
مندوب روسيا يجدد الدعم لحق إيران في برنامج نووي سلمي
روسيا
الدائم لدى المنظمات الدولية في فيينا ميخائيل أوليانوف، اليوم الاثنين، عن قناعة روسيا بأن إيران لها الحق في تطوير برنامج نووي سلمي، مجدِّدا بذلك موقف موسكو الداعم حقَّ طهران في تطوير برنامجها النووي في حال كان لأغراض سلمية، والرافض الهجومين الإسرائيلي والأميركي على مواقع نووية إيرانية في يونيو/حزيران الماضي.
وقال أوليانوف في مؤتمر صحافي بتقنية الفيديو بالمركز الصحافي التابع لمجموعة "روسيا سيفودنيا" الإعلامية الروسية: "من البديهي تماما أن إيران لها فعلا الحق في الاستخدام السلمي للطاقة النووية، ما يشمل تخصيب اليورانيوم في حال اتخذت طهران مثل هذا القرار. هذا ما تحصل عليه إيران مقابل قرارها الامتناع عن تطوير السلاح النووي والحصول عليه. هذا هو المبدأ الأساسي لمعاهدة منع الانتشار ونظام منع انتشار السلاح النووي بشكل عام".
وذكّر بأن خطة العمل الشاملة المشتركة المعروفة إعلاميا باسم الاتفاق النووي الإيراني نصت على السماح لإيران بتخصيب اليورانيوم بنسبة تصل إلى الـ3.67% اللازمة للبرنامج النووي السلمي، على ألا تزيد احتياطيات اليورانيوم المخزنة داخل البلاد عن 300 كيلوغرام وأن يُنقل ما يفوق ذلك إلى الخارج. وتابع قائلا: "الوضع نفسه اليوم، إذ يمكن الاتفاق على نسبة تخصيب منخفضة وتحديد الكميات، وكل ذلك قابل لحل تفاوضي، ويتطلب أمرا واحدا فقط، وهو تخلي الولايات المتحدة عن موقفها - لنقُل صراحة غير الجدي - الذي يهيمن عليه الطابع الأيديولوجي، والمُطالِب بنسبة الصفر للتخصيب".
تقارير دولية
التحديثات الحية
مساعٍ روسية للتوازن بين دعم إيران والتطبيع مع ترامب
ولفت إلى أن إسرائيل لا تشارك بتاتا في معاهدة منع انتشار السلاح النووي و"تمتلك - وفق كافة المؤشرات - سلاحا نوويا"، خالصا إلى أن الولايات المتحدة التي كانت إلى جانب الاتحاد السوفييتي من الدول المؤسسة لنظام منع الانتشار في عام 1968 "لا يليق بها أن تتبنى مثل هذا الموقف"، على حد تعبيره.
وبحلول تبني معاهدة منع انتشار السلاح النووي، كانت الدول الخمس دائمة العضوية بمجلس الأمن الدولي، وهي الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة والصين وفرنسا وبريطانيا، قد طورت ترسانتها وأجرت أولى تفجيراتها، زاعمة بذلك أن امتلاكها السلاح النووي مشروع من وجهة نظر القانون الدولي. ومع ذلك، أجرت الهند وباكستان وكوريا الشمالية اختباراتها النووية بعد عام 1968، لتنضم أيضا إلى النادي النووي بحكم الأمر الواقع، مع بقاء وضع إسرائيل غامضا حتى اليوم في ظل عدم اعترافها رسميا أو نفيها امتلاكها أسلحة نووية.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العربي الجديد
منذ 35 دقائق
- العربي الجديد
المغرب يترقب بقلق اتفاق الرسوم بين أميركا والاتحاد الأوروبي
