
غشّ الوقود في مصر... محروقات ضارة تغزو محطات التوزيع
كشفت مصادر حكومية مصرية حقيقة وجود
بنزين مغشوش
في محطات الوقود خلال الفترة الحالية التي أثارت جدلا واسعا بين مالكي المركبات والمواطنين المتضررين من كثرة الأعطال عقب ملء خزانات وقود السيارات بالكامل (تفويل).
وفي هذا الصدد، قال مصدر رسمي مصري لـ"العربي الجديد" إن جهات رسمية رصدت أسباب تفاقم الأزمة وظهورها بشكل مكثف وتأكدت عودتها إلى التوسع في الاعتماد على استيراد شحنات وقود أقل جودة في ظل توسيع عمليات الشراء من
أسواق
بديلة عن المعتمد عليها في السابق مثل أذربيجان والعراق، والتي تعاني من ارتفاع نسب الشوائب والكبريت فيها.
وأوضح المصدر أن السبب الرئيسي في اللجوء إلى أسواق بديلة هو اعتماد السعودية، التي كانت بمثابة السوق الرئيسية التي تعتمد عليها مصر في احتياجاتها من
المشتقات النفطية
، سياسة جديدة في المدفوعات منذ نحو عامين بإلغاء نظام الدفع الآجل للشحنات واشتراطها نظام الدفع المقدم، وهو ما دفع للجوء إلى أسواق بديلة تسمح بالدفع الآجل امتيازاً لتسويق إنتاجها.
من جانبه، لفت مصدر حكومي آخر إلى أن ملف استيراد الغاز والمشتقات النفطية انتقل بشكل كامل إلى إحدى الجهات السيادية التي باتت صاحبة القرار الأول فيه وليست وزارة البترول كما كان في السابق، مشيرا إلى استحواذ شركة "نيوم" التابعة لرجل الأعمال إبراهيم العرجاني والمسجلة في دولة الإمارات على حصة كبيرة في استيراد الاحتياجات المصرية، وإلى أن تلك الشركة التي لا تتمتع بخبرات سابقة في هذا المجال لعبت دورا في إدخال نوعيات من الوقود منخفض الجودة خلال الفترة السابقة.
ماذا في أرقام الوقود المصري؟
ووفق إحصائيات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء المصري، ارتفعت واردات مصر من المنتجات البترولية خلال العام الماضي 2024 إلى 10.5 مليارات دولار، مقابل 7.5 مليارات دولار في عام 2023، بزيادة بلغت نحو ثلاثة مليارات دولار. ويأتي هذا في وقت تخطط فيه الهيئة المصرية العامة للبترول لاستيراد نحو ثمانية ملايين برميل من النفط الخام قابلة للزيادة سنويا، لتلبية احتياجات السوق من النفط الذي يغذي معامل التكرير.
اقتصاد الناس
التحديثات الحية
"الإيجارات القديمة" في مصر... صراع تشريعي ومخاوف من الشارع
وقد سيطر البنزين ومشاكله التي لا تنتهي على محور أحاديث وجدل المصريين على منصات التواصل في الايام الماضية، ما أسهم في انتشار وسم "البنزين المغشوش" الذي تصدر قوائم الأكثر تداولا منذ صباح الاثنين الماضي، عقب شكاوى العشرات من المصريين تعرضت سياراتهم لأعطال مفاجئة في "طرمبة البنزين" وسوء أداء المحرك بشكل ملحوظ، عقب التزود بالوقود مع تحذيرات متزايدة من محطات بعينها، ما أحدث بلبلة واضطراب كبيرين.
وتداول كثيرون منشورات تدعو إلى توثيق أسماء المحطات التي دارت حولها الشكاوى، وتركزت أغلبها حول منطقتي الشيخ زايد والسادس من أكتوبر، في حين ركز ملاك السيارات على محطات وقود شركتي "شيل أوت" و"وطنية" اللتين يملكهما "جهاز الخدمة الوطنية" بالجيش، ومحطات "موبيل" التابعة لإكسون موبيل مصر. وطالب مستخدمو مواقع التواصل بسرعة تدخل الجهات الرقابية وسحب عينات من الوقود المشكوك في جودته، حفاظا على أرواح المصريين وسياراتهم، وسط دعوات لمساءلة المسؤولين عن أي تقصير.
محاولات حكومية... ولكن
رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، أثناء المؤتمر الصحافي الدوري الذي يعقده عقب اجتماع الحكومة في مقرها بالعاصمة الإدارية الجديدة، لم يتجاهل الأزمة وأكد أنهم يراجعون ما حدث بشأن البنزين، وما أثير حول وجود مشكلة في المحطات، وأكد أنه سيعلن عن الخلل فور اكتشافه، وأنه بمجرد إبلاغه بالمشكلة، تواصل مع وزير البترول وكلفه بفتح تحقيق فوري لمعرفة السبب. وعلق قائلاً: "لأننا لن نخفي شيئا، ونحقق لنعرف هل كانت شحنة معينة؟ هل حدث خلل ما؟".
