
السعودية تعيد تقييم أولوياتها الاقتصادية وسط تراجع أسعار النفط
في ظل الانخفاض الحاد في أسعار النفط والاضطرابات المتزايدة التي يشهدها الاقتصاد العالمي، بدأت المملكة العربية السعودية في مراجعة أولوياتها الاقتصادية، وخاصة ما يتعلق بخطط الإنفاق الطموحة التي يقودها ولي العهد محمد بن سلمان.
وفي مقابلة مع صحيفة فايننشال تايمز البريطانية، قال وزير المالية السعودي محمد الجدعان إن بلاده ستستغل هذه المرحلة لإعادة النظر في بعض مشاريعها التنموية الضخمة، مؤكداً أن الحكومة ستواصل الإنفاق، لكن مع تقييم أعمق لما ينبغي تنفيذه في هذه المرحلة.
وأوضح الجدعان أن التراجع في الإيرادات النفطية، إلى جانب ارتفاع مستويات العجز المالي والدين العام، لن يمنع المملكة من الإبقاء على وتيرة الإنفاق الحالية.
لكنه أشار في المقابل إلى أن هذا الظرف يُعد فرصة لإعادة التفكير في حجم وسرعة تنفيذ مشاريع خطة 'رؤية 2030″، التي تبلغ قيمتها التقديرية نحو تريليون دولار، وتهدف إلى تقليص اعتماد المملكة على النفط وتعزيز نمو الاقتصاد غير النفطي.
فرصة للمراجعة أم لحظة إنذار؟
وفي حديثه للصحيفة البريطانية، قال الجدعان: 'لن نُهدر هذه الأزمة'، في إشارة إلى ما يصفه البعض بتباطؤ عالمي جديد تسببت فيه موجة من التعريفات الجمركية، إضافة إلى تراجع في الطلب العالمي على الطاقة.
وأضاف: 'الناس يظنون أن ما يحدث في العالم هو أزمة، لكن اقتصادنا يسير بشكل جيد للغاية. إنها فرصة لإعادة النظر — وإذا وُجدت فرصة لفعل شيء جريء، فلنفعل ذلك'.
وتابع موضحًا أن هذه المرحلة تمثل لحظة تقييم ضرورية لمجمل السياسات الاقتصادية والتنموية التي تنتهجها المملكة: 'هل نحن نتسرع في تنفيذ المشاريع؟ هل هناك آثار غير مقصودة؟ هل ينبغي أن نؤجل؟ هل يجب أن نعيد جدولة؟ أم علينا أن نسرّع الوتيرة؟'. هذه الأسئلة، برأي الوزير، ستُطرح على طاولة صناع القرار في الفترة المقبلة.
الإنفاق لمواجهة التقلبات
وتأتي تصريحات الجدعان في وقت تواجه فيه السعودية ضغوطاً مالية متزايدة نتيجة لتراجع أسعار النفط العالمية، التي لا تزال تمثل المورد الأساسي للميزانية رغم جهود التنويع الاقتصادي. وبينما اتسع عجز الميزانية وارتفع الدين العام، تصر الحكومة على مواصلة سياسة الإنفاق الداعم للنمو.
وفي هذا السياق، شدد وزير المالية على أن المملكة تعي تمامًا ضرورة تجنّب ما وصفه بـ'فخ الدورات الاقتصادية' المتمثل في الازدهار والركود المتعاقب الذي عانت منه السعودية لسنوات طويلة بسبب تقلب أسعار النفط.
وقال: 'ندرك تمامًا أهمية ألا نسير مع الدورة الاقتصادية بل عكسها. فبدلاً من التركيز فقط على موازنة الحسابات، نحن — عن قصد — نحرص على أن يكون إنفاقنا داعمًا للنمو'.
تريليون دولار في الميزان
وتأتي هذه المراجعة المحتملة في توقيت بالغ الحساسية بالنسبة لبرنامج 'رؤية 2030″، الذي يشمل مشاريع بنى تحتية ضخمة مثل 'نيوم' و'ذا لاين' ومبادرات صناعية وسياحية، وكلها تتطلب استثمارات ضخمة في فترة زمنية قصيرة.
