
جماعة الحوثية أعادت نشر معدات اتصالات وتقنية في المناطق الحيوية وتستخدم شبكات سلكية لإدارة عملياتها العسكرية
قالت مصادر أمنية ودفاعية إن جماعة الحوثيين، ذراع إيران في شمال اليمن، قامت بنشر معدات اتصالات وأصول تقنية في مناطق سيطرتها، في محاولة لإعادة تعبئة منظومة الاتصالات والتقنية التي تعرضت لضربات أمريكية عنيفة طالت أجزاء غير قليلة من بنية الجماعة وتسببت في تدمير مواقع ومعدات حيوية.
المصادر أوضحت لـ "ديفانس لاين" أن الجماعة الحوثية تقوم بإعادة تأهيل شبكة الاتصالات في المناطق الخاضعة لسيطرتها، وتشغيل معدات استراتيجية ومراكز رئيسية تعرضت لتدمير كلي أو جزئي بفعل الهجمات الأمريكية التي ركّزت على البنية الاتصالية للجماعة، وخصوصا الأصول المستخدمة في تسيير وتوجيه الصواريخ الباليستية والطائرات بدون طيّار التي تستهدف بها الحوثية حركة السفن الدولية في مياه البحر الأحمر وخليج عدن وفي البحر العربي وتقوم بإطلاقها نحو إسرائيل.
وقد كانت الحوثية قد قامت بسحب بعض معدات وأجهزة الاتصالات وتفكيك بعض المحطات وأعادت تخزين أصولها في مخابئ جديدة مستحدثة لتجنيبها خطر الضربات الجوية الأمريكية.
مصادر "ديفانس لاين" أشارت إلى قيام الحوثية بتركيب أجهزة هوائية وأنظمة توجيه في أهم مناطق تمركزها وبعض الأبراج في المرتفعات الحاكمة، ونقلت محطات بث وتشويش وأجهزة إلى المحاور والقطاعات العسكرية.
ومنذ بداية الهجمات الأمريكية والبريطانية، والإسرائيلية، التي طالت قدرات الحوثية منذ مطلع العام الماضي على خلفية انخراطها في استهداف السفن ومهاجمة خطوط الملاحة البحرية وتوجيه صواريخ وطائرات مسيّرة نحو إسرائيل، أعادت الجماعة تكتيكات وأساليب السيطرة والقيادة الداخلية وقامت بتوزيع أصول الاتصالات العسكرية والتحول إلى مراكز غير مركزية وتعبئة شبكات وفروع متعددة ضمن نطاقات جغرافية محدودة وقطاعات ومناطق عملياتية صغيرة.
عناصر حوثية تستخدم اتصالات سلكية في إحدى الجبهات المتقدمة
في وقت تفيد مصادر وثيقة لـ "ديفانس لاين" قيام جماعة الحوثي بمد شبكة اتصالات سلكية إلى المناطق الاستراتيجية، وقامت بتوصيل خطوط خاصة إلى بعض مواقع المواجهات والنقاط المتقدمة لربط مراكز القيادة والسيطرة والعمليات لقواتها، وفي المقار والمرافق الحيوية، فيما يشير إلى اتجاه الجماعة للتحول نحو توسيع استخدام الشبكات السلكية وتقليل الاعتماد على المنظومات اللاسلكية وأنظمة الإشارة والبث الهوائي.
وتستفيد الجماعة من شبكة الخطوط السلكية وما يعرف بالخط الساخن والخطوط المخصصة للجانب العسكري التي تم مدها خلال فترة ما قبل الحرب بجانب شبكة الخطوط المدنية، إلى جانب قيام الجماعة بمد خطوط جديدة إلى المناطق البعيدة ومناطق تمركزها.
تعتمد الحوثية على دوائر متعددة لشبكة الاتصالات والتقنية للربط والسيطرة الداخلية، وطوّرت أوعية متنوعة للبيانات والشفرات وآليات إدارة عمليات أذرعها العسكرية والأمنية وهياكلها التنظيمية. وتحتفظ الجماعة بشبكة اتصالات داخلية سرية يتم إدارتها عبر ما يسمى "
دائرة الاتصالات الجهادية"
لها نظام خاص ومستقل تعتمد عليه في تنظيم وإدارة الفصائل القتالية "الجهادية" والأجهزة الاستخبارية الداخلية، إلى جانب منظومات الاتصالات الخاصة بالقوات والأجهزة الأخرى.