وأكد أن "المواد البترولية في المحطات يجرى توفير جزء منها مكرر مستورد من الخارج، والباقي نستورده زيتاً خاماً ويُكرر في المعامل الوطنية"، وطالب ملاك السيارات بالإبلاغ عن المحطات المشكوك فيها. بدوره، أكد وزير التموين والتجارة الداخلية شريف فاروق أنه جرى تنفيذ 227 حملة تفتيش على محطات البنزين للتأكد من صحة جودة البنزين فيها، وأشار، خلال مؤتمر صحافي عقد في مقر مجلس الوزراء، إلى أن عينات البنزين أُرسلت إلى وزارة البترول للتحليل. وأكد الوزير أن نتائج الفحص المبدئي لم تسفر عن أي مؤشرات سلبية، وأنه سيُعلَن عن أي نتائج لاحقة بشفافية تامة.
اقتصاد عربي
التحديثات الحية
معظم محامي مصر يشاركون في إضراب شامل.. وإحالة الممتنعين على التحقيق
وكانت وزارة البترول والثروة المعدنية المصرية نفت ما أُثير عبر منصات التواصل الاجتماعي، مؤكدةً أن جميع المنتجات البترولية، بما فيها البنزين، تخضع لرقابة دقيقة وفحوصات دورية خلال مراحل الإنتاج والتوزيع لضمان مطابقتها المواصفات القياسية المصرية. وأكدت الوزارة في بيان رسمي لها، مساء الاثنين، أن نتائج تحليل العينات المسحوبة من البنزين، سواء من محطات الوقود أو المستودعات أو شركات التكرير، أثبتت مطابقتها الكاملة للمواصفات المعتمدة، وأن الوزارة تواصلت مع شركات التسويق مثل مصر للبترول والتعاون، بالإضافة إلى الشركات الخاصة، التي أكدت جميعها عدم تلقي أي شكاوى تتعلق بجودة البنزين، وأن المفتشين المحايدين من جهات عالمية معتمدة يجرون هذه الفحوص بشكل منتظم، ولم تسفر النتائج حتى الآن عن أي مخالفات.
ماذا يقول الخبراء؟
خبراء في صيانة السيارات أكدوا أن أحد الأسباب المحتملة هو أن الخزان قد يكون فارغًا أو يحتوي على كميات قليلة جدا من البنزين، بسبب تغير سلوك المستخدمين بعد ارتفاع أسعار البنزين، ما يؤدي إلى خروج الشوائب التي تتلف الفلاتر. وأوضحوا أن السلوك السيئ أثناء عملية التفويل (ملء الخزان) يعد أحد الأسباب، حيث يجب ترك مسافة صغيرة عند أول تكة من الماكينة، وهو ما لا يقوم به أغلب سائقي السيارات، وأن استخدام بنزين 92 أو 80 في السيارات الحديثة يمكن أن يؤثر سلبا على أداء المحرك والطرمبة، كما أن الحرارة قد تكون أحد العوامل المؤثرة في أداء الطرمبة.
وكانت أزمة مشابهة قد اندلعت في عام 2022 عقب شكوى عشرات الشركات الاوروبية المصنعة للسيارات من غش بنزين 95 بمادة المنغنيز، الذي يعطي أوكتان أعلى زائفاً، وتسبب حسب خطابها المجمع والموجه للحكومة المصرية في تلف محرك سياراتهم قبل انقضاء فترة الضمان. ونفت وزارة البترول وقتها مزاعم تلك الشركات، وادعت أنها اخذت العينات من تنكات (صفائح) بنزين السيارات التي يستخدم أغلب المصريين محسنات لأداء المحركات وليس من محطات الوقود.
في هذا الصدد، أكد إبراهيم السجيني، رئيس حماية المستهلك، لـ"العربي الجديد"، أن الجهاز ليس جهة اختصاص في حسم أحقية المتضررين في التعويض من عدمه، وأن وزارتي البترول والتموين هما المسؤولتان عن ذلك. أما محمود العسقلاني، رئيس جهاز حماية المستهلك المصري السابق، فأكد لـ"العربي الجديد" أن المواطن المصري المتضرر من البنزين المغشوش من حقه التعويض من الشركات المتورطة، ولكن هذا الأمر لم يحسم بعد، وننتظر نتائج التحقيقات لمعرفة المتسبب فيها.