ومع تزايد التحديات المالية، يزداد الحديث عن الحاجة لإعادة ترتيب الأولويات الزمنية، وتأجيل بعض المشاريع غير العاجلة، أو إعادة تصميمها لتكون أكثر قابلية للتمويل المستدام.
من جهة أخرى، تواجه السعودية أيضاً واقعاً دولياً معقداً، يتمثل في التباطؤ الاقتصادي في الصين، وتزايد الحمائية التجارية في الغرب، والاضطرابات الجيوسياسية التي تلقي بظلالها على أسواق الطاقة العالمية.
كل هذه العوامل تضع ضغوطاً مضاعفة على قدرة المملكة في الحفاظ على استقرارها الاقتصادي في ظل إنفاق واسع النطاق.
الرسالة الأهم: الحذر لا التراجع
رغم حديثه عن إعادة التقييم، بدا الجدعان حريصاً على التأكيد أن المملكة لا تعتزم التراجع عن خططها التنموية، بل إنها تسعى لتكييفها مع الواقع الجديد.
الرسالة التي بعث بها الوزير كانت واضحة: لن يكون هناك تقشّف، لكن ستكون هناك مراجعة دقيقة لإيقاع المشاريع ومدى جدواها الاقتصادية في هذه اللحظة.
هذه المراجعة، إن تمّت، قد تعني تأجيل بعض الطموحات قصيرة المدى لصالح استقرار مالي أطول أمدًا، وهو ما قد يُفسّر بأنه تحول استراتيجي في فهم القيادة السعودية للعلاقة بين الإنفاق، النمو، والاستدامة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الرأي
منذ 4 ساعات
- الرأي
«الشال»: 6.7 مليار دينار العجز المتوقع في الموازنة العامة 2025- 2026
- 9.1 في المئة انخفاض سيولة البورصة المطلقة في مايو مقارنة بسيولة أبريل - نصف الشركات المدرجة لم ينل سوى 3.7 في المئة من السيولة منذ بداية العام فيما رجح تقرير شركة الشال للاستشارات «الشال»، أن تسجل الموازنة العامة للسنة المالية الحالية 2025- 2026 عجزاً قيمته 6.709 مليار، إلا أنه أبقى العامل المهيمن لما يحدث من تطورات على إيرادات النفط وما يمكن أن يتحقق من وفر في المصروفات. وذكر التقرير أنه بانتهاء شهر مايو 2025 انقضى الشهر الثاني من السنة المالية الحالية 2025 - 2026، وبلغ معدل سعر برميل النفط الكويتي لشهر مايو معظمه نحو 64 دولار، وهو أدنى بنحو 4 دولارات للبرميل أي بما نسبته نحو -5.9 في المئة عن السعر الافتراضي الجديد المقدر في الموازنة الحالية والبالغ 68 دولاراً. وكانت السنة المالية 2024 - 2025 التي انتهت بنهاية مارس الفائت، حققت للنفط الكويتي معدل سعر 79.7 دولار، ومعدل سعر البرميل لمايو 2025 أدنى بنحو -19.7 في المئة، وأدنى بنحو 26.5 دولار من سعر التعادل للموازنة الحالية، البالغ 90.5 دولاراً، وفقاً لتقديرات وزارة المالية، وبعد إيقاف استقطاع الـ10 في المئة من جملة الإيرادات لصالح احتياطي الأجيال القادمة. ويفترض التقرير أن تكون الكويت حققت إيرادات نفطية في مايو بما قيمته 1.185 مليار دينار، وإذا افترضنا استمرار مستويي الإنتاج والأسعار على حاليهما –وهو افتراض قد لا يتحقق– فمن المتوقع أن تبلغ جملة الإيرادات النفطية بعد خصم تكاليف الإنتاج لمجمل السنة المالية الحالية نحو 14.903 مليار دينار، وهي قيمة أدنى بنحو 402 مليون عن المقدرة في الموازنة للسنة المالية الحالية والبالغة نحو 15.305 مليار. ومع إضافة نحو 2.926 مليار إيرادات غير نفطية، ستبلغ جملة إيرادات الموازنة