logo
بيضة واحدة في الأسبوع تقلل من خطر الوفاة بأمراض القلب

بيضة واحدة في الأسبوع تقلل من خطر الوفاة بأمراض القلب

العربية١٦-٠٢-٢٠٢٥

كشفت نتائج دراسة جديدة أن تناول ما بين بيضة واحدة وست بيضات كل أسبوع يقلل بشكل كبير من خطر الوفاة لأي سبب ولكن بشكل خاص من أمراض القلب، حتى في الأشخاص الذين تم تشخيصهم بمستويات عالية من الكوليسترول.
مخاوف من الكوليسترول
وفقًا لما نشره موقع "نيو أطلس" New Atlas نقلًا عن دورية Nutrients، إن البيض مفيد للصحة العامة، لأنه ملئ بالعناصر الغذائية المفيدة، بما يشمل البروتين عالي الجودة، لكن كان هناك مخاوف متكررة بشأن محتواه من الكوليسترول وتأثيره على أمراض القلب.
مؤخرًا، أعادت دراسة جديدة، بقيادة باحثين من جامعة موناش الأسترالية، النظر في موضوع استهلاك البيض، وفحصت على وجه التحديد ارتباطه بالوفاة بأمراض القلب لدى كبار السن".
فيتامينات ومعادن
قالت هولي وايلد، محاضرة من كلية الصحة العامة والطب الوقائي بـ"جامعة موناش" والباحثة الرئيسية في الدراسة، إن "البيض غذاء غني بالعناصر الغذائية، وهو مصدر غني بالبروتين ومصدر جيد للعناصر الغذائية الأساسية، مثل فيتامينات B وحمض الفوليك والأحماض الدهنية غير المشبعة، والفيتامينات التي تذوب في الدهونE وD وA وK والكولين، والعديد من المعادن والعناصر النزرة"، موضحة أن "الأبحاث تشير إلى أن البيض مصدر مُفضل للبروتين لكبار السن الذين يعانون من تدهور جسدي وحسي مرتبط بالعمر".
متابعة لمدة 6 سنوات
والباحثون بيانات من 8756 بالغًا أستراليًا وأمريكيًا تزيد أعمارهم عن 70 عامًا حيث تم تقييم الارتباط بين تناول البيض والوفيات الناجمة عن جميع الأسباب والوفيات المرتبطة بالسبب - في هذه الحالة، أمراض القلب والأوعية الدموية والسرطان - بعد تعديل العوامل الاجتماعية والديموغرافية والصحية والسريرية، وجودة النظام الغذائي بشكل عام. وكانت فترة المتابعة تقترب من ست سنوات.
خطر وفاة أقل بنسبة 17%
كشفت النتائج أن المشاركين، الذين يستهلكون البيض بشكل أسبوعي، أي أنهم تناولوا من بيضة إلى ست بيضات في الأسبوع، يواجهون خطر أقل بنسبة 29% للوفاة من أمراض القلب والأوعية الدموية وخطر أقل بنسبة 17% للوفاة لأي سبب مقارنة بالمشاركين الذين لم يتناولوا البيض أبدًا أو نادرًا. ولم يكن هناك ارتباط ذو دلالة إحصائية بين استهلاك البيض والوفيات بسبب السرطان.
نظام غذائي عالي الجودة
