
حماس تتهم إسرائيل بـ "تحويل الغذاء إلى سلاح قتل بطيء"، وبلجيكا تعلن مشاركتها في عملية إنزال جوي للمساعدات على قطاع غزة
وأضافت الحركة أن غالبية شاحنات الإغاثة تتعرض للنهب والاعتداء، في إطار ما وصفته بـ "سياسة ممنهجة يتبعها الاحتلال".
وقالت الحركة إن القطاع يحتاج إلى أكثر من 600 شاحنة مساعدات ووقود يوميا، وإن ما تسمح إسرائيل بدخوله للقطاع فعليا "لا يمثل سوى نسبة ضئيلة".
في المقابل، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن حماس "تسرق الطعام"، مشيرا إلى أن هذا هو ما دفعه إلى السماح بإلقاء المساعدات لغزة عن طريق الجو.
ونفذ الأردن بالتعاون مع دولة الإمارات العربية، دفعة جديدة من عمليات الإنزال الجوي لإيصال المساعدات الإغاثية إلى قطاع غزة يوم الأربعاء.
وتم إنزال 16 طناً من المواد الغذائية وحليب الأطفال في مختلف مناطق قطاع غزة، ليصل إجمالي الحمولة التي تم إنزالها خلال الأيام الماضية إلى نحو 73 طناً من المواد الأساسية.
وبذلك، يصل عدد عمليات الإنزال التي نفذها الأردن إلى 130 عملية إنزال، إضافة إلى 270 عملية إنزال تم تنفيذها بمشاركة عدد من الدول الأخرى.
وأعلنت بلجيكا يوم الأربعاء، عزمها المشاركة في عملية ينسقها الأردن لإلقاء المساعدات من الجو على غزة، في وقت حذّرت فيه وكالات تابعة للأمم المتحدة من أن القطاع "بات على شفير المجاعة".
وقالت وزارتا الخارجية والدفاع البلجيكية، إن طائرة بلجيكية تحمل معدّات طبية ومواد غذائية بقيمة 600 ألف يورو تقريباً (690 ألف دولار) ستتوجّه إلى الأردن حيث ستبقى في حالة استعداد لتنفيذ عمليات إلقاء المساعدات من الجو بالتنسيق مع عمّان.
وميدانيا، قُتل 16 فلسطينياً وأصيب أكثر من 50 من منتظري المساعدات الإنسانية في قطاع غزة منذ فجر يوم الأربعاء، كما لقي سبعة أشخاص حتفهم نتيجة نقص الغذاء خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية، حسب مصادر في مستشفيات بالقطاع.
وأفاد مستشفى ناصر في مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، بوصول سبعة قتلى وأكثر من 40 مصاباً إلى المستشفى جراء إطلاق قوات إسرائيلية النار قرب مركز المساعدات الإنسانية في منطقة شمال غرب مدينة رفح جنوبي قطاع غزة، كما قتل اثنان من منتظري المساعدات بنيران الجيش الاسرائيلي قرب محور نتساريم وسط قطاع غزة، وفق مصادر بوزارة الصحة الفلسطينية.
واستقبل مستشفى العودة بالنصيرات وسط القطاع منذ صباح اليوم 4 قتلى كانوا يتجمعون عند نقطة توزيع للمساعدات على شارع صلاح الدين وسط القطاع.
وأفاد شهود عيان أن قوات الجيش الإسرائيلي نفذت "عمليات نسف" في منطقة السطر الغربي بمدينة خان يونس جنوب قطاع غزة.
وأعلنت وزارة الصحة في القطاع أن عدد حالات الوفاة نتيجة نقص الغذاء بلغ سبعة، خلال الـ 24 ساعة الماضية، من بينهم طفل.
وبذلك، يرتفع عدد ضحايا نقص الغذاء في القطاع إلى 154، منهم 89 طفلاً.
وأكدت وزارة الصحة أن ما وصفتها بـ "المحاولات البائسة لنفي حقيقة المجاعة تعرّيها أعداد المتقاطرين إلى أقسام الطوارئ وأعداد الوفيات".
وفي سياق منفصل، أعلنت هيئة شؤون الأسرى والمحررين ونادي الأسير الفلسطيني، عن وفاة صايل رجب أبو نصر (60 عاماً) في السجون الإسرائيلية، وذلك بعد نحو عامين من اعتقاله في نوفمبر/تشرين الثاني 2023.
وأوضحت المؤسستان أن "حالة معتقلي غزة لا تزال من أكثر القضايا خطورة، في ظل ما يواجهونه من انتهاكات جسيمة داخل مراكز الاحتجاز، بما في ذلك التعذيب والتجويع والإهمال الطبي وسوء المعاملة".
