراع وجود ليس فيه عادة حل وسط. غير أن ما يدور من تقاصف لا يزال مضبوطاً على حافة حرب شاملة لا تريد أميركا الذهاب إليها، وتخشى طهران من عواقبها، وتسعى روسيا والصين وأوروبا والدول العربية إلى الحؤول دون انزلاق الأطراف إليها. تقاصف لم يقترب بعد من التوسع إلى خارج الجغرافيا الإيرانية والإسرائيلية، بحيث يبدو مفروضاً على إيران. عمليات عسكرية نوعية يريد الرئيس دونالد ترمب توظيفها في إجبار طهران على قبول شروطه في التفاوض على الملف النووي، بما يلغي إمكان الحصول على سلاح نووي. نوع من ممارسة قول كلازوفيتز "إن الحرب هي استمرار للسياسة بوسائل أخرى". أما إسرائيل، فإن ما تريده هو عرقلة التفاوض الأميركي - الإيراني، لأنها خائفة من الوصول إلى "باذار" إقليمي - دولي لا يناسبها، وبالتالي العمل لإنهاء المشروع النووي الإيراني بالقوة. وليس خارج المألوف أن تصف طهران عملية "الأسد الصاعد" بأنها "لعب إسرائيلي بذيل الأسد"، ولا بالطبع أن يهدد وزير الدفاع الإسرائيلي بإحراق طهران، ويهدد الحرس الثوري بإحراق تل أبيب، لكن ما كشفت عنه العمليات العسكرية خطر جداً، وسط ما بقي خارج الكشف. من التفوق التكنولوجي الهائل إلى المعلومات الاستخبارية الدقيقة، التي قادت إلى قطع رؤوس قادة الجيش والحرس الثوري وعلماء الذرة. ومن إقامة الموساد قاعدة سرية للطائرات المسيرة داخل إيران، إلى عمليات كوماندوس على الأرض الإيرانية. فضلاً عن السيطرة الإسرائيلية على الأجواء في طهران والمدن الأخرى، من دون أية قدرة فعالة على الدفاع الجوي ضد الغارات. ففي المرحلة الماضية كانت إسرائيل تضع ألف حساب لأية ضربة داخل إيران، خوفاً من هطول الصواريخ عليها من أذرع إيران الخارجية في لبنان وسوريا والعراق واليمن وغزة، أما بعد إضعاف الأذرع في حرب غزة ولبنان وسقوط نظام الأسد في سوريا، فإن نقل الحرب إلى الرأس الإيراني بات ممكناً من دون حساب لمشاركة الأذرع. والمعادلة المطروحة في التكامل العسكري والدبلوماسي بين أميركا وإسرائيل هي البرنامج النووي أو النظام، والرد الإيراني يعزز تمسك ترمب ونتنياهو بهذه المعادلة، فالتهديد بالانسحاب من معاهدة عدم الانتشار النووي، والمسارعة إلى تخصيب اليورانيوم بأعلى من نسبة 60 في المئة، يعني المخاطرة بحرب شاملة ضد إيران تخوضها أميركا علناً. وأية حرب شاملة تنتهي، لا فقط بخسارة البرنامج النووي، بل أيضاً بخسارة النظام والبرنامج. والخيار أمام طهران لا يزال متاحاً في فرصة ثانية لمعاودة التفاوض، كما يقول ترمب. وما تشترطه إيران، هو وقف العمليات الإسرائيلية. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) غير أن من الصعب الهرب من القاعدة التقليدية التي يعرفها القادة العسكريون، حين تدخل الحرب تفقد السيطرة على الأحداث وتصبح أسيرها، فليس لعمليات التقاصف الحالية أفق سياسي، هي مجرد تبادل الأذى والدمار في لعبة عض الأصابع وانتظار من يصرخ أولاً، ولا مخرج منها إلا بالتفاوض الأميركي - الإيراني على ما هو أكثر من البرنامج النووي. والمحلل الاستراتيجي البريطاني لورنس فريدمان البروفسور الفخري لدراسات الحرب في كلية الملك في لبنان، يرى في مقالة نشرتها "فورين أفيرز" أنه "بعد نهاية الحرب الباردة فقدت الحروب السريعة قوة الدفع، ولم تقدم الكثير، بحيث تحولت الصراعات إلى شيء عنيد جداً". وبكلام آخر، وداعاً للحروب السريعة والضربة القاضية. وما كشفت عنه غزارة القصف الإيراني بعد ساعات من صدمة الهجوم الإسرائيلي هو أن إيران ليست ضعيفة، لكنها ليست بالقوة التي تدعيها. فهي اعتادت المبالغة في قوتها إلى حد خرافي، مثل التهديد بإزالة إسرائيل من الوجود خلال "سبع دقائق ونصف دقيقة". وهي ترفع في العاصمة لافتات عن المسافة بالثواني إلى المدن في إسرائيل، لا بل تعتبر أن "محور المقاومة" الذي وصفه وزير الخارجية عباس عرقجي بأنه "مكون مهم جداً في قوة إيران" ليس سوى "طبقة ثانوية في عقيدة الدفاع والردع الإيرانية"، كما نقلت "فورين بوليسي" عن مسؤولين إيرانيين. وفي رأي سوزان مالوني نائبة رئيس بروكنغز، فإن حرب إسرائيل في غزة ولبنان وسقوط نظام بشار الأسد "كسرت استراتيجية إيران الإقليمية، لكن إيران ضعيفة ليست أقل خطورة". وهذا ما تضعه أميركا وروسيا والصين والدول العربية في الحسابات، ضمن معادلة الحاجة إلى نظام إيراني من دون سلاح نووي ولا مشروع إقليمي له أذرع مسلحة. وقديماً قال كليمنصو، "أنا أعتذر - لآتيلا، ولكن فن ترتيب كيف يعيش الرجال أكثر تعقيداً من فن ذبحهم".


