logo
الريال اليمني بين مطرقة المواطن المضارب وسندان التاجر (المتريث والجشع)

الريال اليمني بين مطرقة المواطن المضارب وسندان التاجر (المتريث والجشع)

الأمناء منذ يوم واحد
تقرير / محمد حسين الدباء:
عندما تنفّس الريال اليمني شيئًا من الصعداء، بعد هبوطٍ مفاجئ في أسعار صرف العملات الأجنبية، وُجدت الأسواق في حالة من الذهول والترقّب، لكن ما كان يُفترض أن يكون بارقة أمل، تحوّل إلى اختبار حقيقي لضمير السوق ووعي المجتمع.. فهل حقًا انخفض الدولار أم ارتفع الجشع؟ وهل بدأ التعافي النقدي أم استعدّت الأيادي لنهشه من جديد؟!.. في هذا التقرير، نغوص في تفاصيل الانخفاض، ونكشف كيف أربك التجار والمستوردين، ونتلمّس الطريق نحو الحل: وعي نقدي يُمارس لا يُقال، ومسؤولية وطنية تبدأ من الجيب وتنتهي عند الضمير.
في لحظة غير متوقعة ولم يحسب لها المواطن أو حتى الحكومة حساب، انخفضت أسعار صرف العملات الأجنبية مقابل الريال اليمني بشكل ملحوظ، مثيرةً تساؤلات وذهولاً في الشارع اليمني. وبين من هلّل للهبوط، ومن سارع لتصريف ما لديه من عملات صعبة، يقف الاقتصاد الوطني في مفترق طريق: (إما أن يكون المواطن جزءًا من الحل، أو يكون أحد أبرز أسباب الانتكاسة).
إن مثل هذه التقلبات الحادة في سوق الصرف لا تُعدّ مؤشرًا على تعافٍ اقتصادي حقيقي بقدر ما تعكس هشاشة السوق وتقلّب العوامل النفسية والمضاربية، لكن الأخطر من ذلك، هو ردّة فعل المواطن نفسه تجاه هذه الظواهر، حين يتحول إلى متعامل انتهازي، يلهث وراء الربح اللحظي، ويضاعف من تقلب السوق.
الوعي النقدي
في دول العالم، تقف المجتمعات الواعية أمام أزمات العملة كجبهة وطنية واحدة، أما في اليمن، فإن تكرار حالة الهلع من الصرف صعودًا أو هبوطًا، وتحويل كل نزول مفاجئ إلى سباق لتصريف العملة الأجنبية أو إعادة شرائها لاحقًا، يُسهم في خلق بيئة مالية مضطربة لا تستقر على حال.
الوعي النقدي ليس مجرد معرفة بسعر الصرف، بل هو سلوك اقتصادي رشيد، يدرك أن المضاربة لا تنفع أحدًا، وأن السوق الذي نعبث به جميعًا سيتحوّل في النهاية إلى عبء على الجميع.
لقد أثبتت التجربة، أن جزءًا كبيرًا من تدهور العملة المحلية سببه المواطن العادي، حين يتعامل مع سوق الصرف كمنصة للمقامرة، لا كوسيلة لشراء حاجة مشروعة، فنزول سعر الصرف لا يعني أنك خسرت، بل قد يكون فرصة للوطن ليستقر فلا تُفشِلها بخوفك أو طمعك.
إن تحويل الريال اليمني إلى دولار أو ريال سعودي بدافع "التحوّط" أو "الربح المستقبلي"، يُنتج طلبًا وهميًا، يُشعل السوق من جديد، ويعيد المضاربة إلى الواجهة، فتعود الأسعار للارتفاع، وتُدفن الفرصة التي كانت تلوح في الأفق.
مسؤولية الجميع
لقد أكد البنك المركزي مرارًا، أن ضبط السوق لا ينجح بالقوانين وحدها، بل يتطلب تعاون المجتمع، وتحلّيه بالوعي النقدي والانضباط السلوكي، فحين تُحجم عن شراء العملة الأجنبية دون حاجة، فأنت تساعد في تثبيت السعر، وحين تمتنع عن المضاربة، فأنت ترفع شأن الريال لا سعر الدولار.
نزول وسط هشاشة سوق ورقابة حكومية
سجل الريال اليمني تحسّنًا نسبيًا أمام الدولار، حيث هبط سعر الصرف إلى نحو 1,800 ريال للدولار بعد أن كان قد تجاوز 2,800 ريال، لكن هذا النزول، وإن بدا واعدًا، لا يُعد انعكاسًا حقيقيًا لانخفاض دائم أو تحسن اقتصادي مؤسّس؛ فالعملة ظلت عرضة لتقلبات حتى كتابة التقرير هذا.
ردة فعل التجار... بين التريث والجشع
في مواجهة الانخفاض المفاجئ في سعر صرف العملات الأجنبية أمام الريال اليمني، لم تكن ردة فعل التجار موحّدة أو تلقائية، بل اتخذت طابعًا مركبًا ومعقدًا يكشف كثيرًا عن المزاج العام في السوق ودرجة الثقة في استقرار الاقتصاد الوطني، فبين من استقبل النزول بالتريث في اتخاذ قرار التسعير، وبين من اختار أن يمضي في الجشع رغم المؤشرات الإيجابية؛ تعددت ردود الفعل، وتقلّبت معها نبضات السوق بين الشلل المؤقت والاحتقان الخفي.
التاجر المتريث
فئة واسعة من التجار آثرت التريث المحسوب، متوقعة استمرار النزول بشكل تدريجي، ما دفعها إلى تجميد البيع مؤقتًا، وتأخير التسعيرات الجديدة، بانتظار صورة أوضح للمشهد المالي، هذه الفئة تمارس ما يمكن وصفه بـ"التحفظ الوقائي"، وهو سلوك أقرب للحياد، لكنه لا يخلو من أثر سلبي على حركة السوق والتوفر العام للسلع.
التاجر الجشع
أما الفئة الثالثة، فقد وجدت في النزول المفاجئ فرصة للربح السريع، فتمسّكت بالأسعار القديمة دون أي تعديل، بل واستغلت تردد السوق وغياب الرقابة لتوسيع هامش الربح. إنها فئة لا تؤمن بالاستقرار، ولا ترى في العملة الوطنية إلا فرصة مؤقتة للاستغلال، فحتى في زمن التحسن، تمارس الجشع بذات الشراسة التي اعتادت عليها في أوقات الانهيار.
وما بين هؤلاء وأولئك، يبقى المواطن العادي هو الخاسر الأكبر. إذ لم يجد في نزول الصرف متنفسًا حقيقيًا من الغلاء، بل وجد نفسه محاصرًا بين سعر صرف منخفض، وسلع لا تنخفض أسعارها، وسوق ترفض أن تستجيب إلا لمصالحها الخاصة.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