وبوفاة أبو نصر، يرتفع عدد المعتقلين الذين لقوا حتفهم داخل السجون الإسرائيلية منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023 إلى 75 معتقلاً، بينهم 46 من غزة، وفقاً للمؤسسات الحقوقية الفلسطينية.
ووفق الإحصائيات، بلغ عدد المعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية حتى مطلع يوليو/تموز 2025 أكثر من 10,800 معتقل، بينهم 48 امرأة، وأكثر من 440 طفلاً، ونحو 3,600 معتقل إداري، إضافة إلى 2,454 معتقلاً من غزة.
ويتكوف يزور إسرائيل
ومن المقرر أن يزور المبعوث الخاص للرئيس الأمريكي دونالد ترامب ستيف ويتكوف إسرائيل، في زيارة هي الأولى له منذ الإفراج عن الرهينة الإسرائيلي عيدان ألكسندر منتصف مايو/أيار الماضي.
ويتوقع أن يلتقي ويتكوف برئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، إلى جانب قيامه بجولة ميدانية في مراكز توزيع المساعدات التابعة لصندوق الإغاثة الأميركي (GHF) داخل قطاع غزة.
تأتي هذه الزيارة في ظل جهود مفاوضات صفقة التبادل بين إسرائيل وحماس، فيما تشير مصادر إسرائيلية إلى أن ويتكوف يركّز في مهمته على الجانب الإنساني، بهدف تحسين الأوضاع في القطاع، وفقا لصحيفة يديعوت أحرونوت.
وبحسب الصحيفة، فإن ويتكوف سيطّلع على سير عمليات توزيع المساعدات التي يشرف عليها الصندوق، في وقت تتصاعد فيه الانتقادات الدولية تجاه إسرائيل على خلفية تدهور الوضع الإنساني في غزة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


BBC عربية
منذ 3 ساعات
- BBC عربية
اتهامات أمميّة لإسرائيل بتحويل نظام المساعدات إلى "مصيدة موت"، وحماس تقول إن مزاعم ترامب بشأن النهب "بلا دليل"
زار المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف، الجمعة، غزة المهددة بالمجاعة واعداً بزيادة المساعدات، مع تصاعد الضغوط الدولية على إسرائيل على خلفية الأوضاع الانسانية في القطاع. قبيل الزيارة، انتقدت منظمة هيومن رايتس ووتش نظام توزيع المساعدات الذي أقامته إسرائيل والولايات المتحدة عبر "مؤسسة غزة الإنسانية"، معتبرة أنه أصبح "مصيدة للموت" لسكان القطاع حيث تدور الحرب منذ قرابة 22 شهراً بين إسرائيل وحماس. وأصبح قطاع غزة مهدداً بـ"مجاعة شاملة" بحسب الأمم المتحدة، وبخاصّة أن سكانه الذين يتجاوز عددهم مليوني نسمة، يعتمدون بشكل أساسي على المساعدات. وأفاد الدفاع المدني في غزة أن 22 فلسطينياً قتلوا بنيران الجيش الإسرائيلي الجمعة، بينهم ثمانية كانوا ينتظرون الحصول على مساعدات وقضى اثنان منهم قرب نقطة لتوزيع المساعدات تابعة لـ"مؤسسة غزة الانسانية" في جنوب القطاع. إذ يقول لؤي محمود، أحد سكان غزة، تعليقاً على زيارة ويتكوف: "لن يرى ستيف ويتكوف الجوع، بل سيرى فقط الرواية التي تريد إسرائيل أن يراها". ويضيف لبي بي سي: "هذه الزيارة مجرد خدعة إعلامية فارغة، وليست مهمة إنسانية. لن يقدم أي حلول، بل مجرد حجج واهية تهدف إلى تلميع صورة إدارة متواطئة في معاناتنا". وقال ويتكوف على منصة إكس إن زيارته التي استغرقت "أكثر من خمس ساعات"، كانت تهدف إلى تزويد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب "بفهم واضح للحالة الإنسانية، ووضع خطة تهدف إلى إيصال أغذية ومساعدات طبية إلى سكان غزة". ونقل موقع "أكسيوس" الأمريكي عن ترامب إعلانه العمل على خطة "لإطعام الناس". تقرير أمّمي: إسرائيل حوّلت نظام توزيع المساعدات إلى "حمام دم" واتهمت هيومن رايتس إسرائيل بإقامة نظام "عسكري معيب" لتوزيع المساعدات، حوّل العملية إلى "حمام دم" و"مصيدة موت". وجاء في التقرير إن "عمليات قتل القوات الإسرائيلية للفلسطينيين الباحثين عن طعام هي جرائم حرب". وأضافت المنظمة "الوضع الإنساني الكارثي (في غزة) هو نتيجة مباشرة لاستخدام إسرائيل التجويع سلاح حرب - وهو جريمة حرب - فضلاً عن عرقلتها المتعمدة والمستمرة لدخول المساعدات الإنسانية وتأمين الخدمات الأساسية". وقال الجيش الاسرائيلي إنه يجري تحقيقات عقب تقارير عن سقوط ضحايا مدنيين بالقرب من مناطق التوزيع. ومنذ أسبوع بدأت عدة دول بإنزال مساعدات غذائية جواً. وأظهرت لقطات لوكالة فرانس برس الجمعة سكاناً في قطاع غزة يهرعون للحصول على طرود أسقطت من الجو في جباليا (شمال). وأعلن الجيش الأردني في بيان الجمعة أنه نفذ "سبعة إنزالات جوية لإيصال مساعدات إنسانية وغذائية وحليب أطفال إلى قطاع غزة بمشاركة عدد من الدول". وشاركت طائرات عسكرية تابعة للأردن والامارات وألمانيا وفرنسا وإسبانيا. وبلغت حمولة هذه الانزالات حوالي 57 طناً. وبلغ إجمالي الحمولة التي تم إلقاؤها منذ عودة الإنزالات الجوية قبل أسبوع حوالي 148 طناً من المواد الأساسية. لكن المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) فيليب لازاريني أكد أن المساعدات "غير كافية وغير فعالة"، داعياً إلى استئناف عمليات التسليم البري المنسقة من الأمم المتحدة. وأكد أن ستة آلاف شاحنة محمّلة بالمساعدات الغذائية، تنتظر خارج غزة الحصول على الموافقة لدخول القطاع. "فتح" ترفض "تطاول" حركة حماس على الأردن ومصر في المقابل، عبّرت حركة فتح، الجمعة، عن رفضها القاطع لتصريحات صادرة عن قيادات في حركة حماس ضد مصر والأردن، مؤكدة أن هذه التصريحات لا تمثل الشعب الفلسطيني وتسيء للعلاقات العربية وتضعف الدعم القومي للقضية الفلسطينية. وشددت فتح على الدور التاريخي لمصر والأردن في دعم الشعب الفلسطيني، مشيدة بمواقف الرئيس السيسي والملك عبد الله الثاني. كما حذّرت من ارتهان بعض الأطراف لأجندات خارجية تضر بالقضية، ودعت القوى الفلسطينية إلى تحكيم العقل، وتجنب التحريض، وتعزيز الوحدة الوطنية. حماس تردّ على ترامب استنكرت حركة حماس تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التي اتهم فيها الحركة بسرقة المساعدات الإنسانية في قطاع غزة، ووصفتها بأنها "باطلة ولا تستند لأي دليل"، مؤكدة أن "التصريحات تبرّئ الاحتلال وتحمل الضحية المسؤولية، وقد تم تفنيدها من قبل منظمات دولية وبتقرير داخلي لوكالة التنمية الأميركية "يو أس أيد". جاء ذلك في تصريحات للقيادي في الحركة عزت الرشق، شدد فيها على أن ما يجري في غزة من "تجويع وإبادة" هو نتيجة مباشرة للسياسات الإسرائيلية المدعومة أمركياً، داعياً واشنطن للتوقف عن ترديد المزاعم الإسرائيلية، ودعم إيصال المساعدات بشكل آمن عبر الأمم المتحدة، ورفض "مؤسسة غزة الإنسانية" التي وصفها بمصيدة للمحتاجين. وفي السياق، التقى وفد من قيادة الحركة برئاسة محمد درويش وزير الخارجية التركي هاكان فيدان في إسطنبول، وبحث الجانبان "وقف العدوان" وجهود الإغاثة، حيث أكد فيدان أن ما يجري في غزة "جريمة إبادة جماعية"، مجدداً دعم بلاده للقضية الفلسطينية ورفض محاولات "التهجير والاستيطان وتهويد القدس". حماس تنشر فيديو لرهينة إسرائيلي نشرت كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، الجمعة شريط فيديو لأحد الرهائن الاسرائيليين. وحمل الفيديو ومدته نحو دقيقة و20 ثانية، عنوان "يأكلون مما نأكل"، وظهر فيه رهينة بدا متعباً ونحيلاً في نفق، يجلس حيناً ويمشي حيناً آخر. وأفادت وسائل إعلام إسرائيلية بأن الرهينة هو إيفيتار دافيد (24 عاماً) الذي احتُجز أثناء حضوره مهرجان نوفا الموسيقي في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023. ومن بين 251 رهينة احتجزوا خلال الهجوم، لا يزال 49 محتجزين في غزة، من بينهم 27 يقول الجيش الإسرائيلي إنهم لقوا حتفهم. الجيش الإسرائيلي يعترض صاروخاً أُطلق من اليمن أعلن الجيش الإسرائيلي، الجمعة، اعتراض صاروخ أطلق من اليمن، بينما أكد الحوثيون أنهم استهدفوا مطار بن غوريون قرب تل أبيب. وقال الجيش في بيان "اعترض سلاح الجو صاروخاً أطلق قبل قليل من اليمن وتسبّب بتفعيل انذارات في عدة مناطق في البلاد". وكان مراسلو وكالة فرانس برس سمعوا دوي انفجارات في القدس بعيد إعلان الجيش في وقت سابق رصد إطلاق الصاروخ وتفعيل الدفاعات الجوية لاعتراضه. وتبنّى الحوثيون، إطلاق الصاروخ، إذ قال المتحدث العسكري باسمهم يحيى سريع في بيان "نفذت القوة الصاروخية في القوات المسلحة اليمنية عملية عسكرية نوعية استهدفت مطار اللد... وذلك بصاروخٍ باليستيٍّ فرط صوتي نوع فلسطين2"، مشيراً الى أن العملية "حققت... هدفها بنجاح بفضل الله".


العربي الجديد
منذ 6 ساعات
- العربي الجديد
مؤتمر نيويورك... إلى مواجهة سياسية حازمة
ليس أمراً روتينياً أن تشهد الأمم المتحدة ظهور ائتلاف دولي واسع يدعم حلّ الدولتَين، ويجمع اليابان مع السنغال، وكندا مع إندونيسيا، وإيطاليا مع المكسيك، والنرويج مع قطر، وإسبانيا مع تركيا، ومصر مع المملكة المتحدة، وفق إطار زمني يستغرق 15 شهراً. ففي وقت تنتقل فيه حكومة مجرمي الحرب في تل أبيب من العمل على تصفية قضية فلسطين إلى العمل على التصفية المادّية لشعب فلسطين، وشيطنة وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، ومحاولة طيّ ملفّ القضية... في هذا الوقت، تتنادى دول عديدة وكبيرة في عالمنا من بينها دول الغرب، إلى وضع وثيقة سياسية أساساً لإبرام تسوية تاريخية تكفل لشعب فلسطين إقامة كيانه الوطني المستقل (منزوع السلاح)، وبضمانة أوسع مكوّنات المجتمع الدولي، مع استذكار أن الدولة الإسرائيلية المقامة في أرض فلسطين قد انتزعت قبولاً دولياً بها من خلال الأمم المتحدة، المنظّمة الدولية نفسها التي تعترف 143 دولة من أعضائها بدولة فلسطين. ومن يلحظ أن الاعتراف الدولي بالدولة الإسرائيلية جاء بعد قيام هذه الدولة أو تتويجاً لقيامها، خلافاً لحال دولة فلسطين التي ما زالت ترزح تحت الاحتلال، فإن ملاحظته صائبة، فقد كان المشروع الصهيوني جزءاً من مشروع استعماري، حتى إن مهمّة الانتداب البريطاني على فلسطين تمحورت حول تطبيق وعد بلفور الصادر عام 1917، وقد رحلت القوات البريطانية عن فلسطين في اليوم نفسه الذي أعلن فيه قيام الدولة العبرية يوم 15 مايو/ أيار، والمعروف بيوم النكبة. إذ مع تأسيس عصبة الأمم بعد الحرب العالمية الأولى، فُوّضت بريطانيا بإدارة فلسطين دولةً تحت الانتداب، وتضمّن وعد بلفور هدفاً يجب تحقيقه ضمن هذا الانتداب. ما يدلّل على أن الحركة الصهيونية، وحليفتها بريطانيا، قد طرقتا باب الشرعية الدولية آنذاك لشقّ الطريق نحو إقامة