logo
الإمام الشيرازي وقوة المقاومة السلمية في دفع العنف والعنف المضاد

الإمام الشيرازي وقوة المقاومة السلمية في دفع العنف والعنف المضاد

شبكة النبأ٠٥-٠٤-٢٠٢٥

لا تقتصر المقاومة السلمية على مواجهة الاستعمار أو الاحتلال، بل تمتد لتشمل السعي نحو التغيير والإصلاح داخل المجتمعات ضد الأنظمة المستبدة والفاسدة، من خلال الوسائل السلمية، يمكن للشعوب التعبير عن رفضها للظلم والمطالبة بحقوقها دون اللجوء إلى العنف، مما يعزز الاستقرار ويؤسس لبيئة ديمقراطية مثلما حدث في الثورات السلمية...
كان المرجع الراحل اية الله العظمى السيد محمد الحسيني الشيرازي (رحمه الله) من أبرز الداعين إلى اعتماد المقاومة السلمية كوسيلة لتحقيق التغيير والإصلاح، وقد أكد في العديد من مؤلفاته وخطاباته على أهمية اللاعنف وضرورة تجنب العنف في مواجهة التحديات.
لا ينفصل فكر الشيرازي عن الجذور القرآنية التي رسخت لمبدأ اللاعنف والجنوح للسلم باعتباره أسلوب حياة، فعند تحليل الآية الكريمة التي يقول فيها الباري عز وجل (ادفع بالتي هي احسن)، نلاحظ ان الامر الالهي فيها ليس مجرد توجيه اخلاقي، بل هو توجيه استراتيجي يعني البحث عن الادوات الاكثر فاعلية وابداعاً (التي هي احسن) لتحقيق النتائج، وهو ما يتوافق تماماً مع المنطق السلمي القائم على التخطيط طويل المدى.
وهذا طبعاً لا ينفي كون الجنوح للسلم خياراً اخلاقياً متكاملاً، حيث اعتبره الشيرازي (رحمه الله) جزء من منظومة اخلاقية شاملة تبدأ من اصلاح الذات وتنتهي بإصلاح المجتمع، كونه كان يؤمن بأن العنف يفسد الضمير الانساني قبل ان يدمر الحجر، بينما تعيد المقاومة السلمية بناء الانسان من الداخل عبر تعزيز قيم الصبر والحكمة والتعقل والحلم.
ففي كتاباته عن فلسفة اللاعنف وتطبيقاته، يشير الإمام الشيرازي إلى أن "عندما تختفي لغة الحوار، يطغى العنف وتتضاءل فرص التسوية السلمية على صعيد النزاعات السياسية والعسكرية"، وهذا يؤكد على قناعته بأن الحوار والتفاهم هما السبيل الأمثل لحل النزاعات بدلاً من اللجوء إلى العنف.
لماذا المقاومة السلمية؟
هناك العديد من الاسباب التي تدعو إلى انتهاج طريق المقاومة السلمية لتحقيق أهداف المجتمعات التي تعاني من سلب لحقوقها او تعرضها للظلم او الفساد او الاستبداد منها:
1. تعزيز التفاهم والحوار: تسهم المقاومة السلمية في فتح قنوات الحوار بين الأطراف المتنازعة، مما يزيد من فرص التوصل إلى حلول توافقية تجنب الجميع الانزلاق في دوامة العنف.
2. تقليل الخسائر: تجنب العنف يقلل من الخسائر البشرية والمادية، ويحافظ على البنية التحتية للمجتمع ويسهل من عملية التحول نحو الاصلاح.
3. كسب التأييد: تحظى الحركات السلمية بتأييد ودعم الافراد والمجتمع داخليا وخارجيا، مما يزيد من فرص نجاحها.
4. استدامة التغيير: يكون التغيير الناتج عن المقاومة السلمية أكثر استدامة، حيث يعتمد على توافق مجتمعي واسع.
نجاح المقاومة السلمية
لكن هل نجحت المقاومة السلمية في تحقيق اهدافها عبر التاريخ ام هو مجرد عملية تنظير ليس لها على ارض الواقع أي نتائج ملموسة؟
الامثلة على نجاح المقاومة السلمية كثيرة ولها ثمار ايجابية كثيرة لخصت الفرق بين النزاع المسلح والتغيير بلا عنف يمكن ذكر بعضها:
1. المهاتما غاندي وتحرير الهند: قاد غاندي حركة الاستقلال الهندية ضد الاستعمار البريطاني باستخدام أساليب سلمية مثل العصيان المدني والمظاهرات السلمية، رغم القمع والاعتقالات، نجحت هذه الحركة في تحقيق استقلال الهند عام 1947، مما يبرز قوة اللاعنف في تحقيق التغيير السياسي والاجتماعي.
2. مارتن لوثر كينغ وحركة الحقوق المدنية في أمريكا: كان مارتن لوثر كينغ رمزًا للنضال السلمي ضد العنصرية في الولايات المتحدة خلال الستينيات، من خلال المظاهرات السلمية والخطابات المؤثرة، ساهم في إنهاء التمييز العنصري وتحقيق المساواة في الحقوق المدنية للأمريكيين من أصل أفريقي.
3. نيلسون مانديلا ونهاية الفصل العنصري: رغم سجنه لسنوات طويلة، تمسك نيلسون مانديلا بالمقاومة السلمية كأسلوب لإنهاء نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا، مما أدى إلى تحقيق الديمقراطية دون حرب أهلية.
