
الاب رفعت بدر : الذكاء الاصطناعي والأخلاق
في رسالة وجّهها البابا لاون الرابع عشر إلى المشاركين في مؤتمر روما السنوي الثاني حول الذكاء الاصطناعي، واستضاف الفاتيكان اليوم الثاني من المؤتمر، قال البابا إن هذا "دليل واضح على رغبة الكنيسة في المشاركة بهذه النقاشات التي تمسُّ حاضر الأسرة البشريّة ومستقبلها".
وبلا شك، يبدو واضحًا أنّ للذكاء الاصطناعي اليوم مسارين للإستخدام: الأوّل في مجالات عديدة من مجالات العمل الإنسانيّ كالطّب وعالم العمل، والثقافة ومجال الإتصال، والتربية والسياسة. أمّا الثاني، فهو مع الأسف، الإستخدام القاتل بتطوير تقنيات جديدة لقتل الإنسان عن بُعد. ورأينا في الأسابيع الماضية كيف "تطوّرت" هذه الوسائل لتصل إلى الإنسان في غرفته، تقتله وتغتاله، والناس متسمّرون حول شاشات البث المباشر.
وهنا أعود سنة إلى الوراء، وتحديدًا في 24 حزيران 2024، إلى مؤتمر الدول الصناعيّة السبعة وشارك به جلالة الملك عبدالله الثاني المعظم، وتحدّث فيه البابا الراحل فرنسيس حول الذكاء الاصطناعي في خدمة العدل والسلام وقال فيه: "لكي تكون هذه البرامج أدوات لبناء الخير ولبناء غد أفضل، لا بدّ من توجيهها دائمًا إلى خير كلّ إنسان، ويجب أن يكون فيها إلهام أخلاقيّ"، مشدّدًا على أهميّة دور السياسة في تهيئة الظروف التي تجعل هذا الإستخدام الجيّد ممكنًا ومثمرًا.
ولحاجة البشريّة الملّحة لهذا القرار الأخلاقي، فقد وقّع البابا الراحل على "نداء روما لأخلاقيّات الذكاء الاصطناعيّ" في سنة 2020، والذي يتضمّن جملة من المبادئ التي تصلح لتكون منصّة عالميّة ومتعدّدة قادرة على أن تجد الدعم من الثقافات والأديان والمنظمات الدوليّة والشركات التكنولوجيّة الكبرى. وفي ذلك الأمر تأكيد على دور الكنيسة وسعيها الحثيث في السير نحو "أخلاقيّات الخوارزميات"، وكذلك رسالتها في إضاءة الطريق أمام العالم لوضع "خارطة طريق" أو "خطوط عريضة" لحلّ المعضلات الآنيّة والتحديّات التي تواجهها الأسرة البشريّة.
وأظن بأنّ محاضرة البابا تلك تستحق أن تُقرأ وتحللّ لكي يقف الناس على معرفة الإمكانات التي قد تحملها وسائل الذكاء الاصطناعي لتكون حقًا في خدمة الإنسان والإنسانيّة، لا في هدمها وهدم الاحترام اللائق والضروري لكرامة الإنسان. وأظن كذلك انّ علينا مسؤولية كبيرة المستوى ومزدوجة: أولاً في دعوة المنتجين القائمين على تصنيع أدوات الذكاء، والثانية لتوعية الأجيال الشابة على حُسن استخدام الوسائل لما فيه الخير للجميع.
فهذه هي أدوات تستمد "الكثير من بُعدها الأخلاقي من نوايا من يستخدمونها". وهنا أستذكر قول الشاعر المتنبي: كـلـمـا أنـبـت الـزمان قناة ركـّب الـمـرء فى القناة سنانا. فالله تعالى يريد من كل "قناة" أو أداة جديدة أن تكون خيّرة ونبيلة، لكن الإنسان يركب فيها سنانًا أي أدوات حادة للقتل والتدمير.
