
مؤسس "حزب العدالة والديموقراطية" لـ"النهار": لا علاقة لنا برامي مخلوف واختلفت مع النظام بسبب إيران
أثار تسريب معلومات استخبارية عن تأسيس ما وصف بـ"أوّل حزب علوي" في روسيا الكثيرَ من اللغط والجدل بشأن دوافع هذه الخطوة في هذا التوقيت، وهوية مؤسسيه، وطبيعة أهدافه، ومدى ارتباطه بالمشاريع والأجندات المتعلقة بالساحل السوري.
وما زاد من أهمية هذه القضية أن الصحافي الإسرائيلي إيدي كوهين كان من أوائل من تحدثوا عن "حزب العدالة والديموقراطية"، إذ اعتبر في منشور على "فايسبوك" أن هذا الحزب سيكون بديلاً عن "حزب البعث".
ونشر كوهين صورة لشعار الحزب، كما ظهرت صفحة على "فايسبوك" تحمل اسم الحزب وتستخدم الشعار ذاته، وأكدت أن الهدف من تأسيسه هو إنشاء "إقليم الساحل الغربي".
ونقل موقع "إرم نيوز" عن مصدر استخباري أن "تأسيس أول حزب علوي يمثل أبناء الساحل السوري قد تم في موسكو"، مشيراً إلى أن هذه الخطوة تمهّد لتحويل الساحل إلى إقليم ذي حكم ذاتيّ تحت مظلّة دمشق.
وأضاف المصدر أن رئيس الحزب هو رجل الأعمال السوري رامي مخلوف، ابن خال الرئيس السابق بشار الأسد، لافتاً إلى أن تعيينه جاء نتيجة توافق دولي، وليس بناءً على إرادة داخلية من أبناء الطائفة العلوية.
وجاء هذا التسريب رغم أن كوهين كان أشار، في منشور آخر، إلى أن مؤسس الحزب هو شخص يُدعى (ح.ج.)، في تناقض واضح مع الرواية التي زعمت أن مخلوف هو رئيس الحزب.
وبعد بحث طويل، تمكنت "النهار" من الوصول إلى مؤسس "حزب العدالة والديموقراطية"، وأجرت معه حواراً عبر الهاتف، كشف فيه حقيقة الحزب وظروف تأسيسه وأهدافه.
هو حيدر جواد توفيق الأسد، من أبناء عمومة الرئيس السابق بشار الأسد. يقيم في روسيا التي وُلد ونشأ فيها، وحصل على جنسيتها، كما خدم في قواتها المسلحة بصفة ضابط روسي. يقول لـ"النهار" إنه عاد إلى سوريا مع القوات الروسية عام 2011، حيث عمل ضابط ارتباط بين قاعدة حميميم والقوات الجوية السورية، مشدداً على أنه لم يشارك في أي أعمال قتالية.
ينفي جواد أن يكون محسوباً على النظام السابق، مشيراً إلى أنه دخل في خلافات مع بعض أركانه وضباطه بسبب موقفه الرافض للنفوذ الإيراني المتنامي في البلاد. ويوضح أنه نتيجة لذلك تعرّض لضغوط وإجراءات بهدف تغيير موقفه، من بينها ختم شقته في دمشق بالشمع الأحمر بأمر من القصر الجمهوري.
وخلال الحوار، واجهت "النهار" جواد بحادثتين: الأولى رواها كمال اللبواني وتخصّ صلته بقضية الصحافي الأميركي أوستن تايس، والثانية رواها الناشط السوري هاني العزو، الذي ادّعى أن جواد أوهمه بأن شقيقه لا يزال حياً في سجن صيدنايا، بينما كان قد توفي. وقد أنكر جواد صلته بكلا الحادثتين، نافياً صحة ما نشره العزو، خصوصاً الادعاء بمشاركته في قصف إدلب، مؤكداً مجدداً أنه لم يشارك في أي عمليات قتالية.
وحاولت "النهار" التواصل مع العزو للتعليق على نفي جواد، لكنها لم تتلقَ رداً منه.
View this post on Instagram
A post shared by Annahar Al Arabi (@annaharar)
أما بشأن الحزب، فيقول جواد إنه أسسه في الخامس من أيار/ مايو الجاري في موسكو، بالتعاون مع عدد الأشخاص الذي أصبحوا من ضمن الأعضاء المؤسسين، وشدد على أنه يرأس الحزب، و أن "لا علاقة لرامي مخلوف أو لأي شخص من دائرته به، لا من قريب ولا من بعيد".