المقاومة السلمية كأداة للتغيير والإصلاح
لا تقتصر المقاومة السلمية على مواجهة الاستعمار أو الاحتلال، بل تمتد لتشمل السعي نحو التغيير والإصلاح داخل المجتمعات ضد الأنظمة المستبدة والفاسدة، من خلال الوسائل السلمية، يمكن للشعوب التعبير عن رفضها للظلم والمطالبة بحقوقها دون اللجوء إلى العنف، مما يعزز الاستقرار ويؤسس لبيئة ديمقراطية مثلما حدث في الثورات السلمية في أوروبا الشرقية التي نجح بعضها في تحقيق تحول ديمقراطي دون اللجوء إلى العنف، مما أدى إلى إنهاء الحكم الشيوعي.
ان رؤية الإمام الشيرازي حول المقاومة السلمية تتمحور حول فكرة أن التغيير الحقيقي لا يتحقق من خلال العنف أو العنف المضاد، بل عبر أساليب سلمية ترفض الظلم وتعمل على تحويل المجتمع إلى بيئة يسود فيها العدل والحرية.
ان الدرس الأعمق الذي يقدمه الإمام الشيرازي (رحمه الله) هو أن السلمية ليست مجرد غياب العنف، بل هي قوة هادئة موجهة ضد ثقافة اليأس والسلبية، تُذكّرنا بأن التغيير الحقيقي يبدأ عندما نرفض أن نكون مجرد رد فعل على الظلم، لنصبح فاعلين في صياغة عالم لا مكان فيه للاستبداد، لا بالعنف ولا بالصمت.
يمكن في نهاية المطاف تلخيص رؤية الامام المجدد اية الله العظمى السيد محمد الحسيني الشيرازي (رحمه الله) حول المقامة السلمية كوسيلة لتحقيق التغيير او الاصلاح في المجتمع، وكذلك في مواجهة الظلم والاستبداد والفساد من خلال النقاط التالية:
1. المقاومة السلمية كخيار حضاري: السيد الشيرازي كان يولي أهمية كبيرة للمقاومة السلمية باعتبارها من أعلى أشكال النضال، حيث تؤكد على القيم الإنسانية والحضارية، حيث يرى أن المقاومة العنفية تؤدي إلى استمرار الدورة المدمرة من العنف، بينما تعزز المقاومة السلمية الفهم المتبادل وتسهم في إيجاد حلول مستدامة.
2. السلمية ليست ضعفا: في فلسفة الإمام الشيرازي، السلمية ليست نتيجة لعجز أو ضعف، بل هي قوة واعية وعميقة تحمل فيها إرادة التغيير. فالتزام السلمية يتطلب شجاعة كبيرة، وهي تتفوق على العنف الذي قد ينقلب على أصحابه في النهاية.
3. رفض الاستبداد والظلم: في معظم مواقفه، دعا إلى رفض الاستبداد والظلم مهما كانت الظروف، ومع ذلك، كان يفضل أن تكون عملية الرفض هذه ضمن حدود المقاومة السلمية، على اعتبار أن العنف لا يؤدي إلا إلى تدمير المجتمع ويعزز الديكتاتورية.
4. التغيير من داخل المجتمع: يرى الامام الراحل أن التغيير يبدأ من المجتمع نفسه، ومن الداخل، عبر تربية الأفراد على مبادئ الأخلاق والعدالة. التغيير لا يكون خارجيًا فقط، بل يعتمد على نهضة داخلية تؤمن بالعدالة والمساواة.
5. تعزيز الوعي الاجتماعي والسياسي: يعتقد السيد الشيرازي أن الوعي هو أساس التغيير السلمي، إذ يتعين على الأفراد أن يكونوا واعين بقضاياهم الاجتماعية والسياسية وأن يسعى كل فرد إلى المساهمة في بناء مجتمع يحترم حقوق الإنسان.
6. اللاعنف كقوة مضادة: كان السيد الشيرازي يؤمن أن القوة السلبية التي يفرضها الظلم يمكن أن تكسر فقط عبر ممارسة "القوة المضادة" التي لا تقوم على العنف، بل على المقاومة السلمية، إن هذه القوة المضادة تجسد القدرة على الصمود والمثابرة، ونشر الوعي بالقيم الإنسانية.
7. الاحتجاج السلمي كوسيلة للتغيير: من خلال الاحتجاج السلمي يمكن ان تبدأ عملية التغيير، فالاحتجاج السلمي يمكن أن يكون أداة قوية لتحقيق العدالة الاجتماعية، وأنه يجب أن يُستغل بشكل فاعل لفضح الظلم وإيقافه.
8. تعزيز ثقافة اللاعنف: يجب نشر وتعزيز قيم اللاعنف في المجتمعات من خلال التعليم والتوعية.
9. تطوير آليات الحوار: تشجيع الحوار بين مختلف الأطراف لحل النزاعات بطرق سلمية.
10. دعم الحركات السلمية: تقديم الدعم المادي والمعنوي للحركات التي تتبنى المقاومة السلمية كوسيلة للتغيير.
11. توعية الشباب: توجيه الشباب نحو فهم أهمية السلمية في تحقيق الأهداف وتجنب العنف كوسيلة للتعبير.
* مدير مركز الامام الشيرازي للدراسات والبحوث/2002–Ⓒ2025

