
الإمارات اعتقلت ورحّلت مساعدًا سابقًا لرئيس جورجيا حيث يواجه خطر التعذيب
في خطوة أثارت قلقًا بالغًا بين منظمات حقوق الإنسان، اعتقلت السلطات الإماراتية مساعدًا سابقًا للملياردير الجورجي بيدزينا إيفانشفيلي ورحّلته إلى تبليسي، حيث يُعتقد أنه يواجه خطر التعذيب والمحاكمة على خلفية نزاع سياسي.
المُعتقل هو جيورجي باتشياشفيلي (39 عامًا)، الذي كان أحد أكثر المقربين من إيفانشفيلي، الزعيم الفعلي لحكومة جورجيا ورئيس وزرائها الأسبق، والذي يُعرف بعلاقاته الوثيقة مع روسيا. وكان باتشياشفيلي قد عمل لعقود كمشرف على الشؤون المالية لإيفانشفيلي، قبل أن يفر من البلاد بعد خلاف حاد بينهما.
قضت محكمة جورجية قبل شهرين، غيابيًا، بإدانة باتشياشفيلي بتهمة اختلاس ما يقرب من 43 مليون دولار من أرباح يُزعم أنها عائدة إلى إيفانشفيلي من استثمار في العملات الرقمية. لكن باتشياشفيلي يرى أن القضية ذات دوافع سياسية، وجاءت انتقامًا منه بعد أن كشف عن تورط إيفانشفيلي في تحويل جورجيا إلى 'دولة دمية' في يد الكرملين.
خلال وجوده في الإمارات، لجأ باتشياشفيلي إلى فندق جميرا بيتش في أبوظبي للاجتماع بمحاميه المحلي، لكنه فوجئ باعتقاله من قِبل قوة أمنية محلية ضمّت نحو ثمانية عناصر، بحسب مصادر مقربة من عائلته. نُقل بعدها إلى مركز للشرطة في دبي، ثم تم ترحيله مباشرة على متن طائرة إلى تبليسي، في إجراء وصفه محاموه بأنه 'غير قانوني وصادم'.
وقد تمكن باتشياشفيلي من إجراء اتصال واحد بعائلته بعد اعتقاله، ليبلغهم بتوقيفه، ثم انقطع أثره، ولا يُعرف مكان احتجازه الحالي.
محاميه، روبرت أمستردام، وهو خبير دولي في قضايا حقوق الإنسان، أعرب عن قلقه العميق إزاء مصير موكله، قائلًا: 'لقد اعتُقل ببساطة، ووُضع على طائرة دون إجراءات قانونية واضحة، رغم أنه كان في تواصل مع محامين محليين ويعيش بصورة علنية في الإمارات'.
وأضاف أمستردام: 'نخشى بشدة من تعرّضه للتعذيب، فالنظام في جورجيا يستخدم هذه الممارسات لترهيب المعارضين. سجل الدولة في هذا المجال سيئ للغاية، وقد وثّقت لجنة الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب تقارير عديدة وموثوقة عن هذه الانتهاكات'.
وتأتي هذه الحادثة في سياق سياسي متوتر، حيث يشير محللون إلى أن اعتقال باتشياشفيلي قد يكون جزءًا من تعاون أمني وثيق بين أبوظبي وتبليسي، خاصة أن الإمارات تتجه لتعزيز تحالفاتها مع أنظمة سلطوية حول العالم، حتى لو كان ذلك على حساب التزاماتها الحقوقية.
وكان باتشياشفيلي قد أجرى مقابلة مع صحيفة الغارديان البريطانية قبل أسابيع من اعتقاله، تحدث فيها عن تحولات سياسية خطيرة في بلاده، واتهم إيفانشفيلي بالخضوع التام للرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وقال في تصريحاته: 'إيفانشفيلي أدرك أن الغرب لن يسمح له بالبقاء في الحكم إلى الأبد، فاختار الانحياز لموسكو حفاظًا على مصالحه. لقد ضحّى بالبلاد من أجل ضمان أمنه الشخصي'.
وعلى الرغم من نفي محامي إيفانشفيلي لهذه الاتهامات، فإنها تتسق مع سياسات الرجل الذي فرضت عليه الولايات المتحدة عقوبات مؤخرًا بتهمة تقويض المسار الديمقراطي في جورجيا، وقمع المعارضة باستخدام نفوذه الأمني.
أما عن موقف الإمارات، فقد لزمت السلطات الصمت حتى الآن، ولم تصدر أي توضيح بشأن أسباب الترحيل أو تفاصيل التنسيق مع جورجيا، الأمر الذي يفاقم الشكوك حول تورط أبوظبي في انتهاك معايير العدالة الدولية وتجاهلها لمخاطر تسليم المطلوبين إلى أنظمة متهمة بالتعذيب.
الجدير بالذكر أن الإمارات واجهت سابقًا انتقادات حادة بسبب تعاونها الأمني مع حكومات استبدادية، وسبق أن رحّلت نشطاء ومعارضين إلى دول يُحتمل أن يواجهوا فيها محاكمات سياسية أو تعذيبًا جسديًا.
