
تقرير غاز ورصاص وإهانة.. مأساة "يوم النساء" في "مصائد الموت"
خرجت ماريا شيخ العيد، كغيرها من النساء اللواتي غادرن خيام النزوح، متجهات إلى مركز المساعدات الأمريكي، أو ما بات يُعرف شعبيًّا باسم "مصائد الموت"، لكثرة المجازر المرتكبة فيه، على أمل أن يحظين بمعاملة "رحيمة" نظرًا لخصوصية حالتهن كنساء، لكن الواقع كان امتدادًا لمآسي الرجال والشباب، بل ربما أكثر قسوة.
سارت ماريا مسافات طويلة بين تلال رملية وأبنية مدمرة، حتى أنهكها التعب قبل الوصول. ثم وقفت في طابور طويل تحت لهيب الشمس، تتصبب عرقًا في انتظار طرود لم تصل، ليُفاجأ الجميع بوجود بضع طرود فقط في ساحة المركز، لم تكفِ سوى لعدد قليل من السيدات. وعندما طُلب منهن العودة، فوجئن بعناصر الشركة الأمريكية يرشون الناس بغاز الفلفل، ويطلقون الرصاص عشوائيًّا. حاولت ماريا الاحتماء خلف مبنى مدمر، لكن إحدى الرصاصات أصابتها في الرأس عند الساعة الثالثة من عصر الخميس.
بصعوبة، تمكنت النساء المرهقات من حملها إلى مشفى الصليب الأحمر غرب مواصي رفح، ليفجع والدها الحاج أبو نعيم، الذي كان قد ودّع شقيقه قبل يوم إثر قصف على خيمة نزوح، وقبل أشهر ودّع ابنته الأخرى شهيدة.
فقد جديد
كانت ملاك (20 عامًا) وشقيقها سليمان (6 أعوام) ينتظران والدتهما بكيس من المساعدات يسد رمق المجاعة التي تعيشها العائلة منذ استشهاد والدهم، لكنها عادت إليهم في كفن.
يقول الحاج أبو نعيم: "حين سمعت ماريا عن تخصيص يوم للنساء، ذهبت كونها أرملة شهيد، على أمل إحضار طعام لأطفالها الصغار. لكنها قُتلت برصاصة أحدثت فتحة كبيرة في الرأس، حسب شهود العيان، ما يدل على أنها من قناص أو دبابة".
ويضيف لصحيفة "فلسطين": "قبل أسبوع، جمعت أولادي وطلبت منهم ألا يذهبوا لمراكز المساعدات، وقلت لهم: إذا امتنع الناس، سيتلقى الاحتلال والشركة الأمريكية صدمة. لكنها ذهبت رغم ذلك، وظل أولادها ينتظرونها على الطريق، وحين علموا باستشهادها، أغمي عليهم من الصدمة". وبعد دفنها يوم الجمعة، عاد الأب إلى خيمته، لكن أبناءها ظلوا في المقبرة يبكون على قبرها.
ماريا، التي عاشت ظروفًا مادية صعبة، تبرعت لها جمعية بشقة قبل الحرب بعام، لكن الاحتلال دمّرها. ومنذ استشهاد زوجها في خيمة نزوح بخان يونس، عاشت مع أطفالها في عزلة وقهر، حتى رحلت في سعيها الأخير خلف طعام لم يصل.
مسنّة حاصرتها الدبابة
أما الحاجة "أم إسماعيل" (64 عامًا) فلم يمنعها كِبر سنها من التوجه إلى مركز المساعدات، ظنًّا منها أن يوم النساء سيكون مختلفًا. انطلقت صباح الخميس من منطقة الإقليمي نحو "الشاكوش" غرب رفح، وسارت مشيًا على الأقدام لساعات، لكنها عادت بخفي حنين، محملة بآلام الجسد وخيبة الأمل.