وعن رأيه في أزمة البنزين المغشوش، نصح محمد فاروق، وهو أكبر بلوغر مصري في مجال السيارات، المصريين من خلال تصريحات خاصة لـ"العربي الجديد" بالتفويل من المحطات التي يثقون بها فقط. وأكد فاروق أن الأزمة في طور الحل بالفعل ومعلوماته أنها ستنتهي خلال ساعات، وأنها بالفعل أربكت سوق السيارات وقطع الغيار المصرية، وأن محسنات الوقود وبعض المحطات اتهمت زورا خلال الأيام الماضية.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العربي الجديد
منذ 28 دقائق
- العربي الجديد
الدولار يتجه لأول خسارة أسبوعية منذ 5 أسابيع بفعل مخاوف الدين
تراجع الدولار، اليوم الجمعة، ويتجه لتسجيل أول انخفاض أسبوعي منذ خمسة أسابيع مقابل سلة من العملات، وذلك بعدما دفعت المخاوف بشأن تدهور الأوضاع المالية العامة في الولايات المتحدة المستثمرين للاتجاه نحو أسواق أخرى. وبعد أن خفّضت وكالة "موديز"، الأسبوع الماضي، تصنيفها الديون الأميركية، انصب اهتمام المستثمرين هذا الأسبوع على مشروع قانون الضرائب الذي اقترحه الرئيس الأميركي دونالد ترامب، والذي قد يضيف تريليونات الدولارات إلى الدين الحكومي. وقد وافق مجلس النواب بصعوبة على مشروع القانون الذي وصفه ترامب بأنه "كبير وجميل"، ويتجه الآن إلى مجلس الشيوخ، حيث يُتوقع أن يستغرق أسابيع من النقاش. وفي هذا السياق، صعد اليورو بنسبة 0.5% إلى 1.1338 دولار، ويتجه لتحقيق مكاسب أسبوعية بنحو 1%، بعد تكبده خسائر لأربعة أسابيع متتالية، إذ ساهم تعليق الرسوم الجمركية في ارتفاع الدولار لفترة وجيزة خلال الأسابيع الماضية. ويتجه مؤشر الدولار، الذي يقيس أداء العملة الأميركية مقابل ست عملات رئيسية، إلى الانخفاض بنسبة 1.35% هذا الأسبوع، متراجعًا بنسبة 0.3% اليوم إلى 99.614. وفي سياق متصل، قالت خبيرة العملات في " كومترس بنك" أنتيه برافكه إنه بينما تراجع خطر حدوث ركود في الولايات المتحدة، فإن أوضاع المالية العامة ستصبح عامل ضغط أكبر على الدولار. وأضافت أنه ربما تصبح المسألة الآن أكثر إلحاحًا، لا سيما مع مناقشتها بشكل أوسع في العلن، مشيرة إلى شعورها بالفضول لمعرفة متى ستدرك السوق أن هذا هو العبء الهيكلي الرئيسي التالي على الدولار. وفي المقابل، ارتفع الين إلى 143.47 للدولار، ويتجه لتحقيق مكاسب بنسبة 1.5% خلال الأسبوع، بعد صدور بيانات أظهرت ارتفاع التضخم الأساسي في اليابان خلال شهر إبريل/نيسان بأسرع وتيرة سنوية منذ أكثر من عامين، ما يعزز احتمالات رفع أسعار الفائدة مرة أخرى قبل نهاية العام. كما صعد الفرنك السويسري قليلًا إلى 0.8265 للدولار، ويتجه لتحقيق مكاسب بنسبة 1.2% هذا الأسبوع، بعد أسبوعين من الخسائر. أسواق التحديثات الحية الأسواق العالمية | مستوى قياسي جديد لأسعار الذهب وارتفاع طفيف للنفط يأتي تراجع الدولار في وقت تتصاعد فيه المخاوف بشأن الأوضاع المالية العامة في الولايات المتحدة، لا سيما بعد قيام وكالة التصنيف الائتماني "موديز" بتخفيض نظرتها المستقبلية للدين السيادي الأميركي، محذّرة من اتساع العجز المالي وغياب خطط واضحة لمعالجته. وتتزامن هذه التطورات مع طرح مشروع قانون ضريبي جديد من قبل إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، يتضمّن تخفيضات ضريبية واسعة النطاق قد تؤدي إلى زيادة كبيرة في العجز المالي على المدى الطويل، وهو ما أثار قلق المستثمرين من استدامة الدين العام الأميركي، ودفعهم للبحث عن ملاذات آمنة أو عملات بديلة. وتُعد تحركات الدولار الأميركي من المؤشرات الحساسة التي تتأثر بشكل مباشر بالتغيرات في السياسة المالية والنقدية، وكذلك بالثقة العالمية في الاقتصاد الأميركي. وفي ظل الغموض الحالي، قد تشهد الأسواق تقلبات إضافية في الفترة المقبلة، خاصة مع استمرار النقاشات داخل الكونغرس بشأن السياسات المالية والضريبية. (رويترز، العربي الجديد)


العربي الجديد
منذ ساعة واحدة
