
الحوثيون والمولد النبوي... من قداسة الدين إلى آلة للجبايات وتثبيت السلطة
بينما يرزح ملايين اليمنيين تحت وطأة الجوع وانعدام الرواتب والفقر المدقع، تواصل مليشيات الحوثي إنفاق مبالغ طائلة على التحضيرات السنوية لذكرى المولد النبي، في مشهد يكشف عن تناقض صارخ بين معاناة السكان وتركيز الجماعة على استعراض سلطتها ومواردها المالية بعيدًا عن أولويات حياة المواطنين.
فبدلاً من أن يمثل المولد مناسبة روحانية لتجسيد المحبة والاقتداء بسيرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، أصبح الحدث موسم استنزاف للمواطنين الذين يعانون أوضاعاً معيشية مأساوية وأزمات اقتصادية خانقة بفعل سياسات الجماعة نفسها.
تستبق الجماعة المناسبة بأسابيع، مضاعفة الإنفاق على الشعارات والفعاليات الدعائية، بينما يُجبر المواطنون على تحمل كلفة هذه الاستعراضات الباهظة، في مشهد يتناقض بشكل صارخ مع تحذيرات الأمم المتحدة من تصاعد معدلات الجوع والفقر وسوء التغذية.
وسيلة لجباية الأموال وتحريف رسالة النبي
اعتبر الباحث في التاريخ اليمني سفيان العماد أن احتفالات جماعة الحوثي بالمولد النبوي 'باطلة من عدة أوجه'، متسائلاً: 'بأي حق تحتفل هذه الجماعة بمولد النبي صلى الله عليه وسلم، وهو نبي الأمة كلها، في حين أن الحوثيين ينكرون سنته، ويطعنون في أصحابه، ويتحدثون بما يسيء إلى زوجاته، ويفسرون القرآن وفق أهوائهم؟'، مؤكداً أن الميليشيا 'أبعد ما تكون عن نهج النبي الكريم'.
وقال العماد، في تصريح لموقع 'يمن مونيتور'، إن الحوثيين اتخذوا من المناسبة الدينية وسيلة لجباية الأموال، بعد أن 'فرغوا معنى النبوة من محتواها، وحولوها إلى مسألة ملك وسلطة'، لافتاً إلى أنهم قدّموا النبي باعتباره 'رحمة لسلالة محددة ونقمة على الآخرين، في انحراف واضح عن رسالته التي كانت رحمة للعالمين'.
وأضاف أن الجماعة حوّلت الإسلام من دين جامع إلى أداة سياسية واقتصادية، تستغل محبة اليمنيين للنبي الكريم لنهب الأموال وفرض الجبايات تحت غطاء ديني. وقال: 'النبي صلى الله عليه وسلم أبعد ما يكون عن هذه الممارسات التي تنتهك الحرمات وتستغل الدين لتحقيق مكاسب دنيوية ضيقة'.
وربط الباحث بين ممارسات الحوثيين وأصل بدعة المولد النبوي، مشيراً إلى أن الفاطميين في القرن الرابع الهجري ابتدعوا هذه المناسبة 'بغرض كسب ودّ الشعب المصري الذي كان يرفضهم'، مؤكداً أن الحوثيين يعيدون اليوم ذات التجربة في اليمن، سعياً لفرض صورة زائفة بأنهم محبون للنبي رغم أن الواقع يثبت عكس ذلك.
وشدد العماد على أن الحوثيين لا يذكرون النبي طوال العام، وينكرون سنته، ثم يستحضرون ذكره في هذه المناسبة 'لأجل الجبايات والإثراء غير المشروع'، مضيفاً أنهم 'يقدّمون أنفسهم كوسطاء للوحي وتفسير الإسلام، في محاولة لفرض قداسة لسلالتهم.
وختم بالقول إن النظرة التاريخية للحوثيين والشيعة عموماً تكشف أنهم يتخذون من الإسلام 'غطاء لتحقيق أهداف سياسية ومطامع خاصة'، مؤكداً أن استغلال الدين بهذه الصورة 'أحد أخطر أشكال الانحراف الفكري والسياسي.
وسيلة حوثية لشرعنة السلطة
تساءل الصحفي رشاد الصيادي عن الدوافع الحقيقية وراء إنفاق جماعة الحوثي مليارات الريالات سنوياً على احتفالات المولد النبوي، مشيراً إلى أن الجماعة تسعى من خلالها إلى تكريس مشروعية وجودها عبر تكثيف النشاطات الطائفية وتسويق طابعها الديني المرتبط بميراث النبوة.
وأضاف متسائلاً: 'هل هذه الطريقة هي الأنجع لحيازة ولاء اليمنيين، وهل الهدف يبرر هذا الإنفاق الباذخ في بلد يرزح تحت الفقر والجوع؟'.
وقال الصيادي، في تصريح لموقع 'يمن مونيتور'، إن منطق الحوثيين يقوم على استغلال المناسبات الدينية والعاطفية باعتبارها أداة للتعبئة الجماهيرية وتعطيل قدرة الناس على التفكير النقدي أو الاعتراض.
وأضاف: 'نحن أمام سلطة قائمة على الشحن العاطفي، تبحث عن أي وسيلة لخلق حماس زائف يُخفي فشلها السياسي ويغطي على الواقع المأساوي الذي يعيشه اليمنيون'.
وأشار إلى أن الحوثيين لا يحتفلون حقيقة بذكرى مولد النبي صلى الله عليه وسلم، بقدر ما يحتفون بمكاسبهم السياسية والمالية.
وقال: 'هم يحيطون الناس بالألوان والأضواء الخضراء لإجبارهم على المشاركة في أجواء احتفالية قسرية، حتى أن سكان صنعاء يجدون أنفسهم مرغمين على التظاهر بالفرح ولو كانوا على مشارف الموت.
وأوضح الصيادي أن الجماعة تسعى من خلال هذه الفعاليات إلى إعادة صياغة هوية المجتمع اليمني على أسس طائفية ضيقة، محوّلة النبي من 'رسول للعالمين' إلى 'رسول لسلالة'، وهو ما وصفه بالانحراف الخطير في توظيف الدين.
وأضاف: 'إنها سلطة غارقة في أوهامها، تؤمن بإمكانية فرض تصوراتها على الناس بمعزل عن متطلبات المستقبل والحياة اليومية، وغير قابلة لأي مراجعة.
ولفت إلى أن الجماعة بدأت هذا العام مبكرا جمع الجبايات، وسط الانهيار الاقتصادي وغياب الرواتب منذ سنوات وانتشار الفقر، وعملت على تخصيص مبالغ طائلة لاحتفالات المولد، في الوقت الذي يفرضون جبايات واسعة على التجار وأصحاب المحلات، ويجبرون السكان على تعليق الشعارات والأضواء الخضراء.
وختم الصيادي بالقول إن الحوثيين يهدفون من خلال هذا الاحتفاء إلى إرسال رسائل للداخل والخارج، وأولها معرفة مدى خضوع الناس لهم، ومدى قدرتهم على تدجين المجتمع كذلك, والعمل على تثبيت وتعزيز مشروعيتهم بربط الحوثي بالنبي.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


اليمن الآن
منذ 33 دقائق
- اليمن الآن
نقابة الصحفيين اليمنيين تنعى الصحفي في وكالة سبأ طائف الجرادي
العرش نيوز – متابعات نعت نقابة الصحفيين اليمنيين اليوم الصحفي المخضرم في وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) طائف محمد عبده الجرادي، الذي وافته المنية بعد مسيرة مهنية حافلة بالعطاء امتدت لعقود. وأشادت النقابة في بيان النعي بمناقب الفقيد، الذي يعد من أبرز الكوادر الصحفية في وكالة سبأ، حيث عُرف بمثابرته ومهنيته العالية، وكان قدوة لأجيال من الصحفيين الذين تعلموا على يديه، إضافة إلى سمعته الطيبة وعلاقاته المتميزة مع زملائه وكل من عرفه. وتخرج الجرادي من الجزائر قبل أن يلتحق بوكالة سبأ للأنباء في فترة ما قبل الوحدة، وأسهم خلال عمله في الإدارة الإخبارية، خصوصًا في الأخبار العربية والدولية، في تطوير العمل الصحفي حتى إحالته إلى التقاعد. وعبّرت النقابة عن خالص تعازيها لأسرة الفقيد وزملائه في الوسط الصحفي، سائلة الله أن يتغمده بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته، ويلهم أهله وذويه الصبر والسلوان. إنا لله وإنا إليه راجعون. غرِّد شارك انقر للمشاركة على فيسبوك (فتح في نافذة جديدة) فيس بوك اضغط لتشارك على LinkedIn (فتح في نافذة جديدة) LinkedIn النقر للمشاركة على X (فتح في نافذة جديدة) X معجب بهذه: إعجاب تحميل... مرتبط


وكالة الصحافة اليمنية
منذ ساعة واحدة
- وكالة الصحافة اليمنية
فلسطين تكشف ازدواجية المعايير الدولية في ظل حرب الإبادة الصهيو-نازية
تشهد الساحة الفلسطينية سردية متكاملة تتشابك فيها خيوط التاريخ مع مرارة الحاضر، لتكشف عن تناقضات العالم وضميره الغائب. فبينما يحتفل المجتمع الدولي باليوم العالمي لإحياء ذكرى ضحايا الإرهاب، يعيش الشعب الفلسطيني في قلب عاصفة إرهابية لا تهدأ، تُمارسها حكومة الاحتلال. هذه الأحداث لا يمكن اختزالها في مجرد بيانات، بل هي حكاية إنسانية عميقة تُعري المسؤوليات وتُظهر حقائق صادمة. غزة: مسرح الإبادة في يوم إحياء الذكرى في هذا اليوم الذي كان من المفترض أن يكون تخليداً لذكرى ضحايا الإرهاب، يقدم قطاع غزة لوحة مأساوية تُظهر أن الإرهاب لا يزال حياً، بل ويُمارس على نطاق واسع. إن الأرقام الصادرة عن حركة المقاومة الإسلامية حماس ليست مجرد إحصائيات باردة، وإنما دموع ودماء وقصص لا تُنسى. أكثر من 62 ألف شهيد و160 ألف جريح، معظمهم من الأطفال والنساء، خلال أكثر من 685 يوماً من العدوان، هو ما يجعل هذا اليوم شاهداً على الفشل الدولي في حماية شعبٍ أعزل. تظهر حماس في بيانها أن الاحتفال بهذا اليوم يضع على عاتق الأمم المتحدة مسؤولية أخلاقية وقانونية لمواجهة إرهاب الاحتلال. مشيرة إلى أن تحقيق شعار 'إجلال ضحايا الإرهاب' لن يكون ممكناً إلا بإنهاء الاحتلال الذي هو منبع الإرهاب، ومحاكمة قادته الذين تلطخت أيديهم بدماء الأبرياء. منوهة بإن ما يحدث ليس مجرد عدوان، بل هو حرب إبادة وتجويع تُمارس بدعم وتخاذل دولي، ما يُشير إلى سياسة ازدواجية المعايير التي تُعامل الضحايا الفلسطينيين كأرقامٍ تُنسى، بينما يُنظر للجلاد على أنه شريك يستحق الدعم. الأقصى.. امتداد تاريخي للوجود المهدد في سياق متصل، وفي ذكرى إحراق المسجد الأقصى قبل 56 عاماً، تقدم حركة الجهاد الإسلامي رؤية عميقة للوضع الراهن. تُظهر هذه الرؤية أن ما حدث في الماضي لم يكن حادثة عابرة، بل كان بداية لعملية ممنهجة لتهديد الوجود الفلسطيني بأكمله. مشيرة إلى أن فشل الأمة العربية والإسلامية في التحرك بمسؤولية تاريخية حينها هو ما أفسح المجال لتوسع دائرة العدوان، ليصل الأمر إلى ما نراه اليوم من إعلان عن أوهام 'إسرائيل الكبرى' من قبل قادة الاحتلال الذين تلاحقهم المحكمة الجنائية الدولية. ونوهت بأن هذا الربط بين حرق الأقصى والعدوان المستمر على غزة والضفة الغربية والقدس يؤكد أن القضية ليست مجرد قضية محلية، بل هي قضية الأمة بأسرها. مشددة على أن حماية الأقصى هي جزء لا يتجزأ من حماية الوجود الفلسطيني، وكل اعتداء على جزء منها هو اعتداء على الكل. دعوة إلى العدالة واستعادة الضمير وفي خضم هذه الأحداث، تتصاعد دعوات من المقاومة الفلسطينية للأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بأن يكون هذا اليوم فرصة لاستذكار ضحايا الإرهاب الصهيوني، ورفع الصوت عالياً لوقف العدوان والإبادة والتجويع. مؤكدة أن هذه الدعوة تذكير بمسؤولية العالم في مواجهة الظلم، وتأكيد على أن العدالة لن تتحقق إلا بانتصار الإرادة الفلسطينية على السرديات المضللة. ذلك أن اللحظة التاريخية الحقيقة هي تلك التي يظهر فيها بوضوح أن العدل الحقيقي لا يُولد من التصريحات، وإنما من الأفعال التي تُنهي الاحتلال وتُحاكم مرتكبيه.


