logo
التجويع والإبادة والضمير العالمي

التجويع والإبادة والضمير العالمي

جريدة الرؤيةمنذ 2 أيام
محمد بن رامس الرواس
أصبح التجويع الظالم الذي تمارسه دولة الكيان الإسرائيلي في غزة سلاحا فتاكا يمارس ضد أهلها الكرام، يقابله صمت مخزٍ للمجتمع الدولي في ظل ممارسات بشعة وجرائم تجاوزت حدود الإنسانية، إنها جرائم تنقل بالصوت والصورة مباشرة إلى أنحاء المعمورة، ولا تجد صدى لها إلا ما رحم الله.
وجريمتا التجويع والإبادة برغم أن القانون الدولي وثقهما وحذرت منهما تقارير المنظمات الأممية إلا أن ما يحدث في قطاع غزة ليس نتيجة حرب؛ بل هو سياسة منهجية مقصودة تهدف إلى كسر إرادة الشعب الفلسطيني في غزة وتدمير مقومات حياته ومحو وجوده.
إن الشواهد على ذلك كثيرة، منها كمائن الموت عند طوابير المساعدات، فعندما يقف الفلسطيني منتظرا بالطوابير بالساعات الطوال للحصول على لقمة العيش أو عندما يخرج من بيته يكون الموت بانتظاره في أي لحظة، لقد أشارت تقارير الأمم المتحدة ونقل لنا مراسلو المحطات التلفزيونية مقتل مئات الأشخاص أثناء انتظارهم للمساعدات الغذائية أو قل حتى كيس من الطحين نتيجة لاستهداف الجيش الاسرائيلي للقوافل الإغاثية وهي ليست حوادث فردية، بل نمط متكرر يظهر يوميا عند ظهور الغذاء ليصبح الغداء فخًا للموت.
الأرقام لا تكذب، فقد أفادت منظمة اليونيسف بأن الأطفال في غزة "عالقون في دوائر لا تنتهي من الخوف والعنف والحرمان، ففي شمال قطاع غزة تضاعفت أعداد الوفيات بين الأطفال الرضع بسبب سوء التغذية الحاد والجفاف الذي أصابهم، ووفقًا لتقارير أممية لا يقتصر الأمر على منع دخول الغذاء بل يتعداه إلى تدمير مصادر الحياة نفسها بداخل القطاع، ولقد وثّقت منظمات مثل "هيومن رايتس ووتش" تدمير خزانات المياه الأساسية، واستهداف محطات تحلية المياه مما أجبر السكان على شرب مياه غير صالحة، الأمر الذي زاد من انتشار الأمراض والأوبئة.
ويصف المُقرِّر الخاص للأمم المتحدة المعني بالسكن اللائق أن تدمير إسرائيل لغزة "يشكل عملًا من أعمال الإبادة الجماعية" فهناك أكثر من 80% من المنازل و50% من المباني دُمرت، مما يجعل القطاع "غير صالح للسكن". هذا التدمير لا يقتل الأفراد فحسب؛ بل يمحو أي فرصة للعودة والاستقرار، أضف إلى ذلك أن عددا قليلا جدا من المستشفيات من أصل 36 ما زالت تعمل بشكل جزئي في ظل نقص حاد في الإمدادات، هذا الاستهداف لا يقتل الجرحى والمرضى فحسب، بل يُفقد الأمل في أي رعاية طبية.
ختاما.. في ظل هذه الوقائع أصبح الوقوف مع أهل غزة والتضامن معهم واجبا إنسانيا قبل أن يكون واجبا أخويّا وانتصارا للحرية والعدالة، فصمود أهل غزة ليس مجرد مقاومة؛ بل هو معركة كبرى كشفت هشاشة الضمير العالمي وغيابه.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