كذلك، يؤكد جواد أن الشعار الذي نشره كوهين هو بالفعل شعار الحزب، مستغرباً كيف وصل إليه قبل الإعلان الرسمي. ويشير إلى أن الصفحة التي تحمل اسم الحزب وتطالب بإنشاء إقليم الساحل مزوّرة، لا علاقة لحزبه بها، متهماً القائمين عليها بسرقة الاسم والشعار.
ويقول إن حزبه حصل على موافقة رسمية وغطاء سياسي من موسكو، موضحاً أن مسؤولين روس تواصلوا مع الخارجية السورية لبحث أهداف الحزب وإمكانية نشاطه في داخل سوريا.
وفي تقاطع غير مقصود ربما مع ما ذكره كوهين، يتوقّع جواد أن توافق الإدارة السورية الجديدة على منحه عدداً من مقارّ "حزب البعث" لاستخدامها في ممارسة النشاط الحزبي داخل البلاد.
وتواصلت "النهار" مع المحامية "أ.غ."، وهي من بين الأعضاء المؤسسين لـ"حزب العدالة والديموقراطية"، التي طلبت عدم الكشف عن هويتها نظراً إلى إقامتها في سوريا.
وتقول المحامية السورية إنه "كثر في الآونة الأخيرة تداول معلومات مغلوطة بشأن الحزب، إذ رُوّج أنه حزب طائفيّ يخصّ مكوّناً بعينه من أبناء الساحل السوري". وتضيف: "نؤكد للرأي العام أنّ هذا الحزب تمّ تأسيسه بمبادرة من سوريين مغتربين، وبمبادرة من السيد حيدر جواد، المقيم حالياً في روسيا، وهو من الشخصيات الوطنية التي تهتم فقط بمصلحة الوطن".
وتشير إلى أن الهيئة التأسيسية للحزب شُكلت من 14 عضواً ينتمون إلى طوائف وانتماءات مختلفة، بعضهم من داخل سوريا، وبعضهم من خارجها، وجميعهم يتشاركون الرؤية ذاتها: "الحفاظ على وحدة سوريا وتحقيق العدالة والمساواة بين جميع المواطنين دون استثناء".

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


النهار
منذ ساعة واحدة
- النهار
هذا الفيديو لحديث الرئيس المصري عن تكلفة إعمار سوريا قديم FactCheck#
نشرت حسابات على موقع التواصل الاجتماعي الأشهر في مصر (فايسبوك) فيديو بمزاعم أنه لتصريحات أدلى بها أخيرا عن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بشأن تكلفة إعمار سوريا. الا ان هذا الزعم مضلل تماما. FactCheck# "النّهار" دقّقت من أجلكم فقد تداولت حسابات على فايسبوك فيديو يظهر فيه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قائلا (من دون تدخل): "سوريا تحتاج إلى ما بين 300 مليار إلى تريليون دولار لإعادة بنائها... لا توجد أي دولة أو مجموعة دول يمكن أن تدفع هذه المبالغ على الفور". وتابع: "محدش هيديك 300 مليار تصلح بلدك بعد ما خربتها، مش انت اللي كسرتها؟ مش انت اللي خربتها؟ أصلحهالك انا ليه". ولكن البحث العكسي عن الفيديو قاد، بعد تفكيكه لصور عدة، إلى أن له قديم، اذ يعود الى عام 2018، وبالتالي لا علاقة بالأحداث الراهنة في سوريا. وقد جاءت تصريحات السيسي تلك في 4 تشرين الثاني (نوفمبر) 2018، خلال مشاركته في جلسة "ما بعد الحروب والنزاعات: آليات بناء المجتمعات والدول"، ضمن فعاليات منتدى شباب العالم. ويمكن مشاهدة المقطع من الدقيقة 1:10:38 الى الدقيقة 1:11:34 في الفيديو أدناه. وقال فيها السيسي عن سوريا، وفقا لتقارير: "أوضحت أنها تحتاج الى ما بين 300 مليار دولار إلى تريليون دولار لإعادة إعمارها". لقطة من الفيديو المنشور في قناة أخبار ماسبيرو في يوتيوب، في 5 ت2 2018 واستبعد السيسي مساعدة أي دولة في العالم لسوريا بهذا المبلغ، لافتا إلى أن الدول