
03 Aug 2025 12:32 PM الراعي: على كلّ مسؤول أن يُدرك أن المسؤولية ليست تسلّطاً
وبعد تلاوة الانجيل المقدس القى البطريرك عظة بعنوان: "روح الرب علي مسحني وأرسلني" (184). قال فيها : "طبق الرب يسوع عليه نبوءة أشعيا التي سمعناها. فهي تظهر هويته وسالته، هويته هي مسحة الروح القدس. ورسالته مثلثة النبوءة والكهنوت، والملوكية. فهو نبي بامتياز لأنه يعلن كلمة الله، وهو نفسه هذه الكلمة. وهو كاهن بامتياز لأنه الكاهن والذبيحة، إذ يقرب ذاته ذبيحة فداء عن خطايا البشرية جمعاء. وهو ملك بامتياز، لأنه يعلن ملكوت الله، وهو ذاته هذا الملكوت. وقد أشرك كنيسته جسده السري بهذه الهوية والرسالة، اللتين تشملان كل مؤمن ومؤمنة بحكم سري المعمودية والميرون فيشرك هؤلاء في كهنوته العام، الذي منه يختار من يقيمهم في كهنوت الدرجة المقدسة الشمامسة والكهنة والأساقفة. بهذه الشركة في الهوية والرسالة، لا يُطلب من المؤمن أن ينعزل أو يتقوقع، بل أن ينخرط في بناء عالم أكثر إنسانية، ويشع نورا في ظلمات هذا العالم".
واضاف: "يسعدني أن أرحب بكم جميعًا للإحتفال معا بهذه الليتورجيا الإلهية، التي تحيي فيها هويتنا المسيحية ورسالتنا ملتمسين إدراكهما والالتزام بهما. وفيما نهار غد يتزامن مع الذكرى الخامسة لتفجير مرفاء بيروت، وهو الأعظم في تاريخ البشرية بعد هيروشيما، نصلي أولا لراحة نفوس الضحايا، وشفاء المرضى والمعوقين الكثر، ونعزي أهل الضحايا والمصابين والمتضررين على اختلاف فئاتهم. وإنا نطالب القاضي البيطار بممارسة صلاحياته القضائية كاملة، إظهارا للحقيقة، وصوتا للعدالة، وضمانة للقضاء الحر الذي يعلو الجميع من دون أية حصانة".
وأشار إلى أن "هوية يسوع هي هوية الكنيسة والمعمدين ورسالته هي رسالتهم. بمسحة الميرون أشركهم الرب يسوع هويته، وأرسلهم المتابعة رسالته في النبوءة والكهنوت والملوكية. أما النبوءة فظاهرة في نبوءة أشعيا: أرسلني لأبشر المساكين وأعيد البصر للعميان. فبالكلمة يستنير أولئك الذين أعمتهم الخطيئة، وأولئك الذين يتخبطون في أهواء العالم، بعيدين عن الله وحبه والاستنارة بنور كلامه وأما الكهنوت في تعبير أشعيا: أرسلني لأشفي منكسري القلوب، وأحرر المأسورين. بالخدمة الكهنوتية يمنح الغفران للتائبين، ويحررهم من قيود الخطيئة ومن أميالهم الرديئة. وأمّا الملوكية: "وأعلن زمنًا مرضيا للرب" هو زمن الحقيقة والمحبة والسلام. إن الإنجيل الذي سمعناه ليس نصاً من الماضي، بل دستور يومي، وخريطة طريق للإنسان الجديد، ولكل من مسح بمسحة الروح ليشع نوره في عالمه حيث يعيش. فقد أصبح نبيا يتكلم الحق، وكاهنا يقدم ذاته حبا وخدمة، وملكا يملك بالعدل والرحمة. وهكذا إن دعوة كل مؤمن أن يعيش هويته بالعمق، ويجسد رسالته في محيطه في عائلته ووطنه وكنيسته وعالمه".
