
هل أصبحت العلاقات السعودية الأمريكية مكلفة مالياً للرياض؟
بدا واضحا أن البعد الاقتصادي كان على قمة أولويات الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، في زيارته للسعودية التي استهل بها جولته الخليجية أمس.
فقد كان في استقبال ترامب لدى وصوله إلى البلاط الملكي السعودي لفيف من رجال المال والأعمال الأمريكيين، ومن بينهم إيلون ماسك والمديرون التنفيذيون لشركات عملاقة مثل غوغل وأوبن إيه آي ونفيديا وأوبر، وكثير من أقطاب الأعمال الآخرين.
وسبقت النتائج الاقتصادية للزيارة النتائج السياسية، إذ أُعلن عن سلسلة من مذكرات التفاهم والاتفاقات بين البلدين في مجالات عدة، كان أبرزها المجال الدفاعي، وأبرم الجانبان صفقة أسلحة وصفها البيت الأبيض بأنها 'الأكبر في التاريخ' بقيمة تبلغ حوالي 142 مليار دولار لتزويد المملكة بمعدات قتالية متطورة.
كما أعلن البيت الأبيض أن قيمة الاستثمارات التي جرى الاتفاق عليها مع المملكة تزيد عن 600 مليار دولار.
وكان ولي العهد السعودي الأمير، محمد بن سلمان، قد أعلن في يناير/كانون الثاني الماضي عن رغبته في تعزيز استثمارات بلاده وعلاقاتها التجارية مع واشنطن، بقيمة 600 دولار، وتلا ذلك تصريح ترامب بأنه سيطلب من ولي العهد زيادة المبلغ إلى تريليون دولار، معربا عن ثقته في موافقته.
فهل مبلغ التريليون دولار الذي يريده ترامب، أو حتى الـ 600 مليار دولار المعلن عنه حتى الآن، واقعي؟ ومن أين ستأتي هذه الأموال؟ وهل سيتعين على الرياض تغيير خطط إنفاقها أو تأجيل التزامات رؤية 2030 التنموية، أم أن تلك الاستثمارات ستساعد على تنفيذها؟ وكيف ستؤثر استثمارات بهذا الحجم المهول على شراكات السعودية الاقتصادية الأخرى؟
أهمية الاستثمارات للعلاقات بين البلدين
العلاقات الأمريكية-السعودية متجذرة تاريخيا في مجالات النفط والأسلحة والتعاون الأمني، لكن المشهد الآن مختلف. فالمملكة تمر بعملية تحول طموحة تهدف إلى تنويع مصادر اقتصادها بحيث لا تقتصر على النفط، بل تشمل قطاعات أخرى كالسياحة والتكنولوجيا والطاقة النظيفة.
والوفاء برقم ضخم مثل تريليون دولار، أو حتى الست مائة مليار التي جرى الاتفاق عليها حتى الآن وفق البيت الأبيض، من شأنه تعميق العلاقات بين البلدين والتأكيد على الأهمية الاستراتيجية التي توليها واشنطن للملكة، وزيادة نفوذ الرياض لدى واشنطن.
يقول البروفيسور تشارلز دَن أستاذ العلاقات الدولية بجامعة جورج واشنطن والدبلوماسي الأمريكي السابق لبي بي سي نيوز عربي إن ' العلاقات مع المملكة في عهد ترامب [خلال ولايته الأولى] كانت ذات طابع تجاري يقوم على إبرام الصفقات. وأحيانا كان يبذل ترامب جهودا كبيرة للدفاع عن المملكة (من خلال استخدام حق النقض ضد مشاريع قوانين في عام 2018 كانت تهدف إلى وقف مبيعات أسلحة إلى السعودية)، لكنه هاجمهم في 2017 لاتهامهم بأنهم لا يعاملون الولايات المتحدة 'بعدل' لعدم إنفاقهم بما فيه الكفاية على دفاعهم'.