تتصارع على 10 مليارات دولار. وتابع: "الصراع اليوم في العالم على النفوذ والأموال والمصالح"، بحسب ما نشرته جريدة الشروق المصرية (مستقلة). سوريا الشرع... جدال متجدد وتصاعد الجدل مجددا، بعدما كشف السفير الأميركي السابق لدى سوريا روبرت فورد أن جهّات دولية اختارت "هيئة تحرير الشام"، بقيادة أحمد الشرع المعروف سابقاً بـ"الجولاني"، كبديل سياسي في سوريا، بعد فشل المفاوضات مع نظام بشار الأسد. وقال خلال محاضرة دعا إليها مجلس العلاقات الخارجية في مدينة بالتيمور في ولاية ميريلاند الأميركية في 5 أيار (مايو)، إن "الهيئة خضعت لتدريبات مكثّفة على يد خبراء وسفراء وضباط استخبارات بريطانيين وأميركيين". Robert Ford, the former ambassador to Syria, revealed during an international lecture at the invitation of the Council on Foreign Relations in Baltimore on May 5, 2025, that he was part of a team selected by the Metropolitan Non-Governmental Organization to explain the… — Zack (@zackmousou) May 19, 2025 وذكر أنّه التقى الشرع مرتين لتدريبه على هذه المهمة عامي 2023 و2024 (قبل أشهر من دخوله دمشق). وفي المرة الثالثة، في كانون الثاني (يناير) 2025، التقاه لمدة 10 أيام في القصر الرئاسي. وأوضح أن "التدريبات شملت جوانب سياسية واستراتيجية، وجرى تنفيذها عبر سلسلة لقاءات في محافظة إدلب"، من دون تحديد تواريخ محدّدة. ولفت إلى أن "اختيار هيئة تحرير الشام يرجع إلى كونها الأكثر تنظيماً بين فصائل المعارضة". الخلاصة: الفيديو المتداول للرئيس السيسي قديم اذ يعود إلى عام 2018. ولم يتحدث أخيراً عن إعادة إعمار سوريا.


النهار
منذ 8 ساعات
- النهار
مؤسس "حزب العدالة والديموقراطية" لـ"النهار": لا علاقة لنا برامي مخلوف واختلفت مع النظام بسبب إيران
أثار تسريب معلومات استخبارية عن تأسيس ما وصف بـ"أوّل حزب علوي" في روسيا الكثيرَ من اللغط والجدل بشأن دوافع هذه الخطوة في هذا التوقيت، وهوية مؤسسيه، وطبيعة أهدافه، ومدى ارتباطه بالمشاريع والأجندات المتعلقة بالساحل السوري. وما زاد من أهمية هذه القضية أن الصحافي الإسرائيلي إيدي كوهين كان من أوائل من تحدثوا عن "حزب العدالة والديموقراطية"، إذ اعتبر في منشور على "فايسبوك" أن هذا الحزب سيكون بديلاً عن "حزب البعث". ونشر كوهين صورة لشعار الحزب، كما ظهرت صفحة على "فايسبوك" تحمل اسم الحزب وتستخدم الشعار ذاته، وأكدت أن الهدف من تأسيسه هو إنشاء "إقليم الساحل الغربي". ونقل موقع "إرم نيوز" عن مصدر استخباري أن "تأسيس أول حزب علوي يمثل أبناء الساحل السوري قد تم في موسكو"، مشيراً إلى أن هذه الخطوة تمهّد لتحويل الساحل إلى إقليم ذي حكم ذاتيّ تحت مظلّة دمشق. وأضاف المصدر أن رئيس الحزب هو رجل الأعمال السوري رامي مخلوف، ابن خال الرئيس السابق بشار الأسد، لافتاً إلى أن تعيينه جاء نتيجة توافق دولي، وليس بناءً على إرادة داخلية من أبناء الطائفة العلوية. وجاء هذا التسريب رغم أن كوهين كان أشار، في منشور آخر، إلى أن مؤسس الحزب هو شخص يُدعى (ح.ج.)