
ضربة لصناعة الشاي الكينية.. السودان يغلق أبوابه وخسائر بالمليارات
تواجه صناعة الشاي في كينيا أزمة غير مسبوقة بعد فرض السودان حظرا مفاجئا على واردات الشاي الكيني، أدى إلى خسائر مالية جسيمة وأثار قلقا متزايدًا في الأوساط الاقتصادية والسياسية.
ونتيجة لهذا القرار، احتُجزت شحنات تقدر قيمتها بنحو 1.3 مليار شلن كيني في الموانئ، مما يهدد معيشة آلاف العاملين في هذا القطاع الحيوي.
وبحسب صحيفة "ستاندارد" الكينية، توقفت 207 حاويات محملة بالشاي كانت متجهة إلى السودان في ميناء مومباسا، وهو ما يمثل حوالي 20% من الشحنات الكينية الموجهة للسودان، بينما تواجه شحنات أخرى عراقيل جمركية في الموانئ السودانية.
كما أن بعض الشحنات لا تزال عالقة في البحر في انتظار تصريح الدخول، مما يزيد تعقيد الوضع ويؤثر سلبا على تدفق التجارة بين البلدين.
ويُعد السودان ثالث أكبر سوق للشاي الكيني عالميا، إذ يستورد نحو 10% من إجمالي إنتاج كينيا سنويا. ولذلك، يشكل هذا الحظر ضربة موجعة للصناعة، إذ تجد الشركات المصدرة صعوبة في استرداد مستحقاتها المالية أو إعادة توجيه البضائع إلى أسواق بديلة.
كما أن بقاء الشاي المخزن لفترات طويلة قد يؤثر على جودته، ومن ثم يزيد من حجم الخسائر المحتملة.
خسائر مالية
وفقا لموقع Kenyans.co.ke الكيني، تكبد المصدرون الكينيون "خسائر غير مسبوقة" نتيجة لهذا الحظر، وسط مخاوف من أن يؤدي استمرار الأزمة إلى تسريح واسع للعمال في مزارع الشاي ومصانعه.
ويواجه المزارعون الصغار الذين يعتمدون على التصدير وضعا ماليا حرجا، خاصة في ظل غياب أسواق بديلة قادرة على استيعاب الفائض بسرعة.
وأمام حجم الخسائر، وجّه المصدرون نداء عاجلا إلى الرئيس الكيني وليام روتو للتدخل الفوري، وسط مطالبات للحكومة باستخدام القنوات الدبلوماسية لتخفيف الأزمة.
ووفقا لتقرير نشرته "بي بي سي"، تتزايد الضغوط على السلطات الكينية لبدء محادثات مباشرة مع الخرطوم لضمان استئناف صادرات الشاي في أقرب وقت.
وفي تصريح لموقع Kenyans.co.ke، قال أحد المصدرين "نحن في وضع صعب للغاية. إذا لم يتم إيجاد حل سريع، فقد تواجه صناعة الشاي في كينيا أزمة اقتصادية واسعة النطاق".
أسباب الحظر السوداني وتداعياته
وجاء هذا الحظر عقب تعليق السودان لجميع الواردات من كينيا، احتجاجا على استضافة نيروبي مؤخرا اجتماعا لقوات الدعم السريع التي وقعت اتفاقا مع حلفائها السياسيين والمسلحين لتأسيس حكومة موازية في السودان.
وقد أثار هذا الاجتماع استياء الحكومة السودانية التي ردّت بفرض حظر تجاري على كينيا.
ويعتقد بعض المحللين أن السودان ربما يسعى أيضا إلى دعم إنتاجه المحلي من الشاي، أو أنه يحاول حماية اقتصاده من الضغوط الخارجية. ومع ذلك، فإن إغلاق السوق السودانية أمام الشاي الكيني قد يؤدي إلى ارتفاع أسعاره في السودان نفسه، مما قد ينعكس سلبًا على المستهلكين هناك.
تُبرز هذه الأزمة مدى تأثير القرارات السياسية على الاقتصاد، خاصة في القطاعات الحيوية مثل الشاي الذي يُعد أحد أهم صادرات كينيا.