يتحسّب المغرب بكثير من القلق لتداعيات الاتفاق بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة حول الرسوم الجمركية ، إذ إنّ الركود في أوروبا قد ينعكس سلباً على الطلب الموجه للمغرب. يأتي انشغال المغرب بقرارات الرئيس الأميركي دونالد ترامب الخاصة بالرسوم الجمركية تجاه أوروبا، من كون الاتحاد الأوروبي يمثل أهم شريك تجاري للمملكة، حيث إن الظرفية الاقتصادية في ذلك الفضاء لها تأثيرات ملموسة على الميزان التجاري المغربي. ويذهب رئيس المعهد المغربي للعلاقات الدولية، جواد الكردودي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إلى أن الاتحاد الأوروبي اضطر إلى القبول بالاتفاق التجاري الأخير مع إدارة ترامب. ويشير الكردودي إلى أن الاتحاد الأوروبي كان يدرك أنّ الرئيس الأميركي ماضٍ في تنفيذ وعيده الذي كان سيفضي إلى تطبيق رسوم في حدود 30 في المائة. ويوضح أن صناعة السيارات الألمانية وصناعة السلع الفاخرة الفرنسية ستخففان من تداعيات الحمائية الأميركية عبر القبول برسوم في حدود 15 في المائة. لكن كيف تلقى المغرب اتفاق الولايات المتحدة التجاري مع الاتحاد الأوروبي؟ يتجلى من بيانات مكتب الصرف التابع لوزارة الاقتصاد والمالية أن المغرب كان يترقب ما ستسفر عنه المفاوضات بين الجانبين الأميركي والأوروبي. فقد أكد المكتب في تقريره السنوي الذي تناول التجارة الخارجية في العام الماضي أنّ المبادلات التجارية مع أوروبا مثلت 62 في المائة، مقابل 63.2 في المائة في 2023. ويوضح المكتب أن 56.4 في المائة من مشتريات المغرب مصدرها أوروبا، بينما تستوعب أوروبا 71.4 في المائة الصادرات الإجمالية للمملكة. وقد سعى المغرب إلى التخفيف من تداعيات الرسوم الجمركية الأميركية المطبقة عليه، غير أنه انشغل كثيراً بمآل المفاوضات بين المفوضية الأوروبية والولايات المتحدة. اقتصاد عربي التحديثات الحية المغرب يعتزم استثمار 8 مليارات دولار في اتصالات الجيل الخامس وقد أكدت وزيرة الاقتصاد والمالية، نادية فتاح، أنّ الرسوم الجمركية الأميركية التي ستخضع لها الصادرات المغربية والمحددة في 13.6 في المائة تبقى أقل من بعض الاقتصادات الأخرى. ويشير الكردودي إلى ارتفاع التضخّم الذي قد يتجلى أكثر في الولايات المتحدة نتيجة الرسوم الجمركية، ما قد يكون له تأثيرات على الاقتصاد الأميركي والاقتصاد العالمي، وتلك تأثيرات لن يسلم منها المغرب، وذلك عبر التضخم المستورد. ويذهب إلى أن تطبيق الرسوم التي لوح بها البيت الأبيض، ستؤثر على بعض الشركات الأوروبية التي قد تتراجع طلبياتها التي تعبر عنها نحو المغرب، ضارباً مثلاً بقطاع النسيج الذي ترتهن صادراته بالسوق الأوروبية. ويتصور الكردودي أن صادرات مغربية أخرى مثل السيارات والأسمدة والسلع الفلاحية قد لا تتأثر كثيراً بالاتفاق التجاري الأخيرة، بالنظر لاتفاق الشراكة بين المغرب والاتحاد الأوروبي، وإن كان يشدد على أنّ الطلب الموجه للمغرب يبقى رهيناً بالظرفية الاقتصادية ومدى تخفيف حالة عدم اليقين الناجمة في جزء منها عن الحرب التجارية التي أطلقها الرئيس الأميركي. ويرى الكردودي أنه يفترض التخفف من الارتهان للسوق الأوروبية التي تستوعب حوالى 31 مليار دولار من مجمل مبيعات المملكة في الخارج، علماً أنّ المملكة تحرص في الأعوام الأخيرة على تنويع الأسواق نحو آسيا وأميركا وأفريقيا.


