
وشاح غاندي وملابس زيلينسكي ... مقاربة سياسية!
عندما زار المهاتما غاندي، لندن عام 1931، لطرح مسألة استقلال الهند أمام البرلمان البريطاني، لم يتخلَّ عن وشاحه الشهير المعروف بـ«خادي». حينها، تعالت بعض الأصوات المحافظة في بريطانيا العظمى منتقدة هذا «السلوك» في عاصمة الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس. لكن غاندي، لم يعر اهتماماً لهذه الانتقادات، بل واصل ارتداء وشاحه في جميع لقاءاته واجتماعاته مع الحكومة البريطانية، ليكسب بذلك شعبية واسعة، خاصة بين الطبقة العاملة البريطانية. وتجلّى هذا التأييد الشعبي في التجمعات الحاشدة التي وقفت أمام مكان إقامته، حتى أن الفنان الأسطوري تشارلي شابلن، حرص على زيارته في الحي الشرقي الفقير في لندن، حيث اختار غاندي، أن يقيم.
وعلى الرغم من أنه كان قائداً لحركة التحرر الهندية ضد الاستعمار البريطاني، فإن الحكومة البريطانية لم تتخذ موقفاً رسمياً من لباسه، بل تركته وشأنه، رغم التزامها الصارم بتقاليد البروتوكول الذي يناسب التاج الملكي. وبعد قرابة 85 عاماً من زيارته، قامت بريطانيا بنصب تمثال لغاندي، مرتدياً وشاحه التقليدي، في ساحة البرلمان البريطاني، جنباً إلى جنب مع تمثال رئيس الوزراء البريطاني الأسبق ونستون تشرشل، أحد أبرز رموز الحرب العالمية الثانية.
في مشهد مختلف تماماً، أثارت ملابس الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، أثناء لقائه بالرئيس الأميركي في البيت الأبيض، جدلاً كبيراً. لم يرتدِ زيلينسكي بدلة رسمية، وهو ما دفع بعض الموظفين في البيت الأبيض لطلب ذلك منه قبل الاجتماع، لكنه رفض. انتقل هذا الموقف إلى الإعلام الأميركي، حيث تلقاه البعض بسخرية، بينما اعتبره آخرون انتهاكاً لبروتوكول البيت الأبيض.
وبينما كان الهدف الأساسي للزيارة مناقشة إنهاء الحرب في أوكرانيا، تحول النقاش إلى الجدل حول ملابسه، في محاولة غير مباشرة للحطّ من شأنه. بدا زيلينسكي متضايقاً من طريقة التعاطي معه أمام الكاميرات، وخرج من اللقاء منكسِراً مخزياً، ليجد نفسه في نهاية المطاف في مواجهة خيارين هزيمته من خصمه الروسي أو إلى القبول بالعرض الأميركي، لانه قد افتقد جميع أوراق التفاوض كما عبر عن ذلك الرئيس الأميركي.
لا يمكن المقارنة بين شخصية تاريخية بحجم غاندي ورئيس مثل زيلينسكي، لكن المفارقة هنا تكمن في طريقة التعامل معهما. لماذا نال غاندي، احترام البريطانيين رغم تحدّيه لهم من خلال ثورته البيضاء التي أدت إلى تخلخل الوجود البريطاني في جميع مستعمراته، بينما خرج زيلينسكي منكسراً من لقائه في البيت الأبيض دون خيار؟ الإجابة واضحة: النضال الحقيقي ينطلق من إرادة الشعوب، وليس من تنفيذ أجندات الآخرين. غاندي لم يكن مجرد رئيس سياسي، بل كان زعيماً شعبياً حقيقياً كافح من أجل استقلال بلاده وانتصر خلال حياته وحتى بعد وفاته، حيث خُلد اسمه في ساحة البرلمان البريطاني مزاحماً تماثيل أبطال الإمبراطورية العظمى. في المقابل، زيلينسكي رئيس أتى في سياق صراع دولي أكبر من مساحة أوكرانيا، ليخوض معركة ليست بالضرورة معركة شعبه، بل معركة مصالح دولية كبرى.
