
ما الملفات التي يحملها وزير خارجية أفغانستان في زيارته لإيران؟
طهران – وصل وزير الخارجية في حكومة طالبان الأفغانية أمير خان متقي إلى العاصمة الإيرانية طهران، أمس السبت، على رأس وفد رفيع المستوى، بدعوة رسمية من وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي ، للمشاركة في أعمال "الملتقى الـ14 لحوار طهران"، وعقد لقاءات مع كبار المسؤولين الإيرانيين.
وتُعد هذه الزيارة جزءا من مساعي حركة طالبان لتعزيز حضورها الدبلوماسي في المنطقة، رغم استمرار عدم اعتراف إيران الرسمي بالحكومة التي شكلتها الحركة عقب سيطرتها على كابل في أغسطس/آب 2021.
دبلوماسية الضرورة
يُعقد الملتقى على مدى اليوم وغدا الاثنين بمشاركة ممثلين من 53 دولة، ويبحث قضايا التعاون الاقتصادي، ووضع اللاجئين الأفغان في إيران، وأمن الحدود، إلى جانب مشاريع إقليمية مشتركة.
ويرافق متقي في زيارته نائب وزير الاقتصاد في حكومة طالبان عبد اللطيف نظري، حيث تأتي الزيارة في ظل توترات متزايدة بين الجانبين الأفغاني والإيراني بشأن عدد من الملفات الحساسة، أبرزها أزمة تقاسم مياه نهر هيرمند، وملف اللاجئين الأفغان الذين يُقدّر عددهم في إيران بنحو 10 ملايين، فضلا عن قلق طهران من تعامل طالبان مع الأقليات، خاصة الطائفة الشيعية.
كما تشمل المباحثات قضايا أمن الحدود والتعاون بالتصدي للتهديدات العابرة خلالها، في ظل تكرار الاشتباكات في المناطق الحدودية خلال الأشهر الماضية.
وبحسب مصادر إيرانية، غاب علم طالبان عن مراسم الاستقبال الرسمية، في مخالفة للبروتوكول الدبلوماسي، في حين كانت كابل قد رفعت العلم الإيراني بجانب علم طالبان خلال زيارة عراقجي السابقة إلى أفغانستان.
ورغم عدم الاعتراف الرسمي، حافظت طهران على قنوات تواصل مفتوحة مع طالبان منذ سيطرتها على الحكم، واستضافت خلال العامين الماضيين عدة وفود من الحركة، في لقاءات تناولت قضايا أمنية وإنسانية واقتصادية.
وتشير زيارة متقي لرغبة الطرفين بإدارة الخلافات وتفادي التصعيد، في وقت تتصاعد فيه التوترات الإقليمية، لا سيما بين باكستان والهند في كشمير ، وهي تطورات تتابعها طهران عن كثب بالنظر إلى تأثيراتها المحتملة على حدودها الشرقية مع أفغانستان وباكستان، حيث من المرجح أن تُطرح هذه الملفات ضمن محادثات الجانبين، وسط تعقّد التوازنات وتداخل الأدوار الإقليمية.
ملفات ضاغطة
وفي حديث للجزيرة نت، قال الدبلوماسي الإيراني السابق محسن روحي صفت إن المباحثات الثنائية تركز على عدة ملفات رئيسية، تشمل القضايا السياسية والاقتصادية وقضايا اللاجئين والترانزيت بين البلدين.
ولفت روحي صفت في حديثه للجزيرة نت إلى أن إيران تسعى لتعزيز استثماراتها في أفغانستان وزيادة صادرات كابل إلى طهران، وهو من المتوقع أن يكون من بين طلبات الوفد الأفغاني خلال الزيارة.
كما نوه إلى ملف اللاجئين، مؤكدا أن الجانب الإيراني يطالب بأن يكون وجود اللاجئين الأفغان في إيران قانونيا وموثقا بالأوراق الرسمية، محذرا من أن من لا يحملون الوثائق اللازمة سيُطلب منهم مغادرة البلاد تدريجيا.
وأشار الدبلوماسي السابق إلى أن أزمة مياه نهر هيرمند كانت من المواضيع التي نوقشت مؤخرا في اجتماع اللجنة المشتركة للمياه في كابل، مشددا على ضرورة اتخاذ قرارات سياسية تفضي إلى إجراءات عملية ملموسة في هذا الملف الحيوي.
وأكد أن تطوير خط سكة الحديد بين خواف وهرات وزيادة الاستفادة منها من المواضيع المهمة التي يبحثها الطرفان في إطار تعزيز التعاون الاقتصادي.