أنس الشريف.. شاهد وشهيد
أنس الشريف.. شاهد وشهيد

جريدة الرؤية

timeمنذ ساعة واحدة

  • جريدة الرؤية

أنس الشريف.. شاهد وشهيد

الاحتلال المُجرم يواصل اغتيال الصحفيين في غزة لإسكات صوت الحقيقة ◄ أنس الشريف كان لسان غزة وعينها.. وصوت الحقيقة وسلاحها ◄ صحفيو غزة تمسكوا بسلاح الحقيقة لهزيمة الرواية الإسرائيلية الكاذبة ◄ الاحتلال تعمد اغتيال الصحفيين قبل بدء جريمة جديدة باجتياح مدينة غزة ◄ إدانات دولية لجرائم الاحتلال ضد الصحفيين ◄ الشريف: أوصيكم بفلسطين درة تاج المُسلمين ◄ أنس في وصيته: لا تنسوا غزة وسامحوني إن قصرت الرؤية- عبدالله الشافعي في مقطع شهير وبعين باكية، قال طفل فلسطيني يُسارع الخطى لعله يحظى بأي شيء من المساعدات التي يتم إنزالها جوا على قطاع غزة: "ذلونا يا أنس الشريف"، لتلخص هذه العبارة علاقة أهل القطاع المُحاصر بأنس الشريف الذي اغتالته إسرائيل المجرمة وحكومة بنيامين نتنياهو المطلوب للعدالة الدولية. لم يكن أنس الشريف الذي استشهد في ساعة متأخرة من مساء الأحد العاشر من أغسطس 2025 مجرد صحفي أو مراسل إخباري، بل كان عين غزة التي يرى العالم بها جرائم الاحتلال، ولسانها الذي تتحدث به لتحكي جانباً من المآسي التي يتغافل عنها العالم. كان أنس الشريف صوت غزة وسلاحها، ولذلك حرض عليه المتحدث باسم جيش الاحتلال أفيخاي أدرعي منذ بداية العدوان، لأن الشريف هزمهم بعدسته وبصوته وعرىّ قادتهم أمام شعوب العالم الحر الذين انتفضوا في العواصم والمدن رفضا للعدوان ودعما لغزة. واستهدف القصف الإسرائيلي خيمة للصحفيين في مدينة غزة، ليستشهد ويصاب عدد كبير منهم، تزامنًا مع موافقة الكابينت الإسرائيلي على قرار السيطرة على قطاع، وسط إدانات دولية لهذا القرار. ويقول محللون إن إسرائيل اختارت هذا التوقيت لاغتيال أكبر عدد من الصحفيين، تمهيدا لاجتياح مدينة غزة، وذلك بعد ساعات قليلة من مؤتمر نتنياهو الذي ادّعى فيه أن مدينة غزة هي آخر معاقل المقاومة الفلسطينية. وكما اعتادت إسرائيل على الكذب المفضوح، نشرت وسائل إعلام إسرائيلية خبر اغتيال أنس الشريف، مدعية أنه كان قائد كتيبة في حماس لكنه يتخفى في زي صحفي، وهي روايات تحاول إسرائيل ترويجها للتغطية على جرائمها ضد الفلسطينيين بمختلف طوائفهم وفئاتهم. في رسالته الأخيرة التي نُشرت على حسابه الرسمي بعد استشهاده، وكان كتبها في أبريل الماضي، أوصى الشريف بفلسطين "درة تاجِ المسلمين، ونبض قلبِ كلِّ حرٍّ في هذا العالم"، كما أوصى برعاية أمه وأولاده وزوجته التي حرم منهم لأكثر من 650 يومًا لتغطية الإبادة في شمال القطاع. وقال أنس في وصيته: "يعلم الله أنني بذلت كل ما أملك من جهدٍ وقوة، لأكون سندًا وصوتًا لأبناء شعبي، مذ فتحت عيني على الحياة في أزقّة وحارات مخيّم جباليا للاجئين، وكان أملي أن يمدّ الله في عمري حتى أعود مع أهلي وأحبّتي إلى بلدتنا الأصلية عسقلان المحتلة "المجدل" لكن مشيئة الله كانت أسبق، وحكمه نافذ". وأضاف: "عشتُ الألم بكل تفاصيله، وذُقت الوجع والفقد مرارًا، ورغم ذلك لم أتوانَ يومًا عن نقل الحقيقة كما هي، بلا تزوير أو تحريف، عسى أن يكون الله شاهدًا على من سكتوا ومن قبلوا بقتلنا، ومن حاصروا أنفاسنا ولم تُحرّك أشلاء أطفالنا ونسائنا في قلوبهم ساكنًا ولم يُوقِفوا المذبحة التي يتعرّض لها شعبنا منذ أكثر من عام ونصف".. وتابع قائلا: "أوصيكم بفلسطين، درةَ تاجِ المسلمين، ونبضَ قلبِ كلِّ حرٍّ في هذا العالم، أوصيكم بأهلها، وبأطفالها المظلومين الصغار، الذين لم يُمهلهم العُمرُ ليحلموا ويعيشوا في أمانٍ وسلام، فقد سُحِقَت أجسادهم الطاهرة بآلاف الأطنان من القنابل والصواريخ الإسرائيلية، فتمزّقت، وتبعثرت أشلاؤهم على الجدران، أوصيكم ألّا تُسكتكم القيود، ولا تُقعِدكم الحدود، وكونوا جسورًا نحو تحرير البلاد والعباد، حتى تشرق شمسُ الكرامة والحرية على بلادنا السليبة، وأُوصيكم بأهلي خيرًا، أوصيكم بقُرّة عيني، ابنتي الحبيبة شام، التي لم تسعفني الأيّام لأراها تكبر كما كنتُ أحلم، وأوصيكم بابني الغالي صلاح، الذي تمنيت أن أكون له عونًا ورفيق دربٍ حتى يشتدّ عوده، فيحمل عني الهمّ، ويُكمل الرسالة، أوصيكم بوالدتي الحبيبة، التي ببركة دعائها وصلتُ لما وصلت إليه، وكانت دعواتها حصني، ونورها طريقي، وأدعو الله أن يُربط على قلبها، ويجزيها عنّي خير الجزاء، وأوصيكم كذلك برفيقة العمر، زوجتي الحبيبة أم صلاح بيان، التي فرّقتنا الحرب لأيامٍ وشهورٍ طويلة، لكنها بقيت على العهد، ثابتة كجذع زيتونة لا ينحني، صابرة محتسبة، حملت الأمانة في غيابي بكلّ قوّة وإيمان.. أوصيكم أن تلتفوا حولهم، وأن تكونوا لهم سندًا بعد الله عز وجل". واختتم وصيته: "إن متُّ، فإنني أموت ثابتًا على المبدأ، وأُشهد الله أني راضٍ بقضائه، مؤمنٌ بلقائه، ومتيقّن أن ما عند الله خيرٌ وأبقى.. اللهم تقبّلني في الشهداء، واغفر لي ما تقدّم من ذنبي وما تأخّر، واجعل دمي نورًا يُضيء درب الحرية لشعبي وأهلي.. سامحوني إن قصّرت، وادعوا لي بالرحمة، فإني مضيتُ على العهد، ولم أُغيّر ولم أُبدّل.. لا تنسوا غزة… ولا تنسوني من صالح دعائكم بالمغفرة والقبول".

