
هل أدت سياسات التغير المناخي الغربية إلى الحروب التجارية الحالية؟
أزعم أنه جرى التوسع في سياسات وقوانين الإرهاب في فترات سابقة بهدف التحكم في حركة التجارة الدولية والتمويل واتجاهات الاستثمار العالمية، ومن ثم التأثير في سياسات الدول المنتجة للموارد الطبيعية، ولكن بروز الصين والهند وأمثالهما كدول صناعية تطلب طريقة أخرى للسيطرة، فجرى التوسع في فكر التغير المناخي، الذي، بخلاف الإرهاب، يمكن تعميمه على الحكومات والدول والشركات والأفراد في شتى أنحاء العالم، وفي أي وقت، ومن ثم يمكن للغرب استخدامه للتحكم بالتجارة العالمية والاستثمارات والتمويل، وحصل هذا بالفعل في الأعوام الأخيرة والأمثلة كثيرة، التي تتضمن وضع شروط "مناخية" في عقود الاستثمار أو التمويل، أو الانسحاب من مشاريع بحجة عدم مراعاة الظروف البيئية.
ولكن يبدو أن الصين كانت واعية لهذه الخطط مبكراً، إما بسبب تجسسها على الحكومات الغربية، أو لاستنتاجها بصورة منطقية أن الغرب يحاول التحكم باقتصادات الدول الناشئة والنامية من طريق تطبيق سياسات وقوانين التغير المناخي. ونتج من ذلك سيطرة الصين في وقت مبكر على المعادن التي يتطلبها التغير الطاقي وعلى طريق معالجتها، ثم توسعت في تصنيع كل ما تحتاج إليه من سياسات التغير المناخي بما في ذلك الألواح الشمسية وعنفات الرياح والسيارات الكهربائية والبطاريات اللازمة لهذه السيارات، وأغلب هذه التجارة كان يمر في البحر الأحمر. أدركت الدول الغربية، بخاصة الولايات المتحدة، بعد فوات الأوان، أن الصين تسيطر على هذه المعادن والصناعات، بما في ذلك المعادن النادرة، فقررت خوض حرب تجارية تفرض فيها ضرائب جمركية عالية جداً على الواردات من الصين، وبصورة خاصة كل ما يتعلق بالمعادن والصناعات المرتبطة بسياسات التغير المناخي. ومن غرائب الأمور أن سياسات ترمب ضد سياسات بايدن، وأوقف تطبيق كثير من سياسات التغير المناخي، ومع ذلك فرض ضرائب جمركية على المعادن والصناعات نفسها التي كان يدعمها بايدن بهدف تحقيق الحياد الكربوني!
باختصار، جرى تبني سياسات التغير المناخي للتحكم بالعالم، فقلبت الصين الطاولة وأصبحت تتحكم بالغرب، فكانت الحروب التجارية والضرائب الجمركية العالية هما رد فعل الغرب على الصين. النتيجة الحتمية هي تقهقر سياسات التغير المناخي والتغير الطاقي في الغرب، وهذا يعني في النهاية أن الطلب على النفط والغاز والفحم سيكون أكبر من كل التوقعات الحالية.
لماذا تتوسع الصين في الطاقة المتجددة؟
هناك كثير من الأدلة التي تشير إلى أن الحكومة الصينية أبلغت شركات الطاقة الكبرى في الصين بالتركيز على الموارد المحلية، ومن ثم جرى التوسع في كل شيء بما في ذلك النفط والغاز والفحم وطاقة الرياح والطاقة المتجددة، وزاد إنتاجها كلها أخيراً. وكانت هذه السياسة أحد الأسباب التي أسهمت في انخفاض أسعار النفط في العام الماضي ومنعتها من الارتفاع إلى 100 دولار للبرميل إذ جرى اللجوء إلى المخزونات النفطية المحلية بدلاً من استيراد النفط. الصين أكبر مستثمر في الطاقة المتجددة وبفارق كبير عن الولايات المتحدة وأوروبا. ولا شك أن الحكومة الصينية تهدف إلى خفض التلوث في المدن الصينية، التي تعد من أكثر المدن تلوثاً في العالم، ولكن التلوث شيء والتغير المناخي شيء آخر! ويشير التركيز على مصادر الطاقة المحلية بغض النظر عن الكلفة، إلى أن الصين تجهز نفسها لاحتمال حرب مع الدول الغربية أو عقوبات اقتصادية خانقة وحظر اقتصادي. إذاً التوسع في مصادر الطاقة المحلية بما في ذلك الطاقة المتجددة هدفه إستراتيجي ومرتبط بالأمن القومي الصيني.
