
محاولات تهريب الأموال عبر مطار بيروت مستمرة رغم الرقابة
تُشكّل عمليات تهريب الأموال عبر مطار رفيق الحريري الدولي، تحدياً كبيراً للدولة اللبنانية وجهاز أمن المطار، الذي ورغم تشدده في إجراءات المراقبة، لا تزال هناك إمكانية لتهريب الأموال نقداً من الخارج ولو على نطاق ضيّق، وآخرها ضبط أكثر من 8 ملايين دولار مهرّبة من أفريقيا إلى بيروت.
وأفاد مصدر قضائي بارز بأن جهاز أمن المطار «ضبط يوم الأربعاء الماضي ثلاث حقائب بداخلها 8.2 مليون دولار، اثنتان منها قادمة من كنشاسا على متن طائرة تابعة للخطوط الإثيوبية والثالثة من إسطنبول».
وكشف المصدر لـ«الشرق الأوسط» عن أن «عملية التهريب هذه حصلت من قبل ثلاثة أشخاص جرى توقيفهم، اعترفوا بأنهم اعتادوا نقل الأموال لرجال أعمال لبنانيين ومتولين يعملون في أفريقيا»، مشيراً إلى أن «التحقيق الأولي مع الموقوفين الثلاثة توصّل إلى تحديد أسماء مرسلي الأموال والأشخاص المرسلة إليهم الأموال مع التحفّظ على ذكر أسمائهم»، مؤكداً أن النائب العام التمييزي القاضي جمال الحجار «أمر بضبط هذه الأموال وحجزها لدى خزينة الدولة في مصرف لبنان المركزي ريثما ينتهي التحقيق».
وفي 28 فبراير (شباط) الماضي، ضبط أمن المطار 2.5 مليون دولار نقداً يعتقد أنها كانت في طريقها من إيران إلى «حزب الله» عبر تركيا، وسارع المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى في الدخول على خط القضية، ووجه كتاباً إلى القضاء اللبناني يؤكد فيها أن هذه الأموال تعود للمجلس، مطالباً باستردادها، إلّا أن القضاء رفض طلبه، وخلال شهر أبريل (نيسان) الماضي، ضبط الجيش اللبناني مبلغ 4 ملايين دولار خلال محاولة تهريبها من سوريا إلى لبنان من قبل رجال أعمال مقربين من نظام بشار الأسد.
ويعاني المتمولون اللبنانيون في أفريقيا صعوبة في تحويل الأموال إلى لبنان بسبب القوانين الصارمة التي تمنع إخراج الأموال من أفريقيا، وتحدّث مصدر مصرفي عن «تقاطع مصالح ما بين (حزب الله) وأثرياء أفريقيا من اللبنانيين الذين كانوا ينقلون ملايين الدولارات بالحقائب عبر أشخاص محسوبين على الحزب الذي كان يتمتع بنفوذ واسع وشبكة عملاء ناشطين في نقل الأموال من الخارج، سواء عبر طائرات خاصة أو عبر الرحلات التجارية، وكانت لديه سطوة واسعة في المطار، لكن بعد الحرب تغيّر الوضع وتقلّص نفوذ الحزب إلى حدّ كبير».
وأشار لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن الحزب «كان يستفيد بما نسبته 20 في المائة من الأموال التي ينقلها من الخارج، وكان مصدر تلك الأموال أميركا اللاتينية وأفريقيا، بالإضافة إلى إيران التي كانت تؤمن له موازنته السنوية».
وقال: «لا معلومات مؤكدة عمّا إذا كان (حزب الله) مستفيداً من الأموال التي ضبطت أخيراً وكانت قادمة من أفريقيا، ويمكن للقضاء الذي وضع يده على التحقيق أن يحدد ذلك، لكن مصالح الطرفين ما زالت قائمة حتى الآن».
ومنذ دخول قرار وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل في 27 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وضع مطار بيروت الدولي تحت مراقبة مشددة خصوصاً من قبل الأميركيين، وهو ما أدى إلى منع الطيران الإيراني من الهبوط في هذا المطار، كما فرضت إجراءات رقابة وتفتيش دقيق على الطيران القادم من العراق، وحصلت إشكالات بين جهاز أمن المطار ودبلوماسيين إيرانيين كانوا ينقلون حقائب تحتوي على ملايين الدولارات ويزعمون أنها عائدة إلى مصاريف السفارة.