أخيرًا نقول ما نكرّره دائمًا، وهو أننا، نحن البشر، مع الأسف تقدمنا تقنيًّا وتكنولوجيًّا وأدواتيًّا، لكننا تقهقرنا وتراجعنا أخلاقيًّا وأدبيًّا. فالأدوات هي رمز لذكاء الإنسان "الطبيعي" الذي خلقه الله تعالى في الإنسان وميّزه عن جميع الكائنات، بينما الذكاء "الاصطناعي" هو مجهود بشري بإمكانه أن يعمّر حضارة محبة وإخاء، وبإمكانه مع كل أسف أن يجعل من الإنسان فريسة سهلة وهدفًا للقتل والإفناء. ــ الراي

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


خبرني
منذ 35 دقائق
- خبرني
الأردن.. تعرفوا على عنوان ومضمون خطبة الجمعة
خبرني - عممت وزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية، على أئمة وخطباء المساجد كافة، عنوان ونص الخطبة الموحدة والملزمة لصلاة الجمعة المقبلة. وجاءت الخطبة تحت عنوان "ذم حب الدنيا والمال"، معززة بالشواهد من الكتاب والسنة بالإضافة إلى المادة العلمية المساندة والمساعدة. وتاليا نص الخطبة: عنوان خطبة الجمعة الموحد (المهلكات (3): ذم حب الدنيا والمال ) (ملزم) معززا بالشواهد من الكتاب والسنة بالإضافة إلى المادة العلمية المساندة والمساعدة 9محرم 1447هـ الموافق 2025/07/4م (محاور الخطبة) (مُلزم) شدّة الحرص على الدنيا والتعلق بالجاه والمال من المهلكات للإنسان التي تصرفه عن طريق النجاة في الدنيا والآخرة. من تعلق بالجاه والمال مع كثرة الحرص عليهما وطلبهما بكل وجه سواء كان حلالا أم حراماً فقد عرض نفسه لخطر شديد وذنب عظيم. من حرص على الجاه والمال وطلب التعظيم في قلوب الناس؛ فقد تعرض بذلك لآفات كثيرة، كالكبر والرياء وترك التواضع للحق وأهله إلى غير ذلك من المعاصي. المذموم من حبّ الجاه والمال شدة ذلك وإفراطه حتى يطلبه الإنسان بكل وجه يمكنه من جائز وغير جائز، فأما من طلب ذلك بنية صالحة للاستعانة به على الآخرة وصيانة الدين والنفس عن تعدي الظالمين وعن الحاجة إلى الناس، ولم يشتغل بسبب ذلك عن عبادة الله تعالى ولم تفارقه التقوى والخوف من الله، فذلك طيب لا حرج فيه إن شاء الله تعالى. اللهم إنا نتوجه اليك في غزة والضفة وأهل فلسطين أن تنصرهم على عدوك وعدوهم يا رب العالمين، اللهم ارحم شهداءهم وتقبلهم في الصالحين. وخصَّ برحمتك أولئك الذين قضوا تحت الأنقاض ولم يتمكن أحد من الوصول إليهم أو العثور عليهم من حجم الدمار وتطاير الأشلاء. اللهم وأنزل عليهم السكينة والطمأنينة، وشافِ الجرحى والمصابين والمكلومين منهم. وخفف عنهم واربط على قلوبهم يا رب. أن الله قد أمركم بأمر عظيم بدأ به بنفسه وثنى بملائكة قدسه، فيقول الله تبارك وتعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ سورة الأحزاب: الآية 56. عن أُبي بن كعب رضي الله عنه: "أنّ من واظبَ عليها يكفي همه ويُغفر ذنبه". وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أنّ رسول الله ﷺ قال: "مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا". وصلاة الله على المؤمن تخرجه من الظلمات إلى النور. يقول الله تعالى:﴿ هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ۚ﴾ سورة الأحزاب: الآية43. وهذا يتطلب التخلق بأخلاقه ﷺ والاقتداء بسنته في البأساء والضراء وحين البأس. واعلموا عباد الله أن من دعا بدعاء سيدنا يونس عليه السلام:﴿ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ﴾ استجاب الله له، ومن قالها أربعين مرة فإن كان في مرض فمات منه فهو شهيد وإن برأ برأ وغفر له جميع ذنوبه، ومن قال: "سبحان الله وبحمده في اليوم مائة مرة، حُطَّتْ خطاياه وإن كانت مثل زَبَد البحر". سائلين الله تعالى أن يحفظ الملك عبد الله الثاني ابن الحسين وولي عهده الأمين الحسين بن عبد الله، وأن يوفقهما لما فيه خير البلاد والعباد، إنه قريب مجيب. يقول الله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾ النحل: 90. فهرس الآيات/ ملزم السورة ورقم الآية {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ، أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [هود: 15، 16] {وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا} [الكهف: 45] {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ} [آل عمران: 14] (تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) [القصص: 83] فهرس الأحاديث / ملزم نص الحديث تخريج الحديث «لَوْ كَانَتِ الدُّنْيَا تَعْدِلُ عِنْدَ اللَّهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ مَا سَقَى كَافِرًا مِنْهَا شَرْبَةَ مَاءٍ» رواه الترمذي «مَا ذِئْبَانِ جَائِعَانِ أُرْسِلَا فِي غَنَمٍ بِأَفْسَدَ لَهَا مِنْ حِرْصِ المَرْءِ عَلَى المَالِ وَالشَّرَفِ لِدِينِهِ» رواه الترمذي "إن الله يحب الأبرار الأتقياء الأخفياء، الذين إذا غابوا لم يفتقدوا، وإن حضروا لم يدعوا، ولم يعرفوا قلوبهم مصابيح الهدى، يخرجون من كل غبراء مظلمة" رواه ابن ماجه " الدُّنيا ملعونةٌ ، ملعونٌ ما فيها، إلا ذكرَ اللهِ و ما والاه، وعالِمًا أو متعلمًا" سنن الترمذي أركان الخطبة (مُلزمة) «إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ(1) نحمده ونَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَسْتَهْدِيهِ وَنَسْتَنْصِرُهُ وَنَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ»، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وحده لا شريك له، وَأَشْهَدُ أَنَّ سيدنا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ(2) ، اللهم صلِّ على سيِّدَنا محمَّدٍ(3) وعلى آله وصحابته والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم . عباد الله: أوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالى ولزوم طاعته(4): لقوله تعالى(5) {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما}(6). وتتكرر أركان الخطبة الأولى في الخطبة الثانية، ويُضاف إليها الدعاء لعموم المسلمين في نهاية الخطبة الثانية(7): «اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات وأصلح ذات بينهم، وألف بين قلوبهم، واجعل في قلوبهم الإيمان والحكمة، وثبتهم على ملة نبيك، وأوزعهم أن يوفوا بالعهد الذي عاهدتهم عليه، وانصرهم على عدوك وعدوهم». _____________________________________________ (1) الركن الأول: الحمد لله والثناء عليه: ودليله ما رواه الإمام مسلم في صحيحه (867) عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب الناس، يحمد الله ويثني عليه بما هو أهله». (2) التشهد: ودليله ما رواه النسائي (3277) عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه: «علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم التشهد في الصلاة، والتشهد في الحاجة»، وما رواه أبو داود (4841) عن أبي هريرة رضي الله عنه: «كل خطبة ليس فيها تشهد، فهي كاليد الجذماء». (3) الركن الثاني: الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم: ودليله أن كل عبادة افتقرت إلى ذكر الله تعالى افتقرت إلى ذكر نبيه لما رواه ابن أبي شيبة في مصنفه (31687) عن مجاهد مرسلاً في تفسير قوله تعالى (ورفعنا لك ذكرك)، أي: «لا أذكر إلاّ ذُكِرتَ»، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة، فأكثروا علي من الصلاة فيه، فإن صلاتكم معروضة علي» رواه أبو داود في السنن. (4) الركن الثالث: الأمر بتقوى الله تعالى: ودليله فعل النبي صلى الله عليه وسلم، وما تضمنته من الآيات الكريمة بالوصية بتقوى الله تعالى، ولأن القصد من الخطبة الموعظة والوصية بتقوى الله تعالى فلا يجوز الإخلال بها. (5) الركن الرابع: قراءة آيات من القرآن الكريم، لما رواه أبو داود (1101) عن جابر بن سمرة: «كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم قصدا، وخطبته قصدا، يقرأ آيات من القرآن، ويذكر