، في تناقض واضح مع الرواية التي زعمت أن مخلوف هو رئيس الحزب. وبعد بحث طويل، تمكنت "النهار" من الوصول إلى مؤسس "حزب العدالة والديموقراطية"، وأجرت معه حواراً عبر الهاتف، كشف فيه حقيقة الحزب وظروف تأسيسه وأهدافه. هو حيدر جواد توفيق الأسد، من أبناء عمومة الرئيس السابق بشار الأسد. يقيم في روسيا التي وُلد ونشأ فيها، وحصل على جنسيتها، كما خدم في قواتها المسلحة بصفة ضابط روسي. يقول لـ"النهار" إنه عاد إلى سوريا مع القوات الروسية عام 2011، حيث عمل ضابط ارتباط بين قاعدة حميميم والقوات الجوية السورية، مشدداً على أنه لم يشارك في أي أعمال قتالية. ينفي جواد أن يكون محسوباً على النظام السابق، مشيراً إلى أنه دخل في خلافات مع بعض أركانه وضباطه بسبب موقفه الرافض للنفوذ الإيراني المتنامي في البلاد. ويوضح أنه نتيجة لذلك تعرّض لضغوط وإجراءات بهدف تغيير موقفه، من بينها ختم شقته في دمشق بالشمع الأحمر بأمر من القصر الجمهوري. وخلال الحوار، واجهت "النهار" جواد بحادثتين: الأولى رواها كمال اللبواني وتخصّ صلته بقضية الصحافي الأميركي أوستن تايس، والثانية رواها الناشط السوري هاني العزو، الذي ادّعى أن جواد أوهمه بأن شقيقه لا يزال حياً في سجن صيدنايا، بينما كان قد توفي. وقد أنكر جواد صلته بكلا الحادثتين، نافياً صحة ما نشره العزو، خصوصاً الادعاء بمشاركته في قصف إدلب، مؤكداً مجدداً أنه لم يشارك في أي عمليات قتالية. وحاولت "النهار" التواصل مع العزو للتعليق على نفي جواد، لكنها لم تتلقَ رداً منه. View this post on Instagram A post shared by Annahar Al Arabi (@annaharar) أما بشأن الحزب، فيقول جواد إنه أسسه في الخامس من أيار/ مايو الجاري في موسكو، بالتعاون مع عدد الأشخاص الذي أصبحوا من ضمن الأعضاء المؤسسين، وشدد على أنه يرأس الحزب، و أن "لا علاقة لرامي مخلوف أو لأي شخص من دائرته به، لا من قريب ولا من بعيد". كذلك، يؤكد جواد أن الشعار الذي نشره كوهين هو بالفعل شعار الحزب، مستغرباً كيف وصل إليه قبل الإعلان الرسمي. ويشير إلى أن الصفحة التي تحمل اسم الحزب وتطالب بإنشاء إقليم الساحل مزوّرة، لا علاقة لحزبه بها، متهماً القائمين عليها بسرقة الاسم والشعار. ويقول إن حزبه حصل على موافقة رسمية وغطاء سياسي من موسكو، موضحاً أن مسؤولين روس تواصلوا مع الخارجية السورية لبحث أهداف الحزب وإمكانية نشاطه في داخل سوريا. وفي تقاطع غير مقصود ربما مع ما ذكره كوهين، يتوقّع جواد أن توافق الإدارة السورية الجديدة على منحه عدداً من مقارّ "حزب البعث" لاستخدامها في ممارسة النشاط الحزبي داخل البلاد. وتواصلت "النهار" مع المحامية "أ.غ."، وهي من بين الأعضاء المؤسسين لـ"حزب العدالة والديموقراطية"، التي طلبت عدم الكشف عن هويتها نظراً إلى إقامتها في سوريا. وتقول المحامية السورية إنه "كثر في الآونة الأخيرة تداول معلومات مغلوطة بشأن الحزب، إذ رُوّج أنه حزب طائفيّ يخصّ مكوّناً بعينه من أبناء الساحل السوري". وتضيف: "نؤكد للرأي العام أنّ هذا الحزب تمّ تأسيسه بمبادرة من سوريين مغتربين، وبمبادرة من السيد حيدر جواد، المقيم حالياً في روسيا، وهو من الشخصيات الوطنية التي تهتم فقط بمصلحة الوطن". وتشير إلى أن الهيئة التأسيسية للحزب شُكلت من 14 عضواً ينتمون إلى طوائف وانتماءات مختلفة، بعضهم من داخل سوريا، وبعضهم من خارجها، وجميعهم يتشاركون الرؤية ذاتها: "الحفاظ على وحدة سوريا وتحقيق العدالة والمساواة بين جميع المواطنين دون استثناء".

