
انتقادات من داخل البيت الحكومي.. هل بدأ تصدع الأغلبية قبل انتخابات 2026؟
تشهد الساحة السياسية المغربية تحولات دراماتيكية مع اقتراب الاستحقاقات الانتخابية لسنة 2026، حيث بدأت ملامح تصدع غير معلن داخل التحالف الثلاثي تظهر بوضوح، ما يطرح تساؤلات حول مدى قدرة هذا التحالف على الصمود حتى نهاية الولاية الحالية.
تصريحات نارية تكشف المستور
في سابقة سياسية لافتة، خرج وزير الصناعة والتجارة، رياض مزور، وهو أحد القيادات البارزة في حزب الاستقلال، بتصريحات أثارت جدلًا واسعًا داخل الأوساط السياسية والإعلامية.
ففي لقاء على قناة "MEDI1TV"، أقر وزير الصناعة بأن الحكومة لم تفِ بعد بوعودها لحد الآن فيما يتعلق بخلق مليون منصب شغل، وهو أحد الوعود الكبرى التي قدمها رئيس الحكومة عزيز أخنوش خلال الحملة الانتخابية.
كما صرّح رياض مزور بشأن غلاء اللحوم قائلًا:"هناك نحو 18 مضاربًا يتحكمون في سوق اللحوم الحمراء، وقد قاموا برفع هوامش الربح بشكل غير مسبوق.
مضيفا، أنه رغم الحكومة فتحت باب الاستيراد وألغت الرسوم الجمركية، لكن المضاربين استغلوا الوضع لصالحهم بدلًا من تخفيف الضغط عن المواطنين.
وأوضح الوزير أن الحكومة قامت بعدة إجراءات لضبط السوق، من بينها استيراد 200 ألف رأس من الأغنام، وإلغاء الرسوم الجمركية لحماية المستهلك.
لكن الأهم في تصريحاته لم يكن مجرد الإقرار بالتحديات التي تواجه الحكومة، بل تأكيده الصريح على أن حزب الاستقلال سينافس على المرتبة الأولى في الانتخابات المقبلة، ساعيًا إلى قيادة الحكومة بدلاً من مجرد المشاركة فيها.
هذه التصريحات فُسرت على نطاق واسع على أنها بداية تباعد حقيقي بين حزب الاستقلال وحزب التجمع الوطني للأحرار، مما يعزز فرضية أن هذا التحالف قد لا يستمر طويلاً.
مؤشرات الانشقاق داخل التحالف
لا يمكن اعتبار موقف مزور مجرد تصريح فردي، بل هو جزء من موجة أوسع من المواقف التي تعكس تباينًا متزايدًا في الرؤى بين مكونات التحالف الحكومي.
فحزب الاستقلال، الذي كان يُعتبر حتى وقت قريب أحد الداعمين الرئيسيين لاستمرار الحكومة، بدأ في الآونة الأخيرة يتبنى خطابًا أقرب إلى المعارضة، خاصة بعد أن وجه أمينه العام ووزير التجهيز والماء، نزار بركة، انتقادات صريحة لارتفاع الأسعار والمضاربات في الأسواق، داعيًا إلى اتخاذ إجراءات صارمة لحماية القدرة الشرائية للمواطنين.
وقد تزامنت هذه التصريحات مع تزايد انتقادات نواب حزب الاستقلال تحت قبة البرلمان، حيث بدأ بعضهم في توجيه أسئلة كتابية وشفهية لوزراء الحكومة، محملين إياهم مسؤولية التأخر في تنفيذ الإصلاحات الموعودة.
ومن بين أبرز هذه القضايا، ملف مكافحة الفساد، حيث طالب النائب الاستقلالي خالد الشناق بالكشف عن التدابير الحكومية المتخذة لمحاربة الفساد، على الرغم من أن حزبه جزء من الأغلبية الحاكمة.
الأصالة والمعاصرة.. معارضة من داخل الحكومة
من جهة أخرى، لا يبدو أن حزب الأصالة والمعاصرة في وضع أفضل، إذ إن نوابه أيضًا بدأوا في اتخاذ مواقف أكثر حدة تجاه أداء الحكومة.
ففي الأسابيع الأخيرة، وجهت النائبة البرلمانية نجوى كوكوس انتقادات مباشرة لوزير الصحة والحماية الاجتماعية أمين التهراوي، المنتمي إلى حزب التجمع الوطني للأحرار، بسبب ما وصفته بـ"الفشل في تحسين الخدمات الصحية"، مطالبة بالكشف عن خطط الحكومة لمعالجة نقص الأطباء والتجهيزات في المستشفيات العمومية.
