logo
الصحة العالمية تدق ناقوس الخطر: فيروس شيكونغونيا يهدد نصف سكان الأرض

الصحة العالمية تدق ناقوس الخطر: فيروس شيكونغونيا يهدد نصف سكان الأرض

المستقلة/- دعت منظمة الصحة العالمية إلى تحرك دولي عاجل لاحتواء موجة جديدة من تفشي فيروس 'شيكونغونيا'، وسط تحذيرات من كارثة وبائية تهدد مليارات البشر حول العالم، بعد رصد مؤشرات مقلقة على عودة انتشار الفيروس في مناطق واسعة من المحيط الهندي وأوروبا وأجزاء من آسيا وإفريقيا.
وقالت الدكتورة ديانا روخاس ألفاريز، المتخصصة في الأمراض المنقولة عبر البعوض لدى المنظمة، خلال مؤتمر صحفي في جنيف، إن ما يقرب من 5.6 مليارات شخص يعيشون حالياً في مناطق معرضة لخطر الإصابة بالفيروس، الذي ينتشر في 119 دولة حول العالم.
وأشارت إلى أن العالم يشهد تكراراً 'لتاريخ وبائي مؤلم'، في إشارة إلى تفشي الفيروس بين عامي 2004 و2005، والذي أسفر عن إصابة نحو نصف مليون شخص، بدءاً من جزر المحيط الهندي.
وتُظهر بيانات المنظمة تزايداً حاداً في الإصابات منذ مطلع عام 2025، خاصة في جزر لا ريونيون ومايوت وموريشيوس، حيث أُصيب ما يُقدر بثلث سكان لا ريونيون. كما سجلت إصابات واسعة في مدغشقر، الصومال، كينيا، والهند.
وفي تطور مقلق، أُبلغ عن أكثر من 800 حالة إصابة وافدة في فرنسا منذ مايو/أيار الماضي، إلى جانب 12 حالة انتقال محلي في جنوب البلاد، دون أن يكون المصابون قد سافروا إلى مناطق موبوءة، ما يشير إلى انتقال العدوى عبر البعوض المحلي. كما تم رصد حالة مماثلة في إيطاليا.
تابع وكالة الصحافة المستقلة على الفيسبوك .. اضغط هنا
ويعد فيروس شيكونغونيا من الأمراض الفيروسية التي تنتقل عبر لدغات إناث البعوض، وتتسبب في حمى مفاجئة وآلام شديدة في المفاصل، قد تستمر أيامًا أو حتى سنوات. وتشمل الأعراض الأخرى التورم، وآلام العضلات، والصداع، والغثيان، والتعب، والطفح الجلدي.
ولا يتوفر حتى الآن علاج نوعي للفيروس، لكن يمكن التخفيف من الأعراض باستخدام الأدوية الخافضة للحرارة والمسكنات، فيما تعتمد الوقاية على تجنب لدغات البعوض والقضاء على أماكن تكاثره. وتتوفر لقاحات محدودة الاستخدام في بعض الدول.
وأكدت منظمة الصحة أن التغيرات المناخية وتكيّف البعوض مع البيئات غير الاستوائية قد يسهمان في توسّع رقعة تفشي الفيروس مستقبلاً، مما يهدد مناطق لم تكن تُعد سابقاً عرضة لهذا النوع من الأوبئة.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

أمهات "زيكا" المنسيات: أطفالهن لا يستطيعون الأكل أو الكلام أو المشي
أمهات "زيكا" المنسيات: أطفالهن لا يستطيعون الأكل أو الكلام أو المشي