للسنة المالية الحالية نحو 17.829 مليار. وخلص «الشال» إلى مقارنة الرقم باعتمادات المصروفات البالغة نحو 24.538 مليار دينار، مرجحاً أن تسجل الموازنة العامة للسنة المالية الحالية 2025- 2026 عجزاً قيمته 6.709 مليار. أداء البورصة مايو 2025 أشار تقرير «الشال» إلى ان أداء شهر مايو 2025 في بورصة الكويت كان مختلطاً مقارنة بأداء أبريل 2025، إذ انخفض معدل قيمة التداول اليومي مع ارتفاع لمعظم مؤشرات الأسعار. وارتفع مؤشر السوق الأول 2.9 في المئة، ومؤشر «الرئيسي 50» بنحو 1.6 في المئة ومؤشر السوق العام بنحو 1.9 في المئة، بينما انخفض مؤشر السوق الرئيسي بنحو -2.6 في المئة. وانخفضت سيولة البورصة المطلقة في مايو مقارنة بسيولة أبريل، حيث بلغت 1.824 مليار دينار، مقارنة بنحو 2.006 مليار، أي بانخفاض -9.1 في المئة. وبلغ معدل قيمة التداول اليومي لشهر مايو نحو 86.9 مليون، منخفضاً -9.1 في المئة عن مستوى معدل شهر أبريل، البالغ نحو 95.5 مليون. وبلغ حجم سيولة البورصة في الشهور الخمسة الأولى من العام الجاري (أي في 98 يوم عمل) نحو 10.546 مليار، وبذلك بلغ معدل قيمة التداول اليومي للفترة نحو 107.6 مليون، مرتفعاً 87.5 في المئة مقارنة بالفترة ذاتها 2024 البالغ 57.4 مليون، ومرتفعاً بنحو 79.9 في المئة إذا ما قورن بمستوى المعدل لكامل 2024 البالغ نحو 59.8 مليون دينار. وتشير توجهات السيولة منذ بداية العام إلى أن نصف الشركات المدرجة لم تحصل سوى على 3.7 في المئة فقط من جملة السيولة، ضمنها 50 شركة حظيت بنحو 1.3 في المئة من السيولة، وشركة واحدة من دون أي تداول. أما الشركات الصغيرة نسبياً والسائلة، فقد حظيت 12 شركة، تبلغ قيمتها السوقية نحو 3.5% من إجمالي قيمة الشركات المدرجة على نحو 37.3% من سيولة البورصة. ومن ضمن تلك الشركات الـ 12، حظيت شركتان تبلغ قيمتهما السوقية نحو 0.5 في المئة من إجمالي القيمة السوقية للشركات المدرجة على نحو 22.8 في المئة من إجمالي سيولة البورصة منذ بداية العام وحتى نهاية مايو 2025. ذلك يعني أن نشاط السيولة الكبير لازال يحرم نحو نصف الشركات المدرجة منها، وعلى النقيض يميل بقوة إلى شركات قيمتها السوقية ضئيلة. 921.5 مليون دينار عجز ميزان المدفوعات 2024 تشير خلاصة جداول بنك الكويت المركزي، إلى أن ميزان المدفوعات سجل في 2024 عجزاً بلغ نحو 921.5 مليون دينار، مقابل 150.2 مليون دينار 2023. 14.323 مليار دينار فائض الحساب الجاري بلغ فائض الحساب الجاري نحو 14.323 مليار دينار، مقابل فائض بـ 15.791 مليار 2023، أي بانخفاض 1.469 مليار، وبنسبة -9.3 في المئة. وانخفض فائض الميزان السلعي (الفرق بين قيمتي الصادرات والواردات السلعية) إلى نحو 13.510 مليار من نحو 15.712 مليار، أي بانخفاض بنحو 2.201 مليار، وبنسبة -14.0 في المئة. ففي جانب الصادرات السلعية، انخفضت الصادرات النفطية إلى نحو 21.129 مليار، ما نسبته 88.9 في المئة من الصادرات السلعية 2024، من 23.978 مليار، أي 92.7 في المئة من جملة الصادرات السلعية 2023، بنسبة انخفاض-11.9 في المئة. وسجلت قيمة الواردات السلعية ارتفاعاً بنحو 1.1 في المئة. 