logo
فرصة ذهبية أمام جوزاف عون

فرصة ذهبية أمام جوزاف عون

على هامش حراكه السياسي، يضطلع رئيس الجمهورية جوزاف عون بدور اقتصادي بالغ الأهمية، يتمثل في إعادة تحريك ملف التنقيب عن الغاز في البحر اللبناني. وفي هذا السياق، استثمر عون زيارته الأخيرة إلى العاصمة الإيطالية روما، حيث شارك في حفل تنصيب البابا الجديد لاوون الرابع عشر، ليطرح هذا الملف أمام السلطات الإيطالية. وقد لقي الطرح تجاوباً من الرئيس الإيطالي سيرجيو ماتاريلا، الذي أعلن أن شركة 'إيني' – العضو في كونسورتيوم توتال / قطر للطاقة – تستعد لاستئناف أعمالها في لبنان.
وقبل أشهر قليلة، قام عون بخطوة مماثلة خلال زيارته إلى باريس، حيث طلب من القادة الفرنسيين (أبرزهم الرئيس إيمانويل ماكرون) الضغط باتجاه الدفع نحو إعادة تفعيل نشاط 'توتال' في عمليات التنقيب في المياه اللبنانية، كما شدد على ضرورة تسليم تقرير الحفر في موقع 'قانا' ضمن البلوك رقم 9، والذي لم يُسلَّم منذ أكثر من عام، على الرغم من إعلان الشركة انتهاء عمليات الاستكشاف فيه.
يُعد الرئيس جوزاف عون، بصفته القائد السابق للجيش، من أكثر الشخصيات إلماماً بملف الترسيم البحري والتنقيب عن الغاز. فقد كان مشرفاً على أعمال لجنة عسكرية كانت أول من وضع تصوراً دقيقاً لحدود لبنان البحرية الجنوبية، ثم خاضت المفاوضات على أساسه بإطلاع مباشر منه وبإشراف السلطة السياسية آنذاك. وعلى الرغم من أن تلك الجهود انتهت بتكريس الخط 23 المشوّه بدلاً من الخط 29 الواقعي، إلا أن اللجنة المفاوضة بشكل غير مباشر مع العدو الإسرائيلي والتي خاضت معه برعاية أميركية جلسات تفاوض ماراثونية، كانت قد أودعت نتائجها لدى الجهات السياسية بقرار من عون شخصياً، التي قررت بدورها السير بالخيار الأقل طموحاً.
ومنذ توقيع اتفاق الترسيم البحري في عام 2022، الذي رُوِّج له باعتباره نقطة تحوّل نحو فتح عمليات التنقيب والاستكشاف، لم يُسجل أي تقدم فعلي أو ملموس. بل على العكس، توقفت الأعمال في حقل 'قانا' – الذي قيل مرّة أنّه واعد – بعدما استُخدمت نتائج الحفر لتبرير توقف المسار، وفيما بعد استُبعد وجود الغاز فيه بطريقة مثيرة للريبة وطرحت الكثير من الشكوك، سياسياً وتقنياً. وقد جاء هذا التوقف بقرار سياسي واضح، فالمسألة لم تكن مرتبطة فقط بالحرب التي اندلعت في 7 تشرين الأول 2023، أو بالصعوبات التقنية فحسب، بل جاء ضمن قرار سياسي هدفه الضغط على لبنان ومنعه من استغلال موارده الطبيعية لإحداث تحوّل اقتصادي نوعي. وهناك من يرى أن استمرار سلاح المقاومة أحد الأسباب التي تدفع بعض الدول لعرقلة استفادة لبنان من ثرواته، تفادياً لمنحه نقاط قوة إضافية في ظل هذا السلاح.
أما اليوم، ومع التغيرات النوعية التي طرأت على المشهدين الإقليمي واللبناني، تحاول رئاسة الجمهورية كسر هذا الجمود. وتسعى إلى خلق مناخات سياسية واقتصادية وتقنية مشجعة وبيئة آمنة لعودة الشركات إلى العمل، وهو مسعى من شأنه أن يحقق مكاسب جمّة، سواء عبر تحسين صورة العهد، أو تأمين موارد مالية جديدة تعزز تصنيف لبنان الائتماني وتُساعد في حل الكثير من التحدّيات الماثلة كالوضع الاقتصادي السيئ وعقدة إعادة الإعمار، خصوصاً في حال أثمر التنقيب عن اكتشافات جديدة. كما أن توسيع نطاق الاستكشاف ليشمل البلوكين 8 و10 لا يقل أهمية عن التركيز على البلوك 9.
ولا ينبغي أن ينحصر الجهد في إقناع 'توتال' بالعودة إلى العمل في البلوك 9، خصوصاً وأن الشركة توشك على خسارة رخصتها، الشهر الجاري، إذا لم تبادر إلى حفر بئر جديدة في بلوك 9 وفق الشروط المنصوص عليها في العقد الموقع مع الدولة اللبنانية. ورغم حصولها على تمديد تقني عبر قرار صادر عن مجلس الوزراء عام 2022 لفترة الاستكشاف حتى منتصف عام 2028، إلا أن غياب القرار الفعلي ما زال يعطل العمل.
من هنا، تبدو الحاجة ماسة إلى الانفتاح على شركات جديدة وعدم الارتهان فقط لكونسورتيوم 'توتال'. ويُطرح تساؤل جوهري في هذا السياق: هل تخلّت 'توتال' عن تحفظاتها السابقة وأصبحت مستعدة للعمل بحرية، أم أنها ما زالت خاضعة للضغوط السياسية الغربية، لا سيما بعد أن أصبحت ذات ملكية مختلطة تتضمن استثمارات أميركية كبيرة؟
في كل الأحوال، ثمّة فرصة استراتيجية متاحة أمام رئاسة الجمهورية لتنشيط ملف التنقيب. ويتطلب ذلك مراجعة بعض الشروط القاسية المفروضة على الشركات الراغبة في الاستثمار، وأبرزها شرط أن تتجاوز أصول الشركة سقف الـ10 مليارات دولار أميركي، ما يقيّد المنافسة ويقصي الشركات المتوسطة الحجم، التي غالباً ما تكون أكثر مرونة وأقل ارتهاناً للاعتبارات السياسية.
البديل المنطقي هو أن تطلب رئاسة الجمهورية تعديل المراسيم التنظيمية ليصبح بين مليار وملياري دولار، ما يفتح الباب أمام شركات جديدة ومتعددة تعد فاعلة في مجالها، وتتمتع بقدر كبير من الاستقلالية وتعطي لبنان هامشاً أوسع في المناورة.
عبدالله قمح-ليبانون ديبايت
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