شفق نيوز

timeمنذ 3 ساعات

  • شفق نيوز

أمهات "زيكا" المنسيات: أطفالهن لا يستطيعون الأكل أو الكلام أو المشي

عندما أبلغ الطبيب روتي فرييريس بأن ابنتها حديثة الولادة تامارا لن تعيش طويلاً، بدأت تبكي بلا توقف. كانت تامارا مصابة بصِغَر الرأس، أي حجم رأس أصغر من الطبيعي، وهو أحد الأعراض الناتجة عن إصابة الأم بفيروس زيكا أثناء الحمل. اليوم، تبلغ تامارا التاسعة من عمرها، وتتغذى عبر أنبوب في المعدة. يداها أصبحتا أكثر تيبّساً وتشنجاً، وتعاني صعوبة في تثبيت رأسها. تقول روتي: "أُخبرت في البداية أنها لن تمشي، ولن تتكلم أو تبتسم"، وتضيف: "ومع ذلك كنت أسأل كل طبيب أزوره: هل ستمشي ابنتي يوماً ما؟" ابنة روتي واحدة من نحو ألفي طفل وُلدوا لنساء أصبن بالفيروس الذي ينقله البعوض في البرازيل بين عامي 2015 و2016. في ذلك الوقت، كانت البلاد تستعد لاستضافة الألعاب الأولمبية، والعالم يراقب بقلق تفشي الفيروس في البرازيل وعشرات الدول الأخرى. أعلنت منظمة الصحة العالمية والسلطات البرازيلية حالة طوارئ صحية عامة، واستمر التحذير حتى مايو/أيار 2017. ولا يزال السبب وراء توقف التفشي بشكل مفاجئ، وعدم عودته خلال العقد الماضي، غير واضح. اختفى زيكا من دائرة الاهتمام، وباتت العائلات التي تتعامل مع آثاره طويلة الأمد منسية إلى حد كبير. وفقاً للأرقام الحكومية، توفي 261 طفلاً تم تشخيصهم بمتلازمة زيكا الخلقية -وهي مجموعة من التشوهات الخَلقية الناتجة عن الإصابة أثناء الحمل- بينما تدهورت الحالة الصحية لمئات آخرين. وتامارا واحدة منهم. تعيش في ماسايو، المدينة الساحلية في شمال شرق البرازيل، حيث سُجّل 75 في المئة من حالات متلازمة زيكا الخلقية في البلاد. ولا يملك العلماء حتى الآن تفسيراً قاطعاً لسبب تركز الحالات في تلك المنطقة. تتميز المتلازمة بمشكلات في القلب والمفاصل، وصعوبات في تنسيق المضغ والبلع. ومعظم المصابين بها لا يحققون مراحل النمو المعتادة مثل الحبو، أو الأكل، أو المشي، أو الكلام، أو التدرب على استخدام المرحاض. وللتغلب على تحديات تربية ابنتها، تعاونت روتي مع أمهات أخريات في الوضع نفسه، بعد أن التقت بهن لأول مرة في مجموعة دعم شكّلتها السلطات الصحية المحلية عام 2016. تقول: "كان هناك العديد من الأطفال المصابين بالمتلازمة نفسها مثل تامارا. بدأنا نتبادل الحديث والمعلومات… وعندها بدأت الأمور تتضح". لكن الحياة ظلت صعبة. فبعد عام، شعرت الأمهات أن الدعم الذي يتلقينه من السلطات المحلية غير كافٍ. لذلك شكّلن مجموعة مستقلة، بقمصان صفراء خاصة بهن، لمساندة بعضهن بعضاً، والمطالبة بالمزيد من الحقوق. الانتقال للعيش معاً توقفت العديد من الأمهات عن العمل، واعتمدن على إعانات حكومية بنحو 265 دولاراً (199 جنيهاً إسترلينياً) شهرياً، وهو الحد الأدنى للأجور. وجدن أنفسهن في معارك قانونية ضد النظام الصحي للحصول على عمليات جراحية، وكراسٍ متحركة، وأدوية، وحليب للأطفال. كما تخلّى عن كثيرات منهن أزواجهن. بعضهم تزوج وأنشأ أسراً جديدة. تقول مؤسسة الجمعية، أليساندرا هورا، إن الرجال نادراً ما شاركوا في المجموعة. وتضيف لبي بي سي: "سمعت من كثير من النساء أن أزواجهن شعروا بأنهن وضعن دور الأمومة قبل دور الزوجة". وقد وجدت النساء طرقاً جديدة لتنظيم حياتهن. بعد تقديم طلبات إلى سلطات الإسكان العامة، تمكنت نحو 15 منهن من الانتقال إلى المجمع السكني نفسه، حيث يعشن منذ خمس سنوات. وتقول أليساندرا: "كان هدفنا أن يعشن بالقرب من بعضهن ليدعمن بعضهن، ليكنّ شبكة الدعم التي تفتقر إليها معظمهن". بدأت أليساندرا رعاية حفيدها إريك، المصاب بمتلازمة زيكا الخلقية، بعد مقتل ابنها في حيّهما على أطراف ماسايو. انتقلت روتي إلى مجمع "أمهات زيكا" بعد طلاقها، وأصبحت قريبة من جارتَيها آن كارولين دا سيلفا روزا ولينيسي فرانسا، اللتين لديهما طفلان مصابان بالمتلازمة، وهما مويسيس وإنزو. مثل