
هدنة البحر الأحمر: جوائز ترضية وخاسرون
«أساس ميديا»
أضافت سلطنة عمان نجمة إلى سجلّها الدبلوماسي الحافل. نجحت وساطتها في إبرام اتّفاق بين البيت الأبيض والحوثيين تتوقّف بموجبه واشنطن عن قصف اليمن في مقابل أن تتوقّف الجماعة اليمنيّة عن استهداف السفن الأميركية في البحر الأحمر وبحر العرب وتهديد الملاحة الدولية في باب المندب.
ظاهريّاً يبدو أنّ الاتّفاق أُبرم بين الحوثي وأميركا. واقعيّاً ما جرى ليس إلّا وجهاً من وجوه التفاوض الأميركي الإيراني الذي عنوانه الملفّ النووي، ومضمونه مستقبل العلاقة بين الطرفين والوضع في الشرق الأوسط وحدود النفوذ الإيراني فيه.
يبحث الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن صفقة ما ترضي غروره الاستعراضيّ وتوقه إلى تحقيق انتصارات دعائيّة تُعينه في التفاوض على إبرام صفقات سياسية تفوح منها روائح المكاسب الاقتصادية والماليّة والتجارية. ويفتّش المرشد الإيراني عن مخرج لأزمة خانقة تهدّد نظامه وكيانه يحفظ له في الوقت نفسه ماء الوجه. كانت واشنطن تضغط على إيران لتقديم تنازلات من خلال ضرب الحوثيّ. وتحضّ طهران الجماعة اليمنية الموالية لها على تأجيج القتال وتهديد إسرائيل واستنزاف الغرب في تجارته وطرق إمداده في باب المندب، إحدى أكثر نقاط العالم حساسيّة للتجارة العالمية، هادفةً لإبراز أوراق القوّة على طاولة التفاوض.
ليس صدفة أنّ الصاروخ اليمني الذي طاول مطار بن غوريون الإسرائيلي أُطلق في اليوم ذاته من تعثّر المفاوضات الأميركية الإيرانية. وليس صدفة أنّ إعلان ترامب الاتّفاق مع الحوثي تزامن مع عودة المفاوضات إلى مسارها وبثّ روح التفاؤل في شرايينها، ومع قرب موعد الزيارة المرتقبة للرئيس الأميركي لدول الخليج، وفي مقدَّمها السعودية التي يعلَّق عليها آمال كبيرة لرسم مستقبل الإقليم، والحديث عن 'إعلان كبير' منتظَر في غضون ساعات أو أيّام.
ارتباط الهدنة بالصّفقة
عينُ ترامب على صفقة التريليونات الأربعة مع إيران وأمن الممرّات المائية، لا على سلامة اليمن ولا استقراره ولا معاناة أهله. وعندما تدقّ ساعة الاتّفاق النهائي، إذا ما دقّت، لا غرابة أن يكون الحوثي وجماعته خارج لعبة الكبار ويعودوا إلى حجمهم المفترض في اللعبة الداخليّة اليمنيّة الصغرى وضروراتها الإقليمية.
بعد الإعلان، ظهرت مؤشّرات قويّة إلى ارتباط 'هدنة البحر الأحمر' مع صفقة محتملة بين واشنطن وطهران، وقال نائب الرئيس الأميركي جي.دي فانس إنّ 'هناك صفقة تنطوي على إعادة دمج إيران في الاقتصاد العالمي'، وأوضح أنّ 'إيران يمكنها امتلاك طاقة نوويّة مدنية، لكن لا يمكنها الحصول على برنامج يسمح لها بالحصول على سلاح نووي'.
أمّا في المقلب الإيراني فلم يعد مهمّاً أن تقدّم طهران تنازلاً في إحدى جبهاتها الإقليمية لتحسين ظروفها قبل العودة إلى المفاوضات وجني اتّفاق مقبول، خصوصاً مع التقارير التي تتحدّث عن طلب إيران الانتقال إلى مفاوضات مباشرة في إطار 'صفقة' منتظَرة.