20 May 2025 13:30 PM زيارة عباس إلى بيروت... ما له وما عليه
20 May 2025 13:30 PM زيارة عباس إلى بيروت... ما له وما عليه

MTV

timeمنذ 42 دقائق

  • MTV

20 May 2025 13:30 PM زيارة عباس إلى بيروت... ما له وما عليه

في بيروت، يحطّ غداً رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في زيارة تستمر 3 أيام، يلتقي خلالها رؤساء الجمهورية العماد جوزاف عون، مجلس النواب نبيه بري والحكومة نواف سلام، في اطار جولة تقوده الى عدد من الدول العربية والأجنبية، في توقيت حساس ودقيق تتم خلاله إعادة رسم خريطة المنطقة بأصابع اميركية وتنسيق عربي- خليجي. زيارة عباس الأولى للبنان في عهد الرئيس جوزاف عون، بعدما زاره للمرة الاخيرة في العام 2017، تكتسب اهمية خاصة من زاوية تزامنها مع رفع شعار حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية، المعني به ليس حزب الله وحده، انما كل فريق مسلح على الاراضي اللبنانية وفي مقدمه الفصائل الفلسطينية في المخيمات، بعدما تسلّم الجيش اللبناني كل مواقع حركة "فتح – الانتفاضة" و"الجبهة الشعبية" - "القيادة العامة" المُسلحة في الناعمة والبقاع، على اثر اندحار النظام السوري الأسدي، ولم يعد من سلاح فلسطيني خارج المخيمات. وقد تم التأكيد على إنهاء هذا الملف خلال اجتماع لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني، مع هيئة العمل الوطني الفلسطيني، في كانون الثاني الماضي. وتأتي الزيارة في ظل الحرب الاسرائيلية على غزة التي شكّلت موضع إدانة في القمة العربية ابان انعقادها يوم السبت الماضي في العراق، علما أن توقيتها وتنسيقها تم بين الرئيس جوزاف عون وعباس خلال لقائهما في قمة القاهرة الطارئة في آذار الماضي. وفيما تمنح أكاديمية هاني فحص للحوار والسلام الرئيس الفلسطيني جائزة "صناع السلام" تقديرا لدوره في إرساء المصالحة اللبنانية الفلسطينية، برعاية رئيس مجلس الوزراء نواف سلام، مساء الخميس المقبل، يعرض عباس مع المسؤولين وفق معلومات "المركزية" الملفات ذات الاهتمام المشترك لا سيما تداعيات العدوان الإسرائيلي على غزة والضفة ولبنان، وسبل المواجهة، وطبيعة المرحلة المقبلة في المنطقة بعد زيارة الرئيس الاميركي دونالد ترامب ونتائجها وتداعياتها، الى جانب البت في ملف السلاح في داخل المخيمات ووجوب ايجاد حل سريع لضبطه، خصوصا في ظل القرار المتخذ بتسليم سلاح حزب الله للقوى الشرعية او وضعه تحت أمرة وسيطرة الجيش، ما يوجب حتماً انهاء السلاح الفلسطيني، بطريقة سلمية بعيدا من اي مواجهات مع الجيش اللبناني، انما بالتنسيق مع الجهات الفلسطينية المختصة وتحديدا سفارة فلسطين في لبنان وفصائل "منظمة التحرير الفلسطينية" و"تحالف القوى الفلسطينية" والقوى