وعندما فحص الباحثون تأثير جودة النظام الغذائي على العلاقة بين استهلاك البيض وخطر الوفاة بسبب أمراض القلب والأوعية الدموية، وجدوا أن المشاركين الذين تناولوا نظامًا غذائيًا متوسطًا وعالي الجودة والذين تناولوا البيض أسبوعيًا أظهروا انخفاضًا في خطر الوفاة بسبب أمراض القلب والأوعية الدموية بنسبة 33% و44% مقارنة بأولئك الذين لم يتناولوا البيض أبدًا أو نادرًا.
وقال الباحثون: "إن النتائج الأولية لوفيات أمراض القلب والأوعية الدموية ظلت ثابتة بالنسبة لأولئك الذين لديهم جودة غذائية متوسطة إلى عالية، مع انخفاض طفيف في المخاطر بالنسبة لأولئك الذين لديهم نظام غذائي أعلى جودة، مما يشير إلى أن جودة النظام الغذائي قد تلعب دورًا وقائيًا إضافيًا في الارتباط بين استهلاك البيض والوفاة".
الكوليسترول ودهون الدم
ومن المثير للاهتمام، وعلى النقيض من نتائج بعض الدراسات السابقة، وجد الباحثون أنه بغض النظر عن وجود مستويات غير صحية من الكوليسترول أو الدهون في الدم، والتي تسمى خلل شحميات الدم، فإن الارتباط بين استهلاك البيض أسبوعيًا وانخفاض خطر الوفاة بسبب أمراض القلب والأوعية الدموية ظل ثابتًا.
وقالت وايلد: "لاحظت الأبحاث السابقة ارتفاع خطر الوفاة مع استهلاك البيض لأولئك الذين لديهم نسبة عالية من الكوليسترول.. ولهذا السبب، استكشفنا أيضًا العلاقة بين استهلاك البيض والوفيات لدى الأشخاص المصابين بخلل شحميات الدم (ارتفاع الكوليسترول الذي تم تشخيصه سريريًا) ومن هم غير مصابين به. وجدنا أن خطر الوفاة المرتبط بأمراض القلب والأوعية الدموية أقل بنسبة 27% لدى المشاركين المصابين بخلل شحميات الدم الذين تناولوا البيض أسبوعيًا، مقارنة بنظرائهم الذين تناولوا البيض نادرًا أو لم يتناولوه أبدًا، مما يشير إلى أنه في هذه الدراسة، لا يؤثر وجود خلل شحميات الدم على المخاطر المرتبطة باستهلاك البيض."
بيضة واحدة يوميًا
حاليًا، تقول جمعية القلب الأميركية أن الأشخاص الأصحاء يمكنهم تناول بيضة كاملة واحدة كل يوم وأن "كبار السن الذين لديهم مستويات كوليسترول صحية يمكنهم تناول اثنتين" بسبب القيمة الغذائية التي توفرها. وبالمثل، توصي المبادئ التوجيهية الغذائية الأسترالية ومؤسسة القلب الأسترالية بأن البالغين الذين لديهم كوليسترول طبيعي يمكنهم تناول ما يصل إلى سبع بيضات في الأسبوع.
وقالت وايلد: "تشير النتائج إلى أن تناول ما يصل إلى ست بيضات في الأسبوع ربما يقلل من خطر الوفاة من جميع الأسباب والأمراض المرتبطة بالقلب والأوعية الدموية لدى كبار السن. يمكن أن تكون هذه النتائج مفيدة في تطوير إرشادات غذائية قائمة على الأدلة لكبار السن."