وفرض قرار وقف إطلاق النار بين لبنان إسرائيل «منع استخدام الحدود والموانئ اللبنانية لتهريب الأسلحة والأموال وكل المواد ذات الصلة إلى (حزب الله)».
وقال مصدر أمني في مطار رفيق الحريري، إن سلطات المطار «اتخذت تدابير مشددة لمنع تهريب الأموال بطريقة غير شرعية».
وأكد لـ«الشرق الأوسط» أن «هذه الإجراءات تشمل كل الوافدين إلى المطار، تنفيذاً لقرار مكافحة عمليات تبييض الأموال والحؤول دون تحويل المطار معبراً لذلك»، مشيراً إلى أن «كافة الحقائب تخضع للتفتيش سواء من جهاز أمن المطار أو الجمارك اللبنانية، وهذا ما يصعّب عمليات إدخال الأموال بكميات كبيرة»، لكنه استدرك قائلاً: «هذا لا يعني ضبط كل عمليات التهريب، فقد ينجح أشخاص بإدخال مبالغ في جيوبهم لكن بكميات قليلة قد لا تتجاوز الـ30 أو الـ40 ألف دولار، وإن كشفها يؤدي إلى مصادرتها في حال لم يصرّح عنها مسبقاً».
لا تقف عمليات التهريب على الأموال، بل على المعادن الثمينة؛ إذ كشفت معلومات عن «إدخال ما يزيد على 28 كيلوغراماً من الذهب حاول شخص سوري إدخالها إلى لبنان عبر المطار في الأسبوع الأول من شهر مايو (أيار) الماضي».
ولفت المصدر الأمني إلى أن القضاء «أمر بمصادرتها ويستكمل التحقيق بشأنها، لكن لم يتوصل إلى كشف الجهات المرسلة إليها كميات الذهب، لأن الشخص الذي وصل بها إلى المطار وضعها في خزنة الأمانات لدى الجمارك، وتعهّد بتأمين غرامة مالية لقاء تحريرها، لكنه فرّ إلى سوريا ولم يعد».
ولفت إلى أنه «لدى مراجعة كاميرات المراقبة تبيّن أن هذا الشخص أدخل عدداً من الحقائب في أوقات سابقة قبل الاشتباه به وضبط الشحنة الأخيرة»، مشدداً على أن التحقيق «لم يثبت حتى الآن ما إذا كانت كميات الذهب عائدة لـ(حزب الله) أو غيره، ما دام أن الشخص المعني بها لم يخضع للتحقيق بعد».

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


MTV
منذ 38 دقائق
- MTV
"الأمل" بالمنتشرين في وجه ديكتاتورية بري
تزامن الفيتو الذي رفعه رئيس مجلس النواب نبيه بري بـ «إسناد» من «حزب الله» و»التيار الوطني الحر» إزاء انتخاب المنتشرين ضمن الدوائر الانتخابية، مع «تجديد البيعة» لاتحاد كرة قدم صنعه «ناظر البرلمان»، فصارت اللعبة تتنفس عبر رئة «المنتشرين». وفي موازاة الاستحقاق الكروي، ضجت البلاد بحماسة الجماهير المتابعة لنصف نهائي دوري كرة السلة. 3 مشهديات تبدو متباعدة نظرياً لكنها ترتبط بشكل وثيق في ما بينها في بلد تستخدم فيه عوالم الرياضة ضمن حزمة الأدوات السياسية وصناعة الزعامة. والحال أن موقف رئيس البرلمان و«حزب الله» الرافض لتصويت المغتربين في الداخل، يرتكز على مبدأ عدم المساواة في الفرص في ظل العقوبات المفروضة على الثاني وتأثير المناخات السائدة في بلدان الانتشار ضد «الثنائي» على خيارات الناخبين. بمعزل عن أسباب هذه الوضعية، فإن الموقف في الشكل ينسجم مع روحية القانون والقيم الديموقراطية. بيد أن ما يحاجِجان به هو أكثر انطباقًا على الداخل اللبناني وبشكل أوسع تأثيرًا بما لا يقاس مع الوعاء التصويتي الاغترابي. فمن دون الغوص في تفاصيل معروفة، يفرض الثنائي مناخًا من الترهيب المعنوي