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وبدأت بوادر الحظر تظهر عندما قررت الصين وقف تصدير المعادن النادرة إلى الولايات المتحدة وأوروبا وغيرها، التي تعتمد على استيرادها من الصين بصورة كبيرة. قرار الصين يهدد الصناعات الغربية المتقدمة ويرفع الأسعار والكلف ويعزز نفوذ بكين في الحرب التجارية. تسبب القرار في نقص حاد في المعادن الثقيلة مثل الديسبروسيوم والتيربيوم والساماريوم، المستخدمة في مغناطيسات مقاومة للحرارة. هذه المغناطيسات حيوية لصناعات السيارات الكهربائية وتوربينات الرياح والروبوتات والطائرات المقاتلة بخاصة المتقدمة منها مثل "أف 35".
الغرب مضطر إلى تسريع البحث عن بدائل ولكن البدائل محدودة جداً، ومن غرائب القدر أن سياسات التغير المناخي هي أكبر عائق في تطوير المناجم في الدول الغربية لتخفيف اعتمادها على الصين! بعبارة أخرى، سياسات التغير المناخي هي التي جعلت هذه الدول رهينة للصين، وهي أيضاً التي تمنعها من التحير من سيطرة الصين!
وجاء الحظر رد فعل على الضرائب العالية التي فرضتها حكومة ترمب على الصين. وكانت في يد ترمب ورقتان رابحتان هما صادرات النفط والغاز المسال إلى الصين، ولكن تفاجأ ترمب أن الصين توقفت عن استيراد كليهما من الولايات المتحدة! فردت الولايات المتحدة بوقف تصدير غاز الإيثان إلى الصين، إذ إن غالبية واردات الإيثان الصينية تأتي من الولايات المتحدة، وهو مادة أساسية لكثير من الصناعات الصينية، وليس هناك بديل حالياً للإيثان الأميركي، إذ إن تصديره يتطلب بنية تحتية خاصة وسفناً خاصة. ونتج من هذا الحظر ارتفاع كلف التصنيع أذ اضطرت شركات البتروكيماويات إلى استيراد النافثا بدلاً من الإيثان الرخيص، ولكن لو استمر الحظر فترة طويلة فإن بعض مصانع البتروكيماويات في الصين قد تضطر إلى التوقف عن العمل.