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

6 نصائح ذهبية للطلاب للاستعداد لاختبار دراسي بنجاح
6 نصائح ذهبية للطلاب للاستعداد لاختبار دراسي بنجاح

صحيفة المواطن

timeمنذ 8 ساعات

  • صحيفة المواطن

6 نصائح ذهبية للطلاب للاستعداد لاختبار دراسي بنجاح

يُعد أي اختبار دراسي من أهم التحديات التي تواجه الطلاب خلال مسيرتهم التعليمية وهو الأمر الذي يحتاج إلى التخطيط الجيد والاستعداد المناسب. وهناك مجموعة من النصائح العملية لتحقيق النجاح في أي اختبار دراسي، مع التركيز على تحسين النتائج وزيادة الثقة في النفس. 1. التخطيط المسبق للاختبار الدراسي الاستعداد الجيد يبدأ بالتخطيط. قم بإعداد جدول دراسة يغطي جميع المواد المطلوبة للاختبار الدراسي. قسّم الوقت بشكل متساوٍ بين المواضيع، مع تخصيص وقت إضافي للمواد التي تجدها صعبة. ويُفضل أن تبدأ المراجعة قبل موعد الاختبار بأسابيع، حيث يساعد ذلك على تقليل التوتر وتحسين الاستيعاب. استخدم تقنيات مثل تقسيم المادة إلى أجزاء صغيرة لتسهيل الحفظ والفهم. 2. تنظيم بيئة الدراسة اختيار مكان هادئ ومريح للدراسة يعزز التركيز. تأكد من أن مكان الدراسة خالٍ من المشتتات مثل الهاتف أو الضوضاء. جهّز جميع الأدوات التي تحتاجها، مثل الكتب والملخصات والدفاتر، لتجنب إضاعة الوقت. بيئة منظمة تساعدك على التركيز على المراجعة للاختبار الدراسي بكفاءة. 3. استخدام تقنيات دراسة فعّالة اعتمد على استراتيجيات دراسة ذكية مثل تقنية 'البومودورو'، التي تقسم وقت الدراسة إلى جلسات قصيرة (25 دقيقة) مع فواصل قصيرة. كذلك، استخدم الخرائط الذهنية لتنظيم المعلومات، وكرر المراجعة بشكل دوري لتثبيت المعلومات في الذاكرة طويلة المدى. حاول أيضًا حل اختبارات دراسية سابقة للتعرف على نمط الأسئلة المتوقعة. 4. العناية بالصحة أثناء الإعداد للاختبار الصحة الجسدية والنفسية تلعب دورًا كبيرًا في أدائك في أي اختبار دراسي. احرص على النوم لمدة 7-8 ساعات يوميًا، حيث يساعد النوم على تعزيز الذاكرة. تناول وجبات صحية غنية بالبروتينات والفيتامينات لدعم وظائف الدماغ. ولا تهمل التمارين الرياضية الخفيفة، مثل المشي، لتخفيف التوتر وزيادة التركيز. 5. إدارة التوتر قبل الاختبار الدراسي الشعور بالقلق قبل الاختبار أمر طبيعي، لكن يمكنك التحكم به من خلال تمارين التنفس العميق أو التأمل. حاول التركيز على ما أنجزته بدلاً من القلق بشأن ما لم تدرسه. قبل يوم الاختبار، خصص وقتًا للراحة وتجنب المراجعة المكثفة في اللحظات الأخيرة. 6. نصائح يوم الاختبار الدراسي في يوم الاختبار، احرص على الوصول مبكرًا إلى قاعة الاختبار لتجنب أي توتر غير ضروري. اقرأ الأسئلة بعناية، وقسّم وقتك بحيث تجيب عن الأسئلة السهلة أولاً، ثم عد إلى الأسئلة الصعبة ولا تنسَ مراجعة إجاباتك قبل تسليم الورقة. نصائح مهمة قبل الاختبارات وينصح باتباع بعض القواعد التي تساعد على التركيز في أداء الاختبارات كما يلي:

