logo
من الرياض.. هنا دمشق..

من الرياض.. هنا دمشق..

عكاظمنذ 3 ساعات

في 2 نوفمبر 1956، سجّل التاريخ أحد أجمل مواقف الأخوّة القومية والوحدة العربية؛ فبعد قصف العدوان الثلاثي، المكون من بريطانيا وفرنسا وإسرائيل، الإذاعة المصرية، أذاع المذيع السوري عبدالهادي بكار المقولة الأيقونية «من دمشق.. هنا القاهرة» -«هنا القاهرة» هي العبارة الافتتاحية للإذاعة المصرية والمقطع متوفر في يوتيوب- وما قامت به السعودية منذ سقوط النظام السوري لأجل سوريا هو تجسيد أيقوني للأخوة والوحدة العربية؛ فالحكام الجدد في سوريا لهم خلفية جهادية وجماعتهم محظورة دولياً، وكانت هناك مكافأة أمريكية 10 ملايين على رأس أحمد الشرع، ولذا كان الموقف العالمي المتوقع هو مقاطعة النظام السوري الجديد ووضع عقوبات إضافية عليه كما حصل مع أفغانستان بعد تولي طالبان الحكم، لكن ما غيَّر هذا التوقع هو تضامن السعودية مع سوريا، حيث قامت السعودية منذ أول يوم بمدِّ جسر من المساعدات الإغاثية والخدماتية، وضغطت بالمحافل الدولية ولدى دول العالم لتقبل النظام الجديد في سوريا ورفع العقوبات عنها، ونجحت في جهودها هذه التي توجت في زيارة الرئيس الأمريكي للسعودية بمقابلته للرئيس السوري وإعلانه رفع العقوبات عن سوريا، كما قامت السعودية بسداد الديون المتأخرة لسوريا لدى البنك الدولي، وكل هذه مكاسب عودة سوريا للحضن العربي، والشعب السوري رد الجميل عبر حساباتهم بمواقع التواصل التي امتنوا فيها للموقف السعودي الأخوي، والرئيس السوري شكر السعودية بخطابه وأضاء جبل قاسيون بدمشق بعبارة «شكراً السعودية»، مما جدد مبدأ الأخوة والوحدة العربية؛ التي للأسف ضمرت مؤخراً وحلت محلها الشحناء والحزازيات بين الشعوب العربية التي سببها أشخاص بشخصيات سامة نشروا سمومهم بمواقع التواصل بتهييج الشوفينية/‏ ‏العنجهية/‏‏ العنصرية/‏‏ التكبر والعدوانية/‏ ‏المتعصبة بالانتماء الوطني، ولذا التوقف عند مواقف التضامن والمساندة والمساعدة بين الدول العربية والإشادة بها كتجسيد للأخوة العربية له أهمية إضافية في تنقية الأجواء من سموم الشوفينية وتجديد مشاعر الأخوة والوحدة العربية، وقوة العرب هي بوحدتهم وتضامنهم وليس بتفرقهم وتناحرهم، وقد كشفت مصادر صحفية أن كثيراً من الحسابات التي تثير النعرات العنصرية/‏‏ الشوفينية بين الشعوب العربية وتحرض العرب على معاداة بعضهم خلفها وحدة إسرائيلية استخباراتية من المستعربين اسمها الوحدة 8200 «صحيفة الرياض الخميس 15 شوال 1442»، وهناك فارق جذري بين الوطنية وهي شعور إيجابي ينبع من الوفاء للوطن وبين الشوفينية وهي شعور سلبي ينبع من الشعور العنجهي العدواني العنصري والمتكبر ضد كل من هم ليسوا من الوطن وبقدر ما ينشر صاحبه من بغضاء وتحريض وعدوانية وعنصرية وعنجهية ضد الآخرين بقدر ما يعتبر نفسه صار وطنياً، لذا جوهر الشوفينية هو البغضاء، بينما جوهر الوطنية الحب، ولذا الوطنية تجعل الشخص إيجابياً، بينما الشوفينية تجعله شخصاً سلبياً ساماً، وسيادة خطاب الشوفينية دليل على غياب دور القيادات الفكرية عن فضاء مواقع التواصل التي يفترض أن يكون لهم فيها دور في ترشيد الاتجاهات العامة وتنقيتها من النزعات السلبية كالشوفينية وتكريس الأخوة والوحدة العربية، وأهم ما يكرس مبدأ الأخوة والوحدة العربية ويضاد تيار الشوفينية هو الإشادة بمواقف التضامن والمساندة والمساعدة العربية من منظور الأخوة والوحدة وليس من منظور المنّ والتكبر على الإخوة العرب بالمساعدات التي بذلت لهم وإرادة إشعارهم بالدونية مما يتضمن إهانتهم وإذلالهم، وهذا يولد ردة فعل دفاعية سلبية لدى الأطراف الأخرى وتكبر كرة التحريض الشوفيني حتى تصل إلى أرض الواقع وتؤدي إلى تعامل الأفراد مع بعضهم بشكل سيئ على أرض الواقع لدرجة ارتكاب جرائم كراهية.
أخبار ذات صلة