القناة الثالثة والعشرون
منذ 16 ساعات
- القناة الثالثة والعشرون
تم إعدامه ببلد قرب لبنان.. قصة مثيرة عن "أخطر جاسوس إسرائيلي"
ضجة كبيرة أثيرت خلال الساعات الماضية بعد إعلان مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، نقل الأرشيف السوري الرسمي المُتعلق بالجاسوس إيلي كوهين إلى إسرائيل. وذكر المكتب نيابة عن جهاز الاستخبارات الإسرائيلي "الموساد" أنه "في عملية سرية ومعقدة بالتعاون مع جهاز استخباراتي استراتيجي شريك، تم نقل الأرشيف السوري الرسمي المتعلق بإيلي كوهين إلى إسرائيل". ويضم الأرشيف نحو 2500 مستند وصورة، وأغراضاً شخصية أصلية، معظمها يُكشف لأول مرة. ووفقا للمكتب، يتضمن الأرشيف "تسجيلات، وملفات تحقيقات، ورسائل بخط يد كوهين لعائلته في إسرائيل، وصورا من نشاطه الاستخباري في سوريا، وأغراضا من منزله الذي صودر بعد اعتقاله". وأشار مكتب نتنياهو إلى أنه من بين الأغراض "مفاتيح شقته بدمشق، وجوازات سفر مزورة، وصوراً له مع كبار مسؤولي الجيش والحكومة السورية، كما وُجدت في مذكراته مهام سرية كلّفه بها الموساد، منها مراقبة أهداف وجمع معلومات عن قواعد عسكرية سورية في القنيطرة، إضافة إلى الحكم القضائي الأصلي بإعدامه". وجاء الإعلان عن هذه العملية بمناسبة مرور 60 عاماً على إعدام الجاسوس كوهين، والذي حدث في يوم 18 أيار 1965. ووصف نتنياهو، إيلي كوهين، بأنه "أعظم جاسوس في تاريخ الدولة، ساهم في النصر التاريخي في حرب الأيام الستة (حرب حزيران 1967)". من هو إيلي كوهين؟ إيلي كوهين يهودي من أصل سوري؛ عمل جاسوساً لإسرائيل في سوريا، حيث تمكن من اختراق المجتمع السياسي السوري في ستينيات القرن العشرين تحت اسم منتحَل هو "كامل أمين ثابت". اكتشِف أمره فأعدِم، وبينما تهوّن الرواية الرسمية السورية من دوره، تعتبره إسرائيل بطلا قدم إليها الكثير من المعلومات الحساسة. المولد والنشأة ولد إلياهو (أو إيلي) بن شاؤول كوهين في 26 كانون الأول 1924 في الحي اليهودي بمدينة الإسكندرية شمال مصر، وكان أبوه شاؤول وأمه صوفي كوهين من المهاجرين الذين جاؤوا إلى مصر من مدينة حلب السورية، وكان والده يملك محلا لبيع ربطات العنق، وأبا لثمانية أطفال بينهم إيلي، فحرص على تربيتهم جميعا تربية دينية تلمودية. الدراسة والتكوين درس كوهين في مدرسة الليسيه، وأصبح يجيد الفرنسية إلى جانب العبرية والعربية، وأبدى اهتماما مبكرا بالديانة اليهودية فالتحق بـ"مدرسة الميمونيين" في القاهرة، ثم عاد إلى الدراسات التلمودية في الإسكندرية تحت رعاية الحاخام موشيه فينتورا حاخام الإسكندرية. التحق إيلي بجامعة القاهرة ليدرس الهندسة الإلكترونية وخرج منها بزعم تعرضه لمضايقات، وانسحب ليتابع دراسته في البيت حيث تمكن من العمل بحرية لأجل الصهيونية، "ولم تعلم العائلة لحسن الحظ بحقيقة كون إيلي مشكوكا في أمره من قبل السلطات المصرية، وكان هذا سر إيلي الأول من بين العديد من أسراره"، على حد تعبير شقيقه. مسار التجسس عمل إيلي كوهين في شبكة تجسس إسرائيلية على مصر تحت قيادة أبراهام دار المعروف بـ"جون دارلينغ"، نفذت سلسلة من التفجيرات ضد مصالح أميركية في الإسكندرية لإفساد العلاقة بين القاهرة وواشنطن، عُرفت