في ظل الغموض الذي يلف مصير باتشياشفيلي، تبقى الأسئلة قائمة: هل ستتحمل الإمارات مسؤولية تسليم شخص مهدد بالتعذيب؟ وما الذي يدفعها إلى تقديم خدمات كهذه لحكومات تُتهم دوليًا بانتهاك حقوق الإنسان؟

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الرأي
منذ 4 ساعات
- الرأي
ماسك: سأبقى صديقا ومستشاراً لترامب
قال الملياردير إيلون ماسك، اليوم الجمعة، إنه سيبقى «صديقا ومستشارا» للرئيس دونالد ترامب الذي أقام حفلا وداعيا في المكتب البيضوي لمسؤول هيئة الكفاءة الحكومية الذي قاد جهوده الحثيثة لخفض النفقات. في تصريح لصحافيين أدلى به بعدما سلّمه ترامب مفتاحا ذهبيا كهدية وداع للمدير السابق لهيئة الكفاءة الحكومية، قال ماسك «أتطلع إلى البقاء صديقا ومستشارا للرئيس». وشدّد ماسك على أنه سيواصل دعم الفريق الذي «يسعى بلا هوادة للبحث عن هدر بتريليون دولار» في اقتطاعات من شأنها «إفادة دافعي الضرائب الأميركيين». واشتكى ماسك من الصورة التي رسمت عنه معتبرا أن الهيئة أصبحت تنسب إليها أي اقتطاعات في أي مكان. وسبق ان أعلن ماسك تنحيه من منصبه في البيت الأبيض للتركيز على إدارة شركاته وبينها تيسلا وسبايس إكس ومنصة إكس. يأتي خروج ماسك رسميا من الحكومة الأميركية إثر تقرير مفاجئ أوردته صحيفة نيويورك تايمز عن مزاعم تعاطيه للمخدرات.


الجريدة
منذ 6 ساعات
- الجريدة
الرئيس التركي يؤكد أهمية تعزيز التعاون الاقتصادي بين دول العالم الإسلامي
أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان اليوم الجمعة أهمية تعزيز التعاون الاقتصادي بين دول العالم الإسلامي، مشدداً على ضرورة رفع إمكانات التجارة والاستثمار والتمويل الإسلامي إلى أعلى المستويات. جاء ذلك خلال كلمة ألقاها الرئيس أردوغان في افتتاح قمة إسطنبول العالمية الثانية للاقتصاد الإسلامي التي ينظمها منتدى البركة للاقتصاد الإسلامي وتستمر ثلاثة أيام في مركز إسطنبول المالي. وأوضح أردوغان أن نسبة البنوك التشاركية في تركيا لا تتجاوز 1ر8 بالمئة معتبرا هذه النسبة «غير كافية» وجدد تأكيده على السعي نحو بناء «اقتصاد خال من الفوائد ومواصلة الجهود لتغيير النظام القائم على الربا». وأشار إلى أن المسلمين يشكلون نحو 25 بالمئة من سكان العالم إلا أن حجم التمويل الإسلامي لا يتعدى 2.5 تريليون دولار في حين لا تتجاوز حصة الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي وعددها 57 دولة نسبة 11 بالمئة من التجارة العالمية. وقال أردوغان «نحن نمثل نحو 9 بالمئة من الاقتصاد العالمي وربع سكان العالم وهذه الأرقام تؤكد ضرورة تعزيز قدراتنا الاقتصادية والتجارية والتمويلية عبر التعاون الإسلامي». كما شدد أردوغان على أهمية «التمويل التشاركي» مشيرا إلى أن الجهود التركية لتحويل إسطنبول إلى مركز مالي عالمي «تفتح آفاقا جديدة» أمام الاقتصاد التركي وقطاع التمويل الإسلامي. وتعقد القمة بالتعاون مع مكتب الاستثمار والتمويل الرئاسي التركي وصندوق الثروة السيادية التركية ومنتدى شباب التعاون الإسلامي تحت عنوان (الاستراتيجيات الاقتصادية الإسلامية على طريق اقتصاد عالمي فعال).