هبوط أرباح تويوتا الفصلية بضغط من رسوم ترمب
هبوط أرباح تويوتا الفصلية بضغط من رسوم ترمب

الوئام

timeمنذ 29 دقائق

  • الوئام

هبوط أرباح تويوتا الفصلية بضغط من رسوم ترمب

أعلنت شركة تويوتا موتور اليابانية، تسجيل تراجع ملحوظ في أرباحها خلال الربع الممتد من أبريل إلى يونيو الماضيين، إلى جانب خفض توقعاتها للإيرادات السنوية، وذلك في ظل الضغوط التي فرضتها الرسوم الجمركية التي أقرها الرئيس الأمريكي دونالد ترمب على الصادرات اليابانية، وفي مقدمتها السيارات. وأوضحت الشركة في تقريرها المالي أنها اعتمدت على افتراض بدء تطبيق رسوم أميركية بنسبة 12.5% على الصادرات اليابانية، بما فيها السيارات، اعتبارًا من الشهر الجاري، مقارنة بالنسبة الحالية البالغة 15%. وخلال الربع المالي الأخير، سجلت تويوتا أرباحًا بلغت 841 مليار ين (نحو 5.7 مليار دولار)، بانخفاض حاد عن 1.33 تريليون ين في الفترة ذاتها من العام الماضي، رغم ارتفاع المبيعات الفصلية بنسبة 3%. كما كشفت الشركة أن الرسوم الأميركية كبدتها خسائر مباشرة في الأرباح التشغيلية تُقدر بـ 450 مليار ين (حوالي 3 مليارات دولار). وعلى صعيد المبيعات، ارتفع إجمالي مبيعات التجزئة العالمية للشركة إلى 2.4 مليون سيارة، مقابل 2.2 مليون سيارة في الفترة نفسها من العام الماضي، مدعومًا بزيادة الطلب في الأسواق اليابانية والأميركية والأوروبية. ويرى محللون أن تويوتا قد تكون من بين أكثر الشركات العالمية تضررًا من الرسوم الأميركية، حتى بالمقارنة مع شركات صناعة السيارات اليابانية الأخرى، نظرًا لاعتمادها الكبير على سوق الولايات المتحدة كمصدر رئيسي للإيرادات.