وتابع: "إن زمن العنصرة الذي نعيشه في هذه المرحلة من السنة الطقسية، هو زمن حلول الروح القدس الدائم على الكنيسة، وهو زمن التجدد الداخلي والرسالي. وها إنجيل اليوم يبين كيف تبدأ كل رسالة أصلية من مسحة الروح. فكما كانت بداية رسالة يسوع بالروح، كذلك كل قداس نحتفل به هو استمرار لهذه المسحة: ففي الإفخارستيا نمسح بالكلمة ويجسد الرب ودمه، لكي ترسل إلى العالم. كل قداس هو إرسال، وكل إرسال ينبع من سر المذبح والجماعة المصلية. في إطار الهوية والرسالة للبنان أيضًا هويته ورسالته. فهويته نابعة من تنوعه الغني، ومن تاريخه المشرقي، ومن دوره الريادي في الحرية والتعددية. أما رسالته فأن يكون أرض تلاق وحوار. وجسر تواصل بين الأديان والثقافات، ومنارة فكر وحريات في محيط كثير العتمة. ونتساءل: هل لبنان باقي وفيا لهويته؟ وهل يحمل رسالته بشجاعة ومسؤولية؟ كلنا مدعوون، مسؤولين ومواطنين، إلى أن نعيد للبنان وجهه الحقيقي، نعيد إليه العدل، ونطلق فيه الحرية، ونفتح أمام شبابه أبواب الرجاء، ونبني دولة تليق بتضحيات الآباء وبأحلام الأطفال. على كل مسؤول أن يدرك أن المسؤولية ليست تسلّطاً بل خدمة، وأن الزعامة ليست مصلحة بل شهادة. فليكن في قلوبنا إصرار روحي وأخلاقي على أن ننهض بوطننا، ليس بالكلام فقط بل بالأفعال والمثابرة، وبحكمة من يتعلم من الألم، ويصنع من الجراح رجاء جديدا. يريد الرب يسوع من كل مؤمن ومؤمنة أن يكونا صوتا للحق، وخادمين للمصالحة، وبناة للعدل. هذا ما يحول كل مواطن صالحًا، وكل مسؤول حاملا رسالة تتخطى الحسابات والمصالح الضيقة".
وأكد إن "لبنان لا يقسم المواطنين بين أقليات وأكثريات. فمثل هذا المنطق يخفي نزعة نحو السيطرة والغلبة، لا المشاركة الحقيقية، لأن دولتنا المدنية لا تفرز المواطنين إلى أكثريات وأقليات. فالأساس يبقى المواطنة الشاملة".
وختم الراعي: "فلنرفع صلاتنا إلى الله لكي يسكب روحه القدّوس على كنيسته وشعبه، ويجدد هويتنا ويقوي رسالتنا، ويجعلنا نعيش نبؤتنا وكهنوتنا وملوكيتنا، ويحررنا من الخوف والخمول، ويلهمنا الجرأة والخير والصدق في الشهادة، والإلتزام في الحق. ونمجده مع ابنه الوحيد، وروحه القدوس الآن وإلى الأبد، آمين".

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

القناة الثالثة والعشرون
منذ 9 دقائق
- القناة الثالثة والعشرون
تحقيق 4 آب بنسخة كليب: أوقفوا التلحيم… وفتشوا عن تل أبيب
في الذكرى السنوية الخامسة لانفجار مرفأ بيروت، كتب الإعلامي والمحلل السياسي سامي كليب عبر منصة "إكس" منشورًا مثيرًا للجدل، قال فيه إن "إسرائيل فجّرت مرفأ بيروت، تمامًا كما قتلت الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي وكل القيادات الأخرى". وأضاف كليب: "هذه هي الحقيقة الواجب البحث عن كيفية حصولها، وكل الباقي استخفاف بعقول الناس"، في إشارة إلى روايات أخرى حول أسباب الانفجار. وتابع: "رحم الله شهداء المرفأ في ذكرى التفجير. أما قضية التلحيم والنيترات فيجب أن يُحاسَب طبعًا من استهتر، لكن ليس من فجّر". يأتي تصريح كليب في وقت ما زالت فيه أسباب انفجار مرفأ بيروت في 4 آب 2020 موضع جدل واسع داخليًا ودوليًا. فقد أسفر الانفجار الكارثي عن مقتل أكثر من 220 شخصًا وإصابة الآلاف وتشريد عشرات الآلاف، إضافة إلى دمار هائل في العاصمة اللبنانية. انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة. انضم الآن شاركنا رأيك في التعليقات تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News


