من تداعيات الحرب التجارية (1)!الطاهر المعز
من تداعيات الحرب التجارية (1)!
الطاهر المعز
أعلنت المديرة العامة لصندوق النقد الدّولي، يوم الخميس 17 نيسان/ابريل 2025 إن تصاعد التوتر التجاري، والتحولات الجذرية في نظام التجارة العالمية، سيؤديان إلى خفض التوقعات الاقتصادية للصندوق وإلى تخفيضات ملموسة في معدلات النمو الاقتصادي، حيث تؤدّي الرسوم الجمركية الأمريكية إلى ضبابية 'غير مسبوقة' في السياسة التجارية وتقلبات شديدة في الأسواق المالية وفي عوائد سندات الخزانة الأمريكية، وأثارت ردود فعل من الصين والاتحاد الأوروبي اللَّذَيْن اتخذا إجراءات مُضادّة، مما قد يُفضِي إلى إعادة تشكيل نظام التجارة العالمية وإلى اضطرابات مُكلفة مع احتمال ارتفاع التضخم في بعض الدول، كما خفضت منظمة التجارة العالمية توقعاتها لحركة التجارة الدّوْلية للسلع ( يوم الإربعاء 16 نيسان/ابريل 2025) بسبب زيادة الرسوم الجمركية الأميركية وامتداد تبعاتها وتأثيراتها وما قد يترتب عليها من ركود هو الأَشَدّ منذ ذروة جائحة كوفيد-19، وتوقعت المنظمة انخفاض تجارة البضائع بنسبة قد تصل إلى 1,5% سنة 2025، مما يُخفض نمو الناتج المحلي الإجمالي بشكل عام، في ظل امتداد المخاوف إلى الأسواق المالية وإلى قطاعات اقتصادية عديدة وخصوصًا في 'الدّول النامية' فضلا عن مخاطر فك الارتباط بين الاقتصادين الأميركي والصيني، والعواقب الوخيمة التي تنتج عن ذلك مثل احتمال انكماش الناتج الإجمالي العالمي بنسبة 7% في الأمد البعيد، وفق ما نقلته وكالة رويترز ( 17/04/2025) وأوردت وكالة الصحافة الفرنسية يوم الإربعاء 16 نيسان/ابريل 2025، ملخصًا لتقرير منظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية ( أونكتاد) يُحذّر من تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي إلى 2,3% 'بسبب التوتر التجاري وحالة الضبابية التي تدفع باتجاه الركود'…
أدّت قرارات الرئيس الأمريكي إلى زيادة مشاعر الغضب ضد سياسات الولايات المتحدة، وتعدّدت دعوات مُقاطعة الإنتاج الأمريكي في كندا بسبب إلى رغبة ترامب في جعل كندا الولاية الأميركية رقم 51، وفي دانمارك بسبب التهديد بالإستحواذ على غرينلاند القريبة من أمريكا الشمالية ولكنها تابعة للدانمارك، وتتمتع بحكم ذاتي، كما انتشرت دعوات المقاطعة في فرنسا والسويد وألمانيا ودول أوروبية أخرى، حيث بدأ الشباب بتنظيم حملات عبر منتديات مثل 'ريديت' (Reddit) وشبكات التواصل الاجتماعي والمواقع الأخرى للترويج للبضائع والصناعات الأوروبية ومقاطعة المنتجات الأميركية، وهي حملات شوفينية في معظمها، ولا تقاوم الرأسمالية والإمبريالية ( الأوروبية والأمريكية)، وتشكل ردود فعل على قرارات السلطات الأمريكية، وقام عشرات الآلاف من الشباب الأوروبي بإطلاق منتدى 'اشتر من الاتحاد الأوروبي ' (BuyFromEU)، إلى جانب دور موقع 'غو يوربيان دوت أورغ' (GoEuropean.org) في الترويج للمنتجات الأوروبية، التي تشكل بديلا للمنتجات الأميركية، بهدف 'دعم الاقتصاد المحلي من دون التأثير السلبي على سوق العمل' لأن العديد من الشركات الأميركية تمتلك خطوط إنتاج في أوروبا…