ويضيف تشارلز دَن: 'من الواضح أن المملكة سيتعين عليها أن تبذل جهدا كبيرا لإنجاح العلاقات، من خلال الحرص على البقاء في صف ترامب، رغم أنها لا تعرف في أغلب الأحيان أين يوجد هذا الصف بالضبط، لكن التملق والاستقبال الحافل وإبرام الصفقات ستظل هي الاستراتيجية الأساسية للسعودية'.
أرقام طموحة، صعبة أم مستحيلة؟
تقدر وكالة أنباء بلومبرغ أن خطط ولي العهد السعودي الرامية إلى تنويع الاقتصاد الذي يعتمد على عائدات النفط ستكلف ميزانية السعودية على الأرجح تريليوني دولار.
وتضيف الوكالة في تقرير نشرته الثلاثاء 13 مايو/أيار أن 'عقودا من الحصول على عائدات تزيد عن حجم النفقات الداخلية تركت للسعودية فائضا ضخما تستثمره في الخارج. لكن ارتفاع النفقات الداخلية وانخفاض أسعار النفط عكسا هذا الوضع في الوقت الراهن. صنبور البترودولار لا يزال يضخ كميات مهولة من المال، لكن إعادة تشكيل الاقتصاد السعودي مهمة باهظة التكاليف'.
ويشير التقرير إلى أن خطط الاستثمارات الضخمة، ولا سيما في مدينة نيوم المستقبلية، أدت إلى توسيع نطاق عجز الميزانية السعودية، كما أن تحضيرات المملكة لاستضافة عدة أحداث عالمية مثل كأس العالم لكرة القدم عام 2034 ومعرض أكسبو 2030 قد تصل إلى مليارات الدولارات.
ويقول جون سفكياناكس، الباحث بجامعة كامبريدج وكبير الاقتصاديين بمركز الخليج للأبحاث بالرياض، لبي بي سي نيوز عربي إن 'تريليون دولار رقم طموح ولكنه ليس مستحيلا. أما 600 مليار دولار فهو رقم أكثر واقعية ويتماشى بشكل أفضل مع الواقع المالي الحالي والتزامات رؤية 2030'.
لكن تيم كالين، الباحث الزائر بمعهد دول الخليج العربية في واشنطن، ورئيس بعثة صندوق النقد الدولي إلى المملكة سابقا، فيخبرنا بأن 'العلاقات التجارية والاستثمارات بين الولايات المتحدة والسعودية ستتعمق، لكن تحقيق تريليون دولار في أربع سنوات ليس ممكنا'.
ويشير كالين إلى أن هذا المبلغ يساوي تقريبا 'قيمة أصول صندوق الاستثمارات العامة السعودية ويقترب من نسبة 100% من إجمالي الناتج المحلي للمملكة'، بل إنه لا يعتقد أن استثمارات بقيمة 600 مليار دولار 'قابلة للتحقيق خلال الأعوام الأربعة القادمة في ضوء أسعار النفط الحالية'.
يشار إلى أن أصول صندوق الاستثمارات العامة السعودي تبلغ قيمتها 925 مليار دولار، ولدى الصندوق بالفعل استثمارات عديدة في الولايات المتحدة.
ولكن ربما يكون التريليون دولار مجرد تكتيك تفاوضي، ورقم يضمن أن يتصدر العناوين بهدف طمأنة الأمريكيين بشأن فرص ازدهار اقتصاد بلادهم.
ويقول البروفيسور دَن إن 'ترامب يحب الأرقام الضخمة اللافتة للنظر لأنها تتصدر العناوين إلى جانب اسمه. لذا فالغرض مرتبط جزئيا بالعلاقات العامة. ولكنني أعتقد أنه يأمل أيضا في استخدام هذا الرقم لدفع [السعودية] إلى زيادة استثماراتها بما يتجاوز الـ 600 مليار دولار التي تم التعهد بها بالفعل. تريليون دولار مبلغ في غاية الصعوبة، إن لم يكن مستحيلا، بالنسبة للمملكة، التي تفتقر على ما يبدو إلى الموارد اللازمة، بل إن مبلغ الـ 600 مليار دولار صعب بما فيه الكفاية'.