إن التاريخ مليء بالعِبر، وأهمها أن النضال الحقيقي لا يكون من أجل تحقيق مصالح القوى العظمى أو أي اطراف أخرى، بل من أجل الأوطان والشعوب. من يقاتل وفق أجندات الآخرين قد يجد نفسه يوماً ما ضحية أمام «سكين» لعبة المصالح ومتغيراتها، بينما من ينطلق من شعبه يبقى خالداً في وجدان أمته، ولو بعد حين.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الرأي
منذ 2 ساعات
- الرأي
سناتور ديمقراطي يسعى للحد من صلاحيات ترامب الحربية
واشنطن - رويترز - طرح عضو في مجلس الشيوخ الأميركي ينتمي للحزب الديمقراطي، تشريعاً لمنع الرئيس دونالد ترامب من استخدام القوة العسكرية ضد إيران من دون تفويض من الكونغرس، في وقت أثار فيه تصاعد المواجهة بين إسرائيل وإيران، مخاوف من نشوب صراع أوسع نطاقاً. ويحاول السناتور تيم كين، عضو مجلس الشيوخ عن ولاية فرجينيا، منذ سنوات استعادة سلطة الكونغرس في مسألة إعلان الحرب من البيت الأبيض. عام 2020 وخلال فترة ولاية ترامب الأولى، طرح كين تشريعاً مماثلاً لكبح جماح ترامب في ما يتعلق بشن حرب على إيران وحظي بتأييد في مجلسي الشيوخ والنواب، بدعم من بعض الجمهوريين، لكنه لم يحصل على الأصوات الكافية ليتغلب على حق النقض (الفيتو) الذي استخدمه الرئيس الأميركي. وقال كين إن التشريع الأحدث الذي طرحه بشأن صلاحيات الحرب، يؤكد أن الدستور الأميركي يمنح الكونغرس وحده، وليس الرئيس، سلطة إعلان الحرب ويقضي بأن الدخول في أي أعمال قتالية مع إيران يجب أن يكون من خلال إعلان حرب أو تفويض محدد باستخدام القوة العسكرية. وذكر في بيان «ليس من مصلحة أمننا القومي الدخول في حرب مع إيران إلا إذا كانت تلك الحرب ضرورة لا مفر منها للدفاع عن الولايات المتحدة. يساورني قلق بالغ من أن أحدث تصعيد في الأعمال القتالية بين إسرائيل وإيران سرعان ما سيجر الولايات المتحدة إلى صراع آخر لا نهاية له». وبموجب القانون الأميركي، تحظى تشريعات صلاحيات الحرب بأولوية النظر، وهو ما يعني أن مجلس الشيوخ سيكون ملزماً البت في المسألة والتصويت عليها على الفور. وكان الرئيس الأميركي، دعا إيران وإسرائيل إلى «إبرام تسوية»، مشيراً إلى أن واشنطن «من الممكن أن تنخرط» في النزاع ولكنها «ليست منخرطة» حالياً.


الوطن الخليجية
منذ 5 ساعات
- الوطن الخليجية
التصعيد الإسرائيلي الإيراني يهيمن على قمة مجموعة السبع
يبدأ قادة دول مجموعة السبع، بمن فيهم الرئيس الأميركي دونالد ترامب، اجتماع قمة الاثنين في جبال روكي الكندية، بحثا عن موقف مشترك بشأن قضايا عدة يتقدمها في الوقت الراهن التصعيد بين إيران وإسرائيل. ويعيد الاجتماع الذي يستمر ثلاثة أيام في مدينة كاناناسكيس الكندية، ترامب الى جدول المواعيد الدبلوماسية الدولية، بعدما فاجأ حلفاء بلاده منذ عودته الى البيت الأبيض بتغييرات واسعة في السياسة الخارجية، ورسوم جمركية باهظة على الشركاء والخصوم على السواء. ووضع رئيس الوزراء الكندي مارك كارني أجندة تهدف إلى التقليل من الخلافات خلال قمّة الدول الصناعية الكبرى، بريطانيا وكندا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان والولايات المتحدة. مع ذلك، يتوقع ظهور انقسامات بين قادة هذه الدول أثناء مناقشة الهجمات المتبادلة بين إيران وإسرائيل والتي بدأت عقب تنفيذ الدولة العبرية ضربات على مواقع نووية وعسكرية في الجمهورية الإسلامية فجر الجمعة. لكن دبلوماسيا، قال كارني إن كندا تستطلع حاليا آراء الدول بشأن دعوة مشتركة لـ'خفض التصعيد' بين إسرائيل وإيران. ويمكن لمجموعة السبع أن تدعو الى خفض التصعيد، أو تكتفي بتكرار 'حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها' وتحميل طهران المسؤولية عن التصعيد الراهن على خلفية برنامجها النووي. وقبيل القمة، أعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين أنها أبلغت رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو أن الدبلوماسية هي الخيار الأمثل بشأن إيران، من دون أن تطالب بوقف فوري لإطلاق النار. وقالت فون دير لاين للصحافيين في مكان انعقاد قمة مجموعة السبع، إنها توافقت مع نتانياهو على أن 'إيران لا ينبغي أن تمتلك سلاحا نوويا، دون أي