- العربي الجديد
جولة ترامب الخليجية... مقاربة براغماتية يجسّدها مبدأ "أميركا أولاً"
أجرى الرئيس الأميركي دونالد ترامب، خلال الفترة 13-16 lمايو/ أيار 2025، أول جولة خارجية رسمية له منذ تولّيه الحكم في 20 يناير/ كانون الثاني 2025، شملت السعودية ودولة قطر والإمارات، وركّزت على إبرام صفقات تجارية ضخمة معها؛ إذ رافقه عديدون من كبار رجال الأعمال الأميركيين. وعلى الرغم من التركيز على الجانب الاقتصادي، فقد تناولت الزيارات قضايا أخرى مهمة، أبرزها قرار ترامب رفع العقوبات عن سورية، ولقاؤه الرئيس السوري أحمد الشرع، في الرياض. وقد عبّرت جولته واللقاءات الرفيعة المستوى التي أجراها في العواصم الخليجية الثلاث عن رغبة مشتركة في بناء شراكات تجارية وعسكرية وتكنولوجية كبرى. وبدا في بعض الحالات أنه لم يتحرّر من خطاب الدعاية الانتخابية وركّز على شخصه وإنجازاته، وهاجم الإدارات السابقة وسياساتها. الاتفاقات الموقّعة تناولت الاتفاقات، التي وقّعتها الولايات المتحدة وعدة شركات وطنية مع الدول الخليجية الثلاث، مجالات مختلفة في حقول الطاقة، والدفاع، والذكاء الصناعي والبنى التحتية، والاستثمار، والتعليم، والتجارة، والصحة. وبلغت القيمة الإجمالية المعلنة لهذه الصفقات أكثر من تريليونَي دولار، فقد تعهّدت السعودية باستثمار 600 مليار دولار في الولايات المتحدة، مع إمكانية رفع هذا المبلغ إلى تريليون دولار، في حين وقّعت الإمارات مشاريع استثمارية بقيمة 1.4 تريليون دولار تمتد على مدى عشر سنوات، أما قطر فتوصلت إلى اتفاقات للتبادل التجاري مع الولايات المتحدة بقيمة 1.2 تريليون دولار، بما في ذلك الطاقة. وعلى الرغم من الأجواء الاحتفالية التي رافقت توقيع الاتفاقات، خصوصاً من ترامب، فإن بعض هذه الاتفاقات ليس جديداً، وقد أُثيرت شكوك حول قيمتها الفعلية وإمكانية تنفيذها، لا سيّما في ظل انخفاض أسعار النفط. ووفقًا لتقديرات وكالة رويترز، فإن القيمة الإجمالية للصفقات المتوقع تنفيذها خلال السنوات العشر المقبلة تقدّر بنحو 740 مليار دولار. ويُتوقّع أن يستغرق تنفيذ بعضها، مثل طلب قطر شراء 210 طائرات من طراز "بوينغ"، وصفقة الأسلحة السعودية مع الولايات المتحدة البالغة قيمتها 142 مليار دولار، عقوداً. تمثل مقاربة ترامب البعيدة من مزاعم نشر الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان قطيعة مع السياسات التقليدية لواشنطن مقاربة براغماتية انطلق ترامب في جولته الخليجية هذه من مبدأ "أميركا أولاً"، وهو شعار حملته الانتخابية الذي صار الموجِّه الرئيس للسياسة الخارجية لإدارته. وعبّر عن قناعته بأن إبرام الصفقات التجارية مع دول الخليج، وتدفق الاستثمارات إلى الولايات المتحدة لتعزيز اقتصادها، أفضل من التورّط في نزاعات مكلفة في الشرق الأوسط. وانطلاقًا من هذا التصوّر، حرص خلال خطابه في منتدى الاستثمار السعودي - الأميركي في الرياض على إدانة المقاربة التدخّلية (Interventionism) التي لجأت إليها إدارات أميركية سابقة وقوى غربية أخرى بذريعة "بناء الدول". وبحسب ترامب، "من يوصفون ببناة الدول دمّروا، في النهاية، دولاً أكثر من التي بنوها، وكان التدخّليون يتدخّلون في مجتمعاتٍ معقّدة لم يفهموها هم أنفسهم". وفي هذا الإطار، حثّ شعوب المنطقة على "رسم مصائرها بطريقتها الخاصة"، من دون "محاضراتٍ" من أحد حول "كيفية العيش"، وشدّد على أن "التحوّلات العظمى" التي تشهدها بعض الدول الخليجية لم تكن نتيجة "التدخّلات الغربية، أو من يسمّون بناة الدول، أو المحافظين الجدد، أو المنظمات الليبرالية غير الربحية، مثل الذين أنفقوا تريليونات الدولارات من دون تطوير كابول وبغداد، وغيرهما كثير من المدن. بل إن ولادة الشرق الأوسط الحديث جاءت على يد شعوب المنطقة نفسها [...] الذين طوروا بلدانهم ذات السيادة، وسعوا وراء رؤاهم الفريدة، ورسموا مصائرهم بأنفسهم". ويضيف