تقول لصحيفة "فلسطين": "وقفنا في طوابير طويلة، ولم نرَ سوى أربعة طرود حصلت عليها عشر نساء. ثم طلبوا منا المغادرة. وعندما اعترضنا، رشّونا بغاز الفلفل. احترق جسد ابنة شقيقي، وغابت الرؤية، وبدأ إطلاق الرصاص. سقطت النساء أرضًا من الخوف والتعب".
رغم الألم، عادت الحاجة إلى خيمتها لتعد طعامًا، ثم رجعت عصرًا مجددًا إلى المركز مع نساء العائلة، لكنها فوجئت بإطلاق نار من دبابة تجاههن. احتمين خلف البيوت المدمرة ولوّحن بأكياس الطحين الفارغة للدبابة، في محاولة للنجاة، بينما بقيت ابنة أخيها محاصرة لساعتين حتى تمكنت من العودة.
تصف تلك اللحظات بأنها "إهانة وذل"، وتقول: "ذهبت لإحضار طعام لي ولزوجي، لا نملك شيئًا نأكله، ولم أتخيل أن أُذل بهذه الطريقة".
وتتوالى تنديدات المنظمات الحقوقية الدولية بالجرائم المرتكبة في مراكز المساعدات المدعومة أمريكيًا وإسرائيليًا، والتي أسفرت عن استشهاد أكثر من 900 فلسطيني أثناء بحثهم عن لقمة تسد رمقهم.
المصدر / فلسطين أون لاين

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


فلسطين أون لاين
منذ 2 أيام
- فلسطين أون لاين
تقرير "النَّمر" في مرمى القسَّام... المقاومة تفجُّر هيبة الرَّدع الإسرائيليِّ في غزَّة
غزة/ علي البطة: في تحول لافت، أسقطت المقاومة الفلسطينية، وتحديدا كتائب القسام، الهيبة العسكرية لناقلات "النمر"، المدرعة الأشد تحصينا وتطورا في ترسانة الاحتلال الإسرائيلي. سلسلة من العمليات النوعية في خان يونس جنوبي قطاع غزة، أظهرت قدرة المقاومة على اختراق أعمق المنظومات العسكرية للاحتلال، وتجاوز انظمة الحماية المتقدمة مثل نظام "تروفي"، عبر تكتيك "المسافة صفر" الذي أربك حسابات الاحتلال وأحدث اختراقا في منظومة الردع. تكرار استهداف هذه المدرعات، وتدميرها، لم يكن مجرد إنجاز ميداني، بل رسالة استراتيجية بأن المقاومة تتحكم في مسار الاشتباك، وتفرض معادلات جديدة على جيش طالما تباهى بتفوقه التكنولوجي. فـ"النمر"، التي كانت تروج كرمز للتفوق العسكري الإسرائيلي، باتت اليوم عنوانا لهشاشة غير مسبوقة في بنية الردع والقرار، وفق ما يقول خبراء في الشؤون العسكرية. ففي 25 يونيو الفائت، فجرت كتائب القسام ناقلتين بعبوات شديدة الانفجار غي منطقة معن جنوب شرق خان يونس، ما أدى إلى مقتل سبعة من جنود الاحتلال، بينهم ضابط. أعقب ذلك في 27 يوليو كمين مركب في بلدة عبسان الكبيرة، أدى لتدمير ثلاث ناقلات ومقتل عدد آخر من جنود الاحتلال. العملية الأخيرة اعتمدت على عبوتين زرعتا داخل قمرتي القيادة للناقلتين، ما تسبب في احتراقهما بالكامل، ثم جرى استهداف ناقلة ثالثة بقذيفة "الياسين 105". تكرار هذا المشهد يكشف عن ضعف في جاهزية قوات الاحتلال للتعامل مع نوعية العمليات الجديدة التي تفرضها المقاومة. تعطيل النظام الدفاعي