صحيفة مكة
منذ 2 ساعات
- صحيفة مكة
خلفيات ومستقبل الحرب الإسرائيلية الإيرانية
الحروب نهايات مدمرة مظلمة ظالمة دموية تبلغها الدول حينما تضيق عليها الفرص، ويزداد الشحن، وتتفاقم الخطورة، وتختلط الأوراق وقلة وجود المصلحين، أو تحيزهم وتحولهم لأجزاء من الصراع، يدفعونه في الخفاء والعلن للتعنت والتجبر. الشرق الأوسط أتون الصراعات، ووقود فوضاها، وصعوبة تفكيك أسبابها، وتتبع عقلانيتها، منذ أزمنة طويلة، وحروب الشرق تتزاوج بكثرة وتتوالد مشعلة فتل المعارك الأخرى، بين دول تعرف سواد مستقبلها فتعمل بكل قواها ليوم مواجهة عندها تكرم البلد أو تهان. إسرائيل تظل الطرف الأكثر تهديدا وقصدا ومحاربة لأطراف عديدة، وإيران تمثل طرف الممانعة فيها، تبني أذرعها، تسلحهم، تصرف عليهم، وتوجههم للمحاربة عنها ومنها ولها. منطقيا فإسرائيل كانت تعلم أنها الطرف الأكثر مواجهة ضد محيطها، ولذلك ظلت تبني قواتها وتقنياتها وقدراتها داخليا وخارجيا وبكل بعد نظر وحيطة، لتبلغ من القوة والتجسس والاختراقات ما لن يكتشف إلا بعد عقود من الزمن. أمريكا ظلت تدير الصراعات في الشرق، لصالح حليفتها الزرقاء، وكانت تتدخل بقواتها مرات، والدعم اللوجستي إضافة للتدريب وتقديم الاستشارات على الأرض والبحر، وفي جيرة الأجواء، الملتهبة. عقيدة أمريكا ظلت تحاول إبقاء الشرق دون أسلحة نووية، رغم غض طرفها عن نووي إسرائيل، فتستميت لمنع إيران من امتلاك النووي. ترامب وفي فترتي رئاسته عمل جهوده، ومن خلال الوسطاء العرب والغربيين، حاول عقد اتفاقية مع إيران لإقرار ذلك وتنظيمه، وإيران تساهلت، وطمعت وماطلت حتى تكون إحدى الدول النووية. توقيع الاتفاقية استطال، وأخذ ممرات ملتوية، ولذلك عزمت إسرائيل على كشف ورقتها الأخيرة «صعود الأسد»، قاتلة أو مقتولة، وبدعم من أمريكا، وعمليات تسليح مفتوحة، ومؤازرة من معظم دول الغرب، التي تشارك في الحرب ولو بالصمت الرهيب. الحرب لا كاسب فيها بالكامل، ولا خاسر بالكلية، فالأضرار والأخطار المستقبلية تتوزع بين الجهتين المتقابلتين، وعلى المتضررين في القرب، وهذا ما ظهر جليا في أول أيام الحرب الإسرائيلية الإيرانية المباشرة، بعد أن تم تقييد جميع الأذرع الإيرانية، لتكتفي فقط بالدعاء. إسرائيل باغتت العالم، وعاثت بالجو فسادا، وحركت أعوانها على الأرض الإيرانية، ودمرت مناطق الخطورة، وفجرت وعطلت تخصيب اليورانيوم، وقتلت من كبار القادة الكثير، وأثبتت تواجد عناصر الموساد على أرض إيران! إيران بنظرية عليَّ وعلى أعدائي لم تتردد، ولم تقف قاصرة الحيلة، وانهالت على مدن إسرائيل بالصواريخ البالستية، رغبة منها في تغيير قوانين اللعبة، ولأول مرة، وبهذا الحجم من التدمير الصاروخي الموجع. من سيفوز في النهاية؟ سؤال بلا جواب موثوق. فأمريكا تريد نهاية للحوار النووي، وتوقيع المعاهدة مع إيران، بما تريده. الشرق مناطق خوف وحذر، والجيرة متضررة، أمنيا وعسكريا واقتصاديا، والمواجهات مليئة بالمفاجآت، ولا بد من نهاية للفيلم، يتقبلها الجميع ولو جبرا، ويتعاملون معها وكأنها الحقيقة الأصيلة الكاملة. إنها ولا شك تعد من أسوأ الفترات على منطقة الشرق الأوسط، وأكثرها حرجا، بيادق الشطرنج يتم تحريكها، وتتساقط، ولا أحد يعرف كيف ستكون النقلات القادمة. الشعوب العربية العقلانية عانت كثيرا، وملت من انتظار السلام الدائم والتنمية والتقدم بعيدا عن تخلف العداوات، وأضرار التجييش والتسليح والحروب والتخلف والتغريب.