ومنذ ما بعد أكتوبر 2023 لم يتوقف مجهود الجماعة في إعادة بناء منظومة اتصالاتها بمختلف قطاعاتها ونطاقاتها، وقد أخضعت آليات الاتصال والربط لتحديثات دقيقة وأعادت تعبئة أوعية البيانات والشفرات وتغيير أساليب وتكتيكات التمركز والانتشار، بغية تجنب عمليات الاختراق، مع وضع الجماعة على دائرة تركيز ومراقبة الأجهزة الاستخبارية، وتصاعد مخاوفها من التعرض لاختراق تقني وأمني، شبيهة بالضربة التي تعرض لها "حزب الله" في جنوب لبنان، وما يعرف بعملية "البيجر" التي قادت لانهيار الحزب بطريقة دراماتيكية مفزعة.
توطين تقنيات غير إيرانية
بحسب مصادر "ديفانس لاين" فقد
كثّفت الجماعة الحوثية مجهودها مؤخرا لتوطين تقنيات جديدة
، سعيا لتنويع بنية اتصالاتها وتقليل الاعتماد على التقنيات الإيرانية، عبر إدخال أصول وأنظمة صينية وروسية وكورية ومن بلدان أخرى.
وخلال السنوات الأخيرة تضخّم استخدام الحوثية بنية الاتصالات والانترنت اليمنية التي وضعت يدها عليها، واستغلال مواردها الهائلة لمجهودها الحربي.
إذ تجني الجماعة موارد ضخمة من عوائد الاتصالات والانترنت، وتفرض رسوما وجبايات على القطاع، وتطالب من المشتركين والمستخدمين دعم صناعاتها الحربية وتقديم الدعم لمنظومة الصواريخ وبرنامج الطيران المسيّر.
ومؤخرا أعلنت الجماعة حظر استخدام خدمات الإنترنت الدولية "استارلينك" في مناطق سيطرتها، ونفذت حملات عنيفة لمصادرة طرفيات وأجهزة الخدمة الفضائية التي لا تستطيع الجماعة التحكم بها، وقامت بملاحقة من حصلوا عليها عبر التهريب.
كما قامت بمنع شبكات الانترنت التجارية في الأحياء والأرياف.
وإلى جانب اعتبار الاتصالات إحدى المقومات الحربية الحيوية الحوثية، تستخدمها الجماعة في تقييد المعلومات ومراقبة المواطنين والتجسس على المجتمع.
وتشير معلومات إلى أن الجماعة تتجه لحظر استخدام تطبيقات جوجل ويوتيوب، واستبدالها بمحركات أخرى، على غرار ما فعلته إيران وكوريا والصين.
ويتولى إدارة شبكة الاتصالات الحوثية القيادي محمد حسين الحوثي، وهو ابن مؤسس الجماعة ونجل شقيق زعيمها، وعيّنته الجماعة مسئولا لما يسمى "دائرة الاتصالات الجهادية"، الوعاء الداخلي لاتصالاتها الخاصة.
كما عيّنته مسئولا لـ "دائرة الاتصالات العسكرية" بوزارة الدفاع التابعة لها.
وعيّنته أيضا مسئولا لقطاع الاتصالات والتقنية بكامل منظومتها السلكية واللاسلكية، بتعيينه عضوا فيما يسمى (اللجنة العليا لإدارة الرؤية الوطنية لبناء الدولة اليمنية الحديثة وآليتها التنفيذية). وفقا لتقرير نشره موقع "المصدر أونلاين".
يعاونه في إدارة الاتصالات العسكرية القيادي عبدالخالق أحمد محمد حطبة، وهو من منطقة ساقين صعدة، مقرب من زعيم الجماعة وتربطه علاقة مصاهرة بالعائلة. عيّنته الجماعة أكتوبر 2017 نائب أول لمدير الاتصالات العسكرية، ومنحته رتبة "العميد"، بقرار أصدره رئيس المجلس السياسي الأعلى للجماعة صالح الصماد. اطّلع محرر "ديفانس لاين" على نسخة من وثيقة القرار.
كما عيّنت الجماعة القيادي أحمد حسن الشامي، نائبا لمدير الدائرة، برتبة عميد. وهو أيضا ينحدر من صعدة.
