
"فنون جدة" تُعزّز المشهد الثقافي ببرنامج للكتابة الاحترافية
وتضمنت الأمسية عددًا من المحاور الرئيسة، أبرزها: بذرة الإبداع وكيفية ولادة الفكرة الأدبية الأولى، واكتشاف خارطة طريق الكتابة وتحديد المسار الأدبي المناسب لكل كاتب، والبوصلة الإبداعية للكاتب ودورها في بناء الهوية الأدبية الخاصة، واكتساب أدوات الكتابة وصقلها عبر التجربة والمعرفة، والكتابة بين الشغف والوظيفة، وكيفية التوازن بين الإبداع والمهنة وتحويل المكتوب إلى واقع من خلال النشر والتفاعل مع الجمهور.
وشهدت الأمسية حضورًا من المهتمين بالكتابة والإبداع الأدبي، لا سيما من فئة الشباب، الذين يجدون في مثل هذه الفعاليات فرصة للتعلّم والتواصل مع رموز ثقافية لها تجربة ملهمة.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الشرق الأوسط
منذ ساعة واحدة
- الشرق الأوسط
الخلافات بين أبطال مسرحية «نوستالجيا 90/80» تصل إلى طريق مسدود
وصلت الخلافات بين أبطال المسرحية المصرية «نوستالجيا 90/80» إلى طريق مسدود، حيث أكد الفنان محمود عزازي والذي يجسد شخصية «الزعيم»، عادل إمام منذ بدء العرض قبل أكثر من عام عدم مشاركته مجدداً، بينما سيقوم الفنان تامر عبد المنعم رئيس «البيت الفني للفنون الشعبية والاستعراضية»، ومدير عام الإدارة العامة «للثقافة السينمائية»، باتخاذ إجراء قانوني ضد عزازي، وفق تصريحات منسوبة لعبد المنعم في وسائل إعلام محلية. وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أكد محمود عزازي أنه اعتذر عن عدم استكمال المسرحية يوم 13 يوليو (تموز) الماضي ولم يتم استبعاده، ولم يتغيب عن العرض مثلما يقال، موضحاً أن اعتذاره كان بسبب ظرف قهري، منعه من السفر للإسكندرية للمشاركة بالعرض. الفنان محمود عزازي - حسابه على موقع فيسبوك وأشار عزازي في حديثه إلى «أن القائمين على العرض تفهموا الأمر وتقبلوه، وتم الاتفاق مع ممثل بديل وقام بعمل بروفة ماكياج وحركة، لكنهم عاودوا التواصل معه مجدداً بعد اعتذاره، لتقديم الشخصية نظراً لضيق الوقت ولإنقاذ الموقف». وذكر عزازي، «أن الوقت كان كافياً لإيجاد بديل له، لكنهم تحدثوا معه من زاوية إنسانية وأن العرض يخصه، الأمر الذي جعله يستجيب ويوافق على المشاركة». وكشف عزازي، «أنه شارك ليومين بشرط واضح وصريح أن ذلك آخر عروضه في (نوستالجيا)»، «هذا ما حدث بالفعل، وأعلنه المخرج المنفذ في غرفة الماكياج، وتبادلنا التحية بكل حب ومودة وانتهى الأمر باحترام». وعن تقديمه لشخصية «الزعيم»، خلال عرض «نوستالجيا 90/80»، كتب تامر عبد المنعم على حسابه بموقع «فيسبوك»: «تغيب الممثل الذي يقوم بدور الزعيم لظرف ما عن المسرحية أثناء عرضها بالإسكندرية، ولم يكن أمامي سوى أن أؤدي الدور لأن الصالة كانت كاملة العدد، وعليه قام الماكيير إسلام عباس بعمله والكوافير سلوى أحمد، وأنا الآخر قمت بعملي وكانت هذه هي النتيجة»، «المسرح لا يعيقه شيء واحترام الجمهور واجب». تامر عبد المنعم يتقمص شخصية عادل إمام في المسرحية- حساب تامر على فيسبوك وفي تصريحات إعلامية محلية منسوبة له عبَّر عبد المنعم عن اندهاشه من تصريحات عزازي سواء تغيب عن العرض أو اعتذر، لافتاً إلى «أن النتيجة هي تهديد العرض بالإلغاء، وأن الرد سيكون باتخاذ إجراء قانوني لأنه لم يعتذر بشكل رسمي». وحسب عزازي، «فقد فوجئ بما حدث، وأنه لم يتغيب قبل العرض بدقائق»، مؤكداً أنه لم يسافر معهم من الأساس، متسائلاً: «كيف تغيبت، وكيف لتامر عبد المنعم أن يرتدي ملابس الشخصية قبل العرض بدقائق؟ مع اختلاف المقاس، مثل أزياء شخصية «شمس الزناتي» على سبيل المثال، الأمر الذي يؤكد أن الوقت كان متاحاً لهم لتفصيل ملابس جديدة، لكن مسألة أنه فوجئ بغيابي قبل العرض بدقائق لم تحدث، وكلامي موثق بفيديو، وشاهد عليه بعض أبطال المسرحية». ونوه عزازي، بأن عدم التواصل مع تامر عبد المنعم مباشرة لإبلاغه الاعتذار، يعود لرغبة الأخير الشخصية «عندما كنت أتواصل معه حتى ولو بدافع الصداقة كان يطلب مني التواصل مع مدير مكتبه». محمود عزازي يجسد شخصية عادل إمام في مسرحية «نوستالجيا 90/80» - حساب عزازي على فيسبوك وعن سعيه للعودة والمشاركة بالعرض مجدداً قال عزازي: «رغم قرب العرض إلى قلبي، لكن اتفقت مع القائمين على العرض أنه إذا اعتذرت عن الدور أو جسده أحد غيري فلن أعود للمشاركة مجدداً، وبدوري، وافقت على هذا الشرط، لذلك لا يوجد حديث من الأساس على العودة». وعن كواليس العرض قال عزازي: «قضيت أحلى الأوقات مع الممثلين والمساعدين وغمرتني السعادة خلال جولة العرض بمحافظات مصرية عدة، وسيظل (نوستالجيا)، علامة مميزة في مشواري». تامر عبد المنعم مع الماكيير إسلام عباس - حساب عباس على فيسبوك مسرحية «نوستالجيا 90/80»، فكرة وإخراج تامر عبد المنعم، وهي عمل تمثيلي راقص مستوحى من فترتي ثمانينات وتسعينات القرن الماضي، من خلال استعراض عدد من الأعمال الفنية وغيرها من الأحداث المهمة. أزمة عرض «نوستالجيا 90/80»، ليست الأولى من نوعها على مستوى المسرح، فقد شهد العرض المسرحي «الحفيد»، خلافات عدة بين بطلته الفنانة لوسي وفريق المسرحية، «ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل وصل لتقديم شكاوى واتهامات متبادلة لوزارة الثقافة، مما أدى في النهاية إلى توقف العرض».


الشرق الأوسط
منذ ساعة واحدة
- الشرق الأوسط
رواد الفن المصري يستكشفون «الجانب المشرق» للحياة
يمثل السياق التاريخي للفن كياناً غنياً منسوجاً من خيوط التجربة الإنسانية والتحولات الثقافية؛ مما يسمح باستكشاف المشاعر ونبض الحياة. فمثلما يمنح العمل الفني صوتاً لمن يبدعه من خلال وسائط مثل اللون والملمس والخط والشكل والهيئة، فإنه أيضاً ـ سواء كان لوحة فنية مثل الموناليزا، أو منحوتة مثل تمثال داوود لمايكل آنجلو، أو موسيقى لبيتهوفن، أو فيلماً لسكورسيزي ـ له قدرة كامنة على إلهام البشر، واستكشافهم لـ«الجانب المشرق» من الحياة واستمتاعهم به. لوحة للفنان عمر النجدي (الشرق الأوسط) «يمكن القول إن الفن يضفي إشراقاً على الحياة نفسها، وجعلها أكثر جمالاً، ومن ثم فإن التعمق في عالم الإبداع يمكن أن يحدث تغييراً حقيقياً في الحياة»، وفق تعبير إبراهيم عبد الرحمن مدير غاليري «بيكاسو» في القاهرة، الذي يقول لـ«الشرق الأوسط»: «انطلاقاً من هذا المفهوم اخترت ثيمة وعنوان (الجانب المشرق) للمعرض الصيفي السنوي للغاليري في نسخته الـ27». مضيفاً: «يجمع الحدث بين أكثر من 70 عملاً، لنحو 30 فناناً مصرياً من مختلف التيارات الفنية، ويستمر حتى نهاية أغسطس (آب) الحالي». لوحة للفنان عمر النجدي (الشرق الأوسط) ويضم الحدث لوحات للرواد