تامارا، يتغذى مويسيس عبر أنبوب يخرج من معدته. لم يعد قادراً على الوقوف، لكنه يتمكن من رسم ابتسامة خفيفة حين تغمره شقيقته الصغيرة ماريا بالقبلات. أما إنزو، فهو من بين قلة من الأطفال الذين لديهم استقلالية أكبر. فبعد سنوات من دخول المستشفيات والخروج منها، أصبح قادراً الآن على المشي والكلام. العيش بالقرب من بعضهن أتاح للأمهات تبادل النصائح حول التعامل مع الحالات الصحية المعقدة لأطفالهن. لكن كانت هناك فوائد أخرى أيضاً. فقد بدأت روتي حضور دروس مسائية بعد أن تكفلت آن كارولين ولينيسي برعاية تامارا مما مكنها من استكمال دراستها والحصول على شهادة الثانوية. لا تزال تامارا غير قادرة على المشي أو الكلام، كما توقع الأطباء. قبل سنوات قليلة، لم تكن تستطيع تثبيت نظرها على أي شيء بعينه، لكن بفضل العلاج الطبيعي باتت الآن قادرة على التعرّف إلى نفسها في المرآة. وعيناها تتابعان والدتها في كل مكان. وغالباً ما تتبادلان النظرات عندما تجلس روتي بجانبها على الأريكة وتداعب شعرها الطويل المجعّد. الحصول على تعويضات أكبر كما أثمرت معركة الأمهات التي استمرت عقداً من الزمن من أجل الحصول على دعم مالي أفضل. ففي ديسمبر/كانون الأول، أقرّ البرلمان البرازيلي مشروع قانون قُدّم عام 2015 يمنح العائلات المتضررة من زيكا تعويضاً بقيمة 8,800 دولار، إضافة إلى دفعات شهرية قدرها 1,325 دولاراً، أي خمسة أضعاف الإعانة السابقة. لكن الرئيس لويس إيناسيو لولا دا سيلفا استخدم حق النقض ضد القانون، قائلاً إن تبعاته المالية غير واضحة، واقترحت إدارته بدلاً من ذلك دفعة واحدة بقيمة 10 آلاف و500 دولار. إلا أن خبراء مثل الدكتورة مارجاني ليموس، التي شخّصت أولى حالات صِغَر الرأس المرتبطة بزيكا، رأوا أن هذا غير كافٍ. وقالت إن السلطات أخفقت في حماية الأسر على مستويات عدة، مثل الفشل في احتواء الفيروس وعدم تعويض الأطفال بما يكفي لسنوات. وأشارت وزارة الصحة في ولاية ألاغواس إلى أن وضع الفيروس في المنطقة تحسّن بفضل جهودها في توعية المواطنين بإزالة المياه الراكدة وتدريب فرق المراقبة الصحية. لكنها لم ترد على أسئلة حول كيفية دعم الأسر المتضررة. لكن في النهاية، انتصرت الأمهات. فقد أُلغي قرار لولا، وأُبلغن بأنهن سيحصلن على كامل التعويضات المقررة في مشروع قانون عام 2015. تراجع غامض في الحالات رغم التراجع الكبير في عدد حالات زيكا وولادات الأطفال المصابين بالمتلازمة، تقول الدكتورة ليموس إن تفشياً جديداً يظل ممكناً، لأن سبب التراجع لا يزال مجهولاً. وتوضح: "يبدو أن الطفرة توقفت تلقائياً. وهذا يدعم نظرية وجود مناعة طبيعية. لكن هل هذا صحيح؟ كم تدوم؟ لا نعرف". وبعد عقد من التفشي، لا تزال أسئلة كثيرة بلا إجابة بسبب نقص الأبحاث. لماذا مثلاً تأثر شمال شرق البرازيل بشدة، ولا سيما النساء الفقيرات هناك؟ تشير إحدى الدراسات إلى أن السبب قد يكون سوء تغذية الأمهات. وتفترض أخرى أن المياه الملوثة ببكتيريا ربما أفرزت سماً عصبياً زاد من حدة تأثير الفيروس على أدمغة الأجنة. وتقول الباحثة في التشوهات الخَلقية للدماغ باتريسيا غارسيس وعالم الأعصاب ستيفنز ريهن، اللذان قادا المشروعين، لبي بي سي إن الإجابة قد تكون مزيجاً من هذه العوامل وأخرى. وتضيف الدكتورة غارسيس، التي تُدرّس في كلية كينغز بلندن: "نعرف الآن قليلاً عن العوامل البيئية التي ربما ساهمت في ارتفاع الانتشار، لكننا لا نفهم تماماً كيف ساهمت"، مشيرة إلى أن نقص الأبحاث يمثل مشكلة. وترى الدكتورة ليموس أن هذا النقص ربما يعود إلى أن غالبية المتضررين من الفقراء. ورغم الغموض، منح الفوز في معركة التعويضات روتي شعوراً جديداً بالتفاؤل. تقول: "شعرت بفرح هائل عندما سمعت الخبر، أردت أن أصرخ". وهي الآن تسعى للحصول على مؤهل في مجال التعليم ووظيفة جيدة الأجر، وتطمح لتأمين صحي خاص لابنتها، وتحلم بشراء سيارة يوماً ما لتأخذها إلى مواعيد العلاج.