التّفاوض أجدى من الحرب
هكذا ليست المفاجأة في سعي ترامب إلى إخراج أزمة الحوثيين من دائرة انشغالاته السياسية والعسكرية، ذلك أنّ حلّها هو على طاولة التفاوض مع إيران وإيجاد حلّ شرق أوسطيّ جديد، وليس في الميدان المكلف مادّياً وبشريّاً. أيّام قليلة من القتال كانت باهظة الثمن بالنسبة لرئيس تاجر لا يحبّذ صرف الأموال هباء ومن دون مقابلٍ مجدٍ وظاهر. خسرت أميركا في اليمن نحو ثماني مسيّرات قيمة كلّ واحدة 30 مليون دولار، وطائرة 'إف 35' التي تبلغ قيمتها 60 مليون دولار، إضافة إلى مقاتلة من طراز 'إف 18' فُقدت في البحر الأحمر بعدما انحرفت عن مدرج حاملة الطائرات 'هاري إس ترومان'، وقيمتها أيضاً 60 مليون دولار أو أكثر. وإذا ما تواصلت الحرب فستكون الكلفة المادّية أكبر وأشدّ وقعاً في الداخل الأميركي الذي لا يحبّذ شنّ حروب جدّية، وعلى ترامب نفسه الحالم بالوقوف أمام المنصّة في أوسلو حاملاً جائزة نوبل للسلام.
بدل مواصلة الحرب ورفع العلم الأميركي على الأرض اليمنيّة، لجأ الرئيس الشغوف بإعلان الانتصارات الكبرى إلى أبسط الحلول إرضاءً للذات، فأعلن أنّ الحوثيّين 'استسلموا'، وأنّهم 'قالوا نرجوكم لا تقصفونا بعد الآن، ونحن لن نهاجم سفنكم'، وعليه ستتوقّف الضربات الأميركية في اليمن بعد المحادثات التي أدارها صديقه ستيف ويتكوف مع المبعوث الحوثي محمد عبدالسلام في مسقط.
لكنّ تبجّح ترامب لم يجارِه الوسيط العماني الذي لخّص الأمر بالقول إنّ الجهود الدبلوماسية بين الجهتين أسفرت عن التوصّل إلى اتّفاق على ألّا 'يستهدف أيّ من الطرفين الآخر، بما في ذلك السفن الأميركية في البحر الأحمر وباب المندب، وبما يؤدّي إلى ضمان حرّية الملاحة، وانسيابيّة حركة الشحن التجاري الدولي'. في حين قدّم الحوثي نسخته الخاصّة عمّا حصل. قال مفاوضه محمد عبدالسلام إنّ الاتّفاق الذي حصل هو 'مع الجانب الأميركي'، ويتضمّن التوقّف عن 'استهداف السفن الأميركية'، لكنّه 'لا يشمل استثناء إسرائيل من العمليّات بأيّ شكل من الأشكال'.
إذاً الاستهداف الحوثي للسفن الإسرائيلية سيظلّ قائماً ولن يشمله الاتّفاق. وبالفعل استمرّت الجماعة بإطلاق مسيّراتها شمالاً في اتّجاه العمق الإسرائيلي. فهل تخلّى ترامب عن أمن إسرائيل من أجل المصالح الأميركية؟ وهل ربط أمر الملاحة الإسرائيلية في البحر الأحمر بوقف العدوان على غزّة؟
مفاجأة جديدة لإسرائيل
لذا المفاجأة مرّة أخرى ليست الاتّفاق مع الحوثي ومن خلفه مع الإيراني، بل سلوك ترامب إزاء إسرائيل، فهل هو نهج سيتواصل في السنوات المقبلة من حكمه أم شأن تقتضيه ضرورات المرحلة وإنجاز الاتّفاق مع إيران وتثبيت معادلات أميركية جديدة في المنطقة وفصل الملفّات المعقّدة فيها عن الأجندة الإسرائيلية المباشرة في غزّة والضفّة الغربية؟
عبّرت إسرائيل صراحة عن صدمتها بالاتّفاق وأكّدت عدم علمها المسبق به، علماً أنّ ويتكوف تحدّث في الأيّام الأخيرة مع وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر، ولم يلمح له حتّى لأمر الاتّصالات مع الحوثيين، بحسب موقعَي 'أكسيوس' الأميركي و'والا' الإسرائيلي.
هذه ليست المرّة الأولى التي يفاجئ فيها الرئيس الأميركي مَن يفترض أنّه الحليف الأقرب لواشنطن. الشهر الماضي صُدم بنيامين نتنياهو بنيّة ترامب التفاوض مع طهران في شأن اتّفاق نوويّ جديد، أثناء لقائهما في البيت الأبيض، وضربه عرض الحائط بالمطالبة الإسرائيلية لواشنطن بتبنّي الخيار العسكري ضدّ طهران.