والجسدي، معزّزًا بتوظيف فائض النفوذ في مؤسسات الدولة، وشبكات المصالح المالية، ناهيكم عن الاعتبارات الدينية، والهيمنة على صياغة الرواية الإعلامية التي تقدم للجماهير عبر وسائط تكنولوجية متعددة، من أجل التأثير بشكل حاسم في خيارات الناخبين، في مواجهة مرشحين يفتقدون إلى كل الأدوات مجتمعة. إذ ذاك يصبح تحرر المنتشرين من هذه الأدوات بمثابة نجدة للمرشحين تصلح القليل من التوازن المفقود في المنازلة الانتخابية. الإشكالية التاريخية مع «الثنائي» تكمن في رفض الاحتكام إلى القواعد والأصول الديمقراطية، بل والافتئات عليها عبر فرض خيارات يُسبغ عليها رداء مؤسّسي للحفاظ على مظهر ديمقراطي باهت يصب في خانة استدامة نفوذهما، كما هو الحال في الانتخابات البلدية والاختيارية الأخيرة، حيث تدخّل الرئيس بري بنفسه في بعض الأماكن، واستثمر هالته الزعاماتية لدفع بعض المرشحين إلى الانسحاب وتأمين التزكية. منذ انتخابات عام 2005 حتى «غزوة» 7 أيار 2008، كان «الثنائي» يضغط بشدّة لإخراج عملية صناعة القرار من المؤسسات نحو المقرّات الحزبية تحت بدعة «التوافق». ومذّاك حتى الأمس القريب، يمكن ملاحظة أن هذه الفكرة تشكل النهج الحاكم للرئيس بري في البرلمان، والذي يختصر بمصطلح «صُدّق» الشهير ورفضه إقرار التصويت الإلكتروني، وفي كيفية مقاربة العمل السياسي ومساوماته المعروفة. قبل اغتيال الرئيس رفيق الحريري، كان هناك صراع بين «أبو بهاء» و«أبو مصطفى» على «زعامة» كرة القدم، لإدراكهما حجم تأثير هذه اللعبة الشعبية ضمن عملية توسيع دائرة الانتشار، إنما من منطلقين متناقضين: الحريري أراد إدخال كرة القدم ضمن سياساته التنموية والنهضوية، وتوظيف الرياضة كأداة لتحسين صورة لبنان الخارجية بعد حرب طويلة، وجذب السياحة والاستثمارات، فبذل جهوداً هائلة لاستضافة لبنان «دورة الألعاب العربية» عام 1997، وكأس آسيا لكرة القدم عام 2000، وتطوير البنى التحتية الرياضية والكروية خاصة. في المقابل سعى بري للسيطرة على كرة القدم لتزامن صعود نجم «الشيعية السياسية» مع فورة كروية مماثلة على صعيد الأندية واللاعبين، وحاول انتزاع قرار نادي «النجمة» الأكثر جماهيرية بذريعة طغيان اللون الشيعي على الجمهور. في المقابل شهدنا صعودًا صاروخيًا لكرة السلة التي توسع انتشارها الجماهيري، وقادت لبنان نحو الريادة في آسيا وبين العرب، وصارت متنفّسًا للبنانيين يقبلون عليها أكثر من الاستحقاقات الانتخابية لإظهار انحيازاتهم السياسية والدينية والاجتماعية. ومع ذلك، حاول بري اقتحام كرة السلة عبر نادي «تبنين» إلا أن مناعة بنيانها جعلته ينسحب سريعاً. التناقض المذهل بين كرة القدم والسلة يجسد بالضبط جوهر الصراع مع الرئيس بري وحلفائه الذي انطلق منذ ثورة 17 تشرين 2019، في ظل رغبة عارمة لإحياء قيم التنافسية والمشاركة الجدية، وإعادة الاعتبار لمفهوم الديمقراطية. ويعتبر تصويت المغتربين واحدًا من العوامل المرجحة في هذا الصراع بين ديمقراطية واقع يختزن عوامل التطور الدائم، رغم كل ما يحيط به من إشكاليات تعد من أساس جماهيريته، وبين ديكتاتورية واقع مأسوي طارد للأمل يعيد إنتاج الفشل.


