
كيف وصلت أزمة الأرز في اليابان إلى هذا الحد؟
يُعد الأرز أساسيا للثقافة والتقاليد والسياسة في اليابان. ويفتخر المواطنون بحبوب الجابونيكا اللزجة بيضاوية الشكل، التي مازالت عنصرا غذائيا أساسيا على الرغم من تراجع إجمالي الاستهلاك على مدار عقود.
ولكن منذ الصيف الماضي، ارتفعت الأسعار حيث انخفضت الإمدادات مقارنة بالطلب. ويشار إلى أن الحكومة لطالما دفعت للمزارعين مبالغ من المال لتقليص مساحة الأرز والتحول لزارعة محاصيل أخرى لإبقاء أسعار الأزر مرتفعة نسبيا.
ومن أجل التعامل مع انخفاض الإمدادات هذا العام، أطلقت الحكومة احتياطيات الأرز. ولكنها تصل ببطء إلى أرفف المتاجر. ودفع الغضب إزاء ذلك الأمر وزير الزراعة لتقديم استقالته مؤخرا.
ويشعر المستهلكون بالإحباط، ويتساءلون أين ذهب الأرز؟ ولماذا استقال وزير الزراعة؟
وكان وزير الزراعة تاكو إيتو قد قدم استقالته الأربعاء الماضي بعدما أثار ضجة بقوله إنه " لم يضطر مطلقا لشراء الأرز" لأن أنصاره يقدمونه له كهدية.
واعٌتبر هذا التصريح منفصلا تماما عن واقع المواطنين العاديين الذين يكافحون لتلبية احتياجاتهم وتحمل تكلفة شراء الأرز. وقدم إيتو اعتذاره، ولكنه اضطر للاستقالة في إطار محاولة احتواء الآثار السلبية لتصريحه من جانب رئيس الوزراء شيجيرو إيشيبا، الذي تواجه حكومته الأقلية تحديا كبيرا مع اقتراب الانتخابات العامة الحاسمة في يوليو المقبل.
وتولى منصب وزير الزراعة خلفا لإيتو وزير البيئة السابق شينجير كويزومي، الذي شارك في إصلاح جماعة الضغط الزراعية القوية في اليابان. وتم تكليفه بالتحقيق في مشكلة الأرز وحلها.
ويشار إلى أن الأرز بدأ في الاختفاء من أرفف المحال التجارية، وارتفعت الأسعار لتصبح ضعف المستويات الطبيعية منذ الصيف الماضي، عندما أثار تحذير بشأن "زلزال كبير" محتمل موجة من الشراء بدافع الذعر.
وانخفض احتياطي الأرز في الجمعيات التعاونية الزراعية في اليابان وتجار الجملة التجاريين بواقع 400 ألف طن مقارنة بمستويات العام الماضي، لتصل إلى مستوى منخفض قياسي بلغ 53ر 1 مليون طن منذ يونيو الماضي، حسبما أظهرت بيانات وزارة الزراعة.
وتعهد إيشيبا بخفض متوسط سعر الأرز إلى نحو 3000 ين (20 دولارا) لكل خمس كيلوغرامات.
وقال إيشيبا خلال جلسة استجواب برلمانية لدى سؤاله عن كيف ستحل حكومته المشكلة " نحن لا نعلم لماذا لم نتمكن من خفض الأسعار". وأضاف " سوف نقوم أولا بتحديد حجم الأرز الموجود وأين يوجد".
واعترف أن الإجراءات الحالية لا تحقق فائدة، كما قال إن المشكلة تعود إلى "المشاكل الهيكلية" في سياسة الحكومة الخاصة بالأرز.
ويقول الخبراء إن الشراء بدافع الذعر خلال الصيف الماضي فاقم من المشاكل القائمة. وساهم الارتفاع الحاد في السياحة وزيادة وتيرة تناول الطعام في الخارج في زيادة الطلب.
وبدأ بعض الأشخاص في تناول الكثير من الأرز بعدما ارتفعت أسعار الخبز والشعرية سريعة التحضير عندما أدت الحرب الروسية-الأوكرانية لارتفاع أسعار القمح. كما أن حصاد عام 2023 كان قليلا نسبيا بسبب الطقس الحار والآفات.
وتتسم سلسلة إمداد الأرز في اليابان بالتعقيد. ومازال معظم المزارعين يقومون ببيع أرزهم في نظام تقليدي تديره الجمعيات التعاونية الزراعية اليابانية، وهي مجموعة مصالح قوية تربطها علاقة وثيقة بالحزب الديمقراطي الليبرالي الحاكم.
