
بين المماطلة والفشل.. هنا يلعب الكبار لعبتهم
يرى مراقبون أن تصريحات ترامب وويتكوف لا تعكس حقيقة المفاوضات بقدر ما تكشف عن تخبط الموقف الأميركي؛ إذ تتأرجح واشنطن بين محاولة التغطية على فشل نتنياهو السياسي، وإظهار دور فاعل لها.
ومع تصاعد الضغط الدولي لإنهاء حرب الإبادة على غزة، يبدو أن الولايات المتحدة تتعمّد التلاعب بالخطاب السياسي، بدلا من استغلال نفوذها للضغط على حكومة الاحتلال للدخول في مفاوضات حقيقية، تُفضي إلى وقف شامل لإطلاق النار وإطلاق سراح الأسرى، وهو ما تسعى إليه حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بوضوح في تصريحاتها الأخيرة.
أعلنت حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، يوم السبت، أن تصريحات ترامب ومبعوثه للشرق الأوسط ستيف ويتكوف، التي تزعم رفض الحركة التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، تتعارض مع تقييم الوسطاء، ولا تتماشى مع مسار المفاوضات الذي شهد تقدما ملموسا
من جهة أخرى، ذكر موقع "أكسيوس" الإخباري أن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب تعكف حاليا على مراجعة سياساتها تجاه غزة، مشيرا إلى أن وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو صرح قائلا: "نحن بحاجة ماسة إلى إجراء عملية إعادة تفكير جدية"، وذلك نقلا عن مصدرين حضرا لقاء عقده، يوم الجمعة الماضي، مع مجموعة من عائلات المحتجزين "الإسرائيليين"، بعد إعلان واشنطن عن انهيار محادثات وقف إطلاق النار، وإلقائها اللوم في ذلك على حركة المقاومة الإسلامية (حماس).
أشار موقع "أكسيوس" إلى أنه بعد مرور نحو ستة أشهر على عودته إلى البيت الأبيض، يبدو ترامب اليوم أبعد ما يكون عن إنهاء الحرب في غزة، وذلك في ظل تفاقم أزمة التجويع التي بلغت مستويات غير مسبوقة؛ حيث أعلنت وزارة الصحة في غزة عن ارتفاع إجمالي وفيات التجويع وسوء التغذية إلى 127 حالة، من بينهم 85 طفلاً.
وأضاف التقرير الإخباري أن تل أبيب وواشنطن "تزدادان عزلة على الصعيد الدولي"؛ بسبب استمرار حرب الإبادة، مذكرا بأن ترامب جعل إنهاء الحرب وإعادة المحتجزين "الإسرائيليين" في صدارة حملته الانتخابية قبل العودة المحتملة إلى الرئاسة.
وقال التقرير إنه "مع استمرار الحرب، وانتشار صور الفلسطينيين الذين يعانون من الجوع في جميع أنحاء العالم، بدأت تظهر انقسامات في قاعدة ترامب (ماغا)، بسبب دعمه حرب نتنياهو الشاملة على غزة".
رأى موقع "أكسيوس" أن "انهيار محادثات وقف إطلاق النار" في غزة قد يشكل نقطة تحول في سياسة الإدارة الأميركية، وأعلنت حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، يوم السبت الماضي، أن تصريحات ترامب ومبعوثه للشرق الأوسط ستيف ويتكوف، التي تزعم رفض الحركة التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، تتعارض مع تقييم الوسطاء، ولا تتماشى مع مسار المفاوضات الذي شهد تقدما ملموسا.
وكان ترامب قد زعم، في تصريح للصحفيين قبيل توجهه مؤخرا إلى أسكتلندا في زيارة خاصة، أن حركة حماس لم تكن راغبة حقا في إبرام اتفاق، مضيفا: "أعتقد أنهم يريدون أن يموتوا، وهذا أمر بالغ الخطورة".
وتابع: لقد وصلنا الآن إلى آخر الرهائن المحتجزين "الإسرائيليين"، وهم يعلمون ما سيحدث بعد استعادة آخر الرهائن، ولهذا السبب تحديدا لم يرغبوا في عقد أي اتفاق. وأردف ترامب: لقد قلت لكم.. سيكون من الصعب جدا على حركة حماس إبرام اتفاق، لأنها ستفقد درعها وغطاءها.