أن ثمّة اليوم "جيلاً جديداً من القادة يتجاوزون صراعات الماضي القديمة وانقساماته البالية، ويصنعون مستقبلًا يُعرَّف فيه الشرق الأوسط بالتجارة، لا بالفوضى؛ ويُصدِّر التكنولوجيا، لا الإرهاب". تمثل مقاربة ترامب التعاقدية، البعيدة عن مزاعم نشر الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان، قطيعة كاملة مع السياسات التقليدية للولايات المتحدة في المنطقة، وخاصة مع سياسة إدارة الرئيس السابق جو بايدن التي شهدت خلالها علاقات واشنطن مع دول الخليج نوعًا من الفتور. لكنّ التغيير الذي طرأ على المقاربة الأميركية نحو دول الخليج، والشرق الأوسط عمومًا، في إدارة ترامب الثانية لم يقتصر على التباين مع إدارة بايدن، بل يشمل أيضًا اختلافات واضحة مقارنةً بإدارته الأولى. ففي حين اقتصرت زيارة ترامب الأولى إلى المنطقة عام 2017 على السعودية، التي كانت حينئذ أول وجهة خارجية له بعد توليه الرئاسة، فقد شملت زيارته الثانية قطر والإمارات أيضاً. ويُسجَّل كذلك أنه تجاهل زيارة إسرائيل في جولته أخيراً، بخلاف جولته الأولى التي انتقل فيها مباشرة من الرياض إلى تل أبيب، وهو ما فعله أيضاً الرئيس بايدن خلال زيارته المنطقة عام 2022. من المرجّح أن تتحول بعض المطالب الأميركية لرفع العقوبات عن سورية شروطاً تفاوضية وعلى الرغم من أن ترامب حثّ السعودية على الانضمام إلى الاتفاقيات الإبراهيمية والتطبيع مع إسرائيل، فإنه لم يجعل من ذلك أولوية، ولم يشترط ربط أيٍّ من الاتفاقات الاقتصادية أو الصفقات العسكرية بذلك. وتشير تقارير وتسريبات متعدّدة إلى وجود تباين في الأولويات، وربما توتر مكتوم بين إدارة ترامب وحكومة بنيامين نتنياهو، إذ إن انطلاق ترامب من مقاربة "أميركا أولاً" ولّد حالة من "الإحباط" لدى نتنياهو إزاء تفاعلات السياسة الأميركية في الشرق الأوسط. وفي المقابل، يعرب مسؤولون في إدارة ترامب، في أحاديث خاصة، عن استيائهم من نتنياهو بسبب إفشاله مساعي الرئيس للوفاء بوعدٍ كان قد قطعه في حملته الانتخابية بإنهاء الحرب في قطاع غزّة. ومع ذلك، لا يمكن الحديث عن خلافات استراتيجية بين ترامب ونتنياهو، أو عن اختلاف مبدئي بين الولايات المتحدة وإسرائيل في هذه المرحلة؛ فترامب، وإن كان قادرًا على وقف مخططات نتنياهو العدوانية في غزّة، لا يُبدي رغبة في ذلك، ولا يعدّه أولوية. وهو لا يختلف مع نتنياهو في الهدف المتمثل في القضاء على حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في غزّة، لكنه يرفض أن يُملي عليه نتنياهو سياسات الولايات المتحدة الإقليمية برمّتها، ويفضّل، في الوقت نفسه، تجنّب الدخول في حرب مع إيران. أما بخصوص سياسات ترامب في الخليج، وعدم التدخل في قضايا حقوق الإنسان وغيرها، فلا يسجَّل خلاف بشأنها مع نتنياهو، باستثناء ما قد يكون من تحفّظ عن تقارب ترامب مع القيادة القَطرية، التي يقود ضدها اللوبي الإسرائيلي ونتنياهو حملةً في الولايات المتحدة. وتجدر الإشارة إلى أن قطر هي الدولة التي ألحّت على وقف الحرب على غزّة في المحادثات مع ترامب خلال زيارته الخليجية. ويبدو أن ترامب عازم على المضي في أجندته التي تركّز على الصفقات التجارية والاستثمارية في المنطقة وتهيئة الظروف الملائمة لنجاحها، حتى لو تطلّب ذلك تجاوز إسرائيل. ويندرج ضمن هذا التوجه انخراط إدارته في المفاوضات النووية مع إيران، رغم معارضة نتنياهو لها، إضافة إلى اتفاق وقف إطلاق النار بين الولايات المتحدة وجماعة أنصار الله (الحوثيون) في اليمن، والذي لم يتضمّن اشتراطات بعدم التعرض للسفن الإسرائيلية في البحر الأحمر أو قصف إسرائيل بالصواريخ. كذلك، خاضت إدارته مفاوضات مع حركة حماس، بوساطة قطرية ناجحة، لإطلاق سراح الجندي الإسرائيلي الحامل للجنسية الأميركية، عيدان ألكسندر، من دون التنسيق مع إسرائيل، الأمر الذي أدى بنتنياهو إلى تصعيد وتيرة قصف غزّة بعد إطلاق سراحه. وأخيراً، إعلان