وكانت الجماعة عيّنت القيادي محمد يحيى الحيفي، مساعدا لمدير الدائرة، برتبة عميد، خلال العام 2021، لكنه اختفى إعلاميا بعد ذلك.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


اليمن الآن
منذ 6 ساعات
- اليمن الآن
من الراهدة إلى ثرة.. الحوثي يكرس "دولة الجبايات" من بوابة فتح الطرقات المغلقة
جمارك الراهدة لمليشات الحوثي السابق التالى من الراهدة إلى ثرة.. الحوثي يكرس "دولة الجبايات" من بوابة فتح الطرقات المغلقة السياسية - منذ 15 دقيقة مشاركة عدن، نيوزيمن، خاص: سارعت ميليشيا الحوثي الإيرانية إلى تقديم مبادرات مشبوهة لإعادة فتح عدد من الطرقات الرئيسية المغلقة، بعد سنوات من الإغلاق والتعنت ورفض كل المقترحات التي تقدمتها بها الحكومة اليمنية والأمم المتحدة من أجل تخفيف المعاناة عن المواطنين والحركة التجارية. : فتح طرقات اليمن.. ملف يكشف زيف الحوثيين خلال اليومين الماضيين؛ أطلقت ميليشيا الحوثي ما أسمته مبادرة إعادة فتح طريق "عدن- تعز" عبر طريق "الراهدة – كرش – الشريجة". وكذا مبادرة فتح طريق عقبة ثرة وهو من الطرق الرئيسية الرابطة بين محافظتي أبين والبيضاء. وجاء الإعلان عن هذه المبادرتين جاءت بشكل مفاجئ وبعد أيام من التوصل لاتفاق بفتح طريق مريس – قعطبة والذي يربط محافظة الضالع المحررة مع محافظة إب الواقعة تحت سيطرة الميليشيات. وعلى مدى 10 سنوات ظلت الميليشيات الحوثية تراوغ وترفض أي مبادرات إنسانية لفتح الطريقين الحيويين رغم المناشدات والمطالبات المحلية والأممية. وقامت بشكل متعمد على تفخيخ الطريقين بالألغام والمتفجرات وتدمير الجسور الصغيرة الرابطة في الأودية من أجل عرقلة أي جهود أو محاولة لإعادة فتحها مستقبلًا. ويرى مراقبون أن سعي الميليشيات الحوثية نحو إعادة فتح الطرقات المغلقة منذ سنوات يأتي ضمن مخطط إجرامي يهدف إلى البحث عن مصادر تمويل عقب الأضرار الكبيرة التي لحقت بهم جراء الغارات التي دمرت موانئ الحديدة ومطار صنعاء الدولي. مشيرين إلى إن الميليشيات تتستر بغطاء الإنسانية من أجل تبرير سعيها لإعادة فتح الطرقات، في حين أن أنظارها تتجه نحو الموانئ المحررة التي أصبحت ملاذها الأخير لاستيراد الوقود والغذاء. توخي الحذر.. بدورها إدارة الأمن في محافظة أبين ترحب بكل الجهود الرامية إلى التخفيف من معاناة المواطنين في مختلف الجوانب، إلا أنها في ذات الوقت دعت إلى الحذر من الدعوات المفاجئة للميليشيات الحوثية بشأن فتح طريق جبهة ثرة الاستراتيجي، ومحاولة استغلاله لأغراضها المالية والعسكرية. وأيدت كل المساعي التي تدعو إلى فتح طريق "ثرة"، بما يتيح للنازحين العودة إلى منازلهم، أسوةً بما جرى في بقية المحافظات المحررة، وتحت إشراف الأشقاء في التحالف العربي. واعتبرت أن من الإيجابيات عودة السكان إلى قراهم، محذرة من ضرورة الوعي بالمخاطر الأمنية، حيث دفعت المؤسسة الأمنية والعسكرية، إلى جانب المقاومة والقبائل، ثمنًا باهظًا في معركة تحرير أبين ولودر من المليشيات الحوثية الإرهابية المدعومة من إيران. وكشف البيان أن الأوضاع الراهنة تشير إلى محاولات متجددة من العدو لإعادة استهداف أبين عبر أدوات جديدة، في وقت باتت فيه التنظيمات الإرهابية تلفظ أنفاسها الأخيرة بفضل عملية "سهام الشرق" والضربات الجوية الدقيقة. ونبه إلى أن التقارير تشير إلى تجنيد ممنهج لبعض البسطاء من قبل المليشيات الحوثية الإرهابية لخدمة مخطط قادم يستهدف السلم الاجتماعي. وحذرت الأجهزة الأمنية من مغبة التهاون، داعية إلى الاستجابة لتوصياتها الأمنية، لضمان أن يكون فتح طريق "ثرة" خطوة آمنة تحفظ أمن واستقرار أبين، وتمنع تحميل المسؤولية لأي جهة مستقبلاً في حال حدوث أي اختراقات. وجددت قيادة أمن أبين تأكيدها على دعم فتح الطريق بما يخدم المصلحة العامة وعودة المشردين، وإبقاء تشكيلات المقاومة في "ثرة" في أعلى درجات الجاهزية القتالية، مع تعزيزهم بقوات إضافية من "العمالقة" لا تقل عن كتيبتين، إن لم يكن لواء كامل نظرًا لحساسية الموقع وقربه من مواقع العدو. دولة جبايات وبعيدًا عن تغني قيادات الميليشيات الحوثية ودعواتهم لفتح الطرقات التي كانوا سببًا في إغلاقها قبل نحو 10 أعوام، يبرز جانب خفي من هذه المبادرات المشبوهة. فما حدث في طريق " الضالع- مريس- دمت" قبل أيام يكشف جانب من المخطط الذي تسعى القيادات الحوثي لتنفيذه عبر فتح مزيدًا من الطرقات التي تصل بصورة مباشرة نحو الموانئ المحررة. وتحولت فرحة اليمنيين فتح طريق الرئيسي في الضالع المعروف بطريق "عدن - صنعاء" إلى كابوس كبير وغصة تزيد من المعاناة الإنسانية. حيث سارعت الميليشيات لنصب ما يسمونه "منفذ جمركي" للابتزاز وجني الأموال من سائقي الشاحنات والسيارات المارة عبر المنفذ. يقول سائقي شاحنات لـ"نيوزيمن": أن الميليشيات استحدثت في دمت منفذًا جمركيًا تابعًا لها، حيث يقوم المنفذ بفرض الرسوم غير القانونية على البضائع وسائقي الشاحنات حتى على رأس الغنم الواحد. حيث يمثل الموقع الجمركي الحوثي مركزًا للجباية لنهب التجار والمسافرين بين المناطق المحررة والخاضعة لسيطرتهم. وبعد تضرر موانئ الحديدة أضطر الكثير من التجار في مناطق الحوثي إلى التوجه صوب ميناء عدن لاستيراد بضائعهم، الأمر الذي دفعها إلى المسارعة لفتح الطرقات المغلقة في محافظة الضالع وتوجيه مبادرات جديدة نحو طريق الراهدة التابعة لمحافظة تعز وطريق ثرة في محافظة أبين. ومع الدعوات لفتح هذه الطرق بدأت بالترتيب لإنشاد منافذ جمركية مشابهة للمنافذ الأخرى التي تجني من خلالها الميليشيات أموال طائلة. منذ مطلع عام 2017، شيدت مليشيات الحوثي أكثر من 8 منافذ جمركية برية، من بينها جمرك "الراهدة" جنوبي محافظة تعز، وجمرك "عفار" في البيضاء، وجمرك "نهم" في صنعاء، وجمرك "ميتم" في إب، وجمارك "الحزم" في الجوف، ومؤخراً جمرك "دمت" في الضالع. وتقوم هذه المنافذ الحوثية بفرض رسوم إضافية غير قانونية على البضائع التجارية والمركبات، واستيفاء رسوم جمركية كانت الحكومة الشرعية قد قررت إعفاء التجار من دفعها لتخفيف معاناة المواطنين. تُدِر هذه المنافذ الجمركية للميليشيات الحوثية عائدات تزيد على 100 مليار ريال يمني سنوياً. وتذهب هذه الأموال إلى حسابات قيادات حوثية وجهات حكومية واقعة تحت سيطرة الجماعة في صنعاء. وقال أحد التجار في صنعاء لـ"نيوزيمن" أن السبب وراء مبادرات الحوثية لفتح الطرقات ليس حبًا برفع المعاناة عن المواطنين، وإنما البحث عن مصدر تمويل إضافي بعد أن فقد عائدات موانئ الحديدة المتوقفة. مشيرًا إلى أن الميليشيات ستعمل المستحيل حتى لو فتحت الطرقات التي رفضت فتحها لسنوات طويلة من أجل الحصول على جبايات إضافية عبر المنافذ البرية دون المبالاة بما ستعكسه الإتاوات الحوثية على ارتفاع أسعار المواد والسلع الغذائية والأساسية.