تباطؤ صعود أصول الأسواق الناشئة مع زيادة التوترات التجارية
تباطؤ صعود أصول الأسواق الناشئة مع زيادة التوترات التجارية

الاقتصادية

timeمنذ ساعة واحدة

  • الاقتصادية

تباطؤ صعود أصول الأسواق الناشئة مع زيادة التوترات التجارية

تباطأت موجة صعود أصول الأسواق الناشئة في آسيا اليوم الجمعة، وسط تجدد التوترات التجارية مع أمريكا وترقب صدور بيانات اقتصادية الأسبوع المقبل. تراجع مؤشر "بلومبرغ" لأسهم الدول النامية بشكل طفيف، لكنه لا يزال يتجه نحو تحقيق مكاسب أسبوعية بـ 2.2%، هي الأكبر منذ يونيو، فيما استقر "إم إس سي آي" لعملات الأسواق الناشئة دون تغير يذكر، مع تسجيله مكاسب أسبوعية 0.6% بدعم من تراجع الدولار. حذر المستثمرين وسط تصاعد التوترات يتمسك المستثمرون بحذرهم مع اقتراب عطلة نهاية الأسبوع، في ظل تصاعد التوترات التجارية بين أمريكا والهند، وسط إشارات من دونالد ترمب إلى احتمال فرض عقوبات جديدة على روسيا في وقت مبكر من اليوم الجمعة. قال وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت إن فرض رسوم على الصين "مطروح على الطاولة" بسبب شرائها للنفط الروسي، فيما قد تختبر بيانات الأسبوع المقبل رهانات السوق على توجه الاحتياطي الفيدرالي نحو التيسير النقدي في سبتمبر. ترقب بيانات التضخم الأمريكية كبير استراتيجيي الأسواق الناشئة في "كريدي أجريكول" إيدي تشيونغ قال "الأسواق قد تتسم بشيء من الحذر مع اقتراب عطلة نهاية الأسبوع، لكنها تترقب بشكل أساسي بيانات التضخم في الولايات المتحدة المنتظرة الأسبوع المقبل. وهذا الحدث يمثل الخطر الأقرب على سردية ضعف الدولار التي دعمت مكاسب عملات الأسواق الناشئة". جاء هذا التماسك أو الاستقرار بعد موجة ارتفاع قوية شهدتها أصول الأسواق الناشئة منذ مطلع العام، بدعم من تراجع الدولار الأميركي مع تزايد الشكوك بشأن السياسات الأميركية. أداء الأسواق الناشئة في 2025 سجل مؤشر بلومبرغ لأسهم الأسواق الناشئة ارتفاعا بـ 15% منذ مطلع 2025، متفوقا على مكاسب بـ 11% لأسهم الأسواق المتقدمة. كما صعد مؤشر MSCI لعملات الأسواق الناشئة 6.4%، بدعم من الأداء القوي لعملات أمريكا اللاتينية وأوروبا الشرقية. مع ذلك يتوقع المتداولون استمرار موجة الصعود، إذ قد يدعم تجدد الجهود لإنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا مكاسب أسواق أوروبا الشرقية، في حين أن مؤشرات تباطؤ الاقتصاد الأمريكي وتصاعد التوقعات بتيسير السياسة النقدية تزيد الضغوط على الدولار. الاستراتيجي لدى مصرف "إم يو إف جي بنك" لويد تشان قال "لا نزال نتوقع ضعفا هيكليا للدولار على المدى المتوسط. كما أن تسعير السوق لخفض قدره 130 نقطة أساس في الفائدة الأمريكية حتى نهاية 2026، قد يوفر دفعة إضافية لأسهم وعملات العديد من الأسواق الناشئة".