دراسة جديدة تربط بين تلوث الهواء وزيادة خطر الإصابة بنزيف في الدماغ
دراسة جديدة تربط بين تلوث الهواء وزيادة خطر الإصابة بنزيف في الدماغ

وكالة الصحافة المستقلة

timeمنذ يوم واحد

  • وكالة الصحافة المستقلة

دراسة جديدة تربط بين تلوث الهواء وزيادة خطر الإصابة بنزيف في الدماغ

المستقلة/- كشفت دراسة طبية حديثة أجراها فريق بحثي من جامعة يوتا الأمريكية عن ارتباط مقلق بين تلوث الهواء وارتفاع خطر الإصابة بنزيف في الدماغ، مما يسلط الضوء على تأثيرات صحية غير متوقعة لتلوث الهواء تتجاوز الأضرار التنفسية المعروفة. الدراسة التي نُشرت في مجلة npj Clean Air ركزت على منطقة 'واساتش فرونت'، وهي إحدى المناطق الأمريكية المعروفة بسوء جودة الهواء، حيث قام الباحثون بتحليل بيانات 70 مريضًا عانوا من نزيف تحت العنكبوتية – وهو أحد أخطر أنواع نزيف الدماغ – مع تتبع مستويات تعرضهم للملوثات الهوائية على مدى خمس سنوات. وخلصت النتائج إلى وجود نمط زمني مثير للقلق، إذ لوحظ ارتفاع في عدد حالات تمزق الأوعية الدموية في الدماغ بعد فترة تتراوح بين ثلاثة إلى ستة أشهر من تسجيل ذروات في مستويات التلوث، خصوصًا عند التعرض الطويل للجسيمات الدقيقة (PM2.5) وغازات ملوثة مثل الأوزون وثاني أكسيد النيتروجين. ويفسر العلماء هذا الارتباط من خلال عدة آليات بيولوجية، أهمها أن التعرض المزمن للملوثات الهوائية يؤدي إلى التهابات مستمرة وتلف خلوي وضعف في آليات إصلاح الحمض النووي. وتُضعف هذه التغيرات مع مرور الوقت جدران الأوعية الدموية في الدماغ، ما يجعلها أكثر عرضة للتمزق والنزيف. ورغم أهمية هذه النتائج، شدد الباحثون على أن الدراسة لم تثبت علاقة سببية مباشرة، لكنها تشير إلى وجود ارتباط واضح يدعو إلى القلق ويستلزم إجراء دراسات إضافية لفهم التأثيرات البيولوجية الدقيقة لتلوث الهواء على الدماغ. وتأتي هذه النتائج في وقت يزداد فيه القلق العالمي بشأن التلوث البيئي، خاصة أن منظمة الصحة العالمية تشير إلى أن تلوث الهواء يتسبب في نحو 8 ملايين حالة وفاة مبكرة سنويًا. ويخطط الفريق البحثي في جامعة يوتا لعرض نتائج هذه الدراسة بشكل موسع في المؤتمرات الطبية الدولية القادمة، في خطوة يأمل من خلالها تسليط الضوء على المخاطر غير المرئية لتلوث الهواء، والدعوة لاتخاذ إجراءات وقائية صارمة لحماية الصحة العامة.