وجددت حماس التأكيد على استعدادها لإطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين دفعة واحدة، مقابل إنهاء حرب الإبادة وانسحاب جيش الاحتلال الإسرائيلي من غزة.
من جهة أخرى، أشار موقع "أكسيوس" إلى أن المسؤولين الإسرائيليين غير متأكدين تماما ما إن كانت تصريحات ترامب مجرد تكتيك في عملية التفاوض، أم تحولا ملحوظا في موقفه.
واعتبر الموقع أنه إذا كان ذلك تحولا فعليا، فسيمثل ضوءا أخضر لنتنياهو للمضي قدما في اتخاذ إجراءات عسكرية أكثر تطرفا، وأضاف- نقلا عن مسؤول "إسرائيلي"- أن ترامب أكد لنتنياهو خلال معظم المحادثات الهاتفية والاجتماعات بينهما أن يفعل ما يتعين عليه فعله في غزة، وذكر المسؤول نفسه أنه في بعض الحالات "ذهب إلى حد تشجيع نتنياهو على استهداف حركة (حماس) بشكل أكثر شراسة.
ردت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بقوة على تصريحات ترامب والمبعوث الأميركي الخاص ويتكوف، واصفة إياها بأنها غير متوازنة، وتفتقر إلى المصداقية، ومؤكدة أنها تأتي للتغطية على تهرب حكومة الاحتلال "الإسرائيلي" من الالتزامات، وتعطيلها المتعمّد للمسار التفاوضي.
وفي ردٍّ حاد، صرّح عزت الرشق عضو المكتب السياسي لحركة حماس، في بيان نشره على قناته الرسمية، بأن تصريحات ترامب وويتكوف تتجاهل التقييمات الإيجابية للوسطاء- وعلى رأسهم قطر ومصر- حيث أعربوا مرارا عن ارتياحهم لمرونة الحركة وجديتها في التعاطي مع جهود وقف إطلاق النار.
ويأتي هذا الرد تعقيبا على تصريحات ترامب الأخيرة، التي اتهم فيها حركة حماس بعرقلة جهود التوصل إلى هدنة، كما زعم ويتكوف أن الحركة لم تُبدِ المرونة الكافية تجاه المقترحات المطروحة، متهما إياها بتأخير إبرام صفقة التبادل.
وقد نفى عزت الرشق هذه المزاعم جملة وتفصيلا، مؤكدا أن حركة حماس تعاملت بمسؤولية وطنية ومرونة عالية، وقدّمت ردودا مدروسة بعد مشاورات موسّعة مع مختلف الفصائل، بما ينسجم مع وثيقة ويتكوف نفسها، وأوضح الرشق أن تعديل حركة حماس على مقترح الاتفاق لم يكن إلا تحصينا للبنود الإنسانية، من حيث ضمان تدفق المساعدات عبر الأمم المتحدة دون تدخل "إسرائيلي"، وتقليص المناطق العازلة لتسهيل عودة السكان إلى منازلهم.
ولم يكتفِ الرشق بنفي مزاعم الطرف الأميركي، بل حمّل رئيس حكومة الاحتلال، نتنياهو، المسؤولية الكاملة عن تعثر التوصل إلى اتفاق. وأردف قائلا: إن نتنياهو يماطل ويضع العراقيل عن قصد، ويُفشل المبادرات لتحقيق مكاسبه الشخصية والسياسية، وفي مقدمتها التشبث بالسلطة، حتى لو كان ذلك على حساب أرواح المدنيين في غزة".
ولم تكن هذه الاتهامات مجافية للحقيقة؛ فقد أشارت تقارير عديدة إلى أن حكومة نتنياهو تتعمد تصعيد المواقف كلما أوشكت المفاوضات على تحقيق انفراج، وذلك في ظل الخلافات الداخلية بين مكونات حكومته اليمينية المتطرفة، والضغوط التي يمارسها وزراء مثل بن غفير وسموتريتش، الرافضَين لأي تهدئة لا تحقق نصرا سياسيا أو أيديولوجيا.
الاحتلال يقصف المدنيين في مناطق توزيع المساعدات، ويمنع وصول القوافل الإنسانية، ويغذّي الفوضى والانفلات الأمني، مطالبا واشنطن بالتوقف عن توفير الغطاء السياسي والعسكري لـ"إسرائيل"
وعلى الرغم من التصريحات الأميركية، لم يصدر عن الوسطاء القطريين والمصريين أي تأكيد لمزاعم ويتكوف، بل كشفت تسريبات عن ارتياح نسبي للمواقف الأخيرة التي أبدتها حركة حماس، لا سيما تجاوبها مع بعض البنود الأساسية المتعلقة بترتيبات ما بعد وقف إطلاق النار.
من بين النقاط التي ركز عليها رد حركة حماس، دحض الاتهامات الأميركية و"الإسرائيلية" السابقة للحركة بسرقة المساعدات الإنسانية، وهو ادعاء كرره ترامب مؤخرا. وفنّد عزت الرشق هذا الاتهام مستندا إلى تحقيق أجرته وكالة التنمية الأميركية (USAID) ونقلته رويترز، وقد أشار إلى عدم وجود أدلة على سرقة ممنهجة للمساعدات من قبل حكومة حماس.
وأظهر التقرير أن 44 من أصل 156 واقعة استيلاء على المساعدات الإنسانية كانت بسبب العمليات العسكرية "الإسرائيلية"، وليس بسبب سيطرة الحركة، في إشارة واضحة إلى أن الاحتلال هو الطرف الذي يعيق الإغاثة ويستخدم المساعدات كسلاح في الحرب.
وأضاف الرشق أن الاحتلال يقصف المدنيين في مناطق توزيع المساعدات، ويمنع وصول القوافل الإنسانية، ويغذّي الفوضى والانفلات الأمني، مطالبا واشنطن بالتوقف عن توفير الغطاء السياسي والعسكري لـ"إسرائيل"، والانخراط الجاد في إنهاء الحرب وفتح الطريق لاتفاق إنساني وسياسي شامل.
وبدا البيان الصادر عن حركة حماس بمثابة دعوة إلى إبراز التناقضات في موقف واشنطن.. فمن جهة، تتحدث عن "حلول دبلوماسية" و"دعم للمبادرات الإنسانية"، ومن جهة أخرى تهاجم حركة حماس وتتبنى الرواية "الإسرائيلية" بشكل كامل، متجاهلة التقدم الفعلي في المسار التفاوضي، ومساعي حماس لتعديل المقترحات بما يكفل الحد الأدنى من الكرامة الإنسانية لسكان قطاع غزة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ ساعة واحدة
- الجزيرة
هل وعود أوروبا المفاجئة بالاعتراف بفلسطين حقيقية؟
عقب اختتام مؤتمر حل الدولتين في نيويورك وإعلان وزير الخارجية الفرنسي عن نداء دولي للاعتراف بدولة فلسطين، تنامى الحديث عن أهمية هذه الاعترافات السابقة والقادمة؛ المتوقعة منها أو المحتملة. خصوصا أن هذا الحديث جاء متزامنا مع جهد فرنسي لخلق حشد على مستوى دولي دافع باتجاه تغيير الواقع القائم في فلسطين، أي أنه أقرب إلى اجتراح مسار بديل للتعامل مع القضية الفلسطينية عن مسار الإدارة الأميركية الحالية. ورغم أهمية التحرك الدولي عموما من أجل الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وما يمثله من تحدٍّ لمحاولات طمس القضية الفلسطينية برمتها على يد الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة، فإنه تحرك محدود التأثير على أرض الواقع نتاجا لأوجه قصور عدة: عقلية الوصاية في كل مرة يتم فيها الحديث عن ضرورة قيام الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من يونيو/ حزيران 1967، لا تتردد الدول المقدمة لمثل هذا الحديث أن ترفقه مع جدول أعمال على الفلسطينيين إتمامه، من إصلاحات أمنية وإدارية ومالية. يمكن الرجوع مثلا إلى خطة خريطة الطريق خلال الانتفاضة الفلسطينية الثانية، وتتبع الشروط الواجب الالتزام بها فلسطينيا قبل استحقاق الدولة وفقا للخطة التي كان يتوجب أن تنتهي بدولة فلسطينية 2005. التزمت السلطة حينها بما عليها ولم تفِ إسرائيل بشيء من الالتزامات. ها نحن على بعد عقدين من تلك المحاولة، نجد أطرافا عدة في المجتمع الدولي تلجأ إلى ذات المسار لتقول: إن على الفلسطيني أن يقوم أولا بإصلاحات عدة وبإشراف خارجي تشمل الأمن والمال والسياسة والإدارة والثقافة. وهي في الواقع جملة من الخطوات الساعية لخلق بيئة فلسطينية غير مناوئة للاحتلال بأي صورة من الصور، وهي إعادة إنتاج لسياسات الوصاية القائمة على استعلاء مكشوف لا يتعامل مع الدولة الفلسطينية على أنها جزء من حق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم، كحق غير مشروط، بل كهدف محتمل. إن أي طرح يطالب الفلسطيني بأن يتخلى عن كل أدوات نضاله ويتخلص منها، أيا كان شكل هذا النضال، ويدفعه باتجاه إعادة بناء المجتمع الفلسطيني كمجتمع تابع ومرهق اقتصاديا، ومنفصل عن تاريخه ثقافيا وسياسيا، ومتكيف مع كل ما تقوم به إسرائيل، وتحت عنوان فضفاض جدا كالإصلاح، يعني إفقاد الفلسطيني القدرة على العمل من أجل حقوقه، إذ لا يُتوقع من إسرائيل أن تلتزم بحل الدولتين وفقا لما تعلن وتعمل، ووفقا لفقدان الحراك الدولي أدوات الضغط على الإسرائيلي. التوظيف التكتيكي من أوجه القصور الأخرى في هذا السعي أنه يوظف تكتيكيا من قبل بعض الداعين له كأداة ضغط على إسرائيل في سياق الحرب على قطاع غزة، كإعلان بريطانيا مثلا وعلى لسان رئيس وزرائها كير ستارمر أن لندن ستعترف بدولة فلسطين إذا لم توقف إسرائيل حربها على قطاع غزة، ولم توقف الضم في الضفة، ولم تلتزم بمسار سياسي لحل الدولتين، ومثل هذا الإعلان فيه معضلتان: الأولى: أخلاقية تتمثل في التعامل مع الاعتراف بالدولة الفلسطينية كمسألة قابلة للمساومة مع الإسرائيليين، والأصل أن هذه مسألة ليست محل مساومة ولا أداة توظف آنيا لتعديل سلوك إسرائيل. وفي الوقت الذي قد يبدو فيه الأمر إسنادا لمطلب الفلسطينيين بإنهاء الحرب ظاهريا؛ يبدو في الجوهر أن إسرائيل قد نجحت في خفض سقف أطراف وازنة على المستوى الدولي، من مستوى العمل من أجل دولة فلسطينية بغض النظر عن السلوك الإسرائيلي، إلى مستوى استحضار فكرة الدولة لتوظيفها في محاولة تثبيط الاعتداءات الإسرائيلية دون جدوى. الثانية: سياساتية تتمثل في توهم إمكانية الضغط على إسرائيل بهذه الطريقة، وتجاهل الأدوات الدبلوماسية التقليدية في الاحتجاج والضغط، بالإضافة إلى صنوف الضغط الأخرى على مستوى مراجعة التعاون الاقتصادي والأمني والعسكري. ففي ظل حفاظ بعض الدول على مستوى التمثيل الدبلوماسي مع إسرائيل، وكذلك أوجه التعاون الأخرى، يبدو التلويح بالاعتراف بدولة فلسطينية محاولة متواضعة للتخلص من العبء الأخلاقي الملقى على كاهل تلك الدول التي تحالفت مع إسرائيل على مدار عقود وما زالت. تجاهل غير مبرر التحرك الدولي من أجل الاعتراف بدولة فلسطين لا يمكن أن يوضع في سلة واحدة، فهناك دول اعترفت مسبقا، وأخرى أعلنت نيتها الاعتراف دون شرط، فيما دول أخرى رهنت الاعتراف بتقييم مستقبلي تبعا لمتطلبات توقعاتها من الطرفين وأكثرها متوقعة من الفلسطيني، فيما دول تحاول استخدامه أداة ضغط على الاحتلال. والتحرك الذي يستوجب القراءة النقدية ذاك الذي تبادر به بعض الدول الغربية حاليا- كفرنسا، وبريطانيا- لوزنها في السياسة الدولية أولا، ولعلاقاتها مع إسرائيل ثانيا، ولامتلاكها أدوات إحالة الاعتراف من خطوة سياسية إلى وقائع جديدة على الأرض. فبالإضافة إلى الإشكاليات سابقة الذكر؛ هناك تعامل متراخٍ جدا مع السلوك الإسرائيلي السياسي والميداني، فالتلويح بالاعتراف مستقبلا بدولة فلسطين، واعتباره خطوة كافية لوقف مخططات إسرائيل لتقويض