جاءت ردود الفعل غير المُنْتَظَرَة من ألمانيا – أهم حليف للإمبريالية الأمريكية في أوروبا – حيث بلغ حجم التبادل التجاري بين أمريكا وألمانيا 273 مليار دولارا، سنة 2024، وحيث التغلغل الإيديولوجي الأمريكي والأطلسي كبير جدًّا، فقد تزايدت دعوات مُقاطعة السلع الأمريكية، واستبدل أحذية نايك، ذات المنشأ الأمريكي بأحذية أديداس ذات المنشأ الألماني، على سبيل المثال، وكلاهما شركة عابرة للقارات وتدعم الكيان الصهيوني وتستغل العُمال والعاملات في جنوب شرقي آسيا وفي أمريكا الجنوبية أبْشَع استغلال، أو استخدام موقع زالاندو للتسوق الإلكتروني بدلا من أمازون، والإقبال على سيارات فولكس فاغن بدلا من تسلا الخ وتعمد بعض 'المُستهلكين' إزاحة المنتجات الأميركية من الرفوف داخل المتاجر الألمانية، في إشارة إلى رفضها، غير إن الحكومة الألمانية أعلنت رفضها مقاطعة المنتجات الأميركية، لأن ألمانيا 'دولة تعتمد بشكل كبير على التصدير ولا تحتاج إلى مزيد من الحواجز التجارية، بل إلى تقليلها'، كما عارض رئيس اتحاد تجارة الجملة والخدمات الخارجية فكرة المقاطعة، 'لأن الولايات المتحدة أصبحت – سنة 2024- الشريك التجاري الأول لألمانيا، متجاوزةً الصين، بحجم 273 مليار دولارا، منها 173,9 مليار دولارا من الصادرات ألألمانية إلى الولايات المتحدة'، وأظْهر استطلاع للرأي نشره معهد 'يوغوف' يوم 28 آذار/مارس 2025، أن 52% من الأشخاص في ألمانيا لم يعودوا يرغبون في شراء السلع الأميركية.
من جهة أخرى، تتأثر الشركات الأمريكية بقرارات رفع الرسوم الجمركية، ويُتوقع ارتفاع تكاليف واردات شركات تصنيع السيارات الأمريكية بـ108 مليارات دولار سنة 2025، مما اضطر شركة فورد الأمريكية لصناعة السيارات إلى إعلان ( الإربعاء 16 نيسان/ابريل 2025) رفع أسعار سياراتها الجديدة، خلال شهر أيار/مايو 2025، إذا لم تخفض الولايات المتحدة الرسوم الجمركية على السيارات، وأعلنت شركات صناعة السيارات الأميركية الأخرى إنها ستضطر إلى رفع الأسعار بوتيرة كبيرة إذا استمرت الرسوم الجمركية، وفق وكالة بلومبرغ…
تأثّر الدّولار كذلك بالرسوم الجمركية فانخفض سعره مقابل العملات الأخرى، فيما ارتفع سعر الذّهب ( كملاذ أكْثَرَ أمانًا من الدّولار) بنسبة 27% بين بداية كانون الثاني/يناير ومنتصف نيسان/ابريل 2025، وبلغ مستوى قياسيا ( 3359,5 دولارا للأوقية) لأن الذّهب يُعتَبَرُ وسيلة للتَّحَوُّط من ارتفاع التضخم الذي قد يرتفع ( إلى جانب البطالة) في الولايات المتحدة وفي العالم، بسبب التعريفات الجمركية الجديدة التي فرضتها الولايات المتحدة، وفق رئيس مجلس الإحتياطي الفيدرالي الأمريكي ( المصرف المركزي)
