logo
التضليل بين ألغام الإساءة وحرائق الغفران

التضليل بين ألغام الإساءة وحرائق الغفران

لكم١٢-٠٤-٢٠٢٥

لم يكن أمرا مفاجئا البتة، ونحن نتابع موقفا هجينا وفاقدا لأي مصداقية.. وقد بدا للبعض في الوهلة الأولى أشدّ غرابة وقتامة؛ لكن سرعان ما سيتساقط عن ستائره الغبار وينقشع، ليتضح المشهد بالكامل عاريا كرقصة 'استربتيز' بذيئة.. ولينكشف الهدف من وراء إثارة رخيصة، مثقلة بأصداء الفضيحة النابحة، ومكللة بـ 'ديباج الوصمة'، حسب تعبير شاعرنا المبدع أحمد بنميمون في إحدى قصائده القديمة…
عندما خرج الآلاف من المغاربة، يوم الأحد الماضي بالرباط (6 أبريل 2025)، في مسيرة وطنية حاشدة، شكلت طوفانا بشريا حقيقيا، للتعبير بصوت واحد عن تضامنهم اللامشروط، والجهر بإدانة حرب الإبادة التي يتعرض لها أشقاؤهم الفلسطينيون في غزة، بواسطة المجازر الوحشية والهمجية التي يرتكبها جيش الاحتلال الصهيوني… في مسيرة رفعت لافتات واضحة، وهتفت بلسان صريح، من أجل إسقاط التطبيع مع الكيان العنصري المجرم المفترس المتوحش…
لما تابع العالم هذا الحدث التضامني الكبير، الذي لم يحد عن الموقف التاريخي الثابت للشعب المغربي في دعم القضية الفلسطينية، أطلت زُمْرَةٌ من كوة العتمات المظلمة.. زمرة بئيسة لطالما ظلت تراهن يائسة على ألا ينجح نداء 'الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع'، الجهة الداعية للتظاهر السلمي وإلى المسيرة الشعبية، وألا تلبي الجموع الغفيرة – التي أتت من كل مناطق المغرب – نداء تجديد الدعم الشعبي المغربي للمقاومة الفلسطينية، وحق تقرير مصير الشعب الفلسطيني وبناء دولته الديمقراطية المستقلة..
غير أن 'الصدمة كانت قوية'، حين أحس بعضهم وكأن رماده ينتثر فوق رماد خرقة الكيان التي جرى إحراقها نهارا وجهارا… كما غنى ذات يوم المطرب عبد الهادي بلخياط عن عاشق مغبون تهاوى تحت حديد سكة قطار سريع..
(الصدمة كانت قوية.. حرقت مشمومي في يديَّ.. وطاح رمادو فوق رمادي)…
فبدل الحديث عن نجاح المسيرة الكبرى وتداعياتها… والأصداء التي خلفتها شرقا وغربا، ألفينا من يحاولون عبثا تبديل القصد والمعنى، وتغيير الأنظار عن الحقيقة الـصارخة، من أولئك الذين ينطبق عليهم مضمون الآية القرآنية الكريمة: 'يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ…'…
وقد رأوا وسمعوا ما لا يحبون وما لا يرضون، هم ومن يحرك خطاهم الكسيحة وخيوطهم القراقوشية، فلم يبق أمامهم إلا تعمد خداع الرأي العام والجمهور..
لحسن الحظ إننا نعيش ثورة العصر الرقمي وانتشار التكنولوجيا الحديثة، لذلك بقي خلفنا بمسافات بعيدة، قد تحسب افتراضا بالقرون، زمن هيمنة واحتكار الإعلام الرسمي بتلفزيوناته وإذاعاته وصحفه الصفراء..