المكملات الغذائية ضرورة أم ترف
المكملات الغذائية ضرورة أم ترف

سعورس

timeمنذ 12 ساعات

  • سعورس

المكملات الغذائية ضرورة أم ترف

وفي هذا السياق، يحسن بنا تأمل أرقام تجسد هذه الظاهرة في حجمها الحقيقي وتبين مدى جدية الأمر. إذ تشير بيانات شركة Grand View Research إلى أنّ حجم السوق العالمي للمكمّلات الغذائية بلغ قرابة 192 مليار دولار في 2024، مع توقّعات بتجاوزه ليصل إلى 327 مليار دولار بحلول 2030، أي بمعدّل نمو سنوي مركّب يقارب 9%. هذا الإنفاق المالي الهائل يفسّر ضراوة الحملات الإعلانية، ويضع علامة استفهام حول الفجوة بين حجم الإنفاق العالمي والعائد الصحي الفعلي الذي يجنيه المستهلكون من هذه المنتجات. غير أنّ المؤشرات الاقتصادية لا تسرد الواقع بكل تفاصيله، فبيانات الصحة العامة تكشف جانبًا مُغايرًا لا مناص لنا من التعريج عليه. حيث إن تقريرًا صادرًا عن «مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها» في الولايات المتحدة الأمريكية يشير إلى أن أكثر من 52% من البالغين الأمريكيين يتناولون مكملات غذائية بشكل يومي، ويؤكد «المعهد القومي للصحة» بما لا يدع مجالًا للشك أن غالبية المستخدمين لا يعانون من أي نقص يستوجب التعويض. بل إنه من المفارقة للأسف أن هذه المكملات الغذائية لا تخضع لنفس المعايير الصارمة التي تقيِّد الأدوية والعقاقير الطبية وتنظم وصولها إلى المستهلك، فهي (هذه المكملات الغذائية) تدخل الأسواق بأقل حد من الرقابة الصحية والغذائية وبكثير من التسويق والتلميع الاحترافي. أما على صعيد جودة ما يُعرض في الأسواق، فتُظهر الدراسات الميدانية حقائق أكثر ترويعًا. إذ إن تحقيقًا آخر منشورًا في JAMA Network Open عام 2022 حلّل واختبر ثلاثين منتجًا من المكمّلات الغذائية التي تستهدف تعزيز أداء الرياضيين وتحسن بنيتهم الجسدية، خلُص إلى أنّ 13 منتجًا فقط طابقت مكوّناتها المكتوبة على ملصقاتها والنشرات المصاحبة لها، في حين افتقر الباقي منها إلى الدقّة أو احتوى على عناصر غير مُعلنة على أقل تقدير. هذه النتيجة المفجعة والتي تلامس صحة المستهلك بشكل مباشر سلّطت الضوء على هشاشة الرقابة في هذا القطاع، وأكّدت أهمية اعتماد اختبارات من أطراف متخصصة محايدة قبل الوثوق بأي فيتامينات أو مكملات غذائية مهما ذاع صيتها وانتشرت دعاياتها وزكاها المشاهير. وعلى الرغم من هذه المخالفات، يبقى للمكمّلات الغذائية وما على شاكلتها من منتجات مواضع استعمالٍ مشروعة يقرُّها أهل الاختصاص. إذ نجد أن كثيرًا من الأطباء يقرون بأن بعض هذه المكملات الغذائية ضرورة حتمية في ظروف محدودة جدا وبتوصية من خبراء متخصصين. كالنساء الحوامل اللائي يحتجن لحمض الفوليك، وكبار السن ممن شُخص لديهم ضعف امتصاص [فيتامين ب 12]، وكذلك سكان المناطق الباردة المفتقرين [ل فيتامين د] الناجم عن غياب أشعة الشمس المباشرة لفترات زمنية طويلة. على صعيد آخر، يطرح الطبيب النمساوي «بيتر كرامر» تساؤلًا منطقيًا في مقال علمي بمجلة Lancet على سبيل التحذير والتنبيه، «ما الذي يدفع كثيرًا من المفعمين بالصحة والعافية إلى تعاطي هذه المنتجات دون التفكير في استشارات متخصصة؟» لا ريب أن جواب سؤال كهذا لا يحتاج إلى كثير من التفكير والتمحيص، فذلك