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

مشيخة العقل تحذّر من انتشار منشورات وتسجيلات مضللة!
مشيخة العقل تحذّر من انتشار منشورات وتسجيلات مضللة!

القناة الثالثة والعشرون

timeمنذ 32 دقائق

  • القناة الثالثة والعشرون

مشيخة العقل تحذّر من انتشار منشورات وتسجيلات مضللة!

أصدرت مشيخة العقل لطائفة الموحدين الدروز بيانًا حذرت فيه من خطورة الكتب والمنشورات والتسجيلات التي تصدر بين الحين والآخر، وتروّج لمضامين تُضلّل الناس تحت عناوين توهم بنشر الوعي والثقافة، في حين تنطوي على تشويه مقصود وإثارة للفتنة. وجاء في البيان: "قال الله تعالى: (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)"، وقال الرسول الكريم: (من دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من يتبعه، لا ينقص ذلك من آثامهم شيئًا)". وأضافت المشيخة أن بعض هذه الكتب، التي تُسوَّق إلكترونيًا أو في بلاد الانتشار، تتناول قضايا دينية وتاريخية واجتماعية تمس جوهر الدين والمجتمع والتراث، مشيرة إلى أنها مليئة بالمغالطات والافتراءات، إما بسبب الجهل ونقص المعرفة، أو نتيجة سوء النية. وأكد البيان أن هذه الأعمال "باتت تستوجب موقفًا حاسمًا وصارمًا"، مشددًا على أن مشيخة العقل لا تتبنى أي منشور أو تسجيل ديني أو ثقافي ما لم يكن مقترنًا بموافقة خطية مسبقة منها، وفق ما ينص عليه القانون. وختمت بتحذير المخالفين من عواقب عدم الالتزام بالأنظمة، داعية إلى التوقف عن هذا "النهج المسيء"، تحت طائلة الملاحقة القانونية. انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة. انضم الآن شاركنا رأيك في التعليقات تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News