2.3 في المئة ارتفاع صافي دخل الاستثمار ارتفعت قيمة صافي دخل الاستثمار في القطاعين العام والخاص 226.5 مليون دينار وبنسبة 2.3 في المئة، فبعد أن كانت نحو 9.936 مليار 2023، ارتفعت إلى نحو 10.162 مليار 2024. 11.8 في المئة الزيادة بالتحويلات الى الخارج بلغت تحويلات العاملين إلى الخارج في عام 2024 نحو 4.323 مليار دينار (نحو 14.1 مليار دولار)، مقارنة بنحو 3.867 مليار( 12.6 مليار دولار) 2023 (+11.8 في المئة). 15.289 مليار دينار تدفُّقاً صافياً إلى الخارج تشير الإحصاءات الأولية إلى أن هناك تدفقاً مالياً صافياً إلى الخارج (زيادة في صافي قيمة الاستثمارات في الخارج من جانب المقيمين في الاقتصاد المحلي) خلال 2024، بلغ 15.289 مليار دينار، مقابل تدفق مالي صاف إلى الخارج بنحو 15.543 مليار 2023، ويشمل الفائض استثمارات مباشرة في الخارج بنحو 3.164 مليار دينار.


المدى
منذ 4 ساعات
- المدى
السعودية وقطر تقدمان دعما ماليا مشتركا للقطاع العام في سوريا
أعلنت السعودية وقطر، تقديم دعم مالي مشترك للعاملين في القطاع العام في سوريا لمدة ثلاثة أشهر، استمرارًا لجهود المملكة وقطر في دعم وتسريع وتيرة تعافي الاقتصاد السوري، وامتدادًا لدعمها السابق في سداد متأخرات سوريا لدى مجموعة البنك الدولي، والتي بلغت حوالي (15) مليون دولار، وفق ما أوردت 'وكالة الأنباء السعودية'. ويأتي هذا الدعم في إطار حرص البلدين الشقيقين على دعم استقرار الجمهورية العربية السورية، وتخفيف المعاناة الإنسانية، وتعزيز مصالح الشعب السوري الشقيق، وذلك انطلاقًا من الروابط الأخوية والعلاقات التاريخية التي تجمع بين شعوب الدول الثلاث. وتؤكد المملكة العربية السعودية ودولة قطر أن هذا الدعم يعكس التزامهما الثابت بدعم جهود التنمية، وتعزيز الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي في سوريا، والمساهمة في تحسين الظروف المعيشية للشعب السوري الشقيق. كما أعربتا عن تطلعهما إلى تنسيق الجهود مع المجتمع الدولي بشكل عام، وشركاء التنمية من المنظمات الإقليمية والدولية بشكل خاص، في إطار رؤية واضحة وشاملة، تسهم في تحقيق الدعم الفاعل والمستدام، وتعزيز فرص التنمية للشعب السوري الشقيق.


الرأي
منذ 5 ساعات
- الرأي
السعودية تعلن دعماً مالياً مشتركاً مع قطر لموظفي القطاع العام في سوريا
أعلنت المملكة العربية السعودية، اليوم السبت، أنها و دولة قطر ستقدمان دعما ماليا مشتركا مدته ثلاثة أشهر للعاملين في القطاع العام السوري ضمن الجهود الرامية إلى دعم استقرار سوريا وتسريع وتيرة تعافي اقتصادها.وذكرت وكالة الأنباء السعودية (واس) أن هذا الدعم يأتي امتدادا للمساهمة السابقة في سداد متأخرات سوريا لدى مجموعة البنك الدولي التي بلغت نحو 15 مليون دولار وذلك في سياق التزام البلدين بتخفيف المعاناة الإنسانية وتعزيز مصالح الشعب السوري الشقيق.وأكد البيان أن هذا الدعم يعكس حرص السعودية وقطر على الإسهام في تحقيق الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي في سوريا وتنسيق الجهود مع المجتمع الدولي وشركاء التنمية بما يسهم في تحسين الظروف المعيشية ودعم فرص التنمية المستدامة للشعب السوري.