"أطفالي يحلمون بكيس طحين أو علبة حليب"، في غزة كيف يؤثر نقص الغذاء على مستقبل الأطفال؟
"أطفالي يحلمون بكيس طحين أو علبة حليب"، في غزة كيف يؤثر نقص الغذاء على مستقبل الأطفال؟

شفق نيوز

timeمنذ 4 أيام

  • شفق نيوز

"أطفالي يحلمون بكيس طحين أو علبة حليب"، في غزة كيف يؤثر نقص الغذاء على مستقبل الأطفال؟

ولد نضال مع توأمه سليم في السابع والعشرين من فبراير/شباط 2025 في قطاع غزة، ولم تبصر عيونهما غير المدركة لما يجري، سوى الحرب، حتى حليب والدتهما، كان من الصعب أن توفره لهما في ظل شح الطعام وصعوبة الوصول إليه، مما أفقدها القدرة على الإرضاع الطبيعي، يقول والدهما منذر شراب. وفي السادس والعشرين من يونيو/حزيران، لم يتمكن جسد نضال الصغير من استكمال الحياة في ظل عدم سهولة توفر الحليب الطبيعي أو الصناعي "بسبب سوء التغذية الحاد"، يشرح منذر. ويوضح والد نضال لبي بي سي أنه حاول قبل أسبوعين من وفاة طفله أن يحصل على حليب من عدة مستشفيات وجهات طبية وجمعيات خيرية في القطاع لكن دون جدوى. في اللحظات الأخيرة من عمر نضال، في ذلك اليوم تحديداً تمكن الأب من الحصول على مساعدة وجدها غير كافية من إحدى الجهات الطبية الدولية، لكن وبعد منتصف الليل ساءت حالة طفله. يصف الأب تلك الليلة باكياً: "خرجت من خيمتي أحمل طفلي، لا يوجد وسائل نقل ولم أجد من يساعدني، حتى وصلت إلى المستشفى الكويتي، وهناك أخبروني أن طفلي فارق الحياة وعلي أن أحمل جسده إلى مستشفى ناصر الطبي لإتمام إجراءات الوفاة". يعيش منذر (34 عاماً) النازح مع عائلته، في خيمة في منطقة المواصي جنوب قطاع غزة. بعد وفاة الطفل نضال انتشر مقطع فيديو لعائلته عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وهم يبكون ابنهم الذي مات من الجوع، بسبب الحصار الخانق الذي تفرضه إسرائيل على القطاع، وارتفاع أسعار الكميات النادرة من السلع الغذائية في القطاع - إن وُجدت. إلا أن ما حصل لاحقاً لا يقل سوءاً بالنسبة لمنذر، الذي لا يملك دخلاً منذ فقدانه عمله بعد بدء الحرب في أكتوبر/تشرين الأول 2023، ولا يستطيع حتى اليوم توفير الطعام الكافي لعائلته المكونة حالياً من زوجته وأطفاله الخمسة ووالدته وشقيقه الذي يعاني من إعاقة. "كان عندي أربعة أولاد وابنتان، لكن بعد وفاة نضال أصبح لدي ثلاثة أولاد وابنتان"، يعاني سليم توأم نضال صحياً من سوء التغذية الحادة وكذلك الحال بالنسبة لطفلته البالغة من العمر سنة وستة أشهر إذ أخذت صحتها بالتراجع أيضاً، وفق والدهما. ويوضح منذر لـبي بي سي أن علبة الحليب سابقاً "كان سعرها بحدود 25 شيكل (العملة الإسرائيلية) -أي ما يعادل نحو 7 دولارات-، أما اليوم فسعرها يصل إلى نحو 200 شيكل -ما يعادل 60 دولاراً-". ويشير منذر إلى أنه حتى لو توفر ثمن الحليب في ظل قلة السيولة المالية، فإنه من الصعب أيضاً العثور عليه لندرته في القطاع. لم نتمكن من الحصول على تفسير من طبيب اطلع على حالة الطفل نضال قبل وفاته. إلا أن مديرة أنشطة التمريض في منظمة أطباء بلا حدود جاك لاتور التي تعمل في عيادتين للرعاية الصحية الأولية إضافة إلى مجمع ناصر الطبي جنوب القطاع، قالت إنها وثّقت حالات نقص تغذية شديد بين الأطفال. وتضيف أنه "يجب أن نتحدث عن حقيقة أن سوء التغذية في حد ذاته انتشر بشكل كبير في كامل قطاع غزة. كل مؤشر غذائي يظهر لنا أن هناك تراجعاً حاداً بين جميع الفئات العمرية من حيث الوزن المتوسط، ومحيط الذراع العلوي المتوسط، وهو المقياس