تأثرت شركة 'إنفيديا' لصناعة الرقائق الإلكترونية – كما العديد من الشركات الأخرى – بالقيود الأميركية الجديدة على تصدير بعض أنواع الرقائق إلى الصين، والتي ستكلف شركة إنفيديا خسارة بنحو خمس مليارات دولار،
تصدّر الصين إلى الولايات المتحدة سلَعًا بقيمة 440 مليار دولار، وتستورد منها سلعا وخدمات تعادل قيمتها 150 مليار دولار، ولذا فإن اقتصاد الصين يتعرض لأضرار كبيرة جراء ارتفاع الرسوم الجمركية الأمريكية إلى 145% لكن الحكومة الصينية قررت الرّد السريع وأوقفت طلبيات شراء طائرات إضافية من شركة 'بوينغ' الأمريكية لصناعة الطائرات، ووَقْف مشتريات معدات وقطع غيار الطائرات من الشركات الأميركية، مما أدى إلى تراجع سهم بوينغ بشكل حاد في البورصة الأميركية، كما تعاني بوينغ من صعوبات مالية وأزمة مستمرة في مراقبة الجودة، وقررت الصين كذلك حظْر تصدير المعادن النادرة، وتُشير تقديرات مصرف 'غولدمان ساكس' إن الصين قد تملك هامش مناورة أكبر على المدى الطويل، لأن الولايات المتحدة ستواجه صعوبة في استبدال 36% من وارداتها من الصين، في حين ستجد الصين صعوبة في استبدال 10% فقط من وارداتها من الولايات المتحدة التي شهدت أسواقها المالية تراجعا حادًّا طال الأسهم وسندات الخزينة والدولار الأميركي على حد سواء، مما يعني إن الدولار وسندات الخزانة الأمريكية لم تعد ملاذًا آمنا في أوقات الأزمات، وبدأت بعض الدّول تبحث عن بدائل تخفض اعتمادها على الدولار والأسواق الأمريكية، مما يُؤدِّي إلى إعادة تقييم للدور الأميركي في النظام المالي العالمي، واستهدفت الصين قطاع الخدمات الأمريكي – الذي تُعادل قيمة صادراته إلى الصين نحو 55 مليار دولارا سنويا ( بالإضافة إلى توسيع نطاق ضوابط التصدير للمعادن الأرضية النادرة، وهي معادن أساسية لصناعات حيوية كأشباه الموصلات وأنظمة الدفاع والخلايا الشمسية، وفتحت الصين تحقيقات لمكافحة الاحتكار تستهدف شركات أميركية بارزة مثل دوبونت و غوغل… ) وصنّفت الصين، منذ شهر شباط/فبراير 2025، عشرات الشركات الأميركية على قائمة 'الكيانات غير الموثوقة'، مما يهدد بتقييد أو حظر تعامل هذه الشركات تجارياً أو استثمارياً في الصين، كما استهدفت الصين قطاعات السفر والخدمات القانونية والاستشارية والمالية الأمريكية، وهي قطاعات تحقق فيها الولايات المتحدة فائضاً تجارياً كبيراً مع الصين منذ سنوات، فضلا عن صادرات قطاعات السينما الأمريكية ومكاسب قطاعات الترفيه والسياحة والتعليم الأمريكية، حيث ينفق السائحون الصينيون بسخاء في الولايات المتحدة، فضلا عن الإنفاق المتعلق بالتعليم والرسوم الدراسية ونفقات المعيشة لأكثر من 270 ألف طالب صيني يدرسون في الولايات المتحدة، بحسب تقرير الشبكة الأميركية سي إن إن…