الخبير العسكري الأردني نضال أبو زيد يؤكد أن القسام تعتمد تكتيك "المسافة صفر"، وهو ليس تعبيرا مجازيا بل خطة عسكرية فعالة تستهدف تعطيل نظام "تروفي" المضاد للصواريخ، والذي يفشل في التصدي للتهديدات من مسافة تقل عن 10 أمتار. يضيف أبو زيد لصحيفة "فلسطين" أن نجاح المقاومة في الاقتراب من الناقلات بشكل مباشر يعطل النظام الدفاعي المثبت عليها، ما يسمح بإلحاق دمار كامل بها. وهذا يبرر تكرار الهجمات المباشرة على الناقلات الثقيلة مثل "النمر"، رغم كلفتها العالية. "النمر" التي تبلغ تكلفتها نحو 3 ملايين دولار، وتتمتع بدروع مزدوجة، غابت عن الميدان لفترة طويلة. إلا أن تهديدات القسام وسرايا القدس بأسر جنود دفعت الاحتلال لإعادتها إلى محاور القتال في غزة من جديد، كوسيلة إضافية للحماية في بيئة فقد فيها الثقة بالناقلات الأقدم. يرى أبو زيد أن الاحتلال بات يفتقر إلى "ترف الخيارات"، إذ استنزفت قواته، ولم يعد يمتلك ألوية احتياط قادرة على تعويض الخسائر، مما اضطره لإعادة نشر ناقلات النمر التي طالما تجنب استخدامها، لثقلها وكلفتها ومحدودية تحركها في الأحياء. نمط قتال خاص من جانبه، يشير الخبير العسكري اللبناني إلياس حنا، إلى أن ما يحدث في غزة ليس حربا تقليدية بل مواجهة استنزاف طويلة، حيث باتت المقاومة تفرض نمط قتال خاص بها، قائم على الكمائن والتفجيرات والاشتباكات من مسافة قريبة. ويؤكد حنا في تصريحات لقناة الجزيرة، أن المقاومة تدير القتال من بيئة حضرية ضيقة تمنع تحرك المدرعات والدبابات، ما يجعلها أهدافا سهلة. كما أن جيش الاحتلال الإسرائيلي يفتقر لأمن العمليات، خاصة عندما تعمل الوحدات الهندسية والعسكرية منفردة، كما حصل في عبسان ومعن بخان يونس. ويشير أبو زيد إلى أن العمليات الأخيرة أكدت أن ناقلات "النمر"، التي كانت رمزا للفخر العسكري الإسرائيلي، باتت اليوم عنوانا لإخفاق متكرر. فتدميرها أكثر من مرة في غضون شهر واحد أحرج المؤسسة العسكرية الإسرائيلية، وفتح تساؤلات حول قدرة الردع. ويؤكد أن تكرار استهداف هذه الناقلات يظهر هشاشة الأسلوب القتالي الإسرائيلي في بيئة لا تشبه حروبه السابقة. ويتابع الخبير الاردني، أن المقاومة نجحت في فرض معادلة اشتباك جديدة، تقوم على العمل الميداني الدقيق وتكتيكات المفاجأة والكمائن النوعية، بينما يجبر الاحتلال على الزج بوسائل قتالية باهظة الثمن دون ضمانات حقيقية للحماية أو الانتصار. ويضيف أبو زيد، بات واضحا أن "النمر"، التي طالما روج لها كأيقونة للتفوق العسكري الإسرائيلي، أصبحت رمزا لهزائم متكررة في غزة، فقد حولتها المقاومة الفلسطينية، بإمكانات محدودة إلى هدف مكشوف، وأسقطت جزءا من هيبة القوة الإسرائيلية. المصدر / فلسطين أون لاين


فلسطين أون لاين
منذ 2 أيام
- فلسطين أون لاين