العربي الجديد
منذ ساعة واحدة
- العربي الجديد
ترامب يطمع بثروات ميانمار: واشنطن تدرس اقتراح الاتفاق مع المتمردين
بعد أن تمكّن الرئيس الأميركي دونالد ترامب حتى الآن من إبرام صفقتي معادن، الأولى مع أوكرانيا ، و الثانية مع الكونغو الديمقراطية، التي انتزع "سلاماً" بينها وبين رواندا الداعمة لمتمردي حركة 23 مارس شرق الكونغو، يبدو أن أنظاره تتجه إلى ميانمار طمعاً بثرواتها، وللتوصل إلى صفقة معها، مهما تطلب ذلك، بما في ذلك تعديل استراتيجية الولايات المتحدة في التعاطي مع عسكر ميانمار أو الحوار مباشرة مع المتمردين، في خطوة إن تحققت، تتيح للرئيس الأميركي تحقيق أهداف أخرى، أهمها تحويل الإمدادات الضخمة من المعادن النادرة في هذا البلد بعيداً عن الصين. مفاوضات مقترحة مع "جيش استقلال كاشين" وكشفت وكالة رويترز، أمس الثلاثاء، عن نقاشات أجرتها إدارة ترامب، مع مسؤولين ومستثمرين أميركيين، لدراسة خيارات عدة من أجل الوصول إلى المعادن الأرضية النادرة في ميانمار، البلد الواقع في جنوب شرق آسيا، على الحدود مع الصين، والغارق منذ فبراير/ شباط 2021، في فوضى ما بعد الانقلاب العسكري ضد الحاكمة المدنية السابقة أونغ سان سو تشي، والتي تتمثل بحرب بين الجيش الحاكم والجماعات المتمردة المسلحة. أحد هذه الخيارات المقترحة على إدارة ترامب، محاولة إبرام صفقة مع جماعة مسلحة قوية، هي "جيش استقلال كاشين"، الناشطة في ولاية كاشين شمال شرقي البلاد. هذا "الجيش"، الذي اتخذ موقفاً حيادياً لوقت قصير جداً بعد الانقلاب، استعاد سريعاً معاركه مع الجيش، ومن بين أهدافه السيطرة على المناطق الحدودية في البلاد، المتاخمة للصين، والغنية بالمعادن الأرضية النادرة. وتمكن "جيش استقلال كاشين" من تحقيق تقدم ميداني كبير، ومنذ ديسمبر/ كانون الأول الماضي، تدور معارك حامية بينه وبين الجيش للسيطرة على مدينة بامو، على بعد أقل من 100 كيلومتر من الحدود الصينية. وتعتبر بامو حقلاً غنياً واستراتيجياً بالمعادن الأرضية النادرة، وهدّدت الصين بوقف معالجة المعادن النادرة في الولاية، إذا ما سيطر هذا "الجيش" على بامو. تهيمن الصين بنسبة 90% على قطاع معالجة المعادن بالعالم ويستعر الصراع بين الولايات المتحدة والصين على المعادن الأرضية النادرة. حتى الآن، لا يبدو هذا الصراع متكافئاً ، ويصبّ ميزان القوة فيه بفارق كبير لصالح بكين. هذه المعضلة الأميركية لاستمرار الهيمنة على قطاع الصناعات التكنولوجية تدفع ترامب لمحاولة اختراق ميانمار، ولو بتغيير جذري للسياسة الأميركية المعتمدة تجاه هذا البلد، لا سيما بعد الانقلاب، والقائمة على مقاطعته ومعاقبته. أسواق التحديثات الحية نزاع المعادن العسكرية النادرة يهدد اتفاق التجارة الأميركي الصيني وتعد ميانمار ثالث أكبر مصدّر للمعادن النادرة في العالم بعد الصين والولايات المتحدة، وبحسب تقرير لوكالة بلومبيرغ، نشر في 17 يوليو/تموز الحالي، فإنه في العام الماضي، استأثرت ميانمار بما يقرب من نصف التعدين