ترامب رفع العقوبات عن سورية ودعوته إلى تطبيع العلاقات مع دمشق تحت رئاسة الشرع الذي تتّهمه إسرائيل بأنه "جهاديّ". وعلى الرغم من أن ترامب نفى وجود توتر في العلاقة مع إسرائيل، وتأكيد نتنياهو من جانبه على متانة هذه العلاقة، مستندًا إلى أنّ ترامب لم يضغط على إسرائيل لعدم التصعيد في غزّة خلال زيارته المنطقة، أو إدخال المساعدات الإنسانية إليها كما وعد في حال إطلاق "حماس" سراح عيدان، فإن ذلك كله لم يُخفِ وجود نوع من التوتر الكامن في علاقتهما. ولكنه ليس توتّراً سياسيّاً أو استراتيجيّاً، بل يُعزى إلى توقّعات مفرطة لدى نتنياهو بشأن ما كان يأمل أن يفعله ترامب. وهو ما تنشغل به الصحافة الإسرائيلية، ولا سيما الأصوات الناقدة لنتنياهو التي تضخّم الخلاف، متجاهلةً أن الولايات المتحدة قد رفعت جميع القيود على مبيعات الأسلحة إلى إسرائيل، وأطلقت يد نتنياهو ووزير أمنه في غزّة. يمنح تماسك الحزب الجمهوري وتوحده خلف ترامب قوة كبيرة له في رسم السياسة الخارجية، من دون الالتفات إلى قيود داخلية حدّت من قدرة رؤساء سابقين على الحركة العلاقة مع سورية انعكست الطبيعة البراغماتية والتعاقدية في شخصية ترامب أيضاً في قراره المفاجئ، حتى لبعض مسؤولي إدارته، برفع العقوبات عن سورية ولقائه الرئيس الانتقالي أحمد الشرع في الرياض، في 14 أيار/ مايو، بوساطة تركية - سعودية. وقد برّر ترامب قراره باعتباره دعماً "لحكومة جديدة نأمل أن تنجح في تحقيق الاستقرار في البلاد وحفظ السلام"، واصفاً العقوبات بأنها "وحشية ومعوِّقة، وحان الوقت لتنهض سورية". وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة تصنّف الشرع "إرهابيّاً"، كما تصنّف هيئة تحرير الشام التي يتزّعمها منظمة إرهابية، فإن عوامل متعدّدة ساهمت في إقناع ترامب بلقائه، من أبرزها دور الهيئة في إسقاط نظام الأسد، وإخراج إيران من سورية، إضافة إلى علاقات الشرع الجيدة مع السعودية والإمارات، والدعم التركي، واستعداده للتفاوض مع إسرائيل والتعاون في محاربة الإرهاب. وتشير المعطيات المتوافرة إلى وجود معسكرين في إدارة ترامب فيما يتعلق بمقاربة الملف السوري. الأول الذي يمثّله مجلس الأمن القومي الأميركي، يتبنّى موقف الحذر ويدعو إلى الانتظار وعدم الوثوق بالشرع وحكومته استناداً إلى تاريخه، والمعسكر الثاني الذي تمثّله وزارة الخارجية، يرى ضرورة المسارعة إلى ملء الفراغ الذي خلّفه سقوط الأسد، منعاً لعودة روسيا وإيران إلى بناء نفوذ جديد في سورية. ويعدّ لقاء ترامب بالشرع، وإعلان رفع العقوبات عن سورية، بمنزلة انتصار مقاربة المعسكر الثاني الذي سهّل الشرع مهمّته من خلال سلسلة من الخطوات أقدم عليها كي يحظى بدعم واشنطن لإعادة إعمار سورية، شملت اعتقال مسلحين أجانب، والتواصل من خلال وسطاء مع إسرائيل، وإبداء الاستعداد لإبرام صفقات تسمح لشركات النفط والغاز الأميركية بالقيام بالعمل في سورية. وفي بيان رسمي، أعلن البيت الأبيض أن ترامب طلب من الشرع المساعدة في منع عودة تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام "داعش"، و"تولّي مسؤولية" مراكز احتجاز عناصره في شمال شرق سورية، إضافة إلى ترحيل فصائل المقاومة الفلسطينية الموجودة في سورية، وحثّه على التطبيع مع إسرائيل. ولا شك في أن عملية رفع العقوبات لن تكون فورية، إذ من المرجّح أن تتحوّل بعض المطالب الأميركية إلى شروط وضغوط تفاوضية، ولكن رفع بعضها على الأقل بمرسوم رئاسي، سيّما التي تمنع التحويلات المالية، سيسهم في إنعاش الاقتصاد السوري. العامل الصيني ثمّة عامل آخر شديد الأهمية يؤكد البعد البراغماتي والعملي في مقاربة ترامب جولته في المنطقة وتركيزه على الصفقات التجارية والاستثمار، ويتعلق بالمنافسة التجارية والتكنولوجية مع الصين، وتحديد صاحب اليد العليا في المنافسة على كسب النفوذ داخل الخليج. وتبرُز، في هذا السياق، مسألة