خلاصة القول إن سياسات التغير المناخي التي يقصد منها التحكم بالصين جعلت الصين ترد بالسيطرة على المعادن والصناعات التي يحتاج إليها التغير الطاقي، فكان رد الفعل الغربي هو حرب تجارية وضرائب جمركية عالية، وعلينا ألا نستبعد أن بعض أهداف سيطرة الأميركيين والبريطانيين على البحر الأحمر هي السيطرة على التجارة الصينية، بخاصة المتعلقة بسياسات التغير المناخي والتغير الطاقي. وعندما حاول الغرب إيجاد بدائل للمصادر الصينية أوقفت الصين تصدير المعادن النادرة، الذي يعني في النهاية توقف كثير من المصانع الغربية بخاصة مصانع السيارات الكهربائية وتلك التي تنتج الألواح الشمسية أو توربينات عنفات الرياح. تحت هذا الضغط حظرت الولايات المتحدة تصدير غاز الإيثان، وهذا يهدد كثيراً من المصانع الصينية. لهذا قد يكون الحل هو الإيثان مقابل المعادن النادرة، إلا أن الواضح الآن أنها لعبة عض أصابع والخاسر هو من يصرخ أولاً.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


Independent عربية
منذ 32 دقائق
- Independent عربية
فرنسا تكشف عن وثيقة لإثبات عدم تصديرها أسلحة هجومية لإسرائيل
كشف وزير الجيوش الفرنسي سيباستيان لوكورنو أمس الأربعاء عن وثيقة قال إنها تثبت أن فرنسا لا تزود إسرائيل بأسلحة أخرى غير الأسلحة الدفاعية أو تلك المخصصة لإعادة التصدير. وأسند الوزير هذه الوثيقة إلى رؤساء لجنتي الدفاع في الجمعية الوطنية ومجلس الشيوخ، حيث سيتمكن النواب من الاطلاع عليها، على أمل وضع حد للاتهامات المتكررة من منظمات وأحزاب معارضة خلال الأشهر الماضية. وأكد الوزير، حاملا الوثيقة في يده، خلال جلسة استماع أمام لجنة الدفاع في الجمعية الوطنية الأربعاء، أن "فرنسا لا تبيع أسلحة لإسرائيل". يأتي ذلك غداة صدور تقرير عن شبكة "التقدميين الدوليين" الثلاثاء يتهم باريس بتسليم معدات عسكرية لإسرائيل "بشكل منتظم ومتواصل" منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتشمل هذه الشحنات مكونات تستخدم في تصنيع "القنابل والقنابل اليدوية والطوربيدات والألغام والصواريخ"، وفئة أخرى تشمل "قاذفات الصواريخ" و"البنادق العسكرية"، بحسب التقرير الذي يقول إنه يستند خصوصا إلى بيانات من سلطة الضرائب الإسرائيلية. وتتضمن الوثيقة التي رفعت عنها السرية وتمكنت وكالة الصحافة الفرنسية من الاطلاع عليها، تفاصيل الفئات الفرعية، بما في ذلك الأجزاء الموردة "لإعادة التصدير فقط" وأجزاء أخرى للاستخدام في نظام "القبة الحديدية" للدفاع الجوي الإسرائيلي. وتشمل هذه العناصر مكونات مختلفة مثل "وصلات وملحقات للذخيرة" و"قاذفات ذخيرة". اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) تغطي القائمة صادرات الأسلحة الفرنسية إلى إسرائيل للعام 2024 (16 مليون يورو). وأكدت أوساط الوزير لوكالة الصحافة الفرنسية أن "هذا يتوافق مع عقيدتنا؛ فنحن لا نبيع أسلحة"، مضيفا أن الأجزاء المعاد تصديرها تخضع في حد ذاتها لقيود حول الوجهة النهائية. وكان لوكورنو قد دافع عن سياسة فرنسا الجمعة بعد أن رفض عمال الشحن في ميناء مرسيليا (جنوب شرق) تحميل حاوية بالمكونات العسكرية على متن سفينة متجهة إلى ميناء حيفا. تلقت فرنسا 19,9 مليون يورو من طلبات الأسلحة من إسرائيل في عام 2023، وهو مبلغ مستقر نسبيا بعد 25,6 مليون يورو في عام 2022 و19,4 مليون يورو في عام 2021، وفقا للتقرير السنوي المقدم إلى الجمعية الوطنية بشأن صادرات الأسلحة الفرنسية. من ناحية أخرى، أظهر تقرير ثان ارتفاعاً في صادرات السلع ذات الاستخدام المزدوج (للأغراض المدنية والعسكرية) إلى إسرائيل في عام 2023، بقيمة 192 مليون يورو مقارنة بـ34 مليون يورو في عام 2022، وهي تشمل خصوصاً المعدات الإلكترونية.

سعورس
منذ 34 دقائق
- سعورس
مشدداً على ضمان أمن الطاقة ..الغيص: الطلب على النفط سيظل قوياً لعقود قادمة
وتتوقع المنظمة زيادة 24 % في احتياجات العالم من الطاقة بداية من الآن وحتى عام 2050، على أن يتجاوز الطلب على النفط 120 مليون برميل يوميًا خلال تلك الفترة ، وتتماشى هذه التقديرات مع توقعات النفط العالمية لعام 2024 الصادرة عن أوبك. وذكر الغيص خلال مشاركته في معرض الطاقة العالمي في كالجاري بإقليم ألبرتا الكندي : "لا توجد ذروة في الطلب على النفط تلوح في الأفق". وقال الغيص إن أوبك دأبت على التحذير من مخاطر عدم كفاية الاستثمار العالمي في النفط والغاز، بالنظر إلى توقعاتها لنمو الطلب. وأضاف أن عدم استثمار رأس مال كافٍ لتلبية نمو الطلب المتوقع يهدد بتقويض أمن الطاقة ويُسبب تقلبات لكل من المنتجين والمستهلكين، مضيفًا أن أوبك تعتقد أن هناك حاجة إلى 17.4 تريليون دولار من الاستثمارات في قطاع الطاقة العالمي على مدى السنوات الخمس والعشرين المقبلة ، مشددا على ضرورة خفض الانبعاثات ولكن دون التحيز ضد مصادر معينة للطاقة، وأن على الحكومات والشركات أن تبحث بدلًا من ذلك عن طرق لتقليل الانبعاثات من النفط والغاز من خلال تقنيات مثل احتجاز الكربون وتخزينه.


الناس نيوز
منذ 2 ساعات
- الناس نيوز
وزير المالية المصري: القطاع الخاص يستحوذ على 60% من الاستثمارات…
القاهرة وكالات وميديا – الناس نيوز :: فوربس – يشهد الاقتصاد المصري تحسنًا ملحوظًا، بحسب وزير المالية المصري أحمد كجوك، الذي أشار إلى توقعات إيجابية بشأن النمو خلال الفترة المقبلة، لافتًا إلى أن القطاع الخاص أثبت قدرته على النمو، إذ استحوذ على نحو 60% من إجمالي الاستثمارات خلال العشرة أشهر الماضية. فائض أولي قياسي رغم التحديات قال كجوك إن نتائج الأداء المالي جاءت 'قوية وطموحة جدًا'، ما يدفع الحكومة إلى استكمال مسار الإصلاح الاقتصادي، مشيرًا إلى تحقيق أعلى فائض أولي منذ عام 2005 بنسبة 3.1% خلال الفترة من يوليو/ تموز إلى مايو/ أيار، رغم تراجع إيرادات كل من قناة السويس وقطاع الطاقة. وأوضح أن الحكومة ستعمل على تحقيق المستهدفات المالية، رغم خسارة 110 مليارات جنيه (2.22 مليار دولار) من إيرادات قناة السويس، بالإضافة إلى تحمّل 150 مليار جنيه (3.03 مليار دولار) كمساندة إضافية لقطاع الطاقة. كما لفت إلى تسجيل أعلى إيرادات ضريبية منذ سنوات بنسبة 38%، دون فرض أعباء جديدة على المواطنين. تراجع الدين الخارجي انخفض حجم الدين الخارجي لأجهزة الموازنة بقيمة ملياري دولار خلال العشرة أشهر الماضية، في حين أشار كجوك إلى أن بدء عودة ثقة المستثمرين الأجانب ساعد في إطالة عمر الدين إلى 1.8 سنة في ديسمبر/ كانون الأول 2024. وأضاف أن تحويلات المصريين بالخارج بلغت 26.4 مليار دولار خلال الفترة من يوليو/ تموز إلى مارس/ آذار، بنسبة زيادة 82.7% مقارنة بنفس الفترة من العام السابق. نمو في القطاعات الإنتاجية أشار وزير المالية كذلك إلى تحقيق نمو قوي خلال النصف الأول من العام المالي في قطاعات السياحة، والصناعات التحويلية غير البترولية، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات. وأوضح أن متوسط الزيادة في الإنفاق على الصحة بلغ 27%، وعلى التعليم 23% خلال عشرة أشهر، فيما تم تخصيص ما يلي: