
ترامب يحرم إسرائيل من امتياز إدارة مواجهات إقليمية
هآرتس
بقلم: تسفي برئيل
9/5/2025
بعد فترة قصيرة من بدء الرئيس الأميركي دونالد ترامب هجومه الكثيف على قواعد الحوثيين في اليمن، أعلن بأن "الحوثيين يتشوقون جدا لصنع السلام، وأنه تم ضربهم بشدة وهم يريدون وقف الهجمات. أنا يمكنني فقط القول بأن الهجمات، في النهار وفي الليل، كانت ناجحة بصورة تتجاوز توقعاتنا. نحن سنفعل ذلك لفترة زمنية طويلة".
اضافة اعلان
عمليا، استغرق الأمر سبعة أسابيع إلى أن تمت ترجمة رغبة الحوثيين الشديدة في اتفاق لوقف إطلاق النار. يصعب معرفة بالضبط كيف نضج الاتفاق بالتحديد الآن. حسب أحد التقديرات فإن السعودية هي التي ضغطت على ترامب لتمهيد الأجواء قبل زيارته للمملكة في الأسبوع المقبل. تحليلات أخرى تقول بأن إيران "اوصت" الحوثيين بالموافقة على وقف إطلاق النار كبادرة حسن نية للدفع قدما بالمفاوضات حول القضية النووية، التي من شأنها أن تستأنف يوم غد الأحد، رغم أن موقف إيران الرسمي يؤكد على أن كل "وكلاءها" هم مستقلون في قراراتهم، وأن إيران لا تتدخل في تقديرهم.
من خلال نسيج هذه التقديرات تملصت حقيقة بأن الأمر يتعلق باتفاق بين دولة عظمى في العالم وبين نظام يعتبر منظمة "إرهابية"، لكن من الجدير تخفيف الصدمة. فهذه ليست المرة الأولى التي فيها ترامب يجري مفاوضات مع من صنفه هو نفسه بأنه منظمة إرهابية دولية. في 2019 بعد مهاجمة الحوثيين لمنشآت النفط في السعودية، رغم أن السعودية طرحت دلائل كما يبدو على تدخل إيران في الهجوم الذي تسبب بأضرار كبيرة وتقليص عميق في قدرة المملكة على إنتاج النفط، إلا أن ترامب لم يضغط على الزناد. "أنا شخص غير معني بالحرب"، رد ترامب في حينه. وعندما سئل هل تعهد بالدفاع عن السعودية أجاب: "لا، لم اتعهد بشيء كهذا في أي يوم للسعودية. يجب علينا الجلوس مع السعوديين وتخطيط شيء. هذا كان هجوم على السعودية وليس علينا، لكن نحن بالتأكيد سنساعدهم".
بعد ذلك أوضح ترامب بأن الاستعداد لمساعدة السعودية موجود، لكن فقط له ثمن. في موازاة ذلك "عرض" على السعودية البدء في مفاوضات مع الحوثيين للتوصل إلى تسوية معينة.
هذه الأحداث كان يجب أن تعلم إسرائيل الدرس المطلوب لها لفهم الطريقة التي يدير فيها ترامب السياسة الخارجية، ويمكنه أن يوفر عليها المفاجأة والإحراج الذي لحق بها من اتفاق وقف إطلاق النار مع الحوثيين والذي وقع من وراء ظهرها. أحد أسس هذه السياسة يقول ان ترامب لا ينوي ان يحارب حروب الآخرين، سواء كانت السعودية، حليفة الولايات المتحدة منذ سبعة عقود تقريبا، أو أوكرانيا، التي تحارب على حياتها امام العدو التاريخي للولايات المتحدة (روسيا)، وكما يبدو أيضا إسرائيل. الأساس الثاني اصبح معروفا جيدا، وهو يقول ان ترامب يفضل الصفقات على المواجهات العنيفة. من اجل تحقيق صفقة أميركية جيدة، مع التأكيد بانه ليست لديه أي مشكلة لكسر اطر دبلوماسية تقليدية مثل الذي يقول بأنه لا يتم اجراء المفاوضات مع المنظمات الإرهابية، أو إصلاح خطأ ارتكبه عندما انسحب من الاتفاق النووي مع ايران.
وسبق أن وقع ترامب اتفاقا مع تنظيم طالبان، في 2020 والمنصف "ارهابي" الاتفاق الذي وقع في حينه في عاصمة قطر الدوحة سمح لترامب بسحب 5 آلاف جندي تقريبا من أفغانستان. وقد خلق البنية التحتية لاتفاق آخر الذي كان سيوقع عليه في آب (أغسطس) 2023 بين الرئيس بايدن وطالبان، الذي في اطاره تم تنفيذ الانسحاب المشوش والمخجل للقوات الأميركية المتبقية.
ترامب، الذي اثبت في حينه انه غير ملزم بقواعد اللعب السياسية والدبلوماسية المقبولة، أو منظومة علاقات تعتبر مسلمات، لم يتاثر أيضا من ان ممثله آدم بهلر التقى في هذه السنة مباشرة مع رئيس حماس خليل الحية لمناقشة معه قضية المخطوفين والسيطرة في غزة. بهلر في الواقع تم عزله عن منصبه بعد ذلك، لكن هذه السابقة وجدت، إسرائيل التي ليست جزء من الاتفاق مع الحوثيين أنه على الأقل طالما أن الطرفين (أميركا والحوثيين) ينفذان الاتفاق فان هذه لم تعد حرب الولايات المتحدة.
قائمة الإرهابيين الذين توافق الإدارة الأميركية على اجراء مفاوضات معهم يضاف أيضا الرئيس السوري احمد الشرع، الذي التقت معه شخصيات أميركية رفيعة حتى في فترة ولاية الرئيس جو بايدن. مؤخرا التقى معه أعضاء كونغرس من الحزب الجمهوري، الذين سمعوا منه بأنه مستعد للانضمام الى اتفاقات إبراهيم بشروط معينة. الشرع الذي في زيارته الأولى في أوروبا التقى هذا الأسبوع مع الرئيس الفرنسي عمانويل ماكرون وسبق واجرى لقاءات مع زعماء السعودية، اتحاد الامارات وقطر، يرسل من خلال وسطاء طلبات للالتقاء مع ترامب عندما سيأتي لزيارة دول الخليج في الأسبوع القادم. حتى الآن من غير المعروف اذا كان سيخرج لقاء كهذا الى حيز التنفيذ، لكن الولايات المتحدة تجري مع دمشق نقاشات فعلية حول رفع العقوبات التي فرضت على سورية من اجل السماح بتدفق الأموال والاستثمارات اليها. وهي أيضا استثنت قطر من هذه العقوبات عندما سمحت لها بارسال عشرات ملايين الدولارات لادارة الشرع لتمويل دفع الرواتب.
إسرائيل التي بدات أول من أمس في باكو عاصمة أذربيجان جولة أخرى للمحادثات مع تركيا حول إقامة آلية تنسيق لنشاطاتها في سورية، يجب عليها من الآن فصاعدا مواجهة قيود جديدة على حجم وطبيعة عملها في المجال الجوي والبري في سورية. وعليها الآن الأخذ في الحسبان ليس فقط موقف تركيا، بل بالأساس سياسة واشنطن الجديدة التي تعتبر تركيا ذراع حيوية لمحاربة داعش، وهي الدولة التي ستحل محل القوات الاميركية التي بدأت بالانسحاب من سورية.
الاتفاق مع الحوثيين والتقارب العلني من النظام السوري وتعزز التحالف مع تركيا، وهي الخطوات التي تم دفع إسرائيل فيها الى مدرج المتفرجين، تشير الى ملامح الخارطة الجيوسياسية التي يطمح ترامب الى رسمها. هذه خارطة تلزم في الواقع الولايات المتحدة بالتدخل الآن بشكل مباشر وأن تدس يدها في المواجهات، لكن فقط من اجل تمهيد الطريق للانسحاب منها في المستقبل القريب وترك للاعبين المحليين إدارة شؤونهم. هذه الخريطة لا تعطي لإسرائيل دورا رئيسيا، وترامب أيضا يلمح بأنها لن تشارك فيها اذا كانت ستشوش خطواته.
الانعطافة الدبلوماسية أمام إيران هي النتيجة الأكثر إثارة للانطباع لسياسة العزلة لترامب، التي لا تتردد في أن تسحق تحالفات وتفاهمات تاريخية في الطريق الى تطبيقها. بدون اشراك الاتحاد الأوروبي، ومن خلال وضع مطرقة ثقيلة على راس نتنياهو، دخل في مفاوضات مع ايران وكأنها صفقة أميركية – إيرانية خاصة، التي اذا تم التوقيع عليها فسيتم تقديمها على انها انجاز شخصي لترامب وتاطيرها على أنها الاتفاق الأفضل، حتى لو كان يصعب العثور على اختلاف بينها وبين الاتفاق النووي الأصلي الذي وقع عليه في 2015. لطالما كان ينظر الى إسرائيل، الدولة الأكثر تعرضا لتهديد ايران، بأنها تمتلك "الامتياز" الحصري لتحييد هذا التهديد. الآن هذا الامتياز تم سحبه منها من قبل نفس الرئيس الأميركي الذي خضع في السابق لضغوط إسرائيل، الامر الذي تسبب في تحويل ايران الى دولة حافة نووية.
"مصير" مشابه ينتظر قطاع غزة، وهو منطقة حرب تمتلكها اسرائيل بشكل كامل، والتي فيها لعبت الولايات المتحدة حتى الآن فقط دور الركيزة العسكرية والسياسية، وكوسيطة رئيسية في صفقة المخطوفين، والآن يمكن أن تنتقل الى إدارة أميركية. بالصورة التي تدير فيها إسرائيل الحرب، تجويع سكان القطاع في الطريق الى الاحتلال الكامل له، فقد حولت إسرائيل غزة الى تهديد إقليمي، تداعياته بالنسبة للولايات المتحدة أوسع بكثير من بؤر الاشتعال المحلية، مثل الاشتباك مع الحوثيين وصراع السيطرة في سورية وتدمير حماس وحزب الله.
عندما تحذر جهة أميركية رفيعة من أنه اذا لم تستيقظ إسرائيل فان الولايات المتحدة من شأنها أن تدفع قدما بصفقة مع السعودية بدونها، وهذا استمرار مباشر لسياسة سبق وان بدأ تطبيقها – التي بحسبها ترامب لن يسمح لإسرائيل بتخريب "صفقة القرن" الاقتصادية الخاصة به مع المملكة، التي تشمل، ضمن أمور أخرى، شراء عسكري بمبلغ 100 مليار دولار واستثمارات سعودية بمبلغ تريليون دولار تقريبا في الولايات المتحدة.
ترامب الذي استوعب بالفعل استحالة مشروع ريفييرا غزة ونقل مليون غزي، عاد الى لوحة الرسم، يبدو أنه لن يكتفي بعملية أميركية فقط بتعاون عربي لتوزيع المساعدات الإنسانية في غزة. ورغم غضب ائتلاف نتنياهو إلا أن من شأنه أيضا أن يرسم هيكلية اليوم التالي، التي ستعتمد على اقتراح مصر. هكذا، مثلما فعل مع الحوثيين وإيران وسورية، فإن ترامب قد يحول غزة إلى حربه الخاصة – التي فيها سيملي شروطه ويتوقع الطاعة. ولا يستطيع أن يترك شق طريقه الى جائزة نوبل لمقاول من الباطن، حتى لو كان اسمه إسرائيل.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


رؤيا نيوز
منذ ساعة واحدة
- رؤيا نيوز
بيان صادر عن اللجان الشبابية في حزب الميثاق الوطني
حول إقرار الخطة الوطنية الأردنية لتفعيل قرار مجلس الأمن الدولي رقم (2250) حول الشباب والسلام والأمن تُعرب اللجان الشبابية في حزب الميثاق الوطني برئاسة الأمين العام المساعد للشؤون الشبابية جمال الرقاد عن بالغ اعتزازها وترحيبها بقرار مجلس الوزراء الموقر بالموافقة على إقرار الخطة الوطنية الأردنية لتفعيل قرار مجلس الأمن الدولي رقم (2250) حول الشباب والسلام والأمن للأعوام 2025 – 2027، في خطوة رائدة تجعل من الأردن الدولة العربية الأولى التي تتبنى هذا الالتزام الأممي بشكل رسمي وممنهج. وتؤكد اللجان الشبابية أن هذا الإنجاز التاريخي لم يكن ليتحقق لولا الرؤية المستنيرة والدور الريادي الذي اضطلع به صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير الحسين بن عبدالله الثاني والذي شكّل علامة فارقة في الجهود الدولية لتعزيز دور الشباب في بناء السلام وترسيخ الأمن المجتمعي فقد كان ترؤس سموه لجلسة مجلس الأمن عام 2015 عندما كانت المملكة عضواً في الدورة الرئاسية لمجلس الأمن (2013-2015)، لحظة مفصلية أثمرت عن صدور القرار 2250، الذي يُعدّ الأول من نوعه في تاريخ مجلس الأمن والذي يعترف بالدور المحوري للشباب في منع النزاعات وصناعة السلام المستدام. إن حزب الميثاق الوطني من خلال لجانه الشبابية يرى في هذه الخطة الوطنية فرصة استراتيجية لتعزيز مشاركة الشباب الأردني في صنع القرار وتوسيع دورهم في مجالات المصالحة المجتمعية، والحوار وبناء القدرات بما ينسجم مع تطلعاتهم ويترجم ثقة القيادة الهاشمية في طاقاتهم وإمكاناتهم. وإذ نؤكد التزامنا الكامل بالمضي في دعم وتنفيذ محاور هذه الخطة، فإننا ندعو كافة الجهات الرسمية ومؤسسات المجتمع المدني والأحزاب السياسية إلى التفاعل الإيجابي معها والعمل المشترك لتمكين شبابنا من أداء دورهم الحقيقي كشركاء فاعلين في تحقيق التنمية والأمن والاستقرار.