أي إمكانية لقيام دولة فلسطينية، يتعامى عن حقيقة لخصها وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، إذ قال في معرض تعليقه على الدعوة الجماعية للاعتراف بدولة فلسطين: "من المهم ألا يكون هناك شيء يعترفون به حين يحين الوقت". سياسيا؛ لم يعد من المقبول اختزال العقبات الإسرائيلية أمام حل الدولتين في شخصين هما بن غفير وسموتريتش. هناك استسهال غربي لفكرة إعفاء إسرائيل الدولة من المسؤولية عن التطرف وانتهاك حقوق الفلسطينيين وإلصاق ذلك بشخصين فقط. وهو أمر بالمناسبة مارسته الإدارة الأميركية الديمقراطية السابقة، حين فرضت عقوبات على بعض الجماعات الاستيطانية، دون أن تحمل إسرائيل وزر الاستيطان برمته. أغلبية أعضاء الكنيست كانوا قد صوتوا ضد إقامة دولة فلسطينية خلال يوليو/ تموز 2024، بمن فيهم أعضاء من خارج الائتلاف، وذلك لاحقا لتصويت الكنيست في فبراير/ شباط من ذات العام بأغلبية ساحقة وصلت إلى 99 عضوا؛ دعما للحكومة في رفضها خطوات الاعتراف أحادي الجانب بدولة فلسطين، وقبل أسبوعين تقريبا، أي في يوليو/ تموز 2025 صوت 71 عضوا في الكنيست لصالح ضم الضفة الغربية. أي أن هذا السعي الدولي المتنامي للاعتراف بدولة فلسطين، يجب ألا يكتفي بالدعوة إلى حل الدولتين، وهي دعوة تتحرك في المساحات الآمنة، ولا تشير إلى العقبة الأساسية المتمثلة في عدم وجود طرف إسرائيلي ذي ثقل حقيقي مستعد لحل الدولتين، وتتجاهل أن أكبر حركتين فلسطينيتين من الناحية الجماهيرية ليست لديهما مشكلة مع هذا الحل. فحركة فتح تصر عليه منذ أوسلو 1993، وحركة حماس قد أبدت في وثيقتها السياسية الجديدة 2017 وفي البند رقم 20 اعتبارها إقامة دولة على حدود الرابع من يونيو/ حزيران كاملة السيادة وعاصمتها القدس وعودة اللاجئين، صيغة توافقية مشتركة. القفز عن هذه الحقائق السياسية، نحو طلب خطوات "إصلاحية" في الجانب الإداري والأمني والمالي من السلطة الفلسطينية، هو هروب من المواجهة الحقيقية مع إسرائيل بتركيبتها السياسية الحالية، وهي حقائق لا تتمثل في التصويت داخل الكنيست فحسب، وإنما في تصريحات عديدة يتعذر سردها لكثرتها والصادرة عن شخصيات رسمية وغير رسمية إسرائيلية، تدعو إلى مزيد من الاستيطان في الضفة، والتهويد الكامل للقدس، وإعادة الاستيطان في القطاع وتهجير الفلسطينيين. بالتزامن مع هذا السلوك السياسي الإسرائيلي الرافض تداول فكرة الدولة الفلسطينية والداعي لتقويض كل مقوماتها، تقوم إسرائيل عمليا بمحاربة الوجود الفلسطيني بسبل شتى، أكثرها وضوحا وبطشا، حرب الإبادة الجماعية في قطاع غزة، والتي تهدف إلى تهجير الفلسطينيين والاستيطان في القطاع. وما التعنت الإسرائيلي الحالي في الملف التفاوضي إلا شراء لمزيد من الوقت كي لا يترك لأهل غزة أي عامل للصمود، لتصبح الدعوات الدبلوماسية والمؤتمرات والخطابات بشأن الدولة الفلسطينية سلوكا متواضعا جدا أمام تجريف الدولة وفكرتها على يد الاحتلال. سابقا لحرب الإبادة في القطاع وبالتوازي معها؛ كانت إسرائيل تبني المزيد من المستوطنات، وتهود العديد من الأماكن في القدس، والخليل، ونابلس، وتشق الطرق الخاصة بالمستوطنين. بيد أنها في الآونة الأخيرة بدأت بخطوات أكثر اتساعا وتسارعا نحو إعدام مقومات الدولة، بمشاريع استيطانية ضخمة تم