الذي نستخدمه لقياس سوء التغذية". لاتور التي تقيم في غزة منذ قرابة 8 أسابيع، تقول إن "طفلان توفيا الأسبوع الماضي بسبب نقص تغذية حاد فور وصولهما إلى الطوارئ في مستشفى ناصر". وتوضح أنه لعلاج الطفل من نقص التغذية "نحتاج إلى بقائه في المستشفى من أسبوع إلى أسبوعين حتى تستقر حالته، مع توفير مكملات غذائية خاصة، وهذا علاج طبي عالمي معتمد من منظمة الصحة العالمية واليونيسيف. نوفر حليباً خاصاً ليس لزيادة الوزن بشكل سريع، بل لتثبيت الأيض، لأن تقديم كميات كبيرة بسرعة يمكن أن يرهق الجسم ويؤدي إلى رفض الحليب، مما يسبب إسهالاً وقيئاً قد يؤدي إلى جفاف حاد وخطر على حياة الطفل. ونعالج المضاعفات الطبية التي أدت إلى دخول الطفل للمستشفى، والتي غالباً ما تكون مرتبطة بالإسهال والقيء الناتجين عن سوء المياه والتلوث". كما ينقل تقرير حديث نشره برنامج الأغذية العالمي للأمم المتحدة عن التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي أن غزة "تواجه خطر المجاعة الشديد، إذ وصلت مؤشرات استهلاك الغذاء، وسوء التغذية إلى أسوأ مستوياتها منذ بدء الصراع". وتشير البيانات إلى أن أكثر من ثلث الفلسطينيين في قطاع غزة يظلون لأيام متتالية دون طعام، في حين يعاني أكثر من 500 ألف شخص من "ظروف شبيهة بالمجاعة". ويضيف التقرير أن "تضاعف معدل سوء التغذية بين الأطفال دون سن الخامسة أربع مرات في غضون شهرين، ليصل إلى 16.5 في المئة، مما يشير إلى تدهور حاد في التغذية وارتفاع حاد في خطر الوفاة بسبب الجوع وسوء التغذية". ولا يذكر التقرير أعداد الأطفال الذين لقوا حتفهم بسبب الجوع ويعزو ذلك إلى صعوبة الحصول على بيانات موثوقة في ظل الظروف الحالية في غزة، وتعرض النظم الصحية للدمار. BBC "خبز وماء" "لم نتناول اللحم أو الدجاج منذ اختراق وقف إطلاق النار الأخير، آخر مرة تناولناها في رمضان"، تقول هبة ويليام (36 عاماً) الأم لـ 3 أولاد وابنة، أكبرهم 14 عاماً وأصغرهم طفلتها ذات الخمسة أعوام. بقيت هبة مع أطفالها وزوجها في منزلهم في النصيرات الوسطى قرب محور نتساريم، لكن نزح عدد من أفراد العائلة الممتدة، وأصبح مجموع من يعيشون في المنزل 18 شخصاً. رغم ذلك تشرح هبة أن كل عائلة صغيرة داخل المنزل مسؤولة عن تحصيل الطعام الخاص بها، نظراً "لصعوبة توفير الطعام والغلاء الفاحش". وفي غالبية الأحيان، تكتفي عائلة هبة المكونة من 6 أفراد، بكيلو غرام من الطحين يومياً، بما يوفر رغيفي خبز لكل فرد طوال اليوم. وتضطر في بعض المرات هي وزوجها للتنازل عن حصتهم الثانية من الخبز تحسباً لشعور أحد الأطفال بالجوع في صباح اليوم التالي. "نصنع من الطحين خبزاً، أحياناً الأطفال يحمصونه ويأكلونه جافاً وأحياناً عند توفر الدقة [تشبه الزعتر المطحون] يضعونها في الخبز حسب المتاح. لكن المهم هو توفر الخبز. تقريباً نحن نعيش على الماء والخبز لأن باقي الأشياء حتى لو توفرت لا يوجد إمكانية مادية لشرائها"، تقول هبة. يشار أيضاً إلى أن قطاع غزة يعاني من أزمة في توفر المياه منذ بدء الحرب في أكتوبر/تشرين الأول 2023. وتضيف هبة: أحياناً يتوفر العدس، نصنع منه ما هو شبيه بـ "الدقة الغزاوية"، أما خبز العدس فلم يتقبله الأطفال. بالنسبة للفواكه والخضار فهي غير متوفرة أيضاً. تتذكر أنها تمكنت من الحصول على كيلو غرام من العنب لأطفالها الشهر الماضي، لكن فيما عدا ذلك فإنهم لم يتناولوا الفواكه منذ شهر رمضان، أي قبل نحو أربعة أشهر. وفي السوق لا تجد هبة