قد تؤدّي قرارات السلطات الأمريكية والأشكال المُتعجْرِفَة لتعاملها مع المنافسين والحُلفاء إلى تغيير المشهد الجيوسياسي والإقتصادي الدّولي وإلى إعادة صياغة قواعد جديدة للدّبلوماسية والعلاقات الإقتصادية والتجارية، وكانت الصين قد تهيّأت وبدأت إنجاز مبادرة 'الحزام والطريق' منذ سنة 2013، بعد إعلان الرئيس الأمريكي باراك أوباما ووزيرة خارجيته هيلاري كلينتون مُحاصرة الصين عسكريا بواسطة الأساطيل البحرية وإغلاق الممرات التجارية المائية التي تُعتَبَر شريانًا حيويا لاقتصاد الصين، وتمكنت الصين من الإلتفاف على الحصار الأمريكي، من خلال تعزيز علاقات الشراكة مع روسيا ومجموعة بريكس وأفريقيا وآسيا، وخفّضت الجمارك إلى صفر مع أكثر من 50 دولة، منها 33 دولة إفريقية، مما يحد من اعتمادها على السوق الأميركية، وتمكّنت الصين من تحسين العلاقات مع دول صديقة وحليفة للولايات المتحدة واخترقت الحصار التجاري الأميركي عبر دول وسيطة مثل ماليزيا وفيتنام لتصدير سلعها، ما دفع واشنطن إلى فرض عقوبات على هذه الدول، كما نجحت الصين في استخدام عملتها المحلية، اليوان، لتعزيز التبادل التجاري مع عدد من البلدان بما فيها دول الخليج العميلة للإمبريالية الأمريكية، مما قد يُهدّد الهيمنة المُطلقة للدّولار، على مدى بعيد، واستثمرت الصين في مجالات البحث العلمي والإبتكار والتّدريب والتّأهيل، ما أتاح نجاح شركات مثل هواوي ( الإتصالات) وشركات السيارات الكهربائية والطاقات المتجددة وما أتاح تطوير صناعة الرقائق الإلكترونية وأشباه الموصلات، رغم الحصار الأمريكي والأوروبي وخرجت الصين منتصرة في المعركة التكنولوجية والإلكترونية وتعمل على تقويض الهيمنة الأمريكية على المؤسسات المالية الدّولية والتحويلات من خلال أدوات مالية مثل المصرف الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية (AIIB) ومصرف بريكس ( مصرف التنمية الجديد – New Development Bank ) كخطوات صغيرة لتحجيم نفوذ للحد من الاعتماد على صندوق النقد الدولي والبنك العالمي الواقعَيْن تحت السيطرة الأمريكية…
2025-04-21
The post من تداعيات الحرب التجارية (1)!الطاهر المعز first appeared on ساحة التحرير.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


شفق نيوز
منذ 21 ساعات
- شفق نيوز
رسمياً.. واشنطن تخفف العقوبات على سوريا
شفق نيوز/ أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية، يوم السبت، إصدار رخصة عامة تُتيح تخفيفًا جزئيًا للعقوبات المفروضة على سوريا، وفقًا لما ورد على الموقع الإلكتروني لوزارة الخزانة الأميركية. وفي بيان رسمي، قالت الخزانة الأميركية: "اليوم (السبت)، أصدرت دائرة مراقبة الأصول الأجنبية (OFAC) التابعة لوزارة الخزانة الأميركية الرخصة العامة رقم 25 (GL 25)، لتوفير تخفيف فوري للعقوبات المفروضة على سوريا، تماشيًا مع إعلان الرئيس بشأن وقف شامل للعقوبات. وتُجيز هذه الرخصة المعاملات المحظورة بموجب لوائح العقوبات