الجمهورية
منذ 42 دقائق
- الجمهورية
ضريبة دخل أولى في الخليج تشير إلى واقع اقتصادي متغيّر
لطالما أثار مفهوم ضريبة الدخل الجدل والقلق بين مواطني الدول الغنية بالوقود الأحفوري في الخليج الفارسي. لكن لم تُقدِم أي دولة فعلياً على تطبيقها حتى الأسبوع الماضي، عندما أعلنت عُمان أنّها ستفرض ضريبة بنسبة 5% بدءاً من عام 2028 على مَن يتجاوز دخله 42,000 ريال عماني، أي ما يعادل نحو 109,000 دولار أميركي. وأوضح المسؤولون، أنّ الضريبة الجديدة تهدف إلى تعزيز العدالة الاجتماعية وتقليل اعتماد البلاد على النفط والغاز، اللذَين شكّلا حوالى 70% من الإيرادات الحكومية العام الماضي. لكن من المحتمل أيضاً أن تصبح عُمان أرض اختبار في المنطقة، إذ استخدمت العائلات المالكة، التي تحكم منذ عقود، ثروات الموارد لدعم حياة المواطنين مقابل منحهم قدراً ضئيلاً من المشاركة السياسية. منذ اكتشاف النفط في شبه الجزيرة العربية في ثلاثينات القرن الماضي، اتّبعت العائلات المالكة في الخليج شكلاً سلطوياً من الحكم، يقوم على تقاسم جزء من عائدات الوقود الأحفوري مع المواطنين من خلال التوظيف في القطاع العام، الدعم، ومنافع الدولة الأخرى - مع الاحتفاظ بجزء كبير منها لأنفسهم، من خلال آليات غالباً ما تكون غير شفافة. وقد جمعت هذه العائلات بين هذه الاستراتيجية ودرجات متفاوتة من القمع السياسي، ممّا مكّنها من الحفاظ على دول مستقرّة وسلمية عموماً، مع الحدّ من المشاركة السياسية. لكن هذا النموذج واجه ضغوطاً خلال العقد الماضي. فقد شهدت عائدات النفط تقلّبات في دول خليجية عدة، كما زادت حكوماتها من الإنفاق. وهي تسعى الآن لإيجاد طرق لتنويع اقتصاداتها بعيداً من الوقود الأحفوري. في السعودية، كان خفض دعم الطاقة إحدى أولى السياسات الكبرى التي اتخذها محمد بن سلمان، ولي العهد والحاكم الفعلي حالياً، ما دفع المواطنين للتهافت إلى محطات الوقود لملء خزاناتهم قبل أن تدخل الزيادات السعرية حيّز التنفيذ. أمّا في عُمان، التي يقودها السلطان هيثم بن طارق، بالوراثة، فسارع المسؤولون إلى التأكيد على أنّ السياسة الجديدة سيكون لها تأثير طفيف على معظم المواطنين. وأكّد وزير الاقتصاد، سعيد الصقري، في التلفزيون الرسمي، أنّ الضريبة ستطال فقط 1% من السكان. ويُعزى ذلك جزئياً إلى أنّ عدد أصحاب الدخل المرتفع في عُمان أقل مقارنةً بدول خليجية أخرى مثل الإمارات العربية المتحدة وقطر. كما يتضمّن القانون الجديد «إعفاءات واسعة تقلّل بشكل كبير من العبء»، بحسب سعيد المحرمي، المستشار الاقتصادي العماني البارز. وأضاف أنّ رسوم التعليم، تكاليف الرعاية الصحية، والعديد من النفقات الأخرى ستكون قابلة للخصم. وذكرَت كارين إي. يونغ، الخبيرة في الاقتصاد السياسي المتخصّصة في الخليج في مركز سياسات الطاقة العالمية بجامعة كولومبيا، أنّ الضريبة ستؤثر في الغالب على المقيمين الأجانب ذوي الدخل المرتفع، وقد تدفع ببعضهم إلى المغادرة. ومع ذلك، تساءل بعض العُمانيِّين عن توقيت الإعلان، الذي جاء في خضمّ حرب إقليمية بين إيران وإسرائيل. واعتبرت سامية مراد (31 عاماً)، وهي عمانية تدير مجموعة شبابية غير ربحية: «للوهلة الأولى، تبدو ضريبة الدخل خطوة إيجابية، إذا كان هدفها تمويل وتحسين الخدمات العامة، وإذا كانت تستثني الفئات ذات الدخل المنخفض. لكنّ القلق الحقيقي هو ما إذا كان يمكن إساءة استخدامها، فتتحوّل إلى عبء إضافي على المواطنين