الوطن الخليجية
منذ 9 ساعات
- الوطن الخليجية
السعودية تعيد تقييم أولوياتها الاقتصادية وسط تراجع أسعار النفط
في ظل الانخفاض الحاد في أسعار النفط والاضطرابات المتزايدة التي يشهدها الاقتصاد العالمي، بدأت المملكة العربية السعودية في مراجعة أولوياتها الاقتصادية، وخاصة ما يتعلق بخطط الإنفاق الطموحة التي يقودها ولي العهد محمد بن سلمان. وفي مقابلة مع صحيفة فايننشال تايمز البريطانية، قال وزير المالية السعودي محمد الجدعان إن بلاده ستستغل هذه المرحلة لإعادة النظر في بعض مشاريعها التنموية الضخمة، مؤكداً أن الحكومة ستواصل الإنفاق، لكن مع تقييم أعمق لما ينبغي تنفيذه في هذه المرحلة. وأوضح الجدعان أن التراجع في الإيرادات النفطية، إلى جانب ارتفاع مستويات العجز المالي والدين العام، لن يمنع المملكة من الإبقاء على وتيرة الإنفاق الحالية. لكنه أشار في المقابل إلى أن هذا الظرف يُعد فرصة لإعادة التفكير في حجم وسرعة تنفيذ مشاريع خطة 'رؤية 2030″، التي تبلغ قيمتها التقديرية نحو تريليون دولار، وتهدف إلى تقليص اعتماد المملكة على النفط وتعزيز نمو الاقتصاد غير النفطي. فرصة للمراجعة أم لحظة إنذار؟ وفي حديثه للصحيفة البريطانية، قال الجدعان: 'لن نُهدر هذه الأزمة'، في إشارة إلى ما يصفه البعض بتباطؤ عالمي جديد تسببت فيه موجة من التعريفات الجمركية، إضافة إلى تراجع في الطلب العالمي على الطاقة. وأضاف: 'الناس يظنون أن ما يحدث في العالم هو أزمة، لكن اقتصادنا يسير بشكل جيد للغاية. إنها فرصة لإعادة النظر — وإذا وُجدت فرصة لفعل شيء جريء، فلنفعل ذلك'. وتابع موضحًا أن هذه المرحلة تمثل لحظة تقييم ضرورية لمجمل السياسات الاقتصادية والتنموية التي تنتهجها المملكة: 'هل نحن نتسرع في تنفيذ المشاريع؟ هل هناك آثار غير مقصودة؟ هل ينبغي أن نؤجل؟ هل يجب أن نعيد جدولة؟ أم علينا أن نسرّع الوتيرة؟'. هذه الأسئلة، برأي الوزير، ستُطرح على طاولة صناع القرار في الفترة المقبلة. الإنفاق لمواجهة التقلبات وتأتي تصريحات الجدعان في وقت تواجه فيه السعودية ضغوطاً مالية متزايدة نتيجة لتراجع أسعار النفط العالمية، التي لا تزال تمثل المورد الأساسي للميزانية رغم جهود التنويع الاقتصادي. وبينما اتسع عجز الميزانية وارتفع الدين العام، تصر الحكومة على مواصلة سياسة الإنفاق الداعم للنمو. وفي هذا السياق، شدد وزير المالية على أن المملكة تعي تمامًا ضرورة تجنّب ما وصفه بـ'فخ الدورات الاقتصادية' المتمثل في الازدهار والركود المتعاقب الذي عانت منه السعودية لسنوات طويلة بسبب تقلب أسعار النفط. وقال: 'ندرك تمامًا أهمية ألا نسير مع الدورة الاقتصادية بل عكسها. فبدلاً من التركيز فقط على موازنة الحسابات، نحن — عن قصد — نحرص على أن يكون إنفاقنا داعمًا للنمو'. تريليون دولار في الميزان وتأتي هذه المراجعة المحتملة في توقيت بالغ الحساسية بالنسبة لبرنامج 'رؤية 2030″، الذي يشمل مشاريع بنى تحتية ضخمة مثل 'نيوم' و'ذا لاين' ومبادرات صناعية وسياحية، وكلها تتطلب استثمارات ضخمة في فترة زمنية قصيرة. ومع تزايد التحديات المالية، يزداد الحديث عن الحاجة لإعادة ترتيب الأولويات الزمنية، وتأجيل بعض المشاريع غير العاجلة، أو إعادة تصميمها لتكون أكثر قابلية للتمويل المستدام. من جهة أخرى، تواجه السعودية أيضاً واقعاً دولياً معقداً، يتمثل في التباطؤ الاقتصادي في الصين، وتزايد الحمائية التجارية في الغرب، والاضطرابات الجيوسياسية التي تلقي بظلالها على أسواق الطاقة العالمية. كل هذه العوامل تضع ضغوطاً مضاعفة على قدرة المملكة في الحفاظ على استقرارها الاقتصادي في ظل إنفاق واسع النطاق. الرسالة الأهم: الحذر لا التراجع رغم حديثه عن إعادة التقييم، بدا الجدعان حريصاً على التأكيد أن المملكة لا تعتزم التراجع عن خططها التنموية، بل إنها تسعى لتكييفها مع الواقع الجديد. الرسالة التي بعث بها الوزير كانت واضحة: لن يكون هناك تقشّف، لكن ستكون هناك مراجعة دقيقة لإيقاع المشاريع ومدى جدواها الاقتصادية في هذه اللحظة. هذه المراجعة، إن تمّت، قد تعني تأجيل بعض الطموحات قصيرة المدى لصالح استقرار مالي أطول أمدًا، وهو ما قد يُفسّر بأنه تحول استراتيجي في فهم القيادة السعودية للعلاقة بين الإنفاق، النمو، والاستدامة.