ومع استمرار الخسائر، يبقى السؤال: هل ستتمكن الحكومة الكينية من استعادة السوق السودانية قبل تفاقم الأزمة؟ حتى الآن، تظل الأمور غير واضحة، في حين يترقب المصدرون أي تحرك رسمي قد ينقذ الصناعة من أزمة تهدد مستقبلها.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
٠٤-٠٥-٢٠٢٥
- الجزيرة
ميتا تهدّد بإغلاق منصاتها في نيجيريا بعد غرامات انتهاك الخصوصية
تعهّدت شركة ميتا أمس السبت بمواجهة الغرامات التي فُرضت عليها في نيجيريا لانتهاكها خصوصية بيانات المستخدمين، مهددة بحجب فيسبوك وإنستغرام في أكبر دولة أفريقية من حيث عدد السكان. ورفضت محكمة نيجيرية الأسبوع الماضي الاستئناف الذي تقدمت به الشركة الأميركية لإلغاء غرامة ضدها بقيمة 220 مليون دولار فرضتها "اللجنة الفدرالية للمنافسة وحماية المستهلك". ونقلت وسائل إعلام مختلفة بينها "بي بي سي" وموقع "ذي أفريكا ريبورت"، تحذيرات صادرة عن الشركة من أنها "قد تُجبر على إغلاق خدمات فيسبوك وإنستغرام في نيجيريا". وأفادت وسائل إعلام نيجيرية أن أمام ميتا مهلة حتى نهاية يونيو/حزيران لدفع الغرامة المفروضة عليها، والتي رفض القضاء قبول الاستئاف فيها. انتهاك خصوصية المستخدمين واعتبر متحدث باسم ميتا في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية أن قرار اللجنة "لا يأخذ بعين الاعتبار النطاق الواسع للإعدادات والأدوات التي تتيح لجميع مستخدمي فيسبوك وإنستغرام في نيجيريا التحكم في كيفية استخدام معلوماتهم". وقال الرئيس التنفيذي للجنة حماية المستهلك آدمو عبد الله، إن التحقيقات التي أُجريت كشفت عن "ممارسات تنتهك حقوق بيانات المستخدمين" في نيجيريا. إعلان وقالت اللجنة في بيان إن رد فعل شركة ميتا "خطوة مدروسة تهدف إلى إثارة رد فعل عام سلبي، وربما الضغط من أجل إعادة النظر في قرار العقوبة". وأضافت، أن شركة ميتا عوقبت على خلفية "انتهاكات مماثلة" في تكساس والهند وكوريا الجنوبية وفرنسا وأستراليا، لكنها "لم تلجأ قط إلى الابتزاز بالتهديد بالخروج من تلك الدول بل امتثلت". وجاء في البيان "إن التهديد بمغادرة نيجيريا لا يُعفي ميتا من مسؤوليتها عن نتائج الإجراءات القضائية". وفي مارس/آذار الماضي بلغ عدد مستخدمي شبكة الإنترنت في نيجيريا نحو 164.3 مليون مشترك، وفقا لأرقام رسمية.


الجزيرة
١٨-٠٤-٢٠٢٥
- الجزيرة
واشنطن توسع حربها التجارية ضد الصين بفرض رسوم على سفنها
أعلنت الولايات المتحدة، عبر مكتب الممثّل التجاري الأميركي، عن فرض رسوم جمركية جديدة على السفن المرتبطة بالصين، سواء كانت مصنّعة في الصين أو مملوكة ومدارة من جهات صينية، وذلك في محاولة لإحياء صناعة بناء السفن داخل الولايات المتحدة وتقليص الهيمنة الصينية على هذا القطاع الاستراتيجي. ومن المقرّر أن تدخل هذه الرسوم حيّز التنفيذ في غضون 180 يوماً، وفق ما أفادت وكالة الصحافة الفرنسية. تفاصيل وهيكل زمني وأوضحت الوكالة الفرنسية أن هذه الرسوم ستُفرض على السفن الصينية أو المرتبطة بالصين مرة واحدة فقط لكل رحلة إلى الولايات المتحدة ، على ألا يتجاوز عدد الرسوم المفروضة على السفينة الواحدة خمس مرات في السنة. وتشمل الإجراءات: فرض رسوم قدرها 50 دولاراً أميركياً لكل طن صافٍ من البضائع على السفن المرتبطة بالصين، مع زيادة بمقدار 30 دولاراً سنوياً على مدى السنوات الثلاث المقبلة. بالنسبة للسفن المصنّعة في الصين ، سيتم فرض رسم قدره 18 دولاراً لكل طن صافٍ أو 120 دولاراً لكل حاوية قياسية، مع زيادات سنوية مماثلة. السفن غير الأميركية التي تنقل مركبات ستخضع لرسم قدره 150 دولاراً لكل وحدة. السفن الأجنبية التي تنقل الغاز الطبيعي المسال ستواجه قيوداً إضافية بعد ثلاث سنوات من بدء التنفيذ، وستتزايد تلك القيود تدريجياً على مدى 22 عاماً.