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

السيادة تعود من بوابة الخروج
السيادة تعود من بوابة الخروج

الشرق الأوسط

timeمنذ 28 دقائق

  • الشرق الأوسط

السيادة تعود من بوابة الخروج

في المرحلة الأخيرة من ولايته الرئاسية، استقبل الجنرال ميشال عون الزعيم الفلسطيني إسماعيل هنية. دخل هنية قصر بعبدا محاطاً برجال لا يرتدون ثياباً رسمية، ولا يحملون ألقاباً، أو مراتب رسمية. يوم الأربعاء الماضي جاء الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى بيروت في زيارة رسمية تستغرق ثلاثة أيام. كان في استقباله الرئيس جوزيف عون، وكان كل شيء رسمياً: الفرقة الموسيقية الرئاسية، النشيدان الوطنيان، البذلات الرسمية، والخطب المدونة. كل خطوة كان مبالغاً في «رسميتها»، ودقيقة في مودتها. جاء الرئيس محمود عباس لينهي العلاقة بين «الفصائل»، ويقيم علاقة بين «دولتين»، مهما كان ينقصهما من معالم السيادة. ومع لحظة الوصول، كان الرجلان يعلنان إبطال ستة عقود من «اتفاق القاهرة (1969)» الذي جرد لبنان من كرامته بوصفه دولة، ولم يمنح فلسطين حقها في كونها وطناً. فتح «اتفاق القاهرة» الباب أمام قيام سلطتين أضعفهما اللبنانية. لم تحاول منظمة التحرير مساعدة اللبنانيين في حفظ ماء الوجه. وسوف يقول أبو عمار فيما بعد إنه حكم لبنان 12 عاماً. بعد المنظمة دخلت سوريا، وبعدها إيران. والآن يدور جدل حاد مثل السبعينات: السلاح للدولة أم للمقاومة؟ تبدو خطوة أبو مازن على هذه الحلبة أبعد من حبالها. للمرة الأولى تتخلى فلسطين اللبنانية عن دورها العسكري، ولا يبقى ممنوعاً على اللبناني أن يسأل الفلسطيني عن هويته، ويظل مسموحاً للفلسطيني أن يقيم دولته ضمن الدولة. لماذا هذا القرار بالغ الأهمية الآن؟ هل هو جزء من ترتيبات القيادة في فلسطين، أم هو انعكاس لترتيبات المنطقة برمّتها، أم هو مسألة تخص الوجود العسكري الفلسطيني في لبنان، خصوصاً بعد المتغيرات الهائلة في سوريا؟ ربما الثلاثة معاً. فالسلطة الفلسطينية لا تبدو أقل حماسةً من الحكومة اللبنانية في منع «حماس» من إشعال فتائل الحرب كلما شاءت ذلك. وكلام الرئيس عون في هذا الجانب مطابق حرفياً لكلام الرئيس عباس. وحتى اللهجة المتفائلة كانت واحدة. أدرج الرئيس اللبناني إيقاعاً سريعاً على العمل السياسي: من زيارات رسمية متلاحقة، وحركة داخلية غير مسبوقة، وأسلوب في العمل غير مألوف على الإطلاق، يضاف إليه دور القيادة اللبنانية الأولى، حيث يكون ممكناً، وتسمح به التقاليد. صورة مناقضة تماماً للرئيس السابق، وسنوات الضياع.