لعمري ناجم عن ثقافة الناس وقناعاتهم التي شكلتها إستراتيجيات التسويق المنهمرة عليهم. ناهيك عن كوننا بتنا نعيش في عصر القلق الصحي، عصر يخشى فيه الإنسان الوهن أكثر من المرض والشيخوخة أكثر من الموت. وفي سياق كهذا، تصبح كبسولة أو ملعقة شراب أشبه ما يكون بوعد لا يشوبه شك بوافر الطمأنينة الصحية والرضى النفسي عن الذات. فمن منا يرضى أن يوصف بالإهمال في صحته، ومن منا لديه الاستعداد للتخلف عن قافلة «الحياة الأفضل» المزعومة. حينها، تصبح هذه الحبوب والكبسولات والإبر والمشروبات أدوات ترمز للحماية والوقاية والتحسين، وللعلاج في بعض الأحيان، بل وإلى الرقي الثقافي وفق اعتقادات البعض. في مجتمعاتنا، ومع زيادة الوعي الصحي بأهمية العناية بالغذاء وسلوكيات المأكل والمشرب، دخلت شركات المكملات الغذائية على خط التسويق والتعريف والإشهار بكل ما لديها من أموال ونفوذ. صفحات إنستغرام وفيسبوك وغيرها من المنصات لا تنفك توصي بكبسولات «الحيوية والنشاط»، ومتاجر إلكترونية تَعِدك ب«نظام مناعة لا نظير له» دون الحاجة لوصفات أو تحاليل على حد زعمهم، وأخرى تدعي منحك الجسد الذي تحلم به ودون أي تضحيات من لدنك سوى شيء من المال. هذا الطوفان من الدعايات الذي يستهدف العقل الباطن يضع المستهلك في موقف لا يميز فيه بين الضرورة العلاجية والترف صحي الذي لا طائل منه، بل وقد يقود إلى ما لا يحمد عقباه. القضية يا إخوه لا تتعلق بنفي فوائد المكملات الغذائية مطلقًا، بل في تحجيم تعميمها، وربط استخدامها بحالات صحية واقعية وفق أسس علمية مدروسة. فالطبيب هو من يحدد الحاجة لها، وليس ذلك المؤثر أو المشهور في وسائل التواصل الاجتماعي. وحدها التحاليل المعملية والطبية هي الفيصل، وليست الإعلانات التسويقية التي تلاحقنا أينما ولينا وجوهنا. أما إن وجد المرء منا نفسه لا مناص له من تعاطيها بعد أن وصفها له المختص، فلا بد من اتباع بضع خطوات تضمن له بإذن الله تحقيق ما يرجوه وبأقل أثر سلبي إن وجد. أولى هذه الخطوات عند اختيار المنتج، فينبغي التأكد من وجود ختم أو شعار لجهةٍ محايدة على المنتج مثل USP أو NSF أو Informed-Sport، وهي منظمات عالمية معروفة، بعضها غير ربحية متخصصة في تحليل ودراسة واختبار هذه المنتجات للتأكد من صلاحية استخدامها ومطابقة ما كتب على ملصقاتها ونشراتها مع ما تحتويه فعليًا من مواد وعناصر. ثم تأتي الخطوة الثانية والتي يجب فيها على المستهلك منا إلقاء نظرة فاحصة على خانة «% DV» التي تبيّن نسبة ما يلبّيه المنتج من احتياجه اليومي، فارتفاع الجرعة لا يعني بالضرورة زيادة الفائدة، بل على النقيض قد يرهق الكبد والكُلى. وأخيرًا تجنب أي عبوة اقترب تاريخ انتهاء صلاحيتها حتى وإن أغرتك العروض، ففعالية المكوّنات النشطة تتراجع بمرور الوقت كما هو معروف. ولعلنا نخلص إلى أن المكملات الغذائية ليست عدوًا محضًا، وفي الوقت نفسه ليست صديقًا صدوقًا. فالتوازن في استخدامها وقبل ذلك التشخيص واستشارة المتخصصين هي الضمان الأمثل لجلب فوائدها ودرء مفاسدها. أما الاستهلاك الوقائي لمجرد الاطمئنان وإشباع هوس في نفس يعقوب، فقد ينتهي بالمرء إلى تكبد أعباء مالية لا طائل منها، ناهيك عن آثارها الجانبية ومضاعفاتها الصحية المحتملة بنسب عالية.