كما قال موقع بي بي سي أن هذه الرسوم تُعد أقل حدة من مقترح سابق تم تداوله في فبراير/شباط الماضي، والذي كان يتضمن فرض رسوم تصل إلى 1.5 مليون دولار لكل زيارة تقوم بها سفينة صينية إلى أحد الموانئ الأميركية. الإعفاءات المعلنة بحسب ما نقلت بي بي سي، فإن السفن الفارغة القادمة إلى الموانئ الأميركية لتحميل صادرات مثل الفحم أو الحبوب، بالإضافة إلى السفن التي تنقل البضائع بين الموانئ الأميركية أو من تلك الموانئ إلى الجزر الكاريبية والأقاليم التابعة للولايات المتحدة، ستكون مُعفاة من الرسوم. كما أُعفيت السفن الأميركية والكندية العاملة في منطقة البحيرات الكبرى. ردود الفعل الصينية والدولية وفي أول تعليق رسمي، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية لين جيان، إن هذه الرسوم "ستكون مضرة لجميع الأطراف"، مضيفاً أن الولايات المتحدة "ترفع تكاليف الشحن العالمية، وتهدّد استقرار الإنتاج وسلاسل التوريد العالمية"، حسب ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية. وأضاف المسؤول الصيني أن هذه الخطوة "لن تنجح في إحياء صناعة بناء السفن الأميركية". وحذّرت اتحادات أعمال أميركية تمثل نحو ثلاثين قطاعاً اقتصادياً من أن هذه الإجراءات، وإن كانت مفيدة لصناعة بناء السفن، إلا أنها ستؤثر سلباً على قطاعات عديدة، لا سيما الزراعة والصناعات التحويلية، وقد تؤدي إلى ارتفاع أسعار السلع للمستهلك الأميركي، وفق ذات المصدر. خلفيات تجارية وتصعيد جمركي مستمر وتأتي هذه الخطوة في سياق تصعيد الحرب التجارية بين واشنطن وبكين. وكان الرئيس الأميركي السابق جو بايدن قد كلّف مكتب الممثل التجاري بالتحقيق في "الممارسات غير العادلة للصين" في مجالات بناء السفن والخدمات اللوجستية والشحن البحري. وقد أبقى خلفه، الرئيس الحالي دونالد ترامب ، على هذا التحقيق ووسّعه، معلناً في مارس/آذارعن إنشاء مكتب خاص لبناء السفن يتبع مباشرة للبيت الأبيض. وتعليقاً على هذه السياسة، قال جايمسون غرير، ممثل التجارة في البيت الأبيض ، إن "السفن والتجارة البحرية تمثلان ركيزة للأمن الاقتصادي الأميركي"، مضيفاً أن الهدف هو "قلب الهيمنة الصينية، وتوجيه رسالة واضحة حول الطلب الأميركي على السفن المصنّعة محلياً". وكانت الولايات المتحدة قد خسرت موقعها الريادي في صناعة بناء السفن منذ نهاية الحرب العالمية الثانية ، وأصبحت تشكّل اليوم 0.1% فقط من الإنتاج العالمي، فيما تستحوذ الصين على ما يقارب 50% من سوق بناء السفن، متقدمة على كوريا الجنوبية واليابان، حسب بيانات مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية. تأثير عالمي متزايد على حركة الشحن وأشارت هيئة الإذاعة البريطانية إلى أن هذه الرسوم الجديدة تأتي في وقت تتعرض فيه التجارة العالمية لتقلّبات كبيرة بفعل التعريفات الجمركية التي فرضها ترامب منذ عودته إلى البيت الأبيض في يناير/كانون الثاني. وقد رفعت إدارته الرسوم الجمركية على بعض الواردات الصينية إلى 145%، ومن المتوقع أن تصل إلى 245% عند دمج الرسوم الجديدة مع القديمة. ونقلت بي بي سي عن منظمة المعهد المعتمد للتصدير والتجارة الدولية أن هذه السياسات أدّت إلى تحويل وجهات العديد من السفن الصينية التي كانت متجهة إلى الموانئ الأميركية نحو أوروبا، مما تسبب في ازدحام كبير في موانئ مثل فيلكستو في بريطانيا وروتردام في هولندا وبرشلونة في إسبانيا. كما أفاد سانه ماندرز، رئيس شركة "فليكس بورت" للخدمات اللوجستية، بأن الربع الأول من عام 2025 شهد زيادة بنسبة 15% في واردات الصين إلى المملكة المتحدة ، و12% إلى الاتحاد الأوروبي ، مرجعاً هذه الأرقام إلى سياسة الرسوم الجمركية الأميركية. وأوضح ماندرز أن هذه التحركات قد تدفع الشركات إلى إعادة تصميم سلاسل التوريد العالمية، بحثاً عن أسواق بديلة أو فرص للالتفاف على الرسوم الأميركية، مؤكداً أن المستهلك الأميركي سيكون أول من يدفع ثمن هذه السياسات من خلال ارتفاع الأسعار.