فرنسا: مبادئ ومشاعر غاي
فرنسا: مبادئ ومشاعر غاي

الشرق الأوسط

timeمنذ 28 دقائق

  • الشرق الأوسط

فرنسا: مبادئ ومشاعر غاي

إذا كنت تحت ضغط لفعل شيء ما ولكنك تعلم أنك لا تستطيع فعل أي شيء، فماذا تصنع؟ حسنٌ، لا تفعل شيئاً، ولكن لكي تبدو كأنك تفعل شيئاً ما، فإنك تتذرع بالمبادئ السامية والمشاعر الكبرى. وهذا هو ما يفعله الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ووزير خارجيته جان نويل بارو، بطريقة تخيُّلية واهمة فيما يتعلق بالمأساة المستمرة في غزة. يتحدث الزعيمان الفرنسيان عن اتخاذ «إجراءات ملموسة»، غير مدركَين أن الإجراء غير الملموس في الاصطلاح الفلسفي ليس إجراءً، وإنما هو مجرد فكرة غامضة لا معنى لها، ومفهوم يتلاشى في لا شيء عند ملامسته للواقع. لقد تحدثا حتى الآن عن ثلاثة تدابير ملموسة: الأول، هو دراسة إمكانية الاعتراف بـ«الدولة الفلسطينية» في موعد غير محدد مستقبلاً، وذلك من خلال عقد مؤتمر في نيويورك بالتشاور مع جامعة الدول العربية تحت رعاية الأمم المتحدة. ويجب أن تشمل هذه الدولة المعنية حركة «حماس»، شريطة أن توافق على التخلي عن العنف والتحول إلى كيان سياسي نظامي. والثاني، هو دراسة إمكانية إحالة بعض المسؤولين الإسرائيليين للتحقيق بتهمة انتهاك مبادئ إنسانية غير محددة. والثالث، هو الطلب من الاتحاد الأوروبي دراسة إمكانية تطبيق المادة الثانية من اتفاقية التجارة بين إسرائيل والاتحاد الأوروبي للحد من التبادلات التجارية فيما بينهما. وفي حال تطبيق مثل هذا الإجراء، قد يؤدي إلى تدمير بعض الأعمال التجارية في إسرائيل وأوروبا. ولكن لم تتحدد فائدة ذلك التباهي بالفضائل التي قد تعود على سكان غزة الذين يلاقون الموت في كل يوم. يقول الوزير الفرنسي بارو: «لا يمكننا السماح بانتهاك مبادئنا السامية الكبرى». متذرعاً بالمبادئ السامية والمشاعر الكبرى، خرج أحد أسلافه دومينيك دي فيلبان، الرجل النبيل الذي حاول الحيلولة دون سقوط صدام حسين، من تقاعده ليدعو إلى محاكمة القادة السياسيين والعسكريين الإسرائيليين أمام المحكمة الجنائية الدولية. يا للعجب! ولولا أن القضية المطروحة على المحك خطيرة للغاية، حيث يموت الناس في كل دقيقة، لربما كان يمكن للمرء أن يرى كل ذلك مجرد مكابرة مخادعة للحفاظ على المظاهر. ومع ذلك، فإن نفاق هذه المبادئ السامية والمشاعر الكبرى يتجلى في حقيقة أنه بعد 24 ساعة من تذرع ماكرون وبارو ودي فيلبان بها لتبرير موقفهم المعادي لإسرائيل، كشف وزير الداخلية الفرنسي برونو ريتيلو، عن تقرير من 76 صفحة يُصنف جماعة «الإخوان المسلمين» تهديداً قائماً ووشيكاً على الأمن القومي الفرنسي. كما يُصنِّف التقرير -الذي جُمعت مصادره على مدار عامين- جماعة «الإخوان المسلمين» منظمةً دوليةً تروِّج للتطرف، وتغطي الأنشطة الإرهابية في جميع أنحاء العالم. وقد ضاعفت جماعة «الإخوان المسلمين» في فرنسا -إثر دعم من «قوتين أجنبيتين» على الأقل لم يُكشف عن اسميهما- من عدد أعضائها في فرنسا إلى 100 ألف عضو. ويُطلق على التكتيك الذي تستخدمه الجماعة اسم «التغلغل»، أي التسلل خفيةً إلى داخل المؤسسات الدينية، والتعليمية، والرياضية، والثقافية، والتجارية، والمنظمات غير الحكومية، بُغية استخدام الملايين من الناس دروعاً بشرية في أنشطتها. لم يذكر تقرير الوزير ريتيلو، المفصل والموثق جيداً، أن حركة «حماس» -بصفتها فرعاً من فروع جماعة «الإخوان المسلمين»- تستخدم أيضاً سكان غزة دروعاً بشرية. يقول الوزير بارو: «مَن يزرع العنف، يحصد العنف!»