التواصل الواقعي
من جهته، يرى خبير العلاقات الدولية أشكان ممبيني أن زيارة وزير خارجية حكومة طالبان خان متقي إلى طهران تكتسب أهمية متعددة الأبعاد، معتبرا أنها تعكس محاولة الطرفين لإعادة صياغة العلاقة وفق معطيات الواقع الإقليمي الجديد، رغم غياب الاعتراف الرسمي الإيراني بالحكومة التي شكلتها طالبان.
وأوضح ممبيني، في حديث للجزيرة نت، أن الزيارة تأتي في إطار سياسة "التواصل الواقعي" التي تتبعها طهران مع كابل، مشيرا إلى أن الهدف الأساسي هو تثبيت قنوات الاتصال المباشر، بما يتيح للطرفين إدارة الخلافات، خاصة في ظل استمرار التحديات الأمنية والإنسانية.
وأضاف أن إيران تستضيف ملايين اللاجئين الأفغان، مما يجعل ملف الإقامة والتعامل مع الآثار الاجتماعية والاقتصادية المترتبة على وجودهم من القضايا الملحة في المفاوضات.
كما لفت إلى أن التعاون الاقتصادي والترانزيت بين البلدين سيحظى بأولوية خلال المحادثات، في ظل رغبة طالبان بتوسيع نطاق تعاملها التجاري مع طهران لتعويض جزء من عزلتها الدولية.
ورأى ممبيني أن هذه الزيارة تمثل اختبارا فعليا لإمكانية تطوير العلاقة بين الطرفين نحو مزيد من الاستقرار، مؤكدا أن غياب إطار دولي واضح للتعامل مع طالبان يدفع دول الجوار، وعلى رأسها إيران، إلى تبني أدوات دبلوماسية ثنائية لإدارة الملفات المعقدة ومنع الانزلاق نحو صراعات حدودية أو فراغ أمني أوسع.
إعلان
وبينما تسعى طالبان إلى كسر عزلتها الدولية عبر تعزيز علاقاتها مع دول الجوار، تبدو طهران حريصة على التعامل مع الواقع الأفغاني بحذر محسوب، يمزج بين المصالح الأمنية والاقتصادية وتجنب الانخراط في شرعنة حكومة لا تحظى باعتراف دولي.
ومع استمرار الملفات العالقة وتعدد ساحات التوتر الإقليمي، تبقى قدرة الطرفين على إدارة الخلافات ضمن قنوات دبلوماسية هادئة هي العامل الحاسم في استقرار العلاقة بينهما، في وقت يُعاد فيه رسم خرائط النفوذ والتحالفات في آسيا الوسطى وجنوب غرب آسيا.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 9 ساعات
- الجزيرة
الجزائر تتهم فرنسا بخرق اتفاق الجوازات الدبلوماسية
نددت الجزائر بما وصفته بالخرق الصارخ من جانب فرنسا لاتفاق عام 2013 لإعفاء حاملي الجوازات الدبلوماسية من التأشيرة، مؤكدة أنها لم تتلقَّ أي إشعار رسمي من باريس، ومتعهدة بالرد وفق مبدأ المعاملة بالمثل. جاء ذلك في بيان للخارجية الجزائرية، اليوم الاثنين، بعد يومين من نشر أنباء في وسائل إعلام فرنسية محسوبة على اليمين، نقلا عن مصادر لم تسمها، بأن باريس فرضت التأشيرة على المسؤولين الجزائريين من حاملي جوازات السفر الدبلوماسية. وقالت الوزارة إن الحكومة الجزائرية "تتابع ببالغ الاستغراب التطورات الأخيرة التي شهدها تعامل السلطات الفرنسية وخطابها بشأن مسألة التأشيرات عموما، وبشأن إعفاء حاملي جوازات السفر الدبلوماسية وجوازات السفر لمهمة من مثل هذا الإجراء". وأضاف البيان أن الخطاب الفرنسي بهذا الشأن أصبح "ينحو منحى غريبا ومثيرا للريبة، وهو المنحى الذي يتمثل في تدبير تسريبات إعلامية بشكل فاضح إلى وسائل إعلام مختارة بعناية من قِبل مصالح وزارة الداخلية الفرنسية والمديرية العامة للشرطة الوطنية الفرنسية". قنوات غير رسمية وقالت الخارجية الجزائرية "من الجلي أن القرارات الفرنسية باتت تُعلن عبر هذه القنوات غير الرسمية، في تجاوز صارخ للأعراف الدبلوماسية المتعارف عليها، وفي