لاحقا بـ"فضيحة لافون". وألقي القبض عليه في مصر أكثر من مرة قبل أن يهاجر إلى إسرائيل. وفي كانون الأول 1956 - في أعقاب حرب السويس مباشرة- غادر إيلي كوهين مصر نهائياً، وختم جواز سفره بتأشيرة "سفر بلا عودة". وتوجه كوهين بحراً إلى نابولي في إيطاليا، ومن ثم ركب باخرة إلى ميناء حيفا، وهناك التقطته المخابرات الإسرائيلية وجندته في البداية في إطار الأمن الداخلي، وفي بداية 1960 رشحه للعمل في الخارج إيزاك زالمان أحد كبار مسؤولي "الموساد". وللقيام بتلك المهمة رتبت له المخابرات الإسرائيلية قصة ملفقة يبدو فيها سورياً مسلما يحمل اسم شخص يدعى "كامل أمين ثابت"، هاجر مع عائلته من سوريا إلى الإسكندرية ثم سافر عمه إلى الأرجنتين عام 1946 ليلحق به كامل وعائلته عام 1947. وحرص "الموساد" على إتقان كوهين للهجة السورية ومتابعة أدق أخبار سوريا، وحفظ أسماء رجالاتها في مجالات السياسة والاقتصاد والتجارة، إضافة إلى تدريبه على استخدام جهاز الاتصال اللاسلكي والكتابة بالحبر السري. وعند وصول كوهين إلى العاصمة الأرجنتينية بوينس أيرس كان يحمل معه جواز سفر سورياً يحمل صورته واسم "كامل أمين ثابت"، ويشير إلى أنه من المشتغلين بالتجارة والتصدير. وما لبث باسمه الجديد وهويته الجديدة أن اندمج في أوساط السوريين واللبنانيين الذين يعيشون في بوينس أيرس. وبعد شهور أصبح كامل أمين ثابت صاحب شركة ملاحة وله حسابات متعددة في بنوك الأرجنتين وسويسرا. وبنى كوهين على مدار عامين صورته بوصفه رجل أعمال سورياً ناجحاً، وكون لشخصيته الجديدة هوية لا يرقى إليها الشك، فاكتسب وضعاً متميزاً لدى الجالية العربية هناك باعتباره رجلاً وطنياً شديد الحماس لبلده، وأصبح شخصية مرموقة في بوينس أيرس. بدأ كوهين يدعى إلى احتفالات بعض السفارات العربية وبينها السفارة السورية، وهناك تعرف على الملحق العسكري السوري الجديد العقيد أمين الحافظ وتوثقت الصداقة بين الرجلين، وقـُدّر لاحقا للعقيد الحافظ أن يلعب دورا مهما في دوامة الانقلابات السورية بعد انتهاء الوحدة بين مصر وسوريا بالانفصال، فأصبح "لواء" ثم "فريقا". دخل إيلي كوهين دمشق 1961 فأعلن تصفية نشاطه الاقتصادي بالأرجنتين والاستقرار في سوريا "لدواع وطنية". وخلال فترة التجربة كان الجاسوس الإسرائيلي ضيفا لدى أعلى مستويات القيادة السياسية والعسكرية في سوريا. وبدأت رسائل كوهين إلى قيادة الموساد تقنع رئيسها أيسر هاريل بأنه عثر على كنز في العاصمة السورية، فقد كان يدعى إلى كل حفلات النخبة الحاكمة في دمشق ونواديها، وكان يشترك في كثير من المناقشات السياسية والاقتصادية. وتعرف كوهين على كثير من الضباط والدبلوماسيين وكبار الموظفين، وحتى الوزراء الذين أصبحوا يثقون فيه لقربه من السلطة العليا، ووصل الأمر إلى حد أنه قام أكثر من مرة بزيارة الجبهة السورية ودخل أخطر تحصيناتها في الجولان، وبعين خبير بمهمته فقد كان يعرف المعنى الحقيقي لكل شيء تقع عليه عيناه. وحول ملابسات كشف أمر كوهين قال الكاتب الصحفي محمد حسنين هيكل إن المخابرات المصرية هي التي كشفت حقيقته للمخابرات السورية، بعد أن وصلت إلى القاهرة مجموعة من الصور للفريق أمين الحافظ أثناء زيارته لبعض