الناس». (6) الأحزاب: 71. (7) الركن الخامس: الدعاء للمسلمين: ودليله، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يواظب الدعاء للمسلمين في كل خطبة، ولما رواه البزار في مسنده برقم (4664) عن سمرة بن جندب رضي الله عنه: أنه «كان يستغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات كل جمعة. عنوان خطبة الجمعة الموحد (المهلكات (3): ذم حب الدنيا والمال ) معززا بالشواهد من الكتاب والسنة بالإضافة إلى المادة العلمية المساندة والمساعدة 9محرم 1447هـ، الموافق 2025/07/4م (المادة العلمية المقترحة) مقدمة الخطبة الأولى (ملزمة) السلام عليكم. إنّ الحمدَ لله، نحمدُه، ونستعينُه، ونستغفرُه، ونعوذُ بالله من شرورِ أنفسِنا، ومن سيئاتِ أعمالِنا، من يهدِه اللهُ فلا مضلَّ له، ومن يضللْ فلا هاديَ لهُ، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسولُه. ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ سورة النساء: الآية 1. ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ الأحزاب: 70، 71. الخطبة الأولى عبادَ الله: إن من المهلكات للإنسان التي تصرفه عن طريق النجاة في الدنيا والآخرة شدة الحرص على الدنيا والتعلق بالجاه والمال، بحيث يقدم ما يحقق هواه على أمر الله سبحانه وتعالى، ومن كان هذا حاله فقد تعرض لخطر عظيم، ووعيد من الله شديد، يقول الله تعالى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ، أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [هود: 15، 16]. ولذلك يقول الله تعالى مزهداً عباده في الدنيا ومذكراً لهم بذهابها وفنائها: {وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا} [الكهف: 45]، وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لَوْ كَانَتِ الدُّنْيَا تَعْدِلُ عِنْدَ اللَّهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ مَا سَقَى كَافِرًا مِنْهَا شَرْبَةَ مَاءٍ» رواه الترمذي. ثم إن الدنيا عبارة عن كل ما على وجه الأرض من المشتهيات واللذات، وأصناف الأمتعة التي تشتهيها النفوس وتميل إليها، وتحرص عليها، وقد جمع الله أصول ذلك كله في قوله تعالى: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ} [آل عمران: 14]فمن غلبه حب الدنيا حتى لم يبال من أين أخذ الدنيا من حلال أم من حرام، وحتى اشتغل بسبب حرصه على الدنيا وسعيه لها عما فرض الله تعالى عليه من طاعته، ووقع بسببه فيما حرم الله عليه من معصيته، فقد تحقق في حقه الوعيد الوارد في المحبين للدنيا، والمريدين لها، وصار أمره في نهاية الخطر إلا أن يتداركه الله بتوبة قبل مماته، وقبل خروجه من هذه الدار. وأما التعلق بالجاه والمال وكثرة الحرص عليهما وطلبهما بكل وجه سواء كان حلالا أم حراماً فقد عرض نفسه لخطر شديد وذنب عظيم يقول الله تعالى: (تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) [القصص: 83]، وقال عليه الصلاة والسلام: «مَا ذِئْبَانِ جَائِعَانِ أُرْسِلَا فِي غَنَمٍ بِأَفْسَدَ لَهَا مِنْ حِرْصِ المَرْءِ عَلَى المَالِ وَالشَّرَفِ لِدِينِهِ» رواه الترمذي، ومعنى ذلك أن حب المال والجاه يفسدان دين صاحبهما أكثر مما يفسد الذئبان الجائعان إذا أرسلا في الغنم. فمن اشتد حرصه على الجاه والمال وطلب المنزلة والتعظيم في قلوب الناس فقد تعرض بذلك لآفات كثيرة، كالكبر والرياء والتزين والتصنع وترك التواضع للحق وأهله إلى غير ذلك من المعاصي، قال رسول الله ﷺ: "إن الله يحب الأبرار الأتقياء الأخفياء، الذين إذا غابوا لم يفتقدوا، وإن حضروا لم يدعوا، ولم يعرفوا قلوبهم مصابيح الهدى، يخرجون من كل غبراء مظلمة" رواه ابن ماجه. والمذموم من حبّ الجاه والمال شدة ذلك وإفراطه حتى يطلبه الإنسان بكل وجه يمكنه من جائز وغير جائز، فأما من طلب ذلك بنية صالحة للاستعانة به على الآخرة وصيانة الدين والنفس عن تعدي الظالمين وعن الحاجة إلى الناس، ولم