العالمي لعنصرين مهمين بشكل خاص: الديسبروسيوم والتيربيوم، وهما أساسيان للسيارات الكهربائية وتوربينات الرياح وبعض المعدات العسكرية. وبحسب التقرير، فإن "جيش استقلال كاشين" بات يبني "إمبراطورية معادن نادرة على تخوم الصين". وتشكّل المعادن الأرضية في ميانمار حوالي 57% من المعادن النادرة التي استوردتها الصين العام الماضي. وبحسب موقع "ماينينغ تكنولوجي" في 18 يناير/ كانون الثاني الماضي، فإن الصين تهيمن حالياً على إنتاج المعادن النادرة في العالم، وبلغت هذه الهيمنة 69% في 2023، تليها الولايات المتحدة بـ12%. أما معالجة المعادن، فتهيمن عليها الصين عالمياً بنسبة 90%. تعديل محتمل للتعامل مع ميانمار وقالت وكالة رويترز إن إدارة ترامب استمعت إلى اقتراحات عدة تتضمن تعديلاً كبيراً بالسياسة الأميركية المتبعة حيال ميانمار، وذلك بهدف تحويل الإمدادات الضخمة من المعادن النادرة في هذا البلد، بعيداً عن الصين، بحسب أربعة أشخاص مطلعين على النقاشات. وأوضحت المصادر أن لا شيء حُسم بعد، وأن الخبراء يعتقدون بوجود عراقيل كبيرة قد تحول دون تنفيذ مثل هذه الصفقة، ولكن "إذا ما جرى العمل بإحدى الأفكار، فإن واشنطن قد تحتاج إلى إبرام صفقة مع المتمردين الإثنيين الذين يسيطرون على مناطق واسعة تضم احتياطات كبيرة من المعادن". وبحسب المصادر قدمّ الاقتراحات خبراء، ومستثمر أميركي يقود حملة ضغط في مجال الأعمال بالولايات المتحدة هو آدم كاستيلو، ومستشار سابق لأونغ سان سو تشي يدعى شون ترنيل، وهو اقتصادي أسترالي. من الاقتراحات التي عرضت على ترامب، تخفيف نسبة الـ40% من الرسوم الجمركية التي هدّد بفرضها على ميانمار ويتبنى أحد المقترحات إجراء مباحثات مع الطغمة العسكرية الحاكمة في ميانمار، ودفعها لإبرام اتفاق سلام مع متمردي كاشين، فيما يطرح اقتراح آخر قيام واشنطن بنفسها بمباحثات مباشرة مع "جيش استقلال كاشين". وكانت الولايات المتحدة قد تجنبت الحوار المباشر مع قادة ميانمار العسكريين بعد الانقلاب، وفرضت عقوبات عليهم، أيضاً بسبب قمعهم أقلية الروهينغا. والأسبوع الماضي، رفعت إدارة ترامب بعض العقوبات التي كانت مفروضة على عدد من حلفاء الطغمة العسكرية في ميانمار، لكن مسؤولين أميركيين أكدوا أن ذلك لا يعني تغييراً جوهرياً في سياسة واشنطن حيال هذا البلد. ومن الاقتراحات التي عرضت على ترامب، تخفيف نسبة الـ40% من الرسوم الجمركية التي هدّد بفرضها على ميانمار، ورفع العقوبات، والعمل مع الهند لمعالجة بعض المعادن النادرة المستخرجة من ميانمار، وتعيين مبعوث خاص لتنفيذ هذه المهام، وفق مصادر الوكالة. وجرت مناقشة بعض هذه الاقتراحات مع آدم كاستيلو، الرئيس السابق لغرفة التجارة الأميركية في ميانمار، والذي يدير حالياً شركة أمنية هناك، وقد اقترح بحسب حديثه لرويترز، أن تؤدي واشنطن دور عاقد الصفقات لإبرام اتفاق سلام في ميانمار، وحثّ إدارة ترامب على سحب ورقة من يد الصين، عبر دفع جيش ميانمار لإبرام صفقة حكم ذاتي مع "جيش