قبل ذلك برز التمايز مع محاولة المبعوث الأميركي الخاصّ لشؤون الرهائن آدم بولر التفاوض مع 'حماس' لإطلاق الرهائن الأميركيين، وهو ما أثار غضب إسرائيل وأدّى لاحقاً إلى إقالته. ومع ذلك واصل ترامب استفزاز نتنياهو بفرض رسوم جمركية على إسرائيل وتجاهل الأنشطة التركيّة في سوريا، مظهراً بذلك كذب ادّعاءات رئيس الوزراء أمام الإسرائيليين بأنّه ينسّق بشكل كامل مع البيت الأبيض. والأنكى من ذلك أنّ جولة ترامب الشرق الأوسطيّة لن تقوده إلى إسرائيل على الرغم من سعي نتنياهو إلى أن تشملها ولو لساعات محدودة، لكن من دون جدوى.
أبلغ مقرّبون من ترامب إلى صحيفة 'يسرائيل هيوم' أنّه 'يشعر بخيبة أمل من نتنياهو وقرّر المضيّ قدماً في التحرّكات في الشرق الأوسط من دونه'. فهل بات رئيس الوزراء الإسرائيلي العقدة الكأداء أمام المشاريع الأميركية؟
تتّسع الفوارق بين الأجندتين الأميركية والإسرائيلية. ترامب يحتاج إلى 'انتصارات' بعد التداعيات الخطيرة لقراراته المالية والاقتصادية الأخيرة، ويحتاج إلى اتّفاق سريع مع إيران وإلى إنجاز صفقات كبرى، لن تكون هذه المرّة، بلا أثمان سياسية مجدية، لا سيما مع إصرار وليّ العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان على ربط التطبيع بوقف العدوان على غزة واتّخاذ إجراءات ملموسة نحو حلّ الدولتين وحقّ السعودية في امتلاك الطاقة النووية السلمية. وربّما كانت جائزة الترضية الأولى اعتماد واشنطن تسمية الخليج العربي بدلاً من الخليج الفارسي.
أمين قمورية

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

القناة الثالثة والعشرون
منذ 44 دقائق
- القناة الثالثة والعشرون
لبنان ملتزم القرارات العربية والحديث عن السلام مبكر
اعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب من السعودية العزم على مساعدة لبنان في بناء مستقبل من التنمية الاقتصادية والسلام مع جيرانه استحوذ على اهتمام محلي واقليمي ، سيما وانه ترافق مع الإشارة الى ان حزب الله جلب له البؤس ونهب الدولة . كان بوسعنا تفادي البؤس فيه، وكان بإمكان ايران التركيز على التنمية بدلا من تدمير المنطقة . بدوره أشار المتحدث باسم الخارجية الأميركية الى ان لبنان يشهد تغييرات جذرية مع الرئيس والحكومة الجديدين والولايات المتحدة باتت قادرة على التواصل مع المسؤولين يوميا وبشكل متواصل والاستماع الى احتياجاتهم وشكواهم . أضاف : نبحث عن افضل إمكانية لدعم الجيش اللبناني الذي يجب ان يبسط سيطرته على كل شبر من لبنان ونبحث مع الحكومة في أنواع الدعم الاقتصادي الذي تحتاجه . جدير انه مع هذا الكلام العام لا يبدو لبنان أولوية لدى الإدارة الأميركية فهو جاء من ضمن سياستها الشاملة للمنطقة ، بدليل تركيزه اكثر على سوريا .تظهر ذلك جليا بإعلان الرئيس ترامب رفع العقوبات عنها . ما يعتبر فرصة للعودة اليها والاستثمار فيها ، فيما على لبنان انتظار التسوية المفترضة في المنطقة والتي لاحت بشائرها في الحديث عن الاتفاقات الابراهيمية وسلام لبنان مع جيرانه . النائب السابق لرئيس المجلس النيابي ايلي الفرزلي يقول لـ "المركزية" في هذا الاطار قبل الحديث عن التطبيع والسلام واشكاله لبنان جزء من الجامعة العربية وملتزم قراراتها . على مدى التاريخ والأيام لم يتوان عن تقديم التضحيات الجسام في سبيل القضية الفلسطينية .