، متناسياً أن العنف الحالي كان أول من زرع بذوره هو هجوم حركة «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 على القرى الإسرائيلية. كما أن أمله البائس في نزع سلاح «حماس» وتحولها إلى حزب سياسي عاديّ يسعى للمشاركة في دولة فلسطينية مفترضة ذات معالم غير محددة حتى الآن، لن يُجدي نفعاً في حياة شعب غزة المحتجز رهينةً لدى بضعة آلاف من المسلحين. يرى دي فيلبان وأمثاله أن «حماس» حركة «تحرير» لا يمكن القضاء عليها. ومع ذلك، لم تطلق «حماس» على نفسها هذا الاسم أبداً. فهي تعد نفسها جزءاً من جماعة «الإخوان المسلمين» ذات الطموحات العالمية، وقد تعمدت إقصاء كلمة فلسطين خارج هويتها. فهي لا تريد «تحرير» فلسطين مهما كان تعريفها، إذ إن هدفها المعلن هو محو إسرائيل من على الخريطة. لا يمكن لأحد أن يُنكر حق فرنسا في الانحياز إلى أحد الأطراف دون غيره في هذا الصراع المأساوي. ولكن، هناك أمران لا يمكن قبولهما بحال: الأول، هو إخفاء أو إعادة تعريف هوية الجانب الذي تنحاز إليه. والآخر، في هذه الحالة على وجه التحديد، هو استخدام التعاطف الصريح أو الضمني مع حركة «حماس» غطاءً لحملة قمع ضد الجماعات «التهديدية» الحقيقية أو المتخيَّلة في فرنسا نفسها. إن مساواة «حماس» بفلسطين هي خيانة للشعب الفلسطيني، بمن في ذلك الكثيرون، وربما الأغلبية، الذين قد لا يتعاطفون مع استخدام العنف الوحشي في خدمة التطلعات الوطنية المشروعة. لا يصرح القادة الفرنسيون إلا بما يريدون من إسرائيل أن تفعله؛ وليس بما ينبغي على «حماس» أن تفعله. وينسون أن «حماس» تستطيع إنهاء هذه الحرب على الفور بإطلاق سراح جميع الرهائن الباقين لديها وتسليم أسلحتها. حتى إن الدعم الضمني لـ«حماس»، من خلال تقريع إسرائيل وقادتها، قد يُشجع من تبقَّى من قيادة الحركة على إطالة أمد الصراع وإيقاع مزيد من الضحايا. تُشجع صحيفة «كيهان» الإيرانية اليومية الصادرة في طهران -والتي تعكس آراء «المرشد الأعلى» علي خامنئي- حركة «حماس» على مواصلة الحرب لأنها على الرغم من خسارتها للأراضي، ناهيكم بعشرات الآلاف من الأرواح في غزة، فإنها «انتصرت في الجامعات الأميركية والأوروبية والرأي العام العالمي». هذه حرب، ومثل أي حرب أخرى، فإنها تهدف إلى تحديد الطرف المنتصر والطرف المنهزم. والحيلولة دون بلوغ تلك الغاية لا يحقق شيئاً سوى تمهيد الطريق لحروب مستقبلية أوسع نطاقاً وأشد فتكاً. إن إيماءات فرنسا الدبلوماسية حول المبادئ السامية والمشاعر الكبرى تذكِّرنا بأغنية المنشد الفرنسي العظيم غاي بير: إنها تذهب إلى متحف اللوفر رفقة فيليب... في ثوب مبادئها السامية! ثم تذهب للمرح رفقة أرمان... في ثوب مشاعرها الكبرى!

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store