والفنانين المعاصرين، إضافة إلى جيل الوسط والشباب في حوار عابر للأجيال، ويحتفي كذلك بانطلاقة الصيف وروح الإبداع، وإشراقة الحياة من منظور الفنانين. ويتابع في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «يفتح تغير الفصول آفاقاً جديدة للقاءات غنية بالفن، ذات قيمة إبداعية خاصة، تتعدد مواضيعها، ومدارسها واتجاهاتها التي تخص كل فنان عن غيره، ومن هنا تنبع أهمية المعرض الصيفي بنسخه المتتابعة». ومن خلال الحدث ينصت الزائر إلى قصص بصرية ملهمة ومحفزة على الاستمتاع بإشراقة الحياة لمجموعة من الفنانين المصريين، ومنها تلك القصص الرمزية التي سردها الفنان الراحل عمر النجدي في لوحاته، والزاخرة بالذاكرة الثقافية الغنية، وتناغم اللون، والتكوين، والرمزية في تجسيدها لمشاهد من الحياة المصرية. خطفت أم كلثوم قلوب السامعين والعشاق بشباك صوتها، ولا تزال تفعل عبر أغنياتها، ولا تكتفي بذلك فهي تسجل حضوراً بارزاً أيضاً على مسطح لوحات كثير من التشكيليين المصريين. ومن أبرز هؤلاء الفنانين جورج بهجوري الذي لا يتوقف تميزه في رسمها على الكم فقط؛ إنما يفاجئنا بأسلوبه المختلف القائم على الدمج بين الكاريكاتور والفن التكعيبي؛ ما يتماهى مع كون «كوكب الشرق» هي أيقونة الغناء العربي وشديدة القرب من جمهورها، وهو ما تستطيع استكشافه بنفسك عند تأمل لوحات بهجوري في هذا المعرض. أم كلثوم بريشة جورج بهجوري (الشرق الأوسط) يقول بهجوري لـ«الشرق الأوسط»:«لا أرسم الوجوه كما قد تبدو ظاهرياً، لكنني أقدمها انطلاقاً من إحساسي بها، كما يتجسد إحساسي بأم كلثوم بوصفها رمزاً للفن المصري». فيما يتجلى عالم الفنان الراحل عفت حسني الخيالي في هذه التركيبة النابضة بالحياة التي تحتضنها لوحته بالمعرض؛ حيث الاحتفال الثري بالألوان والخيال والعاطفة. يحمل العمل مشهداً تصويرياً سيريالياً، لكنه وثيق الصلة بسياجه البيئي؛ فنراه مستغرقاً كعادته في الواقع الشعبي بطقوسه، ومعتقداته السحرية. ومن المعروف أنه عمل طويلاً في مجال الرسم الصحافي، ورسومات مجلات الأطفال التي شكلت وجدان أجيال كثيرة، فضلاً عن تشييد أبنية الديكور للأعمال المسرحية والسينمائية المختلفة، وقد انعكس ذلك على لوحاته التي جاءت محملة بأفكار ورؤى متنوعة ومزدانة بالزخارف والمفردات التي تشبع عين المتلقي جمالاً، وتتوافق مع التراث والطبيعة في مصر. بخطوط جريئة وإيقاع فولكلوري، جسد الفنان الراحل حلمي التوني روح المرأة المصرية في أعماله؛ حيث عدّ أن عالمها لا ينفصل عن الحب؛ فجاءت نبيلة مشرقة وعميقة. المرأة عند الفنان الراحل حلمي التوني ترمز إلى الحب والوطن (الشرق الأوسط) كما جاءت شابة قوية تتمسك بأحلامها وجذورها في التراث؛ لأنها كانت بالنسبة له أيضاً رمزاً للوطن الذي يحفظ هويته، ويتطلع إلى مستقبل مشرق، وذلك من خلال لوحات مشبعة بالحس الشعبي. وفي لوحة الفنان عدلي رزق الله التي رسمها عام 1995 ـ ألوان مائية على ورق ـ يطل علينا التناغم الدقيق بين اللون والضوء والشكل، ومن المعروف أن الألوان المائية في أعمال الراحل كانت تستمد قوتها من ذكرياته في قريته بأسيوط (جنوب مصر)، وتتشكل من سنواته في باريس أيضاً. وعبر تصادم مبهج ومرح يجمع بين الملمس والذاكرة والرمزية توازن أعمال التشكيلية جيهان فايز في المعرض بين الكولاج