دماء المقاومين لم تجف بعد . ما هدمته إسرائيل في حربها على لبنان وجنوبه لا يزال شاهدا على وحشية لا يمكن نسيانها وتجاوزها بسهولة . اما الحديث عن التحاق سوريا بمحور السلام فذلك مبكر بعد . قد تكون هناك رغبة لدى الرئيس السوري احمد الشرع في شيئ من هذا القبيل لكن يجب عدم اغفال ارادة الشعب السوري . مصر توصلت منذ عقود الى اتفاقية سلام مع تل ابيب لكنها حتى الان ترفض التطبيع . بالعودة الى لبنان يفترض بل ضروري في هذا الموضوع الالتفاف حول رئيس الجمهورية العماد جوزف عون وقيادته السليمة لمقاربة الأمور المحلية والخارجية . كما استطاع إعادة لبنان الى الحضن العربي خلال فترة وجيزة . يعمل على معالجة المشكلات الداخلية بالمنطق والحوار. همه تحقيق الغاية المتوخاة بما يحفظ وحدة اللبنانيين والنهوض بالبلاد . المركزية – يوسف فارس انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة. انضم الآن شاركنا رأيك في التعليقات تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News

القناة الثالثة والعشرون
منذ 44 دقائق
- القناة الثالثة والعشرون
بين الفصل السابع والتمديد.. جنوب لبنان يترقب مصير "اليونيفيل"
تباينت آراء الخبراء بشأن الموقف الأمريكي من مسألة تمديد مهمة قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان "اليونيفيل"، وسط حملة تقودها إسرائيل داخل أروقة الأمم المتحدة والإدارة الأمريكية، تهدف إلى وقف عمل هذه القوات أو تعديل صلاحياتها بما يخدم مصالحها، من خلال فرض واقع جديد يتمثل في إقامة "منطقة عازلة" تديرها تل أبيب، أو على الأقل نقل مهمة "اليونيفيل" إلى الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة. ويمنح الفصل السابع، وفقا لتفسير الأمم المتحدة، قوات "اليونيفيل" صلاحية استخدام القوة عند الضرورة، بدلا من الاكتفاء بالدور السلمي المحدود المنصوص عليه في الفصل السادس. وتُعد هذه النقلة، في حال حدوثها، مكسباً للمطالب الإسرائيلية، التي تبررها بتكرار المناوشات من جانب "حزب الله" ورفضه تسليم سلاحه، إضافة إلى ما تصفه بمضايقات متكررة يتعرض لها أفراد البعثة الدولية. وتتزامن التحركات الإسرائيلية مع اقتراب نهاية أغسطس/ آب، وهو الموعد الذي سيُحدد خلاله مصير مهمة "اليونيفيل" في جنوب لبنان، في ظل إدراك أن التمويل الأمريكي للأمم المتحدة – والذي يشمل مساهمة كبيرة في ميزانية "اليونيفيل" – قد يلعب دوراً حاسماً في القرار النهائي بشأن التمديد وصيغة المهمة. وكانت قوات "اليونيفيل" قد نددت أخيرا بإطلاق نار مباشر من جانب الجيش الإسرائيلي على أحد مواقعها في الجنوب اللبناني، في حادثة هي الأولى من نوعها منذ اتفاق وقف إطلاق النار الأخير بين إسرائيل و"حزب الله"؛ ما أضاف مزيداً من التوتر إلى المشهد. ويرى المحلل السياسي اللبناني بلال رامز بكري أن إسرائيل لم تتمكن، على الأرجح، من إقناع واشنطن والأمم المتحدة بعدم تمديد مهمة "اليونيفيل"، مشيراً إلى أن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لا تبدو متوافقة مع حكومة بنيامين نتنياهو في هذا الملف، خصوصاً في ظل الاعتداءات الإسرائيلية الأخيرة والتنديد الأممي بها، إلى جانب مواقف عربية، خاصة خليجية، رافضة للانتهاكات الإسرائيلية التي تمس سيادة لبنان. ويضيف بكري، في تصريحات لموقع "إرم نيوز"، أن كل هذه العوامل