اليمن الآن
منذ 8 ساعات
- اليمن الآن
هل تنجح إسرائيل في تفكيك محور المقاومة بعد ضرب إيران؟
قبيل شنّ غاراتها المفاجئة على إيران فجر الجمعة، مهّدت إسرائيل لتحركها العسكري الأوسع منذ خريف 2023 عبر ضربات منهجية استهدفت أذرع إيران في المنطقة، وفي مقدمتها حزب الله اللبناني، الذي تعرض لهزائم قاسية أفقدته كثيراً من نفوذه العسكري والسياسي. فقد تكبّد حزب الله خسائر فادحة منذ فتحه جبهة الجنوب اللبناني دعماً لحركة حماس عقب عملية "طوفان الأقصى" في أكتوبر 2023. وأسفرت المواجهات مع إسرائيل عن مقتل عدد من أبرز قياداته، بينهم أمينه العام الراحل حسن نصر الله، وتدمير جزء كبير من ترسانته العسكرية، إضافة إلى تقطيع خطوط إمداده، خاصة من سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد. وفي 27 نوفمبر، أنهى اتفاق وقف إطلاق نار بوساطة أميركية الحرب بين الحزب وإسرائيل، وتضمن التزام الحزب بتفكيك مواقعه العسكرية جنوب نهر الليطاني مقابل انتشار الجيش اللبناني، فيما واصلت إسرائيل شن ضربات استباقية طالت حتى الضاحية الجنوبية لبيروت دون رد من الحزب أو إيران. ويرى الباحث نيكولاس بلانفورد أن "قوة ردع حزب الله قد تزعزعت"، لكنه يشير إلى أن الحزب لا يزال يحتفظ بقدرات هجومية، وإن كانت الديناميكيات السياسية الراهنة تمنع استخدام هذه القوة بسهولة. سوريا: سقوط النظام يفكك حلقة الوصل إسقاط النظام السوري أجهز على واحد من أبرز مسارات الدعم التي كانت تعتمد عليها طهران لنقل الأسلحة لحزب الله، إذ كانت دمشق توفر غطاءً لوجستياً وعسكرياً للمجموعات الموالية لطهران. ومنذ اندلاع الحرب السورية، كثفت إسرائيل غاراتها على مواقع إيرانية وسورية، لضمان عدم انتقال السلاح الثقيل إلى الحزب أو وقوعه بيد أطراف "جهادية" عقب انهيار النظام. أما حماس، التي كانت الشرارة الأولى للتصعيد في أكتوبر 2023، فوجدت نفسها منهكة بفعل الحرب المستمرة في غزة. فقد استهدفتها إسرائيل بغارات جوية وبرية أفضت إلى مقتل عدد من قادتها وتدمير بنيتها التحتية، ما أجبرها على خوض حرب استنزاف من داخل الأنفاق، مع تراجع واضح في قدراتها القتالية، رغم أن تل أبيب لم تنجح حتى الآن في القضاء عليها نهائياً. مع تفكك خطوط الدعم الأخرى، برز الحوثيون في اليمن كآخر ركائز "محور المقاومة" الذين لا يزالون في وضع هجومي نشط. فمنذ بدء الحرب على غزة، شنّ الحوثيون هجمات متواصلة بالطائرات المسيّرة والصواريخ على أهداف إسرائيلية أو سفن مرتبطة بها، في البحر الأحمر وخليج عدن. وعلى الرغم من الضربات الأميركية والإسرائيلية المتكررة، لم تتوقف عمليات الحوثيين، ما يجعلهم "الذراع الأكثر فاعلية" حالياً بالنسبة لطهران، بحسب محللين. ويُتوقع أن يكونوا أول من يرد على الغارات الإسرائيلية الأخيرة ضد إيران، في حين يلوذ حزب الله وحماس بالصمت حتى إشعار آخر. الضربات الجوية الإسرائيلية على إيران تمثل تتويجاً لحملة ممنهجة لتفكيك البنية العسكرية لمحور طهران الإقليمي، عبر إضعاف حزب الله، ومحاصرة حماس، والإطاحة بحلفاء رئيسيين كالنظام السوري. ومع دخول إيران كطرف مستهدف مباشرة، يبقى السؤال مفتوحاً حول رد طهران، والسيناريوهات المحتملة لتوسّع الحرب الإقليمية.