مدى استعداد إدارة ترامب لرفع القيود المفروضة على بيع مئات آلافٍ من أشباه الموصلات المتقدّمة (الرقائق الإلكترونية) إلى الإمارات والسعودية. ومن هذا المنطلق، أصدر ترامب قرارًا بإلغاء "قاعدة انتشار الذكاء الاصطناعي" التي وضعتها إدارة بايدن، وفرضت بموجبها قيوداً على تصدير أشباه الموصلات المتقدمة إلى دول شملت الإمارات والسعودية، إضافة إلى الهند والمكسيك وإسرائيل وبولندا ودول أخرى خشية "تسريبها" إلى الدول المعادية، وخاصة الصين. وتدرس إدارة ترامب حاليّاً صفقة محتملة لتوريد مئات آلاف من أكثر شرائح الذكاء الاصطناعي الأميركية تطوّراً إلى شركة G42، وهي شركة إماراتية متخصّصة في الذكاء الاصطناعي، كانت قد قطعت صِلاتها بالشركاء الصينيين تمهيدًا للدخول في شراكة جديدة مع الشركات الأميركية. كما أعلن البيت الأبيض عن صفقات أخرى مع السعودية تضمنت التزاماً من شركة Humain، وهي شركة ذكاء اصطناعي في الرياض مملوكة للدولة، ببناء بنية تحتية للذكاء الاصطناعي باستخدام مئات آلاف من شرائح Nvidia الأميركية المتقدّمة على مدى السنوات الخمس المقبلة. وتؤكد تقارير أميركية أن دخول إدارة ترامب في مفاوضات مع الإمارات والسعودية حول الشراكة في تكنولوجيا الذكاء الصناعي يشير إلى ترجيح الكفّة لصالح الرأي القائل إن تعزيز التفوق التجاري والتكنولوجي الأميركي على الصين يتطلّب مثل هذه الشراكة والاستثمارات. ويمثّل هذا التوجّه الموقف الذي تتبنّاه الرياض وأبو ظبي، اللتان تؤكّدان أنه إذا كانت الولايات المتحدة تسعى إلى شراكتهما، وتطالب بتقييد علاقاتهما التكنولوجية المتقدمة مع الصين في سياق سباق التسلح العالمي في الذكاء الاصطناعي، فإن على واشنطن القيام بدورها في رفع القيود المفروضة على تقنياتها. وفي المقابل، لا يزال هناك تيار داخل إدارة ترامب يرى أن شراكةً مثل هذه تحمل مخاطر جمّة حول إمكانية تسرّب التقنيات الحيوية إلى الصين. لم تسفر زيارة ترامب عن انفراجة في قطاع غزّة، فرغم استيائه المعلن من نتنياهو لم يتخذ خطوات لوقفه خاتمة يمنح تماسك الحزب الجمهوري وتوحده خلف الرئيس ترامب قوة كبيرة له في رسم السياسة الخارجية، من دون الالتفات إلى القيود الداخلية التي كانت تحدّ من قدرة رؤساء سابقين على الحركة. ويشمل ذلك قراراتٍ بارزةً منها تخلّيه عن الدعم المطلق لأوكرانيا، وتأييده المحادثات المباشرة مع إيران حول برنامجها النووي. بل إن نتنياهو الذي لم يتردد في تحدي الرئيس الأسبق باراك أوباما وكذلك بايدن في ملف المفاوضات النووية مع إيران وملفات أخرى، التزم الصمت إزاء قرار ترامب استئناف المفاوضات مع إيران، وتفاوضه مرتين مع حركة حماس من دون تنسيق مع إسرائيل، وتوصله إلى اتفاق وقف إطلاق النار مع الحوثيين، واعترافه لاحقًا بحكومة الشرع في سورية. وتجسد هذه الخطوات السابقة مجتمعة، إلى جانب جولته الخليجية والصفقات التي عقدها خلالها، مقاربة ترامب لشعار "أميركا أولًا". ومع ذلك، لا ينبغي أن يحجب هذا التوجه بُعدًا آخر يتمثّل في الطابع الشخصي المحتمل لتحرّكات ترامب ومكاسبه، خاصة في ظل تركيزه على الصفقات التجارية والاستثمارية، بدلًا من المصالح الاستراتيجية الأوسع للولايات المتحدة في الشرق الأوسط. فالمنطقة باتت موطناً لمشاريع عديدة جديدة لشركات عائلة ترامب، بما في ذلك أبراج ترامب السكنية في دبي وجدّة. كما قدّم صندوق استثماري إماراتي دعمًا لعملة ترامب الرقمية في وقت سابق من هذا العام. ويبدو أن دول الخليج تنظر إلى الطابع التعاقدي والبراغماتي لترامب باعتباره فرصة لها لتعزيز تحالفاتها الاستراتيجية والأمنية والاقتصادية مع الولايات المتحدة. ومع ذلك، تبقى الإشارة ضرورية إلى أن زيارة ترامب المنطقة لم تسفر عن أيّ انفراجة في ملف قطاع غزّة؛ فعلى الرغم من استيائه المعلن من التصعيد العسكري الإسرائيلي هناك، فإنه لم يتخذ أيّ خطواتٍ فعلية للضغط على نتنياهو لوقفه.