شك'، مضيفة 'بالطبع أعتقد أن حلا تفاوضيا هو الأفضل على المدى البعيد'. وأشاد ترامب بالضربات الإسرائيلية، مع دعوته البلدين إلى 'إبرام تسوية'. من جهتها، حافظت الدول الأوروبية على موقف حذر. ودعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى ضبط النفس، لكنه حضّ طهران على استئناف المفاوضات مع واشنطن، متهما إيران بتصعيد التوترات المرتبطة ببرنامجها النووي. أما اليابان التي لطالما حافظت على علاقات ودية مع إيران، فاتخذت موقفا مختلفا عن الدول الغربية عبر إدانتها الضربات الإسرائيلية ووصفها بأنّها 'غير مقبولة ومؤسفة للغاية'. ويزور ترامب كندا التي لطالما ردد في الآونة الأخيرة أنها ستكون أفضل حالا في ما لو أصبحت 'الولاية الحادية والخمسين' في الولايات المتحدة. وزار ترامب كندا للمرة الأخيرة لحضور قمة مجموعة السبع في 2018، حيث وجّه انتقادات لرئيس الوزراء في حينه جاستن ترودو، وأبدى تحفظات على البيان الختامي. غير أنّ التوترات بين البلدين هدأت منذ تولي مارك كارني رئاسة الحكومة في كندا في آذار/مارس خلفا لترودو الذي كان ترامب أبدى عدم إعجابه به. وتعهد ترامب، الذي يسعى إلى إحداث تحول جذري في النظام الاقتصادي العالمي القائم على التجارة الحرة، بفرض رسوم جمركية شاملة على أصدقاء الولايات المتحدة وخصومها اعتبارا من التاسع من تموز/يوليو. وأعربت فون دير لايين التي تحدثت الى ترامب هاتفيا السبت، عن أملها في إحراز تقدّم في المحادثات التجارية. وقالت 'دعونا نحافظ على التجارة بيننا عادلة ويمكن التنبؤ بها ومفتوحة'، مضيفة 'علينا جميعا أن نتجنب الحمائية'. ودعت فون دير لايين كذلك مجموعة السبع للربط بين النزاع الإيراني الإسرائيلي، والحرب بين روسيا وأوكرانيا. وقالت رئيسة المفوضية إن 'المسيّرات والصواريخ البالستية المصمّمة والمصنّعة في إيران تقوم بضرب مدن في أوكرانيا وإسرائيل عشوائيا. لذا يجب مواجهة هذه التهديدات بالتوازي'. ودُعي الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لحضور القمة حيث يأمل في التحدث مع ترامب. وكان الرئيس الأميركي تعهّد بالتوصل إلى اتفاق سلام في أوكرانيا في الأيام الأولى من وصوله إلى البيت الأبيض، كما تقرّب من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. غير أنّ هذا التقارب لم يلبث أن تحوّل إلى غضب، بعدما رفض بوتين الدعوات الأميركية للتوصل إلى هدنة. وأجرى ترامب السبت اتصالا هاتفيا مع نظيره الروسي ناقشا خلاله النزاع بين إيران وإسرائيل والحرب في أوكرانيا، وأبدى ترامب 'انفتاحا' على أداء بوتين وساطة بين إسرائيل وإيران. أما الرئيس الفرنسي فأعرب عن اعتقاده أن نظيره الروسي لا يمكن أن يؤدي مثل هذه الوساطة 'بأي شكل من الأشكال'. ومن غير المتوقّع إدراج أي من القضيتين في البيان المشترك لمجموعة السبع، في وقت يسعى كارني بدلا من ذلك إلى إصدار بيانات تتعلّق بقضايا أقل إثارة للجدل مثل تحسين سلاسل التوريد. ويتوجّه ترامب إلى قمة مجموعة السبع بعد حضوره عرضا عسكريا غير عادي في واشنطن تزامن مع عيد ميلاده ومع احتجاجات شهدتها البلاد على سياساته.


كويت نيوز
منذ يوم واحد
- كويت نيوز
كلاب آلية وطائرات أسطورية.. أمريكا تحتفل بجيشها على طريقة ترمب
العرض العسكري الضخم الذي تزامن مع عيد ميلاد ترمب الـ79، شهد العديد من الملامح الطريفة والفريدة التي جعلت من الحدث مناسبة استثنائية تجمع بين التاريخ العريق والتقنيات الحديثة، مع لمسات فنية وترفيهية مميزة. العرض الذي شارك فيه نحو 7000 جندي، وجذب أنظار ملايين الأمريكيين والعالم، لم يكن مجرد استعراض للقوة العسكرية، بل كان سرداً حيّاً لتاريخ الجيش الأمريكي، مع لمحات مستقبلية تعكس التطور التكنولوجي الذي يشهده الجيش في العصر الحديث. من أبرز الملامح التي لفتت انتباه الحضور والمشاهدين حول العالم، كان استعراض الدبابات القديمة إلى جانب أحدث المعدات العسكرية. فقد شهد العرض مشاركة دبابات من طراز 'شيرمان' الشهيرة التي لعبت دوراً محورياً في الحرب العالمية الثانية، إلى جانب دبابة 'رينو' التي تعود إلى حقبة الحرب العالمية الأولى، وهي دبابات نادرة لم تظهر في عروض عسكرية بهذا الحجم منذ عقود.