تصب في اتجاه منع إسرائيل من تنفيذ مخططها الرامي إلى فرض منطقة عازلة في الجنوب، تديرها بشكل مباشر تحت ذرائع حماية أمن مستوطناتها الشمالية. ويشير بكري إلى أن إسرائيل تسعى لإخراج "اليونيفيل" من عباءة الفصل السادس – الذي يحدد دورها بالمراقبة دون تدخل – إلى الفصل السابع الذي يمنحها هامشاً أوسع لاستخدام القوة، مستغلة بذلك التوترات القائمة واتهاماتها المتكررة لـ"حزب الله" بعرقلة عمل البعثة. ويرى بكري أن المعطيات الميدانية الحالية قد تُفضي بالفعل إلى إعادة النظر في طبيعة مهمة "اليونيفيل"، وربما تبني آلية جديدة مستندة إلى الفصل السابع، لكن ذلك يبقى رهناً بمواقف الدول المؤثرة داخل مجلس الأمن. من جانبه، يلفت الباحث في العلاقات الدولية داني سركيس إلى أن العامل المالي يلعب دورا حاسما في مستقبل "اليونيفيل"، إذ تتحمل الولايات المتحدة قرابة ثلث تمويل الأمم المتحدة، ما يعادل نحو 280 مليون دولار سنويا، يخصص جزء معتبر منها لدعم قوات الطوارئ في لبنان. ويضيف سركيس، في تصريح لـ"إرم نيوز"، أن سياسة تقليص النفقات التي تتبعها إدارة ترامب قد تدفعها إلى عدم تأييد التمديد لعمل "اليونيفيل"، في محاولة لتقليل المساهمات الأمريكية، ما قد يترك أثراً مباشراً على استمرارية البعثة في جنوب لبنان. إلا أن سركيس يشدد في الوقت ذاته على أن وجود "اليونيفيل" يرتبط مباشرة بتنفيذ القرار الدولي رقم 1701، والذي تؤكد واشنطن نفسها على ضرورة الالتزام به، ومن ثم، فإن إنهاء مهمة البعثة الدولية من شأنه أن يخل بالتوازنات الدقيقة في الجنوب اللبناني، خصوصاً في ما يتعلق بملف سلاح "حزب الله" والضغط الأمريكي على الدولة اللبنانية لمعالجته عبر مؤسساتها. ويختم سركيس بالإشارة إلى أن انتشار الجيش اللبناني في الجنوب لأداء مهامه، لا يمكن أن يتحقق بشكل فعّال من دون التنسيق مع "اليونيفيل"، خاصة مع بقاء القوات الإسرائيلية متمركزة في خمس نقاط حدودية متنازع عليها، وفي حال انسحاب "اليونيفيل"، فإن أي خرق أو تصعيد قد يؤدي إلى مواجهة مباشرة بين الجيش اللبناني والجيش الإسرائيلي، وليس فقط مع "حزب الله"؛ ما يهدد بانهيار اتفاق وقف إطلاق النار بالكامل. انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة. انضم الآن شاركنا رأيك في التعليقات تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News

القناة الثالثة والعشرون
منذ 44 دقائق
- القناة الثالثة والعشرون
هامش المناورة يضيق أمام إيران.. هل اقتربت "الضربة"؟
مع اصطدام المحادثات النووية الإيرانية بخطوط حمراء لواشنطن وطهران، أصبحت المفاوضات التي كانت واعدة قبل أسابيع، معرّضة لانتكاسة حادة، ومهددة بالتوقف عند معضلة تخصيب اليورانيوم. وبعد أن ساد التفاؤل لأيام إثر تصريح للرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الأسبوع الماضي، بشّر فيه بأن الاتفاق النووي "قريب"، ساءت الأمور بتسارع مع تعدد التصريحات الإيرانية الرافضة لوقف تخصيب اليورانيوم محلياً، ليعيد المرشد الأعلى، علي خامنئي، بتصريح "غاضب"، يوم الثلاثاء، المفاوضات إلى نقطة الصفر. وكان خامنئي وصف وقف تخصيب اليورانيوم، حتى لو كان منخفضاً، بأنه "هراء"، مثيراً مزيداً من الشكوك حول إمكانية تحقيق الجولة القادمة من المحادثات غير المباشرة بين الجانبين أي نتائج، بل إنه "ضيّق" هامش