تقرير المساعدات تحت قبضة الاحتلال... الغزيون يرفضون التَّلاعب بغذائهم
غزة/ نبيل سنونو: بدأت المسنة عبلة مصبح يوما جديدا في خيمة النزوح القسري، بجسد مرتجف بعد أشهر من اعتمادها على شرب المياه فقط وحرمانها من الغذاء، مع تفشي المجاعة، مبدية شكوكها حيال مزاعم الاحتلال بشأن إدخال مساعدات إنسانية لغزة. "هي جسمي بيرجف من قلة الأكل والجوع ولا حتى بيتوفر سكر.. النا ٤ شهور واحنا زي هيك"، هذه كلمات عبلة التي تهتز أيضا في حديثها مع صحيفة "فلسطين" على وقع المجاعة، ولهيب العيش والنزوح خصوصا في فصل الصيف. وللشهر الـ22 تواليا من حرب الإبادة الجماعية على غزة، يستخدم الاحتلال التجويع سلاح حرب ضد الأهالي، وهو ما وثقته المنظمات الدولية المعنية، في وقت يسعى تحت ضغوط دولية إلى "تجميل" صورته بإدخال بضعة شاحنات مساعدات، لا تحدث فرقا في واقع المجاعة التي تسببت بالفعل في استشهاد 122 مجوعا بينهم 83 طفلا، وفق المكتب الإعلامي الحكومي. ويشمل التجويع الأطفال أيضا، فقد حذر المكتب في بيان أمس، من أن قطاع غزة على أعتاب مقتلة جماعية مرتقبة بحق 100,000 طفل خلال أيام إن لم يُدخَل الحليب فورا. "مش قادرين نشتري طحين" على مقربة من خيمتها، تحمل ملامحها هما ثقيلا يعتصر إنسانيتها مع انعدام مقومات الحياة. عبلة (65 عاما) هي أرملة تعيش فصول المعاناة مع أسرتها الممتدة، واستقر بها الحال في أحدث محطات النزوح القسري بمنطقة السرايا وسط مدينة غزة، بعد أن دمر الاحتلال منزلهم في حي الشجاعية، وصنف منطقة سكنهم على أنها "حمراء" يحظر دخولهم إليها. تفتقر عبلة وعائلتها إلى القدرة على مواكبة أسعار الدقيق الملتهبة في ظل شح إدخاله إلى القطاع المتعطش للغذاء، وأيضا ما أكدته جهات رسمية وحقوقية عن رعاية الاحتلال لعصابات من اللصوص التي تسرق المساعدات الشحيحة قبل وصولها إلى المعذبين والمجوعين. تنتفض يداها مع حدة نبرة صوتها وهي تشرح واقعا لا تعبر عنه الكلمات: "هينا مش قادرين نشتري كيلو الطحين.. تخيل وصل في الأيام الأخيرة لـ80 ولـ90 وحتى لـ150 شيكل الكيلوجرام؟ قعدنا فترة واحنا مرميين بس مية نشرب لعند ما ربنا يفرجها علينا وهينا مستمرين". ليلة أول من أمس تناولت عبلة وعائلتها لقيمات من الخبز بعد حرمان طويل، حيث اشترت كيلوجرام واحدا من الدقيق مقابل 50 شيكلا، لعائلتها المكونة من 33 فردا. ويلقي شح الطعام بظلاله على صحة المسنة، وتحرمها المجاعة حتى من وجبة الإفطار التي يوصي بها الأطباء حول العالم لتمكين الإنسان من تحمل أعباء يومه، لكنها لا تتمكن من الحصول على حبة واحدة من الطماطم أو الخيار منذ أشهر عدة. تقول بعبارات يخنقها القهر: "ايش بدنا نسوي لا فطور ولا غدا.. كل العائلات بيضلوا مرميين طول النهار بس بيتعشوا عشا إذا توفر شيء". ولا تتمكن عبلة من شراء أي من الخضار القليلة المزروعة محليا أو