كما تعرض وزير الفلاحة والصيد البحري، أحمد البواري، لانتقادات شديدة من نواب الأصالة والمعاصرة، الذين حملوه مسؤولية غلاء الأسعار وتأثير الجفاف على القطاع الفلاحي، معتبرين أن الإجراءات الحكومية لم تكن كافية لحماية الفلاحين من تداعيات الأوضاع المناخية والاقتصادية الصعبة.
هذه المواقف المتصاعدة من حزبي الاستقلال والأصالة والمعاصرة تعكس بوضوح أن الخلافات داخل التحالف الحكومي لم تعد مجرد تكهنات، بل باتت واقعًا ملموسًا يُترجم في مواقف وتصريحات علنية، ما يعزز فرضية أن التحالف الحكومي يمر بمرحلة حرجة قد تؤدي إلى تفككه قبل موعد الانتخابات المقبلة.
وسبق أن كشفت وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، ليلى بنعلي، لدى حلولها ضيفةً على مؤسسة الفقيه التطواني، عن رؤيتها لمجموعة من القضايا الأساسية التي تهم التنمية في المغرب، مشددة على ضرورة تبني إصلاحات عميقة في مختلف القطاعات لمواكبة التحديات الاقتصادية والاجتماعية الراهنة.
وأكدت بنعلي أن بعض القطاعات الحيوية تحتاج إلى إصلاحات جذرية لضمان تحقيق أهداف التنمية المستدامة، مشيرة إلى أن تصريحات وزير التجهيز والماء، نزار بركة، بشأن الغلاء لا ينبغي النظر إليها كخطاب معارض، بل كتشخيص واقعي لمعضلة جوهرية تتطلب حلولًا مستعجلة.
وأضافت أن المرحلة الحالية تستدعي خطابًا سياسيا يستند إلى الواقع، معتبرة أن الحكومة الحالية جاءت لتصحيح المسار التنموي بعد سنوات من التحديات الاقتصادية.
وشددت على أن تعزيز الثقة في العمل السياسي يمثل ركيزة أساسية لضمان نجاح أي إصلاحات مستقبلية، مؤكدة أن المغرب يعيش مرحلة انتقائية حاسمة، حيث إن الفشل في تحقيق أهداف التنمية قد يؤدي إلى أزمات اقتصادية واجتماعية عميقة.
كما أكدت أن تعزيز الثقة في العمل السياسي لا يقتصر فقط على الحكومة، بل يشمل جميع المؤسسات الدستورية، مثل مجلس المنافسة والمجلس الأعلى للحسابات، التي تعتمد على معطيات رسمية لدعم الإصلاحات العميقة التي يحتاجها المغرب.
ودعت بنعلي المواطنين إلى المشاركة المكثفة في الانتخابات المقبلة، معتبرة أن تحقيق التقدم يتطلب انخراط الجميع في العملية الديمقراطية.
وتابعت أن الإصلاحات لا يجب أن تتوقف، بل يجب أن تستمر لضمان استمرارية التنمية، مؤكدة أن الأحزاب السياسية يجب أن تركز على تقديم برامج واقعية تخدم مصالح المواطنين وتساهم في تحقيق الأهداف الاستراتيجية للمغرب.
هل بدأ العد التنازلي لتفكك التحالف؟
مع استمرار تصاعد الخلافات بين الأحزاب المشكلة للأغلبية، يبدو أن كل طرف بدأ في رسم استراتيجيته الخاصة استعدادًا لانتخابات 2026. فحزب الاستقلال، الذي كان يُنظر إليه كحليف رئيسي لحزب التجمع الوطني للأحرار، بات اليوم أكثر ميلًا للنأي بنفسه عن السياسات الحكومية، في محاولة لاستقطاب شريحة واسعة من الناخبين الذين يشعرون بالإحباط من أداء الحكومة الحالية.
أما حزب الأصالة والمعاصرة، فيبدو أنه يحاول لعب دور "المعارضة من داخل الحكومة"، حيث يسعى إلى الحفاظ على موقعه داخل التحالف الحكومي مع توجيه انتقادات علنية لبعض السياسات الحكومية، في محاولة واضحة لتفادي تحمل المسؤولية السياسية الكاملة عن الإخفاقات الحالية.
في المقابل، يجد حزب التجمع الوطني للأحرار نفسه أمام تحدٍ مزدوج: فمن جهة، يواجه انتقادات متزايدة من حلفائه داخل الحكومة، ومن جهة أخرى، يعاني من تراجع في شعبيته وسط المواطنين الذين يترقبون نتائج ملموسة على أرض الواقع.