يشتغل بسبب ذلك عن عبادة الله تعالى ولم تفارقه التقوى والخوف من الله، فذلك طيب مبارك لا حرج فيه إن شاء الله تعالى، يقول ﷺ في بيان التفريق بالنتائج بناء على اختلاف النوايا: " الدُّنيا ملعونةٌ ، ملعونٌ ما فيها، إلا ذكرَ اللهِ و ما والاه، وعالِمًا أو متعلمًا" سنن الترمذي. اللهم إنا نتوجه إليك في غزة والضفة وأهل فلسطين أن تنصرهم على عدوك وعدوهم يا رب العالمين. اللهم ارحم شهداءهم وتقبلهم في الصالحين. وخصَّ برحمتك أولئك الذين قضوا تحت الأنقاض ولم يتمكن أحد من الوصول إليهم أو العثور عليهم من حجم الدمار وتطاير الأشلاء. اللهم وأنزل عليهم السكينة والطمأنينة، وشافِ الجرحى والمصابين والمكلومين منهم. وخفف عنهم واربط على قلوبهم يا رب. الخطبة الثانية (ملزمة) الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على من لا نبيّ بعده، سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، وبعد: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ آل عمران:102. واعلموا عباد الله أن الله قد أمركم بأمر عظيم بدأ به بنفسه وثنى بملائكة قدسه، فيقول الله تبارك وتعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ سورة الأحزاب: الآية 56. عن أُبي بن كعب رضي الله عنه: "أنّ من واظبَ عليها يكفي همه ويُغفر ذنبه". وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أنّ رسول الله ﷺ قال: "مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا". وصلاة الله على المؤمن تخرجه من الظلمات إلى النور. يقول الله تعالى:﴿ هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ۚ﴾ سورة الأحزاب: الآية43. وهذا يتطلب التخلق بأخلاقه ﷺ والاقتداء بسنته في البأساء والضراء وحين البأس. واعلموا أن من دعا بدعاء سيدنا يونس عليه السلام: ﴿ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ﴾ استجاب الله له. ومن قالها أربعين مرة فإن كان في مرض فمات منه فهو شهيد وإن برأ برأ وغفر له جميع ذنوبه. ومن قال: "سبحان الله وبحمده في اليوم مائة مرة، حُطَّتْ خطاياه وإن كانت مثل زَبَد البحر". وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كَلِمَتَانِ خَفِيفَتَانِ عَلَى اللِّسَانِ، ثَقِيلَتَانِ فِي المِيزَانِ، حَبِيبَتَانِ إِلَى الرَّحْمَنِ: سُبْحَانَ اللَّهِ العَظِيمِ، سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ" متفق عليه. سائلين الله تعالى أن يحفظ الملك عبد الله الثاني ابن الحسين وولي عهده الأمين الحسين بن عبد الله، وأن يوفقهما لما فيه خير البلاد والعباد، إنه قريب مجيب. يقول الله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾ النحل: 90. ويقول الله عز وجل: ﴿وَأَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَ إِنَّ ٱلصَّلَوٰةَ تَنهَىٰ عَنِ ٱلفَحشَاءِ وَٱلمُنكَرِ وَلَذِكرُ ٱللَّهِ أَكبَرُ وَٱللَّهُ يَعلَمُ مَا تَصنَعُونَ﴾ العنكبوت: 45.


الوكيل
منذ 38 دقائق
- الوكيل
الشاب إبراهيم نايف العتوم في ذمة الله
الوكيل الإخباري- انتقل إلى رحمة الله تعالى، الشاب إبراهيم نايف العتوم، شقيق نائب رئيس جامعة اليرموك الدكتور موفق العتوم. اضافة اعلان وستُقام صلاة الجنازة، بعد صلاة ظهر اليوم الأربعاء الموافق 2-7-2025 في مسجد الشيخ يوسف، والدفن في المقبرة العمرية، تُقبل التعازي في مضافة العتوم/الغربية، آل سلامة وأبو فالح، في بلدة سوف/جرش.


الوكيل
منذ ساعة واحدة
- الوكيل
الشاب إبراهيم نايف العتوم في ذمة الله
الوكيل الإخباري- انتقل إلى رحمة الله تعالى، الشاب إبراهيم نايف العتوم، شقيق نائب رئيس جامعة اليرموك الدكتور موفق العتوم. اضافة اعلان وستُقام صلاة الجنازة، بعد صلاة ظهر اليوم الأربعاء الموافق 2-7-2025 في مسجد الشيخ يوسف، والدفن في المقبرة العمرية، تُقبل التعازي في مضافة العتوم/الغربية، آل سلامة وأبو فالح، في بلدة سوف/جرش.