الأسماك الشحيحة المعروضة في بعض الأسواق، لارتفاع ثمنها، مع تدمير الاحتلال مقدرات المزارعين والصيادين واستهدافهم، ومنعه دخول مستلزمات عملهم. وأطبق الاحتلال حصاره على غزة منذ انقلابه على اتفاق وقف إطلاق النار في 18 مارس/آذار، لكنه ادعى بعد ضغوط دولية استئناف إدخال مساعدات إنسانية لم تكن سوى قطرة في محيط، كما تقول مؤسسات الأمم المتحدة. وبعيدا عن إشراف الأمم المتحدة والمنظمات الإغاثية الدولية، بدأت سلطات الاحتلال منذ 7 مايو/أيار الماضي تنفيذ خطة توزيع مساعدات عبر ما تُعرف بـ"مؤسسة غزة الإنسانية"، وهي مدعومة إسرائيليا وأميركيا ومرفوضة من الأمم المتحدة. وأسفرت عمليات الاستهداف المرتبطة بما يعرف بـ"فخاخ المساعدات الأميركية الإسرائيلية" عن استشهاد 1132 غزي مجوع وإصابة 7521 آخرين. ومع مزاعم الاحتلال أمس السماح بإدخال شاحنات مساعدات إنسانية لغزة، تؤكد عبلة عدم ثقتها بهذا الإعلان، قائلة: "الاحتلال بيضحك علينا، وبدو يموتنا سريريا، وبيعذب فينا، وبيدوبنا تدويب". وتشير إلى أن الاحتلال لا يكتفي بالتحكم بالمساعدات، بل يعمل على منع وصولها إلى أهالي غزة، وذلك عبر عصابات من اللصوص التي يرعاها: "ولادنا الهم شهر بيحاولوا يروحوا (على مناطق دخول شاحنات المساعدات) عشان يجيبوا لقمة العيش.. وإذا سلموا من الاحتلال بيسلموش من الحرامية (عصابات سرقة المساعدات) هدول مش قادرين عليهم". وفي الوقت نفسه، تشكو عبلة ما رأت أنه تواطؤ دول عربية مع الاحتلال الذي يتحكم بالمساعدات الإنسانية، وترك الغزيين فريسة للمجاعة. على مقربة منها، يئن ابنها معتز من عملية علاجية خضع لها مؤخرا، ومن ضيق الحال الذي وصل إليه، وهو أحد ضحايا المجاعة، وأيضا السرقة. يقول معتز لصحيفة "فلسطين": إنه وجد نفسه مجبرا تحت وطأة المجاعة قبل فترة على محاولة الحصول على كيس واحد فقط من الدقيق لسد شيء من حاجة عائلته، من شاحنات المساعدات في منطقة "زيكيم". وبعد انتظار تسع ساعات ومعاناة في الحصول على الكيس، تكالب عليه أربعة لصوص وانتزعوه منه تحت تهديد السلاح، وفق إفادته. ويعرقل الاحتلال تأمين المساعدات في غزة عبر استهداف رجال الشرطة، التي أكدت في بيانات عدة عزمها على مواصلة أداء مهامها في خدمة المواطنين، رغم الاستهدافات الإسرائيلية الممنهجة. ويسعى الاحتلال أيضا إلى إفشال محاولات العشائر تأمين المساعدات، ضمن سياسة متعمدة لإحداث حالة من الفوضى، وفق مراقبين. ووفق تحقيقات وزارة الداخلية في غزة بعدد من الحوادث التي وقعت مؤخرا، فإن اللصوص يقودهم عملاء، ويتم تحريكهم بغطاء جوي من طائرات الاحتلال الإسرائيلي، لاستهداف رجال الأمن والشرطة عند التصدي لهم. وجاء في بيان سابق للوزارة أن تكامل الأدوار بين اللصوص والعملاء مع الاحتلال، هدفه إحداث الفوضى وبث الخوف في نفوس المواطنين. وتطالب عبلة