
الميكروبيوم المعوي ومناعة الأطفال... علاقة حيويّة تبدأ منذ الولادة
اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب
لا يزال جسم الإنسان يحمل أسرارًا مذهلة تكتشفها الأبحاث العلمية يومًا بعد يوم، ومن بين أهم هذه الاكتشافات في السنوات الأخيرة، هو دور الميكروبيوم المعوي في التأثير في الصحة العامة، وبشكل خاص على جهاز المناعة، لا سيّما عند الأطفال. يشير مصطلح "الميكروبيوم المعوي" إلى مجموعة ضخمة من الكائنات الحية الدقيقة التي تعيش داخل الجهاز الهضمي، وتتكوّن بشكل رئيسي من البكتيريا، بالإضافة إلى الفطريات والفيروسات. وتُعد هذه الكائنات الدقيقة أكثر من مجرد مكونات خاملة، إذ تلعب دورًا نشطًا وأساسيًا في حماية الطفل من الأمراض، وتشكيل ردود فعل مناعية سليمة.
يبدأ تكوين الميكروبيوم عند الطفل منذ لحظة الولادة، بل تشير بعض الدراسات إلى أن الجنين قد يتعرض لبكتيريا محدودة في رحم الأم. لكن اللحظة المفصلية في تشكيل الميكروبيوم تبدأ مع نوع الولادة، حيث يتعرض الطفل المولود طبيعيًا لبكتيريا نافعة من قناة الولادة، في حين أن الأطفال المولودين بعملية قيصرية يمتلكون تركيبة مختلفة، مما قد يؤثر في مناعتهم في المراحل الأولى من حياتهم. بعد الولادة، تؤدي الرضاعة الطبيعية دورًا بالغ الأهمية في دعم نمو بكتيريا مفيدة، مثل "بيفيدوباكتيريوم"، التي تساهم في تقوية جدار الأمعاء وتحفيز الجهاز المناعي على التفاعل بشكل متوازن مع العوامل البيئية المحيطة.
إن الجهاز المناعي للطفل في سنواته الأولى لا يزال في طور التعلّم والتطوّر، وهنا يأتي دور الميكروبيوم كـ"معلم بيولوجي" يساعده على التمييز بين العناصر الضارة وغير الضارة. فعندما يكون هناك توازن صحي في الميكروبيوم، يستطيع الجسم التفاعل بشكل منطقي مع الميكروبات، مما يقلّل من احتمالية تطور أمراض مناعية ذاتية أو حساسيات غذائية، مثل حساسية الحليب أو البيض. على العكس من ذلك، فإن اضطراب هذا التوازن، المعروف باسم "ديسبيوسيس"، قد يؤدي إلى خلل مناعي يُضعف قدرة الجسم على محاربة الفيروسات والبكتيريا الضارة، ويزيد من قابلية الطفل للإصابة بالعدوى المتكررة.
اللافت أن الميكروبيوم لا يقتصر تأثيره على المناعة الموضعية في الجهاز الهضمي فقط، بل يمتد إلى المناعة الجهازية التي تشمل الجسم بأكمله. فالبكتيريا النافعة تفرز مركبات تُحفّز إنتاج خلايا مناعية نشطة، مثل الخلايا التائية المنظمة، التي تؤدي دورًا مهمًا في ضبط الاستجابات المناعية ومنع الالتهابات المزمنة. كما تُسهم هذه البكتيريا في دعم الحاجز المعوي، وهو خط الدفاع الأول ضد تسرب السموم والميكروبات إلى مجرى الدم، مما يجنّب الجسم ردات فعل مناعية مفرطة قد تكون مؤذية.
من هنا، يصبح من المهم جدًا دعم نمو وتنوع الميكروبيوم المعوي لدى الأطفال، عبر اتباع نظام غذائي غني بالألياف والبروبيوتيك، مثل الزبادي الطبيعي والخضراوات والفواكه، والحدّ من استخدام المضادات الحيوية دون ضرورة طبية، إذ أن هذه الأدوية قد تقتل البكتيريا النافعة إلى جانب الضارة، ما يؤدي إلى خلل يصعب تداركه بسهولة. كذلك، فإن السماح للطفل باللعب في الطبيعة والتعرّض المدروس للبيئة المحيطة يعزّز تنوع الميكروبيوم بشكل طبيعي.