لكن دَن يلفت إلى أنه ربما يمكن تحقيق ذلك من خلال 'تجميل الأرقام' عن طريق تمديد الفترة الزمنية للاستثمارات واحتساب الصفقات التي قد تكون قيد الإعداد في المستقبل'، إلى جانب 'الوعود العامة بإضافة المزيد من الاستثمارات في المستقبل، وهو ما قد يكون كافيا لإرضاء الرئيس'.
من أين سيأتي التمويل؟
تعتمد قدرة المملكة على الوفاء باستثماراتها مع الولايات المتحدة على عدة مصادر تمويل رئيسية، وتظل عائدات النفط العمود الفقري للاقتصاد السعودي، ويمكن لارتفاع أسعار النفط أن يوفر 'هامشا ماليا أوسع'، على حد تعبير سفكياناكس. لكن استثمارات بهذا الحجم ستحتاج على الأرجح إلى اللجوء إلى صندوق الاستثمارات العامة الذي يواجه بالفعل التزامات ضخمة ضمن مشاريع رؤية 2030. وربما يكون اللجوء إلى الاقتراض خيارا إضافيا، لكنه يحمل في طياته المخاطرة بوضع المزيد من الضغوط على ميزانية المملكة.
هل تعرقل الاستثمارات المطروحة رؤية 2030 أم تخدمها؟
تشمل مجالات الاستثمارات المطروحة بين الولايات المتحدة عدة قطاعات استراتيجية. وبينما لا يزال قطاع الدفاع يحتل موقعا بارزا، كما يتضح من الصفقة المشار إليها آنفا، فإن الأجندة الاقتصادية تشمل كذلك التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي والطاقة والرعاية الصحية والبنية التحتية، وكذلك البنية التحتية الرقمية مثل الرقائق الإلكترونية ومراكز البيانات.
ورغم أن جزءا من هذه الاستثمارات يصب في رؤية 2030، فإن كالين يرى أن السعودية 'ستواجه تحديا للوفاء باستثماراتها الداخلية والاستثمار في الولايات المتحدة في نفس الوقت، إذا ظلت أسعار النفط عند المستويات الحالية'.
ويتفق معه سفكياناكس، الذي يرى أن 'إعادة تخصيص أموال بهذا الحجم قد تؤدي إلى إبطاء أو تقليص المشاريع المحلية، لا سيما في مدينة نيوم وغيرها من المشروعات الضخمة، إلا إذا تم التعويض عن ذلك من خلال عائدات نفطية كبيرة أو تمويل خارجي'.
هل تؤثر الاستثمارات على استراتيجية التنويع الاقتصادي؟
أبرمت السعودية اتفاقات تعاون اقتصادية مع العديد من الدول كالصين والهند وكوريا الجنوبية وفرنسا واليابان وبريطانيا، في مجالات كالطاقة المتجددة والبنية التحتية والذكاء الاصطناعي والرعاية الصحية والسياحة، وذلك في إطار استراتيجيتها الرامية إلى تنويع شراكاتها الاقتصادية.
فهل من الممكن أن يكون للاستثمارات الضخمة مع الولايات المتحدة تأثير سلبي على تلك الاستراتيجية وعلى علاقة المملكة ببعض الدول؟
يقول الخبير الاقتصادي سفكياناكس إن 'الإفراط في الالتزام بالاستثمار مع الولايات المتحدة قد يؤدي إلى توتر العلاقات مع الصين ودول أخرى، بيد أن واشنطن تظل الحليف الجيوسياسي والعسكري الأقوى للرياض. ومع ذلك، لا أرى أن ذلك سيقوض أهداف التنويع الاقتصادي أو الاستراتيجية الاقتصادية غير المنحازة. المملكة تستخدم أوراقها بالطريقة الصحيحة'.
وقد يتساءل بعضهم عما إذا كان من الحكمة أن تربط المملكة قرارات تتعلق باستثمارات ضخمة بإدارة أمريكية بعينها – وتوتر العلاقات بين واشنطن والرياض خلال فترة رئاسة جو بايدن بعد انتعاشها خلال رئاسة ترامب الأولى خير شاهد.