وابنها برفع الاحتلال يده عن المساعدات الإنسانية، وإنهاء الحصار المفروض على قطاع غزة. "الاحتلال بيضل عدوك" بعمر الـ67 عاما، يبدو رمضان أبو عايش على دراية تامة بحيل الاحتلال وتلاعبه في قوت وحياة الفلسطينيين. ينحدر أبو عايش من الأراضي المحتلة سنة 1948، ويقطن في مخيم المغازي للاجئين، لكن بيته هناك لم يسلم أيضا من التدمير الجزئي، كما لم يسلم هو من التجويع والمعاناة الممتدة على مدار 22 شهرا من الإبادة الجماعية. يكسو الشيب لحيته ورأسه كشاهد على سني عمره التي عاشها تحت وطأة العدوان الإسرائيلي الطويل، قائلا لصحيفة "فلسطين": الاحتلال بيضل عدوك، عدو الدين والإسلام". ويقول أبو عايش: إن الاحتلال الذي يدعي إسقاط مساعدات جوا أو إدخالها برا لأهالي غزة، هو من أسقط قبل أيام كمية مما يشتبه أنه مخدرات ومادة النيكوتين في منطقة شرق مخيم المغازي، للإفساد في المجتمع. ويتفق الرجل مع سابقيه بأن الاحتلال يسلح ويحمي عصابات من اللصوص ليعيثوا في غزة فسادا ويسرقوا المساعدات ويقطعوا الطرق ويعدموا من يحاول الحصول عليها من المجوعين. ويدلل على ذلك بقدرة على عصابات اللصوص على الوصول إلى مناطق يسيطر عليها جيش الاحتلال، معتقدا أن هذه العصابات تضم أفرادا لهم سوابق في جرائم القتل والمخدرات. ويتمسك أبو عايش بوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين أونروا لتولي ملف المساعدات الإنسانية، قائلا: "الحل هي الأونروا، طول عمرنا معها في التعليم والغذاء وغيره"، لكنه لم ينس أيضا المطالبة بوقف الإبادة الجماعية. ويطالب المسن ومعه الغزيون، المنهكون حد الارتعاش، بإنهاء تحكم الاحتلال بالمساعدات، ووقف التجويع الممنهج، وفتح الأبواب أمام قوافل الإغاثة الحقيقية، قبل أن يزهق الجوع ما تبقى من أرواحهم. المصدر / فلسطين أون لاين


فلسطين أون لاين
منذ 4 أيام
- فلسطين أون لاين
تقرير غاز ورصاص وإهانة.. مأساة "يوم النساء" في "مصائد الموت"
غزة/ يحيى اليعقوبي: خرجت ماريا شيخ العيد، كغيرها من النساء اللواتي غادرن خيام النزوح، متجهات إلى مركز المساعدات الأمريكي، أو ما بات يُعرف شعبيًّا باسم "مصائد الموت"، لكثرة المجازر المرتكبة فيه، على أمل أن يحظين بمعاملة "رحيمة" نظرًا لخصوصية حالتهن كنساء، لكن الواقع كان امتدادًا لمآسي الرجال والشباب، بل ربما أكثر قسوة. سارت ماريا مسافات طويلة بين تلال رملية وأبنية مدمرة، حتى أنهكها التعب قبل الوصول. ثم وقفت في طابور طويل تحت لهيب الشمس، تتصبب عرقًا في انتظار طرود لم تصل، ليُفاجأ الجميع بوجود بضع طرود فقط في ساحة المركز، لم تكفِ سوى لعدد قليل من السيدات. وعندما طُلب منهن العودة، فوجئن بعناصر الشركة الأمريكية يرشون الناس بغاز الفلفل، ويطلقون الرصاص عشوائيًّا. حاولت ماريا الاحتماء خلف مبنى مدمر، لكن إحدى