أخيراً، لا بمكننا الحديث عن مناعة الأطفال دون التطرّق إلى الميكروبيوم المعوي، فهو شريك حيوي غير مرئي، لكنه يؤدي دورًا جوهريًا في بناء مناعة قوية ومتوازنة. ومع تقدم الأبحاث، يبدو أن فهم هذه العلاقة العميقة بين الميكروبيوم والمناعة سيُعيد تشكيل طرق الوقاية والعلاج من الأمراض، ليبدأ من الأمعاء، ويصل إلى كل خلية في جسم الطفل.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


MTV
منذ 4 ساعات
- MTV
22 May 2025 12:02 PM اختبار طبي يكشف مفاجأة بشأن العمر البيولوجي لرونالدو
أظهر فحص طبي خضع له النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو، قائد نادي النصر السعودي لكرة القدم، مفاجأة كبيرة بشأن عمره البيولوجي. وجاءت نتيجة الفحص الطبي الذي يقدّر العمر البيولوجي حسب الحالة الصحية لجسم الإنسان من الداخل بالإضافة إلى لياقته البدنية ويعتمد على أسلوب حياة الشخص، مفاجأة فقد أظهرت أن رونالدو أصغر من عمره الحقيقي الحالي بـ11 عاما تقريبا، وفق صحيفة "ريكورد" البرتغالية. ونشرت الصحيفة تفاصيل الفحص الذي خضع له كريستيانو باستخدام أداة "ووب - WHOOP" وهو تطبيق صحي رياضي ذكي يراقب جسم الإنسان بدقة على مدار الساعة باستخدام سوار ذكي. وقاس الجهاز المذكور مؤشرات حيوية مختلفة لرونالدو مثل معدل ضربات القلب، وجودة النوم، والتعافي البدني بعد الجهد المبذول، فكانت النتائج مذهلة للغاية لدرجة أنها فاجأت اللاعب نفسه. وقال رونالدو في مقابلة نشرت عبر حساب "WHOOP" على "يوتيوب": "لا أصدق أنني بهذه الحالة، عمري البيولوجي 28 عاما و9 أشهر". وأضاف مازحا: "هذا يعني أنني سألعب كرة القدم 10 سنوات أخرى".


IM Lebanon
منذ 9 ساعات
- IM Lebanon
هل دخل لبنان عصر الإدمان الرقمي؟
كتب شربل صفير في 'نداء الوطن:' في وطن يُصنَّف من بين أعلى الدول من حيث نسب الاكتئاب والانهيار النفسي في المنطقة، تتكشّف كارثة جديدة، غير مرئية، لا تحتاج إلى مروّجين أو زواريب مظلمة، بل إلى هاتف ذكي وسماعات أذن فقط: «المخدرات الرقمية».ظاهرة رقمية – نفسية تتسلّل بهدوء إلى أذهان الشباب اللبناني، خصوصاً طلاب المدارس والجامعات، بعيداً من أعين الأهل، ومن دون أي تدخل رسمي أو تربوي أو إعلامي جاد. ما هي المخدرات الرقمية؟ خدعة «التركيز» أم بوابة اللاعودة؟ تُعرف علمياً باسم الذبذبات الثنائية (Binaural Beats)، وهي مقاطع صوتية تُبث بترددين مختلفين لكل أذن، ما يُحدث تفاعلًا في الدماغ يُنتج موجة ثالثة قد تُغيّر الحالة العصبية والنفسية للمستمع. هذه المقاطع تُسوَّق على الإنترنت – وخصوصاً عبر منصات مثل يوتيوب وتيك توك – بأنها بدائل رقمية لمخدرات كالكوكايين، LSD، الحشيش، والإكستازي. «رحلة ذهنية آمنة» هكذا تُقدَّم، لكن الواقع مختلف تماماً. في بعض الدول الأوروبية والخليجية، أُثيرت هذه الظاهرة في أروقة وزارات الصحة والتعليم، فيما لا يزال لبنان غائباً تماماً، وكأن شيئاً لا يحدث. الانتشار في المدارس كشف تحقيق ميداني عن تنامي استخدام هذه الملفات بين طلاب المدارس والثانويات، تحديداً في بيروت وضواحيها، البقاع، والجنوب. لا يتحدث عنها التلامذة علناً، لكنها متداولة بكثافة في مجموعات واتساب وتيليغرام على أنها «تجربة ممنوعة تستحق المحاولة»، وفي هذا السياق، يقول أحد الأساتذة (فضّل عدم الكشف عن هويته) لـ «نداء الوطن»: «فوجئت بطالبَين في الحمام المدرسي يضعان سماعات ويستمعان إلى أصوات غريبة… تبيّن لاحقاً أنها ملفات مخدرات رقمية تُستخدم لتغيير الحالة الذهنية. لم أكن أعلم أصلاً بوجودها».