درس من عُمان
درس من عُمان

جريدة الرؤية

timeمنذ ساعة واحدة

  • جريدة الرؤية

درس من عُمان

محمد بن رامس الرواس حبا الله سلطنتنا الحبيبة عُمان بواحدة من أقوى أمثلة العيش المشترك والتآلف المذهبي والتسامح الديني، فأصبحت واحة سلام وتسامح منذ قرون طويلة، وظل أهلها أناسًا شرفاء كرامًا يعيشون في ظل لحمة وطنية واحدة، جذورها ضاربة في عمق التاريخ والزمن، تُسقى بماء المحبة والتآلف في ظل حكمة ووعي غرسه فيها الأجداد الحكماء، وظل السلاطين الكرام ينمّون هذه الشجرة المباركة. واليوم، مهما ظهرت محاولات لاقتلاع هذه الشجرة الأصيلة من أجل إثارة الفتنة الطائفية بيننا، فنقول لهم: هيهات.. هيهات، لأن هذه الأرض الطيبة لا ينبت فيها إلا كل طيب، وإننا في عُمان جميعًا صفٌّ واحد في مواجهة هذه التحديات، سواء كانت داخلية أو خارجية، ونقول لهم إن التنوع ثراء وقوة، وليس هناك من دواعي أو أسباب للخلاف والفرقة ما دمنا ننتمي إلى أرض واحدة، ونعبد ربًّا واحدًا، ونسترشد بنبيٍّ واحدٍ عليه أفضل الصلاة والسلام، ونتحدث لغة واحدة، ولنا تاريخ واحد مشترك. لقد تعلمنا من عُمان أن الدين ليس أداة للتفريق، بل هو وسيلة للحياة والجمع بين الناس، فبنينا من خلاله علاقاتنا، وأقمنا مجتمعاتنا الآمنة المستقرة المتقدمة بقيمها وأخلاقها. ومن كافة منابر عُمان، نقول لأولئك الذين يريدون إشعال الفتنة: انظروا إلى تجربتنا عن قرب وتعلموا منها كيف تعيش الأوطان وتتفاهم، فتنبذ الشرور والمكائد، وتعيش في أمن وأمان واستقرار وسعة من الخلق والأخلاق وهي حصينة متينة. فجميعنا يعي تمامًا أننا نعيش في زمن الفتن والخطر الذي يهدد الأمة من خلال هذه الفتنة الطائفية التي تتسلل إلى العقول والقلوب من أجل غرس بذور الشك والكراهية بين أبناء الوطن الواحد. وفي مثل هذه الأوقات من ضعف الأمة الإسلامية، يقتات بعض الجهلة المتعصبين على فتات من شرارات الفرقة، وهم يحسبون أنها ستجدي شيئًا، لكن مرة أخرى نقول: هيهات أن تنالوا ما تسعون له، أو يحدث شيء مما تخططون له؛ فالمشهد في عُمان مشهد نوراني واضح، في واحة من السلام والتسامح متجذرة منذ زمن طويل، تعلو راية القبول بالآخر، وتحكمه ثقافة الاحترام المتبادل بين جميع أبنائها على اختلاف مذاهبهم ومشاربهم، لأن الوحدة بينهم ليست شعارًا فقط، بل خطاب رسمي وقيم متأصلة، وجذور تاريخية أصيلة، سيقانها ممدودة عبر السنين. لقد أثبتت الأيام أن هناك محاولات متوالية لإشعال مثل هذه الفتنة الطائفية في عُمان، أو في غيرها من الأوطان المستقرة، لكنها باءت بالفشل بسبب لحمة الوطن الواحد وثبات أبنائه على الرسالة الواحدة التي تتآلف فيها قلوبهم. نحن هنا في عُمان لا نتحدث عن تجربة أو قصة نجاح فقط، بل عن درس للعالم العربي والإسلامي في كيفية العيش مُحصنًا في مجتمعاته ضد الطائفية، وهي رسالة واضحة لكل من يُشعل نار الفرقة بأن محاولته باءت بالفشل الذريع. وختامًا، نسأل الله أن تبقى عُماننا الحبيبة منارة للوئام، ودرعًا حصينًا قويًا في هذا الوقت العصيب أمام كل التحديات التي تواجهها.