يقول سفكياناكس: 'يعتمد الأمر على مدة بقاء الجمهوريين في البيت الأبيض. ولكن حاليا، لا يزال أمام الرئيس ترامب ثلاث سنوات طوال في الحكم'.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


النهار
منذ ساعة واحدة
- النهار
دونالد ترامب الابن: ربما أسعى للترشح للرئاسة يوماً ما
قال دونالد ترامب الابن، وهو الابن الأكبر للرئيس الأميركي، اليوم الأربعاء إنه ربما يسعى للترشح لانتخابات الرئاسة يوما ما. وتلقى ترامب البالغ 47 عاما سؤالا في منتدى قطر الاقتصادي بالدوحة عما إذا كان سيترشح "ويتسلم زمام الأمور" بعد أن يغادر والده المنصب. وقال: "الإجابة هي لا أعرف، ربما في يوم من الأيام... سأكون دائما من أشد المدافعين عن تلك الأشياء"، في إشارة إلى مبادئ تيار "لنجعل أميركا عظيمة مجددا" الذي أسسه والده. وبرزت قوة دونالد ترامب الابن في مجال السياسة، إذ ذكرت رويترز في تشرين الثاني/ نوفمبر أنه كان أكثر أفراد العائلة نفوذا في الفترة الانتقالية حينما كان والده يشكل الحكومة ويستعد للعودة إلى البيت الأبيض. ويعتمد الرئيس الأميركي، الذي يثمن غاليا صفة الولاء، على أفراد عائلته في المشورة السياسية. وذكرت مصادر أن دونالد ترامب الابن ساهم في تعزيز أو تقليل فرص المرشحين للانضمام إلى الحكومة، بما في ذلك دعمه لنائب الرئيس الحالي جيه.دي فانس كمرشح للمنصب خلال الحملة الانتخابية ومنع وزير الخارجية السابق مايك بومبيو من الانضمام إلى الحكومة. وقال ترامب الابن: "أرى أن والدي غير الحزب الجمهوري حقا، أعتقد أنه أصبح حزب أمريكا أولا، و(يتبنى بشدة مبادئ) لنجعل أمريكا عظيمة مجددا". وأضاف: "لأول مرة على الإطلاق، أصبح لدى الحزب الجمهوري بالفعل مجموعة من أشد المؤيدين لسياسة أميركا أولا". وعلى صعيد منفصل قال ترامب الابن اليوم الأربعاء خلال الفعالية نفسها إن مؤسسة ترامب، التي يشغل منصب نائب رئيسها التنفيذي، لا تعمل مع كيانات حكومية. وأبرمت عائلة ترامب اتفاقيات تجارية بمليارات الدولارات في دول الخليج، وهي خطوات يقول الديمقراطيون وغيرهم من المنتقدين إنها قد تفتح الباب أمام التأثير على قرارات الرئيس. وركزت زيارة الرئيس الأميركي إلى السعودية وقطر والإمارات الأسبوع الماضي على إبرام اتفاقيات تجارية كبرى من تلك الدول الغنية بالنفط.