انتهاك واضح كذلك لأحكام الاتفاق الجزائري الفرنسي المبرم سنة 2013، والمتعلق بإعفاء حاملي جوازات السفر الدبلوماسية وجوازات السفر لمهمة من التأشيرة". ووفقا للبيان، فإن السلطات الجزائرية، وعلى نقيض ما تنص عليه المادة 8 من الاتفاق ذاته لم تتلقَّ حتى اليوم أي إشعار رسمي من السلطات الفرنسية عبر القناة الوحيدة التي يعتد بها في العلاقات بين الدول، وهي القناة الدبلوماسية. ورأت الوزارة أن "الحكومة الفرنسية تتجه نحو تجميد أو تعليق العمل باتفاق 2013، مع حرصها على التهرب من مسؤولياتها ومن النتائج المترتبة عن هذا الإجراء، في خرق صارخ لأحكام الاتفاق ذاته". وأكدت أن الجزائر لا ترى في هذا الاتفاق أي مصلحة خاصة، وأنها سترد على هذا "التعليق الفعلي للاتفاق" من جانب فرنسا، من خلال "تطبيق دقيق وصارم لمبدأ المعاملة بالمثل، بما يعادل مقدار إخلال الطرف الفرنسي بالتزاماته". ومنذ أشهر، تشهد العلاقات الجزائرية الفرنسية توترا ملحوظا على خلفية ملفات سياسية وقنصلية وأمنية.


الجزيرة
منذ 10 ساعات
- الجزيرة
أي إستراتيجية أميركية بشأن حرب إسرائيل على غزة؟
ناقش برنامج 'ما وراء الخبر' -في حلقته بتاريخ (19 مايو/أيار 2025)- دلالات تراجع جيه دي فانس نائب الرئيس الأميركي عن زيارة كان يفكر في تأديتها إلى إسرائيل.


الجزيرة
منذ 10 ساعات
- الجزيرة
مفوضية اللاجئين: نصف مليون سوري عادوا منذ سقوط نظام الأسد
أعلنت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين -اليوم الاثنين- أن عدد السوريين العائدين إلى بلادهم منذ سقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد بلغ نصف مليون حتى منتصف مايو/أيار الجاري. وأفادت المفوضية بأن عدد السوريين العائدين إلى البلاد سجل معدلا بلغ 100 ألف عائد في الشهر، وسجلت أن هؤلاء العائدين تواجههم تحديات وصفتها بـ"الهائلة". وقالت لجين حسن، وهي مسؤولة الحماية في مكتب المفوضية في سوريا، إن عدد العائدين إلى سوريا يقترب من 500 ألف شخص. وأضافت أنهم "يبدؤون حياتهم من الصفر، وهم بحاجة ماسة إلى دعمنا". كما اعتبرت أن إعادة إدماج هؤلاء العائدين في مجتمعاتهم تمثل "حاجة ماسة الآن"، وأشارت إلى أن التحدي الرئيسي والأساسي الذي يواجه هذه المسألة يكمن في نقص التمويل. وأوضحت المفوضية أن سنوات الصراع والأزمات دمرت الاقتصاد السوري، وتركت المنازل والبنية التحتية في حالة من الخراب، بينما لا يزال الوضع الأمني في بعض المناطق هشا. وأكدت أن اللاجئين العائدين في حاجة إلى الأمن، من أجل العيش في سلام والبحث عن فرص العمل لكسب قوتهم وتسجيل أطفالهم في المدارس أو الحصول على الرعاية الصحية وغيرها من الخدمات الأساسية. وتعمل المفوضية مع السلطات السورية وشركاء آخرين على مساعدة اللاجئين السوريين والنازحين داخليا العائدين إلى مناطقهم الأصلية. وتشمل المساعدة إعادة تأهيل وإصلاح المنازل المتضررة، وتقديم الدعم القانوني لاستبدال وثائق الهوية والممتلكات المفقودة، فضلا عن إطلاق مبادرات لمساعدة الأشخاص على كسب عيشهم. وأشارت المفوضية إلى أنه مع تجاوز عدد السوريين العائدين من الدول المجاورة 500 ألف لاجئ، إلى جانب نحو 1.2 مليون نازح داخلي ممن عادوا إلى ديارهم خلال الأشهر الخمسة الماضية، تراجعت قدرتها على مساعدة جميع المحتاجين. واعتبرت المفوضية أن الانخفاض الحاد في تمويل المساعدات الإنسانية بسوريا يهدد مستقبل تعافي البلاد واستقرارها.