الدولار يستقر وسط ضغط ترامب على الفيدرالي الأمريكي
الدولار يستقر وسط ضغط ترامب على الفيدرالي الأمريكي

مباشر

timeمنذ ساعة واحدة

  • مباشر

الدولار يستقر وسط ضغط ترامب على الفيدرالي الأمريكي

مباشر- استقر الدولار اليوم الجمعة لكنه يتجه لتسجيل خسارة أسبوعية في الوقت الذي أدى فيه اختيار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مرشحا لشغل مقعد شاغر في مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأمريكي) مؤقتا إلى تعزيز توقعات اختيار شخص يميل للتيسير النقدي خلفا لرئيس البنك المركزي جيروم باول عندما تنتهي ولايته. ومع تزايد المخاوف بشأن تراجع الزخم الاقتصادي الأمريكي، لا سيما في سوق العمل، مما عزز آمال خفض أسعار الفائدة، انخفض الدولار 0.6% منذ بداية الأسبوع مقابل مجموعة من العملات الأخرى. وخلال اليوم، استقر مؤشر الدولار، الذي يقيس أداء العملة الأمريكية مقابل ست عملات رئيسية، عند 98.1. ورشح ترامب رئيس مجلس المستشارين الاقتصاديين ستيفن ميران لشغل مقعد أصبح شاغرا مؤخرا في مجلس الاحتياطي الاتحادي. ويحل ميران محل أدريانا كوجلر بعد استقالتها المفاجئة الأسبوع الماضي. وفي حين لا يزال المتعاملون قلقين بشأن استقلالية البنك المركزي الأمريكي ومصداقيته بعد الانتقادات المتكررة من ترامب لعدم خفض أسعار الفائدة، يرى بعض المحللين أنه من غير المرجح أن يكون لتعيين ميران تأثير جوهري. وقالت محللة للأسواق العالمية في جيه. بي مورجان آسيت مانجمنت في سنغافورة "ما زلنا نعتقد أن استقلالية البنك المركزي ستظل سليمة إلى حد كبير". وتتوقع أن يركز البنك المركزي على البيانات الواردة وقوة الاقتصاد الأمريكي بوجه عام. وقالت وكالة بلومبرج للأنباء أمس الخميس إن عضو مجلس الاحتياطي الاتحادي كريستوفر والر، الذي صوت لصالح خفض سعر الفائدة في الاجتماع الأحدث لمجلس الاحتياطي الاتحادي، مرشح بقوة ليكون الرئيس القادم للمركزي الأمريكي. وسيتحول تركيز السوق الآن إلى بيانات تضخم أسعار المستهلكين في الولايات المتحدة التي تصدر الأسبوع المقبل، إذ يتوقع اقتصاديون استطلعت رويترز آراءهم أن يرتفع مؤشر أسعار المستهلكين الأساسي على أساس شهري إلى 0.3% في يوليو تموز. ووفقا لأداة فيد ووتش التابعة لسي.إم.إي، يتوقع المتعاملون بنسبة 93% خفض أسعار الفائدة في سبتمبر أيلول، مع توقعات بتنفيذ خفضين على الأقل في أسعار الفائدة بحلول نهاية العام. وعانى الدولار على نطاق واسع هذا العام وخسر 9.5% مقابل مجموعة من العملات الرئيسية، إذ سعى المتعاملون لإيجاد بدائل في ظل قلقهم من سياسات ترامب التجارية المتقلبة. ويتوقع المحللون أن يظل الدولار تحت الضغط، ولكنهم يرون أنه من المستبعد أن يكون الهبوط حادا بنفس القدر. وبالنسبة للعملات الأخرى، يحوم الجنيه الإسترليني بالقرب من أعلى مستوى في أسبوعين عند 1.3439 دولار، متشبثا بالمكاسب القوية التي حققها أمس الخميس مع خفض بنك إنجلترا أسعار الفائدة ولكن بعد تصويت بفارق ضئيل بأغلبية خمسة أصوات مقابل أربعة أصوات، مما يدل على عدم الاقتناع بالميل إلى التيسير النقدي. والجنيه الإسترليني في طريقه لتحقيق أفضل أداء أسبوعي له منذ أواخر يونيو حزيران. واستقر الين عند 147.1 للدولار واستقر اليورو بالقرب من أعلى مستوى له في أسبوعين، إذ شعر المستثمرون بالارتياح لاحتمال إجراء محادثات بين الولايات المتحدة وروسيا بهدف إنهاء الحرب في أوكرانيا. وقال يوري أوشاكوف مساعد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لشؤون السياسة الخارجية أمس الخميس إن بوتين ونظيره الأمريكي دونالد ترامب سيلتقيان خلال الأيام المقبلة، فيما ستكون أول قمة بين زعيمي البلدين منذ عام 2021. مخاطر النمو ببريطانيا تضع مستثمري السندات في حالة تأهب قصوى

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store