أياً من الأجبان أو الحليب أو البيض، ومن النادر توفر الخضراوات التي يتمكنون من شرائها عند انخفاض سعرها، لافتة إلى أن زوجها تحول عمله من باحث اجتماعي قبل الحرب، إلى مراقب عمال نظافة في شركة خاصة بعد الحرب، ولا يتقاضى راتباً ثابتاً، فيما لا يتجاوز دخله 1200 شيكل شهرياً - أي ما يعادل 353 دولاراً - بينما لم يعد لدى هبة المختصة في مجال الإعلام أي عمل. يقول أستاذ التغذية العلاجية البروفيسور معز الإسلام فارس لـبي بي سي، إن الإنسان يحتاج لجميع العناصر الغذائية سواء "من العناصر الغذائية الكبرى: الكربوهيدرات، والبروتينات، والدهون. والعناصر الصغرى: الفيتامينات والمعادن. عدم توفر هذه العناصر يؤدي لاختلال وظيفي، وتعطل واحد أو أكثر من الوظائف الحيوية في الجسم". ويوضح فارس أن الاختلال قد يضرب الجهاز العصبي، أو القلب، أو المناعي وهو الأكثر تأثراً عند نقص التغذية المتوازنة، مما يعرض الجسم للعدوى والإصابة بأمراض سارية. ويُشير تقرير التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي عن غزة، الصادر في 12 مايو/أيار، إلى أن جميع السكان يعيشون في مرحلة الأزمة (المرحلة الثالثة) وما فوق. وتوقع التقرير أن يعاني ما يقرب من 469,500 شخص من انعدام الأمن الغذائي الكارثي (المرحلة الخامسة من التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي) بين مايو/أيار، وسبتمبر/أيلول 2025. "صناديق المساعدات" وتخاف هبة على ابنها الأكبر البالغ من العمر 14 عاماً، لأنه في مرحلة المراهقة ويذهب أحياناً إلى أماكن المساعدات دون إخبارها. وتقول: "توجه لمركز المساعدات الإنسانية دون إبلاغي مع مجموعة من أبناء الحي، ثم تعرضوا هناك لإطلاق النار، خوفه دفعه للتراجع، دون الحصول على أي صندوق مساعدات. لكن في طريق العودة أخبرها أنه ساعد مجموعة من الأشخاص على حمل كيس طحين كبير، فمنحوه كنوع من الشكر كيلو غراماً من الطحين". ثم تتحدث عن قصة أخرى حين توجه ابنها قبل أيام لمشاهدة إنزال جوي وعند اقترابه من علبة حليب على الأرض، توجه أحد الموجودين هناك نحوه وهدده ليتركها. وتستذكر بحرقة ما قاله ابنها "عاد إلي خائفاً، أخبرني أنه تعرض للتهديد بعصا أو بسلاح، أعاد علبة الحليب، وقال لمن هدده (خذها يا عم)". تتابع: "الطفل يشعر بالجوع أنا لم أستثمر كل سنوات عمري من أجل أن يحلم أطفال بكيس طحين". لكن، هل تكفي محتويات صناديق المساعدات؟ حلل قسم تقصي الحقائق في بي بي سي - (BBC Verify)، قبل أيام ما يحتويه صندوق المساعدات الغذائية الذي توزعه مؤسسة غزة الإنسانية (GHF) المثيرة للجدل، والمدعومة من إسرائيل والولايات المتحدة. وذكرت المؤسسة لقسم تقصي الحقائق في بي بي سي أن صناديق المساعدات الغذائية تحوي ما يعادل 42,500 سعرة حرارية تكفي لـ "5.5 أشخاص لمدة 3.5 أيام". وتحتوي على أطعمة جاهزة للأكل مثل ألواح الحلاوة الطحينية (خليط من الطحينة أو معجون السمسم والسكر). وتحتوي أيضاً على العدس والزيت النباتي وأحياناً بعض البدائل مثل الشاي والشوكولاتة. وعمل أستاذ تنمية المعونة الدولية في كلية لندن للاقتصاد البروفيسور ستيوارت جوردون، على تحليل القائمة التي قدمتها مؤسسة غزة الإنسانية لفريق تقصي الحقائق، وقال إنه على الرغم من قدرتها على توفير السعرات الحرارية الكافية للبقاء على قيد الحياة، إلا أن فيها "نقاط ضعف خطيرة". وأوضح البروفيسور: "في جوهرها، توفر هذه السلة إحساساً بالشبع ومعدة خالية من الغذاء. العيب الأكبر