السورية، ما يعني عمليًا رفع العقوبات المفروضة على سوريا." وأضاف البيان أن الرخصة العامة GL 25 "ستُتيح استثمارات جديدة ونشاطًا في القطاع الخاص بما يتماشى مع استراتيجية 'أميركا أولًا' التي يتبناها الرئيس ترامب"، كما أعلنت وزارة الخارجية الأميركية بالتوازي عن إصدار إعفاء بموجب "قانون قيصر لحماية المدنيين السوريين"، يتيح لشركاء الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة البدء بخطوات لتعزيز إمكانات سوريا الاقتصادية. وقال وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت: "كما وعد الرئيس ترامب، تقوم وزارة الخزانة ووزارة الخارجية بتنفيذ إجراءات تسمح بتشجيع الاستثمارات الجديدة في سوريا. على سوريا أيضًا أن تواصل العمل نحو الاستقرار والسلام، ونأمل أن تُسهم هذه الإجراءات في وضع البلاد على طريق مستقبل مشرق ومزدهر." كما جاء في البيان الأميركي أن "وحشية نظام الأسد ودعمه للإرهاب في المنطقة قد انتهيا، وأن فصلًا جديدًا بدأ لسوريا". وأكدت الحكومة الأميركية التزامها بدعم "سوريا موحدة ومستقرة وسلمية"، مع التأكيد على أن تخفيف العقوبات يشمل الحكومة السورية الجديدة، شريطة ألا توفّر البلاد ملاذًا آمنًا للتنظيمات الإرهابية، وأن تضمن أمن الأقليات الدينية والعرقية. وأشار البيان إلى أن GL 25 تمثل "خطوة أولى رئيسية" في تنفيذ إعلان ترامب الصادر في 13 مايو حول رفع العقوبات، موضحًا أن الرخصة ستُسهّل الأنشطة الاقتصادية في جميع قطاعات الاقتصاد السوري، دون أن تشمل أي إعفاءات للتنظيمات الإرهابية أو منتهكي حقوق الإنسان أو مهربي المخدرات أو أي أطراف مرتبطة بالنظام السوري السابق. وأكدت وزارة الخزانة أن الرخصة لا تسمح بأي تعاملات تعود بالنفع على روسيا أو إيران أو كوريا الشمالية، وهي من أبرز داعمي النظام السابق. وتهدف هذه الخطوة إلى "إعادة بناء الاقتصاد السوري والقطاع المالي والبنية التحتية"، بما يتماشى مع المصالح السياسية للولايات المتحدة. وتشمل المعاملات المصرّح بها بموجب GL 25: الاستثمارات الجديدة في سوريا، تقديم خدمات مالية وخدمية، والتعاملات المرتبطة بالنفط أو المنتجات النفطية السورية. كما تُجيز الرخصة جميع التعاملات مع الحكومة السورية الجديدة، وكذلك مع بعض الأشخاص المحظورين الذين تم تحديدهم في ملحق خاص بالرخصة. وبالتوازي مع ذلك، أصدرت شبكة مكافحة الجرائم المالية (FinCEN) استثناءً يسمح للمؤسسات المالية الأميركية بالحفاظ على حسابات مراسلة مع البنك التجاري السوري. وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد أعلن الأسبوع الماضي، خلال جولة له في الشرق الأوسط، عن عزمه إصدار قرار بإنهاء العقوبات المفروضة على الحكومة الانتقالية السورية، في تحوّل كبير في السياسة الأميركية، سبقه لقاء قصير جمع ترامب بالرئيس السوري أحمد الشرع في العاصمة السعودية الرياض.