ليبانون ديبايت
منذ 39 دقائق
- ليبانون ديبايت
تحقيق 4 آب بنسخة كليب: أوقفوا التلحيم… وفتشوا عن تل أبيب
في الذكرى السنوية الخامسة لانفجار مرفأ بيروت، كتب الإعلامي والمحلل السياسي سامي كليب عبر منصة "إكس" منشورًا مثيرًا للجدل، قال فيه إن "إسرائيل فجّرت مرفأ بيروت، تمامًا كما قتلت الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي وكل القيادات الأخرى". وأضاف كليب: "هذه هي الحقيقة الواجب البحث عن كيفية حصولها، وكل الباقي استخفاف بعقول الناس"، في إشارة إلى روايات أخرى حول أسباب الانفجار. وتابع: "رحم الله شهداء المرفأ في ذكرى التفجير. أما قضية التلحيم والنيترات فيجب أن يُحاسَب طبعًا من استهتر، لكن ليس من فجّر". يأتي تصريح كليب في وقت ما زالت فيه أسباب انفجار مرفأ بيروت في 4 آب 2020 موضع جدل واسع داخليًا ودوليًا. فقد أسفر الانفجار الكارثي عن مقتل أكثر من 220 شخصًا وإصابة الآلاف وتشريد عشرات الآلاف، إضافة إلى دمار هائل في العاصمة اللبنانية.


ليبانون 24
منذ ساعة واحدة
- ليبانون 24
الحشيمي: انفجار مرفأ بيروت لم يكن قضاء وقدرا
رأى النائب الدكتور بلال الحشيمي ، ان "انفجار مرفأ بيروت لم يكن قضاءً وقدرًا، بل جريمة موصوفة"، وقال في بيان: "خمس سنوات على الجريمة... ولا عدالة! في مثل هذا اليوم، ٤ آب ٢٠٢٠، انفجرت بيروت... فُجع لبنان ، وسقطت عاصمته في مشهد يختصر الإهمال، واللامسؤولية، والاستهتار بكرامة الإنسان. مدينةٌ بكاملها تحطّمت، مئات الشهداء والجرحى، آلاف البيوت المدمّرة، وجرحٌ مفتوح في قلب الوطن... جرح لم تندمل آثاره، لأن الحقيقة لم تظهر، والعدالة لم تتحقق. خمس سنوات مضت، وما زالت الدولة عاجزة عن قول الكلمة الفصل. خمس سنوات من التحقيقات المعلّقة، القضاة المعزولين، الملفات المجمّدة، والمجرمين المحميّين بحصانات سياسية وطائفية، وبمنطق "الممنوع المسّ به". وتابع: "الانفجار لم يكن قضاءً وقدرًا. بل جريمة موصوفة، أبطالها الإهمال والتواطؤ، وبيئتها الفساد المزمن، ونتيجتها دماء بريئة سقطت ظلماً، وعدالة مفقودة. اليوم، باسم الشعب ، باسم الحقيقة، باسم الشهداء: نرفع الصوت عاليًا: من المسؤول؟ يجب أن يُحاسب. لا أحد فوق المحاسبة. لا حصانات، لا أعذار، لا صفقات. إن الاستمرار في دفن الحقيقة هو قتلٌ ثانٍ للضحايا. وكل من يصمت، أو يماطل، أو يساير، أو يساوم على دماء الناس، هو شريك في الجريمة، عن قصد أو عن جبن. وفي المقابل، لا بد من كلمة حق: أتوجه بالشكر إلى الحكومة اللبنانية ، التي تسعى – بحسب ما أعلنه دولة رئيس الحكومة – إلى إعادة إحياء مسار العدالة، وكشف الحقيقة كاملةً، دون مساومة ولا تمييع. وأثمّن قول دولته: "السلام لا يُبنى إلا على العدالة، والحق لا يُدفن. هذه خطوة في الاتجاه الصحيح، لكنها لا تكفي. فالشعب لا يريد كلمات... بل يريد نتائج. أخيرًا...رحم الله شهداء ٤ آب، وكل التضامن مع أهاليهم، وكل الغضب في وجه منظومة ما زالت تقتلنا كل يوم بالفساد والإفلات من العقاب. بيروت لن تنسى...ولبنان لن يسامح".