في كونها سلة طعام للإسعافات الأولية، مصممة للتخفيف من الشعور بالجوع". وقال إن "اتباع نظام غذائي كهذا على مدى أسابيع سيزيد من خطر الإصابة بأمراض مثل فقر الدم ونقص فيتامين سي الحاد (الإسقربوط)". بينما شرح معز الإسلام فارس أستاذ التغذية العلاجية لـبي بي سي عربي أن صندوق المساعدات لمن يتمكن من الحصول عليه، يمنح الإنسان "الحد الأدنى للبقاء على قيد الحياة. ولكن لا يعطيه حاجته من الطاقة الكلية والعناصر الغذائية الكبرى والصغرى من البروتينات والمعادن والألياف. والكثير يعانون من مشاكل في الجهاز الهضمي بسبب ذلك". وأضاف أنه "يجب ان يكون هناك تنوع في المساعدات بحيث يغطي المجموعات: كالنشويات (طحين، أرز)، واللحوم المعلبة أو المجففة ويفضل أن تكون معلبة لأن فترة صلاحيتها أطول، والحليب الجاف كمصدر عالي للبروتين والكالسيوم، ودهون مثل زيت الزيتون، وطحينية السمسم، وفواكه مجففة، وخضار مجففة، وخضار معلبة". ويرى فارس الذي نشر بحثاً عن الوضع الغذائي في السنة الأولى من حرب غزة بالتعاون مع أطباء وباحثين في القطاع، أن "الوضع لا يحتمل إلا شيئاً واحداً فقط وهو إنهاء الحرب، لأن أي حل آخر هو حل مجتزأ في ظل الحاجات الإنسانية الماسة في القطاع". وتتهم حركة حماس إسرائيل بـ"تحويل الغذاء إلى سلاح قتل بطيء، وتحويل المساعدات إلى أداة فوضى ونهب"، مشيرة إلى أن قطاع غزة "يواجه مجاعة كارثية بفعل حصار شامل ومستمر". بينما ترفض إسرائيل هذه الاتهامات وتنفي وجود مجاعة في القطاع. على المدى البعيد: ما أثر نقص التغذية المحتمل على الفلسطينيين؟ لا يقتصر أثر نقص التغذية على المدى القصير بل يمتد إلى "المدى البعيد حيث قد تتراجع معدلات النمو، كما قد تتراجع القدرات الذهنية والعقلية، إضافة للضعف الشديد في بنية الجسم، مع احتمالية استمرار الآثار السلبية على المدى البعيد، خاصة للأطفال الصغار، فكلما كان الطفل أصغر سناً، كلما كان أثر نقص التغذية أشد وأخطر ويؤدي إلى مشاكل مثل ضعف القدرات العقلية"، يقول فارس. في حين تقول جاك لاتور مديرة أنشطة التمريض من أطباء بلا حدود "عند الإصابة بنقص التغذية، نلاحظ انخفاضاً في المناعة، مما يجعل الجسم أضعف وأكثر عرضة للإصابة بالعدوى، ويصبح أقل قدرة على مقاومتها. الالتهاب الرئوي عند طفل يعاني من نقص تغذية شديد، يختلف كثيراً عن طفل سليم، إذ تكون التوقعات الطبية أسوأ، مع معدلات وفاة أعلى، وفترات علاج أطول". وتلفت لاتور إلى أن منظمة أطباء بلا حدود في غزة تعمل على رعاية الأطفال من سن ستة أسابيع وحتى خمس سنوات، إضافة للنساء الحوامل والمرضعات، وهذه هي الفئات الأكثر عرضة للوفاة، كما تقول. وتفيد بأن الأطفال الذين يعانون من نقص تغذية خلال فترات النمو الحرجة يتأثر تطورهم سلباً، بما يشمل التطور النفسي والاجتماعي والعقلي والعصبي. "فالطفل يصبح أكثر نعاساً، خمولاً، ولا يستجيب للمحفزات الاجتماعية حوله، مما يؤثر على الترابط بينه وبين الأم، خصوصاً وأن الأم نفسها غالباً ما تعاني من نقص تغذية وتعيش في خيمة، وتكافح من أجل البقاء يومياً". وتضيف: "وجود طفل يعاني نقص تغذية ويتفاعل أقل مع المحيط الاجتماعي قد يكون بمثابة حكم بالموت عليه، خاصة إذا تأثر الارتباط بين الأم والطفل. في هذه الظروف التي يحاول فيها الجميع البقاء على قيد الحياة، هناك خطر حقيقي أن يفقد الطفل رغبته في المقاومة، ويصبح لا مبالياً بكل ما حوله"، تقول.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store