البوابة
منذ ساعة واحدة
- البوابة
إسرائيل تخطط لضرب المنشآت النووية الإيرانية
البوابة - نقلت شبكة "سي إن إن" الإخبارية الأميركية معلومات استخباراتية تفيد بأن إسرائيل تخطط لضرب منشآت نووية إيرانية. وأضافت الشبكة أن إسرائيل تستعد لضرب المنشآت الإيرانية بشكل منفرد دون تنسيق مع الولايات المتحدة. يأتي هذا القرار الإسرائيلي في الوقت الذي تجري فيه إدارة ترامب مباحثات دبلوماسية مع الجانب الإيراني بشأن تخصيب اليورانيوم. قلق إسرائيلي من المباحثات مع إيران وفي ذات السياق، يرى مراقبون بأن إقدام إسرائيل على هذه الخطوة سيشعل فتيل حرب إقليمية في المنطقة، وفي وقت تسعى إدارة ترامب لوقف الحرب الدائرة في قطاع غزة، كما أن إشعال الحرب سيشكل خروجا صارخا عن نهج ترامب. كما ربط البعض حالة الفتور بين نتنياهو وترامب بالمباحثات التي تجريها إدارته مع طهران في مسقط، في وقت يتزايد فيه احتمال توجيه إسرائيل ضربة لمنشأة نووية إيرانية بشكل ملحوظ في الأشهر الأخيرة، وإذا تم التوصل إلى اتفاق بين ترامب وإيران لا يتضمن التخلص الكامل من اليورانيوم الإيراني. خطط إيرانية بديلة وبحسب ما تم تداوله عن افتقار القيادة الإيرانية إلى خطة بديلة لتطبيقها في حال انهيار الجهود الرامية إلى حل النزاع النووي الدائر منذ عقود، إلا أن البعض يذهب إلى الحديث عن احتمالية أن تلجأ إيران إلى الصين وروسيا "كخطة بديلة" في حال استمرار التعثر. إلا أنه بسبب انشغال الصين بالحرب التجارية المفروضة عليها بفعل الرسوم التجارية، ولدى موسكو الملف الأوكراني، فإن هذه الخطة البديلة قد تفقدها طهران أيضا. ويُذكر أن المحادثات الإيرانية الأميركية بشأن ملف النووي الإيراني، التي تهدف إلى كبح البرنامج النووي الإيراني مقابل تخفيف العقوبات، لا تزال تواجه العديد من العقبات التي تعترض طريق المحادثات.