استقلال كاشين". ووصفت مصادر الوكالة مناقشات البيت الأبيض حول ذلك بـ"الاستكشافية وفي مراحلها الأولى"، ولفتت إلى أنها قد لا تفضي إلى أي تغيير بنهاية المطاف. وبحسب "رويترز"، فإن كاستيلو أخبر المسؤولين الأميركيين أن الجماعات الإثنية المتمردة في ميانمار، سئمت من كونها مستغلة من قبل الصين، وتريد العمل مع الولايات المتحدة. وشرح كاستيلو أنه لطالما حثّ الولايات المتحدة على محاولة التوصل إلى صفقة مع "جيش استقلال كاشين"، تتضمن التعاون مع شركات واشنطن في تحالف سكواد، وتحديداً الهند (مع أستراليا واليابان)، لمعالجة المعادن وإيصالها إلى الولايات المتحدة. لكن مسؤولاً بالحكومة الهندية، أكد للوكالة أنه لا يعلم شيئاً عن تواصل بين إدارة ترامب ونيودلهي في هذا الشأن. أما شون ترنيل، وهو اقتصادي أسترالي ومستشار سابق لأونغ سان سو تشي، فقد اقترح مواصلة دعم ترامب للقوى الديمقراطية في ميانمار. (العربي الجديد، رويترز) تقارير دولية التحديثات الحية نزاع ميانمار توقفه وساطة صينية: دوافع بكين ومصالحها


العربي الجديد
منذ 2 ساعات
- العربي الجديد
مشروعان وسرديّتان... وحرب لم تنته بعد
انتهت الحرب الإسرائيلية الإيرانية لكنها لم تنته بعد، هذا ما توحي به القراءة الأولية لمجريات حربٍ استندت، كما أفصح بنيامين نتنياهو، إلى نص تلمودي يروي حكاية شعبٍ "يقوم كالأسد، ويشرئب كالليث، ولا ينام حتى يأكل فريسته، ويشرب من دم ضحاياه". ومن هنا أخذت الحرب عند الإسرائيليين تسمية "الأسد الصاعد"، بينما أراد الإيرانيون منها تمثلاً لقيام "الوعد الصادق" الذي يرتبط بظهور "الإمام المهدي الواعد بالنصر المبين والعزّ والتمكين". ويجمع السرديتين انشداد إلى ماض ميثولوجي غارق في التاريخ، يدفع إلى إحيائه حاضر مأزوم ومزرٍ، ما يجعلنا ننظر إلى الحرب الماثلة أنها "حرب دينية"، على غرار ما حدث من حروبٍ في بقاع عديدة من العالم استلهمت رؤى ميثولوجية تختفي وراءها أو تترافق معها دوافع سياسية واستراتيجية واقتصادية معلومة. إذا ما أسقطنا هذه النظرة على الوقائع القائمة وما سبقها، وما سيلحق بها على امتداد الزمن المقبل، تتكشف لنا أهداف الطرفين المنخرطين في الصراع، وما يطمحان إلى تحقيقه، إذ ما هو واضح تماماً أن ما تريده إسرائيل من إيران بعد بتر أذرعها هو نزع أسنانها النووية، وتحجيم قدراتها الصاروخية لكي توقف تطلعّاتها في مواجهة المشروع الإسرائيلي، وقد تحقّق بعض ما أرادته عبر عملية "مطرقة منتصف الليل" التي نفذتها الولايات المتحدة، والتي استهدفت منشآت تخصيب اليورانيوم، وكذا من خلال ما فعلته إسرائيل نفسها عن طريق زرع شبكاتٍ تابعة للموساد في الأراضي الإيرانية، استخدمت قدرات إلكترونية متقدّمة أطاحت رؤوس أكثر من 60 قائداً عسكرياً وعالماً نووياً، ما ألحق أضراراً بالغة بالبنيتين النووية والصاروخية، وأحدثت دماراً فادحاً في منشآت ومراكز عسكرية، كما ضمنت اليد الطولى لسلاح الجو الإسرائيلي في السيطرة على الأجواء الإيرانية. فعلت إسرائيل