الأخطر أن هذه الملفات تُقدَّم للمراهقين بمصطلحات خادعة مثل: «موسيقى تركيز» أو «علاج توتّر»، في حين أن بعض حسابات تيك توك العربية تسوّقها بعبارات صارخة: «اضغط تشغيل… وسافر لعالم آخر»،»الانتشاء بضغطة زر… بلا مخاطر». ماذا يقول العلم؟ دراسة حديثة أُجريت في جامعة كيرتن الأسترالية عام 2023، شملت أكثر من 3000 شاب بين 15 و25 عاماً، أظهرت أن 12 % منهم استخدموا المخدرات الرقمية لتغيير حالتهم الذهنية، وليس للترفيه فقط. نتائج الدراسة كشفت عن أعراض مقلقة: الإحساس بالانفصال عن الواقع،نوبات دوخة، ارتعاش في الأطراف، شعور بالانتشاء أو ما يُعرف بـ'الهاي الرقمي'. في لبنان، لا توجد حتى اللحظة أي دراسة محلية أو مسح ميداني، لا من وزارة الصحة، ولا من أي جهة أكاديمية أو تربوية. إنها منطقة رمادية يسير فيها الجيل الجديد بلا بوصلة، ولا تحذير، ولا وقاية.الإدمان السلوكي: الخطر الخفيّ الذي لا يُرصد بعكس المخدرات التقليدية، لا تترك هذه الملفات أثراً جسدياً مباشراً. لا روائح، لا احمرار في العينين، ولا آثار يمكن للأهل أو المعلمين ملاحظتها بسهولة لكن الأعراض النفسية تتراكم اضطرابات نوم حادّة، قلق مزمن، نوبات اكتئاب،تشتّت تركيز دراسي وسلوكي، نوبات «ديجافو» وانفصال عن الواقع . والمقلق أكثر، أن بعض الحالات التي راجعت عيادات نفسية في بيروت، وُجِدت تعاني أعراضاً تُشبه الذهان، وبعد التعمّق في تفاصيلها، تبيّن أنها مدمنة على الذبذبات الثنائية. أين الدولة اللبنانية؟ لا أثر لأي مبادرة من وزارة التربية، لا ورش توعية، لا نشرات للطلاب أو الأهل. وزارة الصحة؟ غائبة تماماً، وكأن العقل اللبناني محصّن ضد التلوث الرقمي. أما الإعلام المحلي، فيبدو منشغلًا بـ»الترندات» السطحية والمناكفات السياسية، تاركاً جيلاً كاملاً يتخبط في تجارب عصبية خطيرة، من دون أدنى تغطية معمّقة أو تحذير. ما لا نراه… هو الأخطر الخطر الحقيقي ليس في الأصوات التي يسمعها أبناؤنا، بل في صمتنا المدوّي كمجتمع تجاه هذه الظاهرة الزاحفة. صمت المدرسة، وصمت الأهل، وصمت الإعلام، وصمت الدولة. إذا لم تُطلق حملات توعية وطنية شاملة، وإذا لم يتُم إدخال هذه القضية إلى البرامج التعليمية والصحية، فنحن أمام جيل يُخدّر رقمياً، بلا صوت، بلا صرخة، وبلا علاج. الجيل المقبل قد لا يسقط في الإدمان الكلاسيكي… بل في إدمان رقمي لا تُرى آثاره، حتى يفوت الأوان.


ليبانون 24
منذ 10 ساعات
- ليبانون 24
مفاجأة كبيرة... إليكم عمر رونالدو البيولوجي (فيديو)
أظهر فحص طبي خضع له النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو قائد نادي النصر السعودي لكرة القدم ، مفاجأة كبيرة بشأن عمره البيولوجي. وجاءت نتيجة الفحص الطبي الذي يقدر العمر البيولوجي حسب الحالة الصحية لجسم الإنسان من الداخل بالإضافة إلى لياقته البدنية ويعتمد على أسلوب حياة الشخص، مفاجأة فقد أظهرت أن رونالدو أصغر من عمره الحقيقي الحالي بـ11 عاما تقريبا، بحسب صحيفة "ريكورد" البرتغالية. ونشرت الصحيفة تفاصيل الفحص الذي خضع له كريستيانو "صاروخ ماديرا" باستخدام أداة "ووب - WHOOP" وهو تطبيق صحي رياضي ذكي يراقب جسم الإنسان بدقة على مدار الساعة باستخدام سوار ذكي. وقاس الجهاز المذكور مؤشرات حيوية مختلفة لرونالدو مثل معدل ضربات القلب، وجودة النوم، والتعافي البدني بعد الجهد المبذول، فكانت النتائج مذهلة للغاية لدرجة أنها فاجأت اللاعب نفسه. وقال رونالدو في مقابلة نشرت عبر حساب "WHOOP" على منصة " يوتيوب": "لا أصدق أنني بهذه الحالة، عمري البيولوجي 28 عاما و9 أشهر!". وأضاف النجم البرتغالي المخضرم مازحا: "هذا يعني أنني سألعب كرة القدم 10 سنوات أخرى".