أنس يُسلِّم الكلمة للأحرار.. "الوصية الأخيرة"
أنس يُسلِّم الكلمة للأحرار.. "الوصية الأخيرة"

جريدة الرؤية

timeمنذ 2 ساعات

  • جريدة الرؤية

أنس يُسلِّم الكلمة للأحرار.. "الوصية الأخيرة"

سعيد بن حميد الهطالي " وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا ۚ بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ " (آل عمران: 169). في حياة الشعوب المقهورة ثمة لحظات تكتب التاريخ بدمها لا بحبرها، ولحظة أنس جمال الشريف كانت واحدة من تلك اللحظات الخالدة مراسل الجزيرة في قطاع غزة الذي حمل قضيته على كتفيه، وكتب وصيته الأخيرة قبل ساعات من استشهاده وكأنه كان يهيئ العالم لسماع صدى رحليه! لم تمر ساعات حتى استهدف الغدر الإسرائيلي الغاشم خيمة الصحفيين بجوار مجمع الشفاء الطبي في قطاع غزة ليسقط أنس شهيدًا إلى جوار زميله محمد قريقع، وآخرين -رحمهم الله- في جريمة مروعة من جرائم الطغاة هزت الضمير الإنساني المتبقي في بعض الأمة، وأثارت موجة تنديد عربية ودولية واسعة. كان أنس في الميدان لا يعرف للخوف طريقًا، يقف ثابتًا مرتديًا درعه الأزرق وخوذته التي لم تحمه من الموت؛ مُمسِكًا بميكروفونه كما يمسك المقاتل سلاحه، خلفه كانت تعصف أصوات القصف والصراخ، وأمامه عدسات العالم التي أراد أن يرى من خلالها الحقيقة كما هي بلا تزييف ولا خوف.. كل كلمة كان ينطقها كانت أشبه برصاصة أشد وقعًا من قنابل المجرمين.. في آخر أيامه جلس ليكتب وصيته وهو يعلم أن القصف يقترب، وأن الموت قد يطرق بابه في أي لحظة. لم يكن ينقل الأخبار كأي مراسل، كان ينقل وجع غزة النابض في دمائه، وكان صوته شاهدًا على أن الكلمة الحرة قد تكون أثقل من القنابل، وأقوى من جدران الحصار، وعندما أسكتته رصاصة الغدر بقي صوته يتردد في أزقة جباليا ليقول للعالم: " هنا شعب لا ينكسر، وهنا الحقيقة لا تموت". اللهم ارحم أنس الشريف وزملاءه الشهداء الأبطال، واجعل دماءهم الطاهرة شرفًا ونورًا لأمتهم، واغفر لهم ما تقدم من ذنبهم وما تأخر، واربط على قلوب أهليهم وأحبتهم، وألهمهم الصبر والسلوان، واجعل دماءهم الشريفة لعنة على الظالمين حتى تشرق شمس الحرية على فلسطين، وحسبنا الله ونعم الوكيل و" إنا لله وإنا إليه راجعون ".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store