إنهم لا يستطيعون اليوم تزييف الصورة أو تقزيم المشهد، ولو استعانوا بغسيل العقول التي تعرض خدماتها للبيع برخص الأسعار في منصات 'عكاظ' مدائح الذكاء الاسترزاقي …
فما العمل غير اقتصاص المشهد من سياقه الحقيقي.. بفبركة مشهد مختلف، وتحريف الوقائع والأحداث التاريخية المعروفة، إن لم يكن الإتيان بما يناقضها تماما.. بابتكار عملية استغفال مفضوحة وقصص خيالية تتغيى التضليل، حتى يضيع التصنيف بين الضحية والجلاد المعتدي.
مثل من جاءنا بكلام مستحدث ومخالف لما تتضمنه الوثائق الاستخباراتية التي كشفت عنها مصالح الموساد و'C.I.A'الأمريكية.. عن صلات تاريخية رابطة بين الرباط وتل أبيب منذ السنوات الأولى لتأسيس الكيان الصهيوني. كما أفصحت عن ذلك بوضوح، السينمائية اليهودية المغربية سيمون بيتون، في أحد حواراتها مع قناة 'فرانس 24″، لما قالت 'إن التطبيع لم يأت بجديد سوى أنه كشف للعالم ما كان خفيا في السر'.
ولمن يحاولون صنع تاريخ نضالي مجيد للضحية المزعومة، نقول لهم ما يقوله المغاربة لمن يرغبون في الحصول على شرف كاذب، إجابة ذاك الأب الذي رد على ابنه: 'يا ولدي لا يمكننا ادعاء النسب إلى الشرفاء حتى يموت جميع من يعرفوننا'…
***
لا شك أن الأساليب التحريفية والمضللة، غير المبنية على حقائق واضحة وملموسة، هي صورة جلية من تدهور القيم وأزمة المجتمع، غير أنه لا يمكن عبر مثل هذه الأساليب إعداد أو تكوين قناعات حقيقية، ما دامت الحقيقة شاخصة أمام أعين الرأي العام، الذي من السهولة عليه أن يدرك جيدا المساعي الفاشلة لتزييف اهتمامات الناس، بشن حملات ممنهجة مضللة.
لقد أظهرت مسيرة السادس من أبريل مدى تماسك الشعب المغربي وشدة شعوره بوحدته وموقفه الداعم للقضية الفلسطينية، الشعور ذاته الذي يؤمن به المغاربة فيما يتصل بقضية الوحدة الترابية لبلادهم…
وبما أن الزُّمرة إياها، لن تتوقف عن زرع الفتنة وبث الرعب والتفرقة، فإنها مهما اجتهدت وأجادت في حركاتها البهلوانية، ستظل مفتقدة لمهارة القفز بين اشتعال اللغم ولحظة انفجاره… والمصير معروف.. ويا لها من فضيحة انتحارية…
لقد تطورت أشكال التضليل وتقنياته، غير أن التضليل والتعتيم يظل شكلا من أشكال القمع.. وقبل 50 عاما جهر بها الشهيد عمر بنجلون.. إن لم يكن التضليل والتعتيم أخطر وأشهد ضراوة…
***
بعض القدماء ممن 'بدلوا تبديلا'، أصبحوا لا يختلفون عن أؤلئك الذين يعمدون إلى الاحتيال في عمليات غسيل الأموال من خلال تبييض ماضيهم، واستخدام بيانات اعتماد جديدة.. لعلهم يفلحون…
هي إعلانات توبة…؟!
لمَ لا.. وقد قيل 'إن الوطن غفور رحيم'.. غير أن التاريخ قاسٍ لا يرحم ولن يغفر أبدًا…