ولكن حصة متزايدة يتم بيعها من خلال شركات أخرى وعبر شبكة الانترنت، مما يجعل من الصعب تعقب الإمدادات والاسعار، حسبما قال ماسايوكي كاناموري، المسؤول التنفيذي بالاتحاد العام للجمعيات التعاونية الزراعية.
وقال كاناموري إن النقص في الأرز فاجأ الجمعيات التعاونية الزراعية.
وتواجه وزارة الزراعة انتقادات لإرجاء إطلاق احتياطيات الأرز الطارئة، التي عادة ما يتم الاحتفاظ بها من أجل الكوارث، ولسوء تقديرها للتوازن بين الطلب والإمدادات. وحتى الآن، وصل 10% فقط من احتياطيات الأرز التي تم إطلاقها للأسواق، مما أثار تساؤلات بشأن ما يحدث.
وأعلن وزير الزراعة الجديد كويزومي عن خطط للتحول إلى عقود الحكومة الطوعية للأرز من أجل سيطرة أفضل للأسعار ورفع الحد للمبيعات المقبلة.
وربما يكون من بين المشاكل الافتقار للقدرة الكافية على الطحن لتحويل احتياطي الأرز البني المحفوظ إلى أرز أبيض نقي يفضله اليابانيون. ولكن آخرين اتهموا بعض تجار الجملة بتخزين الأرز لإبقاء الأسعار مرتفعة.
وقال كازوهيتو ياماشيتا مدير الابحاث في معهد كانون للدراسات الدولية إن الحكومة حتى الآن لم تقم بمجهود كاف للتحقيق، كما أنها تقاوم إطلاق الاحتياطيات، خوفا من انخفاض الأسعار.
وأضاف أنه كان يمكن أن تتجنب اليابان المشكلة من خلال السماح بزراعة المزيد من الأرز وتصدير المزيد إذا كان هناك فائض.
من ناحية أخرى، يقول المزارعون الذين يحاولون مواجهة التكاليف المرتفعة إن الأسعار ليست مرتفعة للغاية.
وفي النهاية، ستحتاج اليابان للتوصل لاستراتيجية طويلة المدى حيث إن متوسط أعمار المزارعين 69 عاما، كما أن تعداد السكان من المزارعين انخفض بواقع النصف على مدار العقدين الماضيين إلى 1ر1 مليون خلال عام 2024.
وتقول هيرومي اكابا، التي تعيش في كاواساكي بالقرب من طوكيو إنه ليس أمامها خيار إلا شراء الأرز بالأسعار المرتفعة الحالية، ولكنها أضافت" في حال استمر الوضع هكذا، سوف نتوقف عن أكل الأرز. هذا يمكن أن يؤدي للتحول بعيدا عن استهلاك الأرز".
كما تقوم الكثير من المتاجر بمنح المستهلكين كيسا واحدا من الأرز في كل زبارة للمتاجر.
وبغض النظر عن سبب النقص، فإنه يتعين على تجار التجزئة إعادة الأرز للأرفف، لذلك يتحول البعض إلى الواردات من الأرز، التي لا تحظى عادة بشعبية لدى المتسوقين اليابانيين المتشددين في اختياراتهم.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


البيان
منذ 4 ساعات
- البيان
أسعار الأرز تسجل رقما قياسياً جديداً.. تسارع التضخم في اليابان
ارتفعت أسعار المستهلكين الأساسية في اليابان باستثناء الأغذية الطازجة المتقلبة خلال أبريل، بنسبة 3.5% عن نفس الشهر من العام السابق، بسبب انخفاض دعم الحكومة اليابانية للمرافق العامة وارتفاع أسعار الأرز،.وقالت بيانات رسمية إن المقياس الرئيس للتضخم بقي عند أو أعلى من هدف بنك اليابان البالغ 2% منذ أبريل 2022. وأشارت البيانات إلى زيادة أسعار الطاقة بنسبة 9.3%، مع ارتفاع فواتير الكهرباء 13.5% والغاز المنزلي 4.7%. وأعادت الحكومة دعم فواتير الكهرباء والغاز المنزلي مع استمرار معاناة الأسر من ضغوط تكاليف المعيشة، لكنها خفضتها في أبريل. وارتفعت أسعار المواد الغذائية، باستثناء الطازجة، بنسبة 7%، لتبقى مساهماً رئيسياً في تحليق الأسعار بشكل عام، حيث سجلت أسعار الأرز رقماً قياسياً جديداً للشهر السابع على التوالي بقفزة بلغت 98.4% وسط استمرار نقص المعروض. وارتفعت أسعار السلع المنزلية المعمرة 6.4%، مدفوعة بالطلب القوي على مكيفات الهواء بسبب التوقعات بصيف حار، وأسعار الخدمات، التي يراقبها البنك المركزي الياباني عن كثب عند اتخاذ قرار بشأن السياسة النقدية لأنها غالباً ما تعكس الزيادات في الأجور، بنسبة 1.3% في أبريل، بانخفاض طفيف عن 1.4% في مارس، ويرجع ذلك جزئياً إلى تأثير الدعم الحكومي لرسوم المدارس الثانوية. ورجح خبراء أن يستمر ارتفاع أسعار الأرز في دفع الأسعار في قطاع الخدمات، الذي يشمل قطاع المطاعم، مما يدعم رفع بنك اليابان المركزي أسعار الفائدة إذا حققت اليابان نتيجة إيجابية في مفاوضات الرسوم الجمركية مع الولايات المتحدة.