المناورة، خصوصاً أن قادة إيرانيين سارعوا إلى إعلان "فشل" المفاوضات. في المقابل كان الردّ الأمريكي، عبر وزير الخارجية، ماركو روبيو، يؤكد أن المفاوضات قد لا تصل إلى مرحلة الجمود، بل قد تخرج تماماً من غرف الفنادق في مسقط وروما، مع تشديده على أن واشنطن لن تقبل "أي قدرة تخصيب محلية في إيران"، وهو تصريح بحسب "فورين بوليسي" يستحضر "وعيد" ترامب. وسبق أن حذر الرئيس الأمريكي، وأثناء سير المفاوضات حتى وهي في أجوائها الإيجابية، من أن إيران إذا لم تتوصل إلى اتفاق، فقد تواجه ضربة عسكرية "بعنف لم يشهده الناس من قبل". العد العكسي للخيارات الأخرى "نحن بعيدون كل البعد عن التوصل إلى اتفاق"، بهذا التصريح الحاسم لمدير مشروع إيران في مجموعة الأزمات الدولية، ترى "فورين بوليسي" أن "الخيارات الأخرى" التي لطالما توعّد بها ترامب، تكون اقتربت، لكنّها تحذّر من أن طهران "ستعاني بشدة". وتضرر الاقتصاد الإيراني بشكل كبير جراء العقوبات الأمريكية والغربية، إضافة إلى القيود المستمرة على قدرته على تصدير النفط، بما في ذلك الجهود الأمريكية المكثفة لقمع ناقلات النفط غير المشروعة التي تنقل النفط الخام الإيراني. كما تم القضاء على وكلاء إيران الإقليميين، بمن في ذلك الجماعات المسلحة في لبنان وقطاع غزة، كما ضعفت سيطرتها على سوريا، وتم تدمير دفاعات إيران، مثل: أنظمة الدفاع الجوي المتقدمة روسية الصنع، في الخريف الماضي بسبب الضربات الإسرائيلية؛ ما يجعل تهديدات ترامب بالعصا العسكرية أكثر إقناعاً من التهديدات السابقة بوقف طموحات إيران النووية بالقوة، وفق "فورين بوليسي". الخطة جاهزة شارفت بالفعل المدة التي منحها ترامب لإيران في مارس/ آذار الماضي لإبرام اتفاق نووي جديد، على الانتهاء، وهي بحسب مراقبين قد تنتهي في "توقيت سيئ" مع تعنّت الجانبين عند خطوطهما الحمراء. في الأيام الأخيرة من أبريل/ نيسان الماضي، قال ترامب بوضوح، بينما كانت المفاوضات تنعقد بين مسقط وروما: "مع إيران، إذا تطلب الأمر عملاً عسكرياً، فسنقوم بذلك، وستشارك فيه إسرائيل بشكل كبير، وستؤدي دوراً رئيساً، ولكن لا أحد يقودنا، نحن نفعل ما نريد أن نفعله". ورغم عدم وجود تسريبات تفصيلية حول طبيعة الردّ العسكري الأمريكي على فشل المفاوضات، فإن تحليلاً سابقاً لشبكة "سي إن إن" رجّح أن يتزامن القصف مع وجود قوات على الأرض، وهو ما يعني حرباً شاملة لا مجرّد قصف بعيد. واللافت أن تعقّد المفاوضات بين واشنطن، يتزامن مع كشف "سي إن إن"، عن معلومات استخباراتية جديدة تشير إلى أن إسرائيل تستعد لشن ضربة محتملة على المنشآت النووية الإيرانية، بحسب مسؤولين أمريكيين. ونقلت الشبكة عن شخص مطلع على المعلومات الاستخبارية الأمريكية أن "احتمال توجيه ضربة إسرائيلية لمنشأة نووية إيرانية قد ارتفع بشكل كبير في الأشهر الأخيرة". وأضاف "احتمال التوصل إلى اتفاق بين الولايات المتحدة وإيران عبر التفاوض مع ترامب، والذي لا يزيل كل اليورانيوم الإيراني، يجعل فرصة توجيه ضربة عسكرية أكثر ترجيحاً". وقال مصدران، إن من بين الاستعدادات العسكرية التي رصدتها الولايات المتحدة حركة ذخائر جوية وإكمال مناورة جوية. انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة. انضم الآن شاركنا رأيك في التعليقات تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News