دولة إسرائيل في أرض فلسطين. وهو ما اختطته الحركة الوطنية الفلسطينية منذ العام 1974 مع خطاب ياسر عرفات في الأمم المتحدة، في وقت كان فيه الشطر الأكبر من دول الغرب (ودول أخرى) ينكرون على منظّمة التحرير صفتها حركة تحرّر وطني. والفرق في الحالتَين أن الحركة التحرّرية الفلسطينية لم تتمتّع بظهير دولي كحال الحركة الصهيونية، وإن لم تعدم أصدقاء دوليين، لكن من دون أن يتبنوا المسألة قضيةً خاصّةً بهم. مع ضعف السياسة الدولية تجاه محاسبة مجرمي الحرب، سيردّ نتنياهو وحكومته على مؤتمر نيويورك بمزيد من المجازر اليومية بحقّ الغزّيين وواقع الحال أن الأصدقاء الدوليين ما زالوا ينظرون إلى القضية من الخارج، من خارج مصالحهم الاستراتيجية والمباشرة معاً، وقد لوحظ (للأسف!)، وعلى سبيل المثال، أن الصين وروسيا لم تكونا بين الدول التي نشطت في التحالف الدولي لتنفيذ حلّ الدولتَين (عقد أول اجتماع له في الرياض في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي)، ولا بين الدول التي نشطت لتنظيم مؤتمر حلّ الدولتين برعاية الأمم المتحدة الثلاثاء الماضي. ورغم ما يثيره مؤتمر نيويورك من آمال كبيرة، إلا أن الأوضاع في الظرف الراهن لا تحمل صورة وردية، فقد تطرّقت وثيقة المؤتمر الختامية إلى حرب الاحتلال الإسرائيلي على غزّة وأفردت لها حيّزاً كبيراً ودعت إلى وقفها فوراً، وشدّدت على إنقاذ القطاع بعد وقف الحرب وتشكيل بعثة أممية وتسهيل عمل "أونروا" وتسليم سلاح حركة حماس إلى السلطة الفلسطينية، وهو ما دأب بنيامين نتنياهو على رفضه جملة وتفصيلاً، مستميلاً إدارة دونالد ترامب إليه، التي لم تتصل بالجانب الفلسطيني منذ عودة ترامب إلى البيت الأبيض. والأسوأ أن شهيّة نتنياهو للقتل لم تنقطع، ومن غير أن تلاحظ واشنطن أن الجانب الأكبر من الحرب هو الذي يتّجه إلى الفتك بالأطفال والنساء والعائلات. وليس الأمر بحاجة إلى البرهنة عليه، إذ إن نجاعة الرؤية السياسية التي تضمّنتها وثيقة مؤتمر نيويورك تقترن وجوباً ببذل جهد جدّي ومكثّف، يأخذ عامل الوقت في الاعتبار لإيقاف الحرب، وبعبارة أوضح لإرغام حكومة مجرمي الحرب على وقف حربهم الغاشمة، ومن دون وقفها في أقرب الآجال فإن الآمال السياسية التي تنبض بها وثيقة نيويورك ستظلّ معلّقة في الهواء. لقد تعهّدت الدول الموقّعة على البيان الختامي للمؤتمر "باتخاذ إجراءاتٍ تقيد نشاط المستوطنين العنيفين ومن يدعمون المستوطنات غير الشرعية، واتخاذ إجراءات محدّدة ضدّ الكيانات والأفراد الذين يتصرّفون ضدّ مبدأ التسوية السلمية لقضية فلسطين، من خلال العنف أو أعمال الإرهاب، وفي انتهاك للقانون الدولي". وتدل خبرة العامَين الماضيَّين أن بضع دول أوروبية فقط أقرّت إجراءات ضدّ وزيرَين في حكومة نتنياهو، أما بقيّة الدول، ومنها دول عربية، فلم تتخذ أيّ إجراءات ضدّهما، وضدّ وزراء آخرين يعتنقون السياسات نفسها، كما لم تتخذ إجراءات ضدّ المنظّمات الإرهابية للمستوطنين في الضفة الغربية، إلا على نحو رمزي وجزئي لا يشكّل قلقاً للمؤسّسة الصهيونية. وعليه، ومع الضعف الذي يعتري السياسة الدولية تجاه محاسبة مجرمي الحرب، فسوف يردّ نتنياهو وحكومته، ومعهما المؤسسّة الأمنية، على مؤتمر نيويورك بارتكاب مزيد من المجازر اليومية بحقّ المنكوبين في غزّة، وقد وصفهم ترامب بأنهم يتضوّرون جوعاً متجاهلاً مسؤولية إدارته في الانزلاق إلى هذا الدرك الوحشي، ومتجاهلاً