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

إعلام إسرائيلي: إطلاق النار في واشنطن ثاني فشل لـ'الموساد' خلال عام
إعلام إسرائيلي: إطلاق النار في واشنطن ثاني فشل لـ'الموساد' خلال عام

الأيام

timeمنذ 2 أيام

  • الأيام

إعلام إسرائيلي: إطلاق النار في واشنطن ثاني فشل لـ'الموساد' خلال عام

اعتبرت صحيفة 'معاريف' العبرية، الخميس، أن مقتل موظفيْن في السفارة الإسرائيلية بواشنطن إثر إطلاق نار يمثل ثاني فشل لجهاز المخابرات الخارجية (الموساد) خلال عام. وقالت الصحيفة العبرية، إن 'من المفترض أن تفتح المؤسسة الأمنية تحقيقا شاملا في الإخفاقات الأمنية والاستخباراتية، بعد الهجوم القاتل بواشنطن، خلال فعالية حضرها ممثلون عن السفارة'. وتابعت: 'يبدو أن الفشل في منع الهجوم يتقاطع مع الأجهزة الأمنية الإسرائيلية الثلاثة: الموساد، القسم الأمني في الشاباك (جهاز الأمن العام)، وأمن وزارة الخارجية'. وأضافت أن 'الشخص المكلف ببناء الصورة الاستخباراتية هو الموساد، برئاسة دافيد بارنياع، ويبدو هذا الصباح أن الموساد فشل للمرة الثانية خلال عام في بناء معلومات استخباراتية تحذيرية'. و'كانت المرة الأولى في أمستردام (نونبر الماضي) عقب مباراة كرة قدم بين مكابي تل أبيب' وأياكس أمستردام في بطولة الدوري الأوروبي، وفق الصحيفة. وادعت أن 'مئات المشجعين (الإسرائيليين) تعرضوا لهجوم من عصابات مؤيدة للفلسطينيين' وفق تعبيراتها. وآنذاك حملت أصوات يهودية، بينها عضوة مجلس إدارة منظمة 'إرف راف' اليهودية الهولندية المناهضة للصهيونية آنا جوزيف في تصريح للأناضول مشجعي مكابي تل أبيب مسؤولية أعمال الشغب والعنف. وفي إشارة إلى هجوم واشنطن، قالت الصحيفة: 'من غير الواضح ما إذا كان الموساد قد قدَّم أم لا تنبيها بشأن هوية المهاجم وخطة عمله'. وقالت رئيسة الشرطة في واشنطن باميلا سميث، في إحاطة إعلامية، إن المشتبه به في إطلاق النار يدعى 'إلياس رودريغيز' (30 عاما)، وقد هتف 'فلسطين حرّة حرّة' أثناء توقيفه. ويأتي الهجوم بينما يتصاعد الغضب من إسرائيل في أنحاء العالم؛ لاستمرارها في ارتكاب جرائم إبادة جماعية بحق المدنيين الفلسطينيين بقطاع غزة للشهر العشرين.

ما قصة الجاسوس إيلي كوهين الذي حصلت إسرائيل على أرشيفه من سوريا؟
ما قصة الجاسوس إيلي كوهين الذي حصلت إسرائيل على أرشيفه من سوريا؟

اليوم 24

timeمنذ 5 أيام

  • اليوم 24

ما قصة الجاسوس إيلي كوهين الذي حصلت إسرائيل على أرشيفه من سوريا؟

إيلي كوهين هو أحد أشهر الجواسيس في تاريخ إسرائيل، لعب دورًا محوريًا في اختراق النظام السوري في أوائل الستينيات. وُلد في الإسكندرية عام 1924 لعائلة يهودية من أصول سورية، وهاجر لاحقًا إلى إسرائيل حيث جُنّد من قبل جهاز الموساد. في عام 1962، أُرسل كوهين إلى دمشق بهوية مزيفة باسم « كامل أمين ثابت »، متقمصًا شخصية رجل أعمال سوري عائد من الأرجنتين. بفضل ذكائه وقدرته على بناء العلاقات، تمكن من التغلغل في الأوساط السياسية والعسكرية العليا في سوريا، حتى أصبح قريبًا من دوائر صنع القرار. خلال فترة تجسسه، نقل معلومات حساسة إلى إسرائيل، بما في ذلك تفاصيل عن التحصينات العسكرية السورية في الجولان، والتي ساهمت في نجاح إسرائيل في حرب 1967. كُشف أمر كوهين في يناير 1965 بعد أن رصدت المخابرات السورية إشارات لاسلكية مشبوهة. أُلقي القبض عليه في شقته بدمشق، حيث عُثر على أجهزة إرسال. بعد محاكمة عسكرية، أُعدم شنقًا في ساحة المرجة بدمشق في 18 مايو 1965، وظلت جثته معلقة لساعات كرسالة تحذير. منذ إعدامه، تسعى إسرائيل لاستعادة رفاته، لكن السلطات السورية رفضت جميع الطلبات، مدعية عدم معرفة مكان دفنه. في السنوات الأخيرة، كثّف الموساد جهوده، حيث أعلن مؤخرا عن استعادة أرشيف كوهين من سوريا، والذي تضمن 2500 وثيقة وصورة وأغراضًا شخصية مثل مفاتيح شقته وجوازات سفر مزورة وصور مع مسؤولين سوريين. ويعتبر كوهين رمزًا في إسرائيل، حيث يُنظر إليه كبطل قومي. قُدمت قصته في عدة أعمال فنية، أبرزها مسلسل « The Spy » من إنتاج نتفليكس.

'فرانس24' تكتبها صاغرة: الصحراء مغربية
'فرانس24' تكتبها صاغرة: الصحراء مغربية

كش 24

time١٣-٠٥-٢٠٢٥

  • كش 24

'فرانس24' تكتبها صاغرة: الصحراء مغربية

في تحول لافت ومفاجئ، كسرت قناة "فرانس24" واحدة من أبرز قواعدها التحريرية التي طالما أثارت استياء الرأي العام المغربي، وكتبت لأول مرة عبارة "الصحراء المغربية"، لتسقط بذلك أقنعة الحياد المزيف والانحياز المكشوف الذي طبع تغطيتها لملف الصحراء لعقود، بل وتضع نفسها – صاغرة – أمام حقيقة راسخة ميدانياً، سياسياً ودولياً. لسنوات طويلة، تحولت "فرانس24" إلى منبر دعائي غير رسمي يخدم أجندات لوبيات معادية للمغرب، سواء من داخل فرنسا أو من خارجها، حيث انتهجت سياسة تحريرية منحازة في تغطية قضية الصحراء المغربية. تقارير القناة ظلت تروج لخطاب الانفصال بشكل ممنهج، مستخدمة مصطلحات مشحونة، مستضيفة ضيوفاً معروفين بعدائهم للمغرب، في مشاهد إعلامية معدّة على "المقاس"، تعكس رغبة واضحة في فرض سردية لا علاقة لها بالواقع على الأرض. ورغم احتجاجات المغاربة، وموجات الغضب التي كانت تشتعل على شبكات التواصل الاجتماعي عقب كل تقرير مسيء أو "خريطة مبتورة"، ظلت القناة مصرة على استعمال مصطلح "الصحراء الغربية"، إلى درجة أن النطق بـ"الصحراء المغربية" كان بمثابة محرم قد يؤدي بالصحفي إلى الإقصاء أو الطرد، كما وقع في حالات معروفة. لكن، يبدو أن الرياح لم تعد تهب كما يشتهي مسيرو القناة، فالاعترافات الدولية المتتالية بسيادة المغرب على صحرائه، بدءاً بدول أوروبية، ثم دول إفريقية وعربية عديدة، وضعت الإعلام الغربي أمام أمر واقع لا يمكن تجاهله إلى ما لا نهاية. وفي ظل هذه المتغيرات الجيوسياسية، أصبح استخدام مصطلح "الصحراء الغربية" عبئاً حتى على الجهات الإعلامية التي ظلت تحاول لعب دور "الوسيط المحايد" في الظاهر، لكنها كانت تغذي الانفصال في الباطن.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store