ساحة التحرير
منذ يوم واحد
- ساحة التحرير
مجموعة الدول النامية الثماني.. هل من عالم جديد؟محمد عبد الشفيع عيسى
مجموعة الدول النامية الثماني.. هل من عالم جديد؟ د. محمد عبد الشفيع عيسى مجموعة الدول النامية الثماني، كان يطلق عليها حين الإعلان عن نشأتها رسميا عام 1997بدعوة من نجم الدين أربكان – رئيس الوزراء التركى الأسبق – مجموعة الدول الثمانى الإسلامية، ومقر أمانتها إسطنبول. وقد عقدت اجتماعها العام الماضى فى القاهرة بتاريخ 25-12-2024، فكان ذلك بمثابة شارة وبشارة، من بين شارات وبشارات عدة، بعالم ربما جديد. وتتكون من مصر، تركيا، إيران، باكستان، بنجلاديش، وإندونيسيا وماليزيا ونيجيريا. ولكن هل هو عالم جديد حقًأ ؟ هذا ما نحاول البحث فيه. ولنبدأ من حيث تكون البداية، حول منظومة الاقتصاد العالمى المعاصرة. ففى منتصف الثمانينيات تقريبًا (1986) من القرن العشرين المنصرم، نضجت مفاوضات تيسير وتحرير تدفقات التجارة العالمية، فيما سمّى (بجولة مفاوضات أوروجواي)، وقد انتهت هذه الجولة بحدث جلل على مستوى تطور النظام العالمي، وهو توقيع اتفاق إنشاء منظمة التجارة العالمية واتفاقاتها المكملة فى مدينة مراكش فى مايو 1994. حينذاك بزغ عصر جديد، أو هكذا بدا الأمر، هو ما سمى بعصر (العولمة) Globalization كان من أبرز ثمرات العولمة فى إطار اتفاقية مراكش، اتفاق تحرير التجارة، تحديثًا لما انتهى إليه الاتفاق القديم لتحرير التجارة، المعروف ب (الجات) لعام 1948. وكذلك اتفاق (الجوانب التجارية للاستثمار) TRIMS و(اتفاق الجوانب التجارية للملكية الفكرية – تريبس) TRIPS وهى ربما أشهر الاتفاقات جميعًا. نضجت وتفرعت وتعاظمت نتائج اتفاق التجارة العالمية الجديد، ممثلاً فى اتفاق إنشاء منظمة التجارة العالمية WTO وجرى استكمال المفاوضات على مستوى جولات وزارية متتابعة، كان أهمها «اتفاق الدوحة» عام 2001 . ومن عجب أن تكون اتفاقية مراكش نقطة الانطلاق لنظام العولمة، بمثل ما أن «جولة الدوحة» مثلت «نقطة الانكسار»، إن صح التعبير. فلم يستكمل العمل بمقتضى أجندة الدوحة للتنمية، وظلت الأضواء تذوي، حتى صارت العولمة وكأنها «شبح ضئيل». ولربما كان تفرد الولايات المتحدة الأمريكية بالسيطرة والنفوذ على المستوى العالمى Lonely super power بعد توقيع اتفاق مراكش واتفاقاتها المكملة بقليل، هو المنطلق العالمى (غير عولمي) إن صح التعبير أيضا. حينئذ، أخذت أشباح العولمة فى التواري، لتحل محلها أشباح (اللاعولمة). وقد حل محل العولمة ظل ظليل كبير قائم على (الأقلمة) Regionalization–وتفرعت عن الأقلمة شعبتان : أولاهما ما يمكن تسميتها (الأقلمة الشاملة) وتمثلت فى التوسع الاقتصادى على نطاق جغرافى محدد وربما محدود، وثانيهما شعبة الإقليمية الفرعية. كان من أبرز التكتلات الإقليمية نشوء «اتفاق التجارة الحرة الإفريقية الثلاثية لعام 2014 ؟ وذلك انطلاقًا من عدة تكتلات إقليمية فرعية فى شرق إفريقيا ووسطها والجنوب واتحاد غرب إفريقيا. ومن التنظيمات الفرعية: ميركسور فى أمريكا اللاتينية، و«آسيان» ASEAN فى جنوب شرق آسيا، فضلاً عن تجربة (منطقة التجارة الحرة العربية الكبري) بكل مالها وعليها، مما لا يكون موضوعا للبحث هنا. ولا ننسى (نافتا) أى منطقة التجارة الحرة لأمريكا الشمالية. غير أنه من أحدث وأقوى التجمعات الاقتصادية العابرة للأقاليم وأبرزها، اتفاق تجمع «البريكس» المكون أصلاً من الصين وروسيا والهند والبرازيل وجنوب إفريقيا، وأنضمت له مصر يناير 2024 ومعها الأمارات وأثيوبيا وإيران وإن كنا لا نرى فى ذلك ما يشير إلى عالم عولمى متكافئ حقًا. أما على مستوى مجموعة الدول الثمانى النامية، كتجمع عابر للأقاليم ومحدود العضوية، ولكى تكون لبنة حقيقية من لبنات عالم مأمول، فإننا نشير الى بضع شذرات على النحو التالي. من حيث المدخل، نشير إلى أهمية تفعيل التجارة المتبادلة والاستثمارات والمشروعات المشتركة، وإيجاد مصادر مأمونة للتمويل الإقراضى والمساعدات التكنولوجية أما من حيث المسار المستقبلى فإنه ينبغى أيضا العمل فى مسارين متوازيين، أولهما بناء قطاعات إنتاجية على أساس نوع من «تقسيم العمل» المتناسب مع مزايا ومعطيات الموارد الإنتاجية لمختلف الدول الأعضاء، خاصة فى المجال التصنيعى والتكنولوجى. وثانيهما، العمل على تسوية المبادلات التجارية بالعملات المحلية، ويعقبها عمل على المشاركة فى الجهود الرامية لخلق أداة تسوية نقدية عالمية لمواجهة احتكار الدولار لهذا الدور، على نحو ما تحاول مجموعة «البريكس». 2025-05-24


شفق نيوز
منذ 2 أيام
- شفق نيوز
ترامب يهدد بفرض رسوم جمركية بنسبة 50 في المئة على الاتحاد الأوروبي و25 في المئة على هواتف آيفون
قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إنه يوصي بفرض تعريفة جمركية بنسبة 50 في المئة على جميع السلع المستوردة من الاتحاد الأوروبي إلى الولايات المتحدة. ونشر ترامب منشوراً على مواقع التواصل الاجتماعي الجمعة قال فيه: "محادثاتنا معهم لا تُسفر عن أي نتيجة!"، مؤكداً أن العمل بالرسوم الجمركية الجديدة سيبدأ في الأول من يونيو/حزيران المقبل. وتعتبر هذه التصريحات تصعيدا جديدا في إطار حرب ترامب التجارية مع الاتحاد الأوروبي. وكان الرئيس الأمريكي قد فرض رسوماً جمركية بنسبة 20 في المئة على معظم واردات الولايات المتحدة من الاتحاد الأوروبي، لكنه خفضها إلى النصف بصفة مؤقتة حتى الثامن من يوليو/تموز لإتاحة الفرصة لإجراء محادثات. كما هدد ترامب بفرض تعريفة جمركية بقيمة 25 في المئة على هواتف آيفون المصنعة خارج الولايات المتحدة عند دخولها إلى البلاد. وقال ترامب: "أبلغت تيم كوك منذ فترة طويلة أنني أتوقع أن أجهزة آيفون التي ستباع في الولايات المتحدة سوف تُصنع وتُطور في الولايات المتحدة، وليس في الهند أو في أي مكان آخر". وأضاف: "إذا لم يتحقق ذلك، فسوف يتعين على شركة أبل أن تدفع تعريفة جمركية بنسبة 25 في المئة على الأقل للولايات المتحدة". ومنذ عودته إلى البيت الأبيض، فرض ترامب تعريفات جمركية مختلفة على دول حول العالم، وهدد بفرض رسوم جمركية أخرى، وهو ما يرى أنه وسيلة لتعزيز التصنيع في الولايات المتحدة وحماية الوظائف