الإعلان عنها خلال مايو/ أيار 2025، وتشمل بناء 22 مستوطنة جديدة في جنين، والقدس، ورام الله، ونابلس، والخليل، وسلفيت، وهو مد استيطاني سيغير ملامح الضفة الغربية. يترافق مع هذا التمدد الاستيطاني، اعتداءات المستوطنين أفرادا وجماعات، وبحماية الجيش الإسرائيلي، مضافا إليها تقييد حركة الفلسطينيين، ومنع حركة العمران والزراعة في مناطق (ج)، وتمدد التقييدات إلى مناطق (ب)، وتقليص صلاحيات السلطة الفلسطينية، وإرهاق المجتمع الفلسطيني ماليا، وهذا كله يتماشى مع مخططات إسرائيل الحالية، ليس فقط لإعدام حل الدولتين، بل لتقليص الوجود الفلسطيني على أضيق بقعة جغرافية ممكنة. تأسيسا على ما سبق؛ فإن استمرار التحرك الدولي من أجل الدولة الفلسطينية أمر مهم، بيد أن استمراره بذات الأدوات غير الفعالة، وبذات المنطق الذي يوظف الاعتراف تكتيكيا، ومن ذات الزاوية للنظر بما لا يتفاعل بشكل حاسم مع خطاب وفعل إسرائيل، فإن الأخيرة ماضية في مسعاها، ومستعدة لتحمل هذا الإزعاج على المستوى الدولي. فحين تكون دولة مثل فرنسا تقود جهود الاعتراف بدولة فلسطين، فيما تمد إسرائيل بأسباب القوة، من سلاح وذخائر ومعدات وبشكل منتظم منذ بداية الحرب وفقا لتقرير عشر منظمات حقوقية صدر في يونيو/حزيران 2025، فإنه يمكن لإسرائيل أن تبتلع هذه الجهود.


الجزيرة
منذ 2 ساعات
- الجزيرة
رايتس ووتش: تخريب إسرائيل لمدارس بجنوب لبنان "جريمة حرب"
وجهت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الأربعاء، اتهامات واضحة للقوات الإسرائيلية بتخريب مدارس في جنوب لبنان ، وأكدت أن احتلال مدارس وتخريبها يدخل ضمن "جرائم حرب محتملة تهدد الحق في التعليم". وقالت "رايتس ووتش" إن القوات الإسرائيلية احتلت مدارس في جنوب لبنان خلال الأعمال القتالية مع حزب الله بين سبتمبر/أيلول ونوفمبر/تشرين الثاني 2024. وأضافت "يبدو أن القوات الإسرائيلية تعمدت تخريب الممتلكات المدرسية ونهبها وتدميرها في ما لا يقل عن مدرستين، وهي أفعال يرقى كثير منها إلى جرائم حرب". وسجلت أن الأطفال يواجهون في جميع أنحاء لبنان لأكثر من 6 سنوات انقطاعات كبيرة في تعليمهم منذ أزمة 2019 الاقتصادية، وأكدت أن على لبنان والحكومات المانحة إعطاء الأولوية لإعادة بناء البنية التحتية الأساسية، بما في ذلك المدارس بطريقة شفافة وخاضعة للمساءلة وخالية من الفساد. وقال رمزي قيس الباحث في شؤون لبنان في هيومن رايتس ووتش: "لقد سُويت قرى حدودية كثيرة في جنوب لبنان بالأرض، وحيثما بقيت مدارس قائمة، تم تخريب عدد منها، وتم نهب ما لا يقل عن مدرستين من قبل القوات الإسرائيلية". وأضاف قيس موضحا "من خلال نهب المدارس، ارتكبت القوات الإسرائيلية جرائم حرب واضحة وعرّضت تعليم الطلاب في لبنان للخطر". وشدد على ضرورة إعادة الإعمار حتى يتمكن عشرات الآلاف من السكان النازحين من العودة إلى منازلهم وقراهم ويتمكن الأطفال من الحصول على حقهم في التعليم. كما طالب الحكومة اللبنانية بضمان العدالة للانتهاكات والجرائم، بما في ذلك من خلال منح الولاية للمحكمة الجنائية الدولية. وأشارت المنظمة إلى أنه جرى تدمير أكثر من 100 مدرسة أو "تضررت بشدة" في جنوب لبنان منذ بدء الأعمال القتالية في أكتوبر/تشرين الأول 2023، وذلك وفق أرقام منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف). وأفادت "هيومن رايتس ووتش" بأنها زارت 7 مدارس في جنوب لبنان بين يناير/كانون الثاني ومارس/آذار 2025، تقع في قرى وبلدات حدودية ووثقت الأضرار والدمار الذي لحق بالمدارس وبالقرى المحيطة بها. وأكدت المنظمة الحقوقية الدولية أنها وجدت "أدلة تشير إلى أن القوات الإسرائيلية احتلت خمسا من المدارس السبع التي تمت زيارتها"، ومن بين الأدلة مواد غذائية إسرائيلية ونفايات أخرى مكتوبة بالعبرية، فضلا عن كتابات بالعبرية على جدران المدارس وألواح الصفوف. كما تحدثت هيومن رايتس ووتش مع مديري المدارس وإداريين حول آثار ذلك على حصول الأطفال على التعليم، وكذلك مع منظمتين إنسانيتين دوليتين وثقتا أيضا الأضرار التي لحقت بالمدارس وتأثيرها على التعليم. وطالبت المانحين ووكالات الإغاثة بدعم الحكومة اللبنانية لإعادة إعمار المدارس والبنية التحتية المدنية الأخرى بسرعة، واعتبرت أن ضمان المساءلة يستدعي من الـحكومة اللبنانية منح المحكمة الجنائية الدولية اختصاص التحقيق ومقاضاة الجرائم الدولية المرتكبة على الأراضي اللبنانية منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023.


الجزيرة
منذ 2 ساعات
- الجزيرة
حماس تدين إبعاد مفتي القدس وتدعو للتحرك لحماية الأقصى
قالت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) إن إبعاد مفتي القدس الشيخ محمد حسين عن المسجد الأقصى يمثل إجراء تعسفيا من الاحتلال، لفرض السيطرة على المسجد الأقصى. واتهمت الاحتلال باستهداف أئمة وخطباء المسجد الأقصى بالاعتقال والإبعاد. ودعت العرب والمسلمين للتحرك العاجل لحماية الأقصى والمقدسات من التهويد، مؤكدة أن الأقصى يتعرض لحملة تهويد مسعورة من حكومة الاحتلال والمستوطنين. وكانت سلطات الاحتلال الإسرائيلي قد سلمت -اليوم الأربعاء- مفتي القدس الشيخ محمد حسين قرار إبعاد عن الأقصى لمدة 6 أشهر. وقالت محافظة القدس -في منشور لها على فيسبوك – إن قائد منطقة القدس بشرطة الاحتلال أمير أرزاني أصدر قرارا نهائيا بإبعاد المفتي عن المسجد الأقصى فور انتهاء مدة إبعاده التي استمرت 8 أيام. وفي تعليق له على القرار، قال مفتي القدس الشيخ محمد حسين إن قرار سلطات الاحتلال الإسرائيلي بإبعاده 6 أشهر عن المسجد الأقصى غير مبرر، ولا يستند إلى أي مبررات قانونية. وأفاد حسين -في حديثه للجزيرة نت- بأن القرار الإسرائيلي جاء على خلفية خطبة ألقاها في المسجد الأقصى ، حيث اتهمته شرطة الاحتلال بتشكيل خطر على جمهور المسجد الشريف. وأوضح أنه رفض التوقيع على وثيقة تُحمّله مسؤولية التحريض أو الخطر، مشيرا إلى أنه يعمل في المسجد الأقصى منذ أكثر من 55 عاما، منها 43 عاما خطيبا، وآخرها مديرا للمسجد المبارك. وكانت قوات الاحتلال اعتقلت الشيخ محمد حسين في 25 يوليو/تموز الماضي من داخل المسجد الأقصى، عقب إلقائه خطبة جمعة استنكر فيها سياسة التجويع التي تنتهجها إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة. وتواصل شرطة الاحتلال استهداف أئمة وخطباء المسجد الأقصى بالاعتقال والإبعاد، حيث اعتقلت يوم الجمعة الماضي قاضي قضاة القدس الشيخ إياد العباسي أثناء خروجه من المسجد، عقب إلقائه درسا تحدث فيه عن التجويع والإبادة في غزة.