والرسم، وسرد القصص والعفوية، وتفوح منها رائحة التاريخ، والأصالة الممتزجة بالمعاصرة. الكولاج والرسم وسرد القصص في لوحة للتشكيلية جيهان فايز (الشرق الأوسط) وجاءت أعمال جيهان سخية في الألوان من خلال بالتة مستلهمة من دفء الشمس المصرية، ومقتصدة في استخدام التفاصيل والخطوط؛ حيث الاختزال والتجريد من سمات فنها، فضلاً عن الوعي في معالجة الأسطح، وإبراز نكهة تاريخية مفعمة بالأصالة والمعاصرة في الوقت نفسه. وبالقرب من تلك الأعمال، يملأ سكون شاعري أعمال الحبر للتشكيلي الراحل جميل شفيق بالمعرض؛ حيث تشكل الخطوط الدقيقة رقصةً حالمةً بين الشكل والطائر، وقد اشتهر شفيق ببراعته في استخدام الألوان الأحادية والتنقيطية، ونجده يركز على المشاعر والحركة في تفاصيل لوحاته. في السياق نفسه، تبحر شخصيات الفنان عادل السيوي في عالم خاص، وتأخذ زائر المعرض في رحلة طويلة يلتقي خلالها بوجوه وشخوص تترك بصمتها داخله، ورغم تنوعها فإن لوحاته الزيتية أحادية اللون، المستوحاة من مناظر الصحراء المصرية، تتلاقى في تميزها بإشراقة لافتة وإحساس حسي. عمل للفنانة هالة شافعي في المعرض (الشرق الأوسط) تستوحي الفنانة هالة شافعي لوحاتها من إيقاعات الطبيعة وأسرار الكون، وتجمع بين المرئي والخفي، مستخدمة وسائط متعددة على الورق، ويجد المتلقي داخلها طاقات من الفرح والونس، وجرأة التحرر من الخوف، في عوالم يتخلص فيها المرء من الإحساس بالغربة والوحشة، متتبعاً جمال الحياة، ومستمتعاً بجماليات الفن. وفي لوحاتها التي تشارك بها توثق الفنانة أميمة السيسي للتراث المصري، حيث تصدح فيها الألوان الزاهية المتوافقة مع إشراقة ودفء البيوت والحارات في مصر، وتمزج بين ثناياها بين الرسم والكلمات المأخوذة عن الأمثال الشعبية المصرية.


الشرق الأوسط
منذ ساعة واحدة
- الشرق الأوسط
كتاب ونقاد يرثون صنع الله إبراهيم: صدق نادر في الكتابة كما في الحياة
عن عمر ناهز 88 عاماً، رحل في هدوء عن العالم والأديب المصري البارز صنع الله إبراهيم لتفقد الأوساط الأدبية العربية أحد أهم رموز جيل الستينات في فن السرد والرواية، حيث اتسمت أعماله بنبرة صدامية مشاكسة تحمل نقداً لاذعاً لمجمل الأوضاع السياسية والمجتمعية، لا سيما في النصف الأول من القرن العشرين. ونعى رئيس الوزراء المصري، دكتور مصطفى مدبولي، أديب مصر الكبير، مؤكداً «تقديره للإرث الأدبي الزاخر الذي قدمه الأديب الراحل على مدار تجربته الروائية المُمتدة لعقود، من النصوص الأدبية التي تُرجم بعضها إلى إنتاج فني مرئي، الأمر الذي سيجعل منه أيقونة خالدة في مسيرة الإبداع العربي وأحد رواد الأدب المصري المعاصر». وأشار مدبولي إلى أن «الإنتاج الغزير الذي أثرى به الفقيد الراحل المكتبة الأدبية العربية، يُمثل مرآة صادقة للمُجتمع بكل تناقضاته، حيث اتسم قلمُه بالعُمق في منظور تناوله للقضايا المُجتمعية الشائكة، والقدرة الفائقة على السرد، وخلق شُخوصٍ من لحم ودم، مع ربط الوقائع بالسياق المحيط، ليكون بحق أحد مؤرخي العصر الحديث في قوالب أدبية فريدة»، على حد تعبيره. غلاف وردة ونعاه أيضاً الدكتور أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة المصري، قائلاً إنه «رحل تاركاً إرثاً أدبياً وإنسانياً خالداً سيظل حاضراً في وجدان الثقافة المصرية والعربية»، لافتاً إلى أن «الراحل مثّل أحد أعمدة السرد العربي المعاصر، وامتازت أعماله بالعمق في الرؤية، مع التزامه الدائم بقضايا الوطن والإنسان، وهو ما جعله مثالاً للمبدع الذي جمع بين الحس الإبداعي والوعي النقدي». ولفت هنو إلى أن «فقدان صنع الله إبراهيم يُمثل خسارة كبيرة للساحة الأدبية، فقد قدّم عبر مسيرته الطويلة أعمالاً روائية وقصصية أصبحت علامات مضيئة في المكتبة العربية، كما أثّر في أجيال من الكُتّاب والمبدعين». وعدّ «مركز الجزويت الثقافي» بالإسكندرية أن «الراحل أحد أهم الأصوات الروائية في العالم العربي، وصاحب تجربة إبداعية فريدة جمعت بين الأدب والتوثيق، والخيال والموقف، والصدق والمقاومة»، مشيراً عبر صفحته الرسمية بموقع «فيسبوك» إلى أنه «ترك إرثاً أدبياً سيبقى شاهداً على شجاعته الفكرية ووفائه لقضايا الحرية والعدالة». وتوالت منشورات النعي والعزاء عبر منصات التواصل الاجتماعي، حيث أكد أدباء ونقاد ومثقفون «فداحة الخسارة التي مُني بها الأدب العربي برحيل نموذج للأديب الملتزم في التعبير الحر الجريء عن هموم وقضايا بلاده والعالم العربي، سواء على المستوى السياسي العام أو على مستوى الهموم الفردية للمواطن البسيط». ووصف الكاتب إبراهيم عبد المجيد صنع الله إبراهيم بـ«المعلم وصديق العمر الجميل»، قائلاً إن «كل كلام الدنيا لا يكفي تعبيراً عن الحزن»، فيما كتب وحيد الطويلة: «صنع الله الكبير، المقاوم دون ضجيج، يخلي مكانه... وجودك كان ظهراً وقوة، قصدت أم لم تقصد». أما عمار علي حسن فكتب: «فقد الأدب العربي اليوم كاتباً شق لنفسه مساراً متميزاً في الإبداع الروائي، سواء في الشكل أو المضمون، حتى صار هذا بصمة تدل عليه، لكنه في كل الأحوال توسل بفن السرد في مقاومة الظلم والقبح والتخاذل والتكالب والخسة والافتقار إلى الحس الإنساني»، عادّاً في منشور عبر صفحته بموقع «فيسبوك» أن «صنع الله عاش حياة بسيطة متقشفة، جعلته واحداً من كبار الزاهدين بين أهل الكتابة». ونشرت الكاتبة مي التلمساني كلمة تحت عنوان «شهادة تجرحها المحبة» قالت فيها إن «الكثيرين يجمعون على محبة صنع الله إبراهيم وينظرون بعين الاحترام والتقدير لتاريخه الطويل في الكتابة الإبداعية والنضال السياسي وفي مضمار الثقافة بصفة عامة، من التقوا به أو اقتربوا منه مثلي يُجمعون أيضاً على رهافته وخفة روحه وقدرته على الإنصات والتعاطف الحنون واتساقه التام مع أفكاره وكتاباته». وأضافت: «صنع الله الذي عرفته وقرأت له منذ أربعين عاماً صادق في الكتابة وفي الحياة، مخلص لهما معاً، وانسحابه التام من دوائر السلطة ومن أنظمة العمل التي يضطر إليها كتاب كثيرون وأنا منهم، يقابله انغماس تام في الكتابة وما حولها، وكأن الحياة اليومية تقف على هامش الكتابة وليس العكس. عرفت صنع الله عن قرب، لكني لم أعرفه بما يكفي ليفسر محبتي غير المشروطة له إنساناً وكاتباً». وتمضي مي قائلة: «أحياناً كنا نخرج في جولة في حدائق مصر الجديدة، يحدثني عن انتظامه ومداومته الكتابة، وعن أهمية كتابة اليوميات وتدوين تفاصيل الحياة اليومية لأنها قد تصلح فيما بعد لعمل أدبي. عن العلاقة بين التفرغ للأدب ونوع الأدب الذي يهوى كتابته ببطء، وبدأب». ويروي الكاتب والشاعر شعبان يوسف كيف أنه منذ أن نشر صنع الله إبراهيم روايته الأولى «تلك الرائحة» 1966، وقدّم له الدكتور يوسف إدريس الرواية بحماس شديد، لم يبق العمل أكثر من شهرين، حتى بادرت السلطة بمصادرتها، بعد أن أثارت جدلاً واسعاً بين الرفض والقبول. وذكر شعبان يوسف في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «إدريس كان من أبرز المتحمسين، وقد عدّ الرواية إحدى فتوحات فن السرد في مصر، وكذلك كتب صالح مرسى مقالاً في مجلة صباح الخير يمتدح النص، غير أن العم يحيى حقي لم يحب الرواية رغم اعترافه بموهبة صنع الله الكبيرة، ولكنه عاب استخدام الكاتب لبعض مفردات رأى أنها لا يصح استخدامها في عمل أدبي نظيف»، على حد تعبيره. ويضيف يوسف أن «الرواية تخلصت تماماً من كل المجازات والعبارات الفضفاضة، التي كانت تزدحم بها الروايات السابقة، لذلك كانت رائدة في وقتها بالنسبة لجيل الستينات، ورغم أن الرقابة صادرتها، فإنها سمحت بنشر كتاب مشترك بين صنع الله ورفيقيه كمال القلش ورؤوف مسعد، عنوانه (إنسان السد العالي)، وهو خلاصة رحلة تم تكليفهم بها رسمياً من جانب أجهزة الدولة». ومن جانبه، يقول الناقد البحريني دكتور فهد حسين إن صنع الله إبراهيم عاش شامخاً ومات شامخاً، لم يحن جسده ولم يهن شخصه، ولم يعلق تجربته على مشجاب المجاملات والعلاقات الزائفة، وما قدمه من نتاج سردي لا ينبغي أن يحفظ في المكتبات، أو يتحول إلى ذكرى، وإنما على المعنيين بالثقافة والأدب والتعليم الأكاديمي دراسته بل دراسة مجمل شخصية صنع الله بصفته أديباً ملتزماً جعل نصوصه كلها ترتبط بالإنسان والوطن. ويرى الكاتب أحمد الخميسي أن «صنع الله إبراهيم ينتمي إلى نوعية نجيب محفوظ ويوسف إدريس وكل من أخلص للكلمة الصادقة، فقد رحل أحد أبرز الروائيين وأكثرهم مدعاة للجدل والنقاش بفضل تعدد أوجه رواياته، فقد امتاز بجانب توثيقي مع مرتكز نقدي حاد للسلطة وقدم كل ذلك في محاولات لكسر شكل الرواية التقليدي». ويضيف: «ولعل التزامه الفكري بهموم الوطن كان أبرز ملامح تجربته منذ روايته الأولى (تلك الرائحة)، وما تلاها من أعمال مثل (اللجنة) و(بيروت بيروت) و(شرف) و(أميركانلي) و(1970) و(نجمة أغسطس)». أما الناقدة الدكتورة أماني فؤاد، فأشارت إلى أن «لأسلوب صنع الله إبراهيم خصائص مميزة جعلته أحد الروائيين المتفردين في تاريخ السرد وحاضره. تحرى رصد الواقع بشكل دقيق ومحايد، وقد يميل إلى ضفره بالتوثيق بتقنيات متعددة: عناوين الصحف والجرائد كما فعل في (ذات)، أو بالأبحاث والدراسات كما فعل في (العمامة والقبعة)؛ كما يستخدم الكاتب تفاصيل يومية وعادية ليعكس حالة المجتمع والتحولات السياسية والاجتماعية. تبدو لغة صنع الله إبراهيم في مستواها أحياناً متخلية عن المجازات والألعاب البلاغية، في جمل قصيرة ومباشرة، مما يزيد من سرعة إيقاع النص وحيويته وتدفق إيقاعاته. كما تتمتع بنية نصوصه السردية بالتضافر مع الفنون والمعارف الأخرى؛ ليقدم صورة بانورامية للمجتمع والعالم، ويكشف عن الروابط الخفية بين الأحداث السياسية والاقتصادية والثقافية. وتأتي نماذج شخصياته عادية أو مهمشة تعيش حياتها اليومية في ظل ظروف سياسية واقتصادية قاهرة. لا يمتلك هؤلاء الأبطال القدرة على تغيير الواقع، بل يكتفون بمراقبته والتفاعل معه بشكل سلبي أحياناً، مما يعكس شعور الفرد باليأس والعجز في مواجهة أنظمة الحكم المطلق».