المكملات الغذائية ضرورة أم ترف
المكملات الغذائية ضرورة أم ترف

الوطن

timeمنذ 12 ساعات

  • الوطن

المكملات الغذائية ضرورة أم ترف

باتت المكملات الغذائية في السنوات الأخيرة جزءًا من السلوك الاستهلاكي اليومي، ليس في مراكز اللياقة وبناء الأجسام وحسب، بل على رفوف الصيدليات، ومنصات التواصل الاجتماعي والمتاجر الإلكترونية. كبسولات أنيقة، وأشرطة حبوب منمقة، وعبوات براقة، ووعود بالصحة، والمناعة، والطاقة الدائمة. وسط هذا الضجيج «الصحي» النشط، يتبادر إلى الذهن تساؤل قد يزعج المنتفعين من هذا السوق: هل فعلًا نحتاج إلى هذه المائدة الضخمة من المكملات الغذائية؟ أم أننا ضحايا تجارة رائجة تستغل هوس البعض بالصحة والحيوية والجمال والشباب الدائم؟ وفي هذا السياق، يحسن بنا تأمل أرقام تجسد هذه الظاهرة في حجمها الحقيقي وتبين مدى جدية الأمر. إذ تشير بيانات شركة Grand View Research إلى أنّ حجم السوق العالمي للمكمّلات الغذائية بلغ قرابة 192 مليار دولار في 2024، مع توقّعات بتجاوزه ليصل إلى 327 مليار دولار بحلول 2030، أي بمعدّل نمو سنوي مركّب يقارب 9%. هذا الإنفاق المالي الهائل يفسّر ضراوة الحملات الإعلانية، ويضع علامة استفهام حول الفجوة بين حجم الإنفاق العالمي والعائد الصحي الفعلي الذي يجنيه المستهلكون من هذه المنتجات. غير أنّ المؤشرات الاقتصادية لا تسرد الواقع بكل تفاصيله، فبيانات الصحة العامة تكشف جانبًا مُغايرًا لا مناص لنا من التعريج عليه. حيث إن تقريرًا صادرًا عن «مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها» في الولايات المتحدة الأمريكية يشير إلى أن أكثر من 52% من البالغين الأمريكيين يتناولون مكملات غذائية بشكل يومي، ويؤكد «المعهد القومي للصحة» بما لا يدع مجالًا للشك أن غالبية المستخدمين لا يعانون من أي نقص يستوجب التعويض. بل إنه من المفارقة للأسف أن هذه المكملات الغذائية لا تخضع لنفس المعايير الصارمة التي تقيِّد الأدوية والعقاقير الطبية وتنظم وصولها إلى المستهلك، فهي (هذه المكملات الغذائية) تدخل الأسواق بأقل حد من الرقابة الصحية والغذائية وبكثير من التسويق والتلميع الاحترافي. أما على صعيد جودة ما يُعرض في الأسواق، فتُظهر الدراسات الميدانية حقائق أكثر ترويعًا. إذ إن تحقيقًا آخر منشورًا في JAMA Network Open عام 2022 حلّل واختبر ثلاثين منتجًا من المكمّلات الغذائية التي تستهدف تعزيز أداء الرياضيين وتحسن بنيتهم الجسدية، خلُص إلى أنّ 13 منتجًا فقط طابقت مكوّناتها المكتوبة على ملصقاتها والنشرات المصاحبة لها، في حين افتقر الباقي منها إلى الدقّة أو احتوى على عناصر غير مُعلنة على أقل تقدير. هذه النتيجة المفجعة والتي تلامس صحة المستهلك بشكل مباشر سلّطت الضوء على هشاشة الرقابة في هذا القطاع، وأكّدت أهمية اعتماد اختبارات من أطراف متخصصة محايدة قبل الوثوق بأي فيتامينات أو مكملات غذائية مهما ذاع صيتها وانتشرت دعاياتها وزكاها المشاهير. وعلى الرغم من هذه المخالفات، يبقى للمكمّلات الغذائية وما على شاكلتها من منتجات مواضع استعمالٍ مشروعة يقرُّها أهل الاختصاص. إذ نجد أن كثيرًا من الأطباء يقرون بأن بعض هذه المكملات الغذائية ضرورة حتمية في ظروف محدودة جدا وبتوصية من خبراء متخصصين. كالنساء الحوامل اللائي يحتجن لحمض الفوليك، وكبار السن ممن شُخص لديهم ضعف امتصاص [فيتامين ب 12]، وكذلك سكان المناطق الباردة المفتقرين [لـ فيتامين د] الناجم عن غياب أشعة الشمس المباشرة لفترات زمنية طويلة. على صعيد آخر، يطرح الطبيب النمساوي «بيتر كرامر» تساؤلًا منطقيًا في مقال