الإسلامية. ووفق المعلومات، سيعيد عباس التأكيد على مواقفه المعهودة لجهة اعتبارالفلسطينيين ضيوفا على الأراضي اللبنانية، يلتزمون بالقوانين اللبنانية ويحترمون السيادة، وفي المقابل وجوب تأمين الحقوق المعيشية والاجتماعية والمدنية، وحق العمل والتملّك للاجئين الفلسطينيين في لبنان. الجدير ذكره أن المجلس الأعلى للدفاع الذي انعقد منذ نحو اسبوعين، برئاسة الرئيس عون، أصدر للمرة الاولى، تحذيرًا علنيًا وواضحًا لحركة المقاومة الفلسطينية "حماس" من استخدام الأراضي اللبنانية لتنفيذ أعمال تمس بالأمن القومي اللبناني. وهدد المجلس باتخاذ أقصى التدابير والإجراءات اللازمة لوضع حد نهائي لأي عمل ينتهك السيادة اللبنانية.

عرض رئيس الجمهوريّة جوزاف عون مع السفير الفرنسي هيرفي ماغرو مواضيع تتصل بالعلاقات اللبنانية - الفرنسية، إضافةً إلى التطوّرات الأخيرة في لبنان والمنطقة
عرض رئيس الجمهوريّة جوزاف عون مع السفير الفرنسي هيرفي ماغرو مواضيع تتصل بالعلاقات اللبنانية - الفرنسية، إضافةً إلى التطوّرات الأخيرة في لبنان والمنطقة

الديار

timeمنذ ساعة واحدة

  • الديار

عرض رئيس الجمهوريّة جوزاف عون مع السفير الفرنسي هيرفي ماغرو مواضيع تتصل بالعلاقات اللبنانية - الفرنسية، إضافةً إلى التطوّرات الأخيرة في لبنان والمنطقة

خرق الجمل «يهز» مُناصفة بيروت...ورسائل سياسيّة من البقاع «الثنائي» «والقوات» أكبر الرابحين... والمجتمع المدني أول الخاسرين القاهرة القلقة من التطوّرات الإقليميّة تدعم «حكمة» الرئيس عون ملوك الطوائف... ملوك البلديّات إعترافات عميل لبناني لـ "إسرائيل"... هذه قصّة تجنيد محمد صالح مَن حصر تمثيل الدروز بموفق ظريف في حفل تنصيب البابا؟ مصادر درزيّة: موقف عون للتاريخ وإدانة للاهثين وراء التواصل معه مواقف جنبلاط الرافضة للتطبيع وحدها تحمي الدروز ووجودهم اشترك بنشرة الديار لتصلك الأخبار يوميا عبر بريدك الإلكتروني إشترك عاجل 24/7 13:23 عرض رئيس الجمهوريّة جوزاف عون مع السفير الفرنسي هيرفي ماغرو مواضيع تتصل بالعلاقات اللبنانية - الفرنسية، إضافةً إلى التطوّرات الأخيرة في لبنان والمنطقة 13:06 الخارجية الفلسطينية تطالب باستجابة دولية عاجلة للحراك الأوروبي الضاغط لوقف "جرائم الإبادة والتهجير والضم" في غزة 13:06 وزير الخارجية الإيراني: المرشد قد حسم الموقف حول تخصيب اليورانيوم ولن نتفاوض حول ذلك ولن نتنازل عن حقوقنا 12:52 بريطانيا تضيف 82 اسماً جديداً إلى قائمة عقوباتها على روسيا 12:52 "أ ف ب": "الاتحاد الأوروبي يوافق على رفع كل العقوبات المفروضة على سوريا". 12:29 الامم المتحدة: ما حدث في 7 اكتوبر لا يبرر القتل الجماعي ومنع ادخال المساعدات الى قطاع غزة