الرصاصات أصابتها في الرأس عند الساعة الثالثة من عصر الخميس. بصعوبة، تمكنت النساء المرهقات من حملها إلى مشفى الصليب الأحمر غرب مواصي رفح، ليفجع والدها الحاج أبو نعيم، الذي كان قد ودّع شقيقه قبل يوم إثر قصف على خيمة نزوح، وقبل أشهر ودّع ابنته الأخرى شهيدة. فقد جديد كانت ملاك (20 عامًا) وشقيقها سليمان (6 أعوام) ينتظران والدتهما بكيس من المساعدات يسد رمق المجاعة التي تعيشها العائلة منذ استشهاد والدهم، لكنها عادت إليهم في كفن. يقول الحاج أبو نعيم: "حين سمعت ماريا عن تخصيص يوم للنساء، ذهبت كونها أرملة شهيد، على أمل إحضار طعام لأطفالها الصغار. لكنها قُتلت برصاصة أحدثت فتحة كبيرة في الرأس، حسب شهود العيان، ما يدل على أنها من قناص أو دبابة". ويضيف لصحيفة "فلسطين": "قبل أسبوع، جمعت أولادي وطلبت منهم ألا يذهبوا لمراكز المساعدات، وقلت لهم: إذا امتنع الناس، سيتلقى الاحتلال والشركة الأمريكية صدمة. لكنها ذهبت رغم ذلك، وظل أولادها ينتظرونها على الطريق، وحين علموا باستشهادها، أغمي عليهم من الصدمة". وبعد دفنها يوم الجمعة، عاد الأب إلى خيمته، لكن أبناءها ظلوا في المقبرة يبكون على قبرها. ماريا، التي عاشت ظروفًا مادية صعبة، تبرعت لها جمعية بشقة قبل الحرب بعام، لكن الاحتلال دمّرها. ومنذ استشهاد زوجها في خيمة نزوح بخان يونس، عاشت مع أطفالها في عزلة وقهر، حتى رحلت في سعيها الأخير خلف طعام لم يصل. مسنّة حاصرتها الدبابة أما الحاجة "أم إسماعيل" (64 عامًا) فلم يمنعها كِبر سنها من التوجه إلى مركز المساعدات، ظنًّا منها أن يوم النساء سيكون مختلفًا. انطلقت صباح الخميس من منطقة الإقليمي نحو "الشاكوش" غرب رفح، وسارت مشيًا على الأقدام لساعات، لكنها عادت بخفي حنين، محملة بآلام الجسد وخيبة الأمل. تقول لصحيفة "فلسطين": "وقفنا في طوابير طويلة، ولم نرَ سوى أربعة طرود حصلت عليها عشر نساء. ثم طلبوا منا المغادرة. وعندما اعترضنا، رشّونا بغاز الفلفل. احترق جسد ابنة شقيقي، وغابت الرؤية، وبدأ إطلاق الرصاص. سقطت النساء أرضًا من الخوف والتعب". رغم الألم، عادت الحاجة إلى خيمتها لتعد طعامًا، ثم رجعت عصرًا مجددًا إلى المركز مع نساء العائلة، لكنها فوجئت بإطلاق نار من دبابة تجاههن. احتمين خلف البيوت المدمرة ولوّحن بأكياس الطحين الفارغة للدبابة، في محاولة للنجاة، بينما بقيت ابنة أخيها محاصرة لساعتين حتى تمكنت من العودة. تصف تلك اللحظات بأنها "إهانة وذل"، وتقول: "ذهبت لإحضار طعام لي ولزوجي، لا نملك شيئًا نأكله، ولم أتخيل أن أُذل بهذه الطريقة". وتتوالى تنديدات المنظمات الحقوقية الدولية بالجرائم المرتكبة في مراكز المساعدات المدعومة أمريكيًا وإسرائيليًا، والتي أسفرت عن استشهاد أكثر من 900 فلسطيني أثناء بحثهم عن لقمة تسد رمقهم. المصدر / فلسطين أون لاين