أو عاملاً يُثني عن الاستثمار في عُمان». وأشار محللون إلى أنّه ما إن تُطبَّق ضريبة دخل، فإنّ الحكومة يمكن أن ترفع النسبة بسهولة أو تخفّض الحدّ الأدنى للدخل الخاضع للضريبة. ففي عام 2018، فرضت السعودية ضريبة على القيمة المضافة بنسبة 5% لزيادة الإيرادات من مصدر غير نفطي. وعندما انهارت أسعار النفط في عام 2020، ضاعفت السلطات هذه النسبة ثلاث مرّات، وقدّمتها كإجراء موقت حتى يتحسّن الوضع الاقتصادي. لكنّ النسبة لم تنخفض لاحقاً. ويعتقد أحمد كشوب، الاقتصادي العماني، أنّ الضريبة ضرورية لتنويع مصادر دخل الدولة، واعترف بأنّ التحدّيات القصيرة الأجل أمر لا مفرّ منه: «لكن مع مرور الوقت، يمكن للقانون أن يدعم خدمات عامة أفضل وتنمية اقتصادية أكثر توازناً، بشرط أن تضمن الحكومة الشفافية بشأن كيفية تخصيص عائدات الضرائب». ورأت الدكتورة يونغ، أنّ هذه السياسة قد تؤدّي إلى إعادة توازن في العلاقة بين المواطنين وحكومتهم. فبمجرّد أن تبدأ الحكومة في جمع الإيرادات من مواطنيها، قد يبدأ البعض بطرح أسئلة أكثر جدّية حول كيفية إنفاق القادة لتلك الأموال، ورغبة في محاسبتهم. وأضافت أنّ القرار يُعدّ إشارة إلى السكان، مفادها أنّه مع استعداد البلاد لمستقبل ما بعد النفط، «أنت، كمواطن ومقيم، تتحمّل مسؤولية التغييرات التي يجب أن تحدث».

القناة الثالثة والعشرون
منذ ساعة واحدة
- القناة الثالثة والعشرون
من سحب السلاح إلى تجفيف التمويل: اقتصاد "الحزب" يتصدّع؟
وادث ضبط ملايين الدولارات نقدًا في مطار رفيق الحريري الدولي ليست تفصيلًا معزولًا، بل تتقاطع مع سياق أوسع من الضغوط المركّبة على «حزب الله»، التي انتقلت من الميدان العسكري إلى الميدان التمويليّ، ومن استهداف القيادات إلى حصار آليات الدعم الماديّ. في وقت بات فيه المطار منطقة «تماس دولي»، ليس لكونه بوابة سفر فقط، بل بسبب الأنظار الدولية المتزايدة عليه، باعتباره يُرجّح أن يُستخدم كممرّ تمويلي لأنشطة يُحتمل ارتباطها بـ «حزب الله». في حين، أكد مصدر مطّلع لـ «نداء الوطن» أن مديرية الجمارك لم تتحقّق بعد من مصدر المبالغ المالية الكبيرة والوجهة التي ستتخذها حتى الساعة، أفاد المصدر بأن هذه الأموال محجوزة حاليًا لصالح النيابة العامة التي ستتولى البتّ بمصيرها في ضوء التحقيقات القائمة. وفي أحدث تلك العمليات، ضُبط مبلغ 8.2 ملايين دولار نقدًا داخل ثلاث حقائب وصلت عبر رحلتين من كينشاسا واسطنبول. مصدر قضائي، أكد أنه «تم توقيف 3 لبنانيين اعترفوا بنقل الأموال لصالح رجال أعمال من الجنسية اللبنانيّة ينشطون في أفريقيا»، هذا على حد تعبير هذا المصدر، الذي شدد على أن «الأنشطة والأعمال والحوالات المالية من أفريقيا معروفة لصالح من تكون…». وفي حادثة منفصلة، ضُبط مبلغ نحو 7 ملايين دولار نقدًا في مطار بيروت الدوليّ داخل حقائب السفر وصلت على متن طائرة قادمة من إحدى الدول الأفريقية، وينتمي أصحاب الحقائب إلى بلدة جنوبية تعرضت للقصف الإسرائيلي في الحرب الإسرائيلية الأخيرة. وهنا سأل المصدر: «هل لهذه الأموال علاقة مباشرة أو غير مباشرة بتمويل إعادة الإعمار في بعض القرى الحدوديّة جنوب لبنان؟».