وكالة الصحافة اليمنية
منذ ساعة واحدة
- وكالة الصحافة اليمنية
الحوثي يشن هجومًا لاذعًا على بن سلمان والسيسي
شن السيد عبدالملك الحوثي، اليوم الخميس، هجومًا لاذعًا على النظامين السعودي والمصري لتخاذلهما عن نصرة غزة وتعاونهما مع العدو الإسرائيلي بالسلاح والمال. وأكد السيد الحوثي في كلمته الأسبوعية، ان تخاذل أمة الملياري مسلم عن نصرة غزة أمر مخزٍ رغم ما تمتلكه من إمكانات وقدرات، كاشفًا في تصريح جريء عن حقائق تجلت لدى بعض الأنظمة العربية التي وصلت لما هو ابعد من التخاذل، من خلال التعاون مع العدو الإسرائيلي في إشارة إلى السعودية ومصر. وقال الحوثي: ' السفينة السعودية التي افتضحت في أحد الموانئ الإيطالية وهي تحمل السلاح للعدو الإسرائيلي هل هي مجرد نقل لأسلحة للعدو الإسرائيلي؟'. وتساءل بالقول: 'هل النظام السعودي الذي يملك أكبر احتياطي من النفط في العالم يعمل حمال بالأجرة فيحمل السلاح لكي يحصل على أجرة من العدو الإسرائيلي؟'، موضحًا أن ما يقوم به النظام السعودي هو دعم للعدو الإسرائيلي. وأضاف: 'النظام السعودي هو أغنى الأنظمة في العالم العربي بكله ما لديه من ثروة كبيرة جدا فهو لا يشتغل حمال بالأجرة هذا الدعم من طرف داعم يقدم الدعم العسكري بالسلاح للعدو الإسرائيلي'. وفيما يخص تعاون النظام المصري، قال السيد الحوثي: ' الصفقة المصرية التي عقدها النظام المصري مع الصهاينة بخمسة وثلاثين مليار كارثة ودعم فاعل للعدو الإسرائيلي تحت عنوان الحصول على الغاز'. وتابع: ' يمكن لمصر أن تحصل على الغاز في استثمارات في داخل مصر بهذا المبلغ الهائل جداً أو يمكن أن تحصل عليه من أي بلد إسلامي'. وانتقد الحوثي الحالة السلبية للأنظمة العربية، واصفًا إياها بالمؤسفة جداً لما لها من تأثير على بقية الدول الإسلامية ولأنهم يعادون من يقف مع فلسطين كما هو حالهم مع إيران، حد قوله. ووصف السيد الحوثي، تبني نزع سلاح حركة حماس هو موقف سعودي وموقف لأنظمة عربية، وموقف حتى للسلطة الفلسطينية، مؤكدً أن التبني والمطالبة بنزع سلاح المقاومة في لبنان هو دعم لإسرائيل. وأضاف: ' تبني نزع سلاح المقاومة من قبل حكومات عربية هو دعم للعدو الإسرائيلي، وأن حالة الجمود التي نراها في معظم البلدان العربية الإسلامية هي بقرار سياسي من الأنظمة وليس على وجه الصدفة'. وأشار إلى أنه بعد إحراق المسجد الأقصى بعشر سنوات أصدرت منظمة المؤتمر الإسلامي قرارا بتشكيل لجنة تقوم بوضع استراتيجية مشتركة لتحرير القدس، لكن دون تحرك عملي بعدها! وذكر أنه بعد أكثر من 45 عاما من قرار منظمة المؤتمر الإسلامي لا تحرك ولا رؤية ولا إستراتيجية ولا خطوات عملية، فيما مسار منظمة المؤتمر الإسلامي لا يعكس الجدية والتحرك الصادق مع الله وشعوب والأمة وقضاياها. ونوه بأن تعامل منظمة المؤتمر الإسلامي دليل واضح على عدم الجدية ودليل غياب الإرادة والتوجه والتفكير للقيام بموقف عملي جاد تجاه الخطر الذي يستهدف كل الأمة وقال: ' يتحدث المجرم نتنياهو عن مشروع عملي قائم لإقامة 'إسرائيل الكبرى' ومعنى ذلك السيطرة على بلدان المنطقة واستعباد الأمة، فتصدر بيانات إدانة ولا أكثر!' ولفت إلى أن العدو يتحرك عمليا وبشكل جاد، والدول العربية تصدر بيانات ورقية بعبارات جامدة دون أي تحرك عملي، فيما الضمير الإنساني في العالم يستفيق شيئاً فشيئاً للتحرك مع الشعب الفلسطيني لكن على مستوى بعض البلدان العربية يموت ويزداد موتا وهذا شيء مؤسف.