الأمريكية من المنافسة الأجنبية. والتعريفة الجمركية هي ضريبة محلية تفرض على السلع عند دخولها إلى بلد ما، بما يتناسب مع قيمة الاستيراد، وتدفعها الشركة المستوردة. Reuters وأثار احتمال فرض رسوم جمركية أعلى على واردات الولايات المتحدة قلق العديد من زعماء العالم بشأن ما يمكن أن يؤدي إليه ذلك من ارتفاع تكلفة بيع المنتجات في أكبر اقتصادات العالم، علاوة على الصعوبات التي قد تواجهها الشركات جراء ذلك. وقال ترامب الجمعة إن التعامل مع الاتحاد الأوروبي "صعب للغاية" وإن التكتل شُكل "بهدف أساسي هو الاستفادة" من الولايات المتحدة على مستوى التبادل التجاري. وأضاف: "محادثاتنا معهم لن تُفضي إلى أي نتيجة! لذلك، أوصي بفرض رسوم جمركية بنسبة 50 في المئة على الاتحاد الأوروبي اعتباراً من الأول من يونيو/حزيران 2025". وأشار ترامب إلى أنه لن تُفرض أي رسوم جمركية إذا "طُور المنتج أو صُنع في الولايات المتحدة". وفرض الرئيس الأمريكي رسوماً جمركية على الواردات من الاتحاد الأوروبي إلى الولايات المتحدة في محاولة للتعامل مع العجز التجاري طويل الأجل لبلاده مع التكتل الأوروبي، والذي يحدث عندما تتجاوز قيمة الواردات قيمة الصادرات. وسجلت الصادرات الأمريكية إلى الاتحاد الأوروبي العام الماضي 370.2 مليار دولار في حين بلغت الواردات من التكتل الأوروبي 605.8 مليار دولار، وفقاً لبيانات حكومية أمريكية. وأعرب ترامب عن استيائه في أكثر من مناسبة من صادرات الاتحاد الأوروبي إلى بلاده من السيارات – خاصةً من ألمانيا – إذ يتم شحن عدد أقل من المركبات من الولايات المتحدة إلى دول أوروبا. ولم يعلق الاتحاد الأوروبي على هذه التصريحات حتى الآن. وقال الرئيس التنفيذي لشركة فولفو للسيارات، رداً على تهديد ترامب، إن العملاء سيضطرون إلى دفع جزء كبير من التكلفة الإضافية التي تنشأ نتيجة للرسوم الجمركية. وقال رئيس فولفو هاكان سامويلسون لوكالة أنباء رويترز إن فرض تعريفة جمركية بنسبة 50 في المئة من شأنه أن يحد من قدرة الشركة على بيع سيارتها الكهربائية من طراز EX30 المصنعة في بلجيكا في السوق الأمريكي. لكنه رجح أن هناك إمكانية للتوصل إلى اتفاق قريباً. وأضاف: "ليس من مصلحة أوروبا أو الولايات المتحدة إغلاق التجارة بينهما". وفي حين علق ترامب العمل ببعض الرسوم الجمركية المرتفعة، واجهت السيارات المصنعة خارج الولايات المتحدة ضريبة بنسبة 25 في المئة منذ أبريل/نيسان الماضي. ويأتي تحذير ترامب لشركة أبل بعد أن أعلنت شركة التكنولوجيا العملاقة أنها ستنقل إنتاج معظم هواتف آيفون والأجهزة الأخرى المصنعة للسوق الأمريكي إلى أماكن أخرى بخلاف الصين. وقال تيم كوك، الرئيس التنفيذي لشركة أبل، في وقت سابق من هذا الشهر إن غالبية هواتف آيفون المتجهة إلى السوق الأمريكية في الأشهر المقبلة سيتم تصنيعها في الهند في حين ستكون فيتنام مركزاً رئيسياً لإنتاج أجهزة iPad وساعات أبل. وجاء رد فعل أسواق الأسهم الأوروبية بمؤشراتها الثلاثة، بما فيهم فوتسي100 لبورصة لندن، تجاه تهديد ترامب في شكل هبوط أثناء تعاملات الظهيرة.