جرائم القتل المقزّزة التي يقترفها عناصر ما تسمّى "مؤسّسة غزّة الإنسانية ضدّ المُجوَّعين". يثير مؤتمر حلّ الدولتين آمالاً كبيرة، لكن ينبغي توجيه ما يلزم من ضغوط مشروعة كي يحقق بعض نتائجه وليست 15 شهراً (المحدّدة لتطبيق حلّ الدولتَين) فترة طويلة لمعالجة مظالم مضى عليها 77 عاماً، غير أن الطرف الآخر الجاني سوف يستغلّ هذه الفترة لمضاعفة الغزو الاستيطاني، ولوضع أبناء غزّة أمام التهجير خياراً وحيداً للبقاء في قيد الحياة، مع حركة سياسية محمومة تجاه سورية لحملها على تطبيع متدرّج وإجباري، وكذلك الحال مع لبنان، وما يتخلّل ذلك من شقّ ما سمّي "ممرّ داوود"، وقد بدأت ملامحه تتضح في الأرض، فهل تعمد الدول الراعية مؤتمر حلّ الدولتَين إلى اتخاذ ما يقتضيه الحال من إطلاق دينامية سياسية ومواجهة سياسية حازمة تقترن بإجراءاتٍ لكبح جماح التوسّع وحرب الإبادة؟ فلن يتوقّف كبار مجرمي عالمنا عن اقتراف جرائمهم بمجرد تذكيرهم بمقتضيات القانون الدولي، وتوبيخهم على سلوكهم الشائن، إذ يتطلّب الأمر تذكير المجرمين بأنهم مطلوبون للعدالة الدولية، وبأنه سيُتّخذ كلّ ما يلزم للتضييق على حركتهم وتجفيف الدعم الممنوح لهم، واستخدام ترسانة العقوبات الاقتصادية والسياسية ضدّهم بطريقة منهجية متدرّجة ومتسارعة. وبما أن المؤتمر قد أقرّ عقد اجتماع متابعة قبل نهاية هذا العام لمراجعة الموقف، فإن المطلوب بداهةً توجيه ما يلزم من ضغوط مشروعة وواجبة خلال هذه الفترة، كي يحقّق هذا الحدث الدولي المهيب بعضاً من نتائجه المرجوّة.


القدس العربي
منذ 9 ساعات
- القدس العربي
المرشد العام نتنياهو… ماذا لو كان السعدني على قيد الحياة؟!
لماذا لم يأخذ الملأ في الأرض المحتلة إعلام السلطة في مصر على محمل الجد؟! فلك أن تتخيل كيف سيكون الحال لو أن إعلاميًا إسرائيليًا وقف في مؤتمر صحافي وطلب من نتنياهو ردّه على ما أذاعه إعلامي محسوب على النظام المصري من أنه يتولى منصب المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين والتنظيم الدولي للجماعة! ولك أن تتخيل أن يتقدم عضو في الكنيست، باستجواب، أو طلب إحاطة، أو حتى سؤال، حول ما رددته قناة مصرية معتبرة، وليست «موجة كوميدي»، من أن رئيس الوزراء الإسرائيلي عضو نشط في جماعة الإخوان المسلمين، وأنه في تعاون مع الجماعة حد أنه من يديرها، وأن إدارته لا تقتصر على التنظيم المصري، ولكن تمتد إلى إدارة الجماعة على مستوى العالم، وانتقل الأمر من قناة يملكها وكيل مجلس النواب رجل الأعمال محمد أبو العينين، إلى جريدة تمتلكها الشركة المتحدة، وهي شركة رسمية مسؤولة، لا تصدر جريدة «البعكوكة» التي هي صحيفة هزلية كانت تصدر قديمًا في «أم الدنيا»! من المؤكد أنهم في الأولى كانوا سيتعاملون مع الصحافي السائل على أنه مسخرة، وستضج القاعة بالضحك. وفي الثانية سيتم طلب النجدة لاصطحاب النائب إلى أقرب مصحة نفسية! بل لماذا لم تتعامل السلطة المصرية نفسها التي تتبنى هذا الخطاب بجدية مع الاتهام المعلن لرئيس وزراء إسرائيل بأنه المرشد العام لجماعة الإخوان ورئيس تنظيمها الدولي؟! فتصدر نيابة أمن الدولة العليا قرارًا بضبطه وإحضاره، وتطلب السلطة المختصة من الإنتربول وضعه على قوائم الإرهاب، باعتباره مطلوبًا للعدالة في مصر؟! إهانة الإعلام المصري على مدى يومين، وربما أكثر، فإن مقدم البرنامج اليومي الرئيسي في قناة «صدى البلد» ردد الاتهام، وكونه