صحيفة الخليج
منذ 8 ساعات
- صحيفة الخليج
كوريا الجنوبية قلقة من حظر الصين الملاحة في البحر الأصفر
سيؤول - أ ف ب أبدت كوريا الجنوبية السبت، للصين «قلقها»، بعدما أعلنت بكين حظر الملاحة البحرية، مؤقتاً، في إحدى مناطق البحر الأصفر. وكانت مجلة «نيوزويك» الأمريكية ذكرت الأربعاء، أن الصين حظرت الملاحة البحرية حتى 27 مايو/ أيار الجاري، في منطقة من البحر الأصفر، حيث تتداخل المناطق الاقتصادية الخالصة للصين وكوريا. وأعلن عن الحظر الذي يمنع السفن الأجنبية من دخول المنطقة المعنية، قبل إجراء «تدريب عسكري»، على ما نقلت وسائل إعلام في كوريا الجنوبية عن وكالة المحيطات التابعة لسيول. وأشارت وزارة الخارجية الكورية الجنوبية السبت، إلى أن «إقامة الصين منطقة محظورة على الملاحة يثير القلق». وأضافت«أعربت سيؤول للصين عن هذا القلق عبر القنوات الدبلوماسية» وتنوي التحقق مما إذا كان الإجراء الصيني يتوافق مع القانون البحري الدولي. ورأت وسائل الإعلام في كوريا الجنوبية في هذا الإجراء المؤقت محاولة صينية لتوسيع نطاق نفوذها في البحر الأصفر. وبنت بكين ثلاث منشآت يعتقد أنها «لتربية الأسماك» في المنطقة المعنية بالحظر، بحسب مجلة «نيوزويك».


صحيفة الخليج
منذ 8 ساعات
- صحيفة الخليج
بعد منع هارفرد من قبولهم.. هونغ كونغ تفتح جامعاتها أمام «الطلاب الأجانب»
هونغ كونغ- أ ف ب أعلنت هونغ كونغ، أنها ستفتح جامعاتها لمزيد من الطلاب الأجانب خاصة ممن تأثروا بقرار الحكومة الأمريكية منع جامعة هارفرد العريقة من قبول أجانب. وأتى التصعيد الكبير في المواجهة بين الرئيس الجمهوري دونالد ترامب، والجامعة العريقة فيما التوتر على أشده أيضاً بين واشنطن وبكين بشأن التجارة ومسائل أخرى. وأدخل قرار ترامب الخميس، الذي علقته مؤقتاً قاضية، بعد شكوى تقدمت بها هارفرد، آلاف الطلاب الأجانب في المجهول. والجمعة، دعت وزيرة التربية في هونغ كونغ كريستين شوي الجامعات في المدينة الصينية إلى استقبال «عدد كبير من الطلاب من أرجاء العالم». وقالت في بيان: «بالنسبة للطلاب الأجانب الذي تأثروا بسياسة قبول الطلاب في الولايات المتحدة، فإن مكتب التربية وجه نداء إلى الجامعات في هونغ كونغ لاعتماد تدابير تسهيلية للطلاب الذين تتوافر فيهم الشروط». ودعت جامعة هونغ كونغ للعلوم والتكنولوجيا الجمعة، الطلاب الأجانب المسجلين في هارفرد إلى مواصلة دراستهم في صفوفها، واعدة بـ«تدابير قبول مبسطة، ودعم أكاديمي لتسهيل العملية الانتقالية للمهتمين». وتحتل هارفرد المرتبة الأولى في تصنيف «يو أس نيوز أند وورلد ريبورت» لأفضل الجامعات، في حين تأتي جامعة هونغ كونغ للعلوم في المرتبة 105 من أفضل أكثر من 2000 جامعة.