لكن في ظل تزايد حدة الخطاب السياسي بين مكونات الأغلبية، يبدو أن الطريق نحو 2026 سيكون مليئًا بالتقلبات، وربما نشهد في الأشهر القادمة انسحابات أو إعادة تشكيل للمشهد السياسي بشكل غير متوقع.
شارك المقال

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


هبة بريس
منذ 6 ساعات
- هبة بريس
انتخاب آيت بولمان عن حزب "الأحرار" رئيسا جديدا لجماعة أفرا بزاكورة
هبة بريس – زاكورة جرى، اليوم الخميس، انتخاب محمد آيت بولمان، عن حزب التجمع الوطني للأحرار، رئيسًا جديدًا لجماعة أفرا بإقليم زاكورة، خلفًا للراحل لحسن الرداف، وذلك خلال جلسة انتخابية رسمية احتضنها مقر الجماعة، بحضور قائد المنطقة وأعضاء المجلس الجماعي. وقد أسفرت نتائج التصويت عن فوز محمد آيت بولمان بـ14 صوتًا، مقابل صوتين فقط لمنافسه علي احيتاس عن حزب الاستقلال، مما يعكس دعمًا واسعًا من داخل المجلس للرئيس الجديد. الجلسة نفسها شهدت انتخاب باقي أعضاء المكتب المسير، حيث تم تعيين الصديق بسلام نائبًا أول، وحميد ميسو نائبًا ثانيًا، وسعادي نعيمة نائبة ثالثة، ونفيسة بن حجو نائبة رابعة، بينما جرى انتخاب سمية آيت عبد العالي كاتبةً للمجلس وكريمة اختار نائبة لها، وذلك في احترام تام للمساطر القانونية بعد شغور المنصب إثر وفاة الرئيس السابق. تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على Telegram تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على X مقالات ذات صلة


الجريدة 24
منذ 9 ساعات
- الجريدة 24
أخنوش: الحكومة ستسخر كافة الإمكانات لمواكبة مسار تنزيل ورش إصلاح منظومة العدالة
أكد رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، اليوم الخميس، أن الحكومة ستسخر كافة الإمكانات لمواكبة مسار تنزيل ورش إصلاح منظومة العدالة. وقال أخنوش في كلمة خلال افتتاح أشغال مجلس الحكومة، أن المرسوم المتعلق بتحديد كيفيات تطبيق العقوبات البديلة، الذي سيناقشه المجلس اليوم، يندرج في سياق استكمال تنزيل ورش إصلاح منظومة العدالة، الذي يحظى باهتمام كبير من طرف جلالة الملك محمد السادس، نصره الله. وأضاف أن جلالة الملك، ما فتئ في مختلف خطبه وتوجيهاته السامية يدعو إلى نهج سياسة جنائية جديدة، تقوم على مراجعة وملاءمة القانون والمسطرة الجنائية، ومواكبتهما للتطورات. وفي هذا الإطار، يضيف السيد أخنوش "نعول على مختلف النصوص المرتبطة بالعقوبات البديلة، لتطوير السياسة العقابية عبر مقاربات تساهم في تعزيز التأهيل والاندماج داخل المجتمع، إضافة إلى الحد من مشكل الاكتظاظ". يشار إلى أن مجلس الحكومة سيناقش اليوم مجموعة من مشاريع المراسيم، وعلى رأسها مشروع المرسوم سالف الذكر وذلك بعد المصادقة في وقت سابق على القانون رقم 43.22 المتعلق بالعقوبات البديلة، والذي سيدخل حيز التنفيذ خلال شهر غشت المقبل. وفي هذا الصدد، أعرب رئيس الحكومة عن شكره لوزير العدل على سهره على تنسيق إخراج ورش إصلاح منظومة العدالة إلى حيز الوجود، وكذا جميع القطاعات الحكومية وغير الحكومية، وعلى رأسها المجلس الأعلى للسلطة القضائية، ورئاسة النيابة العامة، والمندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، على المجهودات الكبيرة التي بذلوها في هذا الإطار. ودعا أعضاء الحكومة، وجميع القطاعات الوزارية المعنية، إلى مزيد من التعبئة والانخراط الأمثل لمواكبة إنجاح مسار تنفيذ هذا الورش.