اليمن الآن
منذ 12 ساعات
- اليمن الآن
سيناريوهات استراتيجية بعد الضربة الإسرا ئيلية على إيران
لقد دخل الشرق الأوسط لحظة خطيرة وغير مؤكدة. يعتمد الكثير الآن على التحركات التالية من قبل إسرائيل وإيران والولايات المتحدة. على الجانب الإسرائيلي، وضع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو نفسه كلاعب مركزي في أي اتفاق - أو عدم وجود اتفاق - مع إيران. وقد يختار التوقف بعد هذه العملية واسعة النطاق، واستيعاب الانتقام الإيراني الأولي، والسماح بنافذة قصيرة لتجديد الدبلوماسية. وسيكون الهدف هو التوصل إلى اتفاق يتضمن عدم تخصيب اليورانيوم وتفكيك كامل للبنية التحتية النووية الإيرانية. بدلا من ذلك، يمكن لإسرائيل أن تواصل عمليات عسكرية مستدامة، كما فعلت مع حزب الله في لبنان، لزيادة تدهور البرنامج النووي الإيراني وإضعاف قيادتها وجهاز صنع القرار. بالنسبة لإيران، فإن الحسابات أكثر تقييدا. وفي حين يجب أن تستجيب - وقد فعلت ذلك بالفعل - فإن مصلحتها العليا هي تجنب صراع واسع النطاق لا يمكنها الانتصار فيه. إن عدم التوازن في القوة العسكرية مع إسرائيل والولايات المتحدة صارخ. وفي حين أن إيران يمكن أن تلحق أضرار، فمن المرجح أن تعمل دفاعات إسرائيل ودفاعات شركائها على تحييد معظم الهجمات إلى حد كبير. ومن شأن ضرب الأصول الأمريكية أن يؤدي إلى رد أمريكي قوي، وهي نتيجة تسعى طهران إلى تجنبها. ومن شأن مهاجمة أهداف في الخليج أن تنفر الشركاء الإقليميين الرئيسيين، مما يقوض موقف إيران على المدى الطويل. ومن المرجح أن تركز القيادة الإيرانية الآن على بقاء النظام، وقد أوضحت إسرائيل أن استراتيجية التعتيم واللعب على الوقت في مفاوضات غير مثمرة قد انتهت من مجراها. قد يدركون أن الشخصية الوحيدة القادرة على كبح جماح نتنياهو هي دونالد ترامب، وأن المسار الأكثر حكمة قد يكون الإشارة إلى الاستعداد لإعادة الانخراط دبلوماسيا بعد فترة تهدئة قصيرة. في أوائل أبريل ، أعطى ترامب إيران 60 يوما للتوصل إلى اتفاق. وتأتي الضربة الإسرائيلية مع انتهاء هذا الموعد النهائي. وقد ربط ترامب بالفعل الهجوم بالموعد النهائي الذي حدده ، وحذر إيران من الاستفادة من "فرصة ثانية" أو مواجهة عواقب أكثر وخيمة. تمنح الضربة الإسرائيلية واشنطن نفوذا جديدا للضغط من أجل صفقة تخصيب صفر. يبقى أن نرى ما إذا كان المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي مستعدا لتقديم هذا النوع من التنازل المؤلم الذي قدمه سلفه لإنهاء الحرب الإيرانية العراقية - وهو ما أسماه آية الله روح الله الخميني "شرب الكأس المسمومة". ومع ذلك، فهذه هي الضربة الأولى بهذا الحجم على الأراضي الإيرانية منذ تلك الحرب. من المؤكد أن هناك خطرا حقيقيا من التصعيد الذي يمكن أن يجر الولايات المتحدة ويزعزع استقرار الخليج. ولكن على حد تعبير الخبير الاستراتيجي في الحزب الديمقراطي الأميركي رام إيمانويل: "لا تدع أزمة جيدة تذهب سدى". هذه اللحظة، على الرغم من كونها محفوفة بالمخاطر، توفر أيضا فرصة ضيقة لإحياء الدبلوماسية نحو اتفاق سريع ومرضي يرفع شبح برنامج الأسلحة النووية الإيراني عن الطاولة. وينبغي اختبار هذا الافتتاح بسرعة ومكثفة.