الخامنئي: لا نعتقد أن المفاوضات غير المباشرة مع أميركا ستؤدي إلى نتيجة ولا نعلم ماذا سيحدث
الخامنئي: لا نعتقد أن المفاوضات غير المباشرة مع أميركا ستؤدي إلى نتيجة ولا نعلم ماذا سيحدث

النشرة

timeمنذ 2 ساعات

  • النشرة

الخامنئي: لا نعتقد أن المفاوضات غير المباشرة مع أميركا ستؤدي إلى نتيجة ولا نعلم ماذا سيحدث

أشار المرشد الأعلى في إيران السيد علي الخامنئي، إلى أنّه "كانت هناك مفاوضات غير مباشرة مع أميركا في عهد (الرئيس الإيراني الراحل) إبراهيم رئيسي، ولكن دون نتائج. ولم يٌسمح للعدو أن يقول إنه جلب إيران إلى طاولة المفاوضات بالتهديدات. وما زلنا لا نعتقد أن الأمر سيصل إلى أي نتيجة ولا نعرف ماذا سيحدث"، في المفاوضات النووية. كلام الخامنئي جاء في مراسم إحياء ذكرى رحيل الرئيس الإيراني السابق إبراهيم رئيسي ورفاقه، وذلك في حسينية "الإمام الخميني" في العاصمة الإيرانية طهران. وشدد على أنّه "ينبغي على الجانب الأميركي الذي يشارك في هذه المفاوضات غير المباشرة أن يتحدث ويتفاوض وأن يكف عن إطلاق تصريحات عبثية وفارغة". وأكّد الخامنئي أنّ " تصريحات أميركا بشأن تخصيب اليورانيوم وقاحة"، مضيفًا "القول بأننا لن نسمح لإيران بتخصيب اليورانيوم هو خطأ كبير ولا ننتظر إذن أي جانب للتخصيب. الجمهورية الإسلامية لها سياسة ولها منهج وهي تنتهج سياسة خاصة بها". وأضاف "في مناسبة أخرى، سأشرح للشعب الإيراني لماذا يتم التحدث عن مسألة تخصيب اليورانيوم، ولماذا تصر الجهات الغربية والأميركية وغيرها بشدة على أنه لا ينبغي أن يكون هناك تخصيب لليورانيوم في إيران. وسأفتح هذه النقاط إن شاء الله في مناسبة أخرى حتى يعرف الشعب الإيراني ما هي نوايا الجانب الآخر". وقال الخامنئي في المناسبة "رئيسي لم يعتبر نفسه متفوقاً على الشعب بل كان يعتبر نفسه على نفس مستوى الشعب مثل الشعب، وحتى أصغر من الشعب، وكان يتمتع بقلب متواضع واعي، ولسان صادق وصريح، وعمل دؤوب ومتواصل".