أكادير 24
منذ 12 ساعات
- أكادير 24
مجلس الحكومة: إطلاق برنامج شامل لدعم الفلاحين والعقوبات البديلة تدخل حيز التنفيذ
agadir24 – أكادير24 عقد مجلس الحكومة، يوم الخميس 24 ذو القعدة 1446 هـ الموافق 22 ماي 2025، اجتماعًا برئاسة رئيس الحكومة عزيز أخنوش، خُصص لتدارس مجموعة من القضايا البارزة، شملت عرضًا قطاعيًا، والتداول في مشاريع مراسيم واتفاقيات دولية، بالإضافة إلى تعيينات في مناصب عليا. تعزيز العدالة عبر العقوبات البديلة في مستهل الاجتماع، شدد رئيس الحكومة على أهمية مشروع المرسوم المتعلق بكيفيات تنفيذ العقوبات البديلة، الذي يُعد استكمالًا للقانون رقم 43.22 المنتظر دخوله حيز التنفيذ شهر غشت المقبل. وأبرز أن هذا الإجراء يأتي في إطار تفعيل التوجيهات الملكية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، الرامية إلى إصلاح منظومة العدالة وتطوير السياسة الجنائية، بما يسهم في إعادة تأهيل المحكومين والحد من الاكتظاظ داخل المؤسسات السجنية. ووجّه رئيس الحكومة شكره لوزير العدل وكافة المتدخلين في هذا الورش من قطاعات حكومية وغير حكومية. برنامج ملكي لإعادة تشكيل القطيع ودعم المربين تنفيذًا للتعليمات الملكية الصادرة خلال المجلس الوزاري المنعقد يوم 12 ماي الجاري، قدّم وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات عرضًا حول برنامج وطني لدعم مربي الماشية وإعادة بناء القطيع الوطني بطريقة مستدامة ومهنية. وأكد الوزير أن التوجيهات الملكية شددت على ضمان نجاح العملية عبر معايير واضحة، تحت إشراف لجان محلية مختصة. ويرتكز البرنامج على خمسة محاور رئيسية: إعادة جدولة الديون: بكلفة 700 مليون درهم، تشمل إلغاء 50% من الديون التي تقل عن 100 ألف درهم، و25% من الديون بين 100 و200 ألف درهم، إضافة إلى جدولة الديون الكبيرة مع إعفاء من فوائد التأخير. دعم الأعلاف: من خلال تسويق 7 ملايين قنطار من الشعير بسعر 1.5 درهم للكيلوغرام، ودعم الأعلاف المركبة بسعر 2 درهم، بكلفة إجمالية قدرها 2.5 مليار درهم. ترقيم إناث الماشية: لتتبع القطيع ومنع ذبح الإناث، مع تقديم دعم مباشر بقيمة 400 درهم لكل رأس مرقمة وغير مذبوحة، والهدف بلوغ 8 ملايين رأس بحلول ماي 2026. حملة وقائية: لحماية 17 مليون رأس من الأغنام والماعز من أمراض محتملة ناجمة عن الجفاف، بتمويل قدره 150 مليون درهم. تأطير تقني: يشمل تحسين السلالات ومواكبة تقنية باستعمال التلقيح الاصطناعي، بكلفة 50 مليون درهم. ويُتوقع أن تبلغ الكلفة الإجمالية لهذه الإجراءات حوالي 3 مليارات درهم في 2025، و3.2 مليار درهم إضافية في سنة 2026. إحداث وحدات إدارية وتأجيل مشروع لفائدة الأشخاص في وضعية إعاقة وصادق المجلس على مشروع المرسوم رقم 2.25.398 المتعلق بإحداث دوائر وقيادات جديدة في أقاليم الجديدة، ميدلت، وتارودانت، بهدف تعزيز التأطير الإداري ومواكبة التطورات الديمغرافية والعمرانية. كما تمت المصادقة على المرسوم رقم 2.25.386 بشأن تطبيق العقوبات البديلة، بينما تقرر تأجيل البت في مشروع المرسوم رقم 2.23.152 المتعلق بتطبيق المادة 13 من القانون الإطار 97.13 الخاص بحقوق الأشخاص في وضعية إعاقة، إلى موعد لاحق. اتفاقيات دولية وتعيينات جديدة اطّلع المجلس على اتفاقيتين دوليتين وقوانين متعلقة بهما، قدمهما وزير العدل نيابة عن وزير الخارجية، وتهمان: اتفاقية نقل المحكوم عليهم بين المغرب والسعودية. اتفاقية المساعدة المتبادلة في القضايا الجنائية بين البلدين. وفي ختام أشغال المجلس، تمت المصادقة على تعيينات في مناصب عليا شملت قطاعات الأمانة العامة للحكومة، ووزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، ووزارة الصناعة والتجارة، ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، وذلك وفقًا لأحكام الفصل 92 من الدستور.