سواليف احمد الزعبي
منذ 2 ساعات
- سواليف احمد الزعبي
تفاصيل مثيرة حول الطائرة القطرية التي قد تكلف ترامب رئاسته
#سواليف واجه الرئيس الأمريكي، دونالد #ترامب، موجة من التساؤلات المتصاعدة بخصوص مدى ملاءمة قرار قبوله لطائرة فاخرة مقدمة من #قطر بقيمة 400 مليون دولار، وذلك مُباشرة عقب الجولة التي قام بها لعدد من الدول الخليجية. وأعلن الرئيس دونالد ترامب، مساء الأحد، على حساباته بمواقع التواصل الاجتماعي أنّ: 'وزارة الدفاع الأمريكية 'البنتاغون' تعتزم قبول #الطائرة_الفاخرة كهدية مجانية'. وفيما يرى بعض الجمهوريين أنّ: 'الهدية لن تكون مجانية فعليا، لأن تجهيز الطائرة لتكون آمنة ومناسبة للطيران الرئاسي سيستغرق وقتا طويلا، لتفي بجميع المعايير الأمنية والفنية اللازمة'، أعرب آخريين عمّا وصفوه بـ'قلقهم من مخاطر محتملة تتعلق بالأمن القومي ونقل أسرار الدولة على متن الطائرة'. وأمس الاثنين، قالت المتحدثة باسم #البيت_الأبيض، كارولين ليفيت، إنّ: 'الطائرة القطرية الفاخرة المثيرة للجدل التي أعلن الرئيس دونالد ترامب اعتزامه قبولها هي: مشروع القوات الجوية، وإنّ ترامب لا علاقة له بها'. وفي السياق ذاته، نفت ليفيت، كافة ما يروج من تقارير تفيد بأن: 'العائلة المالكة القطرية ستهدي إدارة ترامب الطائرة الفاخرة، التي سيتم تعديلها واستخدامها كطائرة رئاسية خلال فترة ولاية ترامب الثانية'. فيما انتقدت وسائل الإعلام لما وصفته بـ'التضليل الإعلامي بخصوص الهدية'. 'لنكن واضحين تماما، حكومة قطر، والعائلة القطرية، عرضت التبرع بهذه الطائرة للقوات الجوية الأمريكية، وسيتم قبول هذا التبرع وفقًا لجميع الالتزامات القانونية والأخلاقية' تابعت المتحدثة باسم البيت الأبيض. وأردفت: 'سيتم تحديثها وفقا لأعلى المعايير من قِبل وزارة الدفاع والقوات الجوية الأمريكية'، مبرزة: 'هذه الطائرة ليست تبرعا شخصيا أو هدية لرئيس الولايات المتحدة، وعلى كل من كتب ذلك الأسبوع الماضي تصحيح أخباره، لأن هذا تبرع لبلدنا وللقوات الجوية الأمريكية'. وكانت الأزمة نفسها قد تصاعدت خلال نهاية الأسبوع الماضي، حين أكّد ترامب استعداده لقبول طائرة فاخرة من قطر، من طراز (Boeing 747-8 Jumbo) كهدية تسلّم لوزارة الدفاع، على أن تنقل لاحقا لمكتبته الرئاسية عقب انتهاء ولايته. آنذاك، قالت السيناتور سوزان كولينز: 'هذه #الهدية من قطر محفوفة بتحديات قانونية وأخلاقية وعملية، بينها خطر التجسس. لا أعلم كيف يمكننا تفتيشها وتجهيزها بالشكل الكافي لمنع ذلك'. وأضافت: 'بحلول الوقت الذي تجهز فيه الطائرة من أجل الاستخدام، قد تكون ولاية الرئيس قد شارفت على نهايتها. ولست مقتنعة أصلا بوجود حاجة لهذه الطائرة من الأساس'. فيما أعرب السناتور ريك سكوت، أيضا، عن مخاوفه بالقول إنه لا يرى وسيلة مضمونة لجعل الطائرة آمنة بما فيه الكفاية لاستخدام الرئيس. إلى ذلك، أبرزت شبكة 'سي إن إن' الأمريكية، أنّ: 'وزارة الدفاع تخطط لقبول طائرة بوينغ 747-8 الفاخرة، وسيتم تحديثها لاستخدام الرئيس مع ميزات أمنية وتعديلات قبل التبرع بها لمكتبة ترامب الرئاسية بعد انتهاء ولايته'. بينما نفى ترامب أنه سيستخدم الطائرة بعد انتهاء ولايته. وكشفت أربعة مصادر للشبكة، أن إدارة ترامب هي من بادرت بالتواصل مع قطر للاستفسار عن شراء طائرة بوينغ 747، تُستخدم كبديل مؤقت لطائرة الرئاسة، وهو ما يناقض رواية ترامب الذي زعم أن قطر عرضت عليه الطائرة كـ'هدية'. ووفقًا للمصادر، بدأت القصة بعد أن أبلغت شركة بوينغ البنتاغون بأنها غير قادرة على تسليم الطائرات الرئاسية الجديدة قبل عامين، ما دفع