هذا كله في مسعى مخطّط ومدروس لإزالة العوائق التي تحول دون قيام "الشرق الأوسط الجديد" الذي يعيد رسم الخريطة الجيوسياسية للمنطقة بما يضمن مصالحها ومصالح الغرب، وبما يشكّل نقلةً عمليةً تضمن لها نوعاً من التفوق الاستراتيجي والسياسي، وقد تخوض حروباً أخرى لاختبار هذا التفوّق وتكريسه، وهي بذلك تتماهى مع الشعار التوراتي الذي تبنّته الحركة الصهيونية منذ نشوئها الذي يرسم خريطة إسرائيل الموعودة بين الفرات والنيل. ما تريده إسرائيل من إيران بعد بتر أذرعها هو نزع أسنانها النووية، وتحجيم قدراتها الصاروخية لكي توقف تطلعّاتها في مواجهة المشروع الإسرائيلي معروفٌ، في المقابل، أن لإيران رؤيتها الاستراتيجية التي اعتنقتها عند قيام "الجمهورية الإسلامية" عام 1979، وقد عملت، منذ ذلك الوقت، على وضع خريطة طريق لتطبيق رؤيتها على الأرض عبر نشر (وإنفاذ) مشروعها العرقي الطائفي الذي تشكّل "ولاية الفقيه" غطاءه المعلن، ولتكريس هيمنتها على العالم العربي. وهذا ما جعلها تتواطأ مع الأميركيين إثر غزوهم العراق، وأن تهيمن على مقادير العراقيين وأقدارهم، وتأخذهم عنوة إلى ما تريده، وكذلك عملها الشرّير في تدمير النسيج الوطني، وخلخلة التركيبة السكانية، وتأجيج الاستقطابين، الديني والمذهبي، في أكثر من بلد عربي تحت شعار "تصدير الثورة". وانعكس مشروعها هذا أيضاً في مواجهة السوريين، عندما دخلت قطعات الحرس الثوري إلى دمشق، وشاركت في قمع الحراك الشعبي ضد نظام الأسد، وعدت مسؤولة عن قتل كثيرين من شباب سورية ونخبها وتغييبهم، كما اختطفت القرار السيادي اللبناني من خلال حزب الله، ووضعت بذلك شعب لبنان ودولته على كفّ عفريت، وهي في كل ممارساتها هذه اختارت الطريق المضادّ للعرب، لكنها عندما شعرت بالخطر يدنو منها بعد التداعيات الإقليمية التي أفرزتها عملية طوفان الأقصى، تنكبت عن نجدة ذيولها، وسعت إلى الانفتاح على دول الخليج، وتطبيع علاقاتها معها، والتقرّب من الولايات المتحدة والغرب. لا يمنعنا سرد هذه الوقائع التي يحاول بعضهم تغييبها عن الذاكرة من الإقرار بأن الإيرانيين حققوا في الحرب أخيراً اختراقاً في الجسد الاسرائيلي، عندما تمكّنوا من مواجهة الهجمات الأولى، واستوعبوا خسارتهم قياداتٍ عسكرية مهمّة، واستعاضوا عنها بقيادات أخرى حلّت محلّها بسرعة، وواصلوا إطلاق ضربات صاروخية موجعة أحدثت دماراً في منشآت ومراكز عسكرية وحيوية، ومثل هذا الاختراق المحسوب قدرة ردع وتوازن مع التفوق الإسرائيلي لا يمكن إغفالها. يبقى ما هو جدير بالإشارة إليه أن كلا المشروعين، الإسرائيلي والإيراني، يحملان كمية من الأحقاد والشرور كافية لإثارة الحروب وتأجيج التوترات على الدوام. ولسوء حظ العرب، فقد استقرّ مقامهم على الهامش بين هذين المشروعين، بعدما تآكل مشروعهم القومي، واستوطنتهم الهزائم والنكبات، ولم يتبقّ لديهم سوى أصواتهم المبحوحة التي تعبّر عن قلق وخوف مما قد يجري لاحقاً، خصوصاً أن الحرب الماثلة لم تصل إلى محطّتها النهائية بعد.