عملية 'واسعة النطاق' للجيش السوداني في جنوب وغرب أم درمان، وإصابات الكوليرا تتفاقم بعد انقطاع الكهرباء #عاجل
عملية 'واسعة النطاق' للجيش السوداني في جنوب وغرب أم درمان، وإصابات الكوليرا تتفاقم بعد انقطاع الكهرباء #عاجل

سيدر نيوز

timeمنذ 2 ساعات

  • سيدر نيوز

عملية 'واسعة النطاق' للجيش السوداني في جنوب وغرب أم درمان، وإصابات الكوليرا تتفاقم بعد انقطاع الكهرباء #عاجل

هزّ دوي الانفجارات العاصمة السودانية الثلاثاء بعد ساعات من بدء الجيش عملية عسكرية 'واسعة النطاق' تهدف إلى 'طرد' قوات الدعم السريع من آخر معاقلها في جنوب وغرب أم درمان و'تطهير' كامل منطقة العاصمة. وتأتي هذه المعارك في وقت تشهد الحرب المستمرة بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو، تصاعداً في وتيرتها لا سيما عبر استخدام أسلحة بعيدة المدى، ومهاجمة الدعم السريع لمناطق سيطرة الجيش بطائرات مسيّرة. وأفادت وكالة الأنباء الفرنسية بسماع أصوات انفجارات في أم درمان، حيث لا تزال قوات الدعم السريع تتحصن في بعض الأنحاء منذ إعلان الجيش 'تحرير' العاصمة في أواخر مارس/آذار. وقال نبيل عبدالله، المتحدث باسم الجيش السوداني، في بيان إن قوات الجيش مستمرة 'في عملية واسعة النطاق ونقترب من تطهير كامل ولاية الخرطوم' باستهداف معاقل الدعم السريع 'بجنوب وغرب أم درمان وتستمر في تطهير مناطق صالحة وما حولها'. كان الجيش السوداني أعلن في مارس/آذار 'تحرير' الخرطوم وسيطرته على مواقع حيوية وسط العاصمة بينها القصر الجمهوري. الا أن قوات الدعم السريع احتفظت بمواقع في جنوب وغرب أم درمان الواقعة على ضفة نهر النيل المقابلة للخرطوم. وفي أبريل/نيسان قصفت مسيرات الدعم السريع القصر الجمهوري ومواقع أخرى في العاصمة. وصعدت قوات الدعم السريع في الآونة الأخيرة من استهدافها لمواقع تابعة للجيش السوداني في شرق وغرب ووسط السودان، مخلفة عشرات القتلى. كثّفت قوات الدعم السريع هجماتها على مواقع الجيش ومناطق نفوذه، بعدما أعلن سيطرته على الخرطوم ومدن في شمال ووسط البلاد كانت تحت سيطرتها. وكانت أبرز أوجه هذا التصعيد استهداف مدينة بورتسودان (شرق) المطلة على البحر الأحمر والتي تتخذها الحكومة المرتبطة بالجيش مقراً مؤقتاً لها. واتهم سفير السودان لدى الأمم المتحدة، الإثنين، الإمارات العربية المتحدة بشن هجمات على بورتسودان في 4 مايو/أيار بطائرات حربية وطائرات مُسيّرة انطلقت من قاعدة إماراتية على البحر الأحمر. وأوضح السفير الحارث إدريس أن الهجوم الإماراتي المزعوم جاء بعد يوم واحد من غارة جوية شنتها القوات المسلحة السودانية على مدينة نيالا استهدفت طائرة حربية إماراتية وأسفرت عن مقتل 13 أجنبياً، بينهم 'عناصر إماراتية'. وبقيت بورتسودان الى حد كبير في منأى عن أعمال العنف منذ اندلاع الحرب عام 2023، وانتقلت إليها بعثات دولية ومنظمات اغاثية، ومئات الآلاف من النازحين من مناطق سودانية أخرى. وطالت هجمات الدعم السريع بالمسيّرات، مطار بورتسودان الدولي وميناءها، بالإضافة إلى مستودع الوقود ومحطة الكهرباء الرئيسيين فيها. ما دلالات استهداف الدعم السريع لقاعدة جوية في بورتسودان؟ وأعرب خبير الأمم المتحدة المعني بحالة حقوق الإنسان في السودان رضوان نويصر الإثنين 'عن قلقه العميق إزاء التصعيد الأخير في الغارات الجوية بطائرات مُسيّرة وتوسع الصراع إلى ولاية البحر الأحمر في شرق السودان… مما زاد من تفاقم أوضاع المدنيين'. وحذر في بيان من أن 'الهجمات المتكررة على البنى التحتية الحيوية تُعرِض حياة المدنيين للخطر وتُفاقم الأزمة الإنسانية، وتُقوِض الحقوق الأساسية للإنسان'، مشيراً إلى انقطاع التيار الكهربائي على نطاق واسع 'وأثره على إمدادات الوقود مما يُعيق الوصول إلى الحقوق الأساسية مثل الحق في الغذاء والمياه الصالحة للشرب والرعاية الصحية'. وعلى رغم توتر الوضع في بورتسودان، عيّن البرهان، وهو أيضاً رئيس مجلس السيادة، الاثنين كامل إدريس رئيساً جديداً للحكومة السودانية خلفاً لدفع الله الحاج الذي كان القائم بأعمال رئيس الحكومة لثلاثة أسابيع فقط. ورحب الاتحاد الافريقي بتعيين رئيس حكومة 'مدني'، معتبراً ذلك خطوة 'نحو حكم شامل' يأمل بأن تسهم بـ'استعادة النظام الدستوري والحكم الديموقراطي'. وقسمت الحرب التي اندلعت منتصف أبريل/نيسان 2023، السودان إلى مناطق نفوذ حيث يسيطر الجيش على شمال وشرق البلاد بينما تسيطر قوات الدعم السريع على معظم إقليم دارفور في الغرب ومناطق في الجنوب. وتسببت الحرب في مقتل عشرات الآلاف ونزوح 13 مليوناً في ما تصفه الأمم المتحدة بأسوأ أزمة إنسانية في التاريخ الحديث. أوضاع إنسانية وصحيّة متدهورة قال الدكتور محمد نديم من منظمة 'أطباء بلا حدود' في السودان لبي بي سي إن مدينة أم درمان تعيش أوضاعاً إنسانية وصحية متدهورة، بعد انقطاع الكهرباء للمرة الرابعة خلال فترة قصيرة، نتيجة الاستهداف المتكرر للبنى التحتية الحيوية في المدينة، من ضمنها شبكة الكهرباء. وأوضح المسؤول أن انقطاع التيار الكهربائي 'أثر بصورة مباشرة على إنتاج المياه النقية الصالحة للشرب وعلى عمل المستشفيات التي تدعمها المنظمة'. وأضاف أن 'الوضع أدى إلى تفاقم الأزمة الصحية، حيث زادت حالات الإصابة بالكوليرا بسبب وصول المياه غير المعالجة إلى السكان'، محذرًا من أن 'استهداف المناطق الحيوية له تأثير مباشر وخطير على حياة المدنيين'. كما أشار إلى أن الانقطاع المستمر للكهرباء 'منع وصول المرضى من المناطق البعيدة إلى المستشفيات، التي تواجه صعوبات شديدة في توفير المياه والأكسجين، في ظل غياب الطاقة الكهربائية'. وتزامن انقطاع الكهرباء مع ارتفاع كبير في درجات الحرارة تجاوز 44 درجة مئوية، ما زاد من حدة الأزمة، بحسب ما أفاد به سكان من أم درمان. وقالت إحدى السيدات لبي بي سي: 'لا توجد مياه صالحة للشرب الآن. هناك من يبيع مياهاً غير نظيفة، ومن النادر أن نجد مياهاً باردة، خاصة مع هذا الحر الشديد'. بينما أضاف آخر: 'نواجه أزمة مزدوجة في الوقود والمياه… أم درمان تعاني معاناة شديدة'. وأكد أحد السكان أن 'قطاعات كثيرة من العمل توقفت لأنها تعتمد بشكل أساسي على الوقود، حتى العربات توقفت عن الحركة'، فيما أشار آخر إلى أن 'كل شيء يعتمد على الكهرباء، خصوصاً في ما يتعلق بتوليد المياه. نحن الآن نبحث عن مولد مياه نستخدمه لتزويد الجيران والأحياء المجاورة بما نستطيع من مياه الشرب'.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store