المدن
منذ ساعة واحدة
- المدن
إنفوغراف: صناعة المجوهرات في لبنان تتحدى أسعار الذهب
باتت صناعة المجوهرات في لبنان شبيهة ببطاقة هوية للبنانيين، خصوصاً أن هذه الصناعة تعد مصدراً هاماً لإيرادات الدولة، بعدما باتت المجوهرات تتصدر قائمة الصناعات اللبنانية المصدرة إلى الخارج. وتظهر البيانات، بأن صناعة المجوهرات تشكل ما يقارب 30 في المئة من إجمالي الصادرات اللبنانية، كما يظهر بأن أكثر من 90 في المئة من الإنتاج السنوي للمجوهرات يتم تصديره إلى الخارج. بين النمو والتراجع في العام 2020 صدّر لبنان من المجوهرات ما يقارب المليار و400 مليون دولار، وخلال 2021 بلغت قيمة الصادرات ما يقارب من مليار و17 مليون دولار، قبل أن تنخفض في العام 2022، لتبلغ 752 مليون دولار بسبب الظروف السياسية حينها للبنان وفق بيانات صادرة عن مرصد التعقيد الاقتصادي. وبسبب الحرب استمرت الأرقام بالتراجع حتى بلغ حجم تصدير المجوهرات عام 2024 نحو 572 مليون دولار فقط لكنها بقيت في صدارة الصادرات اللبنانية إلى الخارج على الرغم من التراجع الكبير. وعلى الرغم من التراجع نسبيا ًفي قيمة تصدير المجوهرات، إلا أنها تبقى في أعلى قائمة المنتجات والسلع المصدرة، وتدخل إيرادات مالية لا يستهان بها إلى لبنان. ويتحدث أيمن الحلبي مؤسس محال الحلبي للمجوهرات، عن واقع القطاع فيقول لـ"المدن": يعتمد الكثير من صناع المجوهرات على بيع إنتاجهم إلى الخارج، في ظل ضعف القدرة الشرائية لاقتناء المجوهرات". وهنا يلفت الحلبي بأن غياب اقتناء المجوهرات من الجانب اللبناني لا يعني أن اللبنانيين تخلوا نهائياً عن شراء الذهب، بل حولوا أموالهم إلى سبائك ذهبية وليس إلى مجوهرات، بعد انهيار قيمة الليرة اللبنانية. يضيف الحلبي "ساعدت عوامل عديدة في إقبال الدول العربية وحتى أوروبا وأميركا على استيراد المجوهرات في لبنان، من ضمنها التصاميم المستخدمة، التي وصلت إلى العالمية، من جهة، ومن جهة ثانية، فإن الأسعار التنافسية التي يقدمها الصناعيون في لبنان مقارنة مع الأسعار في الدول الأخرى، تعد عامل جذب". والأحجار الكريمة لا تقف حدود تصدير المجوهرات على الصناعات الذهبية فقط، بل تشمل أيضاً الأحجار الكريمة، واللؤلؤ وغيرها من المجوهرات الثمينة، وتظهر أرقام أعدتها مؤسسة Statista إلى أن صناعات المجوهرات سواء بحالتها الطبيعية (ذهب من دون إضافة أي أحجار كريمة) أو مع الأحجار الكريمة تنمو بشكل كبير في لبنان. وتتوقع المؤسسة أن تبلغ قيمة إيرادات سوق المجوهرات ما يقارب من 78.44 مليون دولار بحلول عام 2025. ومن المتوقع أن يشهد السوق معدل نمو سنوي قدره 4.67 في المئة بين عامي 2025 و2029. ماذا عن ارتفاع أسعار الذهب؟ مع بلوغ أسعار الذهب مستويات قياسية بعد قرارات الرئيس الأميركي دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية، والتغيرات الجيوسياسية الحاصلة، تطرح علامات استفهام حول إمكانية محافظة صناعة المجوهرات على بريقها في لبنان وتصدّرها قائمة التصدير لاعتبارات عديدة، من ضمنها ارتفاع أسعار السبائك الذهبية من جهة، وقدرة الصناعيين في لبنان على شراء المواد الخام وإعادة تصنيعها وتشكيلها وبيعها. ويشير تقرير لوكالة رويترز نشر مؤخراً بأن الكثير من المتسوقين حول العالم قد ينصرفون عن شراء المجوهرات المصنوعة من الذهب، والتوجه بدلاً من ذلك إما الى الألماس أو أنواع أخرى من الأحجار الكريمة، بسبب انخفاض أسعارها مقارنة مع أسعار الذهب. في ظل سيناريو تغيير أذواق المستهلكين عالمياً، والانصراف عن شراء المجوهرات، فإن ذلك سيؤدي حتماً إلى تراجع قيمة الصادرات اللبنانية، غير أن تاجر مجوهات آخر لا يعتقد بأن هذا التغيير في سلوك المستهلكين سينعكس سلباً وبشكل كبير على صناعة المجوهرات. وبحسب التاجر، هناك فئة من أصحاب الأموال لديها أسلوب خاص في اقتناء المجوهرات، قد تتوقف لفترة مؤقته عن شراء المجوهرات، ومن ثم تعود لشرائها مجدداً، خصوصاً أن الاتجاه العالمي لأسعار الذهب يشير إلى إمكانية ارتفاع الأسعار بشكل أكبر حتى نهاية 2025. ويُجمع العديد من تجار المجوهرات بأن الذهب لا يزال يحظى بجاذبية قوية كملاذ آمن لدى المتسوقين، وإن تراجعت حركة شراء الذهب المُصاغ لفترة محدودة إلا أن شراء الذهب الخالص، أي السبائك بمختلف أحجامها، ارتفع مؤخراً بشكل لافت. ويرى بعض التجار بأن حصول أي انخفاض في عمليات شراء المجوهرات عادة ما تكون قصيرة الأجل حيث يتكيف المستهلكون مع النطاق السعري الجديد.