كرر هذا الخطاب بعد اليوم الأول، فالمعنى أنه لا يقدح من رأسه، ولو كان متطوعًا بهذا الدفع، لتلقى اعتراضًا من السلطة في المرة الأولى. أقصد اعتراضًا من رأس النظام، وليس من المؤسسات المسيرة لا المخيرة، مثل المجلس الأعلى للإعلام، المسؤول عن ضبط الأداء الإعلامي بنص القانون. ولا تثريب عليه إن غض الطرف تمامًا حول ما يعد إهانة تلحق بالإعلام المصري، ولا يوجد أحد في الداخل أو الخارج أو حتى في إسرائيل صدق هذه الرواية، بل لا يوجد من تعامل معها على أنها تصدر من إعلام مسؤول، فلم يستنكر نتنياهو – مجرد الاستنكار- توجيه اتهام خطير له على هذا النحو، ومن منبر إعلامي جاد، وهو ما شاركته فيه جريدة «الدستور»، وهذا من شأنه أن يفقد الثقة في كل اتهامات السلطة لخصومها. فهل يُعقل أن يكون عدم تدخل السلطة، يعني أنها من تقف وراء هذا الاتهام، والتي لم تستدع السفير الإسرائيلي في القاهرة – ولو من باب ذر الرماد في العيون – لإبلاغه احتجاج مصر الشديد على انخراط رئيس وزراء إسرائيل في جماعة مصنفة في مصر على أنها جماعة إرهابية يجرّم القانون من ينتمون إليها؟! هذا إن لم يتم اعتبار السفير شخصية غير مرغوب فيها. وليس بعد حرق الزرع جيرة (أي حديث عن حقوق الجوار)، ولاسيما وأن هذه الجماعة متهمة بأنها قتلت ضباطًا من الجيش والشرطة! فالنظام المصري نفسه لم تنطل عليه هذه الرواية، فكيف سمح بها، إن لم يكن أمر ببثها وترديدها؟! فيعلنها إعلامي محسوب عليه، والجنين في بطن أمه يعلم أن هذا الخطاب لا يمكن أن يمر إلا برضا السلطة، إن لم يكن بأمر منها، ليكون السؤال الأهم: ما الهدف من مثل هذا الخطاب الإعلامي الموغل في العبث؟! موت الكتابة الساخرة أدرك أنه من الجنون أخذ هذا الكلام على محمل الجد، ونقاشه ولو بشكل ساخر، لأني أدرك أن أداء السلطة وأذرعها الإعلامية منذ عام 2013 قضى تمامًا على الكتابة الساخرة، فصار الأداء المسؤول متجاوزًا هذا اللون من الكتابة. ثم يسألني البعض لماذا لم تعد تكتب ساخرًا كما كان الحال من قبل؟ فمن يمكن أن يجاري هذا الواقع العبثي أو يتفوق عليه؟ وإذا كان هناك لون من الكتابة الساخرة لغير المحترفين، يعتبرها «نكتة» أو «قفشة»، فهل تستطيع «النكات» أو «القفشات» أن تصل إلى مستوى اتهام نتنياهو بأنه المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين؟! لقد أحالت المرحلة الكتابة الساخرة إلى التقاعد، ولو كان محمود السعدني على قيد الحياة لأعتزل القراءة والكتابة معًا! من العبث أن نتحدث عن أن الديانة تحول دون انخراط نتنياهو في جماعة الإخوان، ومن العبث كذلك القول: كيف تكون حركة حماس إخوانية باعتراف الإعلام المصري نفسه، وفي الوقت ذاته فإن نتنياهو هو رئيس التنظيم الدولي للإخوان، وحماس فرع منه؟! هذا كله يعد انخراطًا في مشهد عبثي لن يزيده سوى عبثية، لكن يظل غير العبث هو السؤال عن الهدف من هذه الرسالة الإعلامية، فماذا يريدون؟! قلق النظام وحبوب الهلوسة من يتابع الخطاب الإعلامي هذه الأيام سيشعر أن هناك ما يقلق أهل الحكم، من خلال ما يتردد عن مخططات خارجية تستهدف النظام الحاكم. وفي مرة سابقة قالوا إن المخطط الخارجي يستهدف أن يقوم المصريون بالدعوة إلى انتخابات رئاسية مبكرة، والبرامج هذه الأيام تدعو إلى الالتفاف حول القيادة السياسية لمجابهة هذه المخططات. وأنظر إلى المشهد فلا أشعر بشيء من هذا، فيبدو لي ما يجري كمن تعاطى حبوب الهلوسة، وظل