علمي بمجلة Lancet على سبيل التحذير والتنبيه، «ما الذي يدفع كثيرًا من المفعمين بالصحة والعافية إلى تعاطي هذه المنتجات دون التفكير في استشارات متخصصة؟» لا ريب أن جواب سؤال كهذا لا يحتاج إلى كثير من التفكير والتمحيص، فذلك ــ لعمري ــ ناجم عن ثقافة الناس وقناعاتهم التي شكلتها إستراتيجيات التسويق المنهمرة عليهم. ناهيك عن كوننا بتنا نعيش في عصر القلق الصحي، عصر يخشى فيه الإنسان الوهن أكثر من المرض والشيخوخة أكثر من الموت. وفي سياق كهذا، تصبح كبسولة أو ملعقة شراب أشبه ما يكون بوعد لا يشوبه شك بوافر الطمأنينة الصحية والرضى النفسي عن الذات. فمن منا يرضى أن يوصف بالإهمال في صحته، ومن منا لديه الاستعداد للتخلف عن قافلة «الحياة الأفضل» المزعومة. حينها، تصبح هذه الحبوب والكبسولات والإبر والمشروبات أدوات ترمز للحماية والوقاية والتحسين، وللعلاج في بعض الأحيان، بل وإلى الرقي الثقافي وفق اعتقادات البعض. في مجتمعاتنا، ومع زيادة الوعي الصحي بأهمية العناية بالغذاء وسلوكيات المأكل والمشرب، دخلت شركات المكملات الغذائية على خط التسويق والتعريف والإشهار بكل ما لديها من أموال ونفوذ. صفحات إنستغرام وفيسبوك وغيرها من المنصات لا تنفك توصي بكبسولات «الحيوية والنشاط»، ومتاجر إلكترونية تَعِدك بـ«نظام مناعة لا نظير له» دون الحاجة لوصفات أو تحاليل على حد زعمهم، وأخرى تدعي منحك الجسد الذي تحلم به ودون أي تضحيات من لدنك سوى شيء من المال. هذا الطوفان من الدعايات الذي يستهدف العقل الباطن يضع المستهلك في موقف لا يميز فيه بين الضرورة العلاجية والترف صحي الذي لا طائل منه، بل وقد يقود إلى ما لا يحمد عقباه. القضية يا إخوه لا تتعلق بنفي فوائد المكملات الغذائية مطلقًا، بل في تحجيم تعميمها، وربط استخدامها بحالات صحية واقعية وفق أسس علمية مدروسة. فالطبيب هو من يحدد الحاجة لها، وليس ذلك المؤثر أو المشهور في وسائل التواصل الاجتماعي. وحدها التحاليل المعملية والطبية هي الفيصل، وليست الإعلانات التسويقية التي تلاحقنا أينما ولينا وجوهنا. أما إن وجد المرء منا نفسه لا مناص له من تعاطيها بعد أن وصفها له المختص، فلا بد من اتباع بضع خطوات تضمن له ــ بإذن الله ــ تحقيق ما يرجوه وبأقل أثر سلبي إن وجد. أولى هذه الخطوات عند اختيار المنتج، فينبغي التأكد من وجود ختم أو شعار لجهةٍ محايدة على المنتج مثل USP أو NSF أو Informed-Sport، وهي منظمات عالمية معروفة، بعضها غير ربحية متخصصة في تحليل ودراسة واختبار هذه المنتجات للتأكد من صلاحية استخدامها ومطابقة ما كتب على ملصقاتها ونشراتها مع ما تحتويه فعليًا من مواد وعناصر. ثم تأتي الخطوة الثانية والتي يجب فيها على المستهلك منا إلقاء نظرة فاحصة على خانة «% DV» التي تبيّن نسبة ما يلبّيه المنتج من احتياجه اليومي، فارتفاع الجرعة لا يعني بالضرورة زيادة الفائدة، بل على النقيض قد يرهق الكبد والكُلى. وأخيرًا تجنب أي عبوة اقترب تاريخ انتهاء صلاحيتها حتى وإن أغرتك العروض، ففعالية المكوّنات النشطة تتراجع بمرور الوقت كما هو معروف. ولعلنا نخلص إلى أن المكملات الغذائية ليست عدوًا محضًا، وفي الوقت نفسه ليست صديقًا صدوقًا. فالتوازن في استخدامها وقبل ذلك التشخيص واستشارة المتخصصين هي الضمان الأمثل لجلب فوائدها ودرء مفاسدها. أما الاستهلاك الوقائي لمجرد الاطمئنان وإشباع هوس في نفس يعقوب، فقد ينتهي بالمرء إلى تكبد أعباء مالية لا طائل منها، ناهيك عن آثارها الجانبية ومضاعفاتها الصحية المحتملة بنسب عالية.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store