ملامح التسوية الإقليمية... من غـزة إلى بيروت
ملامح التسوية الإقليمية... من غـزة إلى بيروت

القناة الثالثة والعشرون

timeمنذ 3 ساعات

  • القناة الثالثة والعشرون

ملامح التسوية الإقليمية... من غـزة إلى بيروت

تشهد المنطقة تطورات متسارعة تعيد رسم المشهد الجيوسياسي، وتفتح الباب أمام مرحلة جديدة من الترتيبات الإقليمية، عنوانها "التسويات لا الصراعات".المشهد الأكثر وضوحاً يبقى في غـزة، حيث بدأت مؤشرات تراجع الدعم الأميركي غير المشروط لإســرائيل، بعد تسريب إعلامي كشف عن تهديد الرئيس الأميركي دونالد ترامب، خلال مشاورات خاصة، بالتخلي عن إسـرائيل إذا لم تُوقف الحـرب فوراً. هذا التسريب أثار ضجة كبيرة، كونه يكشف عن تحول جوهري في موقف الإدارة الأميركية، التي باتت تنظر إلى استمرار الحرب كعبء استراتيجي يعرقل مشاريعها في المنطقة، ويُفشل مفاوضاتها مع أطراف إقليمية فاعلة، وعلى رأسها إيــران. وقد فهم كثيرون هذا التسريب كجزء من ضغط أميركي واسع، يُمارس على تل أبيب بهدف فرض وقف لإطلاق النار، تمهيداً لتسوية أوسع. في موازاة هذا المشهد، برزت الزيارة المرتقبة للمبعوثة الاميركية مورغان أورتاغوس، إلى بيروت، حيث ستلتقي عدداً من المسؤولين اللبنانيين حاملة رسالة سياسية واضحة: "على لبنان أن يسلك طريق التسوية الشاملة، كما فعل الرئيس السوري أحمد الشارع"، في إشارة إلى ما بات يُعرف باتفاق إعادة التموضع السوري المدعوم أميركياً. الزيارة ليست تفصيلية، بل تأتي في سياق ضغط منسق هدفه إدخال لبنان في دائرة التفاهمات الإقليمية، وإبعاده عن دوامة الحروب الصغيرة والانهيارات المتتالية. وهذا التوجه الأميركي يتقاطع مع مساعي الإدارة للوصول الى تفاهمات نهائية مع إيــران، تضمن استقراراً عاماً في الشرق الأوسط، وتمهد لانسحاب تدريجي من بؤر التوتر المكلفة. في لبنان، يبدو أن هناك تقاطعات داخلية بدأت تتبلور. فرئيس الجمهورية جوزاف عون ورئيس مجلس النواب جوزاف عون يناقشان مقترحات تؤسس لمرحلة جديدة من الاستقرار، مع تفهّم واضح لطبيعة التوازنات الدولية الجديدة. وهذا يعني أن بيروت قد تكون مقبلة على مرحلة تسويات دقيقة، عنوانها "الأمن مقابل الإصلاح"، وهو ما تطالب به أيضاً القوى الدولية الداعمة للبنان. ما يحصل في غــزة، وما يُرسم لبيروت، هو جزء من مشهد أوسع: رغبة أميركية – وربما دولية – بإنهاء حالة السيولة الأمنية، وفرض وقائع سياسية جديدة، أساسها تهدئة الجبهات، وإعادة ترسيم النفوذ على قواعد أكثر استقراراً. والمرحلة المقبلة ستكون حاسمة في تحديد اتجاه هذه الترتيبات. انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة. انضم الآن شاركنا رأيك في التعليقات تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store