ليبانون ديبايت
منذ 2 ساعات
- ليبانون ديبايت
ترامب الإبن يسعى لخلافة والده... ودخول "الحياة السياسية"
ألمح دونالد ترامب الابن إلى إمكانية دخوله معترك السياسة في المستقبل، وربما السعي لخلافة والده، الرئيس الأميركي دونالد ترامب، في رئاسة الولايات المتحدة. وفي تصريح لافت خلال مشاركته في منتدى قطر الاقتصادي، نقلته وكالة "بلومبرغ"، قال ترامب الابن: "لا أدري، ربما أسعى في يوم من الأيام إلى دخول الحياة السياسية، وربما خلافة والدي في منصب الرئاسة". وأضاف، "أعتقد أن والدي غيّر فعلًا الحزب الجمهوري، أصبح الآن حزب أميركا أولًا، أو حزب MAGA، أيًّا كان ما تفضّلون تسميته". ورغم ندرة حديثه العلني عن طموحاته السياسية، برز ترامب الابن كلاعب فاعل في الساحة السياسية الأميركية، من خلال مشاركته الفاعلة في الحملات الانتخابية لوالده، وظهوره المتكرر على وسائل الإعلام، فضلًا عن إلقائه خطابًا رئيسيًا خلال المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري. من جانبه، لا يزال ترامب الأب يلمّح إلى احتمال الترشّح لولاية رئاسية جديدة في عام 2028، رغم تحديد الدستور الأميركي بفترتين رئاسيتين فقط، وهو ما يثير تساؤلات قانونية ودستورية في حال سعيه لذلك. وفي الولاية الأولى لترامب، لعبت ابنته إيفانكا وصهره جاريد كوشنر دورًا محوريًا كمستشارين في البيت الأبيض، بينما تراجع حضورهما بشكل ملحوظ خلال الولاية الثانية، في وقتٍ تصاعد فيه نفوذ دونالد الابن داخل الدائرة الضيقة المحيطة بالرئيس. وفي غياب أي منصب رسمي له داخل الإدارة، برز ترامب الابن كرجل أعمال وناشط سياسي محافظ. فقد انضم إلى شركة "1789 كابيتال"، وهي شركة استثمارية أنشأها المستثمر عميد مالك، وتركّز على دعم الشركات ذات التوجهات المحافظة. كما أدى دورًا في دفع ترشيح السيناتور جيه دي فانس لمنصب نائب الرئيس، ضمن جهود الحزب الجمهوري لترسيخ تيار "أميركا أولًا". وخلال كلمته في منتدى الدوحة، توجّه ترامب الابن بإشادة لبيئة الاستثمار في دول الخليج، قائلاً: "الناس هنا يعملون بجد، ولا يتعاملون مع مناخ تنظيمي خانق كما هو الحال في أوروبا الغربية"، في انتقاد لاذع للبيروقراطية الأوروبية. وأشار إلى أنّ البيئة الاستثمارية في الخليج تُعدّ جاذبة لرؤوس الأموال، مقارنة بما وصفه بـ"المناخ التنظيمي المُعقّد" في دول الغرب الأوروبي، في تأكيد على تحوّل اهتمام بعض روّاد الأعمال المحافظين نحو الأسواق الخليجية.