الجزيرة
١٧-٠٤-٢٠٢٥
- الجزيرة
هل ترتفع أسعار السيارات في الدول العربية بعد رسوم ترامب؟
أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب مؤخرا فرض رسوم جمركية بنسبة 25% على جميع السيارات المصدرة إلى الولايات المتحدة ، على أن تطبق على السيارات المصنعة في الخارج وقطع غيار السيارات. وتستورد الولايات المتحدة نحو نصف المركبات المبيعة فيها، بالإضافة إلى ما يقارب 60% من قطع غيار المركبات المجمعة محليا، مما يعني أن الرسوم الجمركية قد ترفع أسعار السيارات بشكل كبير، في وقت أدى فيه التضخم بالفعل إلى زيادة تكلفة السيارات والشاحنات على المستهلكين الأميركيين، وفقا لصحيفة نيويورك تايمز. وكان الرئيس الأميركي قد أعلن في الثاني من أبريل/نيسان الحالي عما سماه "يوم التحرير"، مطلقا ما تعرف بـ"الرسوم الجمركية المتبادلة"، وهو ما أحدث صدمة واسعة في النظام التجاري العالمي وأربك الأسواق المالية، فقد تم فرض رسوم جمركية مرتفعة على أكثر من 90 دولة حول العالم. لكن الرئيس الأميركي عاد في 9 أبريل/نيسان الحالي ليعلن خفض معدلات الرسوم الجديدة على واردات معظم الشركاء التجاريين للولايات المتحدة -باستثناء الصين-إلى 10% لمدة 90 يوما، وذلك لإتاحة الفرصة لإجراء مفاوضات تجارية، وفقا لما نقلته شبكة "سي إن بي سي". ومع ذلك، لا تزال العديد من الرسوم الجمركية التي أعلن عنها ترامب منذ عودته إلى البيت الأبيض سارية، ولم تتأثر بفترة التجميد المؤقت، ومن بينها الرسوم الجمركية بنسبة 25% على جميع واردات السيارات إلى الولايات المتحدة، بحسب ما أوردته هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي). قبل الإجابة علينا أن نعرف أن الصين سيطرت على إنتاج السيارات العالمي في عام 2023، وشكلت ما يقارب ثلث إجمالي السيارات المنتجة في ذلك العام (32.2%). وتنتج الصين وتصدّر سيارات أكثر من أي دولة أخرى في العالم، وذلك اعتبارا من ديسمبر/كانون الأول 2024 وفقا لمنصة "فيجيوال كابيتليست" استنادا إلى بيانات المنظمة الدولية لمصنعي المركبات الآلية. وتتمتع البلاد حاليا بالقدرة على إنتاج أكثر من ضعف الطلب المحلي على السيارات، مما يتيح تخصيص جزء كبير من إنتاجها من السيارات للتصدير. واستثمرت الحكومة الصينية بشكل كبير في زيادة إنتاج السيارات المحلية، خاصة قطاع السيارات الكهربائية المزدهر. وأعطت المبادرات الإستراتيجية للحكومة -مثل "صنع في الصين 2025"- الأولوية لتصنيع المركبات الكهربائية، مما أدى إلى نمو كبير في هذا المجال وفقا للمصدر السابق. وتأتي الولايات المتحدة ثانيا بحصة تبلغ 11.3% من السوق العالمية، وتعد شركة تسلا المملوكة لإيلون ماسك حاليا شركة صناعة السيارات الأكثر قيمة في العالم، بقيمة سوقية تبلغ 811.5 مليار دولار، وفق منصة "كومبانيز ماركت كاب". وتأتي شركة تويوتا اليابانية في المركز الثاني بقيمة سوقية تبلغ 228.09 مليار دولار، ثم شركة "بي واي دي" الصينية بقيمة 146.72 مليار دولار، وفقا للمصدر نفسه. ما أثر رسوم ترامب على أسعار السيارات في المنطقة العربية؟ رغم أن الإجراءات والرسوم الجمركية التي فرضتها إدارة ترامب -سواء على السيارات أو غيرها من السلع- تستهدف اقتصادات رئيسية مثل الصين و الاتحاد الأوروبي فإن تأثيرها يمتد بشكل غير مباشر إلى اقتصادات منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من خلال زيادة تكاليف الاستيراد وتحولات في مسارات التجارة وتقلبات في أسواق الطاقة، بحسب ما أوردته منظمة "أتلانتك كاونسل". وعلى صعيد التصدير، من المتوقع أن تضر الرسوم الجمركية الأميركية بأسواق السيارات وبعض السلع الأخرى، فعلى سبيل المثال يعد المغرب مصدّرا رئيسيا للسيارات، ورغم أن السوق الأوروبي هو وجهته الرئيسية فإن أي تباطؤ اقتصادي عالمي أو تحوّل تجاري قد يؤثر بشكل غير مباشر على مصانع السيارات والموردين في المملكة، وفق المصدر نفسه. أما في الأردن الحليف المقرب للولايات المتحدة فقد فُرضت رسوم جمركية بنسبة 20% على السيارات رغم وجود اتفاقية تجارة حرة طويلة الأمد مع واشنطن، مما من شأنه التأثير مباشرة على أسعار السيارات المستوردة من الولايات المتحدة، إذ يستورد العديد من التجار الأردنيين سيارات مستعملة من السوق الأميركي. وفي هذا السياق، أكد ممثل قطاع المركبات في هيئة مستثمري المناطق الحرة الأردنية جهاد أبو ناصر للجزيرة نت أن قرار فرض الرسوم سيؤدي إلى زيادة أسعار السيارات في الولايات المتحدة، مما سيؤثر على التجار الذين يعتمدون على استيراد السيارات منها. وأضاف أبو ناصر أن ثمة "اقتراحا قيد المناقشة حاليا في الأردن يهدف إلى إعفاء السيارات الأميركية من الرسوم الجمركية المفروضة عليها، وذلك لتجنب تأثير الرسوم الجمركية الأميركية الكبيرة على الصادرات الأردنية، خاصة في ظل الرسوم التي فرضتها إدارة ترامب بنسبة 20%، وفي حال تم اعتماد هذا المقترح قد يُفتح الباب أمام زيادة استيراد السيارات الأميركية إلى السوق الأردني، مما قد يؤدي إلى انخفاض الأسعار محليا". من جانبه، قال المستثمر الأردني وليد الحيت للجزيرة نت إن "الدول التي تستورد السيارات من الولايات المتحدة ستشهد على الأرجح زيادة كبيرة في الأسعار نتيجة الرسوم الجمركية الجديدة التي فرضتها الإدارة الأميركية، والتي تصل نسبتها إلى 25%، وهذا سيؤدي إلى رفع أسعار السيارات المستوردة من أميركا، سواء كانت جديدة أو مستعملة". واستدرك قائلا "في حال تم توقيع اتفاقيات بين الأردن أو الدول العربية الأخرى من جهة والولايات المتحدة من جهة أخرى لتخفيض أو إلغاء الرسوم الجمركية المتبادلة على السلع فإن ذلك سيؤدي بلا شك إلى انخفاض أسعار السيارات الأميركية في الأسواق العربية نتيجة لإلغاء أو تقليل تلك الرسوم". ماذا عن السيارات الصينية والأوروبية المستوردة للأسواق العربية؟ أكد أبو ناصر أن تأثير رسوم ترامب على أسعار السيارات الصينية والأوروبية في الأسواق العربية سيكون ضئيلا أو غير ملحوظ. وأضاف أن "أسعار السيارات الصينية والأوروبية لن تشهد ارتفاعا ملحوظا في السوق الأردني أو العربي على المدى القريب نظرا لأن هذه السيارات ليست خاضعة للضرائب الجمركية الأميركية التي ستطبق داخل الولايات المتحدة، ومع ذلك فإن أحد العوامل الرئيسية التي قد تؤثر على الأسعار هو انخفاض قيمة الدولار، مما سيرفع تكلفة استيراد هذه السيارات، حيث تتم معظم عمليات الشراء بالدولار". وقال أبو ناصر "أحد أهداف سياسات ترامب هو خفض قيمة الدولار أمام العملات الرئيسية بهدف تعزيز تنافسية الصادرات الأميركية، مما يجعل المنتجات الأميركية -بما في ذلك السيارات- أرخص مقارنة بالسلع الأجنبية، مثل السيارات الصينية والأوروبية". من جهته، قال المستثمر وليد الحيت "بالنسبة للدول العربية المستوردة للسيارات الصينية والأوروبية فإن كل دولة تفرض تعريفة جمركية خاصة بها، وهذه النسب لم تتأثر بالرسوم الجمركية التي فرضتها إدارة ترامب". وأضاف "في الأردن التعرفة الجمركية على السيارات مرتفعة أصلا، لذا لا أتوقع أن تشهد أسعار السيارات الصينية أو غيرها أي تغيير يذكر نتيجة لهذه الرسوم". هل سنشهد إغراقا للأسواق العربية بالسيارات الصينية؟ يتوقع العديد من المراقبين أن تتجه الصين نحو أسواق جديدة حول العالم -بما فيها المنطقة العربية- لتعويض نقص صادراتها من السيارات إلى الولايات المتحدة، ويعتقدون أن الصين قد تخفض أسعار سياراتها لتسويق الكميات الضخمة المخزنة في مصانعها، مما قد يؤدي إلى إغراق الأسواق العربية بسيارات صينية. لكن المستثمر وليد الحيت يعتقد أن هذا السيناريو غير مرجح، ويقول إن "الصين تمتلك أدوات مالية قوية تستطيع من خلالها التعامل مع مثل هذه الأزمات، مثل تخفيض سعر صرف اليوان، مما يجعل صادراتها أكثر تنافسية دون الحاجة إلى تقليل أسعار المنتجات نفسها". ويضيف الحيت أن "الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب على الصين ودول أخرى هي تدابير مؤقتة تهدف بشكل أساسي إلى جذب الاستثمارات إلى السوق الأميركي وتشجيع الشركات على فتح مصانع داخل الولايات المتحدة، كما أن هذه السياسات جزء من سياسة الجباية التي يتبعها ترامب لدفع الدول الأخرى إلى الاستثمار داخل أميركا أو لدفع أموال لها". وأوضح الحيت أن "ثمة أهدافا خفية وراء هذه الرسوم، مثل خفض قيمة أسهم الشركات الكبرى في الأسواق المالية حتى يتمكن الأميركيون -خاصة الأثرياء منهم- من شرائها بأسعار منخفضة قبل أن تعاود الأسهم الارتفاع بعد زوال زوبعة الرسوم الجمركية". من جانبه، أكد أبو ناصر أن "الصين أصبحت اليوم اللاعب الأبرز في سوق السيارات العالمي، حيث تنتج نحو ثلث السيارات في العالم، ومن المتوقع أن تهيمن الصين على السوق في المستقبل القريب، خاصة في قطاع السيارات الكهربائية". وأشار أبو ناصر إلى أن "العديد من الدول العربية أصبحت أكثر انفتاحا سياسيا واقتصاديا على استيراد السيارات الصينية، وهو ما يتضح من الانتشار الواسع لها في الأسواق العربية، وقد باتت تتفوق من حيث الجودة والأسعار على السيارات الأميركية والأوروبية". وأضاف أن "مستقبل سوق السيارات يتجه بقوة نحو السيارات الصينية التي من المتوقع أن تشكل أكثر من 50% من إجمالي السيارات المصنعة في العالم خلال السنوات الخمس المقبلة، سواء فرضت الرسوم الأميركية أو لم تفرض".