الإدارة للبحث عن بدائل سريعة، وتكليف مبعوث ترامب للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، بالمساعدة في إيجاد طائرة مناسبة. وبناءً على هذا التوجه، قدمت بوينغ قائمة بعملائها الذين يمتلكون طائرات جاهزة، وكانت قطر من بينهم. بدأ البنتاغون المحادثات مع الدوحة، التي أبدت استعدادًا لبيع طائرة من هذا النوع، بدعم من البيت الأبيض وتسهيلات ويتكوف. ورغم أن المناقشات الأولية كانت تتعلق باستئجار الطائرة وليس شرائها، فإن ترامب استمر في وصف الصفقة بأنها 'هدية مجانية' من العائلة المالكة القطرية. وعبر مقابلة بُثت الأسبوع الماضي، أشار ترامب إلى أنّ: 'المسؤولين القطريين تواصلوا معه بشكل مباشر بخصوص إمكانية إهدائه طائرة فاخرة بديلة لطائرة الرئاسة الأمريكية'. مردفا أنّ أحد المسؤولين القطريين قال: 'إذا كان بإمكاني مساعدتك، فدعني أفعل ذلك'. وبحسب الرئيس الأمريكي لقناة 'فوكس نيوز': 'قال: لقد كان بلدكم كريما معنا، أود أن أفعل شيئًا للمساعدة في هذا الوضع الذي تواجهونه مع طائرة الرئاسة. قلت: هذا جيد. ماذا تقترح؟ واقترح هذا، فقلت: أتعلمون؟ هذا جيد جدًا. هذا جيد جدًا. أُقدّر ذلك''. من جهته، قال رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري، محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني، إنّ: 'الحكومة القطرية، عرضت، طائرة، بملايين الدولارات للرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، لاستخدامها كطائرة رئاسية'. ووصف جاسم آل ثاني، العرض بكونه: 'صفقة بين حكومتين، وليس هدية شخصية لترامب'، مشيرا في الوقت نفسه إلى أنه 'لا يزال قيد المراجعة، من الطرفين'. وعبر مقابلة له، مع بيكي أندرسون من شبكة 'سي إن إن' الأمريكية، أبرز رئيس الوزراء القطري، الأربعاء الماضي: 'هذه صفقة بسيطة للغاية بين حكومتين، في حين أن وزارة الدفاع القطرية والبنتاغون لا تزالان تتبادلان إمكانية نقل إحدى طائراتنا من طراز 747-8 لاستخدامها كطائرة رئاسية'. وتابع: 'لا تزال قيد المراجعة القانونية، لذا لا يوجد شيء، ولا أعرف سبب تحولها إلى خبر كبير كهذا، وهو أمر، كما تعلمون، يُنظر إليه بطريقة غريبة للغاية'، مضيفا: 'إنها صفقة بين حكومتين، لا علاقة لها بالموظفين، سواء كانوا من الجانب الأمريكي أو الجانب القطري، إنها بين وزارتي الدفاع'. وبيّن: 'لا شيء يغير قرارنا، في نهاية المطاف، إذا كان هناك شيء تحتاجه الولايات المتحدة وكان قانونيًا تمامًا، ويمكننا، فنحن قادرون على مساعدة ودعم الولايات المتحدة، فلن نتردد، حتى لو كان هناك شيء قادم من قطر للولايات المتحدة، فهو نابع من الحب، وليس من أي تبادل'. وأكد بأنه: 'بالطبع، سيتم سحب العرض إذا اعتُبرت الصفقة غير قانونية'، مبرزا: 'لن نفعل أي شيء غير قانوني، لو كان هناك شيء غير قانوني، لكانت هناك طرق عديدة لإخفاء هذا النوع من المعاملات، ولن تكون ظاهرة للعامة، هذا تبادل واضح للغاية بين حكومتين، ولا أرى أي جدل في ذلك.'. وأبرز: 'قطر دائمًا ما تكثف جهودها لمساعدة ودعم الولايات المتحدة، سواء كان ذلك في الحرب على الإرهاب، أو في إجلاء أفغانستان، أو في إطلاق سراح الأسرى من مختلف دول العالم'، مردفا: 'لأننا نؤمن بأن هذه الصداقة يجب أن تعود بالنفع على كلا البلدين'. تجدر الإشارة إلى أنّ ترامب كان قد عبّر مرارا عن استيائه من التأخيرات والتكاليف الزائدة في مشروع استبدال الطائرة الرئاسية Air Force One القائم، وهو الذي تنفذه شركة 'بوينغ' عبر عقد حكومي لبناء طائرتين جديدتين للرئاسة الأمريكية. غير أنّ المشروع لا يزال يواجه عقبات تعرقل إنجازه.