القدس العربي
منذ 16 ساعات
- القدس العربي
من أطلق فكرة 'برج ترامب' في دمشق؟.. مشروع عقاري فاخر أم أداة دبلوماسية؟
لندن- 'القدس العربي': أثار تقرير نشرته صحيفة 'الغارديان' البريطانية جدلاً واسعاً، مجدداً، حول مشروع غير مسبوق يتم العمل عليه في العاصمة السورية دمشق، يتمثل في إنشاء برج يحمل اسم 'ترامب'، بارتفاع يصل إلى 45 طابقاً، وتكلفة محتملة تتراوح بين 100 و200 مليون دولار. المشروع، الذي شاعت أخباره أول مرة عشية زيارة الرئيس الأمريكي الخليجية، ورفع العقوبات عن سوريا، تُشرف عليه مجموعة 'تايغر' العقارية، ومقرها الإمارات، ويقودها رجل الأعمال السوري الأصل وليد محمد الزعبي. يفكر مطلقو المشروع ببرج بارتفاع 45 طابقاً، ينقش عليه اسم ترامب بالذهب، ويُعدّ رمزاً معماريًا لعودة سوريا إلى المسرح الدولي بعد سنوات من العزلة ويُخطَّط لأن يتزين المبنى باسم ترامب بالذهب في أعلاه، ليصبح، في حال اكتماله، من أبرز معالم العاصمة السورية، وأحد أطول المباني فيها. وبحسب الزعبي، فإن المشروع يهدف إلى إيصال رسالة مفادها أن 'سوريا، بعد سنوات من الحرب والمعاناة، تستحق أن تخطو خطوة نحو السلام'، مضيفاً: 'هذا البلد، الذي عانى طويلاً، يستحق فرصة جديدة للنهوض.' وتُعد الفكرة نتاجًا لمبادرة طُرحت لأول مرة في ديسمبر الماضي من قبل عضو الكونغرس الأمريكي الجمهوري جو ويلسون، وسرعان ما تم تطويرها، بحسب الصحيفة، من قبل الكاتب السوري رضوان زيادة، المقرّب من الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشراع. تُشير 'الغارديان' إلى أن المشروع يأتي ضمن حملة دبلوماسية سورية مدروسة هدفت إلى كسب ودّ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، من أجل رفع العقوبات المفروضة على سوريا منذ عام 1979، والتي شُددت بعد قمع انتفاضة عام 2011. ووفقًا للتقرير، فقد لعب ولي العهد السعودي محمد بن سلمان دورًا مؤثرًا في هذا السياق. وقد أفضت الجهود السورية، حسب التقرير، إلى إعلان ترامب رفع العقوبات الأمريكية بالكامل عن سوريا، قبل أن يلتقي الشراع، الذي وصفه بـ'الرجل الجذاب والقوي'. هذه الخطوة فتحت الباب رسميًا أمام مشروع البرج الذي كان حتى ذلك الحين مجرد تصور نظري. رفاهية مثيرة للجدل يقول الزعبي إن البناء لن يبدأ إلا بعد الحصول على التراخيص الرسمية من الحكومة السورية، وكذلك حقوق استخدام علامة 'ترامب' التجارية من المنظمة المالكة لها. ومن المتوقع أن يستغرق البناء نحو ثلاث سنوات، في حال تذليل العقبات القانونية والإجرائية. ويُفكَّر حاليًا في عدة مواقع محتملة في دمشق، بينما قد يتغير عدد الطوابق المقرر (45 طابقاً) بحسب التصاميم النهائية وخطط التخطيط العمراني المحلي. المشروع يثير انتقادات حادة من جهات حقوقية واقتصادية ترى أنه فاخر ومنفصل عن واقع البلاد، حيث يعيش ملايين السوريين في ظروف إنسانية صعبة وبينما لم تُدرج علامة 'ترامب' في النماذج الأولية التي حصلت عليها صحيفة 'الغارديان'، فإن الحصول على ترخيص العلامة لا يزال قيد المتابعة. المشروع يحمل بُعدًا رمزيًا لمرحلة جديدة من التعافي الوطني، ويسعى إلى جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية في بلد يعيش فيه أكثر من 90% من السكان تحت خط الفقر، وفق تقديرات الأمم المتحدة. وعلّق الزعبي بصورة نشرها للصحيفة تظهر انفجارًا في سماء دمشق بجانب صورة افتراضية للبرج، قائلاً: 'المشروع يرمز إلى تحول البلاد من الدمار إلى النور والجمال. إنه رسالة أمل وسلام.' لكن المشروع يثير، في الوقت ذاته، انتقادات حادة من جهات حقوقية واقتصادية ترى أنه فاخر ومنفصل عن واقع البلاد، حيث يعيش ملايين السوريين في ظروف إنسانية صعبة، خصوصًا في المخيمات. ويشكك منتقدون في أولوية مثل هذه المشاريع في وقت تحتاج فيه البلاد لإعادة بناء البنية التحتية والخدمات الأساسية كالكهرباء والرعاية الصحية.