المواقع في الجبهة السورية، وكما يحدث عادة فقد كلف أحد ضباط الاستطلاع بالتدقيق في الصور وتحديد جميع الأشخاص الظاهرين فيها. وأمام وجه كامل أمين ثابت في وسط الصورة بالقرب من الفريق أمين الحافظ توقف ضابط المخابرات المصري لأنه لم يستطع أن يتعرف على شخصيته، وجرى تكبير صورة الشخص المجهول وعممت على عدد من إدارات المخابرات. وتذكر أحد ضباط هيئة الأمن القومي الذين يعملون في مجال مكافحة النشاط الصهيوني في مصر أن الوجه الذي يراه في الصورة ليس غريبا عليه، وبعد عملية مراجعة وتدقيق اكتشف مذهولا أنه يحدق في صورة وجه "إيلي كوهين" الذي كان تحت المراقبة لنشاطه الصهيوني قبل خروجه من مصر نهاية سنة 1956. جرى التعامل مع الموضوع بحذر شديد، وسافر أحد ضباط المخابرات العسكرية المصرية إلى دمشق حاملا معه ملف كوهين وصوره. وهناك، تم الاتصال بقائد الأمن الداخلي في سوريا العميد أحمد سويداني ووضعت أمامه كل التفاصيل، فقام بوضع كوهين تحت المراقبة، واكتشف بالفعل هوائي جهاز الإرسال الذي يستعمله داخل بيته في دمشق لكي يبعث رسائله إلى قيادة الموساد، ثم استطاع في اليوم التالي دهم كوهين والقبض عليه. تهوّن الروايات الرسمية السورية من قيمة الجاسوس إيلي كوهين وتنفي معرفة أمين الحافظ به سواء في الأرجنتين أو سوريا، وتقول إن ما أرسله إلى إسرائيل كان في معظمه معلومات عامة، وأنه فشل في اختراق القيادات العسكرية والسياسية حسبما يُشاع، واقتصرت علاقاته المُفيدة لنشاطه تقريبا على الضابط معز زهر الدين الذي حُكم عليه بالسجن خمس سنوات، إضافة إلى مدني يُدعى جورج سالم سيف. وعلى النقيض من ذلك؛ تعتبر إسرائيل إيلي كوهين إحدى معجزاتها، وأصدرت طابعا بريديا تذكاريا يحمل اسمه وصورته، ويُعتقد أنها تقف خلف إنتاج الفيلم الأميركي الشهير "جاسوس المستحيل" عام 1987 الذي تم تصويره في إسرائيل. كما أنشأت موقعا إلكترونيا رسميا خاصا به باللغة العبرية. الوفاة وحوكم إيلي كوهين فصدر حكم بإعدامه شنقا وعلنا في ساحة المرجة ونفذ الحكم يوم 18 أيار عام 1965، رغم أن إسرائيل سعت لدى عدد كبير من السياسيين في العالم -بمن فيهم بابا الفاتيكان ورئيس وزراء فرنسا وقتها جورج بومبيدو- محاولة تأجيل تنفيذ حكم الإعدام فيه. وفي التسعينيات اشترطت إسرائيل استعادة رفات كوهين لإجراء محادثات مع سوريا، وراجت أنباء غير مؤكدة تشير إلى أن الرفض السوري للشرط سببه عدم معرفة سلطاتها بمكان الجثة، خصوصا أن مكان دفنها أصبح مجهولا بعد تحريكها من مكانها ثلاث مرات، تفادياً لإمكانية سرقتها من قبل الموساد الإسرائيلي. وذكرت معلومات أخرى بأن كوهين دفن في منطقة المزة بدمشق داخل بئر خُصصت لهذا الغرض، لكن مكان دفنه المفترض تحول إلى مبان وشوارع وحدائق، ولا يستطيع أحد تحديد مكانه أو الوصول إليه. وفي آذار 2016 استغل الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين وجود القوات الروسية في سوريا، ليطلب من نظيره الروسي فلاديمير بوتين التدخل لدى الحكومة السورية لإعادة رفات كوهين. انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة. انضم الآن شاركنا رأيك في التعليقات تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News