إذًا، التحقيقات انطلقت سريعًا بتكليف من مكتب الجرائم المالية، وبتوجيه من حاكم مصرف لبنان كريم سعيد، الذي وجّه بإيداع الأموال في خزنة تابعة للبنك المركزي. الحادثتان تأتيان ضمن سلسلة حوادث متكررة، فقد ضُبط قبلها 2.5 مليون دولار مع رجل وصل من تركيا، وأُحبطت محاولة تهريب أكثر من 22 كيلوغرامًا من الذهب، وجميعها رُبطت بحسب معلومات متقاطعة بـ «حزب الله». في المضمون، ما يحصل اليوم هو امتداد لحرب أوسع بدأت فصولها منذ تراجع دور النظام السوري كرافعة مالية ولوجستية لـ «الحزب»، وازدادت وتيرتها مع العقوبات الأميركية والدولية، ثم بلغت ذروتها مع انفجار الحرب الإيرانية – الإسرائيلية. لكن الأبرز، أن مطار بيروت نفسه بات مادة خلاف داخلي وضغط خارجي. هددت إسرائيل مرارًا باستهداف المطار في حال لم تُضبط الحركة داخله، لا سيما بعد إجماع على سيطرة شبه تامة لـ «حزب الله» على المطار قبل حرب الإسناد في 8 تشرين الأول، في حين تُختبر جدية الدولة اللبنانية في منع المطار من أن يكون نقطة عبور. بالمختصر، تعكس الحادثة محاولة متجددة لضبط شرايين التمويل، بعدما تكررت سواء عبر الذهب، العملات، أو الصرافات وشركات تحويل أموال تعمل تحت غطاء نشاط تجاري مشروع، وفق مصدر مطّلع. علمًا أن «حزب الله» أنشأ في السنوات الأخيرة، استنادًا للمصدر، منظومة تمويل رديفة، تُغنيه جزئيًا عن التحويلات الإيرانية المباشرة. وهو ما أجبر «الحزب» على بناء شبكات اقتصادية وتجارية منتشرة في سوريا ولبنان وأفريقيا، وحتى أميركا اللاتينية وأوروبا. في موازاة ذلك، ومنذ اغتيال رئيس «صادق» للصرافة هيثم بكري، وظهور لائحة من شركات الصرافة المتهمة بتحويل الأموال لـ «الحزب»، دخلت المعركة في نطاق أوسع: شلّ قدرة «الحزب» المالية، وبالتالي إعادة بناء هيكليته، سواء التنظيمية – الاجتماعية أو القتالية – العسكرية. ونشر المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي الآلية الإيرانية لتحويل الأموال إلى «حزب الله» وأرفقها بلائحة لصرافات لبنانية اتّهمها بتحويل الأموال له، واضعًا صورة أبنيتها ومنوّها باسم محال الصرافة والمعنيّين وهم: «الصادق» بإدارة هيثم عبدالله بكري، «مكتف» بإدارة رامز مكتف، «يارا» بإدارة محمد بدر بربير، «مليحة» بإدارة حسين شاهين، «الإنصاف» بإدارة علي حسن شمس و«عيّاش» بإدارة حسن محمد حسين عياش. من هنا، تأتي هذه الحادثة لتؤكد أن الأولوية الإسرائيلية – الأميركية اليوم لم تعد فقط في ميدان المواجهة العسكرية، بل في ضرب القدرة التمويلية لـ «حزب الله». فكما لا عسكر بلا سلاح، لا سلاح بلا تمويل. وإذا كانت هناك دعوات سياسية تطالب بسحب سلاح «الحزب»، فالخنق المالي هو طريق التنفيذ الواقعي لهذه المطالب، أو في الحد الأدنى، تحجيم نفوذه ومنعه من تجديد قدراته، حسبما بيّن المصدر. يعتبر تجفيف الموارد إشارة واضحة إلى أن مستوى الضغط تغيّر، ما يتقاطع مع مسار الضغط الأميركي، الذي يقوده توم برّاك، عبر تمرير ورقة ضغط عبر الرؤساء الثلاثة في لبنان للدخول في مسار تفاوضي يُفضي إلى نزع السلاح مقابل مهلة زمنية محددة. ومع استمرار هذا الضغط، لم يتبقَّ لـ «الحزب» سوى استخدام الخطاب كوسيلة دفاع، فتارة يُهدّد بإعادة ترميم «المقاومة»، وتارة ينصاع إلى «الدولة» ويدعوها إلى التحرّك. مع تصاعد الحصار المالي، يبقى السؤال الأهم: هل ستنجح سياسة خنق التمويل بمنع «حزب الله» من إعادة تموضعه، أم أنه سيجد لنفسه طرقًا رديفة لإعادة رسم موازين القوى داخليًا وخارجيًا؟ ديزي حواط - نداء الوطن انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة. انضم الآن شاركنا رأيك في التعليقات تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News