ليله كله يحمل حذاءه ويخوض حربًا مع كائنات لا يراها إلا هو! ومن العجب أن تكون هذه التصورات ممن في السلطة، والأصل أنها تصدر من الذين يعيشون واقعًا من الاضطهاد أكثر من قدرتهم على الاحتمال، فيهربون من واقعهم إلى الخيال، فيكون الشعار: إن الانقلاب يترنح! أو يعوضون هذا العجز عن حل مشاكلهم في اليقظة، بحلها في الأحلام، فتكثر الأحلام في المعتقلات مثلًا، وهو ما يخبر به الذين قضوا فترات طويلة في السجون بلا أمل! وقد انتهيت منذ عدة شهور من قراءة مذكرات وزير إعلام عبد الناصر، محمد فائق، والذي قضى سنوات في السجن في قضية مراكز القوى في مايو/آيار 1971، وتحدث عن رفقاء السجن الذين تخصصوا في الأحلام التي تُؤول على أنها انفراجة وخروج من السجن. وانتهيت بالأمس من القراءة الثانية لمذكرات وزير الأوقاف المصري الأسبق عبد العزيز كامل، والذي سُجن في عهد عبد الناصر كونه عضوًا في مكتب الإرشاد في جماعة الإخوان المسلمين، وروى كيف أن الأحلام من هذا النوع كانت من اختصاص الأمين العام للجماعة وصهر الإمام البنا عبد الحكيم عابدين. ففي كل ليلة حلم، حتى سأله أحد الحراس: ألا ترتاح ولو لليلة واحدة من هذه الأحلام؟ وقد شاع مصطلح «حلم اليوم»، مشتقًا من اسم جريدة «أخبار اليوم»! البديل ليس الإخوان بيد أن هؤلاء يتغلبون على يأسهم بالأحلام المبهجة، وأن يسرح أحدنا في الخارج في تصورات على أن الانقلاب يترنح فهذا طبيعي، حتى وإن لم تكن هناك دلائل على ذلك. لكن أن تصدر هذه البشريات من إعلام السلطة، حتى الفزع، فهذا ما يحتاج لتفسير، لاسيما وأن الفزع أنتج خطاب «الحرب الكونية» التي يتعرض لها النظام المصري، ويذهب بأصحابه لخزعبلات مثل: «نتنياهو هو المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، ورئيس التنظيم الدولي للجماعة»! فنحن أمام حالة هلع. والأزمة أن هذا الفزع في الأداء لا يعرض تفاصيل المخطط، غير الحديث عن «مؤامرة»، والدعوة للالتفاف حول القيادة. ومن شروط خوض المعارك أن يعرف المشارك فيها مع من؟ خشية أن يخطئ في اختيار خصومه فتوصف بأنها نيران صديقة! الجيّد في الأمر هو هذا الإيمان بأن رمي الخصم بأنه يعمل وفق أجندة إسرائيلية لا يزال من المهلكات سياسيًا. لكن اللافت أنه خطاب فاشل، فهل يمكن أن يصدق أحد في مصر أن نتنياهو هو المرشد العام للإخوان؟ أو حتى متعاونًا مع الإخوان؟ أم أنها رسالة للإقليم الذي انحاز للانقلاب العسكري ودعمه بمليارات الدولارات (توقفت الآن)، أن الإخوان قادمون بعد تحالفهم مع نتنياهو؟ ولماذا لا يزال التعامل مع الإقليم على أنه في مرحلة ما قبل الدولة، وفي زمن الخيام، وأنه لا يملك أجهزة استخبارات تعلم أنها «المسخرة»؟! وهل يتصور الذين يتحدثون عن المخططات الخارجية، أن الداخل المصري منزعج فعلًا من عودة الإخوان؟! وهل يعتقدون فعلًا أن المسرح لم يعد فيه سوى هم والإخوان، وليس البديل يمكن أن يكون من عسكريين سابقين ينتظرون الفرصة؟ وأن دولة مبارك «تلبد في حقول الذرة» انتظارًا للحظة المواتية؟ وفي الصورة الآن يظهر جمال مبارك، وحسام بدراوي، أحدهما صامت تمامًا، والثاني يشارك في برامج تلفزيونية وعلى برامج البودكاست التي انتشرت انتشار النار في الهشيم بشكل يصعب على المرء متابعتها! لا بأس، فنتنياهو هو المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين… فماذا أنتم فاعلون؟! بالمناسبة، أين قناة «موجة كوميدي»؟! صحافي من مصر