
ترامب بعد المئة يوم: إدارة جريئة أم مقامرة خطيرة؟
«أساس ميديا»
يتجاوز الرئيس دونالد ترامب حاجز المئة يوم على تولّيه ولايته الثانية، وسط انقسام داخلي وخارجي حول شخصه وأدائه. بداية مثيرة للجدل، ذات تأثيرات عالميّة، تأتي في ظلّ تراجع واضح في شعبيّته نتيجة تعثّر سياساته وتقلّب قراراته.
شهدت المئويّة الأولى في ولاية دونالد ترامب مقامرة عالية المخاطر لإعادة تشكيل مسار الولايات المتّحدة بما يتماشى مع رؤيته. وعلى الرغم من وفائه ببعض وعود حملته الانتخابية عبر إصلاحات صارمة في الهجرة، وفرض رسوم جمركية، وتبنّي سياسة خارجية انعزالية، أثارت هذه الإجراءات موجات رفض داخلية وخارجية. ففي حين يحتفل مؤيّدوه بعودة 'المنطق'، يحذّر النقّاد من تصاعد الصراعات الاقتصادية وتآكل التحالفات الدولية.
بالنسبة للشرق الأوسط، أكّدت الأيّام الأولى نيّة ترامب اتّباع دبلوماسية قائمة على المعاملات، مع تراجع عن الالتزامات المتعدّدة الأطراف وتحرّكات أحاديّة الجانب سيكون لها أثر ملموس في المنطقة. وقد يشكّل الانفتاح على الحلّ السلمي مع طهران حول برنامجها النووي، فرصة لتحقيق اختراق دبلوماسي قريب في ظلّ تعثّر المبادرات الأخرى، وتحديداً الحرب بين روسيا وأوكرانيا والصراع المستمرّ في غزة.
طوفان غير مسبوق
في تقليد سياسي يعود إلى عهد فرانكلين روزفلت، تُعدّ الأيّام المئة الأولى معياراً رمزيّاً لتقويم الأولويّات وشخصيّة الإدارة الجديدة. وقد بدأ ترامب ولايته الثانية بطوفان من الأوامر التنفيذية غير المسبوقة، معتمداً على سيطرة الجمهوريّين في الكونغرس لتمرير أجندته سريعاً.
لكنّ التحدّيات سرعان ما برزت. أظهرت استطلاعات الرأي الأخيرة تراجع شعبيّته بشكل حادّ، خصوصاً بين الناخبين المستقلّين، إذ عبّر 29% فقط عن رضاهم مقارنة بـ53% أبدوا معارضة قويّة له. ويعود هذا التراجع إلى تفاقم القلق الاقتصادي بفعل ارتفاع معدّلات التضخّم وزيادة أسعار السلع نتيجة الرسوم الجمركية الجديدة على واردات الصين والمكسيك وكندا، إضافة إلى سياسة الهجرة المتشدّدة التي شملت حملات ترحيل جماعي واستهداف المدن – الملاذات، وهو ما قوبل برفض واسع النطاق.
على صعيد السياسات، كانت الهجرة محور الأفعال المبكرة، مع إعلان حالة طوارئ على الحدود وبدء الترحيل الجماعي. أمّا سياسته التجارية فاتّبعت نهجاً حمائيّاً صريحاً، مثيرةً مخاوف من اندلاع حرب تجارية عالمية. وفي السياسة الخارجية، اتّسمت توجّهاته بالانعزالية، من الانسحاب من منظّمة الصحّة العالمية وتعليق برامج التنمية الدولية، إلى التشكُّك في التزامات الناتو وعقد لقاءات مثيرة للجدل مع قادة دول مثل أوكرانيا، فتفاقم التوتّر مع الحلفاء الأوروبيين.
في الداخل، تسبّب إنشاء 'إدارة كفاءة الحكومة' (DOGE) بقيادة إيلون ماسك بحملات تسريح جماعية للموظّفين الفدراليين في محاولة لخفض الإنفاق والبيروقراطية، بينما أعاد أمر 'إطلاق الطاقة الأميركية' التركيز على الوقود الأحفوري، فأدّى إلى انسحاب واشنطن من اتّفاق باريس ورفع قلق المجتمع الدولي بشأن التراجع عن الالتزامات المناخيّة.
أولويّة المصالح المحلّيّة
تعكس نسب التأييد الحالية هذا الانقسام العميق. فقد أظهر استطلاع حديث لمركز بيو أنّ نسبة تأييده تراجعت إلى 40% فقط، مع معارضة الأغلبيّة لسياسات الرسوم الجمركية والتخفيضات الحكومية. تراجع أيضاً الدعم لإدارته الاقتصادية، على الرغم من أنّ ملفّ الهجرة لا يزال يمثّل نقطة قوّة نسبيّة له.
بالنسبة للعالم الخارجي، تشير خطوات ترامب إلى انكفاء أميركيّ نحو الداخل، مع إعطاء أولويّة قصوى للمصالح المحلّية على حساب التعاون الدولي. بات الحلفاء يرون في واشنطن شريكاً عملياً أكثر منه تحالفيّاً، بينما يستعدّ الخصوم للتعامل مع إدارة أقلّ قابليّة للتنبّؤ.
في الشرق الأوسط، يفضّل ترامب إدارة العلاقات من خلال قنوات شخصيّة مباشرة مع قادة رئيسيّين في الرياض وأبوظبي والقاهرة وتل أبيب. ويبدو أنّ ولايته الثانية ستركّز على تحقيق المصالح الأمنيّة والاقتصادية الثنائية، مع تراجع الاهتمام بالدبلوماسية المتعدّدة الأطراف.
على المدى القصير، ستستفيد بعض الدول العربية من حفاوة واشنطن وتسريع صفقات التسليح والتعاون الاستثماري. لكن على المدى الأبعد، ستظلّ هناك تساؤلات جدّية عن استمرارية الالتزامات الأميركية، وقدرة دول المنطقة على التكيّف مع عالم تتراجع فيه الهيمنة الأميركية التقليدية لمصلحة نظام دولي متعدّد الأقطاب.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الديار
منذ 2 ساعات
- الديار
روسيا والصين تحذّران من تداعيات "القبة الذهبية" على الأمن العالمي
اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب أثار إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن مشروع دفاعي جديد يحمل اسم "القبة الذهبية" ردود فعل دولية سريعة، حيث أعربت كل من روسيا والصين عن مخاوف جدّية من تداعيات المشروع على الأمن والاستقرار العالميين. وقال المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، إن المشروع "شأن سيادي يخص الولايات المتحدة"، لكنه أشار إلى أن "مسار الأحداث سيتطلب قريبًا استئناف الاتصالات مع واشنطن من أجل استعادة الاستقرار الاستراتيجي"، في إشارة إلى أهمية الحوار بين القوتين النوويتين. في المقابل، عبّرت الصين عن موقف أكثر حدة، حيث وصفت وزارة الخارجية الصينية مشروع "القبة الذهبية" بأنه "انتهاك لمبدأ الاستخدام السلمي للفضاء الخارجي"، محذّرة من أنه "يزيد من خطر عسكرة الفضاء ويهدد بإطلاق سباق تسلح جديد". وقالت المتحدثة باسم الوزارة، ماو نينغ، خلال مؤتمر صحفي: "نشعر بقلق بالغ حيال هذا المشروع، ونحث الولايات المتحدة على التخلي عنه واتخاذ خطوات ملموسة لتعزيز الثقة الاستراتيجية المتبادلة بين الدول الكبرى". وكان الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب قد أعلن، الثلاثاء، من المكتب البيضاوي، عن مشروع "القبة الذهبية" الذي يهدف إلى إنشاء نظام دفاعي صاروخي قادر على اعتراض التهديدات من الأرض والفضاء باستخدام تكنولوجيا متطورة تشمل أقمارًا اصطناعية للرصد والهجوم. وأوضح ترامب أن المشروع، الذي تصل تكلفته إلى 175 مليار دولار، سيكون جاهزًا "قبل نهاية ولايتي عام 2029"، وكشف عن تعيين الجنرال مايكل جيتلين للإشراف عليه، كما أعلن أن كندا أبدت رغبتها في الانضمام إليه. ويواجه المشروع انتقادات داخلية أيضًا، حيث أعرب عدد من المشرعين الديمقراطيين عن قلقهم من الكلفة المرتفعة ومن مشاركة شركات مثل "سبيس إكس" و**"بالانتير"** و**"أندوريل"**، المقربة من ترامب، في تنفيذه.


الديار
منذ 2 ساعات
- الديار
مجلس الشورى الإيراني في بيان رداً على تصريحات لمسؤولين في الكونغرس الأميركي: إيران لم تسع أبداً لامتلاك أسلحة نووية وملتزمة بمعاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية
Aa اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب اشترك بنشرة الديار لتصلك الأخبار يوميا عبر بريدك الإلكتروني إشترك عاجل 24/7 13:58 الرئيسان عون وعباس يعقدان اجتماعاً ثنائياً في صالون السفراء قبل انعقاد الاجتماع الموسع بين الوفدين اللبناني والفلسطيني 13:50 وصول الرئيس الفلسطيني محمود عباس الى قصر بعبدا للقاء الرئيس عون 13:47 مجلس الشورى الإيراني في بيان رداً على تصريحات لمسؤولين في الكونغرس الأميركي: إيران لم تسع أبداً لامتلاك أسلحة نووية وملتزمة بمعاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية 13:46 مجلس الشورى الإيراني: لا يمكن تحديد مستوى تخصيب اليورانيوم في إيران بأقل من 20% بل أن نسبة التخصيب ستعتمد على احتياجات الشعب الإيراني السلمية 13:46 مجلس الشورى الإيراني في بيان رداً على تصريحات لمسؤولين في الكونغرس الأميركي: إيران لن تتنازل عن حقوقها النووية 13:45 مجلس الشورى الإيراني: النظام الوحيد الذي استخدم الأسلحة النووية لقتل الشعوب هو نظام الولايات المتحدة


ليبانون 24
منذ 2 ساعات
- ليبانون 24
كلفتها 175 مليار دولار.. ما هي القبة الذهبية التي أعلن ترامب عنها وعلاقة الصين بها؟
كتب موقع "العربية": نظام القبة الذهبية هو "مشروع سيغير قواعد اللعبة" كما وصفه وزير الدفاع الأميركي، وأعلن عن بنائه الرئيس دونالد ترامب ، الثلاثاء. فما هو هذا النظام؟ تعتزم الولايات المتحدة بناء منظومة دفاع صاروخي جديدة باسم "القبة الذهبية" بتكلفة 175 مليار دولار، على أن تكون جاهزة للعمل بنهاية فترة ترامب الرئاسية في 2029. ترامب أوضح من البيت الأبيض أن كندا أبدت رغبتها في الانضمام إلى المنظومة، لافتا إلى أنها ستوفر حماية شاملة لأميركا من الهجمات الصاروخية، بما في ذلك التهديدات القادمة من الفضاء. وتتضمن الرؤية المقترحة لمنظومة "القبة الذهبية" قدرات أرضية وفضائية يمكنها رصد واعتراض الصواريخ في المراحل الأربع الرئيسية لهجوم محتمل، بدءا من اكتشافها وتدميرها قبل الإطلاق، ثم اعتراضها في مراحلها الأولى بعد الإطلاق، مرورا بمرحلة التحليق في الجو، وانتهاء بالمرحلة النهائية أثناء اقترابها من الهدف. الأول من نوعه وخلال الأشهر الماضية، عمل مخططو البنتاغون على إعداد خيارات متعددة للمشروع، وصفها مسؤول أميركي بأنها "متوسطة، وعالية، وفائقة الارتفاع" من حيث التكلفة، وتشتمل جميعها على قدرات اعتراض فضائية. ونظام القبة الذهبية هو الأول من نوعه الذي يتضمن نشر أسلحة أميركية في الفضاء. وبهذا الصدد، سئل ترامب خلال الإعلان عن القبة الذهبية، عن إمكانية أن يؤدي ذلك إلى سباق تسلح في الفضاء.. ورد قائلا: "هذا أمر خاطئ". لماذا الآن؟ لكن اللافت أن الإعلان عن القبة الذهبية، جاء بعد أيام قليلة من تحذيرات استخباراتية أميركية من أن صواريخ مدارية نووية صينية قد تضرب الولايات المتحدة من الفضاء.. ما هي تفاصيل هذه التحذيرات؟ للمرة الأولى تُطرح في واشنطن فرضية أن تهاجم الصين أراضي الولايات المتحدة من مدار منخفض بصواريخ جديدة فائقة السرعة والدقة. فوكالة استخبارات الدفاع الأميركية "DIA" حذرت من أن الصين قد تملك خلال عشر سنوات، عشرات الصواريخ المدارية المزودة برؤوس نووية ضمن نظام يُعرف باسم القصف المداري الجزئي أو "FOBS". وتستطيع هذه الصواريخ أن تضرب أميركا من الفضاء خلال وقت أقصر بكثير من أي صاروخ تقليدي، بحسب ما نقله موقع "Eurasian Times". وهذا النوع من الصواريخ يدخل أولا في مدار منخفض الارتفاع قبل أن يعود لضرب هدفه، كما يمكنه المرور فوق القطب الجنوبي لتجنب أنظمة الإنذار المبكر والدفاعات الصاروخية، وهو ما يمنحه مسارا غير متوقع، ويربك كل أنظمة الدفاع الموجودة. وبحسب وكالة الاستخبارات الدفاعية الأميركية، قد تمتلك الصين بحلول 2035 نحو 60 صاروخا مداريًا من هذا النوع، بينما قد تصل روسيا إلى 12 صاروخًا. ولهذه القدرة آثار استراتيجية واسعة، سواء استُخدمت برؤوس حربية تقليدية أو نووية، ومع ذلك، لم تُطور أو تُنشر بالكامل بواسطة أي دولة في العالم، لذا لا يزال هذا التهديد